الزهراء (ع) منهجا”وسلوكا”لتحقيق هوية المرأة المسلمة في ظل تحديات العولمة المدرس ايمان نعيم العفراوي الجزء الثاني
” الزهراء (عليها السلام) منهجا” وسلوكا” لتحقيق هوية المرأة المسلمة “
في ظل تحديات العولمة
المدرس /ايمان نعيم العفراوي
جامعة البصرة/ كلية التربية للعلوم الأنسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية
المحورالثاني: الزهراء(عليهاالسلام) المنهج التنظيمي لهوية المرأة المسلمة مما لاشك فيه ان الزهراء(عليها السلام) لم تكن امراة عادية بل كانت امراة روحانية ومن أجل أن تنهض بدورها الرسالي العظيم، ليبدأ بها وبعلي خطّ الإمامة المبارك، وبناءً على إعداد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها وإشرافه على توجيهها وفقاً لما تقتضيه إرادة الله تعالى صارت (عليها السلام) في مبادئها وأخلاقها كما لو كانت رسالة الله تمشي على الأرض، فهي الطريق والمنهج الحسن للنساء كونها تجسيد حي وعملي لكلّ ما يريده الله تعالى؛كانت المثل الاعلى في العلم والثقافة،استطاعت ان تثبت في تاريخ الاسلام ان العلم يجتمع مع الدين وان الثقافة توأم مع الايمان بالله والتمسك بالحجاب (العطار،2012،ص214). ومن أجل ذلك احتلّت أرفع موقع في دنيا النساء من لدن حواء حتى قيام الساعة فهي سيدة لنساء العالمين على الإطلاق، والله يرضى لرضاها ويسخط لسخطها،وهي المطهّرة من كلّ رجس،فرسول الله (صلى الله عليه واله) أُريد له أن يبقى ويستمر من خلال ذريّته من الزهراء(عليها السلام) ، وهي قضية تعبر في الواقع عن أن هذه المرأة في قيمتها الإنسانية قيمة كاملة، يمكن أن تتحول إلى وجود يستمر به أقدس الأشياء في هذه الحياة الإنسانية، وهي خط النبوة والإمامة في الحركة الاجتماعية التكاملية.فرسول الله (صلى الله عليه واله) عندما يقول: “فاطمة سيدة نساء العالمين”، وأن الله تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها(الكعبي،2000،ص89). قد اريد لهذا التأكيد على شخصية الزهراء (عليها السلام) ، على أن النظرة الجاهلية بكل أشكالها قبل الإسلام، كانت تعتبر المرأة ناقصة في الهوية والكمال، وتعيش في ظل الرجل، وتابعة في الهوية الشخصية له فالإسلام أراد أن يوضح أن المرأة في إنسانيتها كاملة، كما أن الرجل كامل في هذه الإنسانية،، اي إن المرأة مساوية للرجل في هذه الهوية.ولايوجد ما يعيق حركتها الإنسانية التكاملية. الا ان المؤسف اننا نجد المرأة اليوم تعيش أزمة هوية،تمثلت في درجة القلق والأضطراب المختلط المرتبطة بمحاولة المرأة تحديد معنى لوجودها في الحياة في ظل مانشهده اليوم من انحلال للقيم المألوفة (كاظم،2002،ص15). وبسبب مغريات العولمة تثار لدينا اليوم بعض التساؤلات:هل نلمس في ثقافة المرأة المسلمة اليوم شيئا من قيم واعراف الزهراء ، هل نلمس في أنماط سلوكها شيئا من سلوك الزهراء ؟ لاشك ان هناك طائفة من النساء استجابت وبقوة للمفاهيم الغربية الوافدة، بخيرها وشرها، واعتبرتها المدخل الرئيس للتقدم والتحرر،فبعض النساء تنكرت كلّ التنكر للإسلام وثقافته وأعرافه وكل توجيهاته واتجهن إلى الثقافة الوافدة على مجتمعاتنا الإسلامية والقيم والاعراف والسلوكيات الدخيلة،هذا النمط من النساء مثل حالات ،التغريب الثقافي والاخلاقي ، مما ادى الى مصادرة هويتهن وانتمائهن وأصالتهن الاسلامية ،وقد استند هذا الاتجاه على مجموعة أدوات وأساليب للعبث بثقافة المرأة وقيمها وأعرافها وأنماط سلوكها الأصيلة، وتحت شعارات خادعة وكاذبة تزعم أنها تدافع عن حقوق المرأة وكرامتها، وتزعم أنها تريد النهوض بها، وإنقاذها من واقع التخلف والجهل، ومن واقع الظلم والاستعباد. ومن المعلوم:ان هذا التوجه التغريبي روجت له سياسات الأنظمة الحاكمة ، والتي لا تريد للإسلام المحمدي الاصيل أن يكون حاضرا في حياة الشعوب المسلمة، لاشك أن هذه الأنظمة تنتمي إلى الإسلام، وأن الشريعة تشكل مصدرا من مصادر التشريع عندها، إلا أن واقع هذه الأنظمة يبرهن عكس ذلك،فأن سياسات الأنظمة الحاكمة مارست دورا كبير في الترويج لثقافة التغريب، وقيمه وأعرافه من خلال ادوات واساليب مختلفة كذلك دور الجمعيات النسائية التي تنتهج النهج التغريبي في الترويج لثقافة التغريب، مما أنتج أعدادا كبيرة من نساء متغربات ثقافيا وأخلاقيا. وطبيعيا، أن هكذا نمط من النساء لا يشكل الدين، ولا لنماذجه حضورا في قيمهن وأعرافهن، ولا في أنماط سلوكهن، ومن الطبيعي أيضا أن لا يكون للزهراء أي حضور في واقع هذا النمط من النساء قيماً وأعرافاً وسلوكاً . وهناك طائفة من النساء تنتمي إلى الدين وهي الغالبية من نساء المسلمين ، إلا انه مع الأسف لا نجد للزهراء حضورا يذكر لديها ولعل هذا ناتج عن سياسة التعتيم والإقصاء لمنهج هذه السيدة عليها السلام من قبل سياسة التعتيم والإقصاء التي تمارسها أنظم حكم وعلماء متعصبون ومؤسسات متطرفة، مما شكل غيابا واضحا لثقافة هذه المرأة في واقع مساحة كبيرة جدا من أبناء المسلمين. وبالمقابل هناك مجموعة من النساء أبدىت ممانعة شديدة لكل المفاهيم الوافدة بخيرها وشرها، ففي إيران مثلا”استطاعت المرأة أن تقدم نموذجاً جديداً عن المرأة المسلمة. نموذجاً يستمد أفكاره ومفاهيمه وحركته في الحياة من منظومة عقائدية واضحة ومن النموذج الأسوة لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام). نموذجاً يمتلك الوعي الديني والثبات العقائدي ومنفتح على الحضارة الإنسانية وعلومها في آن واحد لم تتنكر لدورها الأنثوي داخل الأسرة ولم تهمل دورها الإنساني كخليفة لله على وجه الأرض مسؤولة جنباً إلى جنب مع الرجل عن تنمية مجتمعها وصونه، آخذة بقوله تعالى:”وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “( التوبة:٧١). ممايعني ذلك على أن اصالة الهوية الاسلامية كامنة في وجدان هذه المراة ،حتى استطاعت ان تحول تأثير العولمة بكل اشكالها من السلب إلى الإيجاب. وايأ يكن الأمر فأن مجالات تحقيق الهوية الإسلامية لدى المرأة لا تقتصر على تحقيق جانب من جوانب حياتها وترك الجوانب الأخرى ، فالهوية الإسلامية تمتاز بخاصية الشمول أي أنها جاءت لتصبغ حياة المرأة بصبغة الإسلام في جميع أمورها ، قال تعالى : } صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ { (البقرة:138). فالزهراء(عليهاالسلام ) حققت شمولية الهوية وجعلت دعوتها تسير بخطى منتظمة ،فعلى صعيد الهوية الفردية :حافظت الزهراء عليها السلام على شخصيتها المستقلة وأحاطتها بالرعاية وعملت على حفظ وظائفها الجسمية والعقلية والروحية والنفسية واستطاعت أن تكون المرأة المتوازنة روحياً ومادياً حتى أصبحت عنصراً إيجابياً في المجتمع فكانت تدرك جيدااًن الهوية الاسلامية تصوغ نفوساً قوية مطمئنة وتسهم في البناءالذاتي للمرأة في شتى المجالات، فالله تبارك وتعالى أراد للمرأة أن تقوم بواجبات ومسؤوليات كثيرة، وأعطاها حقوقاً في هذه الحياة من أجل أن توصل مسيرتها إلى الله سبحانه وتعالى: {يا أيّها الإنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه}(الانشقاق: 6 ). فلابد للمرأة اليوم ان تعيش معطيات الهوية الاسلامية وتبحث عن القدوة والأسوة الصالحة لها،ومتى ما حكمت وعيها سترى أن الزهراء(عليهاالسلام)هي قدوتهاالمفترضة،فعلو همتها وشهامتها الفذة وسمو فكرها ونبل سجاياها كل ذلك يجعل منها اطارا تنظيميا لهوية المرأة المعاصرة،ويمكنها من الوصول الى الرقي في كل الميادين من دون ان تتنازل عن قيمها الاسلامية . وعلى المرأةأن تدرك ،ان الحضارة الغربية قد حققت النجاحات في بعض الميادين،لكنها أثبتت فشلها الذريع في تلبية حاجات المرأة لحياة كريمة حرة،فأوجدت الشخصية اللامنتمية التي تنصب إهتماماتها جميعاً على الذات ومصالحها وملذاتها،فأمست تعاني من الفراغ العقلي وفقدان الهدفية في الحياة،الامرالذي يسهم في تكوين هوية سلبية. امافي المجال الأسري والتربوي: فقد جسدت (عليها السلام) التوافق الزواجي وحسن تبعلها للامام علي عليه السلام ، حين قال لها ابوها:عليك بما في الدار وعلى علي ما هو خارج الدار. لاشك ان الزواج يعد من اهم ركائز الصحة النفسية للزوجين لانه يشبع العديد من الدوافع لتأكيد الذات والهوية (محمود،2006،ص8). ونحن نقرأ في التاريخ الإسلامي أن علياً والزهراء عليهما السلام تقاضيا عند النبي(صلى الله عليه واله) في عمل البيت، فجعل مهمة الزهراء (عليها لسلام ) أن تطحن وتعجن وتخبز، وجعل لعلي(عليه السلام) مهمة أن يستقي ويحتطب.كذلك عندماطلب علي عليه السلام منهاطعاماً قالت: منذ يومين لايوجد عندنا طعام ! فقال لها: ولم لم تخبريني ؟ قالت : اني لاستحي من الله ان اكلفك مالا تقدر عليه( المجلسي، 1983، ص30 ). فهي لم تخالفه منذ ان عاشرته،ففي وصيتها للامام علي عليه السلام قالت:( ياابن عم ماعهدتني كاذبه ولاخائنه ،ولا خالفتك منذ عاشرتني)( الشيرازي ،2008 ، ص38 ) . فقال عليه السلام لها:( معاذ الله انت اعلم بالله ، وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله من ان اوبخك بمخالفتي )(الاميني،2003،ص64)( الشيرازي ، 2008، ص35). ممايعني انها(عليها السلام) لها قوة روحية هائلة استطاعت ان تشيع الانسجام والتوافق الزواجي داخل بيتها، رغم بساطة الحياة ،فلم يكن عيشها المتواضع ناتجاً عن الفقر والعوز، بل كان نابعاَ من الغنى الروحي والاكتفاء الذاتي. اضافة الى دورها الرئيسي في تربية أبنائها،فهي الزوجة والأم التي مثلت الركن الرئيس في الأسرة- التي تعد النواة الأولى في تشكيل الهوية المسلمة لدى الطفل- وعلى عاتقها يقع العبء الأكبر والمسؤولية العظمى, فالزهراء أنشئت ابنائها منذ نعومة أظفارهم على الشخصية الإسلامية الأصلية ,وغرست في عقولهم وقلوبهم معالم تلك الهوية – التي أصبحت في واقعنا اليوم- مستترة خلف حجب كثيفة تحيكها تيارات الباطل والفساد، فالهوية الاسلامية لاتتحقق الا من خلال ربطها بسيرة أهل البيت (عليهم السلام). ولعل السر في التركيز على شخصية الزهراء(عليها السلام) ودورها في الأسرة،انها تمسكت هويتها كأنسانه وحملت هذه الهوية إلى لأبنائها، قال تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَـا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ { (التحريم:6) وأمرتهم بالصلاة والزكاة ، قـال تعالى : } وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا { (طـه:132). فكانت تربي أبنائها التربية الروحية التي قوامها الزهد في متاع الحياة الدنيا والترغيب في ثواب الآخرة والإعداد للجهاد في سبيل الله طلباً للشهادة ، وكانت تشجعهم على صيام التطوع وقيام الليل وترويض النفس على قيامه ؛ لأنه يساعد على تهذيب النفوس وتنقيتها من شوائب الجاهلية وسمومها ، قال تعالى : } إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً { (المزمل:6) ، فكان الأمامان الحسن والحسين عليهما السلام راهبا بالليل فارسا بالنهار ، قال تعالى:} كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {(الذريات: 17-18). كماأوصتهم بالجلسات مع القرآن الكريم حفظاً وقراءة وخاصة بعد صلاة الفجر بتدبر وخشوع ، قال تعالى : } إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً { (الإسراء: 78) ، وأمرتهم بقراءة الأدعية المأثورة لأن الدعاء هو العبادة ، قال تعالـى : } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبـَادِي عَنّـِي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ { (البقرة:186). وفي هذا تجسدت هويتها في تربيتها للامام الحسين(عليه السلام) عندما وقف موقفاً بطولياً عند مصيبته،حين قال:(الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني،والحمد لله الذي لو شاء أن يجعل مصيبتي أعظم مما كانت ،والحمد لله على الامر الذي شاء أن يكون فكان)(الكليني،1968). كذلك ربت أولادها على مراعاة حقوق الأقارب والجيران ، حيث يروي عن الامام الحسن (عليه السلام ) انه قال: ( رأيت أمي فاطمة ليلة ألجمعة وقد وقفت للعبادة ومازالت بين راكعة وساجدة وقائمه وقاعدة ،حتى أسفر الصبح وهي تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، تسميهم باسمائهم قال الإمام عليه السلام : يا أماه ، لماذا لم تدعي لنفسك ، وانما دعوت لسائر المؤمنين ؟ قالت: يابني الجار ثم الجار )( المدرسي ،2004، ص81 ) . فلابد من تأصيل المفاهيم الإسلامية في نفس كل مسلم منذ النشأة الأولى ومنذ البدء في دخول مرحلة التعليم والثقافة حتى تأتي تصرفاته صحيحة , فإن الثقافة والقيم الإسلامية هي تلك التي تحمي الإنسان وتقيه الانحراف والانحلال وتجعله يقف في مواجهة هذه التيارات دون أن تهتز عقيدته أو يتخلى عن هويته الإسلامية . أمافي الجانب الاجتماعي، فقامت عليهاالسلام بدور تربوي يهدف إلى تعريف المرأة بحقائق الهوية الدينية والفكرية ورفع الجهل عنها عن طريق التعريف بالأحكام الشرعية والفقه المتعلق بالنساء وتلاوة القرآن الكريم من خلال عقد المجالس النسائية ، والتركيز على تعليمها الآداب الإسلامية وكيفية معاشرة زوجها ،وحديثها مع الرجل الأجنبي فلا مانع من ذلك ولكن:(فلاتخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)،وهذه كانت سيرة الزهراء سلام الله عليها في حديثها مع الرجال لا سيما وأن الإمام علي(عليه السلام) كما يقال كان يطوف بها على جموع الرجال من المهاجرين والأنصار، وكذلك كانت سيرة النبي(صلى الله عليه واله) مع النساء وسيرة النساء مع النبي (فضل الله،2002، ص13). كذلك أكدت الزهراء عليها السلام على المرأة ان ترتدي اللباس الشرعي ، قال تعالى : ] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [ (الأحزاب:59)،مع اننا نرى :إن ما يطبع حياة المرأة المسلمة اليوم هو تتبع نهايات الموضة في اللباس والزينة والتبرج وغيرها دون الوقوف عند الأحكام الشرعية ومقاصدها،حيث باتت تنافس الغربيات في ذلك (لحام،2002،ص120). فما نشهده اليوم انحلال للقيم الأجتماعية،من مظاهره أزمة الهوية لدى المرأة في عدم اهتمامها بالسلوك الإسلامي حيث اصبحت تطفو على السطح تقليعات نسائية لافتة تتمثل في الأزياء الضيقة والأثواب المطرزة ولبس البناطيل والسلاسل والتمسك بالعادات الغريبة ،ضنا منها ان ذلك رمزا لأثارة الرجل. مع أننا نرى ان الدوافع التي جعلت الدين الإسلامي يشرع الحجاب للمرأة، هي أن المرأة اعتبرت في وجدان الرجل، رمزا للإثارة،ولهذا نجد قديما وحديثا،أن كل عناصر الزينة ووسائل التجميل والإثارة، تخطط للمرأة،أما الرجل، فإنه يأخذ بأسباب الزينة بشكل عادي جداً، مع ان الإسلام أراد حماية المجتمع من الانحرافات الاخلاقية للرجل والمرأة معاً . لهذا كانت الزهراء عليها السلام تحارب تلك السلوكيات مستهدفة بذلك بيان طرق بناءالهوية الأسلامية لدى المرأة ، فاشركت النساء في عملية البناء الاجتماعي والمساهمة في البذل والعطاء وسد حاجة المحتاجين والمعوزين في المجتمع وليسود التعاون والتفاهـم والتناصـر والتكافـل ، قـال تعالـى : } وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ { (المائدة: 2). وهكذا جسدت هويتها بكل الأبعاد، فعززت المنهج المؤدي إلى العزة والكرامة،حين عمدت إلى تأسيس نواة اجتماعية تتربى على قيم جديدة نابعة من الهوية الإسلامية وتقطع صلتها بكل أنواع الفساد والانحراف، فأستطاعت إحياء السنة النبوية المطهرة في حياة المراة وجعلتها تتمسك بما كانت عليه النساء الصالحات من العقيدة والترابط ونقاء القلب وحسن الصلة بالله ، قال تعالى : } قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ <span style=”font-family: ‘AGA Arabesque’; mso-ascii-font-family: ‘Times New Roman’; mso-hansi-font-family |
|