علاقة الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) بيهود فدك ..اعداد لجنة المركز الحلقه الرابعه
الحلقة الرابعة
علاقة الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) بيهود فدك …. اعداد لجنة المركز
من المعروف ان الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) هاجر إلى يثرب واتخذها قاعدة تأسيس الدولة العربية الاسلامية ، وبدأ بتنظيم الحياة فيها ، جاعلاً منها منطلقاً لنشر الاسلام في ارجاء العالم الواسع ، وكان عليه في بداية الامر ان ينهي الصراع الدموي مع قريش التي دخل معها في حروب كثيرة ، خرج في اغلبها منتصراً ، ثم كان عليه ثانية الانتباه الى ما كان يحيكه المنافقون في المدينة ضد المسلمين ومحاولة الكيد للرسول
( صلى الله عليه واله وسلم ) ثم يأتي دور عدوِ أخر كان يتربص بالمسلمين ويتحين الفرص للايقاع بهم وهم اليهود الذين كانوا يسكنون في المدينة والمناطق المجاورة لها .
حرص الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) عند هجرته إلى المدينة على تحقيق آمرين :
ان يجتذب اليهود المقيمين فيها إلى الاسلام ، او في أقل تقدير يكسب ودهم واخلاصهم مع بقائهم على دينهم 0
قال ابن هشام: ان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : ( كتب كتاباً بين المهاجرين والانصار ، وادع فيه اليهود وعاهدهم ، واقرهم على دينهم واموالهم وشرط لهم ، واشترط عليهم ) .
ولم يمض وقت طويل على فترة العلاقات بين الرسول(صلى الله عليه واله وسلم ) واليهود والتي تحمل في ظاهرها المجاملة من جانب اليهود ، وتحمل أملاً قوياً من جانب الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) في ان يجتذبهم إلى الاسلام . وان يبقى على صداقتهم وحيادهم ، ولكن اليهود كانوا يخفون في صدورهم حذراً وحقداً وتربصاً في اللحظة المناسبة ، ومتى تحين هذه اللحظة التي يستطيعون معها ان يجاهروا الرسول العداء السافر ، ارتأوا ان يبدوأ حربهم معه بطرق ملتوية تقوم على الارجاف والتشكيك ، وأثارة المجادلات الدينية لا لشيء سوى انه من بني اسماعيل والنبوة في نظرهم حصراً في بني يعقوب ( اسرائيل ) ، ولانه ايضاً بُعِث في الحجاز والنبوة انما تكون في رايهم في الشام موطن الانبياء.
اخذ عداء اليهود للاسلام طريقين : حرب الجدل والنقاش وكان اشده
قبل معركة بدر ، قال ابن هشام: ( ونصبت عند ذلك احبار يهود
لرسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) العداوة بغياً وحسداً وضغناً ، لما خص الله تعالى به العرب من اخذه رسول منهم ) . وكان رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) يسلك معهم طريق المجادلة والاقناع وقد نزلت فيهم آيات من القرآن الكريم تكشف سلوكهم وتؤنبهم وتهددهم على ذلك .
اما الطريق الاخر فهو القتال والحرب بعد ان عجز اليهود عن تسفيه الاسلام والنيل من اهميته الدينية والاجتماعية وشعروا بعد معركة احد ان قريشاً سوف لا تستطيع القضاء على قوة المسلمين لذا لجأ اليهود إلى الطريق الاخر .
وقد روي في المصادر 🙁 لما اصاب الله عز وجل قريشاً يوم بدر جمع
رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) اليهود في سوق بني قينقاع ، حين قدم المدينة ، فقال يا معشر يهود ، اسلموا قبل ان يصيبكم الله بمثل ما اصاب به قريشاً ،
فقالوا له: يا محمد لايغرنك من نفسك انك قتلت نفرا من قريش ، كانوا لا يعرفون القتال ، انك والله لو قاتلتنا لعرفت انا نحن الناس ، وانك لم تلق مثلنا ) .
ومن خلال الرواية يتبين ان اليهود اخذوا يجهرون بعداوتهم للاسلام وللرسول ويظهرون على انهم الاقوياء القادرون على مواجهة المسلمين بعدما عجزت قريش عن ذلك .
كان اليهود أول الامر أشد الناس ترحيباً بمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) حينما اعلن نبوته وما كان يرجع ذلك إلى انهم وجدوا فيه مصداقاً لما بين ايديهم فقط ، ولان هذا الدين الجديد هو اقرب لليهودية منه للنصرانية فحسب ، بل لان اليهود كانوا لا يزالون يؤيدون كل ثورة جديدة على المجتمع على رجاء ان يكون لهم بها مخرج إلى مصير افضل وخير اوفر.
روى القمي في تفسيره بسنده عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال :
( كانت اليهود تقول للعرب قبل مجئ النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) : ايها العرب ، هذا اوان نبي يخرج بمكه وتكون هجرته الى المدينة ( يثرب ) وهو اخر الانبياء وافضلهم في عينيه حمرة ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، يلبس الشمله ويجتزئ بالكسره والنميره ، وهو الضحوك القتال ، يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى ، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر ، وليقتلنكم الله به يا معشر العرب قتل ، فلما بعث الله نبيه بهذا الصفة حسدوه وكفروا به ) .
وروى الطوسي في التبيان والمشهدانيفي كنز الدقائق،عن ابن عباس(رض ) قال : ان ابن صوريا وجماعة من اهل فدك لما قدم النبي(صلى الله عليه واله وسلم ) الى المدينة قدموا إليه فسألوه فقالوا:كيف نومك ؟ فقد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في أخر الزمان فقال : تنام عيناي وقلبي يقظان فقالوا : صدقت يا محمد … قال : ثم سألوه اسئلة اخرى فأجاب عنها جميعاً حتى قال ابن صوريا ، خصلة واحدة ان قلتها أمنت بك واتبعتك : أي من يأتيك بما انزل الله لك ؟ قال : جبرائيل . قالوا : ذلك عدونا ينزل بالقتال والشدة والحرب ، وميكائيل ينزل باليسر والرخاء ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيكم أمنا بك ، فأنزل الله عز وجل : (( قل من كان عدواً لجبريل فأنه نزّله على قلبك بأذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين )).
ويتبين من الرواية ان الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) دخل مع يهود فدك في جدال ونقاش كما يبدو انه دعاهم الى الاسلام حتى انهم اوشكوا ان يستجيبوا لولا التواءاتهم وانانيتهم .
عن ابن عباس قال : قال ابن صوريا للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) ما الهدى الا ما نحن عليه فأتبعنا يا محمد تهتدي وذكر الشوكاني عن ابن عباس قال : قال ابن صوريا للنبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يا محمد ما جئتنا بشئ يعرف وما انزل الله عليك من آية بينه فأنزل الله تعالى في ذلك (( ولقد انزلنا اليك آيات بينات وما يكفر بها الا الفاسقون )).
وروى السيوطي عن عكرمة ان آمرأة من اليهود اصابت فاحشة فجاؤا إلى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يبتغون منه الحكم ، فدعى
رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) عالمهم وهو ابن صوريا فقال له احكم ، قال : يحملونه على حمار ويجعلون وجهه إلى ذنب الحمار
فقال له رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) : ابحكم الله حكمت قال : لا ولكن نساؤنا كن حساناً فأسرع فيهم رجالنا فغيرنا الحكم .
ونستفيد من الرواية ان العلاقة بين الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) ويهود فدك كانت قائمة والحوار والمناقشة مستمرة ، كما نستطيع ان نتبين من الرواية ان ابن صوريا هو اعلم اليهود انذاك وكان في فدك ، وهذا يدل على ان فدك كان لها اهمية دينية لدى اليهود ، كما ويمكن ان نستدل من الرواية على تفشي الفاحشة في مجتمع اليهود .ففي الدر المنثورقال ابن صوريا ( كنا اذا زنا الضعيف اقمنا عليه الحد واذا زنا الشريف تركناه ، فكثر الزنا في اشرافنا حتى زنا ابن ملك لنا ) . وهذا فيه من الدلالة على تفشي الفاحشة في هذا المجتمع . كما نعلم ان مجتمع فدك مجتمع قبلي ، وانما تعبير ( ملك لنا ) قد يكون بمعنى كبير او زعيم ، لان من المعروف ان هذه المنطقة من الجزيرة العربية لم تعرف نظام الملكية في الحكم .
وفي السنن الكبرى، عن بلال الحبشي وقد مرت به ضائقة مالية قال :
( وإذا بأربع ركائب عليهم احمالهن ، فأستأذت على الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) فقال لي : ألم تمر على الركائب المناخات الاربع ، قال ، فقلت بلى : قال ، فأن لك رقابهن وما عليهن ، وإذا عليهن كسوة وطعام أهداهن له عظيم فدك ) .
ومهما يكن من امر فأن عداء اليهود استمر للاسلام واخذوا يجهرون بذلك مما اضطر الرسول إلى حربهم وكبح جماحهم واضعافهم عسى ان يكفوا عداوتهم للمسلمين .