مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الموقف السياسي للزهراء (ع) بين الرؤية الأستشراقية والنص التاريخي دراسة وتحليل الدكتور قيصرعبدالكريم جاسم الزبيدي
+ = -

الموقف السياسي للزهراء (ع) بين الرؤية الأستشراقية والنص التاريخي

دراسة وتحليل

                                              الدكتور قيصرعبدالكريم جاسم

        المقدمـــة  

أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ , وَله الْحَمْدُ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّد نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ دُونَ الاُمَمِ الْمَـاضِيَةِ وَالْقُـرُونِ السَّالِفَةِ بِقُدْرَتِهِ الَّتِي لاَ تَعْجِزُ عَنْ شَيْء وَ إنْ عَظُمَ، وَ لا يَفُوتُهَا شَيءٌ وَإنْ لَطُفَ، فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيع مَنْ ذَرَأَ وَ جَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ وَكَثَّرَنا بِمَنِّهِ عَلَى مَنْ قَلَّ , وبعد …

كانت ومازالت قضية الزهراء (ع) , مدار كتابات العديد من المفكرين والباحثين , والأدباء واختلفت كتاباتهم عنها باختلاف مفاهيمهم لهذه الشخصية الكبيرة , والتي لها عمق تاريخي أدبي يمتد في جذوره عمق امتداد جذور الإسلام  فهي (ع) ابنة الرسول الكريم محمد (ص) نبي الإسلام وقائده المؤسس لكل قواعد وأسس هذا الدين السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية … وكذلك هي (ع) زوجة الإمام علي (ع) , وصي رسول الله وابن عمه , ومن آزره في اليسر والعسر , ومن جهاده بالقول والفعل والعمل اجل من إن يغفله عقل الإنسان اللبيب , فقد حلفت كل الكتابات القديمة منها والحديثة  بالكلام عن هذا الرجل الذي عشق الإسلام فتشربت مفاهيمه وقيمه وأفكاره وإحكامه فيه , منذ نعومة إظفاره إلى إن اختاره الباري عز وجل إلى جواره الكريم , وهي (ع) أم الحسنين الإمام الحسن السبط (ع) والإمام الحسين الشهيد (ع) , اللذان قال فيهما جدهما محمد (ص) :”الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة , وقال (ص) الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا”.

فمن هذا المنطلق كانت الأقلام تكتب وهي تعجز عن اللحاق بمضمار السباق للإفادة من هذا البحر الزاخر , ولكن ليست كل الكتابات والدراسات أعطت هذه الشخصية العظيمة حقها , فمنها من سعى إلى تشويه هذه الصورة التي تكاملت في الأسس والمعاني ومنها دراسات بعض من أغرتهم زينة الحياة الدنيا وبهرجها فباعوا دينهم وتخلوا عن أخرتهم من اجل دنيا زائلة فانية وكذلك جاءت دراسات المستشرقين الذين منهم من أنصف ومنهم من دس السم بالعسل .

فدراسة المستشرقين للتاريخ الإسلامي تمتاز بان أكثر نصوصها دس وتشويه , وما تحيكه من شبهات التي تعود إلى جهل المستشرقين أو تجاهلهم بمعاني ألفاظ اللغة العربية التي وردت في القرآن الكريم فافترضوا بعد ذلك تشكيل مقدمة باطلة من معاني وهمية ادعوها لتلك الألفاظ , استعيرت من صلوات النصارى والتراتيل العبرية .

فمن هذا سعى الباحث إلى الكتابة في هذا المضمار من اجل الوصول إلى الحقيقة التاريخية لموضوع الزهراء (ع) ودورها السياسي ومظلوميتها , وذلك من خلال بيان رأي المستشرقين في بعض الإحداث التاريخية – السياسية التي واجهتها الزهراء (ع) , ثم تفسيرها وتحليلها ومقارنتها بالنصوص والروايات التاريخية , في محاولة جادة ومتواضعة للوصول إلى معرفة الغث من السمين في تلك الآراء التي وردت في دراساتهم وكتبهم .

وان دراسة شخصية الزهراء (ع) بجميع مدياتها يمتد إلى مجالات ذات إبعاد كثيرة ومتعددة   ولكن المطروح من الدراسات الجادة المتضمنة على الدقة وعدم التحيز قليلة وربما نادرة , وهذه العقدة المكبوتة في تاريخ الإسلام أثرت في حياة الأمة مذ دبت ودرجت , فأضعفت هيكل الإسلام وأوهنت روح الإيمان , وأحرجت الدعاة في سوح الصراع الحضاري القائم , كون البعض منهم وخصوصاً أصحاب الأقلام المأجورة الذين عاصروا الخلافتين الأموية والعباسية , الذين لا يريدون طرح القضايا التاريخية كما هي بل يحرفون الكلم عن مواضعه لإغراض سياسية دنيوية تعصبية , على حساب انتهاك حرمة أقدس بيت لدى المسلمين وهو بيت الرسالة المحمدية .

وهنا تكمن ذات المشكلة في دراسة الأحداث السياسية المتعلقة بأهل البيت (ع) , وخصوصاً قضية الزهراء (ع) , إذ إننا نقف بين نصوص تاريخية مبتورة ناقصة غير وافية , وأخرى تلاعبت بها أيدي سبأ , وثالثة بنتها الأقلام الزائفة لمؤرخين البلاطين الأموي والعباسي , الذين سعوا جهدهم إلى تزييف الحقائق التاريخية بما يلاءم ميولهم وأهوائهم , ثم جاءت كتابات المستشرقين رابعاً فبنت الآراء والنظريات على هذا التراث الزائف الناقص والمبتور والمشوه , فحاكت وكتبت ما تشاء من الروايات التي تلاءم أهداف ومطامح كتابها , على فتوجب على الباحث هنا أن يقارن ويبحث وينقب في المصادر والمراجع بحثا عن الروايات التي تعطي المدلول التاريخي الشامل لما جاهدت الزهراء (ع) من اجل الوصول إليه سياسياً وإعادة الحق إلى نصابه .   

وقد تقسيم هذه الدراسة إلى  ثلاث مباحث سبقتها المقدمة وتلتها خاتمة , تناول المبحث الأول: نسب الزهراء (ع) والتنشئة الأسرية في بعض كتابات المستشرقين , من خلال دراسة النسب الشريف وطبيعة الحياة الأسرية للزهراء (ع) مع أبيها (ص) وزوجها (ع) وأسرتها , في حين كان المبحث الثاني: عن الموقف السياسي للزهراء (ع) من الإحداث السياسية بعد وفاة الرسول (ص) , وواجهتها الزهراء (ع) مع زوجها الإمام علي (ع) كقضية السقيفة , والأحقية بالخلافة , وسلطنا الضوء في المبحث الثالث: على قضية فدك وآراء المستشرقين فيها ومناقشتها بالأدلة التاريخية النقلية والعقلية .

واعتمد الباحث على جملة من المصادر والمراجع , التي اهتمت بدرجة أولى بحياة الزهراء عليها السلام ودورها السياسي والاجتماعي وسعينا جاهدينا الوصول إلى أقدمها وأقربها إلى الحدث , منها على سبيل المثال لا الحصر : (كتاب سليم) لسليم بن قيس الهلالي ت 76 هـ , (المبعث والمغازي والوفاة والسقيفة والردة) لأبان بن عثمان الأحمر ت حوالي 170 هـ , (المبتدأ والمبعث والمغازي سيرة ابن إسحاق) لمحمد بن إسحاق بن يسار ت 151 هـ , ابن حنبل , احمد ت 241 ه , (فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ) , وكتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد ت 413 هـ وغيرها الكثير .

إما المراجع التي اعتمدنا عليها فكان على رأسها كتاب فدك في التاريخ للسيد محمد باقر الصدر (قدس) , وكذلك كتاب السيرة النبوية , وفقه السيرة النبوية للشيخ نجاح الطائي , وكتاب التشيع والاستشراق للدكتور عبد الجبار ناجي , والذي يعد المرجع الأهم لمن يريد أن يبحث في مجال الأستشراق ودراسات المستشرقين, فقد عرض فيه بشكل تفصيلي عن ابرز مؤلفات المستشرقين عن أهل البيت (ع) بشكل خاص والتشيع بشكل عام , وقد أفادنا في ذلك فائدة كبيرة وجمة , وكذلك مؤلفنا الموسوم المعارضة العلوية في العصرين الراشدي والأموي .

وسعى الباحث للحصول على مؤلفات المستشرقين , وهي قليلة جداً , مقارنة بالدراسات التي كتبت عن المستشرقين , إذ أن الباحث سعى إلى عرض النصوص من المصادر الأصلية للمستشرقين وهنا تكمن المشكلة إذ اغلب المكتبات تفتقر إلى هذه الكتب فاضطر الباحث للبحث عنها في الانترنيت ومحاولة الحصول عليها وطبعها , مما تطلب الكثير من الوقت والجهد , ولله الحمد تمكنا من الحصول على بعضها الذي أوفى لهذه الدراسة ومنها : كتاب (تاريخ الشعوب الإسلامية) للمستشرق كارل بروكلمان و(حياة محمد) لإميل درمنغم , وكتاب (سطوع نجم الشيعة) لكونسلمان والذي تحدث فيه بشكل صريح وبعناوين رئيسية عن السيدة فاطمة الزهراء (ع) , و(الإسلام منذ نشوئه حتى ظهور السلطنة العثمانية) كلود كاهن , و(تاريخ المجتمعات الإسلامية) أيرا . م لابيدس وغيرها .

وقد ألينا في هذه الدراسة بذل الجهد قدر المستطاع , والله من وراء القصد ونسأله العفو عن الزلل والخطأ , والإحسان على التوفيق والنجاح , انه ولي وكل مؤمن وغاية كل موقن .

                                                                        الباحـــــث

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول. نسب الزهراء (ع) والتنشئة الأسرية في كتابات المستشرقين :

 لما كان الثقل الثاني من الدين الإسلامي بعد القران الكريم هم أهل البيت (ع) وأصلهم البارز ومبدءاهم الأول وعمود نورهم المقوم هو الرسول محمد ( ص) , كان ثاني ما اهتم به المستشرقون من موضوعات التاريخ الإسلامي هو سيرة الرسول (ص) وأهل بيته (ع) , فتناول الكثير منهم شخصياتهم وسيرهم بطريقة مليئة بالشيطنة والخبث والتزوير مستترين بستار البحث والنقد العلميين ، خصوصا إن الرسول ( ص) وأهل بيته رسموا تاريخ الدين وترجموه في الواقع حركة تغييرية شاملة عملت على استئصال جذور الجاهلية والظلم والانحراف .

أولا : نشأة الرسول (ص) وعمله :  

يتحدث المستشرق الفرنسي إميل درمنغم عن طبيعة زواج الرسول محمد (ص) من خديجة بنت خويلد (رض) فأول ما مهد لكلامه هو سعيه إلى الحط من مكانة الرسول (ص) من خلال طبيعة عمل الرسول (ص) بقوله : ” زاول محمد الشاب اليتيم عدة إعمال , ورافق عمه الزبير بن عبد المطلب إلى اليمن , فلما بلغ العشرين من عمره حمل أيضا على رعي الغنم , مع ما في ذلك من الغضاضة لمن في تلك السن على الخصوص , ومع ترك ذلك للبنات والموالي على العموم , ومما حدث إن كان لمحمد دكان في مكة حيناً من الزمن وإن أصبح محمد غير مرة , موظفاً تجارياً أو وكيلاً في الرحلات”([1]) .

حاول المستشرق درمنغم إن يقلل من مكانة النبي (ص) بالإشارة إلى إن عمل النبي في الرعي هو عمل للبنات والموالي , لكن تناسى هذا المستشرق إن طبيعة الحياة الاقتصادية في مكة تحتم العمل في مهنتين هما الرعي والتجارة , لان مكة كانت في بيئة صحراوية تمنع الزراعة ” فقد عاشت مكة في ظل مناخ صحراوي حار , ولم تكن تسقط الإمطار فيها إلا قليلا وبصورة غير منتظمة في فصل الشتاء وأوائل الربيع …” ([2]) , كذلك كانت مكة بحكم مركزها الديني والسياسي مركزاً تجاريا مهما في وسط شبه الجزيرة العربية ” فقد ساعد على نشأة الحياة في هذه المدينة وجود بعض الآبار فيها وأبرزها بئر زمزم هذا فضلا عن وجود الكعبة التي يقصدها الناس للحج والعبادة , ووقوعها على طريق القوافل التجارية التي تربط بين اليمن والشام والعراق , مما مكن أهلها من الاشتغال بالتجارة وتقديم الخدمات للقوافل المارة بالمدينة ” ([3]) , كذلك إن النبي (ص) قد زاول مهنة الرعي في الصغر وكان يرعى لأهل مكة بالقراريط([4]) ولم محمد (ص) النبي الوحيد الذي رعى الغنم فقد كان قبله الكثير من الأنبياء والرسل ممن رعى الغنم منهم النبي موسى (ع) قال تعالى :{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} ([5]) , وجاء في العهد القديم : { وإما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان , فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء إلى جبل الله حوريب … }([6]) .

ثانياً . زواج الرسول محمد (ص) من خديجة بنت خويلد (رض) :

ثم ينتقل درمنغم في الحديث عن السيدة خديجة بالقول : ” وكانت خديجة الاسدية القرشية الايم ذات ثراء بعد إن تزوجت مرتين في بني مخزوم الأغنياء , وكانت تدير شؤونها بنفسها , وكان يساعدها على ذلك أبوها خويلد وبعض الرجال الأمناء , وصار محلها التجاري من أهم بيوت مكة التجارية التي هي بندقية الصحراء ” ([7]) .

ثم يتحدث بعد ذلك عن محاولة ميسرة ابن أخ خديجة في تقريب الزوجين , لكن ما يهم هو ما ذكره عن سن النبي (ص) وسن خديجة عند زواجهما إذ يقول : “… وكان في الخامسة والعشرين من عمره … وهي في الأربعين من عمرها … وولدت خديجة لمحمد من الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء التي حصرت ذريته في أولادها , ومن المحتمل إن تكون خديجة قد ولدت له من الذكور القاسم , فكان يكنى بابي القاسم … ” ([8]) .

إما كارل بروكلمان ([9]) فتحدث عن زواج النبي بالقول : ” وعندما شب محمد عمل في تجارة لخديجة , وهي ثيب غنية , كانت تستقل بتجارة ورثتها عن زوجيها السابقين … ولقد ولد لمحمد من خديجة أربع بنات وصبيان لم يلبثا إن توفيا في سن الطفولة … ” , وأورد المستشرق البريطاني  دي غوري ([10]) : ” في ذلك الوقت تقريباً تقدم رجل في الخامسة والعشرين أو نحوها للزواج بامرأة غنية وذكية وذات أخلاق فاضلة , أرملة من مكة تسمى خديجة , وقد تعهد لها بإدارة قوافلها إلى الشمال مستعيناً بمالها … ” .

إما روي جاكسون ([11]) فيذكر بخصوص ذلك : ” … وفي العشرينيات من عمره التحق بخدمة أرملة ثرية كانت تدعى خديجة فعمل على إدارة قوافلها التجارية , ما أثار إعجابها كثيراً بمهاراته الإدارية وشخصيته , واقترحت عليه الزواج منه , وكانت في ذلك الوقت بالأربعين من عمرها  ومحمد في الخامسة والعشرين , وأنجبت له أربع بنات وذكرين لقيا حتفهما وهم بعد في مرحلة الطفولة  وسرعان ما أصبح كل من محمد وخديجة شريكي عمل ويبدو إن نجاحهما المادي استمر على الرغم من أن محمد أصبح كثير التأمل والروحانية …” .

 ويقول كونسلمان ([12]) : “… ولقد تزوجت خديجة من محمد وهو في الخامسة والعشرين من عمره والتعبير هنا صحيح : تزوجته , فلقد كانت خديجة سيدة أعمال تتمتع بمكانة مرموقة من قبيلة قريش وبين أهل مكة جميعاً وكان محمد احد المشتغلين بتجارة خديجة …” .

            وانفرد المستشرق سيديو بذكر ما تصف به الرسول (ص) من أخلاق التي أعجبت بها خديجة (رض) ورغبت فيه لكنه مع ذلك ذكر عمر كل منهما وفق ما ذكره من سبقه من المستشرقين حيث يقول: ” … وبلغت أمانته وأخلاقه المرضية خديجة بنت خويلد القرشية وكانت ذات مال تاجرة كسائر قريش فعرضت عليه خروجه إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة , فخرج وربح كثيراً وعاد إلى مكة واخبرها ميسرة بكراماته , فعرضت نفسها عليه وهي أيم لها أربعون سنة , فأصدقها عشرين بكرة وتزوجها وله خمس وعشرون سنة فبقيت معه حتى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين , وكان قومها تجاراً ذوى رفعة وشأن ” ([13]) .

        وأورد المستشرق كلود كاهن ([14]) : ” وقد تزوج من أرملة ثرية هي السيدة خديجة مع أنها كانت اكبر منه سناً , وظل يكن لها حباً عميقاً , فلم يتزوج في حياتها من أي امرأة أخرى , وقد أنجبت له سبعة أطفال لم تكتب الحياة إلا لواحدة منهم , كانت لها ذرية فيما بعد , وهي فاطمة ” .   

نعلم مما أورده كل من درمنغم , وبروكلمان , ودي غوري , و روي جاكسون , وكونسلمان وسيديو , و كلود كاهن , في رواياتهم الأنفة الذكر محاولة التأكيد على أن زواج الرسول (ص) من خديجة كان زواج عمل مادي , وان دافعه من ذلك الزواج هو الطمع بأموالها ليتفرغ من العمل إلى الراحة والتأمل , ونحن بدورنا نرد على تلك المزاعم بأمرين أساسيين :

الأول: هو مسألة زواج السيدة خديجة من زوجين قبل النبي محمد (ص) , واغتناءها من خلالهم([15])  وقد استند هؤلاء المستشرقين فيها إلى الرواية التي ذكرها ابن حزم الأندلسي وهو معروف بتوجهاته ضد أهل البيت (ع) ([16]) , والثاني: هو سن النبي (ص) كان خمسة وعشرين عام , وخديجة (رض) كانت في الأربعين عاماً عند زواجهما فاستندوا إلى رواية ابن سعد الزهري([17]) , والطبري([18]) , وكلاهما معروفان بإيرادهما الغث والسمين من الروايات .

إن ابسط تمحيص للروايات التاريخية الضعيفة التي استند إليها المستشرقون , فإما مسألة الزوجين فقد أورد الكثير من المؤرخين إن خديجة (رض) تزوجت من الرسول (ص) وهي باكر وهذا ما أكده المرتضى في كتابه الشافي , وابن شهر أشوب في كتابه مناقب آل أبي طالب , وأبو القاسم الكوفي في كتابه الاستغاثة , والأصفهاني في كتابه دلائل النبوة ([19]) وكانت هذه الشائعة قد نشرها الأمويين   لأنها ردت خطبة أبو جهل , وأبي سفيان , وعقبة بن أبي معيط لها , فأردوا إن يحطوا من شأنها وشأن النبي (ص) وأذاعوا أنها تزوجت من رجلين , لكن الحقيقة إن احد هؤلاء قد تزوج من هالة أخت خديجة  وأنجبت له زينب ورقية , فلما مات أبوهما وبعد ذلك توفيت هالة ضمتهما إليها وأصبحا ربائب الرسول (ص) لكن الأمويين حاول التقرب من النسب النبوي الشريف وذلك بالتأكيد بأنهما بنات النبي (ص) لان عثمان بن عفان قد تزوج منهما ([20]) .

إما فيما يتعلق بالأمر الثاني وهو عمر النبي (ص) وخديجة عند زواجهما , فهناك الكثير من  الروايات التاريخية التي تجاهلها المستشرقون عمداً أو سهواً , أكدت إنهما كانا في عمر متقارب وهو 25 سنة , كما ورد في تاريخ الخميس , وتهذيب تاريخ دمشق , والسيرة الحلبية , وسيرة مغلطاي([21]) , وكذلك جاء في إحدى الروايات انه كان ” ابن ثلاث وعشرين سنة وخديجة بنت ثمان وعشرين سنة ” ([22]) وفي رواية أخرى إن عمر خديجة كان آنذاك خمسا وثلاثين وقيل خمسا وعشرين([23]) , كل هذه الروايات التي تثبت كدليل نقلي على بطلان الرواية التي اعتمد عليها المستشرقون , وإنها نصوص وروايات تاريخية دسها ابن سعد والطبري لغايات وتوجهات مذهبية وسياسية .

 والدليل العقلي الذي ينفي أيضا ما ذهب إليه ابن سعد والطبري في روايتهما التي استند عليها المستشرقون , نقول إذا كان زواج خديجة من الرسول (ص) وعمرها 40 سنة ثم أنجبت له باختلاف الروايات فقيل برواية المقدسي أنها أنجبت للنبي (ص) ست أولاد غلامين وأربع بنات, وفي رواية سبعة أولاد , وفي رواية القسطلاني اثني عشر ولداً([24]) , فإذا أخذنا بالاعتبار إن عمر خديجة هو 40 سنة عند زواجها من النبي (ص) , وأنجبت حسب أوسط الروايات سبعة أولاد , ويجب بين كل ولادة سنتان حسب قوله تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } ([25]) , فإذا اعتمدنا أوسط هذه الروايات وهي سبعة أولاد على سنتان لكل مولود يكون المجموع أربع عشر سنة , ونضيف إليها أربعون سنة , فيصبح عمر خديجة (رض) أربع وخمسون سنة عندما أنجبت أخر حمل لها وهذا لا يقبله العقل والمنطق لان سن اليأس لدى المرأة بين سن 45-50 سنة , فكيف يمكن لها إن تنجب هذا العدد من الأولاد للرسول (ص) وهي في عمر الأربعين عام , وبخاصة إذا أضفنا إليها أنها قد تزوجت – حسب الرواية الموضوعة – من رجلين وأنجبت لهما بنت وولد لعلمنا مدى زيف هذه الرواية وبطلانها([26]) .

وبقي لنا إن نطرح نجيب على تساؤل وهو : ما الغاية أو الهدف من وراء هذه الرواية الضعيفة التي ذكرها ابن سعد الزهري والطبري التي استند إليها المستشرقون , ولعل القارئ قد بدت له بعض الملاح من خلال ما مر بنا أنفا من إن بعض مؤرخي السلطان كان هدفهم دس هذه الروايات الضعيفة والمشككة لرسم صورة للنبي (ص) وكأنه يعيش على أموال الأرملة خديجة واخذ ينعم بالترف والنعيم تاركا العمل والجد والتعب ليتفرغ إلى التأمل والتفكر والتدبر , نحن لا ننكر بأن السيدة خديجة (رض) قد أعانت الرسول (ص) بأموالها لدعم رسالته ونشر الإسلام , لكن حدث ذلك بعد البعثة , وبعد إن قطع مشركي قريش عن الرسول (ص) وأهل بيته كل الموارد المالية والاقتصادية ومنعوهم من العمل والتجارة  فأعانت الرسول (ص) بأموالها لدعم فقراء المسلمين أو لشراء العبيد منهم وتخلصيهم من جور مشركي قريش وعذابهم , وليس كما حاولوا أن يصوروا إن الرسول (ص) قد تزوجها طمعاً بأموالها , لان ذلك يتنافى مع وصف الله عز وجل لنبيه بقوله : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}([27]) , فهل صاحب الخلق العظيم يتزوج من النساء طمعاً في أموالها !!؟ , وهل يمكن أن نقتدي بالرسول (ص) في ذلك كما قال تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}([28]) !!؟ , هذا ما حاول ابن سعد والطبري إن يصوروه برواياتهم المدسوسة , والتي استثمرها المستشرقون للنيل من الرسول (ص) واله .

وعلى النقيض من ذلك نجد احد المستشرقين المعتدلين وهو فرانشيسكو كبرييلي([29]) يتحدث عن زواج النبي (ص) بخديجة باعتدال فيقول : ” … وهذا الشاب الهاشمي قبل ذلك الوقت على رزقه بما تمتع به من ذكاء وأمانة كوسيط أو بائع في القوافل التجارية على حسابه الخاص وبدرجة اكبر مع ذلك على حساب الآخرين , وان حسن تدبيره وبراعته في تدبير الثروة التي عهدت أليه قد أكسبته أولا احترام ثم عاطفة وود الأرملة الثرية المكية , خديجة التي كانت تكبره ببضع سنين , والتي في نهاية الأمر عرضت عليه الزواج , وان هذه المرأة التي لم تعد في مرحلة شبابها الأولى , هي المرأة الأولى التي احتلت مكانة دائمة في حياته , وظلت تمثل الشخصية الأنثوية الأكثر تعاطفاً معه خلال سيرته من بين كثير من زيجاته اللواتي جئن بعدها ” .

ونعود إلى درمنغم حيث يصف طبيعة الزواج بقوله : ” بدت حفلة الزواج ذات بهجة ودامت الوليمة إلى ساعة متأخرة من الليل , وأريق نبيذ البلح والعنب بكثرة , ورقصت جواري خديجة وضربن بالدفوف على ضوء المشاعل ونور النجوم السابحة في سماء بلاد العرب الزاهرة “ ([30]) .

وللقارئ أن يبحث في كل المصادر التاريخية فلا يجد مثل هذا الوصف لحفلة زواج الرسول (ص) من خديجة , سواء أكانت من المصادر القديمة أو الحديثة , حيث يحاول هذا المستشرق إن يعطي وصف ليالي الرومان الماجنة ويضعها على زواج الرسول (ص) , لكي يصل إلى ما وصلوا إليه من تفسيق لجميع الرسل والأنبياء في كتبهم المقدسة كالتوراة والإنجيل , والرسول (ص) عصمه الله منذ إن كان طفلا , فكيف يفعل ذلك كبيراً بالغاً , والروايات في ذلك كثيرة ([31]) .  

ثم ينتقل درمنغم ([32]) إلى وصف طبيعة الأسرة المحمدية بالقول : ” كان بيت محمد عنوان السعادة الزوجية والفضائل المنزلية , وكانت خديجة مثل الزوجات الأعلى , وكان محمد أكمل الأزواج فهذا الرجل الذي سيكون هوى النساء شديداً عنده , فلا يكاد يكتفي باثنتي عشرة امرأة عند بلوغه الستين من عمره , ظل وفياً لخديجة ربع قرن مع أنها اكبر منه سناً … ” , وهنا نجد السم في العسل فهو تارة يمدح الرسول (ص) وخديجة (رض) – وهما أهل للمديح- لكنه يدعي إن الرسول (ص) محب للنساء فتزوج عند موتها اثنتي عشر امرأة , وقد تناسى إن اغلب زيجات الرسول (ص) بعد خديجة كان لأسباب سياسية أو اجتماعية أو عرفية أو دينية , سعى من خلالها الرسول (ص) إلى إصلاح ذات البين في المجتمع , فبعض زوجاته ممن قتل أزواجهن في حروب المسلمين كما في زواجه من ام سلمة و صفية زوجة كنانة بن الربيع وابنة ابن أبي الحقيق وغيرهن , وقد زخرت الروايات التاريخية بذلك ([33])

كما في رأيي المتواضع أرى إن مسألة عدد زوجات الرسول (ص) مبالغ فيه , وان هذا العدد غير صحيح , وإذا صح العدد فهو بالإجمال أي طيلة حياته , وليس كلهن في ذمته دفعة واحدة , لان الرسول (ص) هو بشر له ما للبشر وعليه ما عليهم حسب قوله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ }([34]) .

ثالثاً . نشأة السيدة الزهراء (ع) وزواجها من الإمام علي (ع) :

ننتقل ألان إلى الحديث عن فاطمة ابنة النبي (ص) فنجد إن كتابات المستشرقين عن حياتها قبل زواجها من الإمام علي (ع) قليلة بل تكاد تكون معدومة , وهذا يرجع أيضا إلى إن الروايات التاريخية في الكتب الإسلامية التي تتحدث عن ذلك هي قليلة أيضا , وهذا يعود إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر :

  • موقف الإمام علي (ع) من الخلافة في العصر الراشدي وما تلاه من حكم خلفاء بني أمية والعباسيين الذين استحكم العداء بينهم وبين العلويين , مما دفعهم إلى منع تدوين الأحاديث والروايات التاريخية المهمة عن حياة فاطمة وزوجها علي (ع) .

  • بالإضافة إلى إن فاطمة (ع) قد توفيت صغيرة العمر مما اثر في قلة الروايات التي تتحدث عنها وعن دورها السياسي .

  • الفتن التي حدثت عبر التاريخ الإسلامي والتي أدت إلى إحراق العديد من المؤلفات والمصادر التاريخية والمكتبات التابعة لأبرز علماء الشيعة ولعل من أبرزها في هذا الجانب إحراق مكتبة الشيخ الطوسي على اثر الفتن الطائفية بين السنة والشيعة التي حدثت في بغداد بين عامي (448هـ- 449/1056-1057م)([35]) .

  • إن الخلاف بين فاطمة الزهراء (ع) وبين أبي بكر حول فدك والحقوق السياسية المكتسبة من الرسول (ص) لأهل البيت (ع) , قد دفع الكثير من المؤرخين من القدماء والمحدثين إلى التغاضي والتجاهل بل وحتى محاولة طمس الروايات التي تتعلق بذلك , مدفوعين بما يرونه لأبي بكر من أهمية دينية وسياسية واجتماعية لطائفة كبيرة من المسلمين هم أهل العامة فمنهم من تغاضى سهوا وأخر عمدا , مما أدى إلى ضياع الكثير من هذه الحقائق التاريخية .

        ذكر بعض المستشرقين عن نشأة السيدة الزهراء (ع) فيتحدث كونسلمان([36]بالقول : ” ومع إن الروايات تذكر ميلاد فاطمة من أبيها محمد وأمها خديجة , إلا أنها تصمت عن ذكر ابنة الرسول (ص) خلال العشر سنوات الأوائل التي قضتها في مكة , ويرى المؤرخون إن ميلاد فاطمة لابد إن يكون في العام 605 م , أي قبل سبعة عشر عاماً من هجرة آل بيت النبي من مكة إلى المدينة …”.

         تتناقض الروايات التاريخية حول سنة ولادة الزهراء (ع) , فقيل ولدت فاطمة قبل النبوة والمبعث بخمس سنين وقريش تبني البيت ([37]) , وبما إن النبي (ص) بعث بحدود سنة 609 هـ ([38]) , فهذا يعني أن الزهراء (ع) ولدت بحدود سنة 604 م , وهي قريب على التاريخ الذي ذكره كونسلمان , فإذا أضفنا تاريخ وفاة الرسول (ص) وهو سنة 11 هـ / 632 م , نعلم أنها توفيت عن عمر 28 سنة , لكن الرواية الأخرى والتي تقول أنها ولدت بعد المبعث بخمس سنين ([39]) , مما يعني أنها ولدت سنة 614 م  وتوفيت عن عمر 18 سنة , وهو العمر الأقرب إلى الصحة .

        كما إن سنة ولادتها في عام 614 م وفق الرواية الثانية – وهي الأصح – يعلل لنا التساؤل الذي طرحه كونسلمان عن سبب عدم تحدث الروايات التاريخية عنها خلال الفترة المكية من الدعوة الإسلامية كونها تبلغ ثمان سنوات عندما هاجر الرسول (ص) من مكة إلى المدينة والتي جرت سنة 622 م ([40]) وهي طفلة صغيرة فما يمكن لها إن تقوم به في تلك المدة .

        وفيما يتعلق بقيمة ومكانة السيدة الزهراء (ع) عند أبيها النبي محمد (ص) , يحاول المستشرق لامانس إن يقلل من تلك المكانة حيث يقول : ” … فقد كانت فاطمة في حياتها , وفي بيت والدها تعامل معاملة عادية , سواء من والدها أو من الصحابة وغيرهم , ولم نرها تتمتع بحظوة واحترام يفوقان ما كانت تتمتع به بدويات ذلك الزمن …” ([41]) .  

        وهذا تناقض صارخ وواضح لما زخرت به الروايات التاريخية من أحاديث كثيرة , تذكر ما كان يفضل به النبي (ص) ابنته فاطمة الزهراء (ع) , على كل نساءه وأهل بيته جميعاً ومما روي في ذلك أن النبي (ص) : ” كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول : الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” ([42]) , وقال (ص) : ” فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما انصبها ” ([43]) , وسئل (ص) : من أحب إليك ؟ فقال : فاطمة ([44]) .

        يذكر المستشرق كيتاني([45]) عند حديثه عن فاطمة (ع) في رده على المستشرق لامانس بأنه يتجاهل كتب الحديث والسيرة ولم يمنحها أي قيمة فهو يقول : ” أما كتابة فاطمة وبنات النبي فقد تضمنت مجموعة من الأكاذيب والأباطيل والانحرافات ” , هكذا يكشف بوضوح عن فساد ذهنه وخبث نيته وسريرته , فقد كانت جميع استدلالاته بالمصادر والمراجع التي استند إليها في كتابه مشوبة بالكذب والتحريف وعدم فهم النصوص الواردة في هذا الشأن .

        كما أن بعض المستشرقين فند هذا الرأي المتطرف للمستشرق لامانس ومن هؤلاء المستشرق روث روي حيث يقول : ” إن هذا الموقع لفاطمة في قلب الرسول , يعني القرب الفعلي العائلي له بالدم , والقرب القائم على تعظيمه لها مما شرف وكرم شخصيتها وذلك في انعكاس حديث البخاري الذي يقول فيه محمد : إن كل من يغضب فاطمة يغضبني , إن هذا القرب الروحي الفعلي من النبي محمد أقدس شخص في الإسلام , أسهم في ظهور فاطمة كشخصية دينية محورية ” ([46]) .

        ويذكر المستشرق كبرييلي([47]) : ” … ومن بين بناته فإن فاطمة فقط ابنة خديجة التي تزوجت علياً فيما بعد , قد حظيت بأهمية خاصة في التاريخ اللاحق لآل محمد وللمجتمع الإسلامي ” .

 إما المستشرق البلجيكي والراهب اليسوعي المشهور بتعصبه ضد الإسلام هنري لامانس (1862- 1937), فهو أسوء أنموذجا من بين المستشرقين الذين درسوا الإسلام ، فكتابه (الإسلام والعقائد والأنظمة ) الذي ضمنه سلسلة من الأباطيل والأراجيف التي تحيط اللثام عن حقده الدفين على الإسلام ففي عنوان ( علي بن أبي طالب ) سعى إلى الحط من شان الإمام العظيم بقوله : ( انه يمتاز بالخفة والهزل وعدم الجدية ) .

ولا يمكننا الرد عليه سوى انه يكفي ينا إن نوضح إن الإمام علي (ع) قد فرق صور الاستبداد حيث حطت له قدم ، وحيث سمع له قول وحيث أشرق سيفه مع نور الشمس وسوى بها الأرض ومشى عليها الإقدام إن جميع الوسائل التي تهيأت للإمام وابنيه في ذلك يقوم على أسس البلاغة العربية في ما يلي القران من أسس وتتصل به أساليب العرب في نحو أربعة عشرة قرنا فتبنى على بنائه ونقتبس منه ويحيا جيدها في نطاق من بيانه الساحر ويستمر تولد الأفكار في (نهج البلاغة) فإذا أنت أمام حشد منها لا ينتهي . ومع ذلك فانه لا يتراكم بل يتساوق ويترتب بعضه على بعض ولا فرق في ذلك بين ما يكتبه وبين ما يلقيه ارتجالا , فالينبوع هو الينبوع ولا حساب في جريه لليل أو نهار .

        لذا فان الإمام علي ( ع) يحظى بمكانة مرموقة لدى جميع المسلمين وغير المسلمين لما كان يتمتع به من شخصية سامقة وخصوصيات خاصة يتميز بها وبعدا أخر داخلاً في هوية ذاته وحقيقة شخصيته وهو الذي ميزه عن سائر الشخصيات وأضفى عليه بريقا خاصا ولمعانا عظيما هو البعد المعنوي كونه من أولياء الله وخلفاءه وأوصياء أنبيائه وهذا ما ذكره المستشرق شبلي شميل : ( الإمام علي بن أبي طالب عظيم العظماء نسخة مفردة لم ير لها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديما ولا حديثا ) .

        وبعد هذا العرض لأراء المستشرقين حول نشأة السيدة الزهراء (ع) , ننتقل إلى قضية هجرتها من مكة إلى المدينة وزواجها هناك من الإمام علي (ع)  يقول في ذلك المستشرق كونسلمان([48]) : ” … إما عن كيفية ذهاب الفتاة من مكة إلى المدينة فلا نعرف شيئاً , ومن المحتمل إن علياً حملها من مكة إلى مكان آمن , ويقيناً إن علي اخذ فاطمة كزوجة له إلى بيته …” .

إن كيفية ذهاب السيدة الزهراء (ع) من مكة إلى المدينة فليس غامضا ً , وذلك إن الإمام علي (ع) بقي في مكة ثلاث ليال وأيامها , حتى أدى عن رسول الله (ص) الودائع التي كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله (ص)([49]) , ثم قدم الإمام علي (ع) بالفواطم([50]) , وكان يسير الليل ويكمن النهار حتى قدم فنزل مع رسول الله (ص)([51]) , فقال النبي (ص) : ادعوا لي علياً  فقيل له : لا يقدر على أن يمشي فاتاه النبي (ص) واعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم وتفل في يديه وأمره على قدميه فلم يشتكهما بعد حتى قتل (ع)([52]) .

إما زواج الزهراء (ع) من الإمام علي (ع) , فحاول المستشرق لامانس في أن يحرف الروايات التاريخية , ويعللها تعليلات بعيدة عن المنطق حيث يقول : ” وهذا التأخر في الزواج يتوجب علينا أن لا نرجعه إلى قلة خطابها بل لكثرتهم وأهمية تلك الشخصيات الطامحة إلى الزواج منها , وكيف إنهم يتنازعون فيما بينهم هذا الشرف , وكان في مقدمتهم أبو بكر وعمر وبقية الصحابة , وفي هذه المنازعات حلم علي في أن يجد نفسه في طابور خطاب فاطمة , ولكن بردت همته وهو ينظر مبهوراً الجاه والحظوة التي كان يتمتع بها منافسوه , ولكن لماذا خيب محمد آمال جميع هؤلاء ؟ أن الجميع لديهم في بيوتهم حريم أخريات , لذلك كره محمد إن يضيع ابنته عديمة الخبرة بزجها في تلك الأوساط الصاخبة … ” ([53]) .

وهنا يضع لامانس الكثير من المغالطات فتأخر زواج الزهراء (ع) , لم يكن ذلك التأخر الكبير جداً وذلك لأنه وكما بينا في السابق أن عمرها حين حدثت الهجرة سنة 622 م , لم يتجاوز ألثمان سنوات , وبالتالي فإنها ما زالت في عمر مبكر جداً على الزواج .

ومن جانب آخر فان إشارته إلى خطبة السيدة فاطمة الزهراء (ع) من قبل بعض الصحابة , وان هؤلاء كانت لهم المكانة الكبيرة والشرف والوجاهة , فهل يا ترى كان الرسول (ص) لا يرى موضع علي (ع) وهو الذي فداه بنفسه في الهجرة التي حدثت من قريب , وهو الذي تولى أعادة الودائع والأمانات له إلى أصحابها وهاجر بالفواطم إلى يثرب دون خوف أو وجل , وهو الذي نصر الإسلام بسيفه في بدر فعلى العكس تماما فان الرسول (ص) كان يعلم بكل هذا لكن كان ينتظر من علي (ع) المبادرة .

وان رفض الرسول (ص) للصحابة لم يكن لأنهم لهم بيوت وزوجات وان ابنته فاطمة عديمة الخبرة في أمور المنزل , بل لأنه أراد تزويجها من علي (ع) لحبه الكبير له , يقول العلامة الحلي([54]) : ” روى عبد ابن عباس , قال كنت أنا وأبي العباس بن عبد المطلب جالسين عند رسول الله (ص) , إذ دخل علي (ع) فسلم فرد عليه رسول الله (ص) وبشِر به وقام إليه واعتنقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه عن يمينه , فقال العباس : أتحب هذا يا رسول الله , قال : يا عم رسول الله  والله الله اشد له حباً مني , إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه , وجعل ذريتي في صلب هذا ” ([55]).

حدث هذا الزواج المبارك في السنة الثانية للهجرة يقول ابن الطقطقي([56]): ” وزوجه ابنته الزهراء البتول (ع) في السنة الثانية للهجرة ” ، وروى ابن سلمان الحلي([57]) : ” … فقال سعيد بن المسيب , فقلت: لعلي بن الحسين : فمتى زوج رسول الله فاطمة (ع) من علي (ع) , فقال : بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين … “([58]).

        وفي الحديث عن أولاد الإمام علي (ع) من زوجته السيدة الزهراء (ع) يذكر المستشرق ديلاسي اوليري وتحديداً عن الإمام الحسين (ع) بالقول : ” … ولم يكن الحسين كما لم يكن الحسن ابنا لعلي وحسب , وإنما كذلك ابنا لفاطمة بنت النبي , وللحسين بعد ذلك وراثة أخرى برهنت في النهاية على أنها أكثر أهمية من بنوته لعلي أو فاطمة , فالشائع انه تزوج ابنة أخر ملوك الفرس ” أم الأئمة ” وهذا الزواج التقليدي بأميرة فارسية وأدلته التاريخية مشكوك فيها , يعتبر في نظر شيعة الفرس أهم عامل من عوامل الإمامة , ولو إن هذا لا يتصل بأية صورة بدين الإسلام , وان أعطاء أهمية كبيرة كهذه لمثل هذا الاعتبار , ليوضح لنا إلى أي حد يمكن اعتبار الشيعة في الحقيقة شيئاً غريباً غير إسلامي ” ([59]) .

        إن المغالطة التاريخية التي وقع فيها المستشرق اوليري , وهي انه يحاول أن يؤكد إن بنوة الإمام الحسين (ع) من فاطمة الزهراء (ع) والتي هي صلة الوصل بالنسب مع النبي (ص) , بأنها ليست ذات أهمية تذكر , وان الأهمية الأكبر هي لزواج الإمام الحسين (ع) من شاه زنان بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس , وان ذلك هو الذي أعطاه صفة الإمامة.

        والحقيقة إن صفات الإمامة التي زخرت بها كتب العلماء من الشيعة الإمامية , والتي لم يطلع عليها هذا المستشرق , لم تعطي الأهمية الأكبر إلى النسب مع ضرورته , لكنها أكدت أن هنالك جملة من الصفات والمزايا التي يجب أن يتصف بها الإمام إلى جانب النسب العلوي , ومن أهمها الوصاية وهي إن الإمام يوصي إلى الإمام الذي من بعده , وهكذا تم اختيار بعض الأئمة من العلويين دون بعض فخلف الإمام الحسين ولده علي بن الحسين (ع) دون أخيه محمد بن الحنفية (رض) , وخلف الإمام علي بن الحسين (ع) في الإمامة ولده محمد الباقر دون ولده زيد الشهيد وهكذا … ([60])

        ومن الجيد ذكره ما قاله المستشرق كونسلمان : ” أما فاطمة زوجة علي , فقد استطاعت القول بأنها كانت الابنة المحببة لدى أبيها , ففي ابنيها الحسن والحسين – حفيدي محمد – كان يسري دم النبي (ص) … ” ([61]) .

المبحث الثاني . الموقف السياسي للزهراء (ع) بعد وفاة الرسول (ص) :

من المعلوم إن صورة المرأة في بعض مجتمعات المسلمين وطريقة التعامل معها هي وليدة تصورات ومفاهيم نشأت عن أعراف وتقاليد وممارسات اجتماعية لا تمثل الإسلام من قريب أو بعيد لا سيما الموقف من المرأة في الحقل الاجتماعي والسياسي , لذا نجد إن بعض من المؤرخين يحاولون التغاضي عن الكتابة أو البحث في هذا الجانب , متعللين بقلة المادة التاريخية , بالرغم من إن ذلك يحرم القراء من الحقيقة التاريخية للدور السياسي المهم الذي لعبته المرأة المسلمة وعلى رأسهن السيدة فاطمة الزهراء (ع) .  

إن السياسة في الفكر الإسلامي تعني رعاية شؤون الأمة الإسلامية في مجالاتها الحيوية كافة وقيادة مسيرتها في طريق الإسلام , لذا فهي مسؤولية اجتماعية عامة , كلف بها المسلمون جميعاً وتلك المسؤولية هي في مصطلح العلماء واجب كفائي يتوجه فيه الخطاب لعموم المسلمين رجلاً ونساء قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }([62]) .

والأمر بالطاعة لأولياء الأمر هو خطاب موجه لعامة المجتمع رجالاً ونساء وفي الآية القرآنية : {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}([63]) , ممارسة عملية ودليل قرآني نفذه الرسول (ص) في حياته السياسية والتبليغية على قبول بيعة المرأة لولي الأمر بل و وجوبها , فإن البيعة في هذه الآية هي بيعة طاعة لولي الأمر على الالتزام بأحكام الشريعة وقوانينها , والإقرار بولايته , وتمثل البيعة ابرز مصاديق الحقوق والسياسية في المجتمع الإنساني الإسلامي . 

قبل وفاة الرسول (ص) في سنة 11هـ , سعى الكثير من الإطراف إلى الاستحواذ على سلطة الخلافة , وانقسم المسلمون إلى صفين : تزعمهم أبي بكر والأخر سعد بن عبادة الأنصاري , فالأول يرى زعامة قريش وسلطانها على العرب , والثاني يعتقد إن الأنصار هم أحق بهذا الأمر , وقول كتاب الله تعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}([64]) وهذا دليل على وجود مجموعة منقلبة على إعقابها , وأخرى شاكرة لله عز وجل بتمسكها بإمامها وبما نص عليه الرسول (ص) .

أولاً . الأحقية بالخلافة :

حاول العديد من المستشرقين نفي إن النبي (ص) قد نص على أن الإمام علي (ع) هو خليفته من بعده , فمنهم من صرح بذلك بشكل علني , ومنهم من حاول أن يخفي تلك الحقيقة التاريخية  وحاولوا أن يغطوا عليها بذكر العديد ممن الاستنتاجات والآراء , التي بنوها على الروايات تاريخية ناقصة ومشوهة , وهم بذلك لم يذكروا من قريب ولا من بعيد تعيين النبي (ص) للإمام علي (ع) كخليفة من بعده في غدير خم بحضور أكثر من مائة إلف مسلم ([65]) .

يقول في ذلك المستشرق درمنغم ([66]): ” نهك المرض النبي وهو في بيت زوجته ميمونة أخت زوجة عمه العباس بعد إن مكث به سبعة أيام , فلو مات في بيتها لكان لتاريخ العالم وجه آخر على ما يحتمل , فالذي نراه انه كان يدور حول النبي المحتضر نزاع صامت خفي شديد , فقد علم العباس الذي يقرأ علائم الموت على وجوه بني عبد المطلب دنو اجل ابن أخيه فود إن يموت النبي في بيت ميمونة لما في ذلك من النفع لبني هاشم , ولكن الفريق الأخر كان غير غافل , فكان لأبي بكر وعمر اللذين قد يكونان متعاهدين , وقد لا يكونان , بابنتيهما عائشة وحفصة المتفاهمتين ضد أزواج النبي الأخرى , وسيلة استعلام لا تقل عن وسيلة أولئك … استأذن النبي نساءه في إن يمرض في بيت عائشة فأذن له فنقل إليه مزملاً , واخذ أبو بكر وابنته عائشة يرصدان مرض النبي , فإذا ما طلب النبي رؤية احد من اله كعلي أو العباس ذهبت عائشة تبحث عن أبيها أو أخيها عبد الرحمن الحديث العهد بالإسلام ” .  

وهذه الرواية تطابق مع ما ورد ذكره في الروايات الإسلامية , وهي تؤكد الحقيقة التاريخية المرة لأخذ الخلافة من بني هاشم([67]) , ثم يضيف المستشرق درمنغم فيذكر عن شدة مرض الرسول (ص) وحضور الصحابة عنده والجدال الذي دار بينهم عند الرسول (ص) , ورفض عمر بن الخطاب لطلب الرسول بان يحضروا له (إيتوني بدواة وصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبداً) , وقوله إن النبي قد غلبه الوجع ([68]) , ويعلق على ذلك بالقول : ” وماذا أراد النبي إن يكتب في مرض موته ؟ وما فائدة معارضته فيما أراد سواء اغلبه المرض أم كان في حالة صحو تام ” ([69]) , ثم يضيف مقوله ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس … إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين كتابه([70]) والحقيقة إن الأمر واضح كل الوضوح .

وعلى العكس من ذلك يورد المستشرق كبرييلي([71]) عن حديث السقيفة والخلافة بالقول : ” توفي النبي محمد دون إن يعين خلفاً له , وخلال مدة الاضطراب والشك , وبينما كان أنصار المدينة يحاولون الاتفاق على من سيمثلهم كمرشح خلفاً للنبي , كانت رغبة الصحابة الأوائل وبصورة خاصة عمر هي السائدة , وهو إن حكومة المجتمع الفتي ينبغي إن تبقى في أيدي قريش , أي قبيلة النبي , وان رغبة عمر كانت إجراء حاسما في فرضه بطريقة مفاجئة تقريباً , إعلان أبي بكر الكهل الموثوق بالاعتماد كخلف أو ممثل لمحمد … وفي الوقت الذي أصر فيه أتباع أو شيعة علي , والهاشميون بصورة عامة على حق المنحدرين من محمد ” .

وقد تناسى كبرييلي , الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد حق الإمام علي (ع) بالخلافة , وخير مثال على ذلك حديث يوم الدار , وحديث بيعة الغدير , وحديث يوم الخميس ووصايا النبي (ص) للإمام علي (ع) ولفاطمة (ع) حين احتضاره هذا من جانب , ومن جانب آخر تناسى إن مبايعة أبي بكر قد اقتصرت على قريش الذين هم في الأساس على عداء مع النبي (ص) ومع الإمام علي (ع) حتى فتح الرسول (ص) لمكة سنة 8هـ , وقضاءه على سلطانهم السياسي , فبايعوا أبي بكر كي ينزعوا الخلافة من علي (ع) الذي قتل أشرافهم وقادتهم في معارك المسلمين في بدر واحد والخندق وفتح مكة وحنين , ولأنه كانت لا تأخذه في الله لومة لائم .

إما برنارد لويس([72]) فيورد عن هذه المسألة بالقول : ” حدثت أول أزمة في الإسلام بعد وفاة النبي في عام 632م … ولم يترك أية أوامر صريحة بمن يخلفه كزعيم للجماعة الإسلامية وحاكم للدولة الإسلامية الوليدة , ولم يكن أمام المسلمين ما يرشدهم سوى التجربة السياسية الهزيلة لعرب ما قبل الإسلام وبعد مناقشة قصيرة شابتها لحظة من التوتر الخطر وافقوا على اختيار أبي بكر … ومنذ الأيام الأولى للخلافة كانت هناك جماعة من الناس يشعرون إن عليا ابن عم النبي وزوج ابنته أولى بخلافته من أبي بكر ومن تبعه من الخلفاء , ولا شك إن تأييدهم لعلي يرجع في جزء منه إلى اقتناعهم بان صفاته الشخصية تجعله أصلح رجل للمهمة , كما يرجع – ربما- إلى اقتناعهم بحق أهل البيت في وراثة السلطة الشرعية للنبي , هذه الجماعة أصبحت تعرف بشيعة علي , ثم الشيعة فحسب ومع مرور الزمن أدت إلى ظهور اخطر صراع ديني في الإسلام ” .

 وفي نفس السياق أورد كونسلمان([73]) : ” لم يكن علي سيصير بهذه الأهمية بين رجال بيت النبي محمد , أو كان سيتساوى معهم لو لم يتزوج ابنة الرسول فاطمة , فهي التي أعطت الفرصة لعلي ليسري دم رسول الله في أجيال جديدة , وظلت هبة الرسول المؤثرة طوال مئات السنين ” .

وحاول كونسلمان أن يدعم رأيه في إن أحقية الإمام علي (ع) وأولاده من بعده في تولي الخلافة بعد النبي محمد (ص) نابع من أساس القرابة والنسب حيث يقول:” … وتذكرت فاطمة فجأة أن النبي (ص) عند عودته من أخر رحلة حج إلى مكة قد قال ما معناه : أيها المؤمنين إن قضيت فسيبقى القرآن – كلام الله – وآل بيتي …” ([74]) .

ويذكر كونسلمان في تفسيره لمعنى الحديث : ” أما معنى الجملة فهو إن كليهما ينبغي أن يظلا في أسمى مكانة , القرآن الذي أعلن مشيئة الله , وأفراد عائلة النبي … إما فاطمة ابنة النبي فكان لها تفسير أخر لهذه الجملة : أيها المؤمنون إذا قضيت فسيبقى القرآن كلام الله , وال بيتي وكذلك اتخذ على نفس التفسير وسرعان ما صار رأي علي وفاطمة أن الرسول (ص) قد قرر من خلال هذا الإعلان إن الحق في الدولة الإسلامية هو آل بيته وبالذات لعلي زوج ابنته ” ([75])

إن الحقيقة أن الشيعة لا ترى في شخص الإمام علي (ع) الأحقية في الوصول إلى الخلافة بسبب قرابة النسب ورابطة الدم بينه وبين النبي محمد (ص) كونه ابن عمه وزوج ابنته , وان كان هذا الأمر لا يستطيع احد نكرانه , لكن الإمام علي (ع) قد استحق الخلافة لمؤهلاته الشخصية ومقدرته السياسية والعسكرية والاجتماعية الكبيرة التي أبداها منذ نعومة أظافره فهو أول ذكر اسلم لله , وخاض المعارك وهو فتى , وأرسله الرسول (ص) قاضياً لليمن لحل الخلاف الذي دب بينهم , وأرسله للتبليغ بالنيابة عنه بسورة براءة ولإنذار من بقي على الشرك , وبايعه في حديث يوم الدار وبيعة الغدير([76]) , كل هذا ويقول برنارد لويس إن الشيعة يعتقدون بأحقية علي (ع) .

إما كلود كاهن ([77]) فيذكر عن بيعة السقيفة بالقول : ” لم يحتج الأمر إلا إلى وقت قصير بعد وفاة النبي لينهار كل ما بناه , ولم يحتسب أبدا لما بعد وفاته ولم يخطط لخلافته من بعده ” , وأين كلود كاهن من الأحاديث الكثيرة التي روتها اغلب الكتب الإسلامية عن وصية الرسول ومبايعته للإمام علي (ع) والتي سبق حتى واشرنا إليها , كذلك كيف يمكن لنبي إن يترك أمته دون إن ينظر في أهم أمر من أمورها إلا وهي خلافته (ص) , لكن هذا المستشرق لم ينظر ويدقق في الروايات الإسلامية عنها لتبين الحقيقة بشكل دقيق .

ثانياً . بيعة السقيفة :

يتحدث كارل بروكلمان ([78]) عن طبيعة الخلاف في بيعة السقيفة بالقول : ” وما كاد الرسول يلحق بالرفيق الأعلى حتى أحدقت الإخطار بالرسالة التي وقف عليها حياته , اعني توحيد بلاد العرب دينياً وسياسياً , … والحق إن جميع الأحقاد السياسية التي كان النبي قد كبتها بنفوذه الأدبي لم تلبث إن ذرت قرنها , فمن ناحية كان عدد المنافقين لا يزال في المدينة كبيراً جداً , ومن ناحية ثانية كان الأنصار العريقون في المدينة يتوقون إلى التحرر من سلطان الأغلبية المتمثلة في المهاجرين , ليصبحوا مادة موطنهم الوحيدون , كرة أخرى , ثم إن علياً , ابن عم النبي وزوج ابنته , ادعى لنفسه الحق في خلافته كرئيس للدولة , بوصفه اقرب الناس رحماً إليه , ولكنه كان , كسعد بن عبادة سيد الأنصار , الذي طمع في الخلافة أيضاً , لا يملك من القوة أو من النفوذ ما يساعده على تحقيق طلبته … ” .

وأما المستشرقة لابيدس ([79]) فتذكر عن مسألة السقيفة بالقول : ” … عند وفاة محمد في العام 632 م , تعرض انجاز عمره كله للتهديد , في غياب أي توافق فيما يخص الخلف , تعرضت امة المسلمين … فقرر خزرج المدينة انتخاب زعيمهم هم , ومسلمون آخرون ولا سيما المهاجرون أبناء العشائر المدنية الأضعف , والعديد من الإفراد الذين كانوا قد تخلوا عن عشائرهم للالتحاق بركب محمد  رأوا إن من شان هذا إن يفضي إلى استئناف الحزازات والضغائن , فحاولوا قطع الطريق على الخزرج  وفي إثناء جدال دام الليل كله ولدت فكرة الخلافة … ” .

وهي هنا لم تشر إلى دور الإمام علي (ع) في قضية السقيفة وأحقيته بالخلافة النابعة من مؤهلاته الشخصية بكافة جوانبها لا من قريب ولا من بعيد  كذلك لم تكن على غرار من سبقها من المستشرقين تشير ولو بشيء بسيط إلى هذا الحق ولو بالاستناد إلى قرابة النسب مع الرسول محمد (ص) كونه ابن عمه وزوج ابنته الوحيدة فاطمة (ع) , كما فعل ذلك كارل بروكلمان , الذي أكد إن ادعاء الإمام علي (ع) بالخلافة نابع فقط كونه ابن عم النبي (ص) وزوج ابنته متناسي غير ذلك من مؤهلات هذه الشخصية العظيمة التي لعبت دوراً مهماً في التاريخ الإسلامي لا يمكن إن ينسى أو يتناسى عنه . 

إما دي غوري ([80]) فقد ذكر عن ذلك بالقول : ” وكان محمد كما لو انه ملك ولكنه ملك الجماهير وكان فريد عصره وفي غياب الذكور من ذريته , فقد خلفه أبو بكر في الحكم باستعماله طريقة الخليفة في الحكم في ذلك الوقت , ولكن ليس بدون معارضة في اغلب الأوقات , ثم بعد ذلك سيادة أقارب النبي … ” .

 وهذه مغالطة واضحة , وذلك لان الرسول خاتم الأنبياء لذلك كانت المشيئة الإلهية بوفاة أبناء الرسول (ص) من الذكور , ولكن الله عز وجل ورسوله الكريم لا يمكن إن يدعوا الأمة الإسلامية في هكذا موضوع حساس ومهم وخطير دون إن يضعوا له الحل والحل كان في نظام الإمامة القائم على أساس الوصية , وقد فند دي غوري نفسه في مكان ثاني حيث ذكر بالقول :

” إما علي ابن عم النبي والذي قيل بأنه أعلن منذ وفاة الرسول بأنه قد سمى خليفة من بعده وألان أصبح يتشكل له مناصرون وكثير منهم من خارج الجزيرة العربية ممن دخلوا في الإسلام حديثاً وقد استعملوا في نظرية التعيين وكانوا تواقين إلى إن يكون إعلان التوصية واضحاً وجلياً من الله للشخص نفسه الذي يؤيدون” ([81]) .

ولو انه اطلع على الكتب الشيعة التي تتحدث عن الإمامة والوصاية , وتنبه إلى الأدلة الكثيرة التي بينوها من كتاب الله وسنة رسوله , لعلم إن ذلك هو الحق وبخلاف ما يفترضه فيه .  

ويستند روي جاكسون إلى سبب منع الخلافة عن علي (ع) بعد وفاة النبي (ص) هو لصغر سنه حيث يقول : ” على الرغم من عدم وجود أي نزاع على أهمية علي وولائه علاوة على حبه وقربه من النبي , كان هناك جدل بالغ حول دوره بشأن الخلافة بعد موت محمد , ويبدو من غير المحتمل وخلافاً لتقاليد العرب إن يتولى شخص صغير السن – في أواسط الثلاثينيات من عمره آنذاك – وأن يتم تقديمه على صحابي اكبر منه سناً ليكون زعيم الأمة الجديد …” .

إن صغر سن الإمام علي (ع) قد استند فيها المستشرق روي جاكسون إلى المحاججة التي جرت بين الإمام علي (ع) وبين أبي بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح بعد بيعة السقيفة , عندما تمكن هؤلاء من إتمام البيعة لأبي بكر , ثم أرادوا إقناع علي (ع) بقبول البيعة فكان مما قاله أبو عبيدة لعلي (ع) : ” … فقام أبو عبيدة إلى علي (ع) فقال : يا ابن عم لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ولكنك حدث السن – وكان لعلي (ع) يومئذ ثلاث وثلاثون سنة – وأبو بكر شيخ من مشايخ قومك … ” ([82]) .

لكن الذي يفند هذه الرواية التي استند إليها المستشرق جاكسون هو ما يروى عن الحوار الذي دار بين ابن عباس وبين عمر بن الخطاب بخصوص استحقاق علي (ع) للخلافة حيث يروي العلامة الحلي([83]) : ” في أخبار أوردها عن الزبير بن بكار([84]) يقول : روي عن ابن عباس قال : إني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة إذ قال لي : يا ابن عباس ما أظن صاحبك إلا مظلوماً قلت في نفسي : والله لا يسبقني بها فقلت : يا أمير المؤمنين فاردد ظلامته , فانتزع يده من يدي, ومضى وهو يهمهم ساعة , ثم وقف فلحقته فقال : يا ابن عباس ما أظنهم منعهم منه إلا أنهم استصغروه , فقلت في نفسي هذه والله شر من الأولى , فقلت : والله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من صاحبك , قال فأعرض عني ” ([85]) .

إما المستشرق لاندرو ([86]) , فقد اعتمد منهج كيفي مناقض للمنهج العلمي في تناول السيرة الشريفة للرسول ( ص) وأهل بيته عليهم السلام . ومنهج خاطئ من أساسه ، إذ انه يتبنى فكرة مسبقة ثم يجيء إلى وقائع التاريخ لكي يستل منها ما يؤيد فكرته ويستبعد ما دون ذلك ونحن نعرف كيف كتب التاريخ في العصر الأموي أو العباسي وكيف أقصي منه الفكر الشيعي أو فكر أهل البيت عليهم السلام . ويستمر لاندرو في حديثه عن شيعة الإمام علي ( ع) فيقول :

 ” لقد كان شخص علي بن أبي طالب هو الذي تلقفوه في حماسة صوفية عارمة . لقد أصبح علي عندهم – وقد عرفوا بالشيعة تعني الحزب أو الفرقة – وكان الشيعة في الأصل ينتسبون إلى حزب علي بن أبي طالب –قدسيا – وكان يشاركه قدسيته ابناه الحسن والحسين اللذين أنجبتهما زوجة علي ، فاطمة بنت الرسول ، وكان في مصرع علي الفجع ما رفعه إلى مقام الشهادة أيضا وما لزم إتباعه بالعمل وفق ميثاق ممهور بدمه ” .

من النص أعلاه يتضح سوء الفهم الذي وقع به المستشرق فشوه الحقائق بهدف نفي قدسية أهل البيت عليهم السلام من نفوس المسلمين وبذلك يمكن فك الارتباط بينهم وبين معتقداتهم ليتم الجانب السلبي من عملية التغير للمجتمعات الإسلامية .

ويتضح مما ورد من أقوال وتخرصات المستشرقين يعرب عن قلة اطلاعهم على الثقافة الشيعية وما هو مقتضى الكتاب والسنة في صيغة الخلافة بعد الرسول والتي تقول : ( إن سيرة النبي الأكرم ونصوصه في مواقف مختلفة تثبت بوضوح انه ( ص) غرس النواة الأولى في أمر القيادة منذ إن اصحر بالدعوة وتعاهدها إلى إن لفظ أنفاسه الأخيرة) .

هذه النصوص من الكثرة والوفرة بحيث انه لا يمكن استيعابها ولا ذكر كثير منها ، ويكفينا مئونة ذلك الموسوعات الحديثة في المناقب والفضائل والمؤلفات الكلامية في أمر الولاية ونحن نكتفي بالقليل من الكثير , إن طهارة النفسية العلوية ، ونقاوة الروح التي كان الإمام على (ع) يتحلى بها والتربية المستمرة التي كان يحظي بها في حجر رسول الله ( ص) كل ذلك كان سببا في أن يتصف الإمام على (ع) – ومنذ نعومة أظفاره – ببصيرة نفاذة وقلب مستنير ، وأذن سمعية واعية تمكنه من أن يرى أشياء ويسمع أمواجا تخفي على الناس العاديين ويتعذر عليهم سماعها ورؤيتها ، كما يصرح نفسه بذلك إذ يقول : ( أرى نور الوحي والرسالة ، واشم ريح النبوة ) , وقال الإمام الصادق : ( كان علي (ع) يرى مع رسول الله ( ص) قبل الرسالة الضوء ، ويسمع الصوت) , وقد قال له النبي (ص) : ( لولا إني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة ، فان لا تكن نبيا فانك وصي نبي ووارثه ، بل أنت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء ) .

إن هذان الرافدان اللذان كانا يرفدان الشخصية العلوية بالأخلاق والسجايا الراقية ، نضيف إليهما البيئة الرسالية وشخصية الإمام تضاف  إلى ما  اكتسبه من والديه الطاهرين بالوراثة وما تلقاه في حجر النبي ( ص) إلى ما أخذه من بيئة الرسالة والإسلام من أفكار وأراء رفيعة وتأثر عنها أدركنا عظمة الشخصية العلوية من هذا الجانب . لذا فان الإمام علي (ع) يحظى بمكانة مرموقة لدى الجميع مسلمين وغير مسلمين لما يتمتع به من شخصية سامقة وخصوصيات خاصة يتميز بها . والبعد الأخر في شخصية الإمام لا تنحصر في أم ذكر أعلاه بل انه لأولياء الله سبحانه بعدا أخر داخلا في هوية ذاتهم وحقيقة شخصيتهم وهو الذي ميزهم عن سائر الشخصيات وأضفى عليه يريقا خاصا ولمعانا عظيما . وهذا البعد المعنوي هو كونهم رسل الله وأنبياءه أو خلفاءه وأوصياء أنبيائه .

المبحث الثالث . قضية فدك وآراء المستشرقين :

إن الرمزية التي اكتسبتها قضية الخلاف بين الزهراء (ع) وأبي بكر حول فدك , والتي ارتفعت من مخاصمة عادية منكمشة في افقها محدودة في دائرتها , إلى ثورة واسعة النطاق رحيبة الأفق , فان ابسط تمعن في الروايات والنصوص التاريخية التي ذكرتها , لا تجد فيها نزاعاً ماديا , أو اختلافاً بمعناها المحدود الضيق , بل هي ثورة على أساس الحكم والصرخة التي أرادت فاطمة (ع) إن تقتلع بها الحجر الأساسي الذي بني عليه التاريخ بعد يوم السقيفة . 

إن الأحاديث النبوية والمرويات التاريخية , التي تتعلق بمسألة الخلاف بين فاطمة الزهراء (ع) والخليفة أبا بكر , حول فدك وأرث الرسول (ص) من خيبر , يجدها الباحث والقارئ الراغب في الكتابة أو التعرف عن مظلومية أهل البيت (ع) , وبخاصة المرويات التاريخية القريبة من الحدث أو التي تناولت تلك الحقبة من التاريخ الإسلامي (أي العصر الراشدي) , أنها قليلة جداً بشكل يلفت الانتباه وهي لا تتعدى رواية أو حديث هنا أو هناك , نجدها في بعض روايات البلاذري في كتابه فتوح البلدان أو ما ذكره الحموي في معجم البلدان وغيرها من المصادر , ونعلل ذلك بجملة أسباب منها :

منع تدوين الحديث النبوي حتى نهاية القرن الأول الهجري , فضاع مع طول هذه المدة العديد من الأحاديث النبوية والمرويات التاريخية المهمة , وبالأخص أن هذه المدة شهدت دخول الدولة الإسلامية في العديد من الحروب وأبرزها حروب الردة وحركة الفتوحات الإسلامية ضد ابرز إمبراطوريتين في ذلك الوقت (الرومانية والفارسية) وقد استشهد في هذه الحروب العديد من الصحابة والتابعين فضاع معهم الكثير من العلم , كذلك الفتن التي مرت بها الدولة العربية الإسلامية منذ أوائل نشوئها وحتى الوقت الحاضر , والتي شهدت إحراق العديد من المكتبات العامة والشخصية كمكتبة الشيخ الطوسي ومثلما جرى عند الغزو المغولي لبغداد سنة 656هـ / 1258م , والتي اتلف معها العديد من الكتب والمصادر بما تتضمنه من أحاديث ومرويات تتحدث عن مظلومية أهل البيت (ع) .

وقبل أن نبدأ في عرض وتحليل ما ذكره المستشرقون في دراساتهم وأبحاثهم عن فدك , لابد أن نحلل بعض الروايات التاريخية التي تحدثت عنها من النواحي التالية :  

أولا : الموقع الجغرافي :

يحدد لنا الحموي([87]) موقعها الجغرافي فيقول : ” فدك , قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة , أفائها الله على رسوله (ص) في سنة سبع صلحاً ” , وأورد ابن هشام([88]): ” قال ابن إسحاق : فلما فرغ رسول الله (ص) من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك , حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر , فبعثوا إلى رسول الله (ص) يصالحونه على النصف من فدك , فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف , أو بعد ما قدم المدينة , فقبل ذلك منهم , فكانت فدك لرسول الله (ص) خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ” .

وذكر البلاذري([89]) : “… قالوا بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا , وسألوا رسول الله (ص) أن يحقن دماءهم ويسيرهم , فسمع بذلك أهل فدك , فنزلوا على مثل ذلك , وكانت فدك لرسول الله (ص) خاصة, لأنه لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب” ([90]) .

نستنتج من الروايات السابقة أن هنالك إجماع على إن فدك كانت للرسول محمد (ص) , خالصة لأنه لم يفتحها بالقوة بل فتحت صلحا , لذلك فهي لا تدخل ضمن غنائم الحرب بل الرسول يتصرف بها كيفما يشاء .  

ثانياً . استحقاق فدك :                                 

أما فيما يخص استحقاق فدك , فقد أكدت الكثير من الروايات أن فدكاً هي من حق فاطمة الزهراء (ع) منها على سبيل المثال لا الحصر :

  • إن رسول الله (ص) قد أعطاها إياها في حياته روى إبان بن عثمان ([91]) في ذلك : ” قال : فلما فرغ رسول الله (ص) من خيبر عقد لواء ثم قال : “من يقوم إليه فيأخذه بحقه” ؟ وهو يريد إن يبعث به إلى حوائط فدك , فقام الزبير فقال : إنا فقال له :أمط عنه , ثم قام إليه سعد فقال : إنا , فقال : أمط عنه , وثم قال : يا علي قم إليه فخذه , فأخذه فبعث به إلى فدك فصالحهم على إن يحقن دماءهم فكانت حوائط فدك لرسول الله (ص) خاصا خالصا , فنزل جبرئيل (ع) فقال : أن الله عز وجل يأمرك إن تؤتي ذا القربى حقه , فقال : يا جبرئيل ومن قرباي وما حقها ؟ قال : فاطمة فأعطها حوائط فدك , وما لله ولرسوله فيها , فدعا رسول الله (ص) فاطمة (ع) وكتب لها كتابا جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر وقالت : هذا كتاب رسول الله (ص) لي ولابني ” .

  • ومن ذلك ما رواه الاربلي([92]) : ” وروى ابن بابويه مرفوعا إلى أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ }([93]) قال رسول الله (ص) : يا فاطمة لك فدك ” .

وقد أورد كثير من المفسرين إن هذه الآية القرآنية ذات دلالة واضحة على وجوب إعطاء ذوي القربى ومنهم الطبري([94]) : “حدثني محمد بن عمارة الاسدي … عن أبي الديلم قال : قال علي بن الحسين (ع) لرجل من أهل الشام : أقرأت القران ؟ قال : نعم , قال : أفما قرأت في بني إسرائيل (وآت ذي القربى حقه) قال : وأنكم للقرابة التي أمر الله جل ثناؤه إن يؤتى حقه ؟ قال : نعم … فتأويل الكلام : وأعط يا محمد ذا قرابتك حقه من صلتك إياه وبرك به والعطف عليه …” , وأورد الرازي([95]) : ” اعلم أن هذا النوع الرابع من أعمال الخير والطاعة المذكورة في هذه الآيات وفيه مسائل : المسألة الأولى : قوله (وآت) خطاب مع من ؟ وفيه قولان :

القول الأول , انه خطاب للرسول (ص) فأمره الله إن يؤتي أقاربه الحقوق التي وجبت لهم في الفيء والغنيمة , واوجب عليه أيضا إخراج حق المساكين وأبناء السبيل أيضا من هذين المثالين والقول الثاني , انه خطاب للكل … والمعنى : انك بعد فراغك من بر الوالدين , يجب إن تشتغل ببر سائر الأقارب الأقرب فالأقرب , ثم بإصلاح أحوال المساكين وأبناء السبيل ” .

  • ومما ذكره الحموي([96]) : ” … وهي التي قالت فاطمة (رض) : إن رسول الله (ص) نحلينها , فقال أبو بكر (رض) : أريد لذلك شهود ولها قصة ” , فهنا إشارة إلى إن النبي (ص) , قد نحل فاطمة (ع) فدك فلذلك طالبت فاطمة (ع) , بنحلتها وحاججت أبو بكر في حقها منها .

  • قيام العديد من الخلفاء الأمويين والعباسيين برد فدك على ورثة فاطمة الزهراء (ع) , وأكدوا أنها حق شرعي لها ولورثتها , روى الجوهري([97]) : “… وكان أبو بكر يأخذ غلتها فيدفع إليهم منها ما يكفيهم ويقسم الباقي , وكان عمر كذلك , ثم كان عثمان كذلك , ثم كان علي كذلك , فلما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان اقطع مروان بن الحكم ثلثها , واقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها , وذلك بعد موت الحسن بن علي (ع) , فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان بن الحكم أيام خلافته , فوهبها لعبد العزيز ابنه , فوهبها ابنه عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز , فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة , كانت أول ظلامة ردها دعا حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) وقيل : بل دعا علي بن الحسين (ع) فردها عليه , وكانت بيد أولاد فاطمة (ع) , مدة ولاية عمر بن عبد العزيز , فلما ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم , فصارت في أيدي بني مروان كما كانت يتداولونها , حتى انتقلت الخلافة عنهم , فلما ولي أبو العباس السفاح , ردها على عبد الله بن الحسن بن الحسن , ثم قبضها أبو جعفر المنصور لما حدث من بني حسن مل حدث , ثم ردها المهدي ابنه على ولد فاطمة (ع) , ثم قبضها موسى بن المهدي وهارون أخوه فلم تزل في أيديهم حتى ولي المأمون فردها على الفاطميين “

         نجد من الرواية الأنفة إن الخليفة عمر بن عبد العزيز – والذي يعرف عند الأمويين بالأشج –  قام بإعادة فدك على ورثة فاطمة (ع) , وبخاصة إن المدة التي كانت بين وفاة الخليفة أبي بكر وبين وفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز قليلة جدا([98]) , بحيث لو كان يعلم الخليفة عمر بن عبد العزيز إن فدك ليست من استحقاق فاطمة (ع) فكيف يعيدها على ورثتها , وقد شرح ذلك بخطبة طويلة ([99]) , كذلك قام الخليفة أبو العباس السفاح بردها على العلويين , وكذلك الخليفة المهدي بن المنصور , وكذلك الخليفة المأمون , وغيرهم ([100]) .

  • وأورد علي بن طاووس([101]): ” … وقد وهب جدك محمداً (ص) أمك فاطمة (ع) فدكاً والعوالي من جملة مواهبه , وكان دخلها حسب رواية الشيخ عبد الله بن حماد الأنصاري أربعة وعشرون ألف دينار في كل سنة , وفي رواية غيره سبعين ألف دينار ” ([102]).

فمن هذه النصوص يتبين لنا أن فدك , قد أعطاها النبي محمد (ص) إلى فاطمة (ع) في حياته كنحلة لها , وكان تأكيد ذلك بالنص القرآني , كما جاء في قوله تعالى : (وآت ذي القربى حقه ) , وكما ذكرناه فأن المفسرين أكدوا إن هذه الآية القرآنية فيها تأكيدا وتصريحا بوجوب إن يؤتي النبي (ص) أقاربه حقوقهم , فهي لذلك من حقها بعد وفاته (ص) .

ثالثاً . القيمة المادية :

إن فدك كانت ذات قيمة مادية مهمة بالنسبة للدولة العربية وان وارداتها كانت تشكل مورد مهم وتدر إرباحا كبيرة ولا يعني ذلك أنها مجرد قطعة ارض صغيرة لا تقدم أو تؤخر شيئا ومما يؤكد ذلك :

  1. ما رواه البلاذري ([103]): “… فكان ينفق منها ويأكل ويعود على فقراء بني هاشم ويزوج أيمهم‏” فكيف كان النبي ينفق منها على بني هاشم ويعود على الفقراء ويزوج الإماء إن لم تكن عوائد فدك كبيرة جدا .

  2. أورد الحموي([104]): وفيها عين فوارة ونخل كثيرة , مما يدل دلالة واضحة على أنها كانت منطقة كبيرة جدا وان وجود المياه فيها مما يدل على أنها غنية بالزراعة .

  3. كذلك إن تمسك الخليفة أبو بكر الشديد بالحفاظ على فدك وعدم إعطائها لفاطمة (ع) , يدل دلالة قطعية على إن فدك كانت ذات قيمة مادية كبيرة جدا , فلو لم تكن كذلك لأعطاها لفاطمة (ع) , وكسب بذلك رضاها عنه الأمر الذي قد يدعم موقف خلافته دعما قويا سيما وان بداية خلافة أبي بكر قد شهدت قيام حركات الردة , ومما يدلل على ذلك ما أورده الاربلي([105]) :

        ” وعلى هذا فقد كان أبو بكر وعمر (رض) لما وليا هذا الأمر يرتبان في الإعمال والبلاد القريبة والنائية من الصحابة والمهاجرين والأنصار من لا يكاد يبلغ مرتبة علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) ولا يقاربها فلو اعتقادهم مثل بعض الولاة وسلما إليهم هذه الصدقة التي قامت النائرة في أخذها وعرفاهم ما روياه وقالا لهم : انتم أهل البيت وقد شهد الله لكم بالطهارة واذهب عنكم الرجس وقد عرفناكم أن رسول الله (ص) قال : لا نورث ما تركنا صدقة , وقد سلمناها إليكم وشغلنا ذممكم بها , والله من وراء أفعالكم فيها , وهو سبحانه بمرأى منكم ومسمع فاعملوا فيها بما يقربكم منه ويزلفكم عنده فعلى هذا سلمناها إليكم وصرفناكم فيها فان فعلتم الواجب الذي أمرتم به وفعلتم فيها فعل رسول الله (ص) و فقد أصبتم وأصبنا , وان تعديتم الواجب وخالفتم ما حدده رسول الله (ص) فقد أخطأتم وأصبنا فان الذي علينا الاجتهاد ولم نأل في اختياركم جهدا وما علينا بعد بذل الجهد لائمة وهذا الحديث من الإنصاف كما ترى والله الموفق والمسدد ” .

  1. ومن جانب آخر نستدل به على القيمة الكبيرة لفدك هو اهتمام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بفدك وإجلاء اليهود والنصارى منها , الذين صالحهم النبي محمد (ص) فكما ذكر البلاذري ([106]): ((فأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمرة ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحهم على ذلك‏ ,‏ فأقام لهم عمر نصف الثمرة ونصف الأرض من ذهب وورق وأقتاب ثم أجلاهم‏))‏ , وفي رواية الجوهري([107]) : (( وقال غير مالك بن انس : لما أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوم الأموال , بعث أبا الهيثم بن التيهان, وفروة بن عمرو , وحباب بن صخر , وزيد بن ثابت , فقوموا ارض فدك ونخلها , فأخذها عمر ودفع إليهم قيمة النصف الذي لهم , وكان مبلغ ذلك خمسين إلف درهم , أعطاهم إياها من مال أتاه من العراق , وأجلاهم إلى الشام )) , فأن أعطاء الخليفة عمر بن الخطاب لليهود الذين أجلاهم عن فدك , نصف الثمر ونصف الأرض بقيمتها من الذهب والفضة دليل على أن القيمة المادية لفدك كانت كبيرة بحيث أن اليهود لم يجلوا عنها حتى أرضاهم الخليفة عمر بالتعويض المناسب , كذلك إن إرساله لأربعة من الصحابة لمعرفة قيمة الأرض ودفعه مبلغ خمسين إلف درهم – وهو مبلغ كبير آنذاك لان الدولة العربية الإسلامية كانت في أوائل نشوئها – لدليل واضح وبرهان ناصع على القيمة المادية الكبيرة لفدك .

  2. كذلك قيام خلفاء بني أمية وبني العباس بتقسيم فدك فيما بينهم , والاستئثار بها والسعي للحفاظ عليها ذكر البلاذري([108]) : ” … عن أبي برقان قال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة خطب فقال : ثم ولي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (رض) , فوضعوا ذلك بحيث وضعه رسول الله (ص) ثم ولي معاوية فأقطعها مروان بن الحكم فوهبها مروان لأبي ولعب الملك فصارت إلي و للوليد وسليمان , فلما ولي الوليد سألته حصته منها فوهبها لي , وسألت سليمان حصته منها فوهبها لي فاستجمعتها , وما كان لي من مال أحب إلي منها , فاشهدوا إني قد رددتها إلى ما كانت عليه … “ ([109]) .

        وأورد الحموي ([110]) : ” … فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى عامله بالمدينة يأمره برد فدك إلى ولد فاطمة (رض) , فكانت في أيديهم في أيام عمر بن عبد العزيز , فلما ولي يزيد بن عبد الملك قبضها فلم تزل في أيدي بني أمية حتى ولي أبو العباس السفاح الخلافة فدفعها إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فكان هو القيم عليها يفرقها في بني علي بن أبي طالب , فلما ولي المنصور وخرج عليه بنو الحسن قبضها عنهم , فلما ولي المهدي بن المنصور الخلافة أعادها عليهم ثم قبضها موسى الهادي ومن بعده إلى أيام المأمون فجاءه رسول بني علي بن أبي طالب فطالب بها فأمر إن يسجل لهم بها , فكتب السجل وقرئ على المأمون فقام دعبل الشاعر وانشد :

             أصبح وجه الزمان قد ضحكا        برد المأمون هاشم فدكا ” .

        فهذا يدل دلالة قطعية على إن فدك كانت ذات قيمة مادية مهمة , لذلك كان بنو أمية وبنو العباس ينتهزون الفرص من اجل أخذها من العلويين والاستئثار بخيراتها .

ويصف السيد محمد باقر الصدر (قدس)([111]) القيمة المادية لفدك فيقول : ” إن فدكاً لم تكن أرضاً صغيرة أو مزرعاً متواضعاً كما يظن البعض , بل الأمر الذي اطمئن إليه أنها كانت تدر على صاحبها أموالاً طائلة تشكل ثروة مهمة ” , ثم أستدل بعد ذلك على أن فدكاً ذات موارد مالية جيدة ، وأكد ذلك بأربعة أدلة أشار إليها ([112]) .

وكانت كتابات المستشرقين في هذا المجال قليلة جدا , فمنهم من تغاضى عن ذكر قضية فدك ومنهم من ذكرها بإشارة بسيطة , ولم يبين الحقيقة في ذلك , أورد المستشرق كبرييلي ([113]) في حديثه عن فتح خيبر وفدك :

” يمكننا ملاحظة قوة وسلطة محمد وهي تتعاظم على نحو لا يمكن مقاومته سواء في داخل الحجاز ام في خارجها , وحتى ذلك الحين وبعد بضعة أشهر من صلح الحديبية كان قد قاد إتباعه لفتح واحة خيبر الخصبة , الواقعة شمالي المدينة , التي كانت حتى ذلك الوقت ممتلكة ومزروعة من قبل اليهود , وكانت نتيجة هذه الحملة إن استمر اليهود في زراعتها , ولكن بوصفهم مستأجرين من أصحاب الأراضي الجدد المسلمين , إذ توجب إن يدفعوا لهم نصف محصولهم ” .

وأورد المستشرق كونسلمان([114]) إن قضية فدك ومطالبة الزهراء (ع) بها لم تكن للحصول على المنافع المادية وحقوقها فيها بقدر ما كان الأمر يتعلق بالمطالبة بأحقية أهل البيت (ع) بالخلافة والسلطة السياسية ولعله انفرد في ذلك دون باقي المستشرقين حيث يقول : ” كانت فاطمة قد قررت الكفاح من اجل حقوق زوجها , فكان يصدر عن بيتها لأيام عديدة نحيب , على شكل اعتراض رتيب على ظلم المؤمنين , إلا إن الخليفة أبا بكر لم يخش هذا , فهو أيضا يتذكر جملاً قالها الرسول اكتسبت الآن فجأة قيمة التعاليم , ونص احد هذه التعاليم على التالي ” بعد موت رسول الله (ص) يكون ما يملك ملكاً للفقراء ” , وللتوزيع العادل لنصيب الفقراء يكون الخليفة هو المختص , وكان الخليفة هو أبو بكر , واستناداً إلى هذا التوكيل الذي يعرفه هو فقط قام الخليفة أبو بكر بنزع ملكية أراضي واحتي فدك وخيبر الخصبة , والتي كانت ملكاً للنبي (ص) وصارت ملكاً لفاطمة ” .

يحاول كونسلمان إن يؤكد على الحديث الذي يرويه أبو بكر عن الرسول محمد (ص) : ” قد بدأ في عهد الخليفة أبي بكر ، وذلك انه رفض إعطاء فاطمة (ع) فدكاً , واستشهد بهذا الحديث : (لا نورث ما تركناه صدقة) , وهو حديث قد انفرد بروايته أبو بكر فقط , ذكر الجوهري([115]) :(قلت هذا حديث غريب لان المشهور انه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده) , ويقول علي بن طاووس([116]):

” في هذا الحديث عدة طرائف , فمن طريف ذلك أنهم نسبوا محمداً (ص) نبيهم إلى انه أهمل أهل بيته الذين قال الله تعالى عنهم (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)([117]), ومع هذا ينقلون انه لم ينذر عشيرته ولا وقى أهله ولا عرفهم أنهم لا يرثونه ولا عرف علياً (ع) ولا العباس ولا أحداً من بني هاشم ولا أزواجه , ولا سمعوا ولا أحد منهم بذلك مدة حياة نبيهم ولا بعد وفاته حتى خرج بعضهم يطلب ميراثه ، وبعضهم يرضى بذلك الطلب … وكيف تقبل العقول وتقتضي العوائد أن نبيهم يعلم أنه لا يورث ويكتم ذلك عن أهله ونسائه وخاصته , إن ذلك دليل واضح على انه كان موروثاً على اليقين وأنهم دفعوا فاطمة (ع) ووارثه بالمحال الذي لا يخفى على أهل البصائر والدين ” .

وقال علي بن طاووس([118]) في موضع آخر : ” ومن طريف ذلك أن يكون بنو هاشم وأزواجه وابنته مشاركين لمحمد (ص) نبيهم في سره وجهره ومطلعين على أحواله  ويستر عنهم أنهم لا يستحقون ميراثه ويعلم ذلك أبو بكر ومن وافقه من الأباعد , وليس لهم ما لبني هاشم من الاختصاص به والمخالطة له ليلاً ونهاراً وسراً وجهراً , إن ذلك من طرائف ما يقال عن هؤلاء القوم من ارتكاب المحال ” .

من خلال ما مر بنا نعلم إن الحديث الذي استشهد به أبو بكر في محاججته للزهراء (ع) مردود من حيث الرواية والسند لأنه حديث ضعيف انفرد هو بروايته  ولم يروه من الصحابة والتابعين والمسلمين غيره , كذلك مردود من حيث العقل والمنطق , كما بين ذلك السيد علي بن طاووس والعلامة الحلي (قدس) .

وحاججت الزهراء (ع) الخليفة أبي بكر بخطاب آخر سعت فيه إلى إقناعه بالحجة البالغة والحوار المقنع فمن ذلك ما رواه البلاذري([119]) : ” … عن أم هانئ إن فاطمة بنت رسول الله (ص) أتت أبا بكر الصديق فقالت له من يرثك إذا مت ؟ فقال : ولدي وأهلي  فقالت : فما بالك ورثت رسول لله (ص) دوننا , فقال : يا ابنة رسول الله , والله ما ورثت أباك ذهبا ولا فضة , فقالت : سهمنا بخيبر وصدقتنا بفدك , فقال : يا بنت رسول الله  سمعت رسول الله (ص) يقول : ” إنما هي طعمة اطعمنيها الله حياتي , فإذا مت فهي بين المسلمين “([120]) .

وخير من علق على هذه الرواية الجوهري([121]) حيث أورد : ” قلت : في هذا الحديث عجب , لأنها قالت له : أنت ورثت رسول الله (ص) أم أهله , قال : بل أهله وهذا تصريح بأنه (ص) موروث يرثه أهله , وهو خلاف قوله , لا نورث , وأيضا فأنه يدل على إن أبا بكر استنبط من قول رسول الله (ص) , إن الله اطعم نبيا طعمة أن يجري رسول الله (ص) عند وفاته مجرى ذلك النبي , أو يكون قد فهم انه عني بذلك النبي المنكر لفظا نفسه , كما فهم من قوله في خطبته , إن عبدا خيره الله بين الدنيا وما عند ربه , فأختار ما عند ربه فقال أبو بكر: بل نفديك بأنفسنا ” .

        ويذكر كونسلمان في طبيعة الصراع بين الزهراء (ع) وبين أبي بكر وهو هنا أيضا ينفرد عن باقي المستشرقين بإيراده للروايات التي تتحدث عن مهاجمة عمر بن الخطاب وأتباعه لمنزل فاطمة (ع) بل وذكر قضية إسقاط الجنين (محسن) , يقول في ذلك :

        ” … لم تورد الروايات التاريخية أخباراً عن فاطمة إلا بعد موت النبي (ص) واحد أخبارها يقول : لما مات النبي انتزع الخليفة أبو بكر ارض فدك وهاجم عمر منزلها بجماعة من رجاله وأثناء هذا صدمت فاطمة بالباب فجرحت , وقام واحد من خدم عمر بضربها حتى أجهضت من حملها في الشهر السادس بعد ذلك مباشرة أخذت هي أبناءها وخرجت بهم من المدينة إلى بيت مهدم إلى المكان الذي يدعى (مكان الأشجان) وهناك بكت ولعنت جلاديها وقبعت ساعات حزينة بلا حراك وهكذا قضت ما تبقى من حياتها في بكاء ولعان , وكانت تطلب إن تدفن ليلاً حتى لا يمثل بجثتها هؤلاء الذين لاحقوها بالبغض , وقد اتفق المؤرخون على أن فاطمة قد ماتت في نفس العام الذي توفي فيه النبي (ص) إلا انه غير معروف إن كانت قد ماتت متأثرة بجراحها التي ألحقها بها خادم عمر , ولا يخبرنا أي مصدر عن سبب ترك علي زوجها لها بدون حماية , ولم نعثر في روايات عن خبر يقول لنا أن علياً طلب الثأر لضرب فاطمة ” ([122]) .

        وفي الحقيقة إن كونسلمان تناسى انه من المستحيل أن يترك علي (ع) زوجته فاطمة (ع) دون حماية , وكيف ذلك وهو المشهور بشجاعته وإقدامه في كل الحروب , امن المعقول إن يصيبه الجبن في الدفاع عن حليلته وأم أولاده وابنة خير البرية ؟!! , يروي سليم الهلالي بعد أن ذكر قصة الهجوم على الدار , في دفاع علي (ع) عن سليلة النبوة بالقول :

        ” … فوثب علي (ع) فاخذ بتلابيبه ثم نتره فصرعه ووجأ انفه ورقبته وهم بقتله , فذكر قول رسول الله (ص) وما أوصاه به فقال : والذي أكرم محمداً بالنبوة يا ابن صهاك لولا كتاب من الله سبق وعهد عهده إلي رسول الله (ص) لعلمت انك لا تدخل بيتي ” ([123])

          كان مما أوصاه به (ص) : يا علي إنك ستلقى بعدي من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك , فان وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك , فإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بيدك إلى التهلكة , فانك مني بمنزلة هارون من موسى , ولك بهارون أسوة حسنة إذ قال لأخيه موسى : إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ([124]) .

الخاتمة :

الخلاصة :

إن ابرز ما يمكن التوصل إليه ممن خلاصة هذا البحث هو :

  • إن فدك هي من نصيب الزهراء عليها السلام , وذلك لأن رسول الله (ص) قد أعطاها إياها في حياته فهي نحلة للزهراء (ع) , وكذلك إن الزهراء (ع) تستحقها بالوراثة أيضا وبسهم ذوي القربى – وقد حرمت من ذلك كله –  وبالتالي فإنها من حق ورثتها من بعدها .

  • إن القيمة المادية لفدك كبيرة جدا فهي ذات مورد مالي ضخم , فبالتالي لا يمكن اعتبارها مجرد قطعة ارض صغيرة , وقد استشهدنا ببعض الأدلة المبسطة على ذلك في سياق البحث .

  • لم يكن ترك الزهراء (ع) لفدك تنازلا عن حقها بل أنها غصبت على ذلك , واستمرت بالمطالبة بحقوقها حتى آخر يوم من حياتها (ع) .

  • التأسي بمظلومية الزهراء (ع) , وجعلها أنموذجا لنا نقتدي به , وذلك بعدم التنازل عن حقوقنا المشروعة والمطالبة بها , بكل الطرق المشروعة التي أباحها الله عز وجل .

  • الاستفادة والتمعن بخطبها الرائعة , التي امتازت بـ الفصاحة اللغوية والأدبية والنثرية , واعتمادها مصدرا لدراسة الأساليب والتراكيب اللغوية في قواعد اللغة العربية .

  • تعلم الأسلوب الخطابي الفصيح الذي امتازت به الزهراء (ع) – وعمرها (ع) كان ما يقارب 18 عاما – لطلبتنا من اجل الحفاظ على الروح الإسلامية الحميدة والتخلق بأخلاق أهل البيت (ع) , وان نجعلهم قدوة لنا قولا وفعلا .

  • تجديد وإحياء ذكرى أهل البيت (ع) , بإقامة المزيد من الندوات والمؤتمرات العلمية , التي تسعى إلى بيان مظلوميتهم من اجل توضيح الحقائق وكشف القناع الزائف الذي غلف به تاريخ أهل البيت (ع) من قبل بعض المؤرخين والكتاب من القدماء والمعاصرين , الذي باعوا ضمائرهم بدراهم معدودة , يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا .

  • محاولة إعادة القراءة ونقد وتحليل لدراسات المستشرقين وكتاباتهم , وذلك لان الأغلب الأعم منها يعتمد على الروايات التاريخية والأحاديث النبوية المنقوصة والضعيفة , ويبنون عليها أرائهم وأفكارهم , والهدف الأساس من ذلك هو محاولة الإساءة إلى الدين الإسلامي ورموزه الدينية والسياسية والاجتماعية .

  • إن اغلب دراسات المستشرقين وخصوصاً فيما يتعلق بأهل البيت عليهم السلام , فإنها تعتمد على المصادر التاريخية التي يشتهر مؤلفوها بالعداء الشديد لأهل البيت عليهم السلام ومنهم ابن حزم الأندلسي , أو الروايات المدسوسة التي يرويها الطبري وابن سعد الزهري وغيرهم , وهم بذلك يحاولون كلاٌ بحسب دوافعه , الإساءة إلى أهل البيت , ومحاولة زرع بذور الفتنة , وتوسيع الشقة بين الفرق الإسلامية , دينياً وعنصرياً , وبالأخص بين الشيعة والسنة , بما هو نافع للسياسة الدولية وللبلدان التي ترجع إليها انتماءاتهم القومية أو السياسية .

  • ولا ننكر إن هناك بعض الدراسات الأستشراقية المعتدلة والمنصفة لأهل البيت عليهم السلام والتي اعتمدت في بناء تلك الدراسات على الروايات الإسلامية التي تضمنتها كتب علماء الشيعة من المتأخرين والمتقدمين , ولعل من ابرز تلك الدراسات كتاب (محمد والفتوحات الإسلامية ) للمستشرق كبرييلي , و كتاب ( سطوع نجم الشيعة ) للمستشرق كونسلمان وغيرها .

  • نشر العديد من البحوث والدراسات التي تنقد وتحلل الدراسات الأستشراقية , ونشرها على أوسع نطاق بين القراء , للتعريف بهذه الدراسات وبيان الجوانب الايجابية والسلبية التي تتضمنها , حتى لا تؤثر بعض هذه الدراسات المشبوهة , على عقلية القارئ العربي المسلم , بما يولد له تصورات وأفكار خاطئة عن الدين الإسلامي , ورموزه الدينية والسياسية والاجتماعية , وبالأخص أهل البيت عليهم السلام .

  • أن هذه الدراسة جاءت كمحاولة أولية لتحليل ونقد الرؤية الأستشراقية للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام , ومقارنتها مع الروايات التاريخية الإسلامية التي تحدثت عنها , فلذلك فيها من القصور الكثير , ولابد من كتابة العديد من البحوث , حتى تعطي القيمة الحقيقة لمكانة السيدة الزهراء (ع) في الدراسات الأستشراقية , باعتبارها من الدراسات المعاصرة والحديثة , تعطي رؤية الأخر لأهل البيت عليهم السلام .

  • الاستنتاجات :

  1. دراسة المستشرقين للتاريخ الإسلامي , تمتاز بان أكثر نصوصها دس وتشويه , وما تحيكه من شبهات التي تعود إلى جهل المستشرقين أو تجاهلهم , لحقائق التاريخ الإسلامي ورواياته الموثوقة .

  2. إن كتابات المستشرقين , المتحيزة تجاه التاريخ الإسلامي بشكل عام , وأهل البيت (ع) بشكل خاص كانت تعود إلى دوافع المستشرقين التي هي ترجمة لأهداف بلدانهم السياسية والثقافية والفكرية وللتأثير الديني المسيحي الذي ينتمي إليه غالبية هؤلاء المستشرقين , دور مهم في محاولاتهم الحثيثة إلى تحريف التاريخ الإسلامي وشخصياته المتميزة .

  3. كان الهدف الواضح , لكتابات المستشرقين فيما يتعلق بالموقف السياسي للزهراء (ع) , وهو تشويه شخصيتها وذلك من خلال إظهارها بمظهر الضعيف , التي لا تمتلك أي قدرة سياسية وبالتالي كان موقفها السياسي لا ينظر له تلك الأهمية من وجهة نظرهم , وهذا كله تم تفنيده بالرجوع إلى المصادر والمراجع الأصيلة التي تناولت سيرة وتاريخ السيدة الزهراء (ع) .

  4. ولا يمكن إن ننسى أو نتجاهل أن بعض كتابات المستشرقين جزأ أو كلاً كانت موضوعية أو حيادية لكن هذه إذا وضعت في مقياس المصداقية التاريخية , فإنها لا تعدوا أن تكون بنسبة 1% , من مجموع كتابات المستشرقين عن التاريخ الإسلامي , لكن لا يمكن لنا إن ننفي وجود هذه الكتابات .

  • المقترحات والتوصيات :

  1. ضرورة دراسة مواضيع التاريخ الإسلامي بالرجوع إلى المصادر الأصيلة , والتحقق من الروايات التاريخية بالرجوع إلى المصادر الأقرب إلى الحدث .

  2. التمييز بين الكتابات المعتدلة والمتطرفة للمستشرقين , وذلك بالمقارنة بين ما يوردوه من معلومات وروايات في كتبهم , وبين المصادر التاريخية التي هي اقرب إلى موضوع الحدث , لان الكثير من رواياتهم في تحريف وتزييف للحقائق .

  3. الاهتمام بمواضيع الأستشراق والمستشرقون , وذلك لمعرفة آرائهم والاطلاع عليها , من باب معرفة الرأي والرأي الأخر المعارض له .

  4. الاهتمام بإدخال دراسة الأستشراق إلى الدراسات الأولية في الجامعات العراقية , وعدم اقتصارها على الدراسات العليا , وذلك لتقوية قدرة الطلبة على التحليل والاستنتاج والتعليل , وهو المطلوب من دراسة التاريخ الإسلامي .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

قائمة المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم .

  • الكتاب المقدس .

المصادر :

  1. ابن لأثير , أبو الحسن علي بن محمد الشيباني الجزري ت 630 هـ , الكامل في التاريخ , تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي , ط4 , دار الكتب العلمية بيروت , 2006 م .

  2. الأحمر , إبان بن عثمان ت حوالي 170 هـ : المبعث والمغازي والوفاة والسقيفة والردة , إعداد رسول جعفريان , ط1 , مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي , إيران, 1417 .

  3. الأربلي , علي بن عيسى بن أبي الفتح ت 693 هـ , كشف الغمة في معرفة الأئمة , ط1 , دار المرتضى للمطبوعات , بيروت , 2006 م .

  4. ابن إسحاق , محمد بن إسحاق بن يسار ت 151 هـ , سيرة ابن إسحاق , تحقيق سهيل زكار , ط1 , دار الفكر , بيروت , 1978 م .

  5. البلاذري , احمد بن يحيى بن جابر ت 279 هـ: فتوح البلدان , تحقيق عبد الله أنيس وعمر أنيس الطباع , مؤسسة المعارف بيروت , 1987 .

  6. البلاذري , احمد بن يحيى بن جابر , أنساب الإشراف , تحقيق سهيك زكار وأخر , ط1 , دار الفكر , بيروت , 1996 م .

  7. ابن الجوزي , عبد الرحمن بن علي بن محمد , ت 597هـ : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك , تحقيق محمد عبد القادر عطا وأخر , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت , 1995 م .

  8. الجوهري , احمد بن عبد العزيز ت 323 هـ: السقيفة وفدك , تحقيق محمد هادي الأميني ط2 , شركة الكتبي للطباعة والنشر , بيروت , 1993 .

  9. ابن حبيب , أبو جعفر محمد ت 245 هـ , المحبر , بلا . ط , بلا . مط , بيروت , 1361 هـ .

  10. ابن أبي الحديد , عز الدين بن هبة الله بن محمد ت 656 هـ : شرح نهج البلاغة , ط1 , دار الكتب العلمية , بيروت , 1998م .

  11. ابن حزم , علي بن احمد بن سعيد الأندلسي ت 456 هـ , جمهرة انساب العرب , ط3 , دار الكتب العلمية , بيروت 2003 م .

  12. الحموي , ياقوت بن عبد الله البغدادي ت 626 هـ : معجم البلدان , د.ط , دار صادر , بيروت , د.ت .

  13. ابن حنبل , احمد ت 241 ه , فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) , تحقيق حسن حميد السيد , مطبعة ليلى , إيران , 2004 م .

  14. ابن خلدون , عبد الرحمن ت 808 هـ , العبر وديوان المبتدأ والخبر , ط3 , دار الكتب العلمية , بيروت , 2006 م .

  15. الذهبي , محمد بن احمد بن عثمان ت 748 هـ , سير أعلام النبلاء , ط1 , دار البنيان , القاهرة , 2003 م .

  16. ابن سعد , محمد بن سعد بن منيع الزهري ت 230 هـ , كتاب الطبقات الكبير , تحقيق علي محمد عمر ط1 , الشركة الدولية للطباعة , القاهرة,2001 .

  17. سليم بن قيس الهلالي , كتاب سليم , تحقيق محمد باقر الأنصاري , ط2 , دار الحوراء , بيروت , 2009 .

  18. الطبرسي , احمد بن علي بن أبي طالب ت ق 6 هـ : الاحتجاج , ط1 , دار الدين القيم , بيروت , بلا . ت .

  19. الطبري , أبو جعفر محمد بن جرير ت 310 هـ : جامع البيان عن تأويل آي القران , تعليق محمود شاكر الحرستاني وتصحيح علي عاشور , ط1 , دار إحياء التراث العربي , بيروت , 2001 م .

  20. الطبري , أبو جعفر محمد بن جرير ت 310 هـ , تاريخ الرسل والملوك , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , ط4 , دار المعارف , القاهرة , 1979 م .

  21. علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف , تحقيق علي عاشور , ط1 , مؤسسة الاعلمي للمطبوعات , بيروت , 1999 .

  22. علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ , كشف المحجة تحقيق محمد الحسون , ط2 , مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي , إيران , 1417 هـ .

  23. علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ , سعد السعود , ط1 , مطبعة الإعلام الإسلامي , إيران , 1422 هـ .

  24. الفخر الرازي , التفسير الكبير , ط4 , دار إحياء التراث العربي , بيروت , 2001 م .

  25. ابن كثير , أبو الفداء إسماعيل بن كثير القريشي ت 747 هـ , السيرة النبوية , تحقيق مصطفى عبد الواحد , ط1 دار إحياء التراث العربي , بيروت , 1964 م .

  26. ابن المغازلي , علي بن محمد بن محمد الواسطي الشافعي ت 483 هـ , مناقب علي بن أبي طالب , تحقيق كاظم العزاوي , مطبعة سبحان , قم , 1426 هـ .

  27. المفيد , محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ت 413 هـ , الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد , مطبعة قلم , قم , 1428 هـ .

  28. ابن النديم , محمد بن أبي يعقوب بن إسحاق ت 380 هـ , الفهرست , تحقيق يوسف علي الطويل , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت , 2002 م .

  29. ابن هشام , عبد الملك بن هشام الحميري ت 218 هـ , السيرة النبوية , تحقيق مصطفى السقا وآخرون , بلا . ط , دار إحياء التراث العربي , بيروت , بلا . ت .

  30. اليعقوبي , احمد بن إسحاق بن جعفر ت 292 هـ , تاريخ اليعقوبي , تحقيق خليل المنصور , مطبعة دار الزهراء , قم , 1429 هـ .

المراجع :

  1. الزبيدي , قيصر عبد الكريم , المعارضة العلوية في العصرين الراشدي والأموي في روايات الحليين , ط1 دار الصادق (ع) , بابل – العراق , 2010 م .

  2. الصدر , السيد محمد باقر , فدك في التاريخ , ط3 , مطبعة شريعت , إيران , 1427 هـ .

  3. الطائي , نجاح , فقه السيرة النبوية , ط10 , مؤسسة دار الهدى لإحياء التراث , قم المقدسة , 1434 هـ .

  4. الطائي , نجاح , السيرة النبوية , ط1 , دار الهدى لإحياء التراث , بيروت , 1426 هـ .

  5. الطباطبائي , السيد محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن , ط1 , مؤسسة الأعلمي , بيروت , 1997 م .

  6. الكعبي , شهيد كريم محمد , صورة أصحاب الكساء بين تجني النص واستباحة الخطاب الاستشراقي هنري لامانس أنموذجاً , ط1 , مطبعة دار الكفيل للطباعة والنشر والتوزيع , كربلاء المقدسة , 2015 م .

  7. الملاح , هاشم يحي , الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت 2011 م .

  8. ناجي , د . عبد الجبار , التشيع والاستشراق , ط1 , المركز الأكاديمي للأبحاث , بيروت , 2011 م .

الدراسات الأستشراقية :

  1. اوليري , ديلاسي , الفكر العربي ومكانه في التاريخ , ترجمة د. تمام حسان , ط2 , الهيئة المصرية العامة للكتاب , مصر , 1997 م .

  2. بروكلمان , كارل , تاريخ الشعوب السلامية , نقله إلى العربية نبيه أمين فارس و منير البعلبكي , ط6 , دار العلم للملايين , بيروت , 1974 م .

  3. جاكسون , روي , خمسون شخصية أساسية في الإسلام , ترجمة رشا جمال , ط1 , الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت , 2010 م .

  4. درمنغم , أميل , حياة محمد , نقله إلى العربية عادل زعيتر , ط2 , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , بيروت 1988 م .

  5. دي غوري , جيرالد , حكام مكة , ترجمة محمد شهاب , ط1, مكتبة مدبولي , القاهرة , 2010 م .

  6. سيديو , خلاصة تاريخ العرب , ترجمة علي باشا مبارك , بلا . ط , دار الآثار , بيروت , بلا . ت .

  7. كاهن , كلود , الإسلام منذ نشوئه حتى ظهور السلطنة العثمانية , ترجمة حسين جواد قبيسي , ط1 , المنظمة العربية للترجمة , بيروت , 2010 م .

  8. كبرييلي , فرانشيسكو , محمد والفتوحات الإسلامية , تعريب عبد الجبار ناجي , ط1 , منشورات الجمل , بغداد , 2011 م .

  9. كونسلمان , جرهارد , سطوع نجم الشيعة , ترجمة محمد أبو رحمة , ط 3 , مكتبة مدبولي , القاهرة , 2004 م .

  10. لابيدس , أيرا . م , تاريخ المجتمعات الإسلامية , ترجمة فاضل جتكر , ط1 , دار الكتاب العربي , بيروت , 2011 م .

  11. لويس , برنارد , الحشاشون , تعريب محمد العزب موسى , ط3 , مكتبة مدبولي , القاهرة , 2008 م .

  12. Lammens , Henri , Fatima et less Filles de Mahomet , Notes critiques pour letude dela Sira . Romae , 1912 m .

  13. Rowe , Ruth , Lady of the Woman of the Worlds ,Exploring Shi,I Piety and Identity Through A Consideration Of Fatima AL – Zahra , A Thesis Submitted to the Faculty of the Department of Near Eastern studies , In the Graduate College of The University Of Arizona , 2008 m .

[1] – درمنغم , أميل , حياة محمد , نقله إلى العربية عادل زعيتر , ط2 , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , بيروت  1988 م , ص 61 .

[2] – ينظر : الملاح , هاشم يحي , الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت  2011 م , ص 12 .

[3] – الملاح , الوسيط , ص 32 .

[4] – ينظر : ابن سعد , محمد بن سعد بن منيع الزهري ت 230 هـ , كتاب الطبقات الكبير , تحقيق علي محمد عمر ط1 , الشركة الدولية للطباعة , القاهرة,2001 , (1/ 125)  ؛ الملاح , الوسيط , ص 73 .

[5]  – سورة طه : آية 17 – 18 , كذلك قصة رعيه الغنم في مدين لمدة عشر سنوات كأجر عن زواجه بإحدى ابنتي النبي شعيب (ع) ينظر سورة القصص : آية 20 – 28 .

[6]  _  الكتاب المقدس , العهد القديم , بلا . ط , دار الكتاب المقدس في العالم العربي , بلا . م , بلا . ت , سفر الخروج  الإصحاح الثالث , ص 89 – 90 .

[7] – درمنغم , حياة محمد , ص 61 .

[8] – المصدر نفسه , ص 61-67 .

[9] – بروكلمان , كارل , تاريخ الشعوب السلامية , نقله إلى العربية نبيه أمين فارس و منير البعلبكي , ط6 , دار العلم للملايين , بيروت , 1974 م , ص 33 .

[10] – دي غوري , جيرالد , حكام مكة , ترجمة محمد شهاب , ط1, مكتبة مدبولي , القاهرة , 2010 م , ص 41 .

[11] – جاكسون , روي , خمسون شخصية أساسية في الإسلام , ترجمة رشا جمال , ط1 , الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت , 2010 م , ص 30 .

[12] – كونسلمان , جرهارد , سطوع نجم الشيعة , ترجمة محمد ابو رحمة , ط 3 , مكتبة مدبولي , القاهرة , 2004 م   ص 7 .

[13] – سيديو , خلاصة تاريخ العرب , ترجمة علي باشا مبارك , بلا . ط , دار الآثار , بيروت , بلا . ت , ص 42 . 

[14] – كاهن , كلود , الإسلام منذ نشوئه حتى ظهور السلطنة العثمانية , ترجمة حسين جواد قبيسي , ط1 , المنظمة العربية للترجمة , بيروت , 2010 م , ص 32-33 .

[15] – تزوجت خديجة قبل الرسول رجلين كان الأول هو عتيق بن عائذ المخزومي فولدت له ابنة تسمى أم محمد … وإما زوجها الثاني فكان أبا هند بن زرارة بن النباش التميمي وقد ولد له منها ابن أسماه هنداً , وقد بقى هند مع أمه بعد زواجها من رسول الله (ص) وعاش في كنفه, ويذكر إن ثروتها جاءت عن طريق زواجها من عتيق وأبي هالة فضلا عما أخذته عن أبيها خويلد ينظر : الملاح , الوسيط , ص 76-77 . 

[16] – ابن حزم , علي بن احمد بن سعيد الأندلسي ت 456 هـ , جمهرة انساب العرب , ط3 , دار الكتب العلمية , بيروت  2003 م , ص 142 – 143 , ص 210 .

[17] – الطبقات الكبرى , (1/132) .

[18] – أبو جعفر محمد بن جرير ت 310 هـ , تاريخ الرسل والملوك , تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , ط4 , دار المعارف , القاهرة , 1979 م , (2/280) .  

[19] – ينظر : الطائي , نجاح , السيرة النبوية , ط1 , دار الهدى لإحياء التراث , بيروت , 1426 هـ , (1/146-147) .

[20] – الطائي , السيرة النبوية , (1/147-148) .

[21] – المصدر نفسه , (1/ 149) .

[22] – ابن حبيب , أبو جعفر محمد ت 245 هـ , المحبر , بلا . ط , بلا . مط , بيروت , 1361 هـ , ص 79 .

[23] – ابن كثير , أبو الفداء إسماعيل بن كثير القريشي ت 747 هـ , السيرة النبوية , تحقيق مصطفى عبد الواحد , ط1 دار إحياء التراث العربي , بيروت , 1964 م , (1/131) .

[24] – المصدر نفسه , (1/154) .

[25] – سورة لقمان : آية 14 .

[26] – لمزيد من التفاصيل عن زواج النبي (ص) من خديجة وعمرهما وأولادهما والروايات في ذلك , انظر : الطائي , السيرة النبوية , (1/ 140-164) , الملاح , الوسيط في السيرة النبوية , ص 76 – 77 .

[27] – سورة القلم : آية 4 .

[28] – سورة الأحزاب : آية 21 .

[29] – كبرييلي , فرانشيسكو , محمد والفتوحات الإسلامية , تعريب عبد الجبار ناجي , ط1 , منشورات الجمل , بغداد , 2011 م , ص 123 .

[30] – حياة محمد , ص 64 .

[31] – ينظر ابن إسحاق , محمد بن إسحاق بن يسار ت 151 هـ , سيرة ابن إسحاق , تحقيق سهيل زكار , ط1 , دار الفكر , بيروت , 1978 م , ص 81 – 82 , ص 245 ؛ اليعقوبي , احمد بن إسحاق بن جعفر ت 292 هـ , تاريخ اليعقوبي , تحقيق خليل المنصور , مطبعة دار الزهراء , قم , 1429 هـ , (2/14- 15) .

[32] – حياة محمد , ص 69 .

[33] – ينظر : الطائي , نجاح , فقه السيرة النبوية , ط10 , مؤسسة دار الهدى لإحياء التراث , قم المقدسة , 1434 هـ , ص 236 – 237 .

[34] – سورة فصلت : آية 6.

[35] – ينظر : ابن الجوزي , عبد الرحمن بن علي بن محمد , ت 597هـ : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك , تحقيق محمد عبد القادر عطا وأخر , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت , 1995 , (16/16) ؛ ابن لأثير , أبو الحسن علي بن محمد الشيباني الجزري ت 630 هـ , الكامل في التاريخ , تحقيق أبي الفداء عبد الله القاضي , ط4 , دار الكتب العلمية  بيروت , 2006 م , (8/339) .

[36] – سطوع نجم الشيعة , ص 33 .

[37] – ابن سعد الزهري , الطبقات الكبرى , (8/11) .

[38] – ينظر : الملاح , الوسيط في السيرة النبوية والخلافة الراشدة , ص 65 .

[39] – أعلام الورى , ص 181 .

[40] – ينظر : الملاح , الوسيط في السيرة النبوية , 166 .

[41] – Fatima et Les Filles de Mahomet et , P. 15 . , وينظر : الكعبي , شهيد كريم محمد : صورة أصحاب الكساء بين تجني النص واستباحة الخطاب الاستشراقي هنري لامانس أنموذجاً , ط1 , دار الكفيل للطباعة والنشر   كربلاء المقدسة , 2015 م , ص 367 .

[42] – احمد بن حنبل , مسند احمد , (3/259) , باب فضائل فاطمة بنت رسول الله .

[43] – م . ن , (4/475) .

[44] – م . ن , (5/204) .

[45] – نقلا عن : ناجي , د . عبد الجبار , التشيع والاستشراق , ط1 , المركز الأكاديمي للأبحاث , بيروت , 2011 م , ص 408 – 409 .

[46] – Lady of the Woman of the Worlds , p.41 .  , وينظر : الكعبي , صورة أصحاب الكساء , ص 377 .

[47] – محمد والفتوحات , ص 165 .

[48] – سطوع نجم الشيعة , ص 33 .

[49]– الطبري , تاريخ , (2/282) ؛ ابن الجوزي , المنتظم , (3/65) .

[50]– ذكر الاربلي ، كشف الغمة ، (2/30) ، إنهن : فاطمة بنت محمد (ص) , وفاطمة بنت أسد , وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب .

[51]– اليعقوبي , تاريخ , (2/27) .

[52]– ابن الأثير , الكامل , (2/7) .

[53] – نقلا عن : الكعبي , صورة أصحاب الكساء , ص 404 .

[54]– كشف اليقين , ص 412 .

[55]– أورده ابن المغزلي , المناقب , ص 61 ؛ القندوزي , ينابيع المودة , (3/313) .

[56]– الأصيلي , ص 54 .

[57]– مختصر البصائر , ص 130-131 .

[58]– ينظر : الطبري , تاريخ , (2/410) ؛ ابن الجوزي , المنتظم , (3/84) ؛ سبط ابن الجوزي , تذكرة , ص 276 .

[59] – اوليري , ديلاسي , الفكر العربي ومكانه في التاريخ , ترجمة د. تمام حسان , ط2 , الهيئة المصرية العامة للكتاب , مصر , 1997 م , ص 79 .

[60] – ينظر في ذلك : الشيخ المفيد , كتاب الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد , حيث يذكر في بداية ترجمته لكل إمام من أئمة أهل البيت (ع) الوصية من الإمام الذي سبقه , وصفاته المؤهلة للإمامة .

[61] – سطوع نجم الشيعة , ص 16 .

[62] – سورة التوبة : آية 71 .

[63] – سورة الممتحنة : آية 12 .

[64] – سورة آل عمران : آية 144 .

[65] – ينظر : ابن حنبل , احمد ت 241 ه , فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) , تحقيق حسن حميد السيد , مطبعة ليلى , إيران , 2004 م , ص 129 , 163 ؛ البلاذري , احمد بن يحيى بن جابر , أنساب الإشراف , تحقيق سهيك زكار وأخر , ط1 , دار الفكر , بيروت , 1996 م , (2/356-357) ؛ اليعقوبي , تاريخ (2/76) ؛ المفيد , محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ت 413 هـ , الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد , مطبعة قلم , قم , 1428 هـ , ص 133-134 ؛ ابن المغازلي , علي بن محمد بن محمد الواسطي الشافعي ت 483 هـ , مناقب علي بن أبي طالب , تحقيق كاظم العزاوي , مطبعة سبحان , قم , 1426 هـ , ص 34-44 وقد أخرجه بعدة طرق ؛ ؛ الذهبي , محمد بن احمد بن عثمان ت 748 هـ , سير أعلام النبلاء , ط1 , دار البنيان , القاهرة , 2003 م , (2/184-185) وقد أخرجه بعدة طرق ؛ الطباطبائي , السيد محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن , ط1 , مؤسسة الأعلمي , بيروت , 1997 , (6/53-55) . 

[66] – حياة محمد , ص 366-367 .

[67] – ينظر : المفيد , الإرشاد , ص 141 – 142 ؛ علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف , تحقيق علي عاشور , ط1 , مؤسسة الاعلمي للمطبوعات , بيروت , 1999 , (1/228) ؛ علي بن طاووس , الطرف , ص 14 – 15 .

[68] – درمنغم , حياة محمد , ص 368-369 .

[69] – المصدر نفسه , 369 .

[70] – ينظر : الطبري , تاريخ , (3/193) ؛ ابن الأثير , الكامل , (2/185) ؛ ابن خلدون , عبد الرحمن ت 808 هـ , العبر وديوان المبتدأ والخبر , ط3 , دار الكتب العلمية , بيروت , 2006 م , (2/465) ؛ علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ , كشف المحجة تحقيق محمد الحسون , ط2 , مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي , إيران , 1417 هـ , ص 117 – 118 ؛ علي بن طاووس , علي بن موسى بن جعفر الحلي ت 664 هـ , سعد السعود , ط1 , مطبعة الإعلام الإسلامي , إيران , 1422 هـ , ص 464 – 465 .

[71] – محمد والفتوحات , ص 185-187 .

[72] – لويس , برنارد , الحشاشون , تعريب محمد العزب موسى , ط3 , مكتبة مدبولي , القاهرة , 2008 م , ص 41 .

[73] – سطوع نجم الشيعة , ص 33 .

[74] – المصدر نفسه , ص 16 .

[75] – سطوع نجم الشيعة , ص 16 .

[76] – ينظر : الزبيدي , قيصر عبد الكريم , المعارضة العلوية في العصرين الراشدي والأموي في روايات الحليين , ط1 دار الصادق (ع) , بابل – العراق , 2010 م , ص 52 – 55 , ص 81 – 84 . 

[77] – الإسلام , ص 41 .

[78] – تاريخ الشعوب الإسلامية , ص 83 .

[79] – لابيدس , أيرا . م , تاريخ المجتمعات الإسلامية , ترجمة فاضل جتكر , ط1 , دار الكتاب العربي , بيروت   2011 م , (1/98 ) .

[80] – حكام مكة , ص 44 .

[81] – دي غوري , حكام مكة , ص 47 .

[82] – ينظر : ابن هشام , عبد الملك بن هشام الحميري ت 218 هـ , السيرة النبوية , تحقيق مصطفى السقا وآخرون , بلا ط , دار إحياء التراث العربي , بيروت , بلا . ت , (4/ 316 – 317 ) ؛ الطبرسي , احمد بن علي بن أبي طالب ت ق 6 هـ : الاحتجاج , ط1 , دار الدين القيم , بيروت , بلا . ت , (1/75) .

[83]– كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (ع) , ص 461-462 .

[84]– أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام , من اشد الناس عداوة لأمير المؤمنين (ع) , من أهل المدينة , إخباري , نسابة , له كتاب النسب المعروف , توفي سنة 256هـ/869م , تنظر ترجمته : ابن النديم , محمد بن أبي يعقوب بن إسحاق ت 380 هـ , الفهرست , تحقيق يوسف علي الطويل , ط2 , دار الكتب العلمية , بيروت , 2002 م , ص 177-178 .

[85]– ينظر : الأربلي , علي بن عيسى بن أبي الفتح ت 693 هـ , كشف الغمة في معرفة الأئمة , ط1 , دار المرتضى للمطبوعات , بيروت , 2006 م , (2/41-42) .

[86] – ناجي , التشيع والاستشراق , ص 412 .

[87]– ياقوت بن عبد الله البغدادي ت 626 هـ : معجم البلدان , د.ط , دار صادر , بيروت , د.ت , (4/238) .

2- السيرة النبوية , (3/ 384 ) .

[89]– احمد بن يحيى بن جابر ت 279 هـ: فتوح البلدان , تحقيق عبد الله أنيس وعمر أنيس الطباع , مؤسسة المعارف  بيروت , 1987 , ص 42 .

[90]– للاستزادة ينظر : أبو بكر الجوهري , احمد بن عبد العزيز ت 323 هـ: السقيفة وفدك , تحقيق محمد هادي الأميني  ط2 , شركة الكتبي للطباعة والنشر , بيروت , 1993 , ص 99 ؛الحموي , معجم البلدان , (4/240) .

[91]– إبان بن عثمان الأحمر ت حوالي 170 هـ : المبعث والمغازي والوفاة والسقيفة والردة , إعداد رسول جعفريان , ط1 , مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي , إيران, 1417 هـ ص 89 – 90 .

4- كشف الغمة , ( 2/ 98 ) .

5- سورة الإسراء : آية 26 .

1- أبو جعفر محمد بن جرير ت 310 هـ : جامع البيان عن تأويل آي القران , تعليق محمود شاكر الحرستاني وتصحيح علي عاشور , ط1 , دار إحياء التراث العربي , بيروت , 2001 , (15/ 84) .

2- الفخر الرازي : التفسير الكبير , ط4 , دار إحياء التراث العربي , بيروت , 2001 , (7/328) . 

3- معجم البلدان , (4/238) .

4- السقيفة وفدك , ص 105-106 .

1- توفي الخليفة أبي بكر سنة 13 هـ , وتوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز سنة 101 هـ , فالفارق هو 88 سنة فقط .

2- ينظر : البلاذري , فتوح البلدان , ص 44 ؛ الجوهري , السقيفة وفدك , ص 106 ؛ الحموي , معجم البلدان , (4/239) .

3- ينظر : البلاذري , فتوح البلدان , ص 45- 47 ؛ الجوهري , السقيفة وفدك , ص 105- 106 ؛ الحموي , معجم البلدان , (4/239) .

4- كشف المحجة لثمرة المهجة , ص 182 .

[102]– ينظر : محمد باقر الصدر , فدك في التاريخ , ط3 , مطبعة شريعت , إيران , 1427 هـ , ص 30-31 .

6- فتوح البلدان , ص 44 .

7- معجم البلدان , (4/238) .

1 – كشف الغمة , (2/99) .

2- فتوح البلدان , ص 44 – 45 .

3- السقيفة وفدك , ص 100 .

1- فتوح البلدان , ص 45 . 

2- وفي رواية أخرى إن عثمان اقطع مروان فدك , ينظر : ابن أبي الحديد عز الدين بن هبة الله بن محمد ت 656 هـ : شرح نهج البلاغة , ط1 , دار الكتب العلمية , بيروت  , 1998 ,(1/125) .

3- معجم البلدان , (4/239) .

[111]– فدك في التاريخ , ص 30 . 

[112]– المصدر نفسه , ص 30-31 .

[113] – محمد والفتوحات , ص 166 .

[114] – كونسلمان , سطوع نجم الشيعة , ص 17 .

[115] – المصدر نفسه , ص 111 .

[116] – الطرائف , (1/370-371) .

[117] – سورة الشعراء : آية 214 .

[118] – الطرائف , (1/371) .

[119] – فتوح البلدان , ص 43-44 .

[120] – أورده أيضا : الجوهري , السقيفة وفدك , ص 108 ؛ الحموي , معجم البلدان , (4/239) ؛ الاربلي , كشف الغمة , (2/99) .

[121] – السقيفة وفدك , ص 109 .

[122] –  كونسلمان , سطوع نجم الشيعة , ص 33 – 34 .

[123] – سليم الهلالي , سليم بن قيس ت 76 هـ , كتاب سليم , تحقيق محمد باقر الأنصاري , ط2 , دار الحوراء , بيروت  2009 م , ص 150 .

[124] – ينظر : سليم الهلالي , كتاب سليم , ص 134 – 135 .