مـــوقع فــدك وسكانها
بقلم الشيخ الدكتور ثائر العقيلي
فدك: فدك القطن تفديكا : نفشه ، وهي لغة أزديه. وفدك موضع بالحجاز
وقيل هي قرية بخيبر، وقيل ناحية بالحجاز فيها عين ونخل وفي معجم البلدان قرية في الحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة ، وذكر البكري ، ان فدك من اعمال المدينة قال 🙁 واعمال المدينة فدك وخيبر، ووادي القرى، والمروه ، والجار، والفرع. ولهذه المواضع اعمال عريضة واسعة ) ونستطيع القول: ان فدك كانت مجموعة قرى وتتبع جغرافياً إلى المدينة حيث انها وعلى رواية البكري السابقة من اعمال المدينة ، كما انها لا تنفصل عن المدينة وخيبر بعوارض جغرافية طبيعية ولا تختلف مع خيبر القريبة. وذكر الفيض الكاشاني ، ان علياً ( عليه السلام ) حد فدك فقال : حد منها جبل احد ، وحد منها عريش مصر ، وحد منها سيف البحر،وحد منها دومة الجندل ، يعني الجوف .
وعلى رواية ابن اسباط ، ان الامام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) حد فدك لهارون الرشيد فقال : ( اما الحد الاول فعريش مصر، والثاني دومة الجندل ، والثالث احد ، والرابع سيف البحر، فقال : هذا كله هذه الدنيا، فقال ( عليه السلام ): هذا كان في ايد اليهود فأفاءه الله على رسوله ، بلا خيل ولا ركاب ) ، ويبدو من الرواية ان الامام (عليه السلام ) :كان قد استخدام المعنى الرمزي لفدك – والذي سنشير إليه لاحقاً – ولم يستخدم الحد الجغرافي لها، ولان سعة الحدود التي أشار إليها سلام الله عليه كانت تمثل حدود الدولة العربية الاسلامية .
ومما تجدر الاشارة إليه ان فدك مجموعة قرى فيها مياه وعيون بني فزاره وبني مره ، وورد في جوامع السيرة ( ولى الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) الحكم بن سعيد على قرى عرينه ، وهي فدك وغيرها. ويتبين من الرواية ان عُرينة اسم كان يطلق على فدك وغيرها . ولما عرفنا سابقاً ان احد حدود فدك سيف البحر ( ساحل البحر ) فإن فدك تدخل ضمن الطريق التجاري المار من ايله إلى جده . وذهب احد الباحثين إلى القول بأن خيبر قاعدة اليهود المحصنه ، وان فدك وتيماء تقع على الخط الشمالي التجاري الذي يصل يثرب بالشام 0 ذكرت اغلب المصادر ان سكان يثرب وخيبر وفدك كانوا من العماليق. وذهب ابن خلدون إلى ان العماليق كانوا اهل عدوان وبغي وقد تفرقوا في البلاد وكان بالمدنية منهم بنو نعيف وبنو سعد وبنو الازرق وبنو نظرون وقد ملك الحجاز من العمالقة رجل يدعى الارقم ما بين تيماء إلى فدك ، وكانوا ملوك المدينة ولهم فيها نخل وزرع ثم حدثت حرب بين اليهود والعمالقة من العرب المقيمين بالحجاز ، وقد استطاع اليهود قتل الارقم والانتصار على العمالقة ، وعلى هذا سار عدد كبير من ابناء اسرائيل بأبنائهم إلى ارض الحجاز ، حيث الهدوء والانطلاق والحرية ، فتخيروا من ارضه مواضع لمسوا فيها الخصب ، فنزلوا بها يفلحونها ويزرعونها ، وكانت هذه الفئة من اليهود أول مجموعة تسربت إلى ارض جزيرة العرب وعلى ايه حال فقد كانت في القرون الاولى للميلاد مستعمرات يهودية في تيماء، وفي فدك، وفي خيبر، وفي وادي القرى وفي يثرب 0ففي سنة 70 م ، فرت جموع كثيرة من اليهود بعد طردهم من قبل طيطس الامبراطور الروماني ، واستقروا في جزيرة العرب ، مستوطنين أخصب بقاع الحجاز في يثرب وفدك وخيبر ووادي القرى وتيماء ومن اشهر، القبائل اليهوديه الكبيرة في يثرب: قريظه ، وبنو قينقاع ، وبنو النضير. ان اليهود في هذه المنطقة كانوا يعيشون في دائرة مغلقة وكانت صلاتهم بالقبائل العربية صلة حلف ومصالح مشتركة، وقد كانوا موصوفين بالمكر والدهاء. اما صلاتهم فيما بينهم فيبدوا انهم كانوا على صلات وثيقة في ما بينهم ، وهذا ما يؤيده لجوء يهود المدينة إلى اخوانهم من يهود المناطق المجاورة بعد ان طردهم الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) من المدينة ، فقد لجأوا إلى خيبر وتيماء ووادي القرى ، ثم رحلوا إلى بلاد الشام.
وعن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال: كانت اليهود تجد في كتبها ان هجرة النبي( صلى الله عليه واله وسلم ) ما بين احد وعير – جبل بالمدينة – فخرجوا يطلبون الموضع، ويترقبون خروج النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، فمروا بجبل يسمى حدادا ( وحوله فدك ، وخيبر ، وتيماء ) فقالوا حدادا واحد سواء ، فتفرقوا عنده ، فنزل بعضهم بفدك ، وبعضهم بخيبر ، وبعضهم بتيماء.
قال ابن حجر: وذكر اصحاب المغازي ان أهل فدك كانوا من اليهود ولاغنى من القول ان سكان فدك كانوا من اليهود . ولعل الدليل على ذلك انهم هم الذين عرضوا الصلح على رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) بعدما ارسل اليهم وعلى اية حال فقد كان اليهود يشكلون معظم سكان فدك، وكانت الارض الزراعية ملكاً لهم، ولم تشر المصادر المتيسرة ان قبائل عربية كانت لها ارض في فدك عندما صالحوا الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) على النصف منها، إنما ذكرت اراضي اليهود فقط وان زعيمهم كان يوشع بن نون اليهودي0 وقد ظل يهود فدك فيها حتى اجلاهم عمر بن الخطاب) بعد مضي شطر من خلافته، وقد قوم نصفها بقيمة ما، ودفعها اليهم قبل ان يجليهم إلى الشام