مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
قراءات فكرية في الخطبة الفدكية. الباحث: الاستاذ علي الحساني
+ = -

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين.

   السيدة الزهراء(عليها السلام) المظهر الحي لفضائل أهل البيت (عليها السلام) في كل كلماتها واعمالها من حيث زهدها وعبادتها واخلاقها وخلال هذا العمر القصير الذي عاشته الزهراء(عليها السلام)، نشاهد أنها قد تركت لنا ارث فكرياً تمخض هذا الارث عن ادعية اختصت بها الزهراء(عليها السلام) وكذلك عن خطب ومواعظ وحكم وأبرز ما يكون في دراسة حياة الزهراء(عليها السلام) ،البعد الثقافي لشخصية الزهراء ،وهذا الذي يجب أن يقف عنده الباحثون والمتأملون في حياتها الطاهرة ، فعندما تدرس النصوص التي تركها لنا التراث نجد أنها قد تركت خطبة تعد من اعظم الخطب أنذاك بوصفها امرأة تطالب بحق الهي من خلال هذا الخطاب فقد عاشت روح الجدل وروح النقاش بكل موضوعية أنذاك مع من تصدوا للخلافة وغصبوا حق أمير المؤمنين(عليها السلام) .

   نجدها قد استخدمت الاستدلال بالقرآن الكريم ليس لأمر أنما لكي تعطي لخطابها قوة وبعدا تاريخياً لأن القرآن الكريم يعد اكثر المصادر والكتب دعما الثقافة الإسلامية ، لذلك أرادت أن تدعم خطابها بتوضيح قرأني العلم الذي استقته الزهراء(عليها السلام) يعد من العلم الاكتسابي لأن النبي(صلى الله عليه واله وسلم) هو محور هذا العلم بما علمه أياها والعلم الآخر هو علم الموهبة وهذا مصداق لما جاء في قوله تعالى في وصف يحيى بن زكريا ((واتيناه الحكم صبيا )). كلا هذين العلمين في حياة الزهراء(عليها السلام)اعطاها هذا البعد الذي أهلها أن تكون سيدة لنساء العالمين فيما يتعلق بالعلم المكتسب ، فإنه من المؤكد أن شخصية الرسول الاعظم(صلى الله عليه واله وسلم) تركت الأثر الواضح في حياتها وعلمها الذي كان هبة من الله عز وجل هو نفسه العلم الذي اشتركت به مع المعصومين من ابنائها (عليها السلام) فكانت الزهراء عليها السلام كما أرادتها السماء مثالاً ونموذجا للمرأة الكاملة المكملة والصالحة والاسوة وهنا لا تخصص الاقتداء بها للنساء فحسب أنما الزهراء(عليها السلام) قدوة للرجال والنساء .

   فمن ضمن ما ضمنته في خطابها الذي القته في المسجد أنذاك نجدها قد تحدثت في علم الكلام وعلم الكلام يقصد به الآن هو علم العقائد أي بيان اصول الدين فابتدأت الخطبة بحمد الله والثناء عليه قائلة: الحمد لله على ما أنعم والشكر له على ما الهم والثناء بما قدم، فعندما نجد مثلاً هذا المقطع من الخطاب أمراه تطالب بحقها تبدا بثناء الله وحمده ثم تنتقل إلى المقطع الآخر قائلة:  واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له كلمة جعل الاخلاص تأويلها وضمّن القلوب موصولها وأنارة في الفكر معقولها هذه المعرفة وهذه الأشارة إلى وحدأنية الله عز وجل وهي ما أول ما بدأت .بدأت في مبحث التوحيد في اصول الدين عندما نتأمل هذا الموقف نجدنا امام امور عدة .

الأمر الأول: هو الألتفات إلى الحقيقة التي نعيشها وهي أن نعم الله عز وجل قد احاطت بكل وجودنا حتى غرقنا فيها.

 الأمر الثاني: أن الله سبحانه وتعالى قد دعا عباده إلى شكره وهذا ما أشارت اليه الزهراء (عليها السلام) فليس ذلك من باب الحاجة من الله الينا أنما من باب شكر الواجب وهذا ما يعبر عنه أهل المنطق.

 الأمر الثالث: أن العباد عاجزون عن اداء حق الله وشكره فكيف في اداء حق أهل البيت (عليها السلام) وهذا ما أرادت الزهراء أن تشير اليه (عليها السلام) في خطابها الأمر الثاني منزلة الرسول الاعظم(صلى الله عليه واله وسلم) في خطابها فنجدها تقول :واشهد أن أبي محمد عبده ورسوله وكان القوم لا يعرفون شيء اسمه محمد بن عبدالله لكن أرادت من خلال ذلك أن تبين منزلتها وقربها من هذا الرجل ولذلك نجدها تقول بعد توقف في الخطاب: (( اعلموا أني فاطمة )) ،وكان القوم لا يعلمونها تريد أن تذكرهم بشيء اسمه رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ،ومنزلتهم من الرسول ومكانة فاطمة من هذه المنزلة كلها الأمر الآخر الذي أشارت اليه الزهراء وهو أهمية كتاب الله واسراره وفلسفة أحكامه حيث قالت : عندما التفتت إلى القوم أنتم عباد الله نصب امره ونهيه ،وحملت دينه ووحيه ، وامناء الله على أنفسكم وبلغائه إلى الأمم وزعيم حق فيكم وعهد قدمه اليكم هذا في أشارة إلى الكتاب الكريم وهو كتاب الله عز وجل ولذلك نجد أن الزهراء(عليها السلام) عندما أشارة واستدلت بالأيات القرآنية في أشارة إلى موقع أهل البيت (عليها السلام) من القرآن الكريم ،

      أن هذه الاشادة بهذا الكتاب الكريم هو لعدة امور منها  أنه تعد مسؤولية المسلمين واجبة في ابلاغ الرسالة ونشر الإسلام إلى العالم والدفاع عن قوانين وتعاليم وقيم الدين الحنيف ثم تنتقل بعد ذلك إلى بيان أمر مهم وهو موقفها من النظام الحاكم أنذاك عندما تقارن الزهراء(عليها السلام) بأساس زينب وقفت امام طاغية العصر واعلنت خطابها في هذا الموقف يقول محمد الصدر(رحمه الله) أن الزهراء(عليها السلام) افضل من زينب لا بأنها المعصومة بل أن صغر سنها أنذاك يعني عمرها ما يقارب ثمانية عشر و السيدة زينب في ذلك الوقت عمرها ما يقارب نهاية الخمسين من عمرها فكانت الزهراء اشجع في موقفها بأساس صغر السن يتحكم في الموقف حيث نجدها تقول في موقفها من النظام الحاكم اعلموا أني فاطمة وأبي محمد أقول عوداً وبدأً ولا أقول ما أقول غلطاً ولا افعل ما افعل شططاً قال : ((لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)) .

   وهذا ما نجده من تضمين الخطاب لأيات لقرأن الكريم فهذا يشير إلى عدة امور منها أنها تريد القوم أن تقول من اكون وما موقعي من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وبذلك تكشف عن هويتها للحاضرين وتكشف عن تعسف السلطة أنذاك المتمثلة بالخليفة الأول وموقفها منه وموقفه من الرسالة الإسلامية بعد ذلك تنتقل إلى بيان امر مهم وهو هجوم القوم بعد رسول الله وما يعبر عنه  بهيجأن الطوفإن بعد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حيث تقول فلما اختار الله لنبيه(صلى الله عليه واله وسلم) دار أنبيائه ومأوى اصفيائه ظهر فيكم حسيكة النفاق هذه الملاحظة مهمة تعتبر وسملوا جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين وكان القوم كانوا يضمرون امراً مهماً ينتظرون وفاة النبي لإعلانه وهذه الحركة منهم لم تكن في حياة النبي(صلى الله عليه واله وسلم) ابدأت بقولهم أن النبي يهجر وأنتهت بسلب الخلافة  القضية الأهم  في الخطاب والتي عندها سمي الخطاب أو الخطبة بالخطبة الفدكية هو تحدثها عن فدك حيث قالت ثم لم تلبثوا الا غيثاً أن تسكن نفرتها ويسلج قيادتها ثم اخذتم ترون وقتتها وتهيجون جمرتها وتستجيبون لكتاب الشيطأن الغوي واطفاء أنوار الدين الجلي واخماد سنن النبي الصفي قضية فدك التي نادت بها الزهراء (عليها السلام) تعد من الجانب السياسي قضية هي مقدمة للنداء بالخلافة أي حق أمير المؤمنين (عليها السلام) ،فدك هذه الهبة التي من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لما قدمته خديجة من اموال في سبيل الدعوة الإسلامية هو الوفاء من الله عز وجل  لهذه الاسرة ولهذا البيت هذا جانب لو اعترف القوم بأحقية فدك للزهراء لكان بعد ذلك المطالبة الحقيقة من الزهراء(عليها السلام) بحق أمير المؤمنين في حكم القوم وفي خلافة الله عز وجل فدك من حيث المدلول السياسي إلى اليوم لازالت تاخذ عند القوم بنظر الأساس فمن الملاحظ والمتتبع أن في أحدى الدراسات الحديثة الآن  نجد أن باحثاً اكاديمياً يكتب عن فدك بسخرية حيث يقول أن هذه القطعة من الارض طالبت بها الزهراء لنفسها هناك مفارقة الزهراء صاحبة الزهد التي نزلت فيها الأيات الكثيرة وهي وأهل بيتها يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيرا أنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكورا هذه الشخصية الزاهدة كيف تطالب بقطعة الارض هذه المطالبة كانت هي مقدمة للمطالبة بحق علي(عليها السلام) في حكم القوم .

   إذن لم تكن هنالك مطالبة شخصية يعني بشخصها ولذلك لم نجدها تتحدث بخطابها عن شخصها أنما كان الحديث عن شخص الرسالة بأساس أن الزهراء عاشت للرسالة وحزنت على الرسالة وتعاملت مع الرسالة على أنها الحق المنهوب يعني الحق المعتدى عليه هذا جانب. الجانب الآخر أن هذا الباحث نجده يقول أن عمر بن عبدالعزيز عندما اعطى فدك إلى العلويين كان هذا من جانب التملق في شخصية عمر بن عبدالعزيز إذن حتى الذي يتعاطف مع الزهراء(عليها السلام) يعد متملق عندها ويعد مستخفاً بآرائه ،واقوامه وكان القوم لا راشد فيهم ولا ذكي يعرف موقع من خلال ما تقدم ،وما رأيناه من خطاب الزهراء(عليها السلام) الخطبة تعتبر من أهم التراث الفكري الذي تركته الزهراء(عليها السلام) الجانب الآخر أن الزهراء (عليها السلام) تركت مجموعة من الادعية المتأمل لهذه الادعية والملاحظ لها يجد أن هذه الادعية قصيرة السبب في ذلك ،أن الزهراء (عليها السلام) كانت امرأة وتقوم مسؤوليات البيت فلو كانت في أثناء عبادتها تقرأ دعاءا طويلاً لا يتناسب هذا مع مسؤولياتها في ادارة شؤون بيتها وكانها خلقت للعبادة ،هنالك متوازنة في شخصيتها أن للعبادة وقتاً ولأداء امور البيت وقت فكل ادعية الزهراء مقارنة بأدعية المعصومين (عليها السلام).

  تكون هذه الادعية قصيرة طبعاً هذا لم يأتي اعتباطاً أنما هو برمجة لحياتها من خلال تربية الزهراء(عليها السلام) للحسنين وزينب وام كلثوم نجد أنها ربت المعصوم إلى جنب غير المعصوم وفي ذلك حكمة زرعت العصمة في قلب زينب وأهلتها إلى دورها في طف كربلاء فنجد أن الثورة الحسينية قد تم الاعلأن عنها وعن مبادئها وعن اسسها وعن ثوابتها من خلال زينب (عليها السلام) ،،لأن  رجالات الثورة ادوا ما عليهم والذي قام بالدور وبحفظ ما على الثورة من عطاء ومن اهداف هو زينب (عليها السلام) إذن اصطحابها لزينب في اثناء تأديتها لهذه الخطبة والدور الذي زرعته في قلب زينب، من حيث احتلالها لمكانة المهمة والمسؤولية التي عاشتها في كونها اخت لمعصوم أو بنت لمعصوم ،هذه كلها ادوار قد ادنها الزهراء(عليها السلام) على اتم وجه في ختام ذلك نقول الحمد الذي خلق فاطم وخلق الكون محورا حولها .والصلاة والسلام على رسول الله وعلى بعلها وابناها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.