مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
فاطمة الزهراء عليها السلام وعلاقتها بأصول الدين/ شبكة الكفيل العالمية
+ = -

فاطمة الزهراء عليها السلام وعلاقتها بأصول الدين

 تمر الكثير من الأفكار والنظريات على ذهن الإنسان ومنها ما يجد طريقاً واضحاً الى فكر الإنسان وعقله فتكون عندئذ عقائد ثابتة وراسخة وعلى ضوء ما تمليه عليه الاستدلالات العقلية والبراهين المنطقية ، ومن هنا كانت العقيدة لها معنى في حياة الإنسان فهي مشتقة من المصدر عقد الذي يعني الاحكام والشد والربط لفكرة معينة في ذهن الإنسان وفكره بعد عرضها عليه والاستدلال عليها الاستدلال الصحيح المطابق للبراهين السليمة ، فالعقيدة اذن عبارة عن ذلك الشي الذي يتصل بذهن الإنسان وروحه وفكره ، فهو يعني التقبل أي تقبل ، أي نظرية للأنسان وربطها بذهنه واحكام صلتها بروحه وفكره وعليه يكون عندئذ معنى العقيدة .

 وعليه لابد لكل انسان مؤمن من عقائد على المستوى النظري ومن ثم يأتي المستوى التطبيقي لهذه العقائد وهو ما يتم بالتصديقات على المستوى الخارجي لهذه العقائد ، فالعقائد تحدد شكل الإنسان وساكلته « قل كل يعمل على شاكلته » وتشكل هيئته الباطنية وحقيقته الواقعية وهذه العقائد هي التي تحفزه على العمل الصالح وتحدد إتجاهه في الحياة وعلى ضوء ذلك يأتي العمل الصالح الذي يبرهن على الإيمان الذي يعتقده الفرد المؤمن . وعلى هذا الاساس إذا كانت العقيدة صائبة ومطابقة للواقع كانت عنذئذ طريقة الإنسان المؤمن في الحياة طريقة صحيحة وصائبة وعلى ضوء تلك العقيدة التي يؤمن بها والتي كانت صائبة ومطابقة للواقع ، اما اذا كانت عقيدته فاسدة باطلة فان ذلك سوف ينعكس على طبيعة سيرته وطريقة حياته في الواقع الخارجي سوف يؤدي ذلك الى الضياع والابتعاد عن الطريق الصحيح الذي خطه الشرع المبين ، ومن هذا المنطلق كان اهتمام الاسلام بتصحيح العقيدة قبل أي شيء آخر ، أي تصحيح عقيدة كل انسان مسلم ، مؤمن بالله تعالى . والسؤال الذي ينقدح في المقام اذا


( 138 )
كان الاسلام يهتم اهتماماً كبيراً تصحيح العقيدة فهذا يعني ان هناك موانع تمنع تصحيح العقيدة وتقف حاجز في طريق استقرارها في النفس الانسانية فعلية فلابد لنا قبل ذكر الامور التي تصحح العقيدة من ذكر موانع تصحيح هذه العقيدة فما هي هذه الموانع ؟

موانع تصحيح العقيدة

 ان في عقيدة كل انسان مؤمن يريد الاجابة على سؤال ما يخطر بذهنه ان يرجع الى القرآن الكريم أولاً بأعتبارة المصدر الأول للمسلمين ، ومن بعد ذلك يرجع الى السنة الشريفة للرسول وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولذا لنستنطق القرآن ونستخبره عن الآيات التي أثبتت موانع تصحيح العقيدة الاسلامية فنجد منه أولا هذه الآية المباركة التي أخبرت عن الموانع التي تقف في طريق تثبيت هذه العقيدة حيث قالت الآية المباركة ( ان يتبعون إلا الظن وما تهوي الانفس (1) . أي هناك عاملين ينشأ عنهما خطأ الإنسان في آرائه وعقائده :

 أحدهما : اتباع الظن .

 والآخر : اتباع الهوى .

 كما ان هناك أموراً أخرى وردت في الروايات الشريفة بأعتبار مواضع زلل الفكر ، كالتعصب والتقليد والاستبداد واللجاجة إلا ان هذه الامرو تعود كلها الى الاهواء النفسية أي : أنّ كل ماجاء في الروايات الشريفة بهذا الشأن هو في الحقيقة تفسير وبيان للآية الكريمة الانفة الذكر . فنظراً الى هذه المقدمة ، نستعرض موانع تصحيح العقيدة على ضوء القرآن الكريم والروايات الشريفة ، وهذه الموانع كما سبقت الاشارة اليها هي :

 1 ـ الظن .2 ـ الاهواء النفسية .3 ـ التعصب .
 4 ـ التقليد .5 ـ الاستبداد .6 ـ اللجاجة .

____________
(1) سورة النجم : 23 .

 اما الظن فهو من أخطر العوامل التي تؤدي بأفكار الغالبية في العالم الى مهاوي العقائد الباطلة الفاسدة ، وأول ما يوصي به القرآن الكريم لتصحيح العقيدة هو تجنب الاعتماد على هذا المنزلق ، ويؤكد على اتباعه بعدم بناء عقائدهم وآرائهم على دعائم الظن والشك والتسليم بشي دونما التأكد من صحته وثبوته فيقول سبحانه عزوجل في صريح كلامه : ( ولا تقف ماليس لك به علم (1) . ففي نظر القرآن الكريم أنه لا يحق لمسلم أن يقضي شيئاً أو يجعله مداراً لعلمه مالم يثبت له انه قطعي وثابت . فلو أمعنا النظر في العقائد والآراء المتناقضة بين الناس في المجتمعات المختلفة وطرحناها على سياق البحث والتحليل الجذري لانتهينا بلا عناء الى أن أغلب هذه العقائد فاقدة للاسس العلمية جذرياً وإنها لا تستند إلاّ الى الظن أو الى الشك وأن أهل الدنيا كانوا ومازالوا يقتفون أثر الظن في المسائل العقائدية وخاصة في أصولها ولهذا نرى القرآن يعلن بصراحة بان من اتبع الاكثرية فقد ضل ومن ذلك قوله تعالى : ( وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون إلا الظن وانهم إلا يخرصون (2) .

 وهكذا في بقية الموانع الاخرى لتصحيح العقيدة الاسلامية وفي قبال ذلك ينقدح لنا كيفية الوصول الى شرائط تصحيح العقيدة الاسلامية كالتأني والتجربة والتمركز وتبادل النظر وكل الامور التي لها دخل في الحصول على الاستدلالات الصحيحة للحصول على العقيدة الاسلامية الصحيحة وعلى ضوء القرآن الكريم والنسة الشريفة ، فمن هنا كان لابد لنا ان ندخل في معرفة عقيدتنا في فاطمة الزهراء ومدى ارتباط حياتها بكل ما تملكه الكلمة من معنى في أصول ديننا وعقائدنا والسؤال الذي يطرح في المقام وعلى ضوء الاستدلالات هل ان فاطمة عليها السلام وظلاماتها وحياتها الشخصية والغيبية له ارتباط بأصول الدين ، وبحيث هذا الارتباط يكون ناشيء من وعي وفهم للعقائد التي أمرنا الله تعالى بالاعيان بها ام لا ؟

 وعلى هذا الاساس كان لابد لنا من الوقوف مع الزهراء عليها السلام ونرى مدى ارتباطها بأصول الدين ، وهل هناك ارتباط لها بالتوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد ، أم
____________
(1) الاسراء : 36 .
(2) الانعام : 16 .


( 140 )
يتجاوز الأمر الى أبعد من ذلك ؟ أم لا يوجد ارتباط ؟ وما الثمرة في ذلك والفائدة من هذا البحث ؟ كل هذه الامثلة سوف نحاول الاجابة عليها خلال هذا البحث الذي له من الاهمية العظمى في حياة الفرد المؤمن الموالي لأهل بيت العصمة عليهم السلام .