مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بحوث أخرى
سيرة فاطمة الزّهراء (ع)
+ = -

نسبها عليها السّلام
فاطمة بنت النّبيّ مُحمّد صلّى الله عليه وآله ابن عبد الله بن عبد المطلب, وأمّها خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها
تاريخ ومحل ولادتها عليها السّلام
وُلِدَت فاطمة الزّهراء عليها السّلام في العشرين من جَمادي الآخرة، من سنة خمس من البعثة النّبوية المباركة على المشهور بين أصحابنا في مكة المكرمة. والنبي صلّى الله عليه وآله له من العمر خمسة وأربعين عاماً، فأقامَتْ عليها السّلام بمكة ثمان سِنين، وبالمدينة عشر سنين بحار الأنوار 43 / 9 ح 16.
لما حملت خديجة عليها السّلام بفاطمة الزّهراء عليها السّلام، كانت فاطمة عليها السّلام تحدِّثُها من بطنها وتصبِّرها، وكانَتْ تَكتم ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وآله.
فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً، فسمع خَديجَة تحدِّث فاطمة عليها السّلام، فقال صلّى الله عليه وآله لها: يَا خَدِيجَة، مَنْ تُحدِّثِينَ؟.
قالت: الجنين الذي في بطني يُحدِّثني ويُؤنِسني.
فقال صلّى الله عليه وآله: يا خديجة، هذا جبرائيل يخبرني أنَّها أنثى، وأنَّها النَسلَة الطَّاهِرَة المَيْمُونَة، وَأنَّ اللهَ سَيَجْعل نَسْلِي مِنْهَا، وسَيَجْعَل مِنْ نَسْلِهَا أئِمَّة، ويَجْعَلهُم خُلَفَاء فِي أرْضِهِ بَعْدَ انقِضَاءِ وَحْيِه.
فلم تزل خديجة عليها السّلام على ذلك إلى أن حَضَرَت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أنْ: تعالين لتلينَّ منِّي مَا تَلي النسَاءُ من النسَاءِ.

فأرسلْنَ إليها: أنتِ عَصيتِنَا، ولم تقبَلِي قولَنا، وتزوَّجتِ مُحمّداً يتيم أبي طالب، فقيراً لا مال له، فلسْنَا نجيء ولا نَلِي من أمرك شيئاً.
فاغتمَّت خديجة عليها السّلام لذلك، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوَة سُمْر طِوال، كأنَّهُنَّ مِن نساءِ بني هاشم، ففزعت مِنهنَّ لمَّا رأتْهُنَّ.
فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة، فإنَّا رُسُل ربِّك إليك، ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتُكِ في الجنة، وهذِهِ مريم بنت عمران، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بَعَثَنا اللهُ إليك لِنَلي منك ما تلي النساءُ من النساء.
فجلسَتْ واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعَتْ فاطمةَ الزّهراء عليها السّلام طاهِرَة مُطهَّرة.
فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النُور، حتى دخلَ بيوتات مَكَّة، فلم يبْقَ في شرق الأرض ولا غَربها موضعٌ إلاَّ أشرق منه ذلك النور.
ودَخلْنَ عشر من الحُورِ العين، كلُّ واحدة منهن معها طَست وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر.
فتناولَتْها المرأة التي كانت بين يديها، فغسَّلتها بماء الكوثر، وأخرجت خِرقَتَين بيضائين أشدَّ بياضاً من اللَّبن، وأطيب ريحاً من المسك والعنبر، فلفَّتْها بواحدة وقنَّعَتْها بالثانية.
ثم استنطقتها، فنطقت فاطمة عليها السّلام بالشهادتين، وقالت: أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأنَّ أبِي رَسُولَ اللهِ سَيِّدَ الأنْبِيَاءِ، وأنَّ بَعْلِي سَيِّدَ الأوصِيَاءِ، وَولْدِي سَادَة الأسْبَاطِ.
ثم قالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهَّرة، زكيَّة ميمونة، بورِكَ فيها وفي نَسْلِها، فتناولَتْها فرحة مستبشرة، وألقمَتْها ثَدْيها فدرَّ عليها.
وكانت فاطمة الزّهراء عليها السّلام تنمو في اليوم كما ينمو الصبي في الشهر، وتنمو في الشهر كما ينمو الصبي في السّنة بحار الأنوار 43 / 2 ح 1.

أسماء فاطمة الزّهراء عليها السّلام وكناها
الزّهراء، البَتُول، الصّديقة، المُبَارَكَة، الطاهِرَة، الزكِيَّة، الراضِيَة، المَرْضِيَّة، المُحَدَّثَة، وغيرها.
تعتبر الأسماء عند أولياء الله ذات أهمّية كبرى، لأنّها تعبّر عن حقيقة الشيء، وإنّ أوّل من سمّى هو الله سبحانه وتعالى، فقد سمّى المسيح عيسى عليه السّلام بقوله: إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وسمّى يحيى عليه السّلام بقوله: يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً.
وإنّ أئمّة أهل البيت عليهم السّلام كانوا يهتمّون كثيراًً بالأسماء، وبالخصوص باسم فاطمة، ويحبّون بيت فيه اسم فاطمة، ويحبّون البيوت التي تذكر فيها أُمّهم فاطمة عليها السّلام، فليس إعجاب أو استحسان أنّها سمّيت بفاطمة بل لأسباب ومناسبات، وليست هذه التسمية ارتجالية، بل لأنّها مصداق للحقيقة، بل ومناسبة الاسم مع المسمّى، وصدق على المسمَّى، وبهذا يتّضح ما نقول:
قال الإمام الصادق عليه السّلام: لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّ وجلّ: فاطمة، والصدِّيقة، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدَّثة، والزهراء.
1ـ فاطمة
معناها: القاطعة والفاصلة والحارسة، فهي عليها السّلام تشفع لمحبّيها وتفطمهم، أي تحرسهم من النار، أي تفطم من أحبّها من النار.
1ـ قال الإمام عليّ عليه السّلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّما سُمِّيت ابنتي فاطمة لأنَّ الله عزّ وجلّ فطمها وفطم من أحبَّها من النار.
2ـ قال الإمام الحسين عليه السّلام: لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّ وجلّ: فاطمة ‏، والصدّيقة، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدّثة، والزهراء.
ثمّ قال: ‏أتدرون أيّ شيء تفسير فاطمة؟ أي فطمت عن الشرّ.
3ـ قال الإمامان الرضا والجواد عليهما السّلام: سمعنا المأمون يحدّث عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جدِّه قال ابن عباس لمعاوية: أتدري لِمَ سُمِّيت فاطمة؟ قال: لا، قال: لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقوله.
2ـ الصّديقة
معناها: المبالغة في التصديق أي الكثيرة الصدق، ولأنّها لم تكذب قط، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال لعلي عليه السّلام: أُتيتَ ثلاثاً لم يؤتَهن أحد ولا أنا:
أُتيتَ صهراً مثلي، ولم أُوت أنا مثلي، وأُتيتَ زوجة صدِّيقة مثل ابنتي، ولم أُوت أنا مثلها زوجة، وأُوتيتَ الحسن والحسين من صلبك، ولم أُوتَ من صلبي مثلهما، ولكنكم منّي وأنا منكم.
قال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة.
قال الإمام الصادق عليه السّلام: وهي الصّديقة الكُبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى.
3ـ المباركة
البركة: النماء والسعادة والزيادة، ولقد بارك الله في السيّدة فاطمة عليها السّلام أنواعاً من البركات، وجعل الخير الكثير في ذرّية رسول الله صلّى الله عليه وآله من نسلها، لظهور بركتها في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا فاطمة، ما بعث الله نبياً إلاّ جعل له ذرّية من صلبه، وجعل ذرّيتي ‏من صلب علي.‏
وفي تفسير قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قيل: الكوثر هو كثرة النسل والذرّية، وقد ظهرت الكثرة في نسله صلّى الله عليه وآله من وُلد فاطمة حتّى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم.
4ـ الطاهرة
لقد طهرّها الله تعالى عن العادة الشهرية، وعن كلّ دنس ورجس، وعن كلّ رذيلة.
1ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام: إنّما سمّيت فاطمة بنت مُحمّد الطاهرة لطهارتها ‏من كلّ دنس، وطهارتها من كلّ رفث، وما رأت قط يوماً حمرة ولا نفاساً‏.
2ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام: إنّ الله حرّم النساء على علي ما دامت فاطمة حية لأنّها طاهرة لا ‏تحيض‏.
3ـ قال الإمام الباقر عليه السّلام: سمّيت فاطمة طاهرة لأنّها كانت مبرّاة من كلّ رجس، ولم يُرَ لها دم حيض ولا نفاس
5ـ الزكية
معناها: الأرض الطيّبة الخصبة، المطهّرة الطاهرة، فالزهراء عليها السّلام أزكى أنثى عرفتها البشرية.
6ـ الراضية:
‏‏معناها: الراضية بما قسم الله لها، فكانت الزّهراء عليها السّلام راضية بما قدّر الله لها من مرارة الدنيا ومشقّاتها ومصائبها ‏ونوائبها، وفيما أعطاها من القرب والمنزلة والطهارة، وغير ذلك من المراتب العالية في الدنيا والآخرة.
7ـ المرضية
إنّ للمرضيين عند الله تعالى درجة عالية، فكانت الزّهراء عليها السّلام مرضية عند الله في جميع أعمالها وأفعالها وما صدر منها خلال مسيرة حياتها، فقد رضى الله عنها ورضت عنه سبحانه، فهي مرضية بما وعد الله تبارك وتعالى عباده بالرضوان الأكبر.
8ـ المُحدّثة
معناها: التي يطلعها أحد على الوقائع والحقائق من وراء حجاب، أو التي تستلهم الأخبار من قبل الله تعالى، عن طريق الوحي وهو الملك.
ويستفاد من أحاديث عديدة أنّ الملائكة كانت تنزل على فاطمة عليها السّلام من قبل الله، وتطلعها على ما يحدث وما سيحدث في المستقبل، إنّ الوحي الذي خصّ بالرسالة والأحكام ونزول الآيات القرآنية قد انقطع مع وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله لأنّه خاتم الأنبياء، ولا يأتي رسول بعده، وهذه عقيدتنا كما إنّ الدين كامل والنعمة تامّة بولاية أهل البيت عليهم السّلام، ولكنّ الوحي لم ينقطع بالإيحاء للأولياء وإخبار عن المستقبل، فإنّ الله سبحانه يوحي عن طريق ملائكته لمن يشاء ومتى يشاء، لأنّ الوحي لا يقتصر على الأنبياء، فالله أوحى إلى أُمّ موسى وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ.
وأوحى الله إلى النحل والى السماء، إذ ليست سيّدة نساء العالمين وبنت سيّدة الأنبياء والمرسلين بأقلِّ شأناً من مريم بنت عمران، أو سارة زوجة إبراهيم، أو أُمّ موسى، وليس معنى ذلك أنّ مريم أو سارة أو أُمّ موسى كنَّ من الأنبياء، وكذلك ليس معنى ذلك أنّ السيّدة فاطمة الزّهراء عليها السّلام كانت نبية.
1ـ قال الإمام الحسين عليه السّلام: إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة كانت ‏تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة، إنّ الله اصطفاك ‏وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع ‏الراكعين، فتحدّثهم ويحدّثوها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم ‏بنت عمران؟ فقالوا: إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها، وأنّ الله جعلك سيّدة نساء عالمك ‏وعالمها، وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين.‏
2ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام: إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء، فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران.
وإنّ الأئمّة عليهم السّلام كانوا جميعهم محدّثين في زمانهم، أي أنّهم كانوا يستلمون الأخبار الجديدة من قبل الله تعالى.
قال سليم بن قيس: سمعت علياً عليه السّلام يقول: إنّي وأوصيائي من ولدي مهديّون كلّنا محدَّثون.
9ـ الزّهراء
معنى الزهر: النيّر، الصافي اللون، المشرق الوجه، وكذلك فاطمة الزّهراء عليها السّلام، لأنّ نورها زهر وأشرق لأهل السماء.
1ـ عن أبي هاشم العسكري قال: سألت العسكري عليه السّلام: لم سمّيت فاطمة الزّهراء عليها السّلام؟
فقال: كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السّلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي.
2ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: وأمّا ابنتي فاطمة فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وهي بضعة منّي وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السماوات، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
10ـ العذراء
معناها: البكر، أي أنّها عليها السّلام كانت عذراء دائماً.
فقد سأل رجل من الإمام الصادق عليه السّلام في ضمن مسائل قال: فكيف تكون الحوراء في كلّ ما أتاها زوجها عذراء؟ قال: لأنّها خلقت من الطيب، لا يعتريها عاهة ولا تخالط جسمها آفة، ولا يدنّسها حيض، فالرحم ملتزقة.
11ـ الحانية
معناها: الحنان، وذلك بسبب كثرة حنانها على أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله، وبعلها، وعلى أولادها، ومحبّيها والأيتام والمساكين.
12ـ البتول
معناها: لأنّها تبتلت عن دماء النساء، وهي المنقطعة عن الدنيا إلى الله تعالى، وكذلك لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً وديناً وحسباً.
1ـ عن الإمام عليّ عليه السّلام قال: سألت النّبيّ: ما البتول؟ فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول: إنّ مريم بتول وفاطمة بتول ! فقال: البتول التي لم تَرَ حمرة قط، أي لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء.
2ـ عن عائشة أنّها قالت: إذا أقبلت فاطمة كانت مشيّتها مشية رسول الله، وكانت لا ‏تحيض قط، لأنّها خُلقت من تفّاحة الجنّة، ولقد وضعت الحسن بعد العصر، وطهرت ‏من نفاسها، فاغتسلت وصلّت المغرب ‏.
13ـ الكوثر
معناها: الشيء الكثير، إنّ الله تعالى سمّاها في كتابه العزيز بالكوثر، وجعل أعدائها المقطوعين من النسل والبركة إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ.
14ـ الحوراء
معناها: مفرد حور المخلوقة للجنّة، لكن الزّهراء هي الحوراء الإنسية، لأنّ نطفتها تكوّنت من ثمار الجنّة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث، وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله فطمها ومحبّيها عن النار.
15ـ سيّدة نساء العالمين
عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: أخبرني عن قول رسول الله صلّى الله عليه وآله في فاطمة: إنّها سيّدة نساء العالمين أهي سيّدة نساء عالمها؟
فقال: ذاك لمريم، كانت سيّدة نساء عالمها، وفاطمة سيّدة نساء العالمين، من الأوّلين والآخرين.
كُنيتها عليها السّلام
أُمُّ أَبيها، أمُّ الحسنين، أمُّ الأئِمة، أُمّ المحسن أُمّ الحسن أُمّ الحسين وغيرها.
أُمّ الأئمّة: فهي أُمّ الأئمّة الأحد عشر عليهم السّلام.
أُمّ أبيها: فكانت تحمل هموم أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله دائماً، كما تحمل الأُمّ هموم ولدها، وكذلك كانت فاطمة أحبّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله كما تكون الأُمّ أحبّ الخلق إلى الابن، فهي أُمّ أبيها كما عن الإمام الباقر عليه السّلام قال: كانت فاطمة تكنّى أمّ أبيها

زوجُها عليها السّلام
إمام الموحدين و قائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب عليه السّلام.

كيفية زواج فاطمة الزّهراء من أمير المؤمنين عليهما السّلام
قال الرسول الأكرم مُحمّد صلّى الله عليه وآله لابنته فاطمة عليها السّلام: يَا بُنَيَّة، مَن صلّى عَليكِ غَفرَ اللهُ لَهُ، وَأَلحَقَه بِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الجَنَّة.
وقال صلّى الله عليه وآله أيضاً: فَاطِمة بضعَةٌ مِنِّي، يُؤذيني مَا آذَاهَا وَيُريِبُني مَا رَابَهَا إلى غير ذلك من الأحاديث.
فإذا كانت فاطمة الزّهراء عليها السّلام تحتل هذه الدرجة من المقام الرفيع عند الله، فمن لا يحب شرف الاقتران بها، وإعلان رغبته في التزوج بها من أكابر قريش.
فإنه قد تقدم لخطبتها من أبيها صلّى الله عليه وآله أبو بكر، وعُمَر، وآخرون، وكل يخطبها لنفسه، إلا أن الرسول صلّى الله عليه وآله يعتذر عن الاستجابة لطلبهم، ويقول صلّى الله عليه وآله: لَم يَنزِل القَضَاءُ بَعْد.
وقد روى السيد الأمين في المجالس السَنيَّة ما مُلَخَّصُهُ: جاء علي عليه السّلام إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو في منزل أم سَلَمة، فَسلَّم عليه وجلس بين يديه، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وآله: أتيت لحاجة؟
فقال عليه السّلام: نعم، أتيتُ خاطباً ابنتكَ فاطمة عليها السّلام، فَهل أنتَ مُزَوِّجُنِي؟
قالت أم سلمة: فرأيت وجه النّبيّ صلّى الله عليه وآله يَتَهَلَّلُ فرحاً وسروراً، ثم ابتسم في وجه علي عليه السّلام ودخل على فاطمة عليها السّلام، وقال لها: إن علياً قد ذكر عن أمرك شيئاً، وإني سألت رَبِّي أن يزوجكِ خير خلقه فما ترين؟ فَسَكَتَتْ عليها السّلام.
فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول: اللهُ أَكبر، سُكوتُها إِقرَارُها.
فعندها أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة، لِيُعلِن عليهم نبأ تزويج فاطمة لعلي عليهما السّلام.
فلما اجتمعوا قال صلّى الله عليه وآله لهم: إن الله تعالى أمرني أن أُزَوِّج فاطمة بنت خديجة، من علي بن أبي طالب.
ثم أبلغ النّبيّ صلّى الله عليه وآله علياً بأن الله أمره أن يزوجه فاطمة على أربعمئة مثقال فضة، وكان ذلك في اليوم الأول من شهر ذي الحجة من السّنة الثانية للهجرة.
إن هذا الموقف النبوي المرتبط بالمشيئة الإلهية يَستَثِير أَمَامنا سؤالاً مهماُ، وهو: لماذا لم يُرَخَّصُ لفاطمة عليها السّلام بتزويج نفسها؟
ولماذا لم يُرَخَّص للرسول صلّى الله عليه وآله وهو أبوها ونَبِيُّها بتزويجها – والنبي صلّى الله عليه وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم – إلا بعد أن نزل القضاء بذلك؟
وجوابه: أنه لا بُدَّ من وجود سِرٍّ وحكمة إلهية ترتبط بهذا الزواج، وتتوقف على هذه العلاقة الإنسانية، أي علاقة فاطمة عليها السّلام بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله بابن عمّه وأخيه علي بن أبي طالب عليه السّلام الذي كان كما يُسمِّيه رسول الله صلّى الله عليه وآله بـ نَفْسِه.
وهو الذي تربَّى في بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وعاش معه، وشَبَّ في ظلال الوحي، وَنَمَا في مدرسة النبوة.
وهكذا شاء الله أن تمتد ذرية رسول الله صلّى الله عليه وآله عن طريق علي وفاطمة عليهما السّلام، ويكون منهما الحسن والحسين عليهما السّلام سيدا شباب أهل الجنة أئمةً وهُدَاة لِهَذه الأمّة.
ولهذا كان زواج فاطمة عليها السّلام أمراً إلهياً لم يسبق رسول الله صلّى الله عليه وآله إليه، ولم يتصرَّف حتى نزل القضاء – كما صرح هو نفسه صلّى الله عليه وآله بذلك –

أولادها عليها السّلام
الامامين الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنه عليهما السلام والسقط المحسن عليه السّلام وأم المصائب زينب الكُبرى وزينب الصغرى عليهما السلام

عبادة فاطمة الزّهراء عليها السّلام وزهدها
روى الإمام الصادق عليه السّلام بسنده إلى الإمام الحسن عليه السّلام، أنه قال: رأيت أمّي فاطمة عليها السّلام قامت في محرابها ليلةَ جمعةٍ، فلم تزل راكعة وساجدة حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتُسَمِّيهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعوا لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أُمَّاه، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟.
فقالت عليها السّلام: يا بُنَي، الجار ثم الدار.
وعن الحسن البصري: ما كان في هذه الأمّة أعبد من فاطمة عليها السّلام، كانت تقوم حتى تورَّم قدماها.
أما زهدها، فإن الأبرار الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه، فهم الذين قد عرفوا الدنيا وما فيها من نعيم زائل، فأعرضوا عنها بقلوبهم، والتمسوا رضوان الله تعالى في مأكلهم، ومَلبَسِهِم، وأسلوب حياتهم.
فامرأة مثل الزهراءعليها السلام وجلالة قدرها، وعِظَم منزلتها، كانت شَمِلَتها التي تلتف بها خَلِقه، قد خيطت في اثني عشر مكاناً بسعف النخل.
فنظر إليها سلمان يوماً فبكى، وقال: واحُزناه، إن بنات قيصر وكسرى لفي السندس والحرير، وابنة مُحمّد صلّى الله عليه وآله عليها شملة صوف خلقه، قد خيطت في اثني عشر مكاناً.
وجاء في تفسير الثعلبي عن الإمام الصادق عليه السّلام، وتفسير القشيري، عن جابر الأنصاري قال: رأى النّبيّ صلّى الله عليه وآله فاطمة، وعليها كساء من أَجِلَّة الإبل، وهي تطحن بيديها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: يا بِنتَاه، تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة؟.
فقالت عليها السّلام: يا رسول الله، الحمد لله على نعمائه، والشكر لله على آلائه.
فأنزل الله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعطِيكَ رَبُّكَ فَتَرضَى الضحى: 5.
وقال ابن شاهين في مناقب فاطمة عليها السّلام، وأحمد في مسند الأنصار عن أبي هُرَيرَة وثوبان، أنهما قالا: كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله يبدأ في سَفَره بفاطمة عليها السّلام، ويختم بها، فَجَعَلَت عليها السّلام وقتاً ـ أي: مَرَّة ـ ستراً من كساء خَيبَرِيَّة، لِقدوم أبيها صلّى الله عليه وآله، وزوجها عليه السّلام.
فلما رآه النّبيّ صلّى الله عليه وآله تجاوز عنها، وقد عُرِف الغضب في وجهه حتى جلس على المنبر.
فنزعت عليها السّلام قلادتها وقرْطَيْهَا ومسكَتَيْهَا، ونزعت الستر، فبعثت به إلى أبيها صلّى الله عليه وآله، وقالت: اِجعل هذا في سبيل الله.
فلمّا أتاه، قال صلّى الله عليه وآله: قد فَعَلَت فِداها أَبُوها – ثلاث مرات – ما لآل مُحمّد وللدنيا، فإنهم خُلِقوا للآخرة، وخلقت الدنيا لهم.
وفي رواية أحمد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: فإنَّ هؤلاء أهلُ بيتي، ولا أحب أن يأكلوا طَيِّبَاتِهم في حياتهم الدنيا.
وَلَعلَّ في قصة العقد المبارك – الذي قَدَّمَتْهُ الزّهراء عليها السّلام إلى الفقير الذي جاء إلى أبيها صلّى الله عليه وآله، فأرشده النّبيّ إلى دار فاطمة عليها السّلام – خَيرُ شَاهدٍ على زهدها عليها السّلام، فإن في ذلك أروع الأمثلة في الإحسان، والإيثار والمواساة.
مُدة عُمرها عليها السّلام
18عاماً على المشهور.

آيات نزلت في حق فاطمة الزّهراء عليها السّلام
1ـ آية التَّطهِير وهي قوله عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهِيراً الأحزاب: 33.
فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يَمُرُّ على دار فاطمة عليها السّلام صباح كل يوم عند خروجه إلى المسجد للصلاة، فيأخذُ بِعُضَادَةِ الباب قائلاً: السَّلامُ عَليكُم يَا أَهْلَ بَيتِ النُّبُوَّة ثم يقول هذه الآية المباركة.
2ـ آية المُبَاهَلَة وهي قوله عزَّ وجلَّ: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالُوا نَدْعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهِلُ فَنَجْعَلُ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ آل عمران: 61.
وقد نزلت حينما جاءَ وفد نَجْرَان إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله لِيتحدَّثَ معه حول عِيسى عليه السّلام، فقرأ النّبيّ صلّى الله عليه وآله عليهم الآية التالية: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ آل عمران: 59.
فلم يقتنع النصارى بذلك، وكانت عقيدتهم فيه أنه عليه السّلام ابنُ الله، فاعترضوا على النّبيّ صلّى الله عليه وآله، فنزلت آية المُبَاهلة.
وهي أن يَتَبَاهَلَ الفريقان إلى الله تعالى، وَيَدعُوَانِ اللهَ تعالى أن يُنزل عذابَهُ وغضبَه على الفريق المُبطِل منهما، واتفقا على الغد كيوم للمباهلة.
ثم تَحاوَرَ أعضاءُ الوفد بعضهم مع بعض، فقال كبيرهم الأسقف: إنْ غَداً جَاء بِوَلَدِهِ وأهل بيته فلا تُبَاهلوه، وإِن جَاء بغيرهم فافعلوا.
فَغَدَا الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله مُحتَضِناً الحسين عليه السّلام، آخذاً الحسن عليه السّلام بيده، وفاطمة عليها السّلام تمشي خلفه، وعليٌّ عليه السّلام خَلفَها.
ثم جثى النّبيّ صلّى الله عليه وآله قائلاً لهم: إذا دَعَوتُ فَأَمِّنُوا أما النَّصارى فرجعوا إلى أسقَفِهِم فقالوا: ماذا ترى؟
قال: أرى وجوهاً لو سُئِل اللهُ بِها أن يُزيلَ جَبَلاً مِن مكانِهِ لأَزَالَهُ.
فخافوا وقالوا للنبي صلّى الله عليه وآله: يا أبا القاسم، أقِلنَا أقال الله عثرتَك.
فَصَالَحُوهُ صلّى الله عليه وآله على أن يدفعوا له الجِزية.
فهذه الصورةٌ تحكي عن حدث تاريخي يَتبَيَّن من خلالهِ عَظمة فاطمة الزّهراء، وأهل بيتها عليهم السّلام، ومنازلهم العالية عند الله تعالى.
3ـ سورة الكَوثَر وهي قوله عزَّ وجلَّ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ.
فالأبتر هو المنقطع نَسلُه، وقد استفاضت الروايات في أن هذه السورة إنما نَزَلَتْ رداً على من عاب النّبيّ صلّى الله عليه وآله بالبتر أي عدم الأولاد بعد ما مات أبناء الرسول صلّى الله عليه وآله، وهم: القاسم، وعبد الله.
وقصة هذه السورة هي: أن العاص بن وائل السهمي كان قد دخل المسجد بينما كان النّبيّ صلّى الله عليه وآله خارجاً منه، فالتقَيَا عند باب بني سَهْم، فَتَحَدَّثَا.
ثم دخل العاص إلى المسجد، فسأله رجال من قريش، كانوا في المسجد: مع من كنت تتحدث؟
فقال: مع ذلك الأبتر.
فنزلت سورة الكوثر على النّبيّ صلّى الله عليه وآله، فالمراد من الكوثر هو: الخير الكثير، والمراد من الخير الكثير: كَثرَة الذُّرِّيَّة، لِمَا في ذلك من تَطْييبٍ لِنَفْسِ النّبيّ صلّى الله عليه وآله.
وَرُوِيَ أنه صلّى الله عليه وآله قال لخديجة قبل ولادة فاطمة عليها السّلام: هَذا جِبرَئِيلُ يُبَشِّرُنِي أَنَّها أُنثَى، وأَنَّهَا النَّسلَةُ، الطاهرةُ، المَيْمُونَةُ، وأنَّ الله تبارك وتعالى سيجعل نَسلِي مِنها، وسيجعل مِن نَسْلِهَا أئمة، ويجعلُهُم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه.
4ـ آية الإِطعَام وهي قوله عزَّ وجلَّ: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً الإنسان: 8 – 9.
وقصتها كما في تفسير الكشاف للزمخشري عن ابن عباس: أن الحسن والحسين عليهما السّلام مَرِضَا، فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وآله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نَذرتَ على ولديك.
فَنَذَر عَليٌّ وفاطمةُ وجَارِيَتُهُما فِضَّة عليهم السّلام إن برءا عليهما السّلام مما بِهِما أن يَصومُوا ثلاثة أيام.
فَشُفِيَا عليهما السّلام وما معهم شيء.
فاستقرض عليٌّ عليه السّلام من شَمْعُون الخيبري اليهودي ثلاث أَصْوُعٍ من شعير، فَطحنت فاطمة عليها السّلام صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم.
فوضعوها بين أيديهم لِيُفطِرُوا، فَوقَفَ عليهم مِسكين وقال:السَّلام عليكم يا أهلَ بيتِ مُحمّد، مِسكينٌ مِن مَساكِين المُسلمين، أطعِمُونِي أطعمكمُ اللهُ من موائد الجنة، فآثروه عليهم السّلام وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً.
فلما أمْسَوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يَتِيم فآثروه عليهم السّلام.
ووقف عليهم أسيرٌ في الثالثة، ففعلوا عليهم السّلام مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذَ علي بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفِرَاخ مِن شِدَّة الجوع قال صلّى الله عليه وآله: مَا أشد مَا يَسُوؤُنِي ما أرى بكم.
فانطلق صلّى الله عليه وآله معهم، فرأى فاطمة عليها السّلام في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها، وغارت عيناها، فساءه صلّى الله عليه وآله ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا مُحمّد، هَنَّأَكَ اللهُ في أهل بيتك، فَأقرَأَهُ السورة.
وفي هذه السورة – أي: سورة الإنسان، أو: سورة هَلْ أَتَى– نكتة رائعة جداً، وقد ذكرها الزمخشري في تفسيره الكشاف، عند تفسيره لهذه السورة قال: إنَّ الله تعالى قد أنزلَ هَلْ أَتَى في أهلِ البيت عليهم السّلام، وَلَيس شَيءٌ مِن نعيم الجَنَّةِ إِلاَّ وَذُكِرَ فيها، إِلاَّ الحُور العِين وذلك إِجلالاً لفاطمة عليها السّلام.
فهذا هو إبداع القرآن الكريم، وهذه هي بلاغته والتفاتاته، وهذه هي عظمة فاطمة الزّهراء عليها السّلام عند ربها العظيم.
5ـ آية المَوَدَّة وهي قوله عزَّ وجلَّ: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى الشورى: 23.
وقد أخرج أبو نعيم، والديلمي، من طريق مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى أن تحفظوني في أهل بيتي، وتَوُدُّوهُم لِي.
وعلى هذا فإذا كان أجرُ الرسالة هو المَوَدَّة في القربى، وإذا كان المسؤول عنه الناس يوم القيامة هو المَوَدَّة لأهل بيت النّبيّ عليهم السّلام، فبماذا نفسر ما حصل للزهراء عليها السّلام بعد وفاة أبيها صلّى الله عليه وآله من اهتضام، وجسارة، وغَصبِ حَقٍّ؟!! لكننا نترك ذلك إلى محكمة العدل الإلهية.
6ـ وهي قوله عزَّ وجلَّ: وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ الإسراء: 26.
فقال شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد: إن الله عزَّ سلطانه لما فتح لعبده وخاتم رسله صلّى الله عليه وآله حصون خيبر، قذف الله الرعب في قلوب أهل فَدَك، فنزلوا على حكم رسول الله صلّى الله عليه وآله صاغرين.
فصالحوه على نصف أرضهم – وقيل: صالحوه على جميعها – فقبل ذلك منهم، فكان نصف فَدَك مُلكاً خالصاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله، إذ لم يوجف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكَاب، وهذا مما أجمعت الأمّةُ عليه، بلا كلام لأحدٍ منها في شيء منه.
فعندما أنزل الله عزَّ وجلَّ قوله: وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ.
أنحلَ فاطمةَ فدكاً، فكانت – فَدَك – في يدها – للزهراء عليها السّلام – حتى انتُزِعَتْ منها غَصباً في عهد أبي بكر.
وأخرج الطبرسي في مجمع البيان عند تفسيره لهذه الآية فقال: المُحَدِّثون الأَثبَاث رَوَوا بالإِسناد إلى أبي سعيد الخدري أنه قال: لما نزل قوله تعالى: وَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ أعطى رسولُ الله فاطمة فدكاً، وتجد ثَمَّةَ هذا الحديث مِمَّا ألزم المأمون بِرَدِّ فَدَك على وُلد فاطمة عليها وعليهم السّلام.
7ـ وهي قوله عزَّ وجلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّة البيِّنة: 7.
ففي تفسير مجمع البيان عن مقاتل بن سليمان عن الضحَّاك عن ابن عباس في قوله: هُمْ خَيرُ البَرِيَّة قال: نَزَلَتْ فِي عَليٍّ وأهل بيته عليهم السّلام.

تاريخ وسبب شهادتها عليها السّلام
استُشهدت عليها السّلام في 3 جمادى الآخرة، في سنة 11 للهجرة، وعلى رواية 13 جمادى الأولى، وقيل غير ذلك. اثر هجوم الجلاوزة على بيتها وعصرها عليها السّلام بين الباب والحائط

شهادة فاطمة الزّهراء عليها السّلام
بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله اشتدَّ عليها الحزن والأسى، ونزل بها المرض لِمَا لاقَتْهُ من هجوم أَزْلامِ الزُمرة الحاكمة آنذاك على دارها، وَعَصْرِهَا بَين الحَائطِ والبَابِ، وَسُقُوطِ جَنِينِها المُحسِن عليه السّلام، وَكَسْرِ ضِلعِها، وَغَصبِ أَرضِهَا فَدَك.
فتوالت الأمراض على وديعة النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وفَتك الحزن جِسمَها النحيلَ المُعذَّبَ حتى انهارت قواها عليه السّلام.
فقد مشى إليها الموت سريعاً وهي عليها السّلام في شبابها الغَض، وقد حان موعد اللقاء القريب بينها عليها السّلام وبين أبيها صلّى الله عليه وآله الذي غاب عنها، وغابت معه عواطفه الفَيَّاضة.
وَلَمَّا بدت لها طلائع الرحيل عن هذه الحياة طَلَبتْ حضورَ أمير المؤمنين علي عليه السّلام، فَعَهدتْ إليهِ بِوَصِيَّتِها، ومضمون الوصية: أن يُوارِي عليه السّلام جثمانها عليها السّلام المقدس في غَلس اللَّيل البهيم، وأن لا يُشَيِّعُها أحد من الذين هَضَمُوهَا، لأنهم أَعداؤها عليها السّلام وأعداء أبيها صلّى الله عليه وآله – على حَدِّ تعبيرها -.
كَما عَهدت إليه أن يتزوَّج من بعدها بابنة أختها أمَامَة، لأنَّها تقوم بِرِعَايَة ولديها الحسن والحسين عليهما السّلام اللَّذَين هما أعزُّ عندها من الحياة.
وعهدت إليه أن يعفي موضع قبرها، ليكون رمزاً لِغَضَبِهَا غير قابلٍ للتأويل على مَمَرِّ الأجيال الصاعدة.
وضمن لها أمير المؤمنين عليه السّلام جميع ما عَهدَت إليه، وانصرف عنها عليها السّلام وهو غارق في الأسى والشجون.
وفي آخر يوم من حياتها عليها السّلام ظهر بعض التحسّن على صحتها، وكانت بادية الفرح والسرور، فقد علمت عليها السّلام أنها في يومها تلحق بأبيها صلّى الله عليه وآله.
وعمدت عليها السّلام إلى ولديها عليهما السّلام فَغَسَلت لهما، وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم، وأمرت ولديها بالخروج لزيارة قبر جدّهما، وهي تلقي عليهما نظرة الوداع، وقلبها يذوب من اللوعة والوجد.
فخرج الحسنان عليهما السّلام وقد هاما في تيار من الهواجس، وأَحسَّا ببوادر مخيفة أغرقتهما بالهموم والأحزان، والتفت وديعة النّبيّ صلّى الله عليه وآله إلى أسماء بنت عميس، وكانت تتولى تمريضها وخدمتها فقالت عليها السّلام لها: يا أُمَّاه.
فقالت أسماء: نعم يا حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
فقالت عليها السّلام: اسكبي لي غسلاً.
فانبرت أسماء وأتتها بالماء فاغتسلت عليها السّلام فيه، وقالت عليها السّلام لها ثانياً: إيتيني بثيابي الجدد.
فناولتها أسماء ثيابها عليها السّلام.
ثم هتفت الزّهراء عليها السّلام بها مرة أخرى: اجعلي فراشي وسط البيت.
وعندها ذعرت أسماء وارتعش قلبها، فقد عرفت أن الموت قد حلّ بوديعة النّبيّ صلّى الله عليه وآله.
فصنعت لها ما أرادت، فاضطجعت الزّهراء عليها السّلام على فراشها، واستقبلت القبلة، والتفتت إلى أسماء قائلة بصوت خافت: يا أُمَّاه، إني مقبوضة الآن، وقد تَطَهَّرتُ فلا يكشفني أحد.
وأخذت عليها السّلام تتلو آيات من الذكر الحكيم حتى فارقت الروحُ الجسد، وَسَمت تلك الروح العظيمة إلى بارئها، لتلتقي بأبيها صلّى الله عليه وآله الذي كرهت الحياة بعده.
وكان ذلك في 13 من جمادي الأول من سنة 11 هـ وفي رواية أخرى أنه كان في 8 ربيع الثاني من نفس السّنة، وفي رواية أخرى في 3 جمادي الثاني من نفس السّنة أيضاً.
ورجع الحسنان عليهما السّلام إلى الدار فلم يجدا فيها أمهما عليها السّلام، فبادرا يسألان أسماء عن أمّهما، ففاجئتهما وهي غارقة في العويل والبكاء قائلة: يا سيدي إن أمّكما قد ماتت، فأخبرا بذلك أباكما، وكان هذا الخبر كالصاعقة عليهما.
فهرعا عليهما السّلام مسرعين إلى جثمانها، فوقع عليها الحسن عليه السّلام، وهو يقول: يا أُمَّاه، كلميني قبل أن تفارق روحي بدني.
وألقى الحسين عليه السّلام نفسه عليها وهو يَعجُّ بالبكاء قائلاً: يا أُمَّاه، أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي.
وأخذت أسماء تعزيهما وتطلب منهما أن يسرعا إلى أبيهما عليه السّلام فيخبراه، فانطلقا عليهما السّلام إلى مسجد جدّهما رسول الله صلّى الله عليه وآله وهما غارقان في البكاء، فلما قربا من المسجد رفعا صوتهما بالبكاء، فاستقبلهما المسلمون وقد ظنوا أنهما تذكرا جدّهما صلّى الله عليه وآله فقالوا: ما يبكيكما يا ابنَي رسول الله؟ لعلّكما نظرتما موقف جدّكما صلّى الله عليه وآله فبكيتما شوقاً إليه؟
فهرعا عليهما السّلام إلى أبيهما وقالا بأعلى صوتهما: أَوَ ليس قد ماتت أُمُّنا فاطمة.
فاضطرب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، وهزَّ النبأ المؤلم كِيانَه، وطفق يقول: بمن العزاء يا بنت مُحمّد صلّى الله عليه وآله كنتُ بِكِ أتعزَّى، فَفِيمَ العزاء من بعدك؟
وخَفَّ عليه السّلام مسرعاً إلى الدار وهو يذرف الدموع، ولما ألقى نظرة على جثمان حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وآله أخذ ينشد عليه السّلام:
لِكُلِّ اجتِمَاعٍ مِن خَلِيلَيْنِ فِرقَةٌ***وَكُلُّ الَّذي دُونَ الفِرَاقِ قَليلُ
وَإِنَّ افتِقَادِي فَاطماً بَعدَ أَحمَد***دَلِيلٌ عَلى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ
وهرع الناس من كل صوب نحو بيت الإمام عليه السّلام وهم يذرفون الدموع على وديعة نبيهم صلّى الله عليه وآله، فقد انطوت بموت الزّهراء عليها السّلام آخر صفحة من صحفات النبوة، وتذكروا بموتها عطف الرسول صلّى الله عليه وآله عليهم، وقد ارتَجَّت المدينة المنورة من الصراخ والعويل.
وعهد الإمام عليه السّلام إلى سَلمَان أن يقول للناس بأن مواراة بضعة النّبيّ صلّى الله عليه وآله تأخّر هذه العشية، وتفرقت الجماهير.
ولما مضى من الليل شَطرُهُ، قام الإمام عليه السّلام فغسَّل الجسد الطاهر، ومعه أسماء والحسنان عليهما السّلام، وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم.
وبعد أن أدرجها في أكفانها دعا بأطفالها – الذين لم ينتهلوا من حنان أُمِّهم – ليلقوا عليها النظرة الأخيرة، وقد مادت الأرض من كثرة صراخهم وعويلهم، وبعد انتهاء الوداع عقد الإمام الرداء عليها.
ولما حَلَّ الهزيع الأخير من الليل قام عليه السّلام فصلّى عليها، وعهد إلى بني هاشم وخُلَّصِ أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخير.
ولم يخبر عليه السّلام أي أحد بذلك، سوى تلك الصفوة من أصحابه الخُلَّص وأهل بيته عليهم السّلام.
وأودعها في قبرها وأهال عليها التراب، ووقف عليه السّلام على حافة القبر، وهو يروي ثراه بدموع عينيه، واندفع يُؤَبِّنها بهذه الكلمات التي تمثل لوعته وحزنه على هذا الرزء القاصم قائلاً: السَّلام عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النَّازِلَة في جوارك، السريعة اللحاق بك، قَلَّ يا رسولَ الله عن صَفِيَّتِك صَبرِي، وَرَقَّ عنها تَجَلُّدِي، إِلاَّ أنَّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِبَيتِك مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقد وَسَّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك، وَفَاضَت بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ.
إِنَّـا لله وإنَّا إليه راجعون، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ، وأُخِذَتْ الرَّهينَة، أمَّا حُزنِي فَسَرْمَدْ، وَأمَّا لَيلِي فَمُسَهَّدْ، إلى أَنْ يختارَ اللهُ لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ على هَضمِها، فَاحفِهَا السُّؤَالَ، واستَخبِرْهَا الحَالَ.
فأعلن أمير المؤمنين عليه السّلام في هذه الكلمات شكواه للرسول صلّى الله عليه وآله على ما أَلَمَّ بابنتِه من الخطوب والنكبات، وطَلبَ عليه السّلام منه صلّى الله عليه وآله أن يَلحَّ في السُؤال منها عليها السّلام، لتخبِرَهُ صلّى الله عليه وآله بما جرى عليها عليها السّلام من الظُلم والضَيم في تلك الفترة القصيرة الأمد التي قد عاشتها عليها السّلام.
وعاد الإمام عليه السّلام إلى بيته كئيباً حزيناً، ينظر إلى أطفاله عليهم السّلام وهُم يبكون على أُمِّهم عليها السّلام أَمَرَّ البكاء.
تشييع ودفن فاطمة الزهراءعليها السلام
ارتفعت أصوات البكاء من بيت الإمام علي عليه السّلام، فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله، واجتمعت نساء بني هاشم في دار فاطمة الزّهراء عليها السّلام فصرخن وبكين، وأقبل الناس إلى الإمام علي عليه السّلام وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان، وخرجت أُمّ كلثوم وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله ! الآن حقّاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً.
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجّون، وينتظرون خروج الجنازة ليصلّوا عليها، وخرج أبو ذر وقال: انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أُخّر إخراجها في العشية، وهكذا تفرّق الناس، وهم يظنّون أنّ الجنازة تشيّع صباح غد.
ولكنّ الإمام علي عليه السّلام غسّلها وكفّنها هو وأسماء في تلك الليلة، ثمّ نادى عليه السّلام: يا حسن يا حسين يا زينب يا أُمّ كلثوم هلمّوا فتزوّدوا من أُمّكم، فهذا الفراق واللقاء الجنّة وبعد قليل نحّاهم أمير المؤمنين عليه السّلام عنها.
ثمّ صلّى الإمام علي عليه السّلام على الجنازة، فلمّا هدأت الأصوات ونامت العيون ومضى شطر من الليل، تقدّم الإمام علي والعباس والفضل بن العباس ورابع يحملون ذلك الجسد النحيف، وشيّعها الحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبو ذر والمقداد وبريدة وعمّار ونفر من بني هاشم.
ونزل الإمام علي عليه السّلام إلى القبر، واستلم بضعة رسول الله صلّى الله عليه وآله وأضجعها في لحدها، وقال عليه السّلام: يا أرض أستودعك وديعتي، هذه بنت رسول الله، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله مُحمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله، سلمتكِ أيتّها الصّديقة إلى من هو أولى بكِ منّي، ورضيت لكِ بما رضي الله تعالى لكِ ثمّ خرج من القبر، وتقدّم الحاضرون وأهالوا التراب على تلك الدرّة النّبوية، وسوّى الإمام علي عليه السّلام قبرها.
محل دفنها عليها السّلام
في المدينة المنورة حيث خفي قبرها بوصية منها عليها السّلام.
قول الإمام علي عليه السّلام بعد دفن فاطمة الزّهراء عليها السّلام
قال الإمام زين العابدين عليه السّلام: لمّا قبضت فاطمة عليها السّلام دفنها أمير المؤمنين عليه السّلام سرّاً، وعفى على موضع قبرها، ثمّ قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله ثمّ قال:
السلام عليك يا رسول الله عنّي، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي، إلاّ أنّ في التأسّي لي بسنّتك في فرقتك موضع تعزّ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك، وفاضت نفسك بين نحري وصدري.
بلى، وفي كتاب الله لي أنعم القبول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأُخذت الرهينة، واختلست الزّهراء فما أقبح الخضراء والغبراء.
يا رسول الله، أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، وهمّ لا يبرح من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيّح، وهمّ مهيّج، سرعان ما فرّق بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبّئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها، فاحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها، لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم الله، وهو خير الحاكمين.
والسلام عليكما سلام مودّع، لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، واهاً واهاً، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية.
فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً، وتهضم حقّها، ويمنع إرثها، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء، صلّى الله عليك وعليها السلام والرضوان.

نقش خاتمها عليها السّلام
أَمِنَ المُتَوَكِّلون.

الزيارة الاولى لفاطمة الزّهراء عليه السّلام
” السلام عليك يا بنت رسول الله ، السلام عليك يا بنت خليل الله ، السلام عليك يا بنت نبي الله ، السلام عليك يا بنت حبيب الله ، السلام عليك يا بنت صفى الله ، السلام عليك يا بنت امين الله ، السلام عليك يا بنت خير خلق الله ، السلام عليك يا بنت افضل أنبياء الله ورسله وملائكته ، السلام عليك يا بنت خير البرية ، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين ، السلام عليك يا زوجة ولى الله وخير الخلق بعد رسول الله ، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة ، السلام عليك ايتها الشهيدة الصّديقة ، السلام عليك ايتها الرضية المرضية ، السلام عليك ايتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك ايتها الحورية الانسية ، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ، السلام عليك وعلى بعلك وبنيك ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليه وعلى روحك وبدنك ، اشهد انك مضيت على بينة من ربك ، وان من سرك فقد سر رسول الله ، ومن جفاك فقد جفا رسول الله ، ومن قطعك فقد قطع رسول الله ، لانك بضعة منه ، وروحه التي بين جنبيه ، كما قال عليه افضل سلام الله وافضل صلواته ، اشهد الله ورسوله اني راض عمن رضيت عنه ، ساخط عمن سخطت عليه ، متبرى ممن تبرأت منه ، موال لمن واليت ، معاد لمن عاديت ، مبغض لمن ابغضت ، محب لمن احببت ، وكفى بالله شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا ” . ” اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله خاتم النبيين ، وخير الخلق اجمعين ، وصل على وصيه علي بن أبي طالب امير المؤمنين ، وامام المسلمين ، خير الوصيين ، وصل على فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين ، وصل على سيدي شباب اهل الجنة ، الحسن والحسين ، وصل على زين العابدين علي بن الحسين ، وصل على محمد بن علي باقر علم النبيين ، وصل على الصادق عن الله جعفر بن محمد ، وصل على كاظم الغيظ في الله موسى بن جعفر ، وصل على الرضا علي بن موسى ، وصل على التقي محمد بن علي ، وصل على النقي علي بن محمد ، وصل على الزكي الحسن بن علي ، وصل على الحجة القائم بن الحسن بن علي ، اللهم احي به العدل ، وامت به الجور ، وزين ببقاءه الارض ، واظهر به دينك وسنة نبيك ، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق ، واجعلنا من اشياعه واتباعه ، والمقبولين في زمرة اولياءه ، يا ارحم الراحمين ، اللهم صل على محمد واهل بيته ، الذين اذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا ” . ثم تقول : ” وصلى الله عليك ، وعلى أبيك محمد رسول الله ، وعلى بعلك أمير المؤمنين ، وعلى أبنائك الائمة الطاهرين وسلم تسليما كثيرا ” .

الزيارة الثانية لفاطمة عليه السّلام
ذكرها ابن طاووس في الإقبال، تقول:
السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ رَسُولِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ نَبِيِّ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ خَلِيلِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ صَفِيِّ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ أَمِينِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ يابِنْتَ خَيْرِ البَرِيَّةِ.
السلامُ عَلَيْكِ ياسَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ مِنَ الأوّلينَ وَالآخِرِينَ، السلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ اللّهِ وَخَيْرِ خَلْقه بَعْدَ رَسُولِ اللّهِ، السلامُ عَلَيْكِ ياأُمَّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، السلامُ عليكِ ياأُمَّ المؤمنينَ، السلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصّديقة الشَّهِيدَةُ، السلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ، السلامُ عليكِ أيّتُها الصادقةُ الرشيدةُ، السلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ [السلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الحَوْراءُ الاِنْسِيَّةُ، السلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ] ، السلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المُحَدَّثَةُ العَلِيمَةُ، السلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المعصومةُ المَظْلُومَةُ، السلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الغرّاءُ الزّهراء [السلامُ عَلَيْكَ الطاهرةُ المطهّرةُ، السلامُ عليكِ أيَّتها المُضطهدَةُ المغصوبةُ] ، السلامُ عليكِ يا فاطمةُ بنتُ محمّدٍ رسولِ اللهِ، ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
صلّى اللهُ عليكِ يا مولاتي وابنةَ مولاي، وعلى روحِكِ وبدنِكِ، أشهدُ أنَّكِ مضيتِ على بيِّنةٍ من ربِّكِ، وأنَّ منْ سرَّكِ فقد سرَّ [رسولَ] اللهِ، ومنْ جَفِاكِ فقد جفا رسولَ اللهَِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم، ومَنْ آذاكِ فقد آذى رسولَ اللهِ، ومَنْ وصلَكِ فقد وصَلَ رسولَ اللهِ، ومَنْ قَطَعَكِ فقد قطَعَ رسولَ اللهِ؛ لأنَّكِ بضعةٌ من رسولِ اللهِ وروحُه بين جنبيهِ، كما قالَ عليهِ أفضلُ الصلاةِ [وأكملُ] السلامِ.
أُشْهِدُ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ أنّي [راضٍ عمّن رَضَيتِ عنْهُ، وسَاخِطٌ على مَنْ سَخَطتِ عليهِ] وَلِيُّ لِمَنْ وَالاكِ وَعَدُوُّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ، أَنا يامَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ، وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ، وَلِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ. وأَشْهَدُ أَنَّ الدِّينَ دِينُهُمْ وَالحُكْمَ حُكْمُهُمْ وَهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَوا إِلى سَبِيله بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، لا تَأْخُذُهُمْ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، وَصَلَواتُ اللّهِ عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الاَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى محمّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَصَلِّ عَلى البَتُولةِ الطَّاهِرَةِ الصّديقة المَعْصُومَةِ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ المَظْلُومَةِ المَقْهُورَةِ المَغْصُوبَةِ حَقُّها، المَمْنُوعَةِ إِرْثُها، المَكْسُورِ ضِلْعُها، المَظْلُومِ بَعْلُها، المَقْتُولِ وَلَدُها، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِكَ، وَبَضْعَةِ لَحْمِه،ِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ، وَفِلْذَةِ كَبِدِه،ِ والتحيّةِ مِنْكَ لَهُ، وَالتُّحْفَةِ التي خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهِ المُصْطَفَى وَقَرِينَةِ المُرْتَضى، وَسَيِّدَةِ النِّساء ومُبشِّرةِ الأوّلياءِ، حَلِيفَةِ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ، وَتُفّاحَةِ الفِرْدَوْسِ وَالخُلْدِ، الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الجَنَّةِ، وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأئِمَّةِ، وَأَرْخَيْتَ دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ، اللّهُمَّ صَلِّ عليها صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ، وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها فَضْلاً وإِحْساناً، وَرَحْمَةً وَغُفْراناً، إِنَّكَ ذُو الَعْفِو الكَرِيمِ.

الزيارة الثالثة لفاطمة عليه السّلام
السلامُ على رسولِ اللهِ، السلامُ على خيرةِ اللهِ، السلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ. السلامُ عليكِ يا بضعةَ رسولِ اللهِ، السلامُ عليكِ يا حبيبةَ حبيبِ اللهِ، السلامُ عليكِ يا ممتحنةَ اللهِ الصابرة، السلامُ عليكِ أيَّتُها الصّديقة الطاهرةُ، السلامُ عليكِ أيَّتُها الصفيّةُ الباهرةُ، السلامُ عليكِ يا طيِّبةَ النِّجارِ، السلامُ عليكِ يا سليلةَ النّبيّ المختارِ، السلامُ عليكِ يا اُمَّ السادةِ الأطهارِ، السلامُ عليكِ يا حليفةَ الأرزاءِ لفقدِ خاتمِ الأنبياءِ، السلامُ عليكِ يا باكيةَ العينينِ على ولدِها الحُسينِ، السلامُ عليكِ يا حليلةَ المرتضى، السلامُ عليكِ يا فاطمةَ مُحبِّيها مِنْ لَظَى، السلامُ عليكِ يا مَنْ باهى اللهُ بها ملائكةَ السماءِ، السلامُ عليكِ أيَّتُها الرضيّةُ المرضيّةُ، السلامُ عليكِ أيّتُها العليمةُ الزكيّةُ، السلامُ عليكِ أيَّتُها الحوراءُ الأُنسيّةُ، السلامُ عليكِ أيَّتُها المحدَّثةُ العليمةُ، السلامُ عليكِ أيَّتُها النقيّةُ الحكيمةُ، السلامُ عليكِ أيَّتُها العالمةُ الحليمةُ، السلامُ عليكِ يا أمَّ السبطينِ، السلامُ عليكِ يا اُمَّ الأئمّةِ الطيّبينَ، السلامُ عليكِ يا اُمَّ المُحسنِ الجنينِ، السلامُ على سفينةِ النجاحِ، السلامُ عليكِ يا بابَ الفلاح، السلامُ عليكِ يا مباركةَ المساءِ والصباحِ، السلامُ عليكِ يا بنتَ الرسولِ المختارِ، السلامُ عليكِ يا أُمَّ السادةِ الأطهارِ، السلامُ عليكِ يا مخلِّصةَ محبِّيها عن النارِ، السلامُ عليكِ يامشفَّعةُ، السلامُ عليكِ يا مَنْ محبَّتُها لأوليائِها نافعةٌ، السلامُ عليكِ يا مَنْ لها فرضُ الولاءِ، السلامُ عليكِ يا مَنِ الله لرضاها يرضى.
اللهمَّ صلِّ على فاطمةَ بنتِ نبيِّكَ المبعوثِ في آخرِ الزمانِ، وصلِّ على بضعتِهِ ذاتِ المِحَنِ والأحزانِ، صلاةً وافرةً دائمةً، ينالُنا بها منكَ نعمةٌ ساجمةٌ2، وصَلِّ يا ربِّ على أبيها وبَعْلِها وبنِيها، صلاةً ترفعُنا بها عندَكَ زُلفى، اللّهُمَّ نستغفرُكَ في هذا المقامِ وفي كلِّ مقامٍ، من جميعِ الذُنوبِ والآثامِ، واعصِمْنا بهِمْ خيرَ اعتصامٍ، وارفَعْنا عندَكَ في علّيّينَ، واجعَلْنا منْ كلِّ شرٍّ في درعِكَ الحصينِ، ومتّعنا منْكَ بخيرِ الدارينِ، واغفِرْ لنا ولآبائِنَا والمؤمنينَ، وأسبغْ علينا منْكَ الإنعامَ، واختِمْ لنا بأحسنِ الخِتامِ، يا جوادُ يا علاّمُ، وصلِّ اللّهمَّ على محمّدٍ وآلهِ الأعلامِ.

الزيارة الرابعة لفاطمة عليه السّلام
روى عن الامام الباقر عليه السّلام :
” يا ممتحنة امتحنك الذى خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا انا لك اولياء ومصدقون وصابرون لكل ما اتانا به أبوك وأتانا به وصيه فانا نسلك إن كنا صدقناك إلا الحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر أنفسنا بانا قد طهرنا بولايتك ” . ثم تقول : ” السلام عليك يا سيدة نساء العالمين السلام عليك يا والدة الحجج على الناس اجمعين السلام عليك ايتها المظلومة الممنوعة حقها
ثم قل : ” اللهم صل على امتك وابنه نبيك وزوجة وصى نبيك صلوة تزلفها فوق زلفي عبادك المكرمين من اهل السموات واهل الارضين ” .

الزيارة الخامسة لفاطمة عليه السّلام
السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين الله، السلام عليك يا بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله، السلام عليك يا بنت خير البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير خلقه بعد رسول الله، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة. السلام عليك يا أم المؤمنين، السلام عليك يا أيتها الصّديقة الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك أيتها الصادقة الرشيدة، السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية، السلام عليك أيتها الحوراء الإنسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة، السلام عليك أيتها المعصومة المظلومة، السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة، السلام عليك أيتها المضطهدة المغصوبة، السلام عليك أيتها الغراء الزّهراء، السلام عليك يا فاطمة بنت محمد رسول الله، ورحمة الله وبركاته. صلى الله عليك يا مولاتي وابنة مولاي، وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك مضيت على بينة من ربك، وأن من سرك فقد سر رسول الله، ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن آذاك فقد آذى رسول الله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله، لأنك بضعة منه، وروحه التي بين جنبيه، كما قال عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام. أشهد الله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه، وساخط على من سخطت عليه، ولي لمن والاك، وعدو لمن عاداك، وحرب لمن حاربك، أنا يا مولاتي بك وبأبيك وبعلك والأئمة من ولدك موقن، وبولايتهم مؤمن، وبطاعتهم ملتزم. أشهد أن الدين دينهم، والحكم حكمهم، وأنهم قد بلغوا عن الله عز وجل، ودعوا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا تأخذهم في الله لومة لائم. وصلوات الله عليك وعلى أبيك وبعلك وذريتك الأئمة الطاهرين. اللهم صل على محمد وأهل بيته، وصل على البتول الطاهرة الصّديقة المعصومة، التقية النقية الرضية الزكية الرشيدة، المظلومة المقهورة، المغصوبة حقها، الممنوعة إرثها، المكسورة ضلعها، المظلوم بعلها، المقتول ولدها، فاطمة بنت رسولك، وبضعة لحمه، وصميم قلبه، وفلذة كبده، والنخبة منك له، والتحفة خصصت بها وصيه، وحبيبه المصطفى، وقرينه المرتضى، وسيدة النساء، ومبشرة الأولياء، حليفة الورع والزهد، وتفاحة الفردوس والخلد، التي شرفت مولدها بنساء الجنة، وسللت منها أنوار الأئمة، وأرخيت دونها حجاب النبوة. اللهم صل عليها صلاة تزيد في محلها عندك، وشرفها لديك، ومنزلتها من رضاك، وبلغها منا تحية وسلاماً، وآتنا من لدنك في حبها فضلاً وإحساناً ورحمة وغفراناً، إنك ذو العفو الكريم.

الزيارة السادسة لفاطمة عليه السّلام
السلامُ عليكِ ياسيدةَ نساءِ العالمينَ، السلامُ عليكِ ياوالدةَ الحُجَجِ على الناسِ أجمعينَ، السلامُ عليكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ المَمْنُوعَةُ حَقَّها. السلامُ عليكِ يامُمْتَحَنَةُ، امْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابِرَةً، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ صلواتٍ تُزْلِفُهَا فَوْقَ زُلْفَى عِبادِكَ المُكْرَمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالأرَضِينَ. يا سيّدتَنَا، ومولاتَنَا: إنَّا زعمْنَا أنَّا لكِ أوّلياءٌ، ومصدّقونَ وصابرونَ لكلِّ ما أتانا بهِ [أبوكِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وأتى بهِ] وصيُّهُ، فإنّا نسألُكِ إنْ كُنّا صدّقناكِ إلاّ ألحقْتِنَا بتصديقِنَا لهُمَا، لنبشّرَ أنفُسَنَا بأنَّا قد طهُرْنَا بولايتِكِ.
اللّهُمّ إنّا نستغفرُكَ من كلِّ ذَنْبٍ، ونتوبُ إليكَ من كلِّ خطيئةٍ، فصلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وتفضَّلْ علينَا بفضْلِ سعةِ رحمتِكَ، يا أرحمَ الراحمينَ.

الزيارة السابعة لفاطمة عليه السّلام
السلامُ على ابنةِ نبيِّ الرحمةِ، وحليلةِ المرتضى الحُجَّةِ، ووالدةِ السادةِ الأئمّةِ، السلامُ على البتولةِ الشهيدةِ، السلامُ على الصّديقة الفريدةِ، السلامُ على الدرّةِ الحميدةِ، السلامُ على سيّدةِ نساءِ العالمينَ، ومَنْ فاقَتِ الحورَ العينِ، ومن تشرّفتْ بتولُّدِها من النّبيّ الأمينِ، السلامُ على لؤلؤةِ الأصدافِ، والغُصنِ الأعلى من عبدِ مُنافٍ، ووالدةِ الأئمّةِ الأشرافِ، السلامُ على من صُغّرَ قدرُها، وعُفّي قبرُها، وخُفّي أثرُها، السلامُ على مَنْ طاعتُها مفروضةٌ على العبادِ، ومحبَّتُها نجاةٌ من النارِ ذاتِ الاتّقادِ، وشفاعتُها مقبولةٌ في المعادِ، السلامُ على الحوراءِ الأُنسيّةِ، والتقيّةِ النقيّةِ، والدرّةِ الرضيّةِ، السلامُ على ذاتِ المجدِ الأثيلِ الشامخِ، وربَّةِ الكمالِ الأعظمِ الباذخِ، وحليفةِ العفافِ [الصارحِ] ، السلامُ على فاطمةَ الزّهراء سيّدةِ النساءِ، وزينةِِِ الآخرةِ والأُولى.
السلامُ على بضِعةِ الرسولِ، ووالدةِ السبطِ المقتولِ، بحدِّ القاضبِ المسلولِ، على يَدِ الأعداءِ بالذحولِ، السلامُ على ربَّةِ التقى والعبادةِ، ومركزِ الجودِ والزهادةِ، واُمِّ القادةِ السادةِ، السلامُ على صفوةِ الرحمنِ، وحورِ الزمانِ، ومَن زيَّنَ اللهُ بها الجنانَ، السلامُ على مُنْهَدَّةِ الأركانِ، وصاحبةِ المصائبِ والأحزانِ، وملهوفةِ الجِنانِ على فَقْدِ والدِها حبيبِ الرحمنِ، السلامُ على ذاتِ الحزنِ الطويلِ، والتهجّدِ طولَ الليلِ، والنُسكِ المستطيلِ، السلامُ على خِيرةِ النساءِ، والمجلّلةِ بالكساءِ، ومَن أختارَ اللهُ لها سرعةَ اللقاءِ.
يا سيّدتَنَا، ويا مولاتَنَا، يا كريمةَ الجنابِ، ويا شفيعتَنَا يومَ الحسابِ، أتيتُكِ زائراً، وإليكِ قاصداً، ولِفَضْلِ زيارتِكِ مؤمِّلاً، وعلى جميلِ إحسانِكِ معوِّلاً، فأسألُ اللهَ الكريمَ المنّانَ، ذا الجودِ والإحسانِ، والفضلِ والامتنانِ، بكِ وبأبيكِ علّةِ الوجودِ والإمكانِ، وببَعْلِكِ وَوُلْدِكِ الأئمّةِ الأعيانِ، ألاّ يرجعَني عن قضاءِ حوائجي خائباً، ولا بالخسرانِ آيباً، وقد جئتُكِ لمعروفِكِ طالباً، فإنّي مولاكِ موالٍ لأوليائِكِ، فيا عظيمةً عندَ اللهِ، فاشفعي لنا عندَ اللهِ في قضاءِ الحاجاتِ، وإعطاءِ السُؤَالاتِ، ونجاحِ الطلباتِ، وإحرازِ العيونِ، وقضاءِ الديونِ، وغُفرانِ الذنوب، وسَتْرِ العُيوبِ، اللهمَّ وأشركْ في دعائِنا إخوانَنَا المؤمنينَ والمؤمناتِ، والمسلمينَ والمسلماتِ، وافتَحِ اللهمَّ لنا ولَهُم منْكَ فتْحاً قريباً، وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ، وسلّمْ عليهِمْ مِنْكَ تسليماً، وأبلِغْهُمْ منْكَ عنّا السلامَ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ.

الصلاة بعد الزيارة
ثم تصلّي صلاة الزيارة، وإنْ استطعت أن تصلّي صلاتها ـ عليها السلامُ ـ فافعل، وهي: ركعتان، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، وستّين مرّة {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وإن لم تستطع فصلِّ ركعتين بالحمد وسورة الإخلاص، والحمد و{قُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ}،

الدعاء بعد صلاة الزيارة
ثم تدعو بعد صلاة الزيارة بهذا الدعاء :
” اللهم انى اتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وآله ، وباهل بيته صلواتك عليهم ، واسئلك بحقك العظيم الذي لا يعلم كنهه سواك ، واسئلك بحق من حقه عندك عظيم ، وباسمائك الحسنى التي امرتني ان ادعوك بها ، واسئلك باسمك الاعظم الذي امرت به إبراهيم عليه السلام ، أن يدعو به الطير فأجابته ، وباسمك العظيم الذي قلت للنار كوني بردا وسلاما على ابراهيم ، فكانت بردا وسلاما ، وباحب الاسماء اليك واشرفها واعظمها لديك ، واسرعها اجابة وانجحها طلبة ، وبما أنت اهله ومستحقة ومستوجبة ، واتوسل اليك وارغب اليك واتضرع والح عليك ، واسئلك بكتبك التي انزلتها على انبياءك ورسلك صلواتك عليهم ، من التورية والانجيل والزبور والقرآن العظيم ، فان فيها اسمك الاعظم ، وبما فيها من اسماءك العظمى ، ان تصلى على محمد وآل محمد ، وان تفرج عن آل محمد وشيعتهم ومحبيهم وعني ، وتفتح ابواب اسماء لدعائي ، وترفعه في عليين ، وتأذن لي في هذا اليوم وفي هذه الساعة بفرجي واعطاء املي وسؤلي في الدنيا والآخرة ، يا من لا يعلم احد كيف هو وقدرته إلا هو ، يا من سد الهواء بالسماء ، وكبس الارض على الماء ، واختار لنفسه احسن الاسماء ، يا من سمى نفسه بالاسم الذي تقضى به حاجة من يدعوه ، اسئلك بحق ذلك الاسم ، فلا شفيع اقوى لي منه ، ان تصلي على محمد وآل محمد ، وان تقضى لي حوائجي ، وتسمع بمحمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي وعلي بن محمد ، والحسن بن علي والحجة المنتظر لاذنك ، صلواتك وسلامك ورحمتك وبركاتك عليهم صوتي ليشفعوا لي اليك ، وتشفعهم في ، ولا تردني خائبا ، بحق لا اله إلا أنت ” . ثم تسأل حوائجك فانها تقضى إن شاء الله تعالى .