مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الندوة الثالثة.. العنوان (( المنهج الإسلامي في فكر السيدة الزهراء( عليها السلام) أسباب ونتائج )).في حسينة .الواقعة في البصرة –خمسة ميل ..الباحث الأول: الشيخ يوسف الكعبي
+ = -

بسم الله الرحمن الرحيم .

 الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه وافتتح بالحمد كتابه وجعل اول نعمته وأخر جزاء أهل طاعته . وصل الله على خير بريته محمد(صل الله عليه واله وسلم) الحمد لله الذي قال في نبئه الصادق وكتابه الناطق .

( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والأنس ………. 179 الأعراف ) لقد أحدثت واقعة الهجوم على بيت فاطمة( عليها السلام) وإسقاط جنينها وكسر ضلعها . هزة عظيمة في ضمائر المسلمين وعواطفهم وأيقظتهم من سباتهم وغفلتهم كان ذلك  في عصر تمثلت فيه الخطبة الفدكية الرنانة والكلمات النارية على أنها منشور سياسي بوجه الخصوم, ودليل ُ عقائدي على فضح القوم وأحقية أهل البيت (عليهم السلام) فوجدت الأمة في حراك الزهراء( عليها السلام) .كذلك أقول  ان الملاحظ أن فاطمة ( عليها السلام) أول من اختط شريعة الإصلاح وتغيير الانحراف في الأمة وأسست لذلك نظاماً ومنهجاً إصلاحياً تنهل منه الأجيال على مر العصور والدهور . لذلك أقول القيام الفاطمي الإصلاحي: * لا يعتريه النسيان * لا يعتريه الضياع * لا يعتريه الإهمال * لا يعتريه الملل . في كل عام نقف اجلالاً واكراماً وننهل من هذا المعين استذكاراً لحراكها الإصلاحي لأنه يمثل رحم ولوداً تنهل منه الأجيال والمجتمعات الحرة الرافضة للظلم والخاضعة للقيم الإنسانية ولأنها كانت تمثل القيم والمبادئ والأخلاق لأنه لا يخفى لعب الانتهازيون من أهل السقيفة دوراً بارزاً في حياة الأمة الإسلامية بعد رحيل النبي الأكرم (صل الله عليه واله) ولم يقتصر دورهم على وقت محدد ( يعني فترة زمنية مفادها بعد رحيل النبي (صل الله عليه واله) لكي تستطيع الأمة ان تنهض بالمسؤولية لتشخيص الانتهازي النفعي من غيره وتجعله خارج المسيرة وتستمر في سيرتها .وإنما شاءت الأقدار ان يبقى الانتهازيين إلى جنب أهل البيت ( عليهم السلام) إلى جنب الفضلاء والأخيار وعلى مر التاريخ وإلى اليوم تجدهم يعيثون في الأرض فساداً . الانتهازي النفعي من هو : هو الذي ينتهز الفرصة وينتزعها من الآخرين. أمير المؤمنين منشغل بجنازة رسول الله (صل الله عليه واله) والانتهازيين النفعين تحت السقيفة الواثبين لظلم ال محمد ومحمد ملقى بلا تكفين .

من هنا أقول : لم يكن الحراك الفاطمي مختلفاً عن حراك المجموعة الرسالية بل كانت الزهراء ( عليها السلام) رائدة فيه معتمدة في حراكها على أمرين رئيسيين :

أولاً : منهج القران .

ثانياً : ممارسات والدها خاتم النبيين ( صلى الله عليه واله وسلم) .

بهذين الأمرين استخدمت المفاهيم الحركية الإسلامية وبالتالي فالزهراء( عليها السلام) إذا أردنا التعريف عن هويتها الإسلامية وعن فكر الزهراء( عليها السلام) في منهجها الإسلامي نقول وبكل حجة ظاهرة لنا أنها المرأة التي وعت الاجتماع النبوي والرسالي الإسلامي منذ ان وطئت قدما أدم على الأرض إلى الصادر الأول محمد ( صلى الله عليه واله وسلم) وجسدته في موقفها ورسالتها الإسلامية حيث موقف الزهراء( عليها السلام) واستنكارها على الزمرة السياسية التي سجلت أول انحراف وارتداد عن منهج القران وسنة النبي( صلى الله عليه واله وسلم) فكان الموقف من الزهراء( عليها السلام) كان له أهداف واضحة تبرز لكل باحث ومتتبع وساعياً لاكتشاف الحقيقة لأحداث تلك الفترة وخاصة حينما يقف على أول نص من رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) المتمثل بأخبارها أنها أول الناس لحوقاً به .

   يكشف هذا النص أنها أرادت أن تبلغ القريب والبعيد القاصي والداني وهو أنه واجب على كل مسلم منا هو الوقوف ضد كل سلطة غاشمة , والعمل الدؤوب على سحب الثقة عنها. وهنا يأتي سؤال لو لم تخرج الزهراء ( عليها السلام)  بحراكها الإسلامي وبخطبتها الفدكية مثلاً ماهي التسمية السياسية المترتبة الجواب لأضفت مشروعية على خلافة فلان لذلك المتتبع لمفردات الخطبة الفدكية يجد انها دعوة لكل الرساليين للسعي نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحقيق الطموح الإسلامي ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) مطلقة أو مشروطة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر صفة الخيرية لهذه الأمة مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة الخيرية لهذه الأمة مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مطلقاً يوجد تقييد توجد خصوصية فقد تزول هذه الصفة عندما تبتعد الأمة وتتنازل عن هذه الفريضة العظيمة وهي فريضة الأمر بالمعروف وتفقد صفة الخيرية لذلك ان الطموح الفاطمي والعلوي والحسني والحسيني والصادقي والمهدوي وهكذا بقية الرسالين لم يكن ناظراً إلى طول المسافات الزمانية او انتظار النص والظفر بجلاء الظالمين عن أزمة الحكم بل كان رسالة نهضوية أخلاقية.

فالحراك الفاطمي هو حراك أتجه إلى يقظة الأمة من سباتها وغفلتها (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والأنس)  ورسمت طريق الإصلاح ومنهجه وذلك عبر الإصرار على الثوابت الدينية فكل حركة إصلاحية تحاول ان تحقق أهدافها الرسالية لابد ان تلتزم بمبادئها فلو أنها فرطت  بمبدأ واحد منها كان الفشل ثمرته . وان طال عمر بعض الحركات الإصلاحية مدة من الزمن إلا أنها سقطت تحت معادل هذا التفريط .

ومن هنا رأينا الحركات الإصلاحية التي مرت على الأمة بدأت قوية ومن ثم آلت إلى الانحسار والتراجع ثم السقوط. أذن سؤال يطرح ما هو المنهج الإصلاحي الرسالي؟ الجواب : هو المنهج الذي يرفض رفضاً باتاً المساومات على حساب الدين والعقيدة كما يرفض التحالفات مع اطراف فاسدة كما ان هذا الحراك وغيره ممن سار على خطى النبي( صلى الله عليه واله وسلم) وجميع الرساليين على مدى الدهور والعصور التي سبقت خاتم الأديان لذلك أقول طريق أصلاح البشر بحاجة دائما إلى من يعيده  ويسقي أشجاره وان لم يحقق مطلباً واسعاً ولكن المهم والأجدر هو الغرس في ارض صالحة وخصبة من شأنها ان تثمر يوماً من الأيام .

واليك خير شاهد هؤلاء الفتية أصحاب الكهف تركوا القصور وساروا باتجاه الكهف لان كان عندهم تميز ما  لكن خالق السموات والأرض عبارة عن حجارة كان عندهم للاستخدام الأمثل لعقولهم لذلك هذا الاستخدام الأمثل للعقول والإخلاص في حراكهم الإصلاحي أثمر ولو بعد حين. لذلك لقب سيدة نساء العالمين ما كان جزافاً وإنما وفقاً لاستحقاقات ومؤهلات توفرت في الزهراء( عليها السلام) وصولتها جاءت لكي تعبر على أنها نموذج لمعصوم قادر على سيادة المجتمعات في كل زمان ومكان كمرجعية معرفية تصون المرأة من كل الانحرافات والتوجهات الممزقة التي تحاول جرها لتغرد خارج السرب هذا النموذج وهو ما يفرض واقعاً على كل المهتمين ان يدرسوا النموذج المعصوم ليصوغوا المثال الحضاري الإسلامي للمرأة الذي يقع في طول نموذج الزهراء( عليها السلام) المعصوم في السيادة والقادر على سيادة المجتمعات الإنسانية وصيانتها من كل الأفكار والايدولوجيات المنحرفة التي تحاول تجريد المرأة من هويتها الإنسانية التي تستبطن وظيفة الخلافة الربانية على الأرض من حقوق وما عليها من واجبات وتبرز هويتها الأنثوية التي تركز على تمييع دورها وتحويلها لمعول هدم المجتمعات.

 علينا نعود لفاطمة( عليها السلام) وما أدراك ما فاطمة ( عليها السلام) ما ترك النبي( صلى الله عليه واله وسلم) شيء ما قاله بحق ابنته واليك بعض ما قاله الحبيب أبا الزهراء محمد( صلى الله عليه واله وسلم) :

كان يقول: ( سيدة نساء العالمين) وقال عنها (سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين) وقال عنها: (سيدة نساء أهل الجنة) وقال عنها: (سيدة نساء أهل القيامة) وقال عنها:( سيدة نساء امتي) وقال عنها: (فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن ابغضها فقد ابغضني). خلاصة الكلام رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) لم يترك شيء ما قاله في حق الزهراء( عليها السلام) لغاية وحكمة من السماء و من النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) ) وما ينطق عن الهوى) هذا ان دل على شيء فأنه يدل على أنها صلوات الله عليها (سيدة نساء العالمين وسيدة رجال العالمين باستثناء أبيها وبعلها) لا تتعجب ولا تستغرب من هذا الكلام كيف لا وأنت تقرأ قوله تعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ) الآية لم تقول  وضرب الله مثلا للمؤمنات امرأة فرعون لا انما قالت وضرب الله مثلا للذين امنوا من(الرجال والنساء) فإذا كانت أسيا بنت مزاحم مثلا عالياً  وقدوتاً للرجال والنساء  فما بالك بسيدة اسيا زهي الزهراء (بأبي وامي) هنا أفضلية الزهراء( عليها السلام) على أسيا بنت مزاحم وهي قدوة للنساء والرجال.

لعله يسأل سائل او قل يشكل علينا احدهم فيقول مثلا انتم تتكلمون عن الزهراء ( عليها السلام) وحدكم والقران الكريم يقول في حق مريم بأنها سيدة نساء العالمين أذن كيف تقولون بان الزهراء( عليها السلام) سيدة نساء العالمين ما نصه القران في سورة ال عمران 42 (وإذ قالت الملائكة يامريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ). الجواب : نحن نقول (ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين في زمانك . في عصرك , في وقتك) آنذاك وليس مطلقاً طيب ما هو دليلكم ما هو الكاشف والدليل على هذا الكلام . أقول العالمين هنا ليست مطلقة يعني كيف يكون القران يطرح المطلق ولكن يريد منه المقيد يعني تعبيراً عن (عموم يراد به خصوص) كما يعبر عنه بالعلوم العقلية سوف تقول كيف يعني مثلا اسمع قوله تعالى وهذه الاية تكررت مرتين في سورة البقرة (122 , 47)  (بسم الله الرحمن الرحيم  يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين ) يعني العالمين مطلقاً إلى يوم القيامة لو يوجد مراد أخر من القران في العالمين هنا إذا كنت نعتقد ونقول مطلقاً مثل مريم ماهي النتيجة المترتبة خلاص القران يقول (اليهود أفضل من المسلمين) الله عز وجل قال لهم ( فضلتكم على العالمين ) وهنا مطلق الكلام نقول لا هنا العالمين مطلقاً ولكن يراد منه مقيد يعني مثل قضية مريم ( عليها السلام) في عصرك في زمانك فانتم اليهود في عصركم في زمانكم والا كيف يكون اليهود افضل من المسلمين .

قال تعالى : ( كنتم خير امة أخرجت للناس ) هنا التفاته جدا راقيه ( صفة الخيرية لهذه الأمة قد تنفك وتزول حتى ذيل الآية كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) فإذا ابتعدت الأمة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل ستبقى صفة الخيرية للأمة تزول وتنفك ولا ملازمة بينهما أذن خروج الزهراء( عليها السلام) ضد المنكر الزم صفة الخيرية للأمة وهكذا  أذن الأمة الإسلامية أفضل من غيرها . أذن العالمين في زمانهم وهكذا مريم( عليها السلام) لهذا نجد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) ماذا قال عن الزهراء( عليها السلام) فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وما ينطق عن الهوى اذن القيد المناط في أفضلية الزهراء( عليها السلام) هو ذيل الحديث من الأولين والآخرين ايضاً.

 نجد في البخاري كتاب (فضائل الصحابة) باب مناقب فاطمة بنت محمد( صلى الله عليه واله وسلم) رسول الله قول (فاطمة سيدة نساء العالمين ) والسؤال هنا مريم بالجنة لكن فاطمة سيدتها , خديجة في الجنة لكن فاطمة سيدتها , آسيا في الجنة لكن فاطمة سيدتها  وهكذا بقية النساء المؤمنات .ما أعظمك يا بنت محمد( صلى الله عليه واله وسلم) ما أعظمك يا رائدة الإصلاح كيف لا وهي صاحبة العلة الغائية كما امتازت بذلك لانه عندنا العلة علتان علة فاعلية وعلة غائية نحن نعلم ما خلق الله عز وجل  شيء في عالم الوجود (عالم النشا , الملك , الدنيا ) عبر ما شأت كلها أسماء مرادفة ما خلق الله عز وجل الا وجعل له (غايةً) والغاية هي الكمال . والكمال قد نجده في نبينا ( صلى الله عليه واله وسلم) وبالتالي فأن غاية الكمال التي هي غاية الوجود قد تجسدت وتبلورت في الرسول وأهل بيته عليه وعليهم صلوات الله من هنا يعبر عنهم بأنهم العلة الغائية للوجود . والعلة تارة يعبر عنها بأنها ( علة فاعلية) وهي الله عز وجل  وهي التي صنعت الوجود .

ومن هنا يأتي الوارد والقائل (ما خلقت سماء مبنية ولا ارض مدحية ولا  .. ولا  الا لهؤلاء الخمسة والذين هم تحت الكساء وهم ( فاطمة وأبيها وبعلها وبنوها) صلوات الله عليهم أجمعين . وهذا المعنى سجله علماء الجمهور في كتبهم ومنهم ( الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ). وبما ان  أهل البيت ( عليها السلام) هم نفس رسول الله بنص آية المباهلة وبقية الأدلة النقلية والعقلية من هنا التزمنا بانهم لولاهم لما خلق الله الوجود . وفي الختام أخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.