مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
مباهاة الله للنبي بابنته (صلوات الله عليهم) / الشيخ محمد السند
+ = -

احتلت سورة الكوثر مساحة واسعة من المرتكز الاسلامي الذي يؤكد أن المقصود من الكوثر هو فاطمة ( عليها السلام ) ، فانّ مقتضى سياق الآية في مقابل الشانيء الذي هو ابتر لا ذرية له ، بخلاف النبي ( صلى الله عليه وآله ) فانّ له الكوثر أي الذرية الكثيرة وهي فاطمة ( عليها السلام ) وما يحصل من ذريتها ، ومقتضى المقابلة هو في كثرة الذرية ، وإلا لإختلّت المقابلة ، والاثبات والنفي لم يردا على شيء واحد ، وهذا لا ينافي تأويل الكوثر بأنه نهر في القيامة يسقي به النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمّته فالكلام في مورد نزول الآية ، وقد ذهب إلى ذلك الفريقين .

قال العلاّمة الطبرسي في تفسير جوامع الجامع لقوله تعالى : ( انّا أعطيناك الكوثر ) قال : هو كثرة النسل والذرية ، وقد ظهر ذلك في نسله من ولد فاطمة ( عليها السلام ) إذ لا ينحصر عددهم ، ويتصل بحمد الله إلى اخر الدهر عددهم ، وهذا يطابق ما ورد في سبب نزول السورة وهو أن العاص بن وائل السهمي سمّاه الأبتر لمّا توفي ابنه عبد الله وقالت قريش : ان محمداً صلبور فيكون تنفيساً عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما وجد في نفسه الكبيرة من جهة فعالهم وهدماً لمحالهم[1].

وقد ذهب إلى ذلك الفخر الرازي بقوله : الكوثر أولاده ( صلى الله عليه وآله ) لأن هذه السورة نزلت رداً على من عابه بعدم الأولاد ، فالمعنى أنه يعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان ، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلى منهم ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يُعبأ به[2].

وبالفعل فانّ الاحصائيات تشير إلى أن سدس سكان المغرب العربي مثلاً هم من بني فاطمة ( عليها السلام ) من السادة الحسنيين أي بنسبة خمسة ملايين من مجموع ثلاثين مليوناً .

وهذا أظهر مصاديق الكوثر المشار اليه في الآية الكريمة ، إذ ذلك العطاء كان بمقتضى شكره ( صلى الله عليه وآله ) لربّه وإقامة الصلاة والدعاء والثناء عليه تعالى ، ولا يخفى ارتباط حقيقة النهر المسمّى بالكوثر بها سلام الله عليها ، لأن بين التأويل والظاهر دوام ارتباط .

ولا يخفى أن المباهاة بها ( عليها السلام ) من قبل الله تعالى لنبيّه على عدوه ، يعطي دلالات لحجيتها ، إذ الآية في مقام بيان كرامة النبي ( صلى الله عليه وآله ) عند الله تعالى وكرامته هذه مقرونة بحيازته ( صلى الله عليه وآله ) لأفضل مخلوق وصفه الله تعالى بالكوثر – أي الخير الكثير – ولا تتم ذلك إلا بكون مورد المباهاة من الخير المطلق الكامل التام .


[1] تفسير جوامع الجامع للعلامة الطبرسي : 553 ، الطبعة الحجرية .

[2] تفسير الفخر الرازي 16 : 118 ، دار الفكر بيروت .