الفائز الرابع في المسابقة البحثية السنوية الثانية/زواج الزهراء (عليها السلام) بروايات الآخر/بقلم الباحث أ.م.د علي صالح رسن
زواج الزهراء (عليها السلام) بروايات الآخر
بقلم الباحث أ.م.د علي صالح
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على الإمام العادل والصيب الهاطل ، صاحب المعجزات والفضائل ، والبراهين والدلائل ، والسيد الحلاحل ، والبطل المنازل ، ومن هو للأحكام فاصل ، وللركوع والسجود مواصل ، وللممارقة من الدين قاتل ، البطل الأروع ، والهمام المشفع ، الذي هو عن الشرك انزع ، صاحب احد وحنين ، وأبو الحسن والحسين المهذب الأنساب الذي لم يلحقه عهر الجاهلية ، ولم يطعن في صميمه بشائبة مشاب ، حليف المحراب ، المكني بابي تراب ، المودع بأرض النجف ، العالي النسب والشرف ، مولاي أمير المؤمنين عليه مني أفضل السلام .
السلام على الطاهرة الحميدة ، والبرة التقية الرشيدة ، النقية من الارجاس ، المبراة من الأدناس ، الزاكية المفضلة على نساء العالمين ، السعيدة المطلوبة بالأحقاد ، المفجوعة بالأولاد ، الحورية الزهراء ، المهذبة من الخناء ، المشفعة في يوم اللقاء ، ابنة نبيك ، وزوجة وليك ، وأم شهيدك ، فاطمة الانفطام ، مربية الأيتام ، العارفة بالشرائع والأحكام ، والحلال والحرام ، عليها من وليها أفضل السلام ( ) .
وبعد …
المعروف عنا لا نحب كتابة المقدمات الفارغة ، التي تكلف جهد ووقت كبيرين لا داعي لكتابتها ، ولكن أحياناً نجاري بعضهم رغماً عناً لأنهم يطلبونها ، والحال نفسه بالنسبة للخاتمة هي الأخرى لا تغني عن البحث ، وهناك من أصطلح عليهما بـ العتبات النصية شملت المقدمة والخاتمة وقائمة المصادر ، كل منهم تسمى عتبة نصية ، إذاً نحن لم نلتزم بها .
حبانا الله بنعم كثيرة ، منها الكتابة عن سيرة آل بيت النبي محمد ولا سيما زواج أمير المؤمن من فاطمة فقد كتبنا البحث ورحنا نفتش عن جهة تتولى نشره بسبب شحة المبلغ المطلوب للنشر ، وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى علمت بـ هذه المسابقة ، فـ دعوت للقائمين عليها بالتوفيق والسداد .
ولسعته الموضوع وكثرة تشعباته ، تركنا بعض الأمور بغير إرادتنا ، فـ ناقشنا ، روايات الزواج الميمون ، متناً وشيء من الأسانيد ، ثم ما نثر على العريسين ليلة الزفاف ، ودعاء النبي (ص) لهما وتاريخ الزواج والمهر والصداق ، وكذلك وليمة العرس ، وبيت الحياة الزوجية ، ومن ثم استعرضنا أحوال الزهراء (عليها السلام) بعد الزواج ، وكثرة شكواها المفتعلة ، وختامها مع حياتها الزوجية ، وهذه المعلومات جمعناها من مصادر شتى مذكورة في قائمة المصادر ، والحمد لله رب العالمين .
روايات الزواج
ورد بخصوص الزواج الميمون هذا روايات عديدة لا بد من عرضها ومن ثم اشتقاق عنوانات فرعية منها :
الأولى : أشارت إلى أمر التزويج انه من الله سبحانه وتعالى ، قاله أنس بن مالك : بينما أنا عند النبي إذا غشيه الوحي ، فلما سرى عنه قال لي : أمرني أن أزوج فاطمة من أمير المؤمنين فـ أحضر الثلاث ، أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم قال : الحمد لله المحمود بنعمه ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرهوب من عذابه ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيهم ثم إن الله تعالى جعل المصاهرة نسباً لا حقاً ، وحقاً لازماً وشح وشج به الأرحام وألزمها الأنام ، ثم تلى قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } ( ) فـ قال : أمر الله يجرى إلى قضائه ، وقضاؤه يجرى إلى قدره ، ولكل قضاء قدر ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب قال تعالى { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } ( ) إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي وأشهدكم أنى قد زوجتهما على أربع مائة مثقال فضة ، إن رضى بذلك ، وكان غائباً قد بعثه في حاجة ، ثم أمر بطبق فيه بسر ( ) فوضعه بين أيدينا وقال انتهبوا ، فبينا نحن كذلك أقبل علي فتبسم النبي وأخبره الخبر ، قال : رضيت ، وخر ساجداً شاكراً ( ) وروي عن النبي قوله لـ أم أيمن : فـ والذي يعثني بالكرامة واستخصني بالرسالة ما أنا زوجته ولكن الله زوجه ما رضيت حتى رضي علي وما رضيت فاطمة حتى رضي الله رب العالمين ( ) وقيل دخل عليها النبي وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك فـ والله لو كان في أهلي خير منه ما زوجتكه وما أنا زوجته ولكن الله زوجك ( ).
وجاء في روايات الخاصة عن النبي قال : إن الله تعالى أوحى إلى جبريل : زوج النور من النور ، وكان الولي الله ، والخطيب جبريل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي اسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والارضين( ) وعلى خبر قال لها : لما أردت أن أصلك به أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة وصف الملائكة صفوفاً ثم خطب عليهم فزوجك منه ، قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء بـ ذلك لان أول من خطب عليها جبريل ( ) .
وفي أخرى رواها جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن معلى بن محمد البصري ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن علي بن جعفر عن الإمام موسى بن جعفر قال : بينا رسول الله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها فقال له رسول الله : حبيبي جبريل لم أرك في مثل هذه الصورة ؟ فقال : لست بـ جبريل أنا محمود بعثني الله عز وجل أن أزوج النور من النور ، قال : من من من ؟ قال : فاطمة من أمير المؤمنين ، فلما ولى الملك إذا بين كتفيه محمد رسول الله علي وصيه ، فقال النبي : منذ كم هذا بين كتفيك ؟ قال : من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم باثنين وعشرين ألف عام ( ) .
المعروف إن سند الرواية مقطوع عند الإمام الكاظم وهو لم يدرك عصر النبي فمن الذي اخبره الحادثة ؟ وان الرواية أحادية ، ومصدرها واحد أقدم من نقلها الصدوق ، وتلاقفتها أيدي غير المحققين وعملوا منها مشكلة على إنها منقبة لأمير المؤمنين والزهراء ، ولكن فيها إساءة للنبي على انه لم يعرف جبريل على أعتبار انه ينزل بصور مختلفة ، وقد وقفنا عند ذلك وعديناه فرية ليس لها من الصحة شيئاً ( ) ثم لم نعرف ملك له هذا الكم من الوجوه ، وما الهدف منها ؟ بالمختصر الذي يطلع على الرواية يجدها خرافة واضحة الباحث لا يميل إلى صحتها .
يلحظ على متن الرواية الأولى جملة أمور منها ، أمر الزواج من الله سبحانه وتعالى عن طريق جبريل ومكان وقوعه في الأرض ، وفيها جواز تزويج الغائب شرط رضاه عند عودته ، ولكن كيف يصبح الحال إذا رفض ؟ الأمر بحاجة إلى تأني في وضع الروايات ولا تصح بهذه الكيفية العشوائية ، ولا ندري هل هناك سُّنة في هذا الموضوع ؟ .
وإحضار الثلاث ليكونوا شهود على الزواج ـ إن صح ذلك ـ يتقاطع والسنة القطعية المتعارف عليها حضور شاهدين عادلين ، وهذا ما روي عن النبي قال ” لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ” ( ) وقد استفاضت الأحاديث في ذلك ( ) فمن أين أتى صاحب الرواية ببدعة حضور الثلاث ؟ ولماذا لا يعملوا بها ؟ والغريب إن اثنين منهم خطبا الزهراء وفشلا وهذا ما رواه ابن سعد بقوله : خطبها أبا بكر إلى النبي فقال له : انتظر بها القضاء فذكر ذلك أبو بكر لعمر فقال له عمر ردك ثم إن أبا بكر قال لعمر أخطبها فخطبها فقال له مثل ما قال لسابقه ( ) .
وقيل خطبها أبو بكر وعمر فـ قال النبي 2هي لك يا علي لست بدجال يعني لست بكذاب وذلك أنه كان قد وعده بها ( ) وقد وقفنا عند هذه الرواية في وقت سابق ( ) وهذا الحديث طبعاً لم يرق لأبن عساكر فـ رفضه بـ قوله : هذا الحديث غريب لا أعلمه يروي إلا بهذا الإسناد ( ) وهذا متوقع منه لأنه أموي بلا شك ، وعليه أن يبين ما شكل الغرابة فيه ، يجب الإيضاح .
وعلق عليه ابن الجوزي قائلاً : هذا حديث موضوع ، وضعه محمد بن زكريا فوضع الطريق الأول إلى جابر ووضع هذا الطريق إلى أنس ، وراوي الطريق الثانية نسبة إلى جده فقال محمد بن دينار وهو محمد بن زكريا بن دينار ( ) وهذا يدل على سلامة المتن ، والعلة في السند ، وفي هذا الرجل بـ الذات ، ومع ذلك لا بد من مراجعة سيرته لعلها مرضية ، مفترى عليها ، وأول ما نود معرفته نسب الرجل ، وهو الغلابي ، هذه النسبة إلى غلاب وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه ، وهو أبو بكر محمد بن زكريا بن دينار البصري من أهل البصرة عرف بزكرويه ، روى عن عبد الله بن رجاء الغداني والعباس بن بكار ، روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني وفهد بن إبراهيم بن فهد البصري وغيرهما ، نسبه بعض الحفاظ إلى التشيع ( ) إذاً بانت العلة من قدحه ، لأنه من أهل الإيمان ، فـ إذا كان من أهل الشرك ومن أتباع ابن تيمية ، وابن كثير ، والذهبي وغيرهم ، كان في أعلى الدرجات .
وقيل وجهاً من وجوه الشيعة بالبصرة ، إخبارياً واسع العلم ، وصنف كتباً كثيرة ، منها : الجمل الكبير ، والجمل المختصر ، وكتاب صفين الكبير ، أو كتاب صفين المختصر ، مقتل الحسين ، كتاب النهر ، كتاب الاجواد ، كتاب الوافدين ، مقتل أمير المؤمنين ، وأخبار زيد ، وأخبار فاطمة (عليهم السلام) ومنشأها ومولدها ، كتاب الجبل ، توفى سنة 298 هـ ( ) لعله حصل تصحيف في كتاب الوافدين ، ربما هو كتاب التوابين وعين الوردة ، وله كتاب الحرة ، كتاب المبخلين ( ) .
ترجم له ابن حبان في الثقاة ، فـ قال : الضبي ، روى عن أبى الوليد الطيالسي وشعيب بن واقد والبصريين كان صاحب حكايات وأخبار يعتبر حديثه إذا روى عن الثقاة لأن في روايته عن المجاهيل بعض المناكير ( ) احد رواة السير والأحداث والمغازى وغير ذلك ، ثقةً صادقاً ( ) وقال الدارقطني : كان يضع الحديث ( ) ولا غرابة في ذلك منهج القوم معروف في تنقيص أمير المؤمنين مع تحفظنا على ما ورد في الرواية مثل إحضار الثلاث ، يبقى هذا النوع من الزواج أحد الثوابت وأن أنكره العامة .
الثانية : حصل أمر التزويج في السماء ، رواه أبو القاسم بن السمرقندي عن عاصم بن الحسن بن محمد عن عبد الواحد بن محمد عن أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن أحمد بن الحسن عن موسى بن إبراهيم المروزي عن الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن جابر بن عبد الله قال : لما زوج النبي فاطمة من أمير المؤمنين أتاه أناس من قريش فقالوا إنك زوجته بمهر خسيس فقال ما أنا زوجته ولكن الله زوجه ليلة عرج بي عند سدرة المنتهى ( ) .
انتهى سند الرواية عند الإمام الكاظم موصولاً عن أبيه وجده عن جابر وهذا مدعاة للشك المفروض أن تستمر السلسلة معصوم عن آخر وصولاً للنبي وهناك رواية موقوفة عنده ، وغير هذه الرواية وردت في مصادر الخاصة .
وأمر التزويج كان في السماء ليلة المعراج ، وهذا عليه مشكل لوجود معاريج عدة للنبي واختلاف تواريخهم قيل مرتين ( ) وقيل مائة وعشرين مرة ( ) منها كان في اليقظة ومنها ما كان في المنام ( ) وقيل عُرج بروحه إلى السماء وليس بجسمه ( ) كل هذه التفصيلات وقفنا عندها في دراسة مستقلة لم تنشر بعد بسبب العجز المالي عن كلفة طباعتها .
وقد حصل تناقض في الموضوع ، قالت الرواية الأولى بوقوع الزواج في الأرض ، وقالت الثانية في السماء ، ولا ندري من الأصح .
الثالثة ، أشاروا أهل أمير المؤمنين عليه بزواج فاطمة وفي ذلك رواية أوردها ابن سعد قالت : إن أهل علي قالوا له اخطب فاطمة إلى رسول الله فقال بعد أن خطبها أبي بكر وعمر فذكروا له قرابته من النبي فخطبها ( ) وفي الرواية تدليس لم نعرف لأمير المؤمنين أهلٌ وقد أفناهم الدهر ، ولم يبق له غير عقيل وهو في مكة لم يهاجر ، وجعفر في الحبشة ، وطالب شخصية وهمية ، وأبوه قد توفيَّ ، وأمه فاطمة بنت أسد اختلف في وفاتها قيل في مكة وقد رفضنا ذلك ، قيل كانت حاضره زواجه ( ) .
الرابعة : كان زواجهما بمشورة بعض الأنصار ، رواه مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي عن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن عبد الكريم بن سليط عن بن بريدة عن أبيه عن نفر من الأنصار قالوا : لـ علي عندك فاطمة فأتى النبي فسلم عليه فقال ما حاجة ابن أبي طالب قال ذكرت فاطمة بنت رسول الله فقال مرحباً وأهلاً لم يزده عليهما فخرج علي على أولئك الرهط من الأنصار ينظرونه قالوا ما ورأك قال ما أدري غير أنه قال لي مرحباً وأهلاً قالوا يكفيك من رسول الله إحداهما أعطاك الأهل أعطاك المرحب ( ) .
الخامسة : هو خطبها بنفسه ، روى ذلك وكيع بن الجراح عن عباد بن منصور قال سمعت عطاء يقول خطب علي فاطمة فقال لها رسول الله إن عليا يذكرك فسكتت فزوجها ( ) وهذا ما دل عليه الواقع أن السكوت علامة الرضا .
وروى سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل سمع عليا يقول أردت أن أخطب إلى رسول الله ابنته ذكرت صلته وعائدته فخطبتها ( ) .
وبالتالي نحن في قصر منيف نريد الخروج منه ، وفيه خمس بوابات ، واحدة من بينهن تؤدي إلى الخارج والبقية لا ، ولكن كيف نميزها من غيرها ، محل الشاهد نحن مطالبون بترجيح الرواية الصحيحة والرأي الناهض من الروايات الخمس ، ونحن قادرون على ذلك الترجيح لكن الحقيقة مرة ، كثير ما يتحاشى قولها ، لأن الجو العام يميل إلى الغيب وإسناد كل شيء إلى الإرادة الربانية في كل مفردة من مفردات سيرة أمير المؤمنين وقد نسى من قال بـ هذا الرأي خطورة قوله هذا ، مثل ولادته ، وتربيته ، وزواجه ، وقتال الملائكة معه ، وعصمته ، ومكان دفنه ، وبالتالي ما الذي فعله هو ؟ الكلام موجهه لأهل التحقيق النظر بعين بصيرة وفاحصة في مجمل سيرة أمير المؤمنين لتنقيتها من الأمور التي شكلت مثلبة مع علمنا بعصمة نفسه من كل الموبقات .
نثار فاطمة
النثار كلمة اشتقت من الفعل الثلاثي ، نثر وهو نثرك الشيء بيدك ، أي ترمي به متفرقاً مثل نثر الجوز واللوز والسكر ، وكذلك نثر الحب إذا بذر ، وهو النثار ، والنثارة ما تناثر منه ، والنثار فتات ما يتناثر حوالي الخوان من الخبز ونحو ذلك من كل شيء ( ) والنثار شيء متعارف عليه ، إذ ينثر حب التمن أو السكر ، أو جكليت ، على العرسان ليلة الزفاف ، أو على العائد من سفر طويل … الخ ولسنا ندري في ذلك سُنة محمدية شريفية لحين كتابة هذا البحث فوجدنا ما يفيد هذا المعنى حصل في زواج فاطمة .
أوحى الله إلى سدرة المنتهى أن انثري ما عليك فنثرت الدر والجوهر والمرجان فابتدر الحور العين فالتقطن فهن يتهادينه ويتفاخرن ويقلن هذا من نثار فاطمة ( )وقيل أمر الله شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم أمر فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ يومئذ شيئاً أكثر مما أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة ( ) .
وعلى العكس من ذلك ما نسب إلى أم أيمن القول : إنها دخلت على النبي وهي تبكي فقال لها ما يبكيك لا أبكى الله عينينك قالت بكيت لأني دخلت منزل رجل من الأنصار قد زوج ابنته رجلاً من الأنصار فنثر على رأسها اللوز والسكر فذكرت تزويجك فاطمة من أمير المؤمنين ولم ينثر عليها شيئاً إن الله لما زوج فاطمة من علي أمر الملائكة المقربين أن يحدقوا بالعرش فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وأمر الجنان أن تزخرف فتزخرفت وأمر الحور العين أن يتزين فتزين وكان الخاطب الله وكان الملائكة الشهود ثم أمر شجرة طوبى أن تنثر فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب مع الدر الأبيض مع الياقوت الأحمر مع الزبرجد الأخضر فابتدر حور العين من الجنان يرفلن في الحي والحلل يلتقطنه ويقلن هذا من نثار فاطمة فهن يتهادينه بينهن إلى يوم القيامة ( ) .
موقف النبي
تجسد موقفه في أدوار شتى ، منها يخص الدعاء لهما ، رويَّ له دعاء ساعة خطوبتهما قال : بارك الله لكما وبارك فيكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب ، قال أنس والله لقد أخرج منهما الكثير الطيب ( ) ودعاء آخر له في ليلة الزواج ، قال لأمير المؤمنين : لا تحدث شيئاً حتى تلقاني فدعا رسول الله بإناء فتوضأ فيه ثم أفرغه على علي ثم قال اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما قال مالك بن إسماعيل شيء من النسب عندي ( ) .
وما يخص ليلة العرس : أتى النبي ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لها اركبي وأمر سلمان أن يقودها وهو يسوقها فبينا هو في بعض الطريق إذ سمع وجبة فإذا جبريل في سبعين ألفاً وميكائيل في سبعين ألفاً فقال لهم ما أهبكم إلى الأرض قالوا جئنا نزف فاطمة إلى زوجها أمير المؤمنين فكبر جبريل ميكائيل والملائكة وكبر هو فرفع التكبير على العرائس من تلك الليلة ( ) .
وسنة التكبير ليلة الزواج أصبحت ميتة وحل محلها أصوات الطبول والرقص والآت الموسيقية الصاخبة ، والغريب في الموضوع عادة يكون الزفاف مع آذان المغرب ، الذي لم يصغي له الناس تاركين الصلاة ومنهمكين في اللهو والرقص وما يرافقه من الموبقات .
أين نحن من سَُنة الحبيب المصطفى عندما اركب بضعته ودعا لها ؟ في عالم اليوم كثير ما نسمع ونرى إن أبي الزوجة وأخوها يتركون بيوتهم يوم زواج ابنتهم ولم يعودوا حتى انتهاء الزفة .
يضعف الرواية وجود سلمان الذي لم يكن حينها حراً طليقاً ، والغرابة من ركوب الزهراء البغلة هناك من ابدي تساؤله حول الموضوع ( ) على اعتبار بيت أمير المؤمنين A ملاصق لبيت النبي إلا إذا قلنا عمل لها زفة دار بها في طرقات المدينة مثلاً كما يحدث في عالم اليوم ، ولربما كان الزواج بعيداً من دار النبوة ، وألا غاب عن واضع الرواية هذا الأمر عنه ، الذي افسد روايته .
وقالت أسماء بنت عميس : رمقت النبي يدعو لهما لا يشركهما في دعائه أحد ، ودعا له كما دعا لها ( ) علماً إن الباحث يشك في روايات أسماء كثير ما حشروا اسمها في سيرة فاطمة وإنها حضرت عرسها ، والصحيح إنما هي أسماء بنت يزيد ابن السكن الأنصاري ( ) وأسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر بالحبشة ، وقدم بها يوم فتح خيبر سنة 7هـ ، وكان زواج فاطمة بعد وقعة بدر ، بأيام يسيرة ( ) وهذه حقيقة معروفة ، متى رمقت النبي والعيب ليس فيها وإنما في الذين افتروا عليها ، وهذا الأمر ينطبق على كل الروايات المنسوبة لها فيما يخص سيرة الزهراء .
وروى عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن ابن أبي يزيد المديني وأظنه ذكره عن عكرمة ، قال النبي لعلي إذا أتيت بها فلا تقربنها حتى آتيك ، وكانت اليهود يؤخرون الرجل عن امرأته ، فلما أتي بها قعدا حينا في ناحية البيت، فجاء رسول الله فاستفتح فخرجت إليه أم أيمن فقال أثم أخي قالت وكيف يكون أخوك وقد أنكحته ابنتك قال فإنه كذلك ثم قال أسماء بنت عميس قالت نعم قال جئت تكرمين بنت رسول الله قالت نعم فقال لها خيراً ودعا لها ودعا رسول الله بماء فأتي به إما في تور وإما في سواه ، فمج فيه ومسك بيده ثم دعا علياً فنضح من ذلك الماء على كتفيه وصدره وذراعيه ثم دعا فاطمة فأقبلت تعثر في ثوبها حياء منه ثم فعل بها مثل ذلك ثم قال لها : أما إني ما أليت أن أنكحتك خير أهلي ، رواه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي عن عمر بن صالح عن سعيد بن أبي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أم أيمن ( ) ورواه هوذة بن خليفة عن عوف عن عبد الله بن عمرو بن هند ( ) الرواية مصدرها عكرمة وهو مطعون فيه ، ومختلف في وفاته من 104هـ – 109هـ ( ) وعليه تكون روايته مرسلة لأنه لم يبلغ عصر النبوة .
تاريخ الزواج
من العوامل المساعدة في تقدير عمر الزهراء عند الزواج معرفة تاريخ ميلادها ، الذي اختلفت فيه الروايات ، قيل ولدت قبل البعثة من دون تحديد سنة معينة ، وقيل سنة 6 ، أو 11 قبل البعثة ، وقيل سنة البعثة ، والأخيرة هي الراجحة ( ) وقد أشارت احد الروايات بوقوعه ، في السنة الخامسة قبل المبعث وقريش حينها تبنى البيت ( ) طبعاً مكان الولادة في مكة ، زواجها في المدينة سنة 2هـ ( ) وبناءً على ذلك يكون عمرها الشريف 20 سنة ، على اعتبار بقاء النبي في المدينة 13 سنة من المبعث ، مضافاً له 5 سنوات تاريخ ميلادها قبل المبعث ، وسنتان في المدينة ، وهذا عمر ليس بـ القصير على اعتبار سن تكليف المرأة هو التاسعة ، وعليه بناءً على هذا التاريخ لا تصح أن تكون أسوة للزيجات في المجتمعات المعاصرة ، إذاً قارناه اليوم بعمر طالبات المدارس تكون في الصف الخامس الإعدادي ، وتكون الغريزة أخذت منها كل مأخذ ، والشيء بالشيء يذكر يصح أن يكون أسوة ، هو زواج احد زميلاتنا في الدراسة تزوجت في الصف الثاني متوسط ، وكانت حينها بالغة راشدة ، أي في عمر 14عاماً ، على العموم هذا هو تاريخ غير صحيح ربما لميلادها ، وهو معارض لما ذكرناه من شواهد ، وإذا حسبنا ولادتها سنة البعثة يكون عمرها 13 سنة في مكة مضافاً لها سنتان في المدينة يكون عمرها 15 سنة وهو حد تقريبي .
وروى الواقدي عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه قال تزوج أمير المؤمنين ، فاطمة (عليهما السلام) في رجب بعد مقدم النبي المدينة بخمسة أشهر ، وبنى بها مرجعه من بدر وعمرها 18 سنة ( ) وقيل تزوجها في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها في ذي الحجة ( ) .
وروى الواقدي عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر قال دخل العباس على أمير المؤمنين وفاطمة (عليهما السلام) وهي تقول أنا أسن منك فقال العباس أما أنت يا فاطمة فولدت وقريش تبني الكعبة والنبي ابن خمس وثلاثين سنة وأما أنت يا علي فولدت قبل ذلك بسنوات ( ) وهذه روايات بنو العباس لا يعول عليها .
وروى هارون بن إسحاق عن عبدة عن سعيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال تزوجت وهي أبنت تسع سنوات ( ) وهذا يترتب عليه تغيير تاريخ ميلادها ، إذا كانت ولادتها سنة البعثة يقتضي أن يكون زواجها في مكة ، وهو يغاير زواجها في المدينة ، وربما يدعم ذلك ما قاله الإمام الباقر (ع) إنها ولدت بعد مبعث النبي (ص) بخمس سنين ( ) وبهذا يكون عمرها حين الهجرة ثمان سنوات ، فضلاً عن سنتين بعد الهجرة يصبح عمرها عشر سنوات .
وقيل أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة وابتنى بها بعد ذلك لسنة أخرى قلت : فعلى هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة فظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي أن ذلك عقب وقعة بدر بيسير فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم ( ) .
وقيل تزوجت في السنة الثانية بعد وقعة بدر وقد نسب ذلك للبخاري والزهري ( ) علماً إن الأخير فيه طعون ( ) وفي واقع الحال هو تجنى على شيخيه وموضع وسجوده ، هما تحدثا عن خرافة مغانم بدر ، ووصف حمزة بن عبد المطلب انه شارب خمر ( ) وحاشاه من ذلك ، ومع ذلك نجاريه على رأيه ، إذا كان صحيحاً اشرنا إلى صحته ، وإذا كان خاطئاً صححناه .
المعرف إن معركة بدر كانت في رمضان سنة 2هـ ، وحصول الزواج في السنة الثانية من بعد هذا التاريخ يكون سنة 3هـ وهذا التاريخ يتعارض مع ولادة الإمام الحسن A ولا يستقيم ذلك إلا إذا قرأنا معنى السنة الثانية ، يعني من الهجرة ، وليس بعد وقعة بدر ، وحتى لا نطيل على القراء الكرام ، نقول لم يحصل اتفاق حول ذلك ، ولا سيما ولادة الإمامين الحسن والحسين أصبحنا مسلمين بولادتهما للسنوات 3 و 4 هـ على التوالي ( ) وهذا ما قاله ابن كثير عن الطبري ولد الإمام الحسن سنة 2هـ ، وقال الواقدي : زعم ابن أبي سبرة حدثه عن إسحاق بن عبد الله عن أبي جعفر أن علي بن أبي طالب بنى بفاطمة في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة ، فإن كانت هذه الرواية صحيحة فالقول الأول باطل ( ) وعليه انتهى المبحث ولم نصل إلى نتيجة قطعية وبقيت المسألة خلافية .
المهر :
أول الضرورات معرفته ، والتناقض الحاصل فيه بين من قال بـ غلائه وبين من قال بـ قلته قال انس : زوجها النبي بمهر قدره 400 مثقال فضة ، وقيل بمهر خسيس ، الذي يتصفح الرواية ويطيل النظر إليها يضع جملة علامات استفهام عليها ، منها قول الراوي لما زوج النبي إذاً هو المزوج وبما انه بهذه الصفة لا يجوز الاعتراض على حكمه ، والناس منقادون منصاعون لأوامره ونواهيه لقوله تعالى { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } ( ) والأكثر من ذلك هذه سُنة يجب العمل بها ، ولا يحق لهم الاعتراض عليها ، ولم نعرف مَنْ هم الناس ، الذين اعترضوا ؟ هناك أبهام في الموضوع ، بغض النظر عن صفة النبوة لنفرض رجلاً من عامة الناس زوج ابنته بهذا المهر ، أيحق لأحدهم الاعتراض ؟ علماً إن الرواية لم تذكر مقدار المهر حتى تصفه بـ هكذا وصف .
وهو لفظ غير محبب ، ويفتقر إلى اللياقة في الكلام مع النبي قالوا : مهر خسيس ، بمعنى دنيء ، وخس الشيء يخس فهو خسيس ، يعني رذل ، وشيء خسيس يعني تافه ( ) فلا يجوز أطلاق هذه الصفة على مهر الزهراء ، أين فصاحة العرب ؟ ألم نسمع أنهم قوم فصحاء بُلغاء ؟ .
والمحزن ذكر الرواية في مصادر الخاصة ( ) وقد عدوها منقبة من مناقب الزهراء ناسين بل متناسين ما تحمله الرواية في وصف أمير المؤمنين بـ الفقر ، وقد أصبح النبي مضطراً لتبرير الأمر ، وكأنه خارج عن أرادته وإنما هو أمر الله سبحانه وتعالى .
وهذا المهر ، يتقاطع وسُنة النبي بدليل إن نسائه أغلى مهوراً ( )
وروى الحسن بن موسى عن زهير عن جابر عن الإمام الباقر (ع) قال تزوج علي فاطمة على إهاب شاة وسحق حبرة وقيل جرد حبرة ، رواه وكيع بن الجراح عن سفيان عن جابر عن باقي السند ، وروى وكيع بن الجراح عن المنذر بن ثعلبة عن علباء بن أحمر اليشكري أن عليا تزوج فاطمة فباع بعيراً له 480 درهماً فقال النبي اجعلوا ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب ( ) وهناك من جعل درع أمير المؤمنين مهرها .
وقيل كان مهرها درع حطمية : وسبب تسميته بهذا الاسم لأنها تحطم السيوف ، أي تكسرها ، وقيل العريضة الثقيلة ، وقيل : هي منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم حطمة بن محارب ( ) كانوا يعملون الدروع ، وهذا أشبه الأقوال ( ) يظهر إن أمير المؤمنين يملك هكذا نوع من الدروع ، أعطاه إياه النبي لكنه أصبح وبالاً عليه إذ جعلوا منه مشكلة ، وأحد عُقد زواجه .
ومن المعروف لدى الجميع ، على كل شخص يرغب في الزواج عليه أن يستعد له مادياً ، لأن المال هو ركيزة أساسية من ركائز الزواج ، فلا زواج من دونه ، إلا أمير المؤمنين شذ عن البشرية جمعاء ، أراد الزواج وهو لا يملك أدنى مقوماته ، والأكثر من ذلك طلب يد بنت السلطان ، هذا ما رواه يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة إن أمير المؤمنين خطب إلى النبي ابنته فـ قال له ما تصدقها قال ما عندي شيء قال فأين درعك الحطمية التي كنت منحتك قال عندي قال أصدقها إياها فـ فعل وتزوجها قال عكرمة كان ثمنها أربعة دراهم ( ) .
الغريب في الأمر ، حالة الفقر التي رافقت أمير المؤمنين من ولادته حتى وفاته ، وهذا خطأ فادح تحدثت عنه بعض المصادر زاعمة وجود أزمة أصابت أبي طالب مما دعته إلى تقسيم أولاده ، فكان أمير المؤمنين من حصة النبي محمد وقد تصدينا لهذه الرواية وثبت زيفها وثبت إن أمير المؤمنين هو من تربية أبيه وأمه ، وهما ربيا النبي محمد ( ) .
وقد فات واضع الرواية أن يمايز بين الصداق والمهر ، هو تحدث عن المهر فسماه صداقاً ، وقد كانت قيمته لا شيء أربعة دراهم ، وماذا تفعل عروس بهذا المبلغ ؟ وقيل قومت هذه الدرع أربعمائة وثمانين درهماً ( ) وبالتالي لم نعرف الصحيح في الموضوع لوجود فرق شاسع بين السعرين ، وربما قائل يقول إذا كان سعر الدرع هكذا غالياً ، فكثير من المسلمين لم يكن باستطاعتهم ملك ثمنه ، وبالتالي لم نجد من تساءل اذا باع امير المؤمنين درعه ، كيف استطاع مواصلة الجهاد من دونه ؟ .
وروى سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل سمع علياً قال أردت أن أخطب إلى النبي فقال لي : هل لك من شيء قلت لا قال فأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا قال هي عندي قال فـ اعطها إياه ( ) ورواه محمد بن سليمان عن أحمد بن عبدان البرذعي عن سهل بن سقير عن الإمام الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام ( ) والغريب هذا الرجل سمع الحديث من أمير المؤمنين حدثه به في الكوفة ( ) يعني أيام حكومته .
على صاحب الرواية التبيان للناس ، ما نوع العطية هل إنها هبة ، أو إنها مغنم من مغانم المعارك ، من أين حصل عليها ؟ وهل قيمته يعدل مهر أو صداق ؟ هذا أمر لا يصدق .
والأكثر من كل ذلك ، أراد أن يتزوجها وهو خالي اليدين ، ولم يقدم لها شيء يذكر ، وهذا ما رواه وكيع بن الجراح عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة أن علياً لما تزوج فاطمة فأراد أن يبني بها قال له النبي قدم شيئاً قال ما أجد شيئاً قال فأين درعك الحطمية ( ) السند مقطوع عند عكرمة ، وعلى رواية إسحاق بن إسماعيل الطالقاني عن عبدة ، عن سعيد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما تزوج علي فاطمة … الخ الرواية ( ) ورواه عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة أن رسول الله قال لعلي : لا تبن بأهلك حتى تقدم شيئاً … الخ ( ) والله عجيب كم درع لدية أليس واحد فقط وأعطاه مهراً لها حسب طلب النبي فما معنى تكرير الأمر إلا يدل ذلك على سذاجة الوضع ، نحن نتحدث عن التجهيز للعرس وليس الخطوبة .
وهناك من رتب حكم شرعي على الرواية ، بل وضع فصل قال فيه : يجوز الدخول بالمرأة قبل أعطائها شيئاً سواء كانت مفوضة أو مسمى لها ، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي وسفيان الثوري والشافعي ، ورويَّ عن ابن عباس وابن عمر والزهري وقتادة ومالك لا يدخل بها حتى يعطيها شيئاً قال الزهري مضت السنة ان لا يدخل بها حتى يعطيها شيئاً قال ابن عباس يخلع إحدى نعليه ويلقيها إليها وروى أبو داود بإسناده ، فأعطاها درعه ثم دخل بها ، مستدلاً في حادثة تزويج فاطمة ( ) .
وقال ابن حزم : إنما كان ذلك على انه صداقها لا على معنى انه لا يجوز الدخول إلا حتى يعطيها شيئاً ( ) وفيه دليل على تقديم شيء للزوجة قبل الدخول بها جبراً لخاطرها وهو المعروف عند الناس كافة ولم يذكر في الرواية هل أعطاها درعه المذكور أو غيرها ، وقد وردت روايات في تعيين ما أعطى علي فاطمة (عليهما السلام) إلا أنها غير مسندة ( ) .
وفتح الشوكاني باباً اسماه ، باب تقدمة شيء من المهر قبل الدخول والرخصة في تركه ذاكراً الحادثة ثم قال : هو دليل على جواز الامتناع من تسليم المرأة ما لم تقبض مهرها ( ) والذي يدمي القلب عدوها منقبة تحت باب ما ذكر في فضل فاطمة ( ) .
وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال أستحل علي فاطمة ببدن من حديد ( ) قيمته أربعة دراهم ( ) ربما هناك من لم يعرف معنى كلمة البدن هي: شبه درع إلا أنه قصير قدر ما يكون على الجسد ، قصير الكمين ، ويجمع على أبدان ( ) هذا متاع الرجل وقد كانت فاطمة في تلك الحال مالكة للبدن من دون أمير المؤمنين ( ).
وعلى رواية انه رهن درعه عند يهودي بشطر شعير ( ) ولم نعرف كم درع له ؟ وهل شطر الشعير كاف لتجهيز العرس أو أن يكون مهراً أو صداقاً ؟ .
صداقها
من المفردات الدالة على الصداق ، ما رويَّ عن النبي محمد (ص) قوله : عندما دخل على فاطمة (عليها السلام) ” أصدق الله عنك الخمس ما دامت السماوات والأرض ” ( ) وهذه عليها مشكل ، نحن مطالبون بـ تقديم الدليل على ذلك ؟ لأن الخمس معمول به قبل مبعث النبي (ص) وهو من سنن عبد المطلب وروي في وصية النبي لأمير المؤمنين قوله ” إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في البعثة منها جد كنز فاخرج منه الخمس وتصدق به فـ انزل الله قوله ( ) {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ( ) .
والرواية مسندة عن يعقوب بن شعيب بن ميثم التمار ، الرجل خال من الطعون ، وربما الخلل في الذين اسندوا خطئاً عنه ( ) وهنا يجب التمييز بين الصداق والمهر وهما مختلفين .
وروى عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن جابر عن الإمام الباقر (ع) قال كان صداق فاطمة جرد حبرة وإهاب شاة ( ) وبالتالي ضاع الحق لم نعرف صداقها أهو خمس أم جرد صوف ؟ الذي فيه استخفاف واستحقار بـ دليل إن مفردة الجرد تعني جرد الشيء يجرده جردا وجرده : قشره ، وجرد الجلد يجرده ، نزع عنه الشعر ، وثوب جرد : خلق قد سقط زئبره ، وقيل : هو الذي بين الجديد والخلق ، والجرد : الخلق من الثياب ، وأثواب جرود ، والجردة ، بالفتح : البردة المنجردة الخلق . وانجرد الثوب أي انسحق ولان ، وجريدة ، تصغير جردة ، وهي الخرقة البالية ( ) .
وروى موسى بن إسماعيل عن دارم بن عبد الرحمن بن ثعلبة الحنفي قال حدثني رجل أخواله الأنصار قال أخبرتني جدتي أنها كانت مع النسوة اللاتي أهدين فاطمة إلى علي قالت أهديت في بردين من برود الأول عليها دملوجان ( ) من فضة مصفران بزعفران ( ) .
والغريب إن الأمر مختلف مع أزواج النبي (ص) إذ كان صداق خديجة عشرين بكرة سنية ، وقيل اثنا عشر أوقية من مذهب ونصف أوقية ( ) وأصدق أحداهن اثنتي عشرة أوقية ونش ، قيل له لا تقصر بها في المهر قال ما أصدقت أحداً من نسائي فوق هذا ولا أصدق أحداً من بناتي فوق هذا ( ) بغض النظر عن موقفنا من هذه الرواية ، وقد وقفنا عند تفصيلات ذلك ( ) ثم اننا نعتقد بعدم وجود بنات له خلا السيدة فاطمة (عليها السلام) .
وروى محمد بن الفضل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم قال كان صداق بنات رسول الله ونسائه 500 درهماً اثني عشر أوقية ونصفاً ( ) .
وليمة العرس
من سُّنة الزواج عمل وليمة ، إلا أمير المؤمنين ورد ما يدل على فقره وعدم استطاعته عمل وليمة وذلك في أكذبوه أوردها البخاري وغيره بسند واه فيه الزهري عن الإمام السجاد عن أبيه عن أمير المؤمنين E قال : كانت لي شارف ( ) من نصيبي من المغنم يوم بدر ، وأعطاني النبي 6 شارفاً مما أفاء الله من الخمس يومئذ فلما أردت ابتني بـ فاطمة (عليها السلام) واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي باذخر فأردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي من الاقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار حتى جمعت ما جمعت ، وقد عبث بها حمزة بن عبد المطلب ، فـ جب أسنمتها ( ) .
قال ابن كثير : هذا لفظ البخاري في كتاب المغازي وقد رواه في أماكن أخر من صحيحه بـ ألفاظ كثيرة وفي هذا دليل على أن غنائم بدر قد خُمست لا كما زعمه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال من أن الخمس إنما نزل بعد قسمتها وقد خالفه في ذلك جماعة منهم البخاري والطبري وبينا غلطه في ذلك ( ) .
هناك من عمل بصحة الرواية ، ورتب عليها حكم شرعي ، فـ قال : أما هذا السنام المقطوع فإن لم سكن تقدم نحرهما فهو حرام بإجماع المسلمين لأن أبين منحى هو ميت وفيه حديث مشهور في كتب السنن ويحتمل أنه ذكاهما ، فإن كان فعل فلحمهما حلال باتفاق العلماء إلا ما قيل عن عكرمة وإسحاق وداود أنه لا يحل ما ذبحه سارق أو غاصب أو متعد والصواب الذي عليه الجمهور حله وان لم يكن ذكاهما وثبت أنه أكل منهما فهو أكل في حالة السكر المباح ولا إثم فيه ( ) .
وروى محمد بن عبد الله بن عرس عن ميمون بن كليب عن مسلم بن خالد الزنجي عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام) عن جابر بن عبد الله قال : حضرنا العرس فما رأينا عرساً أحسن منه حيسا وهيأ لنا النبي زيتاً وتمراً فأكلنا ” قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الإمام إلا مسلم بن خالد الزنجي وعبد الله بن ميمون القداج هو تفرد به عن مسلم بن خالد ميمون بن كليب ( ) قيل عبد الله بن ميمون القداح ضعيف ( ).
بودنا التوقف هنا عند كلمة الحيس ، وهي خلط الاقط بالتمر ، يعجن كالخميرة ، حسته حيسا ( ) وقيل وهو تمر يخلط بسمن وأقط ( ) وقد يجعل عوض الأقط الدقيق ، أو الفتيت ( ) والاقط يتخذ من اللبن المخيض ، يطبخ ثم يترك حتى يمصل ( ) وهو لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به ( ) وكأن المراد بالحيس هو ما ورد في لهجة أهل العراق القول ” حوسوا الأكل ” إي اخلطوه إذا كان مكوناً من تمن ومرق ، أو الحليب وأحد مشتقاته مثل الروبة وغيره .
وقيل أولم أمير المؤمنين فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل منها ( ) ولم نعرف تفصيلاتها ، ولا سيما القول بـ فقره .
وعلى رواية ، قال النبي يا علي إنه لابد للعروس من وليمة فقال سعد – لعله ابن عبادة – عندي كبش وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة ( ) وقال جابر : وأتينا بزبيب ( ) ولم يصح عمل وليمة منه ، وهذا ربما طبق قدمه أمير المؤمنين لجابر وأصحابه الذين ساعدوه في تجهيز البيت .
وقد زارهما النبي فيما بعد فـ قال له أمير المؤمنين : هي أحب إليك منى ، قال : هي أحب منك ، وأنت أعز عليَّ ( ) .
بيت الزوجية
قلنا فيما سبق ، إن أمير المؤمنين لم يكن له أحداً من أهله في المدية ، سوى أمه فاطمة بنت أسد وعليه لا بد أن تكون له داراً مستقلة ، هذا دليلٌ عقلي ، ولم نبحث في الأدلة النقلية ، لأنه قد يطيل بنا البحث طويلاً ، ومع ذلك وجدنا ما يفيد هذا الأمر بعد زواج أمير المؤمنين رواه الواقدي عن إبراهيم بن شعيب عن يحيى بن شبل عن أبي جعفر – لعله الإمام الباقر (ع) قال لما قدم النبي المدينة نزل على أبي أيوب الأنصاري ( ) سنة أو نحوها فلما تزوج أمير المؤمنين فاطمة (عليهما السلام) قال له أطلب منزلاً فـ طلبه وأصابه مستأخراً عن بيت النبي قليلاً فبنى بها فيه فجاء النبي إليها فقال إني أريد أن أحولك إليَّ فقالت له فكلم حارثة بن نعمان ( ) في الموضوع فبلغ ذلك حارثة فتحول وجاء إلى النبي فقال : بلغني أنك تحول فاطمة إليك وهذه منازلي وهي أسقب – أطول – بيوت بني النجار بك وإنما أنا ومالي لله ولرسوله ، والمال الذي تأخذ مني أحب إليَّ من الذي تدع فقال النبي (ص) صدقت بارك الله عليك فحولها إلى بيت حارثة ( ) وهذه الرواية إن صحت تنفي ركوب فاطمة الناقة ليلة الزفاف .
ومهما يكن من شيء ، هذا البيت بحاجة إلى أثاث لمزاولة الحياة اليومية فيه ، وما عسى أن تكون أثاثه وهو ليس له ، وإنما مستأجر له ، ورد في هذا المعنى روايات :
الأولى : رواها أنس بن عياض ( ) عن الإمام الصادق عن الإمام الباقر قال : إن أمير المؤمنين حين تزوج فاطمة كان فراشهما إهاب كبش إذا أرادا أن يناما قلباه على صوفه ووسادتهما من أدم حشوها ليف ( )وعلى رواية جابر : حشيناً البيت كثيباً طيباً يعني تراباً طيباً ( ) وقالت أم أيمن وليت جهازها فكان فيما جهزتها به مرفقة من أدم حشوها ليف وبطحاء مفروش في بيتها ( ) .
الثانية : رويت عن أبي أسامة عن مجالد عن عامر عن أمير المؤمنين قال : تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار ومالنا خادم غيرها ( ) .
الثالثة : محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن محمد بن موسى عن عون بن محمد بن الحنفية عن أمه أم جعفر عن جدتها أسماء بنت عميس قال جهزت جدتك فاطمة إلى جدك علي وما كان حشو فراشهما ووسائدهما إلا الليف ( ) .
السند فيه عون بن محمد بن الحنفية ، أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ( ) القرشية الهاشمية ، زوجة محمد بن الحنفية ، والدة عون ، روت عن : جدتها أسماء بن عميس ، روى عنها : ابنها عون ، وأم عيسى الجزار ويقال : أم عيسى الخزاعية ، روى لها ابن ماجة ، وقع حديثها بعلو ( )وأسماء بنت عميس ، وهذه الأخيرة كانت مهاجرة في الحبشة كما قلنا وهي سبب ضعف الرواية .
الرابعة : عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن ابن أبي يزيد المديني وأظنه ذكره عن عكرمة قال لما زوج رسول الله فاطمة كان فيما جهزت به سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف وتور من أدم وقربة وجاؤوا ببطحاء فطرحوها في البيت ( ) .
الخامسة : موسى بن إسماعيل عن دارم بن عبد الرحمن بن ثعلبة الحنفي قال حدثني رجل أخواله الأنصار قال أخبرتني جدتي فدخلنا بيت أمير المؤمنين (ع) فإذا إهاب شاة على دكان ووسادة فيها ليف وقربة ومنخل ومنشفة وقدح ( ) .
السادسة : أبو سعيد مولى بنى هاشم ومعاوية بن عمرو عن زائدة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن أمير المؤمنين قال جهز رسول الله فاطمة في خميل وقربة ووسادة من ادم حشوها ليف قال معاوية اذخر قال أبى والخميلة القطيفة المخملة ( ) قيل الوسادة محشوة إذخرا ( ) حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ( ) وقد زارهما النبي وهما على تلك الحال ( ) وقد أختلف في معنى الخميلة هذا ، قيل هي: القطيفة ، وهى كل ثوب له خمل من أي شيء كان ( ) وقيل القطيفة البيضاء من الصوف ( ) منهم قال هي ريش النعام تجمع على خميل ( ) وهذا يدل على الثراء ، فراش يدل على الهيبة والعيش الرغيد ، إلى اليوم يضرب به المثل ” يقال نائم على ريش النعام ” وهذا هو الفراش المناسب لأمير المؤمنين والزهراء ( عليهما السلام) .
الأجدر أن يكسوها ثوب قطري ، ضرب من البرود ، إذ كان النبي (ص) يتشح به ، وكذلك عائشة كانت ترتدي ، درع قطري ثمنه خمسة دراهم ( ) .
السابعة : روى عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي أن رسول الله لما زوجه فاطمة بعث معها بخملة ووسادة أدم حشوها ليف ورحائين وسقاء وجرتين فقال علي لفاطمة ذات يوم والله لقد سنوت –جدب قحط – حتى قد اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه فقالت وأنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي فأتت النبي فقال ما جاء بك ؟ قالت جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله ورجعت فقال ما فعلت قالت استحيت أن أسأله فأتياه جميعاً ، فـ أخبراه الأمر ، وقالا : أتى الله بسبي وسعة فخدمنا قال والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكني أبيعهم أنفق عليهم أثمانهم فرجعا فأتاهما وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطيا رؤوسهما تكشفت اقدامهما وإذا غطيا اقدامهما رؤوسهما فثارا فقال مكانكما ألا أخبركما بخير مما سألتماني فقالا بلى فقال كلمات علمنيهن جبريل تسبحان في نهاية كل صلاة عشرا وتحمدان عشراً وتكبران عشراً وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين ، والله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله فقال له ابن الكواء ( ) ولا ليلة القاسطين فقال قاتلكم الله يا أهل العراق ولا ليلة القاسطين ( ) .
يظهر من الرواية إن أمير المؤمنين كان فقيراً معدماً ولم يكن زاهداً حسب ما صوره بعضهم ، بدلالة انه طلب من النبي ولم يعطه شيئاً ، وكان عادلاً معه ، ولم يفعل به كما فعل هو بـ عقيل عندما طلب منه فحمى حديده وأدناها منه فخار منها كما يخور الثور بيد ذباحه ( ) .
وأطعمهما النبي بخيبر من الشعير والتمر 300 وسق شعير من ذلك خمسة وثمانون وسقاً لفاطمة من ذلك مائة وسق ( ) .
حال الزهراء بعد الزواج
صورت بعض الروايات زواجها كأنه هم ونكد وجوع وعراء ، وكل سلبيات الحياة ومعاناتها متجسدة فيه ، لذلك علينا بيان هذه المعاناة بكل تفصيلاتها ، والوقوف عند رواتها وبيان ما في متونها من هنات ، ومن ذلك وصفت إنها كثيرة الشكوى ، إذ وضع الوضاع ما يفيد سوء حالها ، وفي ذلك روايات :
الأولى رواها مخلد بن عمرو الحمصى الكلاعى عن عبيد الله بن موسى عن سفيان الثوري عن الاعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال : أصابت فاطمة صبيحة العرس رعدة ( ) الرواية أوردها ابن حبان في معرض الطعن في مخلد بن عمرو ، راوي الحادثة ذكرها في كتابه المجروحين ، بمعنى انه ذكرها في معرض الإنكار لا الإقرار .
وقال ابن عساكر : غريب جداً تفرد به أبو الأخيل بهذا الإسناد وقد تابعه بعض الناس فرواه عن عبيد الله بن موسى ( ) وقال الذهبي : هذا كذب ( ) والسند فيه مخلد بن عمرو الحمصى الكلاعى هناك من تكلم فيه ، وصوابه خالد بن عمرو ( ) وقد رفض عوام الناس صحة الخبر ، لأنه فيه ، روى عن الثقاة ما ليس من حديث الإثبات ، لا يجوز الاحتجاج به ( ) وقال ابن عدي : هذا الإسناد عن سفيان الثوري باطل ومنكر ، رواه سفيان بن محمد هذا عن عبيد الله بن موسى عن سفيان وعبيد الله ثقة ( ) وقال الذهبي : هذا باطل ، ما تفوه به سفيان الثوري أصلاً ( ) .
وقيل في سنده عثمان وأحمد ابنا خالد بن عمرو السلفي من أهل حمص ثقتان وأبوهما ضعيف ( ) والغريب إن الذهبي أراد تضعيف الحديث فصب نقمته على الراوي سفيان بن محمد الفزارى المصيصى فـ قال : يسرق الحديث ، ويسوى الاسانيد ، روى عن منصور بن سلمة ، ولا بأس بمنصور ، عن سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر حديث : إذا رأيتم فلانا على منبرى فاقتلوه ، وإنما روى عن خالد بن مخلد ، عن سليمان ، عن جعفر بن محمد ، عن جماعة من أهل بدر ، وله : عن هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أنس عن النبي قال : من كرامتي أنى ولدت مختونا ، فلم ير أحد سوأتي ( ) .
سمع منه ابو حاتم وابو زرعة وتركا حديثه ، وضعفه ابو حاتم ، وقال الحاكم روى عن ابن وهب وابن عيينة أحاديث موضوعة ، وقال صالح جزرة ليس بـ شيء ، وقال الدارقطني كان ضعيفاً سيء الحال في الحديث وقال مرة لا شيء ، وقال ابن عدي أيضاً ليس من الثقاة وله أحاديث لا يتابعه عليها الثقاة وفيها موضوعات ( ) .
الرواية الثانية : رواها أبو الحسن الفرضي وأبو القاسم بن السمرقندي عن أبي نصر بن طلاب عن أبي الحسين بن جميع عن أبي سعيج بن عسب الفارسي بصور عن محمد بن علي بن راشد عن عبيد الله بن موسى عن باقي السند قال لما أراد النبي أن يوجه فاطمة إلى علي أخذتها رعدة ( ) ورواه عبد الله بن صالح ، عن شريك ، عن أبي إسحاق : عن حبشي بن جنادة قال : لما زوج النبي فاطمة أرعدت ( ) .
يسجل على متن الرواية ، جملة ملاحظات أهمها إن فاطمة متزوجة ، فـ أصابتها رعدة ، وهي مشتقة من الرعد ، وقيل رجرجة تأخذ الإنسان من فزع أو داء ( ) ولم نعرف ، تاريخ الرعدة في صبيحة العرس ، أم أثناء الزفاف ؟ وعلى ماذا يدل هذا الاختلاف ؟ ألم يكن دليلاً على وضعها ؟ السؤال هنا من أين أتت لها الرعدة ؟ هل هناك خطب ما أفزعها ؟ وكيف علم ابن مسعود به ؟ من الذي أخبره ؟ هذه أمور خاصة لا يجوز العلن عنها ، والرواية عبارة عن محاورة بين البنت وأبيها ، فما دخل الراوي ؟ بمعنى كيف تسرب الخبر إليه ؟ وإشكالية الباحث أنصبت على قراءته الرواية ، هل إن فاطمة صبيحة العرس غير راضية بـ الزواج من أمير المؤمنين ؟ لذلك كان النبي محرجاً منها ، فراح يبرر لها قضية تزويجها ، وحاول أن يقدم لها المغريات ، ومن المستبعد حصول ذلك ، وأن حصل يفترض أن يقال لها قبل الزواج ، كما لا يحق لها وغيرها الاعتراض ، لأن الزواج من الله سبحانه وتعالى ، واعتراضها والرعدة يتنافيان ، وافتخارها على النساء ، علماً إنها تربية النبوة ، ولم تفتخر يوماً على غيرها ، ويكفيها فخراً أبوها النبي .
الرواية الثالثة : رواها أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي عن محمد بن أحمد بن علان عن محمد بن جعفر بن محمد عن محمد بن القاسم المحاربي عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي سعيد قال لما زوج النبي علياً فاطمة أصابها حصر شديد ( ) ما يسجل على الرواية إنها أحادية الجانب ، ولم نجدها في غير هذا المصدر .
ورد في الرواية مصطلح حصر وكان شديداً ، وعليه لا بد من معرفة معناه عند أهل اللغة ، وقد اختلفوا حوله فـ قال الكسائي ، وأبو عبيدة ، وأكثر أهل اللغة : إن الاحصار المنع بالمرض ، أو ذهاب النفقة ، والحصر بحبس العدو ، وقال الفراء : يجوز كل واحد منهما مكان الآخر ، وخالف في ذلك أبو العباس ، والزجاج ، واحتج المبرد بنظائر ذلك ، كقولهم حبسه أي جعله في الحبس وأحبسه أي عرضه للحبس ، فكذلك حصره : حبسه أي أوقع به الحصر ، وأحصره : عرضه للحصر ، ويقال : أحصره أحصاراً : إذا منعه ، وحصره يحصره حصراً إذا حبسه ، وحصر حصراً : إذا عيي في الكلام ، وحاصره محاصرتا : إذا ضيق عليه في القتال ، والحصر الضيق ، هذا حصر شديد ، والحصير : الذي لاح بسره ، لأنه قد حبس نفسه عن البوح به ، والحصير : المحبس ، ومنه قوله تعالى {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } ( ) والحصر البخيل لحبسه رفده ( ) .
قال ابن عساكر : هذا حديث غريب من رواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس وغريب من حديث معمر بن راشد عن ابن أبي نجيح تفرد بروايته عنه عبد الرزاق الذي رواه عنه غير واحد منهم أبو الصلت الهروي وأحمد بن عبد الله بن عبد الله الهشيمي ( ) .
الرواية الرابعة : رواها أبو عبد الله ، عن أبي محمد المدني عن محمد بن عبد الله الخضرمي سعيد بن عمرو الأشعثي عن علي بن هاشم عن كثير النواء عن سيعد بن جبير عن عمران بن حصين قال له النبي ألا تنطلق بنا نعود فاطمة فإنها تشتكي قلت بلى ، فانطلقنا حتى إذا انتهينا إلى بابها سلم وستأذن فقال أدخل ومن معي قالت نعم ، ولكن ما عليَّ إلا عباءة فقال لها اصنعي بها هكذا واصنعي بها هكذا فعلمها كيف تستر فقالت والله ما على رأسي خمار ، فـ أخذ خلق ملاءة كانت عليه قال اختمري بها ثم أذنت لهما فدخلا فقال كيف تجدينك يا بنية قالت إني لوجعة وإنه ليزيدني ما لي طعام آكله ( ) .
لتكن فاتحة نقد الرواية مع الفعل الثلاثي عاد ، ومنه المعايدة والعيادة وهي للطبيب ، يظهر إنها مريضة فزارها ، النبي وهذا شيء معتاد ، زيارة المريض فيها فضيلة ، ولكن غير المعتاد شكواها ، وسقم حالها ، وهي إنها لا تملك عباءة تستر حالها ، ولم يكن لها خمار ، فهون عليها المصيبة وأرشدها إلى حلول ، والسؤال هنا ، إنها كانت حديثة عهد بعرس وقد خرجت من بيت النبوة إلى بيت الإمامة ، أكانت سافرة حاشاها ، أم لفوها في خوص النخل ، ووضعوها على المحمل أم استعاروا لها عباءة ؟ وهذا يتناقض وركوبها الناقة ، وسلمان يقودها ، هل كانت سافرة والعياذ بـ الله ، والمصيبة العظمى إذا كانت هي لم تملك عباءة فمن أحق بها أن يرتديها ؟ أن صح ذلك معناه لا توجد عباءة في المدينة ، وهذه كارثة تبين العراء الذي عاشته المدينة في عصر النبوة ، فـ إذا كان زوجها فقيراً فما حال أبيها وقد خرجت من بيته للتو ؟ المفروض أن تجلب ما تحتاج اليه ، وإذا كان حال النبي ووليه (عليهما السلام) هكذا فما حال باقي أهل المدينة ؟ أكثر شيء يثير الاستغراب هو تركيب الروايات ، ولا سيما هذه الرواية رُكبت على غرار رواية فقر أبي طالب بن عبد المطلب المزعومة ، بسبب الأزمة المالية التي إصابته من دون سكان مكة ، مما أضطر إلى تقسيم أولاده بين أقاربه ، وقد درسناها بحمد الله وثبت عدم صحتها ( ) .
ثم هل إنها مريضة بسبب علة ما ، أم إنها تشتكي الفقر ، وهنا سؤال ، لماذا الفقر وعندها زوج وأب ؟ أبوها النبي حاكم المدينة ، وزوجها ولي الله ، وخليفة رسوله ؟ له من القوة العضلية ما شاء الله ، قيل فيه ” وأما القوة والأيد : فبه يضرب المثل فيهما … ما صارع أحداً قط إلا صرعه ، وهو الذي قلع باب خيبر ، واجتمع عليه عصبه من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه ، وهو الذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة ، وكان عظيماً جداً ، وألقاه إلى الأرض ، وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته A بيده بعد عجز الجيش كله عنها ، وأنبط الماء من تحتها ” ( ) من كان بهذه القوة ، لا يمكن أن يعيش فقيراً .
فضلاً عن ذلك ورد عند غيرنا عن النبي قال ” الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار ” ( ) وعندنا عن الإمام الصادق قال ” الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ” ( ) ولا يقول قائل ان الإمام كان زاهداً في الدنياً ، نذكره بـ قول الإمام السجاد قال : الزهد عشرة أجزاء ، أعلا درجته أدنى درجة الورع ، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين ، وأعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا ( ) والحر تكفيه الإشارة .
والسؤال هنا لماذا تعامل أمير المؤمنين هكذا مع الزهراء وقبال ذلك اسكن أم البنين زوجته الأخرى في قصر منيف ، ما زال شاخصاً في الكوفة ، ولا يقول قائل هو بيت أخته أم هانئ ، هذا قول بلا دليل لأنها مطلقة فارقها زوجها في مكة ( ) بالمختصر المفيد كل ذلك فرية على الصديق الأكبر وتهم لفقها ممن جهل مقامه ولم يعرف شأنه على انه عاش زاهداً ، بذلك لم يميزوا بين الزهد والفقر .
وقد انسلت هذه الروايات ، إلى فكر أتباع مدرسة أهل البيت من غير المحققين ، والغريب إنهم فهموها على إنها منقبة لأمير المؤمنين والزهراء فترضى على عمران بن حصين ( ) .
وقيل إن النبي عاد فاطمة في مرض أصابها على عهده فقال لها كيف تجدينك ؟ قالت : والله لقد اشتد حزني واشتدت فاقتي ، وطال سقمي ( ) وإني وجعة وما يزيدني وجعاً عدم وجود طعام آكله ( ) .
ولم نجد من اسند الرواية ، سوى الذهبي عن علي بن هاشم بن البريد ، عن كثير النواء ، عن عمران بن حصين : أن النبي عاد فاطمة وهي مريضة الخ الرواية ( ) التي جمعت بين متناقضات ، على سبيل المثال ، إنها مريضة وجعة ، وهذا يستوجب الإمساك عن الطعام ، وهذه حالة عامة لدى جميع المرضى إلا فاطمة كانت مريضة وما زاد مرضها شدة الجوع ، بحيث لم تجد شيئاً تأكله ، وعليه هذا يحتمل إنها لم تكن مريضة ، وإنما اشتد جوعها لمجرد أن تشبع تتعافى من المرض .
أما السند فيه علي بن هاشم ، أبو الحسن الزبيدي الخزاز ، مولاهم الكوفي ، من أصحاب الإمام الصادق A ( ) وقيل البريدي ( ) قيل أهل بيت تشيع وليس ثم كذب ( ) ولم نعرف المراد من الكلمات الأخيرة هل هي مدحاً أم قدحاً ؟ وما يخص تشيعه كثيراً ما ترددت هذه المفردة قيل يتشيع ( ) غالياً في التشيع ( ) وقيل من الشيعة المعروفين روى في فضائل أمير المؤمنين أشياء لا يرويها غيره بأسانيد مختلفة وقد حدث عنه جماعة من الأئمة وهو إن شاء الله صدوق في روايته ( ) وكأن الرجل أراد قدح علي بن هاشم عندما قال روى فضائل أمير المؤمنين .
وهو صالح الحديث صدوق ( ) ليس به بأس ( ) قال ابن حنبل : سمعت منه مجلساً واحداً وكان أبو العوام ( ) يستملي له ونحن نسمع صوته والمسجد غاص ولم أره ( ) .
ترجم له العقيلي ، في الضعفاء ، ظلماً وعدواناً ، ولم يجد موجب للطعن ، فـ قال : من حديثه ، إن أفضل الأنبياء نبينا وإن أفضل الأوصياء وصينا وإن أفضل الأسباط سبطانا ( ) من هنا يدرك القارئ سبب الطعن في الرجل القضية تتعلق بالوصي والأسباط ، فـ إذا روى خلاف ذلك يكون ثقة ثقة ثقة .
وقال ابن عدي : هو وأبوه غاليان في سوء مذهبهما ، وهذا القول منسوب لـ البخاري ( ) وهو حجة على أتباعه ، ولم يكن ذي قيمة عندنا لعدم وثاقته .
وثقه يحيى بن معين ، وقال علي بن المديني : صدوقاً وقيل ليس به بأس ( ) وصفه الذهبي فـ قال : الإمام الحافظ الصدوق ، أبو الحسن العائذي القرشي مولاهم الكوفي ، الشيعي ، مولى امرأة قرشية ، حدث عن : هشام بن عروة ، والاعمش ، وابن أبي ليلى ، ويحيى بن أبي أنيسة ، وأبي الجحاف داود بن أبي عوف ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وطلحة بن يحيى ، وكثير النواء ، وأبي الجارود زياد بن المنذر ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، والعلاء بن صالح ، وفطر بن خليفة ، وأبي حمزة الثمالي ، وخلق سواهم ، وعنه : يونس بن محمد المؤدب ، وعمرو بن حماد القناد ، وأحمد ، وابن معين ، وابن أبي شيبة ، وعثمان أخوه ، ومحمد بن عبيد المحاربي ، وأبو معمر إسماعيل القطيعي ، والحسن بن حماد سجادة ، وداود بن رشيد ، وعبد الله بن عمر بن أبان ، ومحمد بن مقاتل المروزي ، ومحمد بن معاوية بن مالج ، وخلق كثير ، وثقته طائفة ، وقال أبو زرعة : صدوق ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ، وقال ابن حبان في الثقاة : وروى المناكير عن المشاهير ( ) .
وروى عن أبيه قال : جاء رجل إلى الإمام السجاد A فسأله عن مسائل فأجاب ثم عاد ليسأل عن مثلها فقال له الإمام : مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم ، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفراً ولم يزدد من الله إلا بعداً ( ) وعن أبيه ، قال : سئل زيد بن علي عن قول النبي : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قال : نصبه علماً ليعلم به حزب الله عند الفرقة ( ) .
روى عن محمد بن مسلم ( ) قوله : كنت عند الإمام الباقر A إذ دخل الإمام الصادق وعلى رأسه ذؤابة وفي يده عصاء يلعب بها ، فأخذه وضمه إليه ضماً ثم قال : بـ أبي أنت وأمي لا تلهو ولا تلعب ، ثم قال لي : يا محمد هذا إمامك بعدي فاقتد به واقتبس من علمه ، والله انه لهو الصادق الذي وصفه لنا النبي وان شيعته منصورون في الدنيا والآخرة وأعداءه ملعونون في الدنيا والآخرة على لسان كل نبي ، فضحك الإمام الصادق A واحمر وجهه ، فالتفت إليَّ الإمام الباقر وقال لي : سله ، قلت له يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟ قال : العقل من القلب والحزن من الكبد والنفس من الرية والضحك من الطحال ، فقمت وقبلت رأسه ( ) .
روى عن أبيه ، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي قال : كنت جالساً مع أمير المؤمنين A على باب القصر ، حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر ، فوثب ليدخل ، فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه وقال : حدثني حديثاً جامعاً ينفعني الله به ، قال : أو لم يكن في حديث كثير ؟ قال : بلى ولكن حدثني قال : حدثني خليلي رسول الله ” إني أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويين ، مبيضة وجوههم ، ويرد عدونا ظماء مظمئين ، مسودة وجوههم ” خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ، ولك ما اكتسبت ( ) يضعف الرواية جهالة عبد الرزاق بن قيس هو مجهول لدينا .
روى عن أبيه ، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي ، عن صلة بن زفر ( ) : أنه أدخل رأسه تحت الثوب بعدما سجى على حذيفة بن اليمان فقال له : إن هذه الفتنة قد وقعت ، فما تأمرني ؟ قال : إذا أنت فرغت من دفني فشد على راحلتك والحق علياً فإنه على الحق ، والحق لا يفارقه ( ) والله عجيب ميت وينطق كيف رضت نفوسهم رواية هذا .
مات بالكوفة في رجب أو شعبان سنة 181هـ في أمارة هارون العباسي ( ) وقيل سنة 179هـ ، وقيل مات سنة 180هـ ( ) .
وكثير بن إسماعيل ، سمي كثير النواء لأنه يبيع نوى التمر الذي يستعمل علف للحيوان فاشتهر به وثقه ابن حبان ، وضعفه الجمهور ، وفيه ذموم كثيرة ، ، وقد عدّه بعضهم من الشيعة مثل الذهبي بقوله ” شيعي جلد … مفرط التشيع ” وعلى هذا الرأي اعتراض ، هو لم يكن شيعياً ولم يحسب عليهم ، وما ذهب إليه الذهبي رأي خاطئ ، ينقصه أن يعرف مَنْ هم الشيعة ؟ فلا يرمي كل مذموم عليهم ، فـ الرجل ذمه إمام الشيعة الصادق فـ قال : كثير النواء ، وسالم بن أبي حفصة … كذابون مكذبون ؟ كفار عليهم لعنة الله قيل له كذابون قد عرفناها فما معنى مكذبون ؟ قال كذابون يأتوننا فيخبرونا أنهم يصدقونا وليسوا كذلك ويسمعون حديثنا فيكذبون به ” وكذلك قال : إما إنكم أن سألتم عنه وجدتموه لغية ( ) لعله ابن زنى كما دل على ذلك المعنى اللغوي يقال : ولد فلان لغير رشدة ، وولد لغية ولزنية ( ) .
يلحظ على الرواية إنها أحادية منقولة عن عمران بن حصين بن عبيد ( ) قيل ابن ابى الأسود ( ) الخزاعي الازدي البصري ( ) الضبي ( ) كان يسكن بلاد قومه ويتردد إلى المدينة ( ) ولم نعرف قومه مَنْ هم ؟ تارة خزاعي وأخرى أزدي ، وقيل ضبي ، ومن المرجح انه من المدينة سكن الكوفة ومات في البصرة ، كما سيتضح فيما بعد .
كنية أبو نجيد ( ) وثقه العجلي ( ) إمام قدوة ( ) كان يلبس مطرف خز ( ) ونقش خاتمه تمثال رجل ( ) وهذا عليه مشكل ، كيف يكون نقش خاتم المسلم تمثال ؟ قيل أسلم مع أبي هريرة ، سنة 7هـ ( ) .
وفي صحبته أقوال ، قيل صاحب النبي ( ) وقيل له صحبة ( ) من الباء الصحابة وفضلائهم ( ) ذكره الطوسي في أصحاب النبي ( ) وترجم له الخوئي ( ) ولم نطمئن لما ذكراه ، وهو بحاجة إلى تدقيق ، بدليل إن الرجل لم يكن علوي الهوى ، وإنما هواه مع الآخر ، والأكثر من ذلك انه بصري ، وهوى أهل البصرة معروف تجاه مَنْ .
ومن دلائل صحبته غزاته مع النبي غير مرة ( ) ولم نعرف غزوة واحدة شارك فيها .
وقوله : ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت النبي ( ) خرج ذات مرة في مطرف خز لم يُرى عليه من قبل ولا بعد فقال له النبي إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ( ) .
قال الفتني : حديثه في فقر فاطمة بطوله ، لم يوجد ( ) وعندما عرف دنو أجله أرسل إلى مطرف بن عبد الله بن الشخير ( ) فـ قال له : إني كنت أحدثك أحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي فإن عشت فاكتم عني وإن مت فحدث به إن شئت ( )
روى عنه مطرف وأبن أخيه يزيد بن عبد الله ، وهياج بن عمران البرجمى والعلاء بن زياد العدوى والحسن ، وزرارة بن اوفى وأبو المهلب وأبو رجاء العطاردي وصفوان بن محرز وعبد الله بن الحارث ويزيد بن عبد الله بن الشخير والحكم بن الاعرج وابو نضرة وابو مراية وزهدم بن مضرب الجرهمي وعمران بن عصام وربعي بن حراش ( ) والحسن ومحمد بن سيرين وعامر الشعبي وابن بريدة وابو رجاء العطاردي وآخرون ، له أحاديث عدة في الكتب ( ) .
له مسند فيه مئة وثمانون حديثاً اتفق الشيخان له على تسعة أحاديث وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بتسعة ( )أخرج البخاري في التيمم والصلاة ( ) قال عمران بن حصين : سمعت النبي يقول : من علم إن الله ربه وأنى نبيه صادقاً من قلبه وأومئ بيده إلى جلدة صدره حرم الله لحمه على النار ، قال ابن ابى القلوص ( ) حدثت بهذا احد ولد عبد الملك بن مروان فقال لكاتبه : اكتبه ( ) وقال : أن نبي الله جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينه عنها نبي الله قال فيها رجل برأيه ما شاء ( ) .
روى إن النبي أمر فلاناً وفلاناً أن يسلما على الإمام علي A بأمره المؤمنين ، فقالا : من الله ومن رسوله ؟ ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما ، ثم أمر المقداد فسلم ، وأمر بريدة ، فقال : أنكم قد سألتموني من وليكم بعدي ، وقد أخبرتكم به وقد أخذت عليكم الميثاق ، كما أخذ الله تعالى علي بني آدم جاء ذلك بقوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى } ( ) وأيم الله لئن نقضتموها لتكفرن ( ) المراد من فلاناً وفلاناً – يعني أبا بكر وعمر ( ) ومما تجدر الإشارة إليه إننا درسنا الميثاق وقدمنا الشواهد عليه ( ) يتضح من الرواية وكأن النبي واثق من إن هؤلاء سوف ينقضون البيعة ، لذلك حكم عليهم بالكفر إن فعلوها ، علماً إن الباحث لا يميل إلى صحة نسبة الخبر للرجل .
بدليل انه لم يقاتل الناكثين مع أمير المؤمنين ، بل نهى الناس عن الانخراط في جيشه ونصحهم لزوم البيوت ( )
وروى عن أبي بكر وعثمان ( ) ولم يرو عن أمير المؤمنين شيئاً .
ترك الكوفة ، وذهب إلى البصرة برفقة مطرف الذي روى ذلك قال : فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه شعراً وقال إن لكم في المعاريض لمندوحة عن الكذب ( ) وكان ممن بعثهم عمر بن الخطاب إلى أهل البصرة ليفقههم ، وكان الحسن البصري يحلف بالله ما قدم البصرة احد خير لهم من عمران بن حصين ( ) والواقع العملي اثبت انه بعث ليحرف اهل البصرة عن السنة المحمدية ، كما فعلها في الكوفة ، وهذه البعثة أتت أكُلها ومن شاء يطلع على أحاديثهم فيما يخص النبي وأهله .
يبدو انه أحد أعضاء الوفد الذي أرسله عمر بن الخطاب من المدينة إلى الكوفة لأنه أراد طمس الحديث المحمدي الشريف فيها ، ومشاغلة أهلها بـ القرآن ، وهذا ما رواه ابن سعد بسنده عن قرظة بن كعب الأنصاري ( ) قال : أردنا الكوفة فشيعنا عمر إلى صرار فتوضأ فغسل مرتين وقال تدرون لمَ شيعتكم فقلنا نعم نحن أصحاب النبي 2 فقال إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن النبي 2 امضوا وأنا شريككم ( ) .
وقال في رواية أخرى : بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا ، فمشى معنا إلى موضع يقال له صرار ، فقال : أتدرون لمَ مشيت معكم ؟ قلنا : لحق صحبة النبي 2ولحق الأنصار ، قال : لكنى مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به ، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم ، إنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل ، فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم وقالوا : أصحاب محمد ، فأقلوا الرواية وأمرهم أن يقلوا الرواية عن النبي ( ) .
وفي رواية ، إلا فيما يعمل به ، فقال أبو هريرة : أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي ؟ أما والله إذاً لأيقنت أن المحففة ستباشر ظهري ، فإن عمر كان يقول ، أشتغلوا بالقرآن فإن القرآن كلام الله ، ولهذا لما بعث أبو موسى إلى العراق قال له : إنك تأتي قوماً لهم في مساجدهم دوي بالقرآن كدوي النحل ، فدعهم على ما هم عليه ، ولا تشغلهم بالأحاديث ، وأنا شريكك في ذلك ، هذا معروف عن عمر ( ) .
وربما بعد أن أنهى عمران مهمته في الكوفة ، أرسله عمر إلى البصرة للهدف نفسه ، قال محمد بن سيرين ( ) : ما قدم من البصرة أحد من أصحاب النبي يفضل على عمران بن الحصين ( ) أدرك زياداً وكان والياً له ( ) تولى قضاء البصرة زمن ابن زياد ( ) فاختصم إليه رجلان قامت على أحدهما البينة فقضى عليه فقال الرجل قضيت عليَّ ولم تأل فـ والله إنها لباطل ، قال الله الذي لا إله إلا هو فوثب فدخل على عبيد الله بن زياد وقال اعزلني عن القضاء قال مهلاً ، قال لا والله الذي لا إله إلا هو لا أقضي بين رجلين ما عبدت الله ( ) .
وعلى رواية انه قضى على رجل بقضية ، فقال : والله ، قضيت عليَّ بجور ، وما ألوت ، قال : وكيف ؟ قال : شهد علي بزور ، قال : فهو في مالي ، ووالله لا أجلس مجلسي هذا أبداً ( ) من هذا اتضح عدم أهليته القضاء ، وكأنما بنو أمية أعطوه إياه مكافئة ، لموقفه المضاد لأمير المؤمنين .
من المحتمل ، كثرة هفواته التي ذكرنا بعضها حملته على القول : وددت أني رماد تذروني الرياح ( )
سكن البصرة ، وله في سكة اصطفانوس داراً ( ) قال هلال بن يساف ( ) قدمتها فدخلت مسجدها فوجدته شيخاً أبيض الرأس واللحية مستند إلى أسطوانة في حلقة يحدثهم ( ) لم يكن يقدم عليه من أصحاب النبي فيمن نزلها احد ( ) .
ومهما كان أمر الرجل ، كان مصيره الموت ، ويبدو إنه مرض أو أصابه خلل عقلي أو شيء من الوهم ، وهذا ما قاله لـ مطرف بن عبد الله بن الشخير : أشعر أنه كان يسلم عليَّ فلما اكتويت انقطع التسليم فقلت أمن قبل رأسك كان يأتيك التسليم أو من قبل رجلك قال لا بل من قبل رأسي فقلت لا أرى أن تموت حتى يعود ذلك فلما كان بعد قال لي أشعرت أن التسليم عاد لي ، ثم لم يلبث إلا يسيراً حتى مات ، وعلى رواية قال : إن الذي كان انقطع عني قد رجع يعني تسليم الملائكة ، وقال له اكتمه عليَّ ، وقيل أرسل إلى مطرف في مرضه فقال إنه كان تسلم عليه الملائكة فإن عشت فاكتم عليَّ وإن مت فحدث به إن شئت ، وعلى رواية ، كان يسلم عليه فقال إني فقدت السلام حتى ذهب عني أثر النار ، فقلت له من أين تسمع السلام قال من نواحي البيت قال فقلت أما إنه لو قد سلم عليك من عند رأسك كان عند حضور أجلك فسمع تسليما عند رأسه قال فقلت إنما قلته برأيي فوافق ذلك حضور أجله ( ) الملاحظ على الرواية أحاديتها مروية عن مطرف ونحن لا نرتب أثراً على خبر الآحاد .
وقيل اشتكى شكاة شديدة حتى جعلوا يأوون له من ذلك فقال له بعض من يأتيه لقد كان يمنعنا ما نرى بك من أتيانك فلا تفعل فـ والله إن أحبه إليَّ لأحبه إلى الله ولما حضرته الوفاة قال إذا مت فشدوا علي سريري بعمامتي فإذا رجعتم فانحروا وأطعموا ( ) .
قال ابن سيرين : سقى بطن عمران بن حصين ثلاثين سنة ، كل ذلك يعرض عليه الكي ، فيأبى ; حتى كان قبل موته بسنتين ، فاكتوى ، وكان ينهى عن الكي ، فابتلي ، فاكتوى ، فكان يعج ! وقد أوصى لامهات أولاده بوصاياً ، قال : من صرخت عليَّ ، فلا وصية لها ، توفي سنة 52هـ ( ) وهي السنة التي هلك فيها أبو أيوب الأنصاري وأبو بكرة الثقفي وكعب بن عجرة ومعاوية بن حديج الأمير ، وكان سبب هلاكه ، داء الناصور ( ) فاكتوى لأجله ، فما افلح ولا نجح ( ) .
وعلى رواية ترد في أحيان كثيرة قراءات فيما يخص أهل البيت لا نعرف ما نسميها مغلوطة ، أم نخفف المعنى فـ نقول غير صحيحة ، وهل وضعت بقصد أم من دون قصد ؟ هذه نجيب عليها بـ العنوان الرئيس نقول : إنها مقصودة والمراد منها النيل من شخصية أمير المؤمنين متخذين من زواجه بـ الزهراء عينة لمبتغاهم ، وهم في هذا العمل خلطوا بين الصالح والطالح في رواية واحدة الهدف منه ضرب هذا بذاك جهلاً منهم بصعوبة الفرز بينهما ، أي فرز الجيد من الرديء في الرواية الواحدة ، لذلك صوروا الزهراء كأنها غير مقنعة بـ الزواج من أمير المؤمنين ومن ذلك ما رواه أبو أحمد عن خالد بن طهمان عن نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار قال وضأت النبي ذات يوم فقال هل لك في فاطمة نعودها فقلت نعم فقام متوكئاً عليَّ فقال أما انه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك ، فكأنه لم يكن على شيء حتى دخلنا عليها فقال لها كيف تجدينك قالت والله لقد اشتد حزني وفاقتي وطال سقمي ( ) .
يسجل على متن الرواية ملاحظات عدة ، منها ، كلمة وضأت ، ماذا يُراد منها ، هل ناوله الماء لتجديد وضوء الصلاة أم ماذا ؟ وهذا فيه عارض شرعي ( ) وإذا حصل الأمر ، المفروض أن يصلي ولا يذهب إلى عيادة ابنته وهي في بيته ، وهناك مشكل آخر هل إن معقل يشتغل خادماً في بيت النبي ؟ لم نجد ذلك وسنتحرى عنه من خلال ترجمته ، وإذا كان خادماً ، هل بـ استطاعته عيادة الزهراء ؟ أليس من الأفضل إن تقوم امرأة بخدمتها بدلاً من الرجل ؟ كما ورد في الرواية قيام النبي متوكأً وهذه لفظة تستحق الوقوف عندها ، وهي معارضة بـ قوته الجسمية ، لأنه لم يكن شيخاً كبير السن ، وقد استشهد سنة 11هـ وهو غاية القوة العضلية والذهنية ، ولم يسجل عليه ضعف ، ومدار الحديث في السنة 2هـ ؟ .
وقد أعطى معقل لنفسه دور ممن حمل ثقل الزهراء فوعده النبي بوجود شخص آخر سيتولى ذلك ، والثواب لمعقل ، ولا نعلم السر في ذلك ، ولم نعلم من سيتولى ذلك ، لعله عنيَّ به أمير المؤمنين وهذا دليل على إنها غير متزوجة ، فـ سألها النبي عن حالها فـ أجابته إجابة مَنْ لم يكن خالطها الإيمان بالله سبحانه وتعالى يوماً ، وكأنها لم تكن بنت النبوة ضجرة من شدة حزنها وفاقتها وطول سقمها ، نحن نقول : حاشاها من ذلك ولكن الأمر منسوب لها ، السؤال هنا ما سبب كل ذلك ؟ لأنها بنت النبي مثلاً أم ماذا ؟ وهل انه فقير معدم ؟ وهذا لا يتناسب مع عدد زوجاته .
الخامسة : ورد في بعض الروايات ، وكأن فاطمة غير راضية بزواجها هذا ، وكان النبي مضطراً أن يبرر لها بـ قوله : والله لقد زوجتك سيداً في الدنيا وإنه في الآخرة من الصالحين ( ) وعلى رواية قال لها : اسكتي وساق الخبر ( ) .
وقيل قال لها : بنية لا تجزعي إني لم أزوجك منه إن الله أمرني بذلك ، وأمر الملائكة أن يصطفوا صفوفاً في الجنة ثم أمر شجر الجنان أن تحمل الحلي والحلل ثم أمر جبريل فنصب في الجنة منبراً ثم صعد فاحتطب فلما أن فرغ نثر عليهم من ذلك فمن أخذ أحسن أو أكثر من صاحبه افتخر به إلى يوم القيامة يكفيك هذا يا بنية ( ) .
السادسة : ولم يكن ذلك حسب ، بل في الحديث ما هو غير مفهوم ، ولا سيما ما قاله أبو عبد الرحمن وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال أوما ترضين اني زوجتك أقدم أمني سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلماً ( ) ولم نعرفه لعله ولعله نافع بن أبي نافع يكنى ، أبو عبد الرحمن ( ) وما أضافه ينفي كل ما تقدم ، ودل دلالة واضحة على إن الزهراء كانت متزوجة ، فلماذا لم ترضى بـ أمير المؤمنين ومَنْ غصبها عليه ، فـ قول النبي حمال أوجه ، أما ترضين مَنْ قال إنها غير راضية ؟ وهل إنها لم تعرف فضائل أمير المؤمنين حتى يعددها النبي لها ؟ على مفتري الرواية أن يجد إجابات شافية كافية لكل ما طرحناه ، وما هو موقفه من قول عبد الله بن مسعود ، أول شيء علمته من أمر النبي قدمت مكة في عمومة لي … فرأيته يمشي على يمينه غلام أبيض ، حسن الوجه مراهق أو محتلم تقوده امرأة قد سترت محاسنها حتى قصد نحو الحجر فاستلمه ثم استلم الغلام ثم استلمت المرأة ثم طاف بالبيت سبعاً والغلام والمرأة يطوفان معه قلنا يا أبا الفضل إن هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم أو شيء حدث قال هذا ابن أخي محمد بن عبد الله والغلام علي بن أبي طالب والمرأة امرأته خديجة ما على وجه الأرض أحد يعبد الله بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة ( ) .
أما السند فيه أبو أحمد ، محمد بن عبد الله بن الزبير مولى بني أسد وهو بن أخي فضيل الرماني ( ) كان حبالاً يبيع الحبال ( ) وقيل يبيع القت بزبالة وإنما سماه أهل بغداد الزبيري ، وليس من الزبيريين ( ) نسب إلى جده الزبير ( ).
صدوقا كثير الحديث ( ) وثقه العجلي وقال الاسدي الزبيري الكوفى ( ) وكذلك قال ثقة يتشيع ( )وثقه ابن حبان ( ) هو أحب إلى ابن حنبل من غيره ، وثقه ابن معين ، وقال أبو زرعة : صدوق ، وقال ابو حاتم : حافظ الحديث عابد مجتهد له أوهام ( ) .
قال ابن نمير ( ) صدوق وهو في الطبقة الثالثة من أصحاب سفيان الثوري ما علمت إلا خيراً مشهور بالطلب ثقة صحيح الكتاب وكان صديق أبي نعيم وسماعهما قريب أبو نعيم أسن منه وأقدم سماعاً ، قال ابن حنبل : كان كثير الخطأ في حديث سفيان ، قال ابن معين : ليس به بأس ، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : صدوق ، وقال عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي عن أبيه كوفي ليس به بأس ، صام الدهر ، إذا تسحر برغيف لم يصدع فإذا تسحر بنصف رغيف صدع من نصف النهار إلى آخره فإن لم يتسحر صدع يومه أجمع ( ) .
روى عن مالك بن مغول ويونس بن أبي إسحاق وسفيان الثوري وكثير بن زيد ومسرة بن معبد روى عنه محمد بن عبد الله بن نمير وابو بكر وعثمان ابنا ابى شيبة وعمرو الناقد ونصر بن على والقواريري وابنه طاهر ( )
كوفي قدم بغداد وحدث بها ، له أخا يسمى حسناً من وجوه الشيعة روى عنه ، هو القائل : لا أبالي أن سرق مني كتاب سفيان أني أحفظه كله ( ) أخرج البخاري في الصلاة والطب والاشربة والكسوف وغير موضع ( )
توفي بـ الاحواز في جمادي الأولى سنة 203هـ في حكم المأمون العباسي ( )
وخالد بن طهمان ، وقفنا عنده وروايته ( ) ونافع هو غير معروف ، إذ جعله البخاري اثنان هما ، نافع بن أبي نافع مولى أبي أحمد ، ونافع البزاز هو نافع بن أبي نافع ، قال أبو عاصم عن ابن ابي ذئب عن نافع مولى أبي أحمد عن أبي هريرة عن النبي لا سبق إلا في كذا وكذا ( ) .
والمقصود هو نافع بن أبي نافع البزاز عن أبي هريرة ومعقل بن يسار وعنه خالد بن طهمان وابن أبي ذئب ثقة ( ) قال محمد بن علي بن حمزة : نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار وعنه أبو العلاء الخفاف لا يعرف ( ) ونحن معه على هذا الرأي الرجل غير معروف ، وما متوافر من معلومات عنه غير كافية لإثبات وجوده .
وثقه يحيى بن معين ( ) وقال ابن حجر : الذي وثقه ابن معين هو الذي روى عن أبي هريرة وروى عنه ابن أبي ذئب وحديثه في السنن ، ومسلم وأحمد وصحيح ابن حبان ولفظهم لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل وقد وصفه بالبزاز ولم يذكر البخاري وأبو حاتم راوياً له إلا ابن أبي ذئب وقال ابن المديني مجهول وذكره ابن حبان في الثقاة فقال نافع البزاز مولى أبي أحمد بن حجر يكنى أبا عبد الرحمن يعد في أهل المدينة ، روى عنه ابن أبي ذئب وأما الذي روى عن معقل بن يسار فقد أفرده ابن أبي حاتم عن الراوي عن أبي هريرة فقال : روى عن معقل ، روى عنه أبو العلاء وسئل أبي عنه فقال هذا أبو داود نفيع ، وهو ضعيف ولم يصفه إلا بنافع بن أبي نافع ، وكذلك أخرجه الدارمي في مسنده عن أبي هريرة من طريق أبي أحمد الزبيري وأخرج الحليمي في مسنده عن أبي أحمد الزبيري ثلاثة أحاديث أحدها هذا الحديث ، كما وصفه في الجميع بنافع ابن أبي نافع ، وخالد بن طهمان الذي دلس أبا داود كنيته فسماه بما لم يشتهر به وكناه . . . فيه فقال وهو معدود فيمن اختلط فظهر من هذا أن نافع بن أبي نافع اثنان وقال الذهبي في الميزان نافع بن أبي نافع عن معبد لا يعرف هو أبو داود نفيع ( ) .
روى خالد بن طهمان ، أبو العلاء الخفاف عن نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار عن النبي قال من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي إن مات في ذلك اليوم مات شهيداً أو من قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ( ) حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( ) .
ومعقل بن يسار بن عبد الله بن معبر بن حراق بن لاي بن كعب بن عبد بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة ، يكنى أبا عبد الله ، سكن البصرة وبنى بها داراً ، صاحب نهر معقل أمره عمر بن الخطاب بحفره فحفره ( ) أصله المزني ومزينة هي والدة عثمان بن عمرو ونسبوا إليها ( ) .
ذكره الطوسي في أصحاب النبي ( ) وقيل له صحبة ( ) أسلم قبل الحديبية وشهد بيعة الرضوان ، قال يونس بن عبيد ( ) ما كان ها هنا يعني بالبصرة أحد من أصحاب النبي أهنأ منه ، رويَّ عن ابن حنبل ان معقل كان يشرب الخمر( ) ولا ندري ما شكل صحبته هذه ، وهو يشرب المسكر ؟ .
له أباطيل كثيرة سطرها ابن حنبل تحت عنوان ” حديث معقل بن يسار ” منها سألوه عن الشراب فقال كنا بالمدينة وكانت كثيرة التمر فحرم علينا النبي الفضيخ وأتاه رجل فسأله عن أم له عجوز كبيرة أنسقيها النبيذ فإنها لا تأكل الطعام فنهاه ( ) .
ثم إن بيعة الرضوان حصلت يوم الحديبية سنة 6 هـ ( ) ونحن نتحدث عن 2هـ وبهذا كان حينها على الشرك ، ومع هذا نحن جازمون بموته على الشرك ، بدلالة خدمته البيت الأموي ، وعليه تكون روايته فيما يخص الزهراء باطلة
كناه عمرو بن على بن بحر ويقال أبو يسار ( ) يكنى أبا علي وليس نعلم أحدا من أصحاب النبي يكنى أبا على غيره ( ) وهذا مردود لأن قيس بن عاصم يكنى أبا علي وكذا طلق بن علي ( ) .
روى عنه الحسن البصري ومحمد بن سيرين والحكم بن عبد الله بن الاعرج ومعاوية بن قرة وأبو الاسود الدؤلي ( ) له عن النبي ، وعن النعمان بن مقرن ، حدث عنه : عمران بن حصين مع تقدمه والحسن البصري ، وأبو المليح بن أسامة ، ومعاوية بن قرة المزني ، وعلقمة بن عبد الله المزني ، وآخرون ( ) .
حديثه في الصحيحين والسنن الأربعة ، مات في آخر ملوكية معاوية وقيل عاش إلى إمرة يزيد ، ذكره البخاري في الأوسط في فضل من مات ما بين الستين إلى السبعين ( ) .
شكوى فاطمة
وهذا التصور الخاطئ ، تسبب في وضع روايات مفتريات على الزهراء منها ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال لما : زوج النبي فاطمة قالت : زوجتني رجل فقير ليس له شيء ( ) ورواه أبو بكر بن ابي دارم الحافظ عن أبي بكر محمد بن احمد بن سفيان الترمذي عن سريج بن يونس عن أبي حفص الابار عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، بلفظ زوجتني عائل لا مال له ( ) ورواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس ( ) وهذه الرواية تكون باطلة لمجرد نظرة سريعة في سندها ، ولا سيما معمر بن راشد البصري ، ت 154هـ ، مطعون فيه ( ) ومجاهد مكي فيه مدح وقدح ، ونحن مع قدحه ( ) .
يلحظ إنها تحدثت بلغة المعاتب لأبيها ، الذي بدوره أراد تطييب خاطرها ، فـ قال لها : إن زواجها اختيار من الله سبحانه وتعالى ، وبناء على ذلك لا يحق لها العتب ، وما يخص قولها : زوجتني فقير ، نقول : لم يدل الدليل على انه فقيراً ، ونعده فرية عليه ، بدليل إنها اشتكت من الفقر وسأمت الحال وطول السقام وهي في بيت النبوة ، وقد أشارت إلى ذلك رواية معقل بن يسار كما سنرى .
رواه الطبراني من رواية إبراهيم بن الحجاج عن عبد الرزاق قال الذهبي إبراهيم هذا لا يعرف ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، ورواه بـ إسناد آخر ضعيف ( ) قيل سنده حسن ( ) وقيل : هذا حديث غريب من رواية عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس وغريب من حديث معمر بن راشد عن بن أبي نجيح تفرد بروايته عنه عبد الرزاق وقد رواه عن عبد الرزاق غير واحد ( ) .
ما نريد قوله هل إن حالة الفقر هذه شكلت مثلبة في سيرة أمير المؤمنين أم منقبة ؟ وبدورنا نجاري الآخر على رأيه ، فـ نقول : إذا كانت منقبة فلا يلام ، وإذا كانت مثلبه ، فـ يثلب بها النبي هو الآخر لحين استشهاده ولم يشبع من كسر الخبر ، وهذه رواية عائشة ، رواها رواه مالك بن إسماعيل عن محمد بن طلحة بن مصرف عن أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : ما شبع آل محمد ثلاثاً من خبز بر حتى قبض وما رفعت عن مائدته كسرة فضلاً حتى قبض ، ورواه مالك بن إسماعيل عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود عن عائشة قالت : ما شبع آل محمد يومين تباعاً فصاعداً إلا من خبز الشعير ورواه الفضل بن دكين عن مطيع حدثني كردوس التغلبي عن عائشة أنها ذكرت أن آل محمد لم يشبعوا ثلاثة أيام متوالية من طعام بر حتى مضى النبي لسبيله ( ) .
ومن طرق ضجرها ، كانت كثيرة الشكوى ، وهذه المرة تتعلق بـ الصفات الجسمية لأمير المؤمنين وفيها إساءة وجسارة على مقامه الشريف ، رواها عبد الرحمن بن صالح الازدي ، عن وكيع بن الجراح ، عن شريك : عن أبي إسحاق عن فاطمة قالت : يا رسول الله زوجتني ضخم البطن أعمش العين ؟ ( ) .
نحن نبرئ ساحتها من هذا القول ونعد ما نسب إليها فرية تستوجب الرد ، بـ دليل عدم صدور معارضة منها أو رفض في أثناء مدة الخطوبة وإنما هذا الكلام لُفق فيما بعد ، لأن الإمام تربى في بيت النبي حسب قولهم – ولو إن الباحث من الرافضين لهذا الرأي وحسبه من تربية أبيه أبي طالب وأمه فاطمة بنت أسد ، وهما اللذين ربيا النبي – الم تراه انه ضخم البطن واعيمش ، إلا بعد الزواج ، هذا اعتراض غير وارد ، وقد وقفنا عند هذه الرواية وبينا فساد متنها ( ) ثم من أين أتاه كبر البطن وهو فقير لم يجد كسر الخبز .
أما السند فيه ، وكيع بن الجراح ، أثنى عليه العامة ( ) شريك بن عبد الله ، قيل جده سنان بن انس الذي قتل الإمام الحسين قدم البصرة فرجموه أهلها بالحجارة وهم يقولون ” يا ابن قاتل الحسين ” فيه طعون كثيرة ( ) وأبو إسحاق السبيعي أموياً مطعون فيه ( ) .
الثامنة : رد النبي هذه التهم ، وكأن فاطمة غير راضية بهذا الزواج ، رواه أبو القاسم محمود بن عبد الرحمن بن عبد الله البستي عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم أبو عبد الله الحاف عن علي بن حمشاذ العدل عن أحمد بن علي بن مسلم الابار عن ليث بن داود القيسي عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمران بن حصين أن النبي قال لفاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ، قالت : وأين مريم بنت عمران قال لها أي بنية تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك ( ) قيل لـ الإمام الصادق فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، أي سيدة عالمها ، قال : ذاك مريم ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين( ) .
ما يخص المفاضلة بينها وبين مريم بنت عمران وترجيح فاطمة ، هذا فيه مغالطة ، ومعارضة بقوله تعالى لمريم {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } ( ) إذاً ما تركها الله جائعة مثل فاطمة أكرمها بهذه الكرامة ، وهذا يقتضي أفضلية مريم ، في هذه النقطة تحديداً ، علماً إن الباحث لا يميل إلى المفاضلة هن ابر وأسمى أن نفاضل بينهما ، وما نحن بهذا المقام الذي يسمح ، ولكن همنا تفنيد مزاعم الرواية ، ثم إن حالة الجوع التي عاشتها فاطمة لا تنسجم مع زواجها من سيد في الدنيا والآخرة ، هذه سيادة منقوصة ، لا يصح إطلاقا أن تكون زوجة السيد تتضور جوعاً ، والله أمرٌ لا يصدق سيدة نساء العالمين ، وزوجة سيد الدنيا والآخرة ، ولم تشبع من كسر الخبز ، وأخيراً ، ماذا أراد النبي محمد من عرض هذه الامتيازات ؟ وهي لم تكن بحاجة لها ، هي اشتكت الجوع أرادت ما يسد رمق الحياة ، ولا داعي لهذا الهروب ، وبالتالي إطالة الموضوع وهو قصير كما يقولون .
وعلى رواية قال لها : والذي بعثني بالحق لقد زوجتك سيداً في الدنيا وسيداً في الآخرة فلا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ( ) وقال لها : أو ما ترضين أن زوجتك أول أمتي إسلاما ، وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً ( ) وقال : بعد أن الله اطلع إلى أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك ( ) .
والغريب تأكيد المصادر على جملة أو ما ترضين إني زوجتك ( ) وقد ترك الفتني الحديث بطوله وأكد عليها ثم قال : حديث صحيح ( ) ولم يبين شكل الصحة فيه ، وقال السيد شرف الدين : كان النبي بعد هذا إذا ألم بسيدة النساء من الدهر لم ، ذكرها بنعمة الله ورسوله عليها ، إذ زوجها أفضل أمته ، ليكون ذلك عزاء لها ، وسلوة عما يصيبها من طوارق الدهر ، وحسبك شاهدا لهذا ما أخرجه الإمام أحمد ، وساق الحديث ، ومن ثم قال : الأخبار في ذلك متضافرة لا تحتملها مراجعتنا ، والسلام ( ) .
وهذا استدلال غير موفق ونعده تجني على الزهراء حاشاها أن تكون نسيت نعمة الله عليها ، ولم تحتاج إلى تذكير بهذا الخصوص ، لقوله تعالى { وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ } ( ) لأن النسيان من أمر الشيطان لقوله تعالى { وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } ( ) وهناك تهديد ووعيد رتبه الله سبحانه وتعالى على النسيان فـ قال {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ( ) .
المراد من ذلك إنها لم تكن ناسية ، ثم عليها أن تحدث بما رزقها الله سبحانه وتعالى لقوله {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } ( ) لماذا الكتمان ؟ ألم يتضح للقارئ الهدف من وضع الرواية ؟ وهو وصف الزهراء بـ الجحود وحاشاها من ذلك ، الغريب لدى غير المحققين ، يحملون الروايات على ظاهرها ويقبلونها على علاتها لمجرد صدورها من الآخر ، المفروض قراءة نية وقصد الراوي والتفتيش بين السطور لقبول ممن يستحق ورفض ما ليس كذلك .
حياتها الزوجية
وبما إن موضوع الدراسة مرتبط بما ذكره الآخر ، الذي مثله ابن كثير حري بنا أن نعرض ما ذكره عن ذلك الزواج المبارك ، ليس الغرض عرض روايات الزواج وتفصيلاتها ، وإنما لبيان خبث الرجل ومعرفة موقفه ، وكم بذل من الجهد في تضعيف الروايات ، هو ومن نحى منحاه لأنه يمثل مدرسة قائمة بذاتها إلى اليوم ، ولم يكتف بـ ذلك بل حاول أن يقول بوجود خلافات بين أمير المؤمنين والزهراء .
على الرغم من حسن المعاشرة الزوجية ، ما وضعه أمير المؤمنين أن صح عنه أنموذجاً يحتذى به ، كان إذا أسمعته فاطمة كلاماً وأغلظت له ، أكرمها عن أن يجيبها بشيء ( ) وكأن الراوي أراد قدحها على إنها تغضب وأمير المؤمنين يمتص غضبها .
ومن ذلك انه أغضبها ، في حادثة ذكرها بـ قوله : كان بعض بني أمية يعيب علياً تسميته أبا تراب وهذا الاسم إنما سماه به النبي كما ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد ( ) أن أمير المؤمنين غاضب فاطمة فراح إلى المسجد فجاءه النبي فوجده نائماً وقد لصق التراب بجلده فجعل ينفضه عنه وقال ” أجلس أبا تراب ” ( ).
وكـ عادته ابن كثير ذكر الشبهة ناسبها لشيخه البخاري من دون أن يعلق عليها بـ النفي ، وإنما أشار إلى ثوبتها في الصحيحين ، وقد راجعنا البخاري للتأكد من ورود الرواية عنده فـ وجدناها بـ رواية خالد بن مخلد عن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : كانت أحب أسماء أمير المؤمنين A إليه أبو تراب وكان يفرح أن دعا بها وما سماه بها إلا النبي ( ) يسجل على خبث ابن كثير اسقط هذا القول عند البخاري وذكر غضب فاطمة .
ولم يكن هذا حسب ، بل اسقط رواية أصح من ذلك وردت عند البخاري ، رواها عن عبد الله بن مسلمة عن عبد العزيز بن أبى حازم عن أبيه إن رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال هذا فلان لأمير المدينة يدعو علياً عند المنبر فـ يقول له أبو تراب ، فضحك وقال والله ما سماه إلا النبي وما كان له اسم أحب إليه منه فاستطعمت الحديث سهلاً وقلت يا ابا عباس كيف قال دخل على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي أين ابن عمك ؟ قالت في المسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول اجلس يا ابا تراب مرتين ( ) .
وإذا راجع ما رواه ابن حنبل بسنده عن علي بن بحر عن عيسى بن يونس عن محمد بن اسحق عن يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظى عن محمد بن خثيم أبى يزيد عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وأمير المؤمنين رفيقين في غزوة ذات العشيرة ( ) فلما نزلها النبي وأقام بها رأينا ناساً من بني مدلج ( ) يعملون في عين لهم في نخل فقال لي أمير المؤمنين هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء ( ) من التراب فنمنا فـ والله ما أهبنا إلا النبي يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال النبي لعلى يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب ( ) ولكن لا يستطع الرجوع إلى حديث عمار (رض) خشية أن يتعرض إلى حديث تقتلك الفئة الباغية ( ) وهذا فيه تعريض لبني أمية .
وقال البلاذري : كناه النبي أبا تراب ، وكان يقول : هي أحب كنية إليَّ ، وقد اختلفوا في سببها ، فقال بعضهم : مر النبي في غزاة وكان هو وعمار بن ياسر نائمان على الأرض ، فجاء ليوقظهما فوجد علياً قد تمرغ في البوغاء ( ) فقال له : اجلس يا أبا تراب ، وقيل : إن عليا غاضب فاطمة بنت النبي بعد أن دخلت عليه ، فخرج وهو مغتاظ فنام على التراب فرآه النبي فأيقظه وجعل يمسح ظهره من التراب ويقول : قم يا أبا تراب ، وروي أيضاً انه كان إذا أسمعته فاطمة كلاماً وأغلظت له ، أكرمها عن أن يجيبها بـ شيء ووضع على رأسه تراباً ، فرآه النبي صلى الله وعليه وسلم ذات يوم والتراب على رأسه فمسحه عنه وقال : أنت أبو تراب ( ) .
ما نريد قوله : كل ما ذكر لا يمثل قدحاً لأمير المؤمنين بل مدحاً له ، بدليل في عالم اليوم إذا سلم السيد على المسيود بتحية الإسلام يشعر بالفخر والاعتزاز ، فما بالك أيها المنصف إذا كان النبي مسح التراب عن جسم أمير المؤمنين ثم أي تواضع هذا ؟ إذا كان ولي الله واخو رسوله وختنه وأمير المؤمنين يفترش التراب وينام عليه بكل بساطة ، هل يفعلها أو فعلها غيره ؟ وهل يوجد مسؤول حكومي في عالم اليوم يفعل هكذا ؟ هذا هو أمير المؤمنين الذي جعلنا الآخر مغالون في حبه ألا يستحق إن يكون دونه سائر الناس ، بل هو أفضلهم بعد الحبيب المصطفى .
السؤال هنا ما هو الهدف من ذكر ابن كثير الرواية ؟ لبيان بغض بنو أمية لأمير المؤمنين A مثلاً ، أم لإظهار حالة خلاف أمير المؤمنين A مع زوجته إلى الحد الذي أغضبها فيه ، وهذا مستحيل .
ليس هذا حسب ، بل قالوا إن أمير المؤمنين A خطب ابنة أبى جهل على السيدة فاطمة فسمعت النبي وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال إنها بضعة منى وأنا أتخوف أن تفتن في دينها ، ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس فـ أثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي واني لست احرم حلالاً ولا احل حراماً ولكن والله لا تجتمع ابنة نبي الله وابنة عدو الله في مكاناً واحداً أبداً ( ) .
هذه الرواية أقدم من نقلها ابن حنبل بغض النظر عن صحتها ، بودنا الإشارة إلى الطريقة الببغاوية في أخذها عنه إذ تلاقفها القوم ، وضمونها كتبهم من دون التحقق منها ، والغريب ورودها في صحاح القوم وسننهم ( ) وعلى المنصف أن ينظرها ، هل يصدقها من له أدنى عقل ؟ هي أموية أُريد منها تجميل صورة بعض إفراد البيت الأموي ، عندما تحدثت عن خطوبة أمير المؤمنين A ابنة المشرك أبو جهل ، والزهراء على قيد الحياة ، فما الرابط بينهما ، علماً إنها مكذوبة ومركبة على أكثر من واحدة ، رواها ابن حنبل بالسند المتقدم نفسه ، إن الإمام علي بن حسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية بعد مقتل الإمام الحسين بن علي لقيه المسور بن مخرمة ( ) فقال له إن علي بن أبي طالب خطب ابنت أبي جهل على فاطمة فسمعت النبي وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال إن فاطمة مني وإني أتخوف أن تفتن في دينها ( ) قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ( ) والغريب مثل هذه الرواية رواها الصدوق بقوله : إن أمير المؤمنين A أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل ، فغضبت فاطمة فأخذت أطفالها وذهبت إلى بيت أبيها 2 وهم الحسنان وأختهما أم كلثوم ( ) .
وينفي صحة الخبر ، ولادة مخرمة بن نوفل بعد الهجرة بسنتين ، وقدومه المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان وهو غلام أيفع ابن ست سنين ( ) فمتى أدرك الحادثة وسمعها يا مسلمين ؟ ! متى يكف الآخر عن غيه ويتوب إلى الله ، ولم يفتري على أهل بيت العصمة ، ولهذا نوهنا في أكثر من مرة قلنا إن الآخر يُركب الأحاديث والروايات بطريقة التطعيم كما هي الحال في الحمضيات ، هذا أصل الرواية ولكنهم تلاعبوا بها حتى أوصلوها إلى هذا الحد .
وروى يزيد بن هارون عن ابن حازم عن عمرو بن سعيد قال كان في علي على فاطمة شدة فقالت والله لاشكونك إلى رسول الله فانطلقت وانطلق علي بأثرها فقام حيث يسمع كلامهما فشكت إلى رسول الله غلظ علي وشدته عليها فقال يا بنية اسمعي واستمعي واعقلي إنه لا إمرة بامرأة لا تأتي هوى زوجها ، وهو ساكت قال علي فكففت عما كنت اصنع وقلت والله لا آتي شيئاً تكرهينه أبداً .
وروى عبيد الله بن موسى عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال كان بين علي وفاطمة كلام فدخل رسول الله فألقى له مثالاً فاضطجع عليه فجاءت فاطمة فاضطجعت من جانب فأخذ رسول الله بيد علي فوضعها على سرته وأخذ بيد فاطمة فوضعها على سرته ولم يزل حتى أصلح بينهما ثم خرج قيل له دخلت وأنت على حال وخرجت ونحن نرى البشر في وجهك فقال وما يمنعني وقد أصلحت بين أحب اثنين إليَّ ( ) .
وقال أمير المؤمنين : وقد رئى عليه إزار خلق مرقوع ، فقيل له في ذلك ، فقال : يخشع له القلب ، وتذل به النفس ويقتدى به المؤمنون ( ) الحكماء والعارفين فيه على قسمين : منهم من آثر لبس الأدنى على ، ومنهم من عكس الحال ، وكان عمر بن الخطاب من أصحاب المذهب الأول ، وكذلك أمير المؤمنين ، وهو شعار عيسى بن مريم كان يلبس الصوف وغليظ الثياب ( ) .
قائمة المصادر
القران الكريم
الآجري ، ابي عبيد
سؤالات أبي داود ، تح ، عبد الحليم عبد العظيم ، ط1 ، مؤسسة الريان ـ 1997م .
انتصار عواد
السيدة فاطمة الزهراء ، دراسة تاريخية ، بيروت – 2009 م
الباجي ، سليمان بن خلف ، ت ، 474هـ
التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري ، تح احمد البزار ، د ـ م ، د ـ ت .
البخاري ، إسماعيل بن إبراهيم ت 256هـ
التاريخ الكبير ، بيروت د ت .
الصحيح ، بيروت – 1981 .
البلاذري ، أحمد بن يحيى ت 279هـ
انساب الأشراف ، تح محمد باقر المحمودي ، ط1 – بيروت – 1394هـ .
ابن بلبان ، علاء الدين علي ت 739هـ
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان ، تح شعيب الأرنؤوط ، ط2 مؤسسة الرسالة – 1993م .
ابن الجوزي ، جمال الدين عبد الرحمن بن علي ت 597هـ
الموضوعات ، تح عبد الرحمن محمد عثمان ، ط1 ، المدينة النورة ـ 1386هـ .
ابن أبي حاتم ، ابو محمد عبد الرحمن الرازي ت ، 327 هـ
الجرح والتعديل ، ط1 ، بيروت ـ 1371هـ .
الحاكم الحسكاني ، عبد الله بن احمد ت 490هـ
شواهد التنزيل لقواعد التفصيل في الآيات النازلة في أهل البيت ، تح محمد باقرالمحمودي ، ط1،مجمع أحياء الثقافة الإسلامية ،1411هـ .
الحاكم النيسابوري ، محمد بن محمد ت405 هـ
المستدرك على الصحيحين ، تح يوسف المرعشلي ، بيروت ـ 1406هـ .
ابن حبان ، محمد ت 354هـ
الثقاة ، ط1 ، الهند ـ 1393هـ
المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ، تح محمود إبراهيم زايد ، د م ـ د ت .
مشاهير علماء الأمصار اعلام فقهاء الأقطار، تح مرزوق علي ابراهيم ، ط1 دار الوفاء ـ 1411هـ .
ابن حجر ، احمد بن علي ت 852 هـ
الإصابة في تمييز الصحابة ، تح عادل احمد عبد الموجود وآخرون ، ط1 بيروت – 1415هـ .
تهذيب التهذيب ، تح مصطفى عبد القادر، ط2 ، بيروت ـ 1415هـ .
فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ط2 ، بيروت ـ د ت .
لسان الميزان ، ط2 بيروت ـ 1309هـ .
ابن أبي الحديد ، عز الدين بن هبة الله ت 656هـ
شرح نهج البلاغة ، قم ـ 1404هـ .
الحكيم ، السيد محمد سعيد
مصباح المنهاج ، الاجتهاد والتقليد ، قم ، ط1 – 1994 م .
حسين الراضي
سبيل النجاة في تتمة المراجعات (من دون معلومات)
أبن حنبل ، أبو عبد الله احمد ت 241هـ
العلل ومعرفة الرجال ، تح وصي الله بن محمود عباس ، ط1 ،الرياض ـ 1408هـ .
المسند ، بيروت – دت .
الخزاز القمي ، علي بن محمد ت400 هـ
كفاية الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر، تح السيد عبد الطيف الحسيني،قم ـ1401 هـ .
الخطيب البغدادي ، احمد بن علي ت 463هـ
تاريخ بغداد ، تح مصطفى عبد القادر ،ط1،بيروت ـ1417هـ .
الخوئي ، السيد ابو القاسم ت 1413هـ
معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة ، تح لجنة التحقيق ، ط5 ـ 1413هـ .
ابن خياط ، خليفة ت 240هـ
كتاب الطبقات ، تح سهيل زكار بيروت – 1993م .
الزجاج ، ابراهيم بن محمد ، ت 311هـ
معاني القرآن واعرابه ، المسمى المختصر تعليق احمد فتحي عبد الرحمن ، ط1 بيروت – 2007م
الدارقطني ، علي بن عمر ت 385هـ
سؤالات حمزة بن يوسف للدار قطني وغيره من المشايخ،تح موفق بن عبد الله،ط1،الرياض ـ 1984 .
الذهبي ، شمس الدين محمد بن احمد ت748 هـ
تذكرة الحفاظ ، مكتبة الحرم المكي ، د ت .
سير أعلام النبلاء ، تح صلاح الدين المنجد ، مصرـ د ت .
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ، ط1 ـ مؤسسة علوم القرآن ـ 1413هـ .
ميزان الاعتدال ، تح علي محمد البجاوي ، ط 1 بيروت 1382هـ .
الزرندي الحنفي ، جمال الدين محمد ت750 هـ
نظم در السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى …، ط1 مكتبة أمير المؤمنين العامة ـ 1958م .
ابن سعد ، محمد ت230 هـ
الطبقات الكبرى ، تح إحسان عباس ، بيروت ـ د ت .
السمعاني ، أبي سعيد عبد الكريم ت 562هـ
الأنساب ، تعليق عبد الله عمر البارودي ط1ـ بيروت ـ 1408هـ .
شرف الدين ، السيد عبد الحسين ، ت 1377هـ
المراجعات ، تح حسين الراضي ، ط2 ، د م – 1982م .
ابن شهراشوب : محمد المازندراني ت 558هـ
مناقب آل أبى طالب (عليهم السلام ) ، قم ـ 1379هـ .
الشوكاني ، محمد بن علي ت1250 هـ
نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار (بيروت ـ د ت)
الصدوق ، أبو جعفر محمد بن علي ت381 هـ
الأمالي ، قم ـ1404هـ .
الخصال ، قم ـ1403هـ .
علل الشرائع ، قم ـ د ت .
معاني الأخبار ، قم ـ1403هـ
من لا يحضره الفقيه ، تصحيح علي اكبر الغفاري ، ط2 قم – 1404هـ .
الطبراني : سليمان بن احمد الخمي ت 360هـ
المعجم الأوسط ، تح إبراهيم الحسيني ، دار الحرمين ـ د ت .
المعجم الكبير ، تح حمدي عبد الحميد ، ط2، القاهرة ـ د ت .
الطبرسي ، رضي الدين الفضل بن الحسن ت 548هـ
مكارم الأخلاق ، ط6 ، منشورات الشريف الرضي – 1972.
الطبري ، محمد بن جرير ت310 هـ
تاريخ الرسل والملوك ، تح ، ابو الفضل إبراهيم ، مصر ـ 1968 .
الطريحي ، فخر الدين ، ت 1085
تفسير غريب القرآن ، تح محمد كاظم ، قم – د ت
الطوسي ، أبو جعفر محمد بن الحسن ت460 هـ
اختيار معرفة الرجال ، تح مير داماد وآخرون ، قم ـ 1404هـ .
رجال ، تح جواد القيومي ،قم – 1415هـ
الأمالي قم ـ1414هـ .
التبيان في تفسير القرآن ، تح احمد حبيب العاملي ، ط1 إيران ـ 1409هـ .
ابن أبي عاصم الشيباني ،احمد بن عمرو ت287 هـ
الآحاد والمثاني ، تح باسم فيصل ، ط1 ـ الرياض ـ1991م .
ابن عدي ، أبو احمد عبد الله الجرجاني ت 365هـ
الكامل في ضعفاء الرجال ، تح د. سهيل بكار ، ط3 بيروت ـ 1409هـ .
عبد الرزاق بن همام ت 211هـ
مصنف عبد الرزاق ،تح حبيب الأعظمي ، المجلس العلمي ـ د ت .
العجلي ، حمد بن عبدان ت261 هـ
معرفة الثقاة ، ط1 ، المدينة المنورة ـ1405هـ
ابن عساكر ، علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ، ت 571هـ
تاريخ مدينة دمشق ، تح علي شيري ، دار الفكر ـ 1415هـ
العقيلي ، محمد بن عمر بن موسى ، ت322 هـ
الضعفاء الكبير ،تح عبد المعطي أمين ،ط2 بيروت ـ1418هـ .
الفتال ، محمد بن الحسن ت 508هـ
روضة الواعظين ، قم ـ د ت
الفتني ، محمد طاهر بن الهندي ، ت 986هـ
تذكرة الموضوعات (من دون بيانات نشر)
الفراهيدي ، الخليل بن أحمد ت 175هـ
العين ، تح مهدي المخزومي وآخر ، ط2 ، إيران ـ 1409هـ .
القرطبي ، محمد بن احمد ت671 هـ
الجامع لأحكام القرآن تح احمد عبد العليم ط2، القاهرة ـ 1372هـ
القندوزي ، سليمان بن إبراهيم ت 1294هـ
ينابيع المودة لذوي القربى ، تح سيد علي جمال ، ط1 ، دار الأسوة ـ 1416هـ .
ابن كثير، عماد الدين إسماعيل ت 774هـ
البداية والنهاية ، ط2 ،بيروت ـ 1974م .
الكليني ، محمد بن يعقوب ت329 هـ
الكافي ، طهران ـ 1365هـ .
ابن ماجة ، محمد بن يزيد القزويني ، ت 273هـ
السنن ، تح محمد فؤاد عبد الباقي ، بيروت ـ د ت .
المالكي ، محمد بن علوي
البشرى في مناقب خديجة الكبرى ، د م ـ د ت .
المتقي الهندي ، علاء الدين بن علي ت975 هـ
كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ، تح بكري حياني والشيخ صفوة السقا ، بيروت ، د ت .
المجلسي ، محمد باقر ت1110 هـ
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبارا لأئمة الأطهار (عليهم السلام) بيروت ـ 1404هـ .
المحب الطبري ، احمد بن عبد الله ت 694هـ
ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، مكتبة القدسي ـ 1356هـ
المحمداوي ، علي صالح رسن
الإسلام قبل البعثة المحمدية ، رؤية قرآنية ، بيروت – 2013 .
الخلافة الراشدة ، قراءة جديدة في روايات العامة ، بيروت – 2015
أبو طالب بن عبد المطلب ، دراسة في سيرته الشخصية وموقفه من الدعوة الإسلامية ، بيروت – 2012 م
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب أحقيقة أم وهم ؟ بيروت – 2015 م.
دراسات في زوجات النبي محمد كتاب غير مطبوع .
الدور الفكري لأسرة ميثم بن يحيى التمار ، يعقوب بن شعيب أختياراً ، بحث غير منشور .
قبسات من سيرة ثالث الخلفاء الراشدين الحسين بن علي الواردة في روايات العامة ، مجلة دراسات إسلامية معاصرة ، العد13 ، لسنة 2015م .
عقيل بن أبي طالب بين الحقيقة والشبهة ، مركز الأبحاث العقائدية ، الجمهورية الإسلامية – 2011 م .
النهج الأموي في وضع الحديث النبوي ، حديث الاقتداء بالشيخين اختياراً ، مجلة أبحاث البصرة ، العلوم الإنسانية ، مج 37 ، ع 2 ، لسنة 2012 .
المزي ، جمال الدين يوسف ت 742هـ
تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، تح د بشار عواد معروف ، ط4 ـ مؤسسة الرسالة ـ 1406هـ .
مسلم بن الحجاج النيسابوري ، ت 261هـ
صحيح مسلم ، بيروت – د ت .
ابن معين ، يحيى ، ت ، 233 هـ
تاريخ ابن معين ،تح عبد الواحد حسين ،بيروت ـ د ت .
المفيد ، أبو عبد الله محمد بن محمد ت 413هـ
الأمالي ، قم ـ1413هـ
أبن منظور ، محمد بن مكرم ت 711هـ
لسان العرب ، ط1، قم ـ 1405هـ .
النجاشي ، احمد بن علي ت 450هـ
الرجال ، قم ـ 1407هـ .
النحاس ، أبو جعفر ت 338هـ
معاني القرآن الكريم ،تح محمد علي الصابوني ط1،مكة المكرمة ـ1409هـ
ابن النديم ، محمد بن اسحاق ، ت 438 هـ
كتاب الفهرست ، تح رضا تجدد ، من دون أية معلومات أخر .
النووي ، محي الدين بن شرف الدين ، ت 676هـ
صحيح مسلم بشرح النووي ، ط2 بيروت ـ 1407هـ .
الهيثمي ، نور الدين علي ت807 هـ
مجمع الزوائد ومعجم الفوائد ، بيروت ـ د ت .
أبو يعلى ، احمد بن علي ت307 هـ
مسند أبو يعلى ، تح حسين سليم أسد ، دار المأمون للتراث ـ د ت .