الندوة الرابعة…الباحث الثالث الشيخ الدكتور ثـــائـــر العُــقــيــلي : (( ملامح العفاف العامة في الشخصية الرسالية السيدة فاطمة ( عليها السلام) أنموذجاً)).
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين.
أنا شخصياً أعتبر هذا البحث من المواضيع الأساسية والمواضيع المهمة والتي تتناغم تناغم واضحاً وكبيراً مع الظرف السياسي والاجتماعي في العراق باعتبار أننا نحتاج في هذه المرحلة أن تتمثل المرأة وان يتمثل الرجل كذلك على مرتبة واحدة في التحلي في الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتصف بها العامل في مجال السياسة والاجتماع الساحة العراقية ولن يجد سيرة في هذا المسار مثل سيرة السيدة الزهراء( عليها السلام) على الرغم من عمرها كان ثمانية عشر ربيعاً ألا أنها تركت ارث ضخماً في مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية و الفكرية التي على جميع الباحثين أن يخوضوا في هذه السيرة العطرة والمباركة في مختلف المجالات.
في الحقيقة تأملت في سيرة السيدة الزهراء( عليها السلام) وأنا افتخر ان أكون احد الباحثين والمهتمين في شأن السيدة الزهراء(عليها السلام ) على صعيد الجانب الرسالي والجانب العملي وحاولت ان أمحور سيرتها المباركة والعطرة انطلاقاً من منطلقات العمل الرسالي للشخصية المرأة المسلمة التي ينبغي ان تقتدي بامرأة مثالية امرأة عالمية وخير امرأة هي السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
في الحقيقة العامل في مجال العمل الرسالي يجب عليه ان يحمل كثير من المحاور الأساسية في عمله وانطلاقاً من سيرة السيدة الزهراء( عليها السلام) أجد عدد من المحاور وهي:
المحاور الأول : أهداف السيدة الزهراء( عليها السلام) في العمل الرسالي .
المحور الثاني: مصدرية العمل الرسالي بأنه ما هي مصادر العمل الرسالي عند السيدة الزهراء( عليها السلام) .
المحور الثالث : مبادئ العمل الرسالي وأسسه.
المحور الرابع: مبادئ العمل الاجتماعي.
المحور الخامس: مبادئ المسلكيات العبادية.
المحور السادس: قضايا العمل الرسالي.
والمحور السابع : الوعي الحركي.
المحور الثامن : رسوخ العقيدة والفكر.
والمحور التاسع :نتاج العمل الرسالي من خلال عمل السيدة فاطمة( عليها السلام) في الواقع السياسي.
في الحقيقة مقدمة لابد أن نشير إليها بأنه للعفاف مصاديق متعددة بودي ان أشير إليها كما نوهت من المحاور بأنه أنا لا أتكلم عن العفاف من خلال المحاور التطبيقية لعفت السيدة الزهراء( عليها السلام) والذي أبرز الإشارات الروائية هي ما هو أفضل شيء للمرأة و كذلك خروج السيدة الزهراء( عليها السلام) وهي مرتدية الحجاب الإسلامي الكامل وتحاكي مشية النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) وصولا إلى المسجد النبوي وضرب ذلك الستار وأيضا ما بعد استشهادها كانت تفكر بالعفاف الإسلامي في حوارها مع السيدة أسماء وخروج ذلك النعش.
أنا لا أتناول هذه المحاور وإنما أتناول المحاور الأخرى وابدأ بالمحور الثالث لان الوقت لا يسمح وهو(( مبادئ العمل الرسالي وأسسه )) وقد نوهت قبل قليل بأني انطلق من سيرة السيدة الزهراء( عليها السلام) من ابرز تلك المبادئ.
الاول : سلمية المواجهة السيدة الزهراء( عليها السلام) والكل يعرف بأنه عاشت في مرحلتين مهمتين المرحلة الأولى وهي المرحلة المكية ثم انتقلت ( عليها السلام) إلى مرحلة أخرى وهي المرحلة المدنية عندما نستقرىء سيرة السيدة الزهراء( عليها السلام) لا نجد في المرحلة الأولى وهي المرحلة المكية ألا موقفاً سلمياً واحداً واجهته ( عليها السلام) باتجاه مشركي قريش وهي في عمر الخامسة تصفها بعض الروايات بأنها كانت جويرية عندما نتصفح في المعنى الأساسي لهذا المصطلح نجدها في الخامسة من عمرها الشريف يتمثل في هذا الموقف أن النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) في بداية الدعوى واجهه كثير من الضغوطات وكثير من المشاكل وابرز تلك المشاكل هي إعلان الدعوى في المجتمع المكية وما في شك عندما ندرس هذا النص نجده كان ما بعد وفاة ابي طالب (رحمة الله عليه) على اعتبار ان قريش لم تستطيع تسليط الأذى على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) قبل وفاة أبي طالب وقد درست سيرة النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) من خلال القران الكريم في أطروحتي فلم أجد موقفاً سلبياً باتجاه قريش على نحو الاعتداء الفعلي الا بعد وفاة أبي طالب .
بعد ان خرج النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) اجتمع زعماء قريش وأرادوا أن يوجهوا الإهانة للنبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) وصادف انه كان هناك بعض الذبائح قد ذبحت وقد وضع على رأس النبي( صلى الله عليه واله وسلم) ما تخلف منها فخرجت السيدة الزهراء( عليها السلام) أنا عندما أتكلم هذه الإشارات الروائية والتاريخية ارويها باختزال شديد لان الكثير منها واضح في الذهن ولكن ما بودي أشير اليه إنني أريد ان أكرس بأن هناك عملاً رسا ليا لا يأتي البعض ويقول بأنه السيدة الزهراء( عليها السلام) بهذا العمر وهو خمس سنوات لا تدرك العمل الرسالي ولا تدرك العمل السياسي أنا اختلف معه ممن كان يتبنى هذا الرأي اختلف معه اختلافاً .
ليس من حيث ان السيدة الزهراء( عليها السلام) امرأة معصومة وليس من حيث ان السيدة الزهراء( عليها السلام) امرأة مسددة من حيث السماء وإنما انا بودي دائماً عندما أتكلم عن السيدة الزهراء( عليها السلام) أحاول ان أتجرد من هذه الأبعاد الغيبية لكي أقف على سيرتها ( عليها السلام) لكي لا يقال بأنه هذه امرأة معصومة وهذه امرأة رسالية فلا يمكن أن نقتدي بها ضمن مجريات الأحداث المعاصرة. جاءت بأبي وأمي بكل شجاعة وبكل أرادة وبكل إصرار وبكل حماسة وواجهة قريش وتحديداً زعماء وكبار قريش ابتداء من أبي جهل وعقبة بن أبي معيط وغيرهم.
واعتقد الدارس لسيرة النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) يجد انعكاس هذا الموقف من خلال دعاء النبي على قريش في موقف واحد وحسب إحصائيتي عندما نقرأ دعاء النبي( صلى الله عليه واله وسلم) ونحتاج الواقع التطبيقي لهذا الدعاء على هؤلاء نجدتهم كلهم قد قتلوا وأنا لا أتبنى الرأي الذاهب بأنه النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) هو ليس راياً في الحقيقية وانما هي مصادر التاريخ تذهب في القول بان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) عندما قتل مشركي قريش رماهم في أبار بدر وهذه من الروايات التي لا يمكن التسليم بصحتها .
الثاني :الهجرة إلى المدينة أنا اعتقد بان السيدة الزهراء( عليها السلام) عندما هاجرت كان عمرها ثمانية ولم تكن هجرتها هجرة جغرافية وهو انتقال جغرافي وانتقال زماني من مكان إلى أخر على العكس من ذلك تماماً بأن السيدة الزهراء( عليها السلام) كانت مدركة أسباب الهجرة حيثيات الهجرة انعكاسات الهجرة معطيات الهجرة كانت حاضرة وقد أرخ القران الكريم لهجرتها في عدد من الآيات منها …)) الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض إلى آخر الآية هذه الآية ذهب كثير من علماءنا الأعلام بأنها نزلت في السيدة الزهراء( عليها السلام) ومن بين من ذهب إلى ذلك الشيخ الطوسي في الأمالي وابن شهر أشوب في كتابه مناقب ال أبي طالب ما بودي ان أشير إلى هذه الجزئية فقط بأنه عندما وصلت السيدة الزهراء( عليها السلام) إلى المدينة كان النبي( صلى الله عليه واله وسلم) دون شك وهو المعروف والمشهور قد وصل قبلها ولكن لم يدخل المدينة مطلقاً وفي ذلك اعتقد بأنه هناك بعض الرسائل الرسالية وبعض الرسائل السياسية أراد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) من خلال انتظار أمير المؤمنين ( عليه السلام) وانتظار السيدة الزهراء( عليها السلام) هذه نقطة أساسية يريد النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) أن يؤسس ويرسل رسائل بأنه الرسالة القادمة رسالة الدولة المحمدية سوف تعتمد على ركنين أساسيين الركن الأول الإمامة والركن الثاني المتمثل بالزهراء( عليها السلام) المدافعة الأساسية عن الإمامة والنبوة كما سوف يتضح وكما هو حاضر في أذهانكم .
الثالث : المعارضة السياسية المعارضة السياسية السلمية في فكر السيدة الزهراء( عليها السلام).
في البداية لا بد أن نعرض انه بداية المعارضة السياسية متى بدأت هل هناك بدايات سياسية للمعارضة التي انطلقت من السيدة الزهراء( عليها السلام) ما قبل النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) أم بعد استشهاده المعروف بأنه السيدة الزهراء( عليها السلام) كانت المعارضة السياسية بعد استشهاده النبي الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) وبعد حادثة الانقلاب القران الكريم أرخ لحادثة الانقلاب بشكل واضح وصريح في قوله تعالى: (( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم)). الآية141 من سورة أل عمران . هذا الانقلاب الذي حصل في مؤتمر السقيفة السيدة الزهراء( عليها السلام) كانت لها موقفاً سياسياً واضحاً و كبيراً هذه الفترة السياسية التي عصرتها السيدة الزهراء( عليها السلام) ومثلت المعارضة السياسية السلمية.
في الحقيقة كتب عنها الكثير واعتقد ان هناك الحاجة ايضاً إلى الكتابة من جديد في هذا المجال السيدة الزهراء( عليها السلام) كانت تدرك إدراكا تاماً أن المسارات سوف تنحرف عن المخطط الإلهي وفعلا بدأت البوادر الأساسية في المعارضة لانحراف الأمة على اثر مجيء الأول والثاني الى الحكم فكانت من ابرز بوادر العمل السياسي انها ( عليها السلام) اتخذت منزلها المبارك داراً للمعارضة السياسية وفعلا بأنه نجد الرواية التاريخية ترسم لنا كثير من المعاني في هذا المجال وقد توجه الثاني بأمر الأول إلى تهديد السيدة الزهراء( عليها السلام) والروايات قد أجمعت بين الفريقين على هذا التهديد مع اختلاف في الكيفية والأداء واعتقد انه المشهور في تاريخ اليعقوبي وغيره من المصادر قد إشارة بأنه هناك أولا الهجوم الحاصل على بيت الزهراء( عليها السلام) كان مجتمع فيه أمير المؤمنين( عليها السلام) والسيدة الزهراء( عليها السلام) وأبو ذر وعمار وسلمان والزبير الذي كسر سيفه كما أشار اليعقوبي فضلا عن المصادر الأخرى التي اثبتت ذلك .
انتقل إلى المحور الثاني واختم يعني ما في شك انه للعامل الرسالي قضايا وللعامل الرسالي هموم لابد انطلق من التأسيس والتركيز الإسلامي انطلاقاً من المصادر الأساسية وانطلاقاً ايضاً من ناحية ثانية إلى الظروف السياسية التي يتطلب ان تكون هذه القضية او تلك هي من القضايا الأساسية البارزة في السطح السياسي عندما نتأمل تاريخ السيدة الزهراء( عليها السلام) نجد موقفين أساسيين الذين يشكلان موقف مهم في فكرها السياسي ( عليها السلام) ابرز تلك القضايا فدك والقضية الأخرى هي ولاية أمير المؤمنين( عليها السلام) القضية الأولى هي قضية ثانوية وان كانت هي مقدمة أساسية لكي تطالب ( عليها السلام) بحق أمير المؤمنين( عليه السلام) وبالحق المغتصب كذلك هذه النقطة بودي أن أشير اليه على نحو التلميح وليس على نحو التصريح لأنه نتحتاج أيضا إلى دراسات لأننا نحن في موروثات الفكر الشيعي قد اعتمد كثيراً على بعض المصادر التي ربما تحتاج إعادة قراءة جديدة . فدك في الحقيقة شكلت مدخل أساسي إلى العمل الرسالي والعمل السياسي في فكر السيدة الزهراء( عليها السلام) كعمل تمهيدي للمطالبة بولاية أمير المؤمنين( عليه السلام) السيدة الزهراء( عليها السلام) قد صرحت كثيراً وكان لها مواقف كثيرة تحديداً هذه المواقف تمثلت في الخطبة الأولى في المسجد النبوي والثانية مع نساء المهاجرين والأنصار في بيتها المبارك لا أقف مع حيثيات الخطبة الأولى وإنما بودي ان أشير إلى حيثيات الخطبة الثانية على اعتبار أن السيدة الزهراء( عليها السلام) قد صرحت تصريحاً واضحاً وتصريحاً سليماً انطلاقاً من الظروف والحيثيات السياسية لأنه ما في شك ان النساء اللواتي حاضرات في بيت السيدة الزهراء التي كانت مريضة وعلى فراش المرض عندما توجهت هذه النسوة اللواتي يتشرفنّ بزيارتها كانت ما في شك زيارة سياسية من اجل معرفة المنطلقات الجديدة لدى السيدة الزهراء( عليها السلام) لأنها قد صرحت عندما نربط بين الخطبة الأولى في المسجد النبوي والخطبة الثانية بأنه سبب خروجها ( عليها السلام) وأنا لا انصص كثيراً النصوص حاضره أمامي اختصاراً للوقت فلذلك السيدة الزهراء ( عليها السلام) اهتمت في العمل الرسالي واهتمت في قضايا الأمة انطلاقاً من هاتين القضيتين فدك والولاية التي تشكل بدورها (سلام الله عليها) الشخصية البارزة في تاريخ الإسلام وهي اعتقد الشخصية الأولى التي أول من مارست العمل السياسي النسوي والتي اول من ضحت بكثير من عملها الرسالي فعندما نستقرىء نتائج عملها الرسالي نجد بأنه اغتيلت بأبي وأمي وكذلك اسقط جنينها واحرق دارها وكثير من النتائج هذه في الحقيقة بوادر أساسية عندما يريد الرسالي ان يكون عاملاً وان يكون ان يقتدي بالسيدة الزهراء( عليها السلام) يضع هذه القدوة والأسوة أمامه لتكون له مساراً ومنهجاً كبيراً .
وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.