الندوة السادسة…الباحثة الثالثة . السيدة ام محمد باقر الحسني. عنوان البحث: (( المواقف السياسية والجهادية للسيدة فاطمة ( عليها السلام) )) .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاور البحث أخواتي تنقسم إلى محورين :
المحور الأول : المواقف السياسية والجهادية في الدفاع عن النبوة في الفترتين المكية والمدنية.
والمحور الثاني: المواقف السياسية للسيدة فاطمة ( عليها السلام) في الدفاع عن الإمامة.
قبل الدخول إلى المحاور التفصيلية للبحث أود ان أشير أن لكل باحث قراءة معينة لهذه الجزئية أو تلك فما نراه موقفا سياسياً أو جهادياً للسيدة الزهراء( عليها السلام) قد لا يراه السامع كذلك فلكل باحث رؤية ومنهجية تختلف من شخص لأخر سنوضحها أن شاء الله تعالى.
المحور الأول :المواقف السياسية للسيدة الزهراء( عليها السلام) في الفترة المكية .
تتسم هذه المرحلة بقلة المواقف السياسية والجهادية للسيدة فاطمة( عليها السلام) وذلك راجع إلى عدة أمور منها عدم توفر الظروف الموضوعية لأبرار دورها و طبيعة الظروف الأجتماعية التي تمنع المرأة من ممارسة دورها بشكل طبيعي فضلاً عن صغر سن وعمر السيدة فاطمة ( عليها السلام) إذ كان عمرها ما يقارب السبع سنوات ومن ابرز تلك المواقف وقوفها مع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بوجه مشركي قريش فتروي مصادر التاريخ والسير ان جمع من المشركين شاهدوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عمدوا على وضع مخلفات الذبائح التي ذبحت للأصنام على رأس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فوصل الخبر الى السيدة فاطمة (عليها السلام) فتوجهت نحو الرسول فأزالت من على رأس الشريف تلك القاذورات وتوجهت لهم بكل شجاعة وبأس وجرأة تدعوا عليهم .
كذلك موقف أخر يتمثل في هجرتها (عليها السلام) من مكة الى المدينة يمثل موقف جهاد كبير في سيرتها العطرة كونها رفضت كل اشكال الشرك والظلم وهاجرت بصورة علينة وليست سرية مع الفواطم وبقيادة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام).
اما المواقف في العهد المدني يتسم بكثرة الأحداث لأتساع رقعة الدولة الإسلامية وتنوع الظروف ومن وابرز تلك المواقف الأتي:
الموقف الأول: في معارك الرسول( صلى الله عليه واله وسلم) .
أشارت المصادر التاريخية أن السيدة الزهراء( عليها السلام) شاركت في المعارك التي حدثت بين المسلمين وبين المشركين مثل معركة احد الخندق و خيبر و بعض الروايات تقول انها حصلت على بعض الغنائم لكن لم تشر هذه المصادر إلى طبيعة هذا الحضور بصورة واضحة وهذه الجزئية لم تفصل هل هي حضرت فقط لإطعام الرسول( صلى الله عليه واله وسلم) في احد المعارك هل هي حضرت من اجل تطبيب الجرحى وغيره فهذه الجزئية تحتاج دراسة وتأمل .
الموقف الثاني: دورها في فتح مكة.
طبعاً بعد نقض وعود صلح الحديبية قرر الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) فتح مكة وسمي هذا العام بعام الفتح فتوجه الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) بجيش كبير ما يقارب العشرة الألف مقاتل ومعهم العديد من النساء وكانت السيدة فاطمة ( عليها السلام) من تلك النساء التي حضرت هذا الفتح .وما لا شك يمثل هذا الموقف موقفاً سياسياً لماذا؟ لأنها كانت تؤازر وتناصر قائد الأمة السياسي وهو الرسول الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) كما هو عادتها في كل موطن وموقف .
الموقف الثالث: بيعة الغدير مثلت بيعة الغدير الخلاصة للمواقف السياسية للرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) طيلة البعثة النبوية الشريفة والتي نص من خلالها على ولاية أمير المؤمنين ( عليها السلام) في السنة العاشرة للهجرة فقال( صلى الله عليه واله وسلم) : (( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وادر الحق معه أين ما دار)). فكان الخطاب هنا خطاباً سياسياً لتنصيب الخلافة الإلهية بأمر من السماء بعد الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) بقوله تعالى: (( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) .فكيف كان للزهراء موقف سياسي حضورها ( عليها السلام) الحضور والتسليم للأمر الإلهي وهي تعتبر من أول الداخلين في قائمة المبايعين والراضين عن هذه البيعة والمدافعين عنها فهذا يعتبر موقفاً سياسي ..
المحور الثاني : المواقف السياسية والجهادية في الدفاع عن الإمامة.
تعد هذه المرحلة مرحلة مهمة في الحياة السياسية والجهادية في حياة السيدة الزهراء( عليها السلام) وذلك لانحراف الأمة عن مسيرتها الطبيعة في إيصال أمير المؤمنين( عليها السلام) لموقعه في الخلافة الإلهية بعد رحيل الرسول الأعظم( صلى الله عليه واله وسلم) أذن جميع مواقفها السياسية والجهادية في تلك المرحلة في الفترة المكية والمدنية كانت ضد الكفر والكافرين أما الآن في هذه المرحلة فالدور سيكون أصعب ويحتاج إلى تضحيات أكثر وهذا ما حدث فعلاً اذ دفعت الزهراء( عليها السلام) حياتها الغالية( سلام الله عليها ) من اجل الدين في مواجهة التيار الإسلامي المنحرف والمتلبس بالنفاق والان سوف نتحدث بالتفصيل عن هذه المواقف في الفترة التي هي الدفاع عن الإمامة.
الموقف الأول: هو رفض البيعة للحكومة الغاصبة استفادت الحكومة الجديدة من طريقة البيعة التي تمت في يوم الغدير حين بايع الرجال والنساء نحن نعرف في حياة الرسول( صلى الله عليه واله وسلم) عندما تمت البيعة حضرت النساء وحضر الرجال للبيعة فكانت النساء تبايع أن تضع يدها في الماء كما هو معروف الحكومة الجديدة استغلت هذا الموقف أرادت من النساء والرجال يبايعون لها عندما اغتصب الخلافة فما هو موقف السيدة الزهراء( عليها السلام) موقفها السياسي هنا أنها لم تبايع وخرجت من الدنيا ولم تكن في عنقها بيعة لأحد سوى أمير المؤمنين( عليها السلام) أذن موقفها السياسي أنها لم تبايع.
الموقف الثاني: البكاء.
طبعاً كان ومازال البكاء وسيلة للتعبير عن المواقف ربما يقول السامع لماذا يعتبر البكاء موقفاً سياسياً للسيدة الزهراء( عليها السلام) اتخذت السيدة فاطمة( عليها السلام) وسيلة لموقفها السياسي بعد ان أدركت الحاجة في التنوع في البرنامج السياسي الرافض للسلطة الغاصبة اتخذت عدة مواقف (سلام الله عليها) احد المواقف حتى تتنوع في البرنامج السياسي استعملت وسيلة البكاء ولم يكن طبعاً منبثقاً من العاطفة رغم ما أصابها من مصائب وحوادث بل هو إعلان صريح للوقوف ضد الظلم والظالمين ولتنبيه الأمة المهادنة على هؤلاء الظلمة عندما تبكي الزهراء ( عليها السلام) حتى تنبه الأمة على أنهم على خطأ عندما بايعوا ابي بكر لان الخلافة الحقيقية كانت لعلي بن ابي طالب ( عليها السلام).
المواقف الثالث والرابع. الرثاء والشعر:
لما كان للشعر من أهمية كبيرة قبل الإسلام وبعده كونه وسيلة للتعبير عن المجالات المعرفية في المنظومة الفكرية عند العرب كوسيلة إعلامية نحن نعرف سابقاً العرب يتخذون الشعر وسيلة إعلامية تقوم مقام الفضائيات في الوقت الحالي استخدمت السيدة فاطمة( عليها السلام) هذا المنطلق لمخاطبة الأمة واتخذته موقفاً سياسياً يعني هذا موقف الرثاء والشعر ممكن ان تتخذه المرأة او الرجل في أي حال من الأحوال موقفاً سياسياً معبراً من خلال تمثلها بأبيات شعرية ترثي فيها أبيها الرسول الأعظم( صلى الله عليه واله وسلم) وتشكو له انحراف الأمة عن الطريق الذي رسمه لها ومن هذه الأبيات على سبيل المثال طبعا انتم أكيد تعرفون الأبيات الشعرية التي قالتها السيدة الزهراء( عليها السلام) وكانت تعتبر موقفاً سياسياً فعلى سبيل المثال
قد كانت بعدك أنباء وهنبثه ولو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
أبدت رجال لنا نجوى صدورهم لما مضيت وحالت دونك الترب
وقالت ايضاً سلام الله عليها:
قد كنت ذات حماً بظل محمد لا اخشى من ضيم وكان جماليا
فاليوم اخشع للذليل واتقي ضيمي وادفع ظالمي بردائيا
فاذا بكت قمرية في ليلها شجناً على غصن بكيت صباحيا
الموقف الخامس: الخطب.
تعلمون ان للسيدة الزهراء( عليها السلام) خطبتان الخطبة الأولى: كانت في المسجد النبوي الشريف لعموم الناس وبحضور السلطة الغاصبة متمثلة بابي بكر وعمر بن الخطاب وأذنابهم والثانية: في دارها لنساء المهاجرين والأنصار الهدف من الخطبتين يعني هي ( عليها السلام) لم تود ان تتحدث عن مصيبتها وعن ما أصابها او مجرد أنها تطالب بفدك وغيرها لا وإنما هو كان إعلان للمعارضة وتوضيح انحراف السلطة التي أنكرت الوصية والتقريع للأنصار والمهاجرين يعني بثلاث أطراف كانوا تريد أن تقول ان هذه لعموم الناس ان هذه السلطة سلطة غاصبة ثانياً تريد للسلطة ان تفهمها أنها منحرفة انحرفت عن مسيرة الرسول الأكرم( صلى الله عليه واله وسلم) والنقطة الثالثة هو تقريع للأنصار والمهاجرين الذين لم ينصروها ولم يقفوا معها وعدم اتخاذهم موقفاً سياسياً للدفاع عن الحق والوقوف معه .
الموقف السادس: الدعاء .
استعملت السيدة( عليها السلام) الدعاء على ابي بكر وعمر في الرواية المعروفة عندما جاءا واستأذنوا ودخلوا إلى دارها ( عليها السلام) وقالت : لهم هل اذكركم بحديث الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) فدعت عليهم فهذا الدعاء ايضاً يعتبر وسيلة أنها لم تكن راضية ومعارضة لهذه السلطة .
الموقف السابع: الوصية.
كيف كانت الوصية التي أوصت بها السيدة فاطمة ( عليها السلام) الإمام علي (عليه السلام) ان لايصلي عيها احد ممن ظلمها وان لايشيع جازتها تعتبر موقفاً سياسياً وجهادياً للسيدة الزهراء( عليها السلام) بعد الهجوم على دار السيدة واخذ أمير المؤمنين للبيعة قهراً كان من أثار هذا الهجوم مصائب حلت على البيت النبوي لم تقف عند كسر الضلع وإسقاط الجنين وإضرام النار والاعتداء على حرمة هذا البيت بل كانت سبباً في انتقال البضعة الطاهرة إلى بارئها مظلومة مضطهدة مغصوب حقها تارك ورائها وصية تعد صرخة على مدى التاريخ وثورة ضد الطغاة والظلمة لتسجل أخر موقف جهادي وسياسي .
إلى الان نحن نسال اين قبر الزهراء( عليها السلام) مازال السؤال متكرراً هذا ماذا يدل . يدل لكل شخص عنده ضمير وعنده رؤية وعنده منهجية ان يبحث لماذا طلبت ان يعفى قبرها وان لا يصلي عليها احد ممن ظلمها وان تدفن سراً وبعض الروايات تقول انها لم تشيع لأنها دفنت في بيتها يعني لم يكن لها تشييع رغم ان الوصية تقول وشيعني ليلاً بعض الروايات تشير انها لم تشيع أصلا لأنها دفنت في حجرتها فهذه الوصية تعتبر موقفاً سياسياً وجهادياً للسيدة فاطمة عليها السلام سجلت اخر ما توصل اليه من مواقفها السياسية والجهادية فسلام على الصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام) يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا والحمد لله رب العالمين