مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
سيرة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)منذ الولادة حتى وفاة الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) دراسة تاريخية م.م. سندس بندر خزعل مركز دراسات البصرة والخليج العربي- قسم الدراسات التاريخية
+ = -

     الزهراء هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمها هي السيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) . ولدت من أكرم أبوين عرفهما التاريخ البشري ، ولم يكن لأحد في تاريخ الانسانية ما لأبيها من الآثار التي غيرت وجه التاريخ . ولم يحدّث  التاريخ عن أم كأمها التي وهبت كل ما لديها لزوجها العظيم ومبدئه ورسالته الحكيمة وفي ظل هذين الأبوين العظيمين درجت فاطمة الزهراء (ع) ونشأت في دار يغمرها حنان أبيها الذي حمل عبء النبوة وتحمل في سبيلها ما تنوء به الجبال .

ولادة السيدة الزهراء (عليها السلام)

     لما تزوجت السيدة خديجة بنت خويلد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هجرها نسوة مكة وكن لا يكلمنها ولا حتى يدخلن عليها، فلما حملت بالزهراء فاطمة ( عليها السلام) كانت تتحدث معها وقد دخل عليها الرسول (ص) مرة, فسمعها تحدثها, فقال لها: يا خديجة من تكلمين، قالت يا رسول الله ان الجنين الذي انا حامل فيه اذا خلوت به في منزلي كلمني وحدثني من ظلمة الاحشاء فتبسم رسول الله (ص) وقال :(( يا خديجة ان جبرئيل( عليه السلام) يخبرني انها أبنتي وانها النسمة الطاهرة المطهرة وان الله تعالى امرني ان اسميها (فاطمة) وسيجعل الله تعالى من ذريتها أئمة يهتدي بهم المؤمنون )).

     اختلف المؤرخون في تاريخ ولادتها (عليها السلام) الا ان المشهور بين المؤرخين أن ولادتها كانت يوم الجمعة في العشرين من شهر جمادى الآخرة في السنة الخامسة من البعثة النبوية . بينما قال غيرهم : انها ولدت قبل البعثة بخمس سنين . الا أن العديد من الروايات اشارت الى صحة الرأي الاول, اذ روى أبو بصير عن الأمام جعفر الصادق بن  محمد (عليهما السلام) قال (( ولدت فاطمة الصديقة في جمادى الآخرة يوم العشرين سنة خمس واربعين من مولد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فأقامت في مكة ثمان سنين وبالمدينة المنورة عشر سنين )).

اسماؤها والقابها :

 لقبت السيدة فاطمة (عليها السلام) بالعديد من الالقاب, منها:-

   1ــــــــ سميت بفاطمة وذلك عن حديث للرسول (ص) قال: وعن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال : إبنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وانما سمّاها فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار.

2 ــــــ ولقبت بالكوثر وقد وصفها القرآن الكريم بالكوثر بأعتبار ان النبي (ص) قد انقطع نسله الا منها. فهي أم الأئمة الاطهار وأم الذرية الطاهرة لرسول الله (ص)، التي دافعت عن رسالة محمد (ص) وتحملت اعباء الوقوف امام الظالمين والمنحرفين عنها .

3ـــــــ الصديقة لأنها كانت كثيرة التصديق وقد كانت سلام الله عليها مصدقة لأبيها صادقة في أقوالها صدوقة في أفعالها ووفائها، فهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون كما ورد عن حفيدها الصادق (عليه السلام).

4 ــــــ المباركة : بأعتبار الخير الكثير الذي يأتي من قبلها .    

5 ـــــــ لقبت بالطاهرة لطهارتها من كل دنس وكل رفث، وكما قال الرسول (ص) ان فاطمة حوراء أنسية ، كلما اشتقت الى الجنة قبلتها . وكانت سلام الله عليها راضية بما قدر لها من مرارة الدنيا ومشاقها ومصائبها وثوابها ، مرضية عند ربها فهي ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه .

 6 ــــــ أم أبيها، فقد كناها رسول الله (ص) بتلك الكنية تعظيماً لشأنها ، اذ لم يكن أحد يوازيها في محبته لها ورفعة مكانتها لدى الرسول الكريم (ص).

7 ــــــ أم الائمة، وقد كنيت بأم الأئمة إذ اخبر الرسول الكريم(ص) ان الأئمة هم ولدها وأن المهدي من نسلها .

     وعندما نطالع الفترة التي ولدت فيها الزهراء (عليها السلام) نجد ان المجتمع في الجزيرة آنذاك عاش احداثاً خطيرة وصراعات وأوضاعاً متأزمة، فالدعوة الاسلامية التي جاء بها النبي الأكرم(ص) جعلت المجتمع على مفترق طرق، فمن الناحية الاقتصادية كان المجتمع فقيراً بحكم طبيعته مقتصراً على حركة اقتصادية ضعيفة جداً, إذ كان يعتمد فقط على تجارة محدودة مع بلاد اليمن وبلاد الشام .

     ومن الناحية الاجتماعية, فقد كانت تسوده الديانة الكافرة المتمثلة بالشرك وتقاليد بالية والعنصرية القبلية وتطغى عليه الحروب والغارات التي تشنها القبائل بعضها على بعض لأسباب قد لا تكون معقولة ابداً. وكانت ظاهرة وأد البنات من أقسى ظواهره المتخلفة .

     في هذه الفترة بُعث الرسول الكريم (ص) وعمره أربعون عاماً، فأنطلق ليقف وحده بوجه الكفر العالمي وعبادة الاصنام والشرك ويغالب المشاكل والمصاعب الخطيرة، فبلغ بالدعوة سراً في أول الأمر حفاظاً عليها من الاعداء، حتى جاء أمر الله سبحانه وتعالى بإعلانها واقتحام صفوف الباطل، فأعلن الرسول (ص) دعوته ودعا الناس الى الاسلام ، وأخذ عدد المسلمين يزداد يوما بعد يوم وأحس أعداء الاسلام بالخطر من هذا التيار الجديد فوثبت كل قبيلة على من فيها من مستضعفي المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بألوان العذاب من الضرب والتجويع والترك على حر الرمال وكيهم بالنار كمحاولـــــــــــــة منهم لأفتتان المسلمين وردعهم عن دينهم، وعندما رأى الرسول (ص) ما يصيب اصحابه من البلاء قال لهم (( لو خرجتم الى ارض الحبشة حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه)) فأستجاب المسلمون لأمر الرسول (ص) فخرجوا وتركوا اموالهم وأرضهم مخافة الفتنة وفراراً الى الله بدينهم .

     ولما رأت قريش أن أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قاوموهم وتحملوا أذاهم وأن الاسلام أخذ يعلو شأنه وينتشر بين القبائل قد عجزوا عن صده، اتفقوا على قتل الرسول (ص) فلما احس أبو طالب بذلك انحاز الى شعبه وأجتمع اليه بنو هاشم وبنو عبد المطلب ليحموا الرسول (ص) وكان حمزة عم الرسول (ص)  يحرسه حتى الصباح ، فحاصرتهم قريش اقتصادياً  وكتبوا بينهم كتاباً يتعاقدون فيه على أن لا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئاً فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثاً حتى جهدوا وأشتد الجوع بين بني هاشم لدرجة تعالى احياناً صراخ الاطفال الجياع .

     في ذلك الظرف الصعب والقاسي قضت الزهراء (عليها السلام) شطراً من أيام الرضاعة في شعب أبي طالب، ثم فطمت من اللبن وهناك درجت تمشي على رمضاء الشعب، وتعلمت النطق وهي تسمع أنين الجوع وصراخ الاطفال المحرومين، وبدأت تأكل في زمان شاع فيه الحرمان والفاقة ، واذا ما استيقظت في آخر الليل وجدت الحرس يدور بترقب وحذر حول ابيها رسول الله (ص) يخافون عليه غدر الاعداء في حلكة الليل ، وبهذا قضت الزهراء (عليها السلام) ثلاث سنين تقريباً في شعب أبي طالب، ذلك السجن الذي عزلها عن العالم الخارجي أي شئ حتى أدركت سن الخامسة .

     ومرت سنون الحصار صعبة ثقيلة وخرج الرسول الكريم (ص) ومن معه من المقاطعة وقد كتب الله تعالى لهم النصر والغلبة . وأما السيدة خديجة رضي الله عنها وقد أرهقها العناء والحرمان فقد قرب أجلها وشاء الله تعالى أن يختارها لجواره فتوفت في العام الذي خرج فيه بنو هاشم من الحصار وكان العام العاشر من البعثة ، وتوفى في العام نفسه ابو طالب عم الرسول (ص) وحامي الدعوة الاسلامية، ولقد شعر الرسول (ص) بالحزن والاسى وأحس بالفراق والوحشة لفقده زوجته وعونه وعمه  الحامي والمدافع عنه لذلك سمي عام الحزن .

     وقد اصاب الحزن فاطمة الزهراء (ع) الصبية الصغيرة التي لم تشبع من حنان الامومة وعطف الوالدة فقد شاركته الحزن والمأساة فشملتها المحنة في العام الحزين وشعرت بغمامة الحزن واليتم يخيم على حياتها الطاهرة .

     وقد أحس الرسول (ص) بوطأة الحزن على نفسه وعلى فاطمة الزهراء (ع) هو يرى دموع الفراق على خديها فيرق قلبه وتفيض مشاعر الابوة الصادقة فيحنو على فاطمة (ع) يعوضها من حبه وحنانه ما فقدته في أمها من حب ورعاية .

     لقد أحب رسول الله (ص) فاطمة الزهراء وأحبته وحنا عليها وحنت عليه فلم يكن أحب الى قلبه وأقرب الى نفسه من فاطمة ، وكان يؤكد ذلك كلما وجده ضرورياً، ويوضح مقامها ومكانتها في أمته ، وهو يمهد لأمر عظيم وقدر خطير يرتبط بفاطمة وبالذرية الطاهرة التي أعقبتها فاطمة الزهراء (ع) وبالأمة الاسلامية كلها .

     ويؤكد الرسول (ص) ليعرف المسلمون مقام فاطمة الزهراء ومكان ذريتها فيقول : ((فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)) . وتكبُر فاطمة (ع) وتشب ويشب معها حب أبيها لها ، ويزداد حنانه عليها وتبادله ذلك الحب وتملأ قلبها بحبه وتملأ قلبه بالعطف والرعاية .

     إن الرسول الكريم (ص) النموذج القدوة في العلاقة الابوية الطاهرة التي تساهم في بناء شخصية الابناء وتوجه سلوكهم وحياتهم ، لقد كانت تلك العلاقة هي المثل الاعلى في رعاية الاسلام للفتاة والعناية بها وتحديد مكانتها .

     وشاء الله سبحانه وتعالى أن تشهد فاطمة الزهراء (ع) فترة صراع في مكة وتشهد محنة أبيها (صلى الله عليه وسلم) ، فترى الاذى والاضطهاد يقع عليه وتشهد جو مكة المعادي لبيت النبوة ، بيت الهدى والايمان والفضيلة وتشاهد أباها والصفوة المؤمنة من دعاة الاسلام يخوضون ملحمة الجهاد فيؤثر هذا الجو الجهادي في نفسها ، ويساهم في تكوين شخصيتها واعدادها لحياة التحمل والمعاناة .

     وقد عاشت الزهراء (عليها السلام) المحنة الأشد مع أبيها الكريم (ص) بعد فقدها لأمها المواسي والأنيس الذي كان يخفف عنها متاعب الحياة والآلام والاضطهاد وبعد ان فقد الرسول (ص) عمه أبو طالب المدافع عنه ضد قريش بحيث أن قريشاً لم تجرؤ على ان تتعرض للرسول (ص) في حياته او تنال منه شيئاً الا كان لها بالمرصاد .

     لقد حبست قريش حقدها وأذاها على الرسول الكريم (ص) في تلك الفترة العصيبة من عمر الدعوة وبكل ما تملك من وسائل الاذى والاستهزاء والسخرية ومحاولات الانتقاص من مكانة النبي محمد (ص) وشخصيته فقد تحمل الرسول (ص) من أجل دعوتهُ وفي سبيل مبادئه ورسالته ما لم يتحمله أحد من الأنبياء . فقد بلغ الامر بأحد سفهاء قريش أن يغترف غرفه من تراب الارض ويقذفها في وجه الرسول (ص) وعلى رأسه فيتحمل رسول الله (ص) هذا الاذى  صابراً وقد لطخ التراب وجهه الكريم ورأسه ، ولما عاد الى بيته ورأته فاطمة الزهراء (ع) فترى ما لحق به من أذى قريش يعظم عليها ذلك الامر الذي تجرأ به السفهاء من طغاة الجاهلية ثم قامت لأبيها تنفض التراب عنه وتأتي بالماء وتغسل وجهه الكريم ورأسه .

وكان هذا الموقف مؤثراً في نفس الزهراء (ع) ولكن الرسول (ص) كان يخفف عنها ويحثها على التحمل فيمد يديه الكريمتين ويضعهما على رأسها ويقول لها لاتبكي يا بنية فأن الله مع ابيك وناصره على الاعداء .

هجرتها مع أبيها   

     هاجر الرسول الكريم (ص) في السنة الثالثة عشر للبعثة من مكة الى يثرب حفاظاً على نفسه وابقاء دعوته . وأوصى علي بن أبي طالب (ع) أن يبيت في فراشه ليلة الهجرة ليوهم المشركين ويشغلهم وأوصاهم (صلى الله عليه وسلم) بوصايا عدة منها انه اذا وصل مأمنه يرسل إليه من يدعوه بالتوجه إليه مع عائلته من الفواطم وغيرهن ويرد الامانات التي كانت مودعة عنده الى أهلها ويسدد الديون التي كانت عليه .

     وقد استطاع الامام علي (ع) ان يخرج بالفواطم وهن فاطمة الزهراء (ع) وفاطمة بنت أسد أمه وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وفاطمة بنت حمزة . ووصل بهن الى المدينة بعد أن انتصر على القوم الذين تبعوه حتى وصل ركب الفواطم بعد خمسة عشر يوماً ومكث الرسول في انتظار قدوم الوفد ، وفي تلك المدة أسس مسجد قباء . وبعد استراحة الركب سار الرسول (ص) بمن معه من أصحابه وأهله متوجهاً الى يثرب واستقبلته الجماهير وسادة يثرب بالأشعار والأهازيج وشعارات الترحيب .

     نزل الرسول (ص) ونزلت السيدة فاطمة الزهراء (ع) مع الفواطم ودخلت على أم خالد عند أبي ايوب الانصاري وبقيت السيدة الزهراء مع أبيها (ص) زهاء سبعة أشهر حتى تم بناء المسجد ودار الرسول الكريم (ص) وبيته المتواضع المؤلف من مجموعة من الحجرات بعضها من الاحجار والبعض الآخر من جريد النخل ، اما الاثاث فهو في منتهى البساطة والخشونة والتواضع اذ اعد لنفسه سريراً مؤلفاً من أخشاب مشدودة بالليف واستقرت الزهراء (ع) في دار هجرتها وفي بيت أبيها ذلك البيت البسيط المتواضع في دار الاسلام . وما إن جاءت فاطمة الزهراء (ع) مهاجرة من مكة لترى أباها بين أنصاره في يثرب يفدونه بالأنفس ومعه المهاجرون .

     وبعد ما استقر رسول الله (ص) في المدينة تزوج (سودة) وهي أول من تزوجها بعد السيدة خديجة رضي الله عنها ثم تزوج ام سلمة بنت أمية، وقالت أم سلمة أن النبي فوض أمر أبنته فاطمة (ع)لي لكي ارعاها فقد كنت أؤدبها وأدلها فكانت والله أأدب مني وأعرف بالأشياء كلها،هذه دلالة واضحة واعتراف أم سلمة على ما تمتعت به السيدة فاطمة الزهراء (ع) من ذكاء وفطنة منذ صغرها .

محاولات خطبة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)

     فاقت فاطمة الزهراء (عليها السلام ) نساء عصرها في الحسب والنسب فهي بنت محمد رسول الله (ص) والسيدة خديجة الكبرى (رضي الله عنها) وسليلة الفضل والعلم والسجايا الخيرة وغاية في الجمال الخَلقي والخُلقي ونهاية الكمال المعنوي والانساني ، وكانت (عليها السلام ) تمتاز منذ صغر سنها بالنضج الفكري والرشد العقلي ، وقد وهب الله سبحانه لها عقلاً كاملاً وذهناً وقاداً وذكاءً حاداً وحسناً وجمالاً في اشراقة محياها النورانية، وما أعظم فضائلها وهي تكبر يوماً بعد يوم تحت ظلال النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أدركت سلام الله عليها مدرك النساء ، وما أن دخلت السنة الثانية للهجرة وبدأت طلائع الاستقرار تلوح للمسلمين في المدينة المنورة حتى خطبها أكابر قريش من أهل الفضل والسابقة في الاسلام والشرف والمال من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان الرسول الكريم (ص) يردهم رداً جميلاً . ويقول لكل من جاءه : انتظر فيها أمر الله وكان الرسول (ص) يعرض عنهم بوجهه الكريم حتى كان يظن الرجل في نفسه أن رسول الله (ص) ساخط عليه . وكان الرسول الكريم (ص) قد حبسها على الامام علي (عليه السلام) ويرغب أن يخطبها منه .

     وقد كان  الامام علي (ع) يفكر في خطبة الزهراء (ع) ، ولكنه بقي يفكر (عليه السلام) بين الحالة التي يعيشها هو والمجتمع الاسلامي من فقر وفاقة وضيق في المعيشة ، وكان هذا كله يصرفه عن التفكير في الزواج ويشغله عن هواجس نفسه في بناء  الاسرة وبين واقعه الشخصي وقد تجاوز الواحد والعشرين من العمر. وآن له أن يتزوج من الزهراء (عليها السلام) التي لا كفؤ لها سواه ولا كفؤ له سواها. وذات يوم ما أن اكمل الامام علي (ع) عمله حتى حل عن ناضحه وأقبل يقوده الى منزله فشده فيه، وتوجه نحو منزل رسول الله (ص) وكان في بيت السيدة أم سلمة، وبينما كان الامام في الطريق نزل ملك من السماء بأمر الهي هو ان يزوج النور من النور، أي فاطمة الزهراء من الامام علي (ع).

     فدق الامام علي (ع) الباب فقالت أم سلمة من بالباب ؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : قومي يا أم سلمة (( فأفتحي له الباب ومريه بالدخول فهذا رجل يحبه الله ورسوله ويحبهما)) فقالت أم سلمة : فداك أمي وأبي ، من هذا الذي تذكر فيه وأنت لم تره ؟ فقال : (( يا أم سلمة فهذا الرجل ليس بالخرق ولا بالتبرق ، هذا أخي وابن عمي وأحب الخلق اليّ )) ، ففتحت الباب فاذا بعلي بن ابي طالب عليه السلام ، فدخل على رسول الله (ص) فقال ( السلام عليك  يارسول الله ورحمة الله وبركاته ) فقال له النبي (ص) ( وعليك السلام يا أبا الحسن أجلس) فجلس علي (ع) بين يدي الرسول (ص) وجعل ينظر الى الارض كأنه قصد لحاجة وهو يستحي أن يبينها ، فهو ينظر الى الارض حياءً من رسول الله (ص) وكان النبي (ص) علم ما في نفس الامام علي (ع) فقال له : (( يا أبا الحسن إني ارى انك أتيت لحاجة فقل حاجتك وابدِ ما في نفسك فكل حاجة لك عندي مقضية )) ، فقال الامام علي (ع) : (( فداك أبي وأمي إنك اخذتني عن عمك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا حسبي فغذيتني بغذائك ، وأدبتني بأدبك ، فكنت اليَ أفضل من أبي وأمي في البر والشفقة ، وان الله تعالى هداني بك وعلى يديك وانك والله ذخري وذخيرتي في الدنيا والآخرة يا رسول الله فقد أحببت مع ما شد الله من عضدي بك أن يكون لي بيت وان تكون لي زوجة اسكن اليها ، وقد أتيتك خاطباً راغباً يا رسول الله أخطب أبنتك فاطمة ، فهل انت مزوجني يارسول الله )) . فتهلل وجه رسول الله (ص) فرحاً وسروراً ، وأتى فاطمة الزهراء (ع) فقال : (( إن علياً قد ذكرك وهو من قد عرفت )) فسكتت (عليها السلام) فقال الرسول (ص) الله أكبر ، سكوتها رضاها ، فخرج الرسول ووجهه مثل ما قالت أم سلمة يتهلل فرحاً واستبشاراً ثم تبسم في وجه الامام علي (ع) فقال: (( ياعلي فهل معك شئ ، ازوجك به )) .

فقال الامام علي (ع) : (( فداك أبي وأمي ، والله مايخفى عليك من امري شئ أملك سيفي ودرعي وناضحي ، وما املك شيئاً غير هذا )) فقال الرسول (ص) (( يا علي فأما سيفك فلا غنى بك عنه ، تجاهد في سبيل الله وتقابل به اعداء الله وناضحك تنضح به على نخلك واهلك ، وتحمل عليه رحلك في سفرك ولكني قد زوجتك بالدرع ورضيت به منك )) .

فقال الرسول (ص) أبشرك ياعلي فقد زوجتك أياها فاطمة الزهراء (ع) وجمع جمعاً من الانصار والمهاجرين يدعوهم الى أن يأخذوا مقاعدهم فقال لهم الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته المطاع بسلطانه فأشهدكم أني قد زوجت فاطمة على اربعمائة مثقال من فضة أن رضيت، فقال الامام علي (ع) فقد رضيت يارسول الله ثم مال الامام فخر ساجداً شكراً لله تعالى وقال الحمد لله الذي حببني الى خير البرية محمد رسول الله ، فقال الرسول (ص)بارك الله عليكما وبارك فيكما وأسعدكما، واخرج منكما الكثير الطيب.

تاريخ الزواج :

     إن الروايات التي وردت عن أهل البيت عليهم السلام تنص كلها على وقوع الزواج بعد عودة المسلمين من معركة بدر منتصرين، فعن الامام الصادق (ع) قال تزوج الامام علي من فاطمة الزهراء (ع) في شهر رمضان وبنى بها في ذي الحجة من العام نفسه بعد معركة بدر ، وروى عن الزواج رواية تقول أن أمير المؤمنين (ع) تزوج بالسيدة الزهراء بعد رجوعه من معركة بدر لأيام خلت من شوال السنة الثانية من الهجرة النبوية  المباركة .

ولقد امتاز زواج السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام :

  • انه زواج من السماء وبأمر الله تعالى قبل أن يكون في الأرض أو مجرد ارتباط عاطفي ويكفي في ذلك ما روى عن ابن عبد الله اذ قال : نزل جبرئيل فقال :((يا محمد ان الله يأمرك أن تزوج ابتك فاطمة من علي )) .

  • ان الله تعالى قد جعل الذرية النبوية الطاهرة محصورة بهذا الزواج المبارك .

     وانتقلت السيدة فاطمة الزهراء (ع) الى بيت زوجها وكان انتقالها من بيت الرسالة والنبوة الى دار الامامة والولاية .

فهي تعيش في جو يملؤه القداسة والنزاهة وتحيط به عظمة الزهد وبساطة العيش وكانت خير عون لزوجها على أمر دينه وآخرته .

    وكان الامام علي (ع) يحترم السيدة فاطمة (ع) احتراماً لائقاً بها ، لأنها احب الخلق الى رسول الله (ص) ولأنها سيدة نساء العالمين ولأن نورها من نور رسول الله(ص) ولأنها مجموعة من الفضائل والقيم ، ولم يعلم المدة التي اقامتها السيدة فاطمة (ع) والامام علي (ع) في بيت حارثة الى أن بنى لها الرسول (ص) بيتاً ملاصقاً للمسجد وقريباً من بيت الرسول (ص) . ولم يكن الرسول (ص) ليترك هذا الغرس النبوي دون أن يرعاه ويحتضنه بتوجيهه وعنايته فعاش الزوجان في ظل الرسول (ص) وفي كنفه ومنح الرسول (ص) فاطمة بعد زواجها مالم يمنحه لأحد من الحب والنصيحة والتوصية .

     عاشت فاطمة الزهراء (ع) في كنف زوجها قريرة العين ، لاتفارقها البساطة ولا يبرح بيتها خشونة الحياة فهي الزوجة المثالية زوجة علي (ع) بطل المسلمين ووزير الرسول (ص) ومستشاره الأول وحامل لواء النصر والجهاد وكانت بمستوى المسؤولية الخطيرة . لقد كانت حقاً بمستوى مهمتها التي اختارها الله تعالى فكانت القدوة الصالحة للمسلمة وللمرأة النموذجية .

فاطمة الزهراء في إدارة شؤون بيتها

     كان بيت علي (ع) أروع نموذج في الصفاء والاخلاص والمودة والرحمة تعاونا فيه بوئام وحنان على ادارة شؤون البيت وانجاز اعماله . لقد كانت بنت النبي الاكرم تبذل قصارى جهدها لإسعاد اسرتها ولم تستثقل اداء مهام البيت رغم كل الصعوبات والمشاق حتى ان امير المؤمنين علي (ع) رق لحالها وامتدح صنعها .

     وذات يوم دخل الرسول الكريم (ص) على عليّ عليه السلام فوجده هو وفاطمة عليهما السلام يطحنان الجاروش فقال النبي  (ص) : أيكما اعيى فقال الامام علي (ع) فاطمة يارسول الله, فقال الرسول (ص): قومي يا بنية فقامت وجلس النبي (ص) موضعها مع علي (ع) مشاركة في طحن الحب .

     وروي عن جابر الانصاري إن النبي (ص) قد رأى فاطمة الزهراء وعليها كساء من أجلة الابل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله (ص) فقال يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمه والشكر لله على آلائه .

     هذه هي الدنيا في عين فاطمة بنت الرسول (ص) لمواجهة المعاناة وألم الجوع وكل ذلك كان ممزوجاً بحلاوة الصبر وندى الايثار لأن وراءه نعيم الآخرة .

فاطمة في دور الأم

     بما أن الأمومة من الوظائف الحساسة والمهام الثقيلة التي القيت على عاتق الزهراء عليها السلام حيث انجبت خمسة أطفال هم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم في حين سقط جنينها المحسن قبل ولادته .

     وقد قدر الله سبحانه وتعالى أن يكون نسل رسول الله (ص) وذريته من فاطمة (ع) كما أن الزهراء (ع) وهي ربيبة الوحي والنبوة وتعرف جيداً مناهج التربية التي تجلت في تربيتها لمثل الحسن (ع) الذي أعدته ليتحمل قيادة المسلمين ويتجرع الغصص في احرج اللحظات من تاريخ الرسالة .

     والزهراء (عليها السلام) قد ربت مثل الامام الحسين (ع) ، الذي اختار التضحية بنفسه وجميع اهله وأعز اصحابه في سبيل الله ومن أجل مقارعة الظلم والظالمين ، ليروي بدمه شجرة الاسلام .

     وقد ربت الزهراء زينب وأم كلثوم (ع) وعلمتهن دروس التضحية والفداء والصمود امام الظالمين حتى لا يذعن ولا يخضعن للظالم وقوته ، ويقلن الحق أمام جبروت بني أمية بكل جرأة وصراحة ، لتتضح خطورة المؤامرة على الدين وعلى أمة سيد المرسلين والائمة المعصومين .

الزهراء عليها السلام قبل فتح مكة  

     منذ أن دخل الرسول (ص) الى المدينة المنورة تحولت حياته الى الجهاد والبناء، جاهد المشركين والمنافقين واليهود والصليبيين وبناء الدولة الاسلامية العظيمة ونشر الدعوة وتبليغها في كل بقعة يمكن لصوت التوحيد أن يصل اليها . والذي يقرأ تاريخ الدعوة وجهاد الرسول (ص) وصبره واحتماله يرى ان هذه الفترة الجهادية الصعبة بكامل ظروفها وأبعادها قد ارتبطت بالسيدة فاطمة الزهراء (ع) وهي تعيش في كنف زوجها وأبيها وتعيش بروحها ومشاعرها وبجهادها في بيتها وفي مواساتها ومشاركتها لأبيها وزوجها في كل الغزوات والمعارك ضد المشركين .

     فقد روي أن الرسول (ص) قدم من غزوة له ، فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم بدأ كعادته ببيت فاطمة قبل بيوت نسائه ، جاءها ليزورها ويسر بلقائها ، فرأت على وجهه آثار التعب والاجهاد فتألمت لما رأت وبكت فسألها (ص) : (( ما يبكيك يافاطمة)) فقالت السيدة عليها السلام (( أراك قد شحب لونك فقال الرسول الكريم (ص) : (( يا فاطمة ان الله عز وجل بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الارض بيت مدر ولا شعر الا دخله )) وظلت السيدة فاطمة (ع) صورة مشرقة لجهاد المرأة المسلمة من خلال الرسول (ص) وزوجها الكريم الامام علي (ع) فهي تشارك بكل ما لديها لتشد أزر الاسلام وتكافح جنباً الى جنب مع أبيها وزوجها وأبنائها في ساحة واحــدة وخندق واحد ، لتدون في صفائح التاريخ درساً عملياً  تتلقاه الاجيال من هذه الامة المسلمة .

الزهراء في فتح مكة :-

     لقد شعرت سيدة النساء بالغبطة والسعادة وقد رأت القسم الأكبر من الجزيرة العربية يخضع لسلطان الاسلام ويدين برسالة أبيها وها هي قريش رغم كبريائها وعنادها ترسل أحد زعمائها الى المدينة المنورة مدينة الرسول الأعظم عاصمة الاسلام لتفاوض النبي (ص) على تمديد أمد الهدنة التي تم الاتفاق عليها في الحديبية ، حينما ذهب النبي (ص) معتمراً في العام السادس للهجرة .

     ولذلك ارسلت قريش زعيمها أبا سفيان بعد أن أخلت بالشروط التي كان قد تم الاتفاق عليها ليعرض على النبي (ص) طلب قريش فلم يجد تجاوباً من النبي (ص) ، فأستجار بجماعة من المسلمين فلم يجره أحد حتى ابنته رملة زوجة الرسول (ص) ثم دخل على الامام علي والسيدة فاطمة الزهراء (عليهم السلام) يطلب منهما الشفاعة له عند الرسول (ص) فأبى كل من الامام علي (ع) والزهراء والحسنين (عليهما السلام) أن يجيروه ولما يئس من ان يجيره مسلم من المسلمين, رجع يائساً خائفاً منكسراً يتعثر بالفشل والخذلان .

     وقد ايقنت الزهراء (ع) من موقف أبيها من أبي سفيان انه سيفتح مكة ودنت الايام فخرج الرسول (ص) في عشرة آلاف من المسلمين وكان حامل لوائه ابن عمه ووصيه الامام علي بن ابي طالب (ع) وخرجت معه الزهراء (ع) فيمن خرج معه من النساء ، وظلت الزهراء الى جانب أبيها مزهوة بنصر الله ، وقد رأت الاصنام تحت اقدام أبيها رسول الله (ص) ، ورأت قريشاً تلوذ به وتقول : أخ كريم وابن اخ كريم ، وقال أبوها لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء .

     لقد كانت الايام التي قضتها الزهراء مع أبيها في مكة مليئة بالذكريات، حيث تذكرت الايام التي كان فيها المشركون يطاردون النبي (ص) واصحابه ويحاصرونه في الشعب وكما رأت السيدة في تلك الرحلة المظفرة هوازن وثقيف وأحلافهما من العرب الذين ظلوا لفترة طويلة من الزمن على موقفهم المتصلب من الدعوة الاسلامية ورأتهم ينهارون وتدك حصونهم ومعاقلهم وتقع أموالهم وأملاكهم في معركة حنين غنيمة للمسلمين ، وعادت فاطمة (ع) مع أبيها وزوجها الى مدينة الانصار وامتدت حياتها عامين بعد هذه الرحلة وكانت هاتين السنتين من أسعد الايام في حياتها، حيث أنتشر الاسلام في جميع انحاء الجزيرة وأصبح الأول بين الأديان .

حجة الوداع والأيام الأخيرة

     لقد مرت تلك الايام بحلوها ومرها حتى جاءت السنة العاشرة من الهجرة فدعا النبي الاكرم (ص) عامة المسلمين لإداء مناسك الحج ، وحج بهم حجة الوداع، وعلمهم احكام الحج ومناسكه، وعند العودة توقف الركب عند غديرخم فصعد النبي (ص) منبراً من أحداج الابل ونادى بصوت عال ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ))، ثم أمر المسلمين بمبايعة الامام علي فبايعوه وسلموا عليه ، ثم تفرقوا في بلدانهم ، وعاد النبي (ص) الى المدينة .

     وبدخول السنة الحادية عشر للهجرة ، وفي الايام  الاخيرة من شهر صفر اشتكى الرسول (ص) من مرض ألم به وكان قد عزم على غزو بلاد الروم وأعد لقيادة جيشه أسامة بن زيد وهو في أول شبابه وأمر جميع المهاجرين والانصار ان ينظموا اليه .

     وقد ظن اكثر المسلمين في بداية الامر أنها وعكة صحية طارئة لا تلبث أن تزول بسرعة ، غير أن الزهراء لم تكد تسمع بشكوى أبيها حتى ارتج قلبها وأنهارت وكأنها والموت على ميعاد ، وقد بانت علامات الوداع على الرسول الاعظم (ص) وضعفت صحته. وسمعته يقول في حجة الوداع على جبل عرفات وقد وقف بين المسلمين (( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )) .

     لقد كانت فاطمة (عليها السلام) وامير المؤمنين أشد الناس قرباً الى الرسول (ص) في فترة مرضه فعن الامام علي (ع) سأل أحدهم عائشة كيف وجدتِ رسول الله (ص) عند وجعه ، فقالت : ما شهدته ، ولكن دونك فاطمة ابنته فسألها .

     كما أن فاطمة الزهراء (ع) كانت تطوف حين مرض الرسول (ص) على أزواجه فتقول : أنه يشق على النبي (ص) أن يطوف عليكن ، فقلن هو في حل . واشتد المرض بالنبي (ص) أكثر فأكثر ، فهو طريح على فراش الموت والزهراء (ع) بجانبه يشتد وجدها على أبيها ، فتارة تحدق في وجهه الشاحب وتذرف الدموع الساخنة ، وأخرى تدعو له بالسلامة .

     ولما أشتد المرض وثقل على الرسول (ص) وحضرته الوفاة أخذ أمير المؤمنين علي (ع) رأسه الشريف فوضعه في حجره ، فأغمي على الرسول (ص) وفاطمة تنظر في وجهه وتندبه وتبكي ففتح الرسول (ص) عينه وقال بصوت ضعيف : بنية قولي : (( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين )) .

     فبكت طويلاً فأوحى لها بالدنو منه  فأسر اليها شيئاً فتهلل وجهها له. فقيل لها (عليها السلام) بعد وفاة الرسول (ص) : ما الذي أسر اليكِ رسول الله (ص) فسرى عنك ما كنت عليه من الحزن والقلق بوفاته ؟ فقالت : (( انه اخبرني انني أول أهل بيته لحوقاً به ، وأنه لن تطول المدة لي بعده  حتى ادركه ، فسرى ذلك عني )) .