شعر السيدة الزهراء (عليها السلام )
دراسة فنية وأسلوبية
إعداد
أ . م . د . مرتضى عبد النبي علي
كلية التربية القرنة / جامعة البصرة
التلفون / 0775629090
البريد الالكتروني / murtathaalshawi@yahoo.com
شعر السيدة الزهراء (عليها السلام )
إعداد : أ . م . د . مرتضى عبد النبي علي الشاوي
كلية التربية القرنة / جامعة البصرة
بسم الله الرحمن الرحيم
( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ، يَفْقَهُوا قَوْلِي ) صدق الله العلي العظيم
الحمد لله ربّ العالمين ، سمك السماء وندب عباده إلى الدعاء ، والصلاة والسلام على من قدمه في الاصطفاء محمد خاتم الأنبياء ، وعلى آله الطاهرين مصابيح الدجى ، لا سيما على قائمهم خاتم الأوصياء ، واللعن الدائم على أعدائهم ما بين الأرض والسماء .
مقدمة
إنّ الخطاب الشعري للسيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لا يقل أهمية من نثرها بأنواعه المختلفة من خطب وأدعية وحكم ووصايا إلا أنّ الشعر المنسوب إليها على الرغم من قلته ، فهو يأخذ طابع الشعر الإسلامي بوصفه النوع الثاني للأدب .
ولكلّ لون من الشعر له خصائصه الفنية وجوانبه الأسلوبية ، فما آثر عن السيدة البتول الطاهرة ( عليها السلام ) من شعر في الرثاء هو الأكثر في موضوعيته وهو الشائع عندها ؛ لما تتمتع الزهراء ( عليه السلام ) من إمكانية وقدرة معرفية ؛ لأنّها من أهل بيت عرفوا بالفصاحة والبيان ، فالرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( أنا أفصح العرب بيد أني من قريش )
وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) 🙁 إنّا أمراء الكلام )
وفي هذا البيت النبوي ولدت وترعرت في بيت الوحي المقدس إذ نشأت في ظل القرآن الكريم ، فكلامها نور ؛ لأنّها أم أبيها ، وهي أم الأئمة الأطهار المعصومين ( عليهم السلام )، وهي سيدة نساء العالمين كما تذكرها الروايات المنقولة عن المصطفى ( صلوات وسلام الله عليه ) .
فلها خطابها النثري والشعري المحكم المميز والمطبوع بالأدبية والتعبيرية فضلاً عن أدواتها الفنية حيث يلاحظ أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام ) قد أفادت من جانب فني من النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) والأمام علي ( عليه السلام ) أسلوبياً واختطت منحى فنياً خاصاً من جانبي آخر.
وقف البحث عند هذه الجوانب الفنية البارزة والظواهر الأسلوبية فتوزعت مفاصل البحث حول الجوانب الآتية في محاور متعددة :
أولاً : المناجاة بأساليب بلاغية فكشف النقاب عنها في ضوء الآتي :
1- التوظيف الفني لظاهرتي التكرار والحذف
2- استعمال الأساليب الانشائية الطلبية : من أسلوب النداء وأسلوب الأمر وأسلوب النهي وأسلوب التمني وأسلوب الاستفهام
ثانياً : طريقة الحوار النفسي ( المنولوج الداخلي ) في التعزية
ثالثاً : أسلوب التفدية
رابعاً : الفخر بمواقف الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وإبراز صفاته .
خامساً : الصورة الفنية .
ثم انتهت الدراسة بنتائج البحث كانت هي مسك الختام .
الجوانب الفنية والأسلوبية :
اجتمع في شعر السيدة الزهراء ( عليها السلام ) جملة من الخصائص الفنية والأسلوبية البارزة ، قد أعطت قوة وحيوية في التأثير وتماسكا ًفي الأداء جعلت قدرتها على الإثارة والاستجابة لدى المتلقي كبيرة بدرجة واضحة ، فضلاً عن ذلك حركة الانفعال ورقة العواطف كونها تبعث في القارئ الغزارة إذ صورت ( لوعتها وحزنها العميق على وفاة أبيها وما عانته بعد فقده من الأحداث الجسام التي روعتها وتركت بصماتها الحزينة في أعماق نفسها )(1) ؛ لما تحتوي مفرداتها من جزالة ودلالات واضحة مع متانة في التراكيب .
ويمكن أن نجلّي تلك الجوانب فيما يأتي :
أولاً : المناجاة بأساليب بلاغية إذ استعملت عدة تراكيب أسلوبية ؛ لبث الشكوى وإبراز حالتها الحزينة ؛ لما تعيش به من غربة نفسية بسبب الظلم والحيف الذي جرى عليها بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وفقدها لأبيها ، ومن هذه التراكيب الأسلوبية :
1– التوظيف الفني لظاهرتي التكرار والحذف :
إنّ اجتماع ظاهرتين أسلوبيتين معاً دليل على امتلاك ناصية الفصاحة والبيان ، ومن تلك المواضع قول السيدة الزهراء ( عليها السلام ) في بكائها الرسول محمداً ( صلى الله عليه وآله )( 2):
عين يا عين اسكبي الدمع سحاً وبك لا تبخلي بفيض الدماء
إذ ( أفاد التكرار في المنادى تأكيد المنادى من أجله الذي جاء بأسلوب الأمر ( اسكبي ) وبأسلوب التعجب مع النهي ( ويك لا تبخلي ) ويعني الحث على سكب الدموع لشدة الحزن بفقد الرسول صلى الله عليه وآله ) (3)
على الرغم من حذف أداة النداء في منادى النكرة غير المقصودة غير جائز عند النحويين(4) كونها حرف تعريف ، وهي مفيدة مع التعريف التنبيه والخطاب ، لكنّ البلاغة العربية في أسرارها تحطم القيود النحوية فتركيب ( عين يا عين ) تركيب جارٍ على اللسان العربي له فائته البلاغية ؛ لما يمتلك جرس معنوي فيه شيء من التلذذ في الاستعمال .
وكذلك ما نجده في قولها من تكرار الفعل ( بكتك ، بكاك ) في قولها (5):
قد بكتك الجبال والوحش جمعاً والطير والأرض بعد بكي السماء
وبكاك الحجون والركن والمشعر يا سيدي مع البطحاء
وبكاك المحراب والدرس للقرآن في الصبح معلناً والمساء
وبكاك الإسلام إذ صار في الناس غريباً من سائر الغرباء
إذ إنّ ( أسلوب التكرار يحتوي على كل ما يتضمنه أي أسلوب آخر من إمكانيات تعبيرية فهو يغني المعنى ويرفعه إلى مرتبة الأصالة ذلك إنّ استطاع الشاعر أن يسيطر عليه سيطرة كاملة )( 6) ويمكن أن يطلق على مثل هذا التكرار على مستوى المفردة في بداية الأبيات الشعرية بأنّه تكرار لا شعوري ساقه السياق ، وهو أن يجيء في سياق شعوري كثيف يبلغ أحياناً درجة المأساة(7) .
وكذلك تكرار فعل البكاء كما في قولها (8):
أغبر أقاف السماء وكورّت شمس النهار واظلم العصران
فالأرض من بعد النبي كئيبة أسفاً عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد وغربها وليبكه مضر وكل يماني
وليبكه الطور المعظم جوه والبيت ذو الأستار والأركان
أما ظاهرة الحذف فنجد حذف ياء الإضافة جاء تخفيفاً ؛ لكثرة الاستعمال في تركيب ( يا ابن عم ) كما في قولها (9):
أمرك سمع يا بن عم وطاعة ما بي من لؤم ولا ضراعة
غذيت باللب وبالبراعة أرجوا ذا أشبعت من مجاعة
أنْ ألحق الأخيار والجماعة وادخل الجنة في شفاعة
إذ( دلّ النداء باستعمال ( ابن عم ) مضافاً إلى ياء المتكلم على التودد والتحبب والأدب في المحادثة ، وباقتران بالأداة ( يا ) على التعظيم والتفخيم . واعتراض النداء بين الاسم المعطوف والمعطوف عليه ( سمع ) أفاد الكلام تقوية وتحسيناً وتأكيداً لطاعة المخاطب وهو دليل على فصاحة المتكلم )( 10)، حتى قيل عن هذا النظم ( وما أحسن نظم هذا الكلام عند المرتاض بعلم محاسن النظم )( 11) .
وكذلك حذف جواب ( لو) التي تفيد التمني كما في قولها (12):
فليت قبلك كان الموت صادفنا لما مضيت وحالت دونك الكتب
( فحذف المتقدم بدلالة المتأخر، إذ يجوز حذف اسمها في فصيح الكلام إذا دلّ عليه دليل ، وظرف الزمان ( قبل ) يجوز أن يكون معلقاً بالفعل ( صادف ) أو بالفعل الناقص ( كان ) ، وجملة ( كان الموت صادقنا ) في محل نصب خبر ( ليت ) )( 13).
وكذلك حذف جواب ( لو ) التي تفيد التمني كما قولها(14) :
لو ترى المنبر الذي كنت تعلو ه علاه الظلام بعد الضياء
( جاءت لو للتمني لاستغنائها عن الجواب ، والمتمنى ممكن ، وهذا أيضاً يؤيد المذهب الأول في كون ( لو ) قسماً برأسه ) (15) وهو استعمال خاص في إفادة ( لو) للتمني .
وحذف جملة القسم كما في قولها (16):
فلأجعلنَّ الحزن بعدك مؤنسي ولأجعلنَّ الدمع فيك وشاحيا
( فلأجعلنّ في كلا الموضعين جملة جواب القسم التي دلت على جملة القسم المحذوفة ، وتقديرها : والله ، إذ صرفت النون المشددة جواب القسم إلى المستقبل ووجود القرائن أفاد استمرار وقوع الجواب إلى أن توفيت ) (17) .
أو حذف مفعول فعل المشيئة لعدم غرابته ، وهي ظاهرة أسلوبية في كلام العرب متأصلة فضلاً عن كونها جنبة بلاغية كما في قولها(18):
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر
وقد حذف المفعول به بعد فعل المشيئة استغناء عنه بذكره في مقام الجزاء ، وهو وارد في كلام العرب بكثرة في جملة الشرط ، أو ما في معناها والفائدة البلاغية هي البيان بعد الإبهام (19) إذا لم يكن تعلقه بمفعوله غريباً (20) ، وهي لغوية بلاغية بارزة في كلام العرب بوصفها ظاهرة أسلوبية تشكل ملمحاً ذا طراز في التركيب ، وقد عدل به المتكلم من الذكر إلى الحذف ؛ ؛ لأنّه أليق في موقع الحذف ؛ لكونه واضحاً أمام السامع (21) .
2– استعمال الأساليب الانشائية الطلبية :
أولاً : أسلوب النداء : وهو المتكرر في قصائدها وموضوعاتها ، وقد استعملت النداء لمعان بلاغية متعددة :
أ – التمني : في تركيب ( عين يا عين ) الذي خرج مجازياً في قولها(22):
عين يا عين اسكبي الدمع سحاً وبك لا تبخلي بفيض الدماء
…………………………………………………
يا إلهي عجل وفاتي سريعا فلقد تنغصت الحياة يا مولائي
وكذلك قولها(23):
فالله صبرني على ما حلّ بي مات النبي قد انطفى مصباحي
يا عين بكّي عند كلّ صباح جودي بأربعة على الجراح
ب- الندبة : خرج أسلوب النداء إلى غرض الندبة ، وهي نداء المتوجع منه أو المتفجع عليه (24) كما في قولها (25):
يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه
يا أبتاه إلى جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه
يا أبتاه من ربّه ما أدناه
ج – الدعاء : خرج النداء إلى غرض الدعاء في بيان صفات المرثي كما في قولها(26) :
يا خاتم الرسل المبارك ضؤوه صلى عليك منزل الفرقان
( فالمندوب هو ( خاتم الرسل ) – وهو أحد ألقاب الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، جاء متفجعاً عليه بذكر أحد فضائله العظيمة التي هي ختم الرسالات السماوية به ، قال تعالى ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) الأحزاب / 40 ) (27)
وكذلك قولها( 28) :
فيا ساكن الصحراء علمتني البكا وذكرك أنساني جميع المصائب
وكذلك قولها (29) :
يا رسول الإله ، يا خيرة الله وكهف الأيتام والضعفاء
وفيه ذكر منزلته وعلو شأنه وهي منزلة اجتباء واصطفاء فلهذا كان النداء بـ( رسول الإله وخيرة الله )، وهنا نداء المضاف الذي يكتسب التعظيم من المضاف إليه من لفظ الجلالة ( الله ) .
وكذلك مخاطبة أباها في تركيب ( يا سيدي ) كما في قولها(30) :
وبكاك الحجون والركن والمشعر يا يسيدي مع البطحاء
( إذ ورد المندوب متفجعاً عليه بذكر إحدى فضائله وهو ( السيد ) الذي يعني المهذب والإمام للخير ) (31).
د – التنبيه : وقد يأتي حكم حرف النداء لمجرد التنبيه عندما يدخل على الحروف (32 ) ، كما قولها(33) :
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
ه- التلذذ : وخرج أسلوب النداء فيه إلى التلذذ بنداء الأقرب من المنادي :
أشبه أباك يا حسن
واخلع عن الحق الرسن
واعبد إلهاً ذا منن
ولا توالي ذا الإحن
ثانياً : أسلوب الأمر :
أ- استعمال صيغة فعل الأمر :
كما في صيغة الفعل الواردة ( اسكبي ) في قولها (34):
عين يا عين اسكبي الدمع سحاً ويك لا تبخلي بفيض الدماء
كذلك ( بكّي ) قولها (35):
يا عين بكي عند كل صباح جودي بأربعة على الجراح
وكذلك الفعل ( عجّل ) الذي خرج أسلوب الأمر إلى الرجاء مع أسلوب المناجاة في تركيب ( يا إلهي ، يا مولائي ) كما في قولها(36):
يا إلهي عجل وفاتي سريعاً فلقد تنغصت الحياة يا مولائي
وكذلك استعمال أسلوب الأمر الذي خرج فيه إلى التوسل بالفعل ( قل ) كما في قولها (37):
قل للمغيب تحت أطباق الثرى إن كنت تسمع صرختي وندائيا
صبّت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
( دلالة الأمر بالفعل ( قلْ ) هي أيضاً الشكوى إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من تلك المصائب التي انصبت عليها بعده ، وخروج الأمر إلى هذا المعنى مما لم يذكره البلاغيون والنحويون )(38).
وكذلك في قولها(39) :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قومك فأشهدهم فقد نكبوا
الذي خرج فيه أسلوب الأمر بصيغة ففعل الأمر ( أشهدهم ) إلى من تلك الدواهي والأمور الشداد التي انصبت على عترته ؛ لميل قومه وعدولهم عن الحق ) (40) .
ومنها أيضاً في قولها ، وهي تلاعب الإمام الحسن ( عليه السلام ) عندما كان طفلاً(41):
أشبه أباك يا حسن
واخلع عن الحق الرسن
واعبد إلهاً ذا منن
ولا توال ذا الإحن
( تكرر الأمر متنوعاً بالأفعال ( أشبه ، واخلع ، واعبد ) للدلالة على كثرة المعاني الإسلامية تأديباً للمخاطب ، وحرصاً على تنشئة تنشئة صحيحة ، والتأديب من المعاني المجازية التي يخرج إليها الأمر )( 42) .
ب-استعمال الفعل المضارع المسبوق بلام الأمر
الذي خرج فيه إلى التمني كما في قولها (43):
فليبكه شرق البلاد وغربها وليبكه مضر وكل يماني
وليبكه الطور المعظم جوه والبيت ذو الأستار والأركان
( ومعنى الأمر هنا هو شدة التفجع والتوجع والتحزن ، وهذا المعنى لم يذكر ضمن المعاني المجازية التي يخرج إليها الأمر ) (44).
وكذلك في قولها(45) :
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر
الإشارة إلى معنى مجازي وهو الغرابة من طلب الموت بسبب أثر المصيبة لفقدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فالموت أهون من بعدك أهون من البقاء .
ثالثاً : أسلوب النهي :
وهو الأسلوب الذي يؤدى بصيغة الفعل المضارع المسبوق بلا الناهية الجازمة ، وقد خرج النهي في شعر السيدة الزهراء ( عليها السلام ) إلى معان مجازية منها الحث والمداومة بسكب الدموع وعدم البخل بها ، ومن الناحية الأسلوبية إنّ اجتماع فعل الأمر مع فعل المضارع المنهي يخرج النهي إلى التسوية كما قولها (46):
عين يا عين اسكبي الدمع سحاً ويك لا تبخلي بيض الدماء
وكذلك قولها (47):
واعبد إلهاً ذا منن ولا توالِ ذا الأحن
رابعاً : أسلوب التمني :
أ- أسلوب التمني بالأداة الأصلية ( ليت ) كما في قولها(48) :
فليت قبلك كان الموت صادفنا لما نعيت وحالت دونك الكتب
( إذ أسفر تمني الموت عن عظمة المصاب بفقد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وما ترتب على ذلك من صب الخلافة وغيرها ، إذ جاء أسلوب التمني متضمناً الظلم والشكوى إلى الرسول (صلى الله عليه وآله )(49).
ب- أسلوب التمني بالأداة ( لو )
كما في قولها (50):
قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكر الخطب
الذي خرج فيه التمني بـ( لو ) إلى رض الاستحالة لان التمني طلب لا يتحقق وقوعه .
وهناك من المعاني المجازية التي خرج إليها التمني ومنها التعجيز كما قولها (51):
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرت مع الزفرات
وكذلك في قولها (52):
صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا
وكذلك في قولها (53):
لو ترى المنبر الذي كنت تعلوه ، علاه الظلام بعد الضياء
التمني هنا بالأداة ؛ لأنّ المتمنى ممكن ، وقد استغنت عن الجواب (54)
خامساً : أسلوب الاستفهام
كما جاء في استعمالها ( ما ) لغير العاقل التي خرج فيها الاستفهام الإنكار كما في قولها(55) :
نفسي فداؤك ما لرأيك مائلاً وما وسدوك وسادة الوسنان
وكذلك في استعمال ( ما ) غير العاقلة مع ( ذا ) اسم الإشارة في قولها (56):
ماذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا
الذي خرج الاستفهام إلى التمني في مقابلة بين شمّ تربة الرسول وشمّ الطيب المخلوط بالمسك والعنبر .
( والمراد بالاستفهام هو التفجع والتحزن والتشوق ، وفي الاستفهام وجوابه اشارة الى الحث على زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله )( 57) .
وكذلك بالأداة ( أنّى ) كما في قوله(58) :
سيعلم المتولي ظلم جانبنا يوم القيامة أنّى سوف ينقلب
( ( أنى ) هنا بمعنى إلى أين وهو في موضع نصب ظرف مكان … ودلالة الاستفهام فهي التهديد والوعيد وفيها من معنى قوله تعالى ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) الشعراء / 227 )( 59) .
ثانياً : طريقة الحوار النفسي ( المنولوج الداخلي ) في التعزية :
وهي من أبرع أنواع المناجاة ؛ لأنّها حوار مع النفس واستبطان داخلي قد وظفت جانب الحوار ، وهو عنصر من عناصر السرد القصصي كما في قولها(60) .
تذكرت لما فرق الموت بيننا فعزيت نفسي بالنبي محمد
فقلت لها : إنّ الممات سبيلنا ومن لم يمت في يومه مات في غد
ثالثاً : أسلوب التفدية
تحتوي مناجاة الزهراء (عليها السلام ) على التفدية بالنفس ، ولا سيما للشخص المندوب ( المرثي ) ، وهذه طريقة قديمة في الشعر العربي التجأ إليها الشعراء في تراكيبهم الأسلوبية .
وجاء ذلك في قولها(61):
فليت قبلك كان الموت صادفنا لما مضيت وحالت دونك الحجب
وكذلك في قولها (62):
نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وإنما أبكي مخافة أن تطول حياتي
لكنّها في نمط آخر أنّها تطلب في أسلوب التفدية بطريقة خاصة ، وهي قائمة على حذف المفعول به ؛ لما يحمل من بيان بعد إبهام في جملة شرطية متميزة كما جاء في قولها (63):
من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر
والتقدير : من شاء بعدك الموت فليمت … وقد حذف المفعول به ؛ لعدم غرابته في طلبته وتحقيقه ، وهي حالة تقترب من الأمنية المحالة .
وكذلك استعمال أسلوب الدعاء بالجملة الاسمية ( نفسي فداؤك ) في قولها(64) :
نفسي فداؤك ما لرأسك مائلاً ما وسدوك وسادة الفرسان
رابعاً : الفخر بمواقف الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وإبراز صفاته :
كما في قولها (65):
يا رسول الإله ، يا خيرة الله وكهف الأيتام والضعفاء
وإبراز صفاته الحميدة من نسب أصيل وأخلاق فاضلة كما في قولها (66):
وقد رزينا به محضاً خليقته صافي الضرائب والأعراق والنسب
وكنت بدراً ونورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب
وكان جبريل روح القدس زائرنا فغاب عنا وكل الخير محتجب
……………………………………………………
فأنت والله خير الخلق كلّهم وأصدق الناس حيث الصدق والكذب
وهو السيد القرم الذي قلّ ذكره كما في قولها(67) :
إذا مات قرم قلّ والله ذكره وذكر أبي مذ مات والله أزيد
وقد كنت به عن أبيها كما في قولها (68 ) :
قد كنت لي جبلاً ألوذ بظله فاليوم تسلمني لأجرد ضاح
قد كنت أر حميتي ما عشت لي واليوم بعدك من يريش جناحي
وأغض من طرفي واعلم أنه قد مات خير فوارسي وسلاحي
وأحياناً توصفه بالمصباح الذي يضيء لها الدرب وانطفأ كما في قولها (69):
فالله صيرني على ما حل بي مات النبي قد انطفى مصباحي
وهذا الضوء المبارك الذي كان للإنسانية جمعاء كما في قولها (70):
يا خاتم الرسل المبارك ضؤوه صلى عليك منزل الفرقان
وكذلك كان لها السواد للعين فهو ناظرها التي ترى فيه الحياة كما في قولها(71) :
كنت السواد لمقلتي يبكي عليك الناظر
من شاء بعك فليمت فعليك كنت أحاذر
خامساً: الصورة الفنية
وتتجلى الصور الفنية بارزة في شعر السيدة الزهراء (عليها السلام ) يما يأتي :
1- أنسنة الأشياء غير العاقلة بالمجاز الاستعاري ، ويبدو واضحاً في قولها (72):
عين يا عين اسكبي الدمع سحاً ويك لا تبخلي بفيض الدماء
………………………………………………..
قد بكتك الحجون والوحش جمعاً والطير والأرض بعد بكي السماء
وبكاك الحجون والركن والمشعر يا سيدي مع البطحاء
وبكاك المحراب والدرس للقرآن في الصبح معلناً والمساء
وبكاك الإسلام إذ صار في النا س غريباً من سائر الغرباء
( والندبة وردت مقترنة ببكاء السماء والأرض على المندوب ، وكذلك بكاء الجبال والوحش والطير والركن والمشعر والبطحاء والمحراب والدرس للقرآن ، وذلك البكاء ، إما على الحقيقة أو على إرادة المبالغة في بيان عظمة المندوب ؛ لأنّ العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالمتوفى قالت : بكاه الليل والنهار والسماء والأرض ، يريدون بذلك المبالغة في عظم الأمر وشمول ضرره ، وهذا صنيعهم في أمر جلّ خطبه ، وعظم موقعه )( 73).
وكذلك أنسنة الطير مستعارة مفردة ( قمرية ) لإضفاء الجانب الحسي في الصورة الشعرية كما في قولها (74) :
وإذا بكت قمرية شجناً لها ليلاً على غصن بكيت صباحي
وكذلك قولها في أنسنة الأشياء الجامدة والمعنوية معاً في ضوء تشخصيها وتصويرها العالم بعد رحيل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) (75):
أغبر آفاق السماء وكورت شمس النهار واظلم العصران
فالأرض من بعد النبي كئيبة أسفاً عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد وغربها وليبكه مضر وكلّ يماني
وليبكه الطور المعظم جوه والبيت ذو الأستار والأركان
حتى جعلت الحزن أنيساً مثل الصديق كما في قولها(76):
فلأجعلنّ الحزن بعدك مؤنسي ولأجعلنّ الدمع فيك وشاحيا
فقد نقل ( أنّ فاطمة ( عليها السلام ) مازالت بعد النبي معصبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدة الركن من المصيبة بموت النبي ( صلى الله عليه وآله) ، وهي مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة باكية العين محترقة القلب ، يشى عليها ساعة بعد ساعة )( 77)
وكذلك استعمالها المجاز في قولها (78):
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قومك فأشهدهم ولا تغب
وكذلك استعمال صور الاستعارة كما في قولها (79):
وكنت بدراً ونوراً يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب
ويبدو من هذا البيت التعالق والتداخل من بيت كعب بن زهير في مدحه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (80):
إنّ الرسولَ لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول
وكذلك استعارتها في قولها لكون الرسول كالجبل تستظل به (81):
قد كنت لي جبلاً ألوذ بظله فاليوم تسلمني لأجرد ضاح
وكذلك في قولها (82):
حضرت منيته فاسلمني العزا وتمكنت ريب المنون جراحي
2– ملامح الوصف الكنائي
وهو عدم استعمال اللفظ الحقيقي بل هي اللجوء إلى لفظ آخر يشير إلى المعنى ويومئ إليه أنّها طريقة للتعبير غير المباشر عن الأشياء(83).
وبرز هذا الفن في شعرها بوضوح فقد كنّت عن الظالم بـ( أجرد ضاح ) وهو الأملس البارز للشمس كما قوله(84):
قد كنّت لي جبلا ألوذ بظله فاليوم تسلمني لأجرد ضاح
وكنّت عن الأمان والطمأنينة بـ( جار حميتي ) وعن صاحب كسوتها بـ( يريش جناحي ) كما في قولها (85):
قد كنّت جار حميتي ما عشت لي واليوم بعدك من يريش جناحي
وكنّت عن شجاعة الرسول بـ( خير فوارسي وسلاحي )( 86) :
وأغض من طرفي واعلم أنه قد مات خير فوراسي وسلاحي
وكنّت عن الظالم بالظلام في قولها (87):
لو ترى المنبر الذي كنت تعلوه علاه الظلام بعد الضياء
وكنّت عن الظالم بالغراب (88):
نشر الغراب علي ريش جناحه فظللت بين سيوفه ورماح
وكنّت عن الطير بـ( قمرية ) كما في قولها(89) :
وإذا بكت قمرية شجناً لها ليلاً على غصن بكيت صباحي
وكنّت عن وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالمصباح المنطفيء (90) :
فالله صبرني على ماح لبي مات النبي قد انطفى مصباحي
يما يحتوي من من تشبيه ، وهي مقارنة أدبية في تشبيه موت النبي صلى الله عليه في انطفاء المصباح
وكنّت عن الرسول بالقرم ؛ لأنّه سيد القوم(91):
إذا مات قرم قلذ والله ذكره وذكر أـبي مذ مات والله أزيد
وكنّت عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً بسواد العين بالنسبة إليها (92):
كنت السواد لمقلتي يبكي عليك الناظر
وفي ضوء هذه الاستعمالات البيانية التي أثرت بدلالات مختلفة وبذكر الصفات الخاصة للمكني عنه ، وهو استعمال كنائي متميز جاء جرياً على مسار الخطاب الشعري .
وكل ما ذكر من علاقات لغوية ودلالات بيانية تنمّ عن الجوانب الفنية والتعبيرية والأسلوبية التي جاءت في شعر السيدة الزهراء (عليها السلام ).
مسك الختام :
1- على الرغم من قلة شعر الزهراء ( عليها السلام ) فهو رافد ثقافي متنوع الدلالة فلا يعدّ وثيقة تاريخية تحاكي واقع حال الزهراء (عليها السلام ) في الرثاء فحسب بل قدرة تعبيرية تميزت بملامح فنية وأسلوبية برز فيه الشعر الإسلامي ؛ لما من الوضوح والسلاسة على مستوى المفردات ؛ فضلا ًعن الجوانب الفنية من الاستعمال البياني والتركيبي .
2- برز البحث الجوانب التعبيرية الأكثر تميزاً ؛ لما لها من قوة في أثراء الدلالة بمختلف التعابير الأدبية ، فوقف البحث عند الأساليب الإنشائية من أمر ونهي واستفهام وتمني ، فضلاً عن الإشارة إلى ظاهرتي التكرار والحذف بوصفهما من الظواهر الأسلوبية ؛ لما لهما من معاني ومقاصد بلاغية .
3- أشار البحث إلى القدرة التعبيرية في استعمالها الصور البيانية من استعارة وكناية ، وهي تستعيد جانباً حيوياً من جوانب الوصف ثبّت معالم فن الرثاء ؛ لما يمتاز من صفاء الفكر وتجلية للخواطر وانفعال حاد وعواطف نبيلة خالدة .
الهوامش
[1] – مآسي بضعة الرسول – دراسة وتحليل : 73
[2] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 23 .
[3] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع – دراسة نحوية بلاغية : 32
[4] – شرح الرضي على الكافية : 1 / 426
[5] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 23
[6] – قضايا الشعر المعاصر : 263-264
[7] – ينظر : المصدر نفسه : 287
[8] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 53- 54
[9] – أمالي الصدوق : 214 ، وفاطمة الزهراء أفضل أسوة للنساء : 9
[10] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 58- 59 ، والبرهان في علوم القرآن : 2 / 156 ، ومغني اللبيب : 2 / 386 .
[11] – تفسير الكشاف : 3 / 382
[12] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 30
[13] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء : 211- 212 ، وينظر : المقرب : 119 ، وشرح الرضي على الكافية : 4 / 375
[14] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 214
[15] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 214
[16] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 23 .
[17] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 285
[18] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 42
[19] – ينظر : تلخيص المفتاح في المعاني والبيان والبديع : 88
[20] – ينظر : الجهود البلاغية في شروح سقط الزند : 115
[21] – المصدر نفسه : 118
[22] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 23
[23]- المصدر نفسه : 40
[24] – ينظر : علم المعاني دارسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني : 334
[25] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 57
[26] – المصدر نفسه : 54
[27] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 70
[28] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 37
[29] – المصدر نفسه : 23
[30] – المصدر نفسه : 23
[31] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 74
[32] – علم المعاني – دارسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني: 335
[33] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 37
[34] – المصدر نفسه : 23
[35] – المصدر نفسه : 40
[36] – المصدر نفسه : 23
[37] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 58
[38] – أساليب الإنشاء في كلام الزهراء ع : 184
[39] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 29- 30
[40] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 184
[41] – ديوان فاطمة الزهراء : 54
[42] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 182- 183 ، وينظر : تأويل مشكل القرآن : 285 ، وأساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين : 208
[43] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 53- 54
[44] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 190
[45] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 42
[46] – المصدر نفسه : 23
[47] – المصدر نفسه : 54
[48] – المصدر نفسه : 30
[49] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع – دراسية نحوية بلاغة : 212 .
[50] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 29
[51] – المصدر نفسه : 37
[52] – المصدر نفسه : 59
[53] – المصدر نفسه : 23
[54] – ينظر : همع الهوامع : 2 / 474
[55] – ديوان فاطمة الزهراء ع :54
[56] – المصدر نفسه : 59
[57] – أساليب الإنشاء في كلام الزهراء ع : 163
[58] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 30
[59] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ع : 177
[60] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 41
[61] – المصر نفسه : 36
[62] – المصدر نفسه : 37
[63] – المصدر نفسه : 42
[64] – المصدر نفسه : 54
[65] –المصدر نفسه : 23
[66] – المصدر نفسه : 36
[67] – المصدر نفسه : 40
[68] – المصدر نفسه : 38
[69] – المصدر نفسه : 40
[70] – المصدر نفسه : 54
[71] – المصدر نفسه : 42
[72] – المصدر نفسه : 23
[73] – أساليب الإنشاء في كلام السيدة الزهراء ( عليها السلام ) : 74 ، وينظر : أمالي المرتضى : 1 / 76 – 77 .
[74] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 39
[75] – المصدر نفسه : 53- 54
[76] – المصر فنسه : 59
[77] – روضة الواعظين : 167
[78] – المصدر نفسه : 30
[79] – المصدر نفسه : 36
[80] – ديوان كعب بن زهير : 67 .
[81] – ديوان فاطمة الزهراء ع : 38
[82] – المصدر نفسه : 39
[83] – علوم البلاغة : 241
[84] – المصدر نفسه : 38
[85] – المصدر نفسه : 38
[86] – المصدر نفسه : 38
[87] – المصدر نفسه : 23
[88] – المصدر نفسه : 39
[89] – المصدر نفسه : 39 ، 59
[90] – المصدر نفسه : 40
[91] – المصدر نفسه : 40
[92] – المصدر نفسه : 42
المصادر