مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
ثــــروة فـــدك ( الحلقه الثانية )
+ = -

ثــــروة فـــدك ( الحلقه الثانية )                                                                                        اعداد لجنة المركز

 

          المعروف ان صلاحية الارض وجودة المناخ ووفرة المياه عوامل مهمة لقيام الزراعة التي كانت اساس ثروة فدك. واشار الواقدي إلى ذلك فقال:( اما تيماء فعين جارية تخرج من اصل جبل لم يصبها قطعُه منذ كانت، واما خيبر فماء واتن ، فهي مغفرة في الماء ، واما فدك فمثل ذلك، وذلك قبل الاسلام ) . ويتضح من الرواية ان فدك كانت كثيرة المياه حتى انها كانت تغطيها احياناً، وقد ساعد وجود المياه والارض الصالحة للزراعة على اشتهار فدك بزراعة النخيل الذي كان يشكل المحصول الرئيس في فدك وعماد زراعتها. وفدك ارض حره ، فيها عين ونخل، وقد عارض ابن ابي الحديدنخيلها بنخيل الكوفة ، وذكر ياقوت بأن فيها مياهاً وعيوناً . وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) يعطي كل يوم اهل الصفة مداً من تمر بين كل رجلين وهو محمول على اختلاف الاحوال، فكان اولاً يرسل اليهم بما حضره او يدعوهم او يفرقهم على من حضر من المسلمين ان لم يحضره ما يكفيهم، فلما فتحت فدك وغيرها صار يجري عليهم التمر في كل يوم ما ذكر وهذا يدل على ان لفدك واردات واقتدارات اقتصادية اسهمت في التخفيف عن كاهل المسلمين في مطالع الدولة العربية الاسلامية،ومثل ذلك يقال لخيبر،بل هي اكثر غنى من فدك . ويتضح ان النخيل كان مصدر زراعة خيبر وفدك القريبة منها ، والذي عد فتحهما مغنماً كثيراً للمسلمين واثراً اقتصادياً كبيراً في المجتمع الاسلامي .

          ولم تكن فدك قرية صغيرة كما يظن البعض وانما كانت مجموعة قرى زراعية . وفيرة المياة حتى أن البعض حدد خراجها في كل سنة ثلاثمائةالف دينار. وقال الراوندي: ان اهل فدك جاءوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) وصالحهم على النصف على اربعة وعشرين الف دينار ،وفي رواية أخرى سبعين الف دينار. وفي بحار الانوار ان عمر بن عبد العزيز ، كتب إلى عامله على المدينة ابي بكر:انظر ستة الاف فزد عليها غلة فدك اربعة الاف دينار فأقسمها في ولد فاطمة(عليها السلام) .ومما لاشك فيه ان فدك كانت ذات ثروة كبيرة ، ان ما يؤيد ذلك قول ابي بكر لفاطمة ( عليها السلام ) في دعوى فدك:( اإنما كان مالاً من اموال المسلمين يحمل النبي به الرجال، وينفقه في سبيل الله )،فمال تجهز به الجيوش، ويفضل منه ما ينفق في سبيل الله الدليل على سعة ذلك المال. وقد ذكرت المصادر ان خيبر التي تحتوي على سبعة حصون، عندما اجلى عمر اليهود منها ، فلو لم تكن فدك بتلك الاهمية وذلك الثراء ، لما اهتم بها معاوية وغيره من خلفاء الامويين ، ولا هملت شأنها شأن غيرها من القرى والضياع، ولما ظلت تتجاذبها الايدي لفترة من الزمن ليست بالقصيرة ، فقد قسم معاوية فدك بين ثلاثة من كبار اصحاب الثراء وهم ولده يزيد ومروان بن الحكم وعمروا بن عثمان لكل منهم ثلثاً 0فلقد كانت في زمن الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) على نصفين له ، ونصف لسكانها من اليهود الذين هم اكثر دراية بزراعتها . وقد استمرت وارادتها مرتفعة حتى أجلىلي عمر بن الخطاب اليهود من فدك 0ثم اقطعها عثمان بن عفان لمروان بن الحكم. ثم بدات وارداتها بعد ذلك بالتقلص، حتى انتهت في زمن الخليفة المتوكل(232 هـ / 247 هـ ) ( 846 م/ 860 م ) والذي اقتطعها البازيار( احد قواد المتوكل ) ، فقد ذكر انها في عصر المتوكل كان فيها احدى عشرة نخلة كان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) قد غرسها بيده ،. ومن هنا يتبين ان ثروة فدك بددت حتى ضاعت فيما بعد ولم تعد لها أهمية تذكر. ومن الجدير ذكره ان فدك اشتهرت بصناعات عرفت بأسمها فقد ورد في المصادر ذكر القطيفة الفدكية . قال السيوطي القطيفة هي دثار له خمل ومنسوب إلى فدك ، وقال ابن حجر: كساء غليظ منسوب إلى فدك ، وذكر التستري: ان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم )جمع علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) وجللهم بكساء فدكي ) . ويبدو من خلال الروايات ان فدك كانت قد عرفت صناعة هذه الاكسية وربما كانت متميزة حتى عرفت بأسمها وتميزت عن غيرها . كما عرفت صناعة الخمر ولعل وجود التمر فيها وكثرته عامل اساسي في هذه الصناعة التي كانت متداولة خاصة في المناطق التي يكثر فيها النخيل .