مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
كلام حول فدك
+ = -

كلام حول فدك

انّ فاطمة ادّعت انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نحلها فدكاً في حياته، فلم يقبل أبو بكر قولها، وطلب منها بيّنة، فشهدت لها اُمّ أيمن وزوجها علي بن أبي طالب عليه السلام، ذكر ذلك جماعة كثيرة من العلماء، منهم ابن حجر في صواعقه (الشبهة السابعة)، ومنهم الفخر الرازي في تفسير الكبير (سورة الحشر)، وابن تيمية، وصاحب السيرة الحلبية، وابن القيّم، وغيرهم.
وبما انّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وانّها ممّن اُذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيراً ـ كما في الصحاح ـ قولها يفيد القطع بصدقه ومطابقته للواقع، فلا معنى لطلب الشاهد منها، بل لا يجوز اغضابها، فانّ من اغضبها اغضب النبي صلى الله عليه وسلم كما نقله البخاري، وهو محرّم قطعاً، مع انّ عليّاً شهد لها، وهو أيضاً ممّن أذهب الله عنه الرجس، وهو مع الحق والحق معه(1).
ولا شكّ انّ عليّاً وفاطمة لم يكونا أقلّ شأناً من جابر، فانّه قال لمّا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء أبا بكر مال من قبل العلاء بن الحضرمي، فقال أبو بكر: من كان له على النبي صلى الله عليه وسلم دين أو كانت له قبله عدة فلياتنا، قال جابر: فقلت: وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيني هكذا وهكذا، فبسط يديه ثلاث مرات.
قال جابر: فعدّ في يدي خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمائة. (صحيح مسلم كتاب الفضائل).
فترى أبا بكر يصدّق جابراً في دعواه بلا بيّنة، ولا يصدّق عليّاً وفاطمة، إلاّ أن يقال انّ استحكام خلافته يتوقّف على حرمان فاطمة وهو أهم من حقّها، وللبحث تتمة تمرّ بك عن قريب، فانتظر.
وهنا أمر آخر، وهو ما أخرجه البخاري في كتاب الوكالة من باب المزارعة بالشطر عن ابن عمر: انّ النبي صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فكان يعطي أزواجه مائة وسق، ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير، فقسّم عمر خيبر، فخيّر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع لهنّ من الماء والارض أو يمضي لهنّ، فمنهنّ من اختار الارض، ومنهنّ من اختار الوسق، وكانت عائشة قد اختارت الارض. فكيف قسّم عمر الارض على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف حرم أولاد فاطمة، وما هي اسباب هذا الحكم؟ ثم انّه تقدّم في مقدّمة الكتاب أنّ أبا بكر منع الناس عن احاديث رسول الله، وقال: لا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. فلماذا هو حدّث عن رسول الله ولم يرجع الى كتاب الله؟

_______________
(1) لاحظ الحديث في الملل والنحل للشهرستاني، وتاريخ بغداد 14: 321، وتاريخ ابن عساكر 3: 119، وكنز العمال 5: 30 على ما نقلوا عنها.