مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
قبر السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)
+ = -

قبر السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)

لقد أوصت سيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) بعدة وصايا كان من بينها ، أن يدفنها ليلاً وسراً ، وذلك بقولها : (( أوصيك أن لا يشهد أحد  جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني ، فأنهم عدوّي وعدوّ رسول الله (صلى الله عليه واله) ، ولا تترك أن يصلي عليّ أحد منهم ولا من أتباعهم ، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار .).

وقد أخذ الإمام علي (سلام الله عليه) على عاتقه تنفيذ وصيتها (سلام الله عليها) ، ودفنها ليلاً ولم يحضر جنازتها (سلام الله عليها) سوى عدد قليل من أهل بيته وأصحابه وهنا مع اختلاف الروايات حول المكان الذي دفنت فيه سيدتنا فاطمة (سلام الله عليها) ، وفي الصباح أقبلوا لبيت الإمام علي (عليه السلام) ليشيعوا جثمانها الطاهر ، إلا أنهم قد صدموا لما علموا بتشييعها ودفنها سراً ، فتوجهوا إلى البقيع يبحثون عن قبر السيدة فاطمة (سلام الله عليها) ولكن من دون جدوى ، وأخذوا يلومون بعضهم بعضا ، وقالوا : لم يخلف نبيكم (صلى الله عليه واله) إلا بنتاً واحدة ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ، والصلاة عليها ، ولا تعرفون قبرها . أي أنهم لم يكونوا يعرفون موضع قبرها (عليها السلام) ، ومن خلال كثرة اهتمام القوم بالصلاة عليها وزيارة قبرها (عليها السلام) ، حتى أنهم أرادوا نبش قبور البقيع للتعرف على قبرها ، نستطيع القول أن مكانة السيدة فاطمة (عليها السلام) وحرمتها حيةً وميتةً نعم كان لها أثر في عملهم هذا ولكن هنا نطرح تساؤلات الأول : لماذا يحقرون زيارة القبور ويحرمونها ؟ والثاني : لماذا كانوا يصرون على العثور على قبر السيدة فاطمة (عليها السلام) وهنا نجد أن محاولات القوم للعثور على قبر السيدة فاطمة (عليها السلام) قد باءت بالفشل لموقف الإمام علي (عليه السلام) الحاسم باتجاههم.

أن الإجابة على التساؤل الأول تحتاج إلى توضيح نقطة هامة ، وهي أن من يحرمون زيارة القبور بناءً على ما نص عليه من هم أنفسهم ( الصحابة ) كانوا يبحثون ويحاولون نبش قبر السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) للصلاة عليها وزيارة قبرها الشريف وهنا نقول كيف تحرم زيارة القبور وما الهدف من وراء هذا التحريم ، مع كل التأكيدات عن رسول الله (صلى الله عليه واله) على استحباب زيارة القبور لما في هذه الزيارة من عبرة وعظة وتذكير بالموت وبالآخرة ، وهو ما جعلنا نربط بين أخفاء موضع قبر السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والتحريم الذي جاء لعدم ظهور تساؤلات أريد لها أن تبقى بعيدة عن أذهان المسلمين في ذلك العصر وحتى العصور اللاحقة ، لما فيها من كشف لأحداث جسام كانت قد واجهتها سيدتنا الزهراء (عليها السلام) ولمكانتها من رسول الله (صلى الله عليه واله) المعروفة بين المسلمين بما لا يقبل التشكيك والطعن .

 لذا كان أخفاء موضع قبرها يمثل إحراج كبير للصحابة الذين لم يحضروا الصلاة عليها ومراسم دفنها (عليها السلام) ، فظهر اتجاه يحاول أن يكمل ما عمله في عملية الود التي تعرضت لها سيدتنا فاطمة الزهراء (ع) من خلال تحريم زيارة القبور بصورة عامة ، سواء كانت زيارة قبور الأنبياء والأئمة والأولياء والصالحين ، مما يجنبهم أثارة تساؤلات عن موضع قبر السيدة الزهراء (عليها السلام) وعن الدوافع التي دفعتها لطلب أخفاء موضع قبرها ، وهو ما كان يمثل معالجة لحالة وجودها أمامهم ويعتبر ذلك غاية في الذكاء بعيداً عن الدين أو التدين ، إذ أن تحريم زيارة القبور سبب كاف لعدم البحث عن مكانها ، على الرغم من أن المشهور أن قبر السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) في البقيع في روايات المدرسة الأخرى ولكن تحديد للموضع لا يوجد ، وقد وضعت لهذه المعالجة بعض الأحاديث النبوية الشريفة وكذلك بعض المرويات عن الصحابة ، وتوجد أيضاً أحاديث شريفة تدل على استحباب زيارة القبور ، نرى أن تحريم زيارة القبور نابع من حقد وعداء لرسول الله (صلى الله عليه واله) وأهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه (رضوان الله عليهم).

أما الإجابة عن التساؤل الثاني ، فهي ترتبط بالإجابة عن التساؤل الأول ، حيث أن اهتمام القوم بالبحث عن موضع قبرها (عليها السلام) يدعم بشكل قوي أهمية زيارة قبور أولياء الله والتبرك بهم واستجابة الدعاء عند قبورهم والتوجه لله تعالى بهم أي تحصل بهم الشفاعة عند الله تعالى ، وهو ما يحاول التكفيريون على مدى العصور الإسلامية المختلفة تغييره وتكفير من يقوم بذلك ، لا بل أكثر من ذلك وصل الأمر لوصف من يزور قبور الأنبياء والأئمة والأولياء بأنه مشرك ، وهو ما جعلهم يقومون بمحاربة المسلمين وقتلهم والاعتداء على مقدساتهم باسم الإسلام الذي هو بريء من أعمالهم ، وما كان من تهديم التكفيريون لقبور الأئمة (عليهم السلام) والشهداء في البقيع إلا دليل على اعتدائهم على مقدسات المسلمين ، ونحن إذ نذكر ذلك الحدث الأليم المفجع ، نقول أن هؤلاء التكفيريون لو كانوا يعرفون موضع قبر السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لكان ناله من التهديم ما ناله لحقدهم على الإسلام ورسوله الكريم (صلى الله عليه واله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) ، ونحن يعز علينا أن لا نزور قبرها ولا نتبرك به ، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً نصرتها مع أمامنا القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف).