2- ان رواية (…على معرفتها دارت القرون الأولى …) (2)
بخصوص الزهراء سلام الله عليها والمعرفة هنا قد تتنوع تفسيراتها سنتناولها بما ينفع البحث من ثلاثة اتجاهات (3)
الاتجاه الأول – المعرفة الفطرية لكل فرد لم تتلوث فطرته
الاتجاه الثاني -الإقرار بولايتها وهذا الامر يخص الأنبياء والمصلحين في تلك العصور والى عصرنا الحالي
الاتجاه الثالث -ان كلمت (دارت) يفسرها بعض المفسرين انه دوران حول الشي أي حارت تلك الأمم في السيدة الزهراء عليها السلام وله نظير في اللغة العربية كما روي في موضع اخر (ان الخلق فطموا عن معرفتها)
وحتى نصل الى خلاصة في فهم هذه الروايات لابد ان نستدرك القيمة التربوية للسيدة الزهراء عليها السلام
ودورها الصلاحي على طول خط البشرية فلابد ان يكون انعكاس لهذا الدور في ثقافات تلك الشعوب ومعتقداتهم
يمثل خطوات البشرية الأولى على مسير معرفتهم للسيدة الزهراء عليها السلام بما يتناسب ودورها وتكليفها
اتجاه الإنسانية وليس معرفتها الذاتية او مقاماتها المعنوية وتلك الروايات تبين
ان البشرية متخلفة بشكل كبير عما أراده الله جل جلاله لها من تكامل وسمو من خلال
إعطاء المكانة الحقيقة للسيدة الزهراء سلام الله عليها
اما المصلحين من الأنبياء والمرسلين حيث انهم
كانوا ممهدين من خلال تربيتهم لمجتمعاتهم على مكانة الزهراء عليها السلام
فلابد ان تكون البشرية سارت بطريق معرفتها وان كان بفهم متدني
سواءً أكان على المستوى الخاص أي هم يعرفون مكانة الزهراء عليها السلام ويُرّبون على هذه المكانة
سواءً صرحوا باسمها ام لم يصرحوا وبما يتناسب مع فهم مجتمعاتهم
او على المستوى العام بمعنى تربية المجتمعات لإعطاء القيمة الحقيقية للمرأة الكاملة وبما يتناسب مع فهم مجتمعاتهم
واستجابت تلك المجتمعات ومقدار تأثرها بالمنهج التربوي للمصلحين اكيد لم تكن كاملة ومعمقة
وانما كانت متدنية وتتناسب مع مقدار فهمها قصورا او تقصيرا
فللسيدة الزهراء عليها السلام مكانه مركزية على طول خط الإنسانية
ومدخل تلك المكانة هو إعطاء القيمة الحقيقية والإنسانية للمرأة في المجتمع كمدخل مهم حتى تتفاعل البشرية
مع سيدة نساء العالمين عليها السلام
نحاول ان نلتمسه من خلال مناقشتنا التالية:
لابد ان نحدد عدة تأثيرات رئيسية في تبلور نظرة الشعوب القديمة للمرأة الكاملة منها:
1- العقل الباطن من حيث كون الانسان تواق للمرأة الكاملة ولكن بما يتناسب مع فهمه فيحب أجمل النساء مثلا او اقوى النساء او اكثرهن حنانا فكل هذا النزوع الفطري يتجه الى صفات يقدرها هذا الفرد كصفات كمال ويتمنى ان يرها في أمرأه ما كأمه او زوجته او ابنته وهذا او
2- التأثير الخارجي: المصلحين من الأنبياء والرسل وتربيتهم المركزة للمجتمعات البشرية المعاصرة لهم
لتحرير الانسان من قيود الشهوات
وتأخذ بيده في سلم الكمال المنشود (العبادة الكاملة) وبما يتضمنه من تربية الإنسانية وتهيئته لمن سياتي بعده من المصلحين المعصومين وصولا للسيدة الزهراء عليها السلام
بناءً على ما تقدم فمكانة المرأة في الحضارات الإنسانية هو فهم تلك الحضارات للمرأة الكاملة
الواقعية الذي هو فهم تلك الحضارات للسيدة الزهراء عليها السلام.
المرأة كان لها عدة صور في تلك الحضارات منها: –
1- ديانة الام الكبرى (4)
وحتى لا نغرق بالاصطلاحات فتحديد مفهوم الدين وفصله عن التقديس والاحترام الغرائزي
امر عسير للباحثين في الحضارات القديمة فتوجه تلك الحضارات انما هو للمرأة الكاملة الواقعية ولكن بفهمهم لها وتسميتهم لها وبما احصوه من خصائصها بأسلوبهم الفطري والغرائزي فسموها بالأم لترسخ تلك الخصيصة في نظرتهم للمرأة فهم لا يروها الا بصورة الام ولا يفهمون او يقيمون وجود اخر لها فكان توجههم لها بهذا الوصف
اما كون ذلك تدين منحرف عن عبادة الله جل جلاله فهو امر ليس محل بحثه هنا وانما تحليل ذلك السلوك الإنساني
وليس تقييمه
2- الالهة المرأة (5)
ان أسماء النساء للإلهة في الحضارات القديمة لا يخلو من منشأين اما نساء لهن مكانة في تلك الحضارات
تم تخليدهن بالتماثيل وانسحب احترامهن الى العبادة والتوجه الوثني او تم تجسيد للمرأة في فهم تلك الشعوب
على تلك الصور والتماثيل وكان عنصر الجسد ووغيرها من المنظور لتلك الصور هو فهم تلك الشعوب للكمال بصفته الجمال والفائدة فالغالب لنظرتهم للمرأة الكاملة هي الاكثر نفعا جنسيا والأكثر جمال شكلا فانعكس ذلك على تماثيلهم وصور الالهة التي جسدتها حضاراتهم
3- الملكة المرأة (6)
اتخذت الحضارة الفرعونية للمرأة ملكة، فهو نظرة تلك الحضارة الى كمال المرأة من خلال تدبيرها وقيامها على العناية بالأخرين وأعني به حسن التدبير كصفه غلبت على نظرتهم للمرأة الكاملة وبالتالي
أصبحت تلك الشعوب تحت سلطة النساء ولفترة من الزمن
4- النظرة الشيطانية للمرأة (7)
النظرة الشيطانية كما في الحضارة الاغريقية انما هو انعكاس لشعور تلك الحضارات بمكانة المرأة الروحية ولكن وصفها السلبي بالشيطانية للمرأة هو الخوف من تلك المكانة وهيمنتها على تلك الشعوب
5- النظرة الجنسية للمرأة (8)
هو الاهتمام بجانب النفع الشخصي من المرأة واعتبار هذا اهم جانب في المرأة يؤشر على قيمتها وكمالها
6- الطبيعة الأم (9)
اصطلاح انتشر بين اغلب المفكرين الالحاديين يفسرون به كل القوى الكونية بعيدا عن المسبب الذي هو الله جل جلاله ومؤشر تأنيث القوى المهيمنة على الكون وان ادعوا بانها بلا عقل فإنما هو مؤشر لان التأنيث أصبح قرين للتدبير الكوني في وعي هؤلاء المفكرين وهم ناتج من مكانة المرأة في وعيهم لان التأنيث اعلى مصاديقه المحيطة بالإنسان هو المرأة
فهم يؤشرون باصطلاحهم هذا للمرأة الكاملة ويرون في المرأة ولاية تكوينية بالاصطلاح الديني
7- حركة حقوق المرأة (10)، شعور بتضييع البشرية لقيمة المرأة الكاملة ومحاولة إعطائها مكانتها الواقعية ولكن بفهم متدني يؤشر لنظرة تلك الشعوب حق المرأة الكاملة ولابد من إعطائه لها بغض النظر عن ماهية تلك الحقوق
ومما سبق نفهم ان تلك نزوع تلك الشعوب الى القوى او الجمال او غيرها من الصفات في المرأة هو مقدار معرفة تلك الشعوب للمرأة الكاملة الواقعية ومصداقها الوحيد هو السيدة الزهراء عليها السلام
نعم هو فهم متدني ومعرفة بعيدة عن قيمة شخصية الزهراء سلام الله عليها ولكنه تاريخ مسير الإنسانية على طريق معرفتها وهو متخلف أكيدا
ولكن فهم هذا التاريخ الإنساني على هكذا اطرحوه مهم من عدت جوانب منها:
1- ان المنهج الإصلاحي لكل المصلحين له تأثير في الواقع الإنساني ولمختلف الأجيال
2- لابد من العقل الديني ان يستقرأ هذا التاريخ الإنساني ويبني على جوانبه الإيجابية
3- ان الانسان في مسير تكاملي من اول الخليقة والى الان وهو يتطور بالرغم من اخفاقاته الكثيرة
4- ان اهل البيت عليهم السلام ليسوا فقط لنا او للمستقبل بل انهم للبشرية منذ فجر وجودها يأخذون بأيديها الى الهداية والتكامل لا يكلون وليملون برغم من كثرة الانحرافات كالأب والام مع صغيرهما
لابد فالخاتمة استعراض جانب من أرقي المناهج في تربية المجتمع على مكانة المرأة الواقعية (السيدة فاطمة الزهراء)
حركة ال الصدر كمدرسة تربوية تعمل على تعميق فهم مكانة المرأة الكاملة الواقعية واعطائها مكانتها الانسانية الصحيحة لإعادة البشرية الى مسارها الصحيح وما مؤتمر السيدة الزهراء عليها السلام للوحدة الإسلامية الا خطوة وعنوان يؤشر الى مدخل واقعي وصحيح لإعطاء المرأة الواقعية مكانتها في المجتمع الإنساني وهي سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء عليها السلام فأطروحة المؤتمر هي الوحدة الإنسانية
بين مختلف الأفكار والأديان والقوميات، ليس بالإلغاء الفروقات بينها وانما باحترام الانسان لأخيه الانسان لان ذلك يقلل من النزاع الوهمي على الاختلافات وبتالي نتحول للبناء على المشتركات يعيد الانسان الى فطرته ويكون قادر على التفاعل الكامل مع المصلحين وهو السبيل الإنساني الاكمل الذي يعيد البشرية لمسارها الصحيح اتجاه المرأة الكاملة الواقعية (السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام) لان الفطرة والتربية للمصلحين تستهدف هذا الامر كما قلنا سابقا
حتى يكون في مستقبل البشرية ظهور قبر الزهراء عليها السلام مؤشر على تصحيح المسار الإنساني
………………………………………
(1) ما رواه الشيخ الصدوق بسنده عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أخبرني عن قول رسول الله (ص) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين، أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال: «ذاك لمريم، كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين». (معاني الأخبار ص107 ح1)
(2) البحار على سبيل المثال، فقد ورد بسنده عن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: إن الله تبارك وتعالى أمهر فاطمة(ع) ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار، تدخل أعداءها النار، وتدخل أولياءها الجنة، وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى.
(3) مقالة من موقع الشيخ محمد عبدان القطيفي
(4) (5) مقالة بعنوان سلسة الالهة الام الكبرى. الجزء الاول: عبادة الام من أقدم العبادات في معظم الحضارات /موقع الباحثون السوريون
(5) (6)(7)(8)(9) نظرة المجتمعات للمرأة في الحضارات المختلفة. ويكبديا
(10) حقوق المرأة. ويكبيديا