مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
من صفات السيدة الزهراء عليها السلام / اعداد د. سميرة بيطام / الجمهورية الجزائرية
+ = -

1-عدم اختلاطها بالرجال:

عن أبي عبد الله عن أبيه عليه السلام قال: ” تقاضى علي وفاطمة عليها السلام الى رسول الله في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب وقضى على علي بما خلفه، قال : فقالت فاطمة عليها السلام :فلا يعلم ما دخلني من السرور الا الله بإكفائي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحمل رقاب الرجال(12).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :”أي شيء خير للمرأة ؟قالت أن لا ترى رجلا وأن لا يراها  رجل ،فضمها اليه وقال :ذرية بعضها من بعض(13).

2-الايثار:

الايثار هو تقديم حاجة الآخرين على حاجة الذات، فهو عكس الأنانية وقد تضافرت النصوص الشرعية في مدحه، أين ورد في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : يا علي ثلاث من حقائق الايمان: الانفاق من الاقتار، وانصافك الناس من نفسك، وبذل العلم للمتعلم(14).

وهذا الخلق كان بارزا في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث نقل لنا الامام الحسن عليه السلام أحد هذه المواقف  فقال: رأيت أمي فاطمة الزهراء قائمة في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح و سمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات  وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء فقلت لها :يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني الجار ثم الدار(15).

وفي سورة الانسان يتجسد هذا المفهوم ، فهي نزلت في أهل البيت ،فعن بن عباس رضي الله عنه أن الحسن والحسين مرضا فعاداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما أن برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهما شيء.

3-الصدق:

الصدق هو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع، وهو من صفات المؤمنين وللصدق مراتب ودرجات ، وقد ورد في فضله الكثير من الأحاديث والآيات ،حيث أمر الله تعالى بالصدق فقال “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”(16).

وقال الامام الصادق عليه السلام ” من صدق لسانه، زكى عمله”(17).

ولأن الزهراء ربيبة الوحي ،فقد تمثلت فيها هذه الصفة بأعلى صورها، حيث يروي أن عائشة قالت “ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها “(18).

4-الرفق بالخادمة:

كما كان النبي الكرم صلى الله عليه وسلم يرفق بخادمه وكان يقول في فضل الرفق “ان الرفق لم يوضع على شيء الا زانه ولا نزع من شيء الا شانه”(19).

وهكذا كانت الزهراء عليها السلام ترفق بخادمتها ، فقد روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: كانت فاطمة عليها السلام جالسة وقدامها رحى تطحن بها الشعير وعلى عمود الرحى دم سائل ،والحسين في ناحية الدار يتضور من الجوع، فقلت يا بنت رسول الله دبرت كفاك وهذه فضة ؟،فقالت أوصاني رسول الله أن تكون الخادمة لها يوم وعلي يوم، فكان أمس يوم خدمتها(20).

وهنا نقطة جديرة بالوقوف عندها  وهي أن الزهراء كانت ملتزمة بمبادئها الأخلاقية ومنها التواضع.

5-الزهد :

حثت الروايات الكثيرة على الزهد وذكرت فضله عند الله تعالى وما له من أثر في الدنيا والآخرة ،ففي الرواية عن الامام الصادق عليه السلام “جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا ” ،ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يجد الرجل حلاوة الايمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا” ،ثم قال عليه السلام “حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا”(21).

لذلك كانت الزهراء من الزاهدين ، ومن مظاهر زهدها عليها السلام أنها عاشت في بيت أمير المؤمنين عليه السلام سنتين، وما كان فراشها الا جلد كبش تنام عليه.

وليس الزهد في الدنيا لبس الخشن وأكل الجشب –أي الخشن أو الذي لا ادام له- ولكن الزهد في الدنيا –قصر الأمل – كما يبين لنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم (22).

6-الصبر:

ان الصبر يحجز حيزا كبيرا من ايمان التقي، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال “الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك اذا ذهب الصبر ذهب الايمان” (23).

لذلك كانت الزهراء صابرة، فقد عانت عليها السلام صنوف المشاق والأذى، وقلة ذات اليد وجشوبة العيش.

ومن الشواهد على صبرها أنها صبرت على الجوع ، فقد جاء في تذكرة الخواص أنه حينما تصدقت على المسكين واليتيم والأسير ،دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قائمة في محرابها ،ولقد لصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها من شدة الجوع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم” واغوثاه يا الله ،آل محمد يموتون جوعا، فهبط جبريل عيله السلام وهو يقرأ “يوفون بالنذر” (24).

يذكر أن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام  أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته على عينها وقالت :

 ماذا على من شم تربة أحمد               أن لا يشم مدى الزمان غواليــا

صبت علي مصائب لو أنهـا                صبت على الأيام  صرن لياليا (25)

وغيره من الكثير من الخصال كالخشية من الله ، والخوف من أهوال يوم القيامة وكذا الاهتمام بالدعاء والحياء وغيره من الخصال الكثيرة التي ميزت السيدة فاطمة الزهراء في بيت النبوة وفي بيت زوجها وكذا في مجتمعها، فكانت نبراسا يقتدى به في الأخلاق وموسوعة ايمانية لا تفرغ من الحكم والمواعظ والعبر، ولأن الزهراء جسدت الايمان بكل معانيه فكان حري بها أن تتصف بهذا الخلق، لذلك يروى أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ،فقالت “يا أبه أهل الدنيا يوم القيامة عراة ؟فقال: نعم يا بنية ،فقلت وأنا عريانة ؟قال :نعم وأنت عريانة وأنه لا يلتفت فيه أحد الى أحد ،قالت فاطمة عليه السلام فقلت له: واسوأتاه يومئذ من الله عز وجل ،فما خرجت حتى قال لي :هبط علي جبرائيل الروح الأمين عليه السلام فقال لي: يا محمد اقرأ فاطمة السلام واعلمها أنها استحيت من الله تبارك وتعالى فاستحي الله منها فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلتين من نور(26).