مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بحوث المسابقة الثالثة (فاطمة الزهراء خير قدوة وأسوة) أ.م.د خليل خلف بشير
+ = -

فاطمة الزهراء خير قدوة وأسوة

أ.م.د خليل خلف بشير

جامعة البصرة كلية الآداب قسم اللغة العربية

نقال: 07807316621

 المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين؛ وبعد: فهذا بحث تناولت فيه سيدة النساء فاطمة ابتدأته بمدخل عنونته بــ (القدوة والأسوة: فاطمة)، ووجدتها خير قدوة وأسوة من خلال العنوانات الآتية:

  • فاطمة قدوة للرجال والنساء.
  • فاطمة أم أبيها.
  • فاطمة الأم.
  • فاطمة الزوجة.
  • فاطمة العالمة المبدعة.

على أني بذلت نفسي لأضع هذا البحث بالمستوى المطلوب فإن وفقت فلله شكري وثنائي، وإن لم أُوفق فعذري من سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام).

مدخل: القدوة والأسوة: فاطمة

جاء في معنى القدوة في اللغة القدوة:( (القِدة. يقال: فلان قدوة إذا كان يُقتدى به. ولي بك قدوة))([1]) ، ويرادف بعض اللغويين بين القدوة والأسوة إذ يقول ابن منظور: ((والأُسْوَةُ والإِسْوَةُ: القُدْوة ))([2]) ، ويرى الرازي أنّ ((ق د أ القدوة الأسوة يقال فلان قدؤوة يقتدى به وقد يضم فيقال لي بك قدوة وقدوة وقدة))([3]) أما الأسوة فهي من التَّأَسِّي في الأُمور وكذلك المُؤَاساة([4]) إذ لم يفرق أصحاب المعاجم اللغويِّة فرقاً لغويٌّاً ظاهراً بين معاني كلمتي الأسوة والقدوة فكلاهما يعنيان الأنموذج الذي يُتَّبع في تحقيق الغايات خيرها وشرها فمثلما هناك قدوة وأسوة حسنة. فهناك قدوة وأسوة سيئة. والقرآن الكريم استخدم عبارة “الأسوة الحسنة “مما يؤكداً وجود (الأسوة السيئة) فقال سبحانه:( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً- الأحزاب/21)، وقال تعالى:(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ -الممتحنة/4)، وقال تعالى ( َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ -الممتحنة/6) أما مصطلح (القدوة) فيستخدم للتعبير عن حالة اتباع واقتداء البشر بعضهم لبعض. وعلى أي حال يبقى المعنى العام لعبارتي (القدوة والأسوة): هو الأنموذج الأفضل كفاءة ومهارة وإبداعاً وأداءً وإتقاناً وإخلاصاً المُتّبع لتحقيق غاية نبيلة وجليلة في ميادين الحياة([5]).ويرى بعض الباحثين أنّ مصطلحي (الأسوة) و(القدوة) من المصطلحات التي إذا اجتمعت افترقت، وإذا افترقت اجتمعت في المعنى والمفهوم، كالفقير والمسكين، وحينئذٍ (القدوة) ذلك الإنسان الذي يقود الركب البشري الإنساني إلى شاطئ السلام وسبل النجاة. و(الأُسوة) هو ذلك المثل الأعلى لكلّ المثل والقيم العليا، فالمقصود من الاسوة النموذج الكامل لأفضل ما يفكّر فيه الإنسان من خُلق وسلوك، في حين القدوة يقصد منها الهادي إلى الصواب والسبيل الناجح من بين سبل الحياة المتفرّقة، فمثل الأنبياء والأوصياء ومن يحذو حذوهم ليسوا فقط (قدوة الأُمّة) بل هم (الأُسوة) أيضاً، ولعل الفرق بين الأُسوة والقدوة أنّ القدوة في الأموال والأُسوة في الأفعال، فكما يجب أن نستنير بهدى الأنبياء الذي خلّفوه لنا في أقوالهم، فكذلك يجب أن نتأسّى بهم في أعمالهم التي عملوها، وكانت سنّة للبشر([6]).

ويرى بعض الباحثين أن القدوة أنك تقتدي بالعمل نفسه؛ ثم قد تكون أفضل من صاحب العمل؛ وقد يكون هو أفضل منك؛ أي تقتدي بالعمل مفصولاً عن مراقبة شخصه وكونه أسوة أم لا؛ فالتأسي يكون بالشخص؛ والقدوة بالفعل أو الهدي من الشخص.([7])

وكانت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وستكون الى يوم القيامة خير أسوة للمرأة الصالحة في أعمالها، وفضائلها، وتقواها، وتربيتها، وحجابها، وفي كل شؤونه ([8])وهي أسوة في كل جانب من جوانب حياتها فهي في سوكها الشخصي أسوة، وكذا في سلوكها مع زوجها وأبيها، وفي سلوكها مع ربها فهي المحدّثة التي تحدثها الملائكة، ويحدثها جبرائيل إذ إن لها هذه المرتبة العالية من العلاقة مع الله([9]) فهي امرأة مثالية تفوق جميع نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي أسوة لجميع النساء فهي السبّاقة الى كل الفضائل والحسنات فعلى النساء أن يقتدين بها في كل شيء([10]).

 

فاطمة قدوة للرجال والنساء

وهي ليست قدوة للنساء فحسب بل وقدوة للرجال أيضاً، بل هي قدوة للرجال، ومن ثم النساء؛ لأن رتبتها قريبة من رتبة أبيها لاسيما وهي بضعة منه؛ ولأنها قبسة من النور الإلهي فلابد للرجل وللمرأة على السواء فلا بد للرجل وللمرأة على السواء أن يتخذن منها بخلقها الكريم وسيرتها العطرة الزكية قدوة مناراً يهتدي به، ويرسم الإنسان به شخصيته ويحدد معالمها([11]).

إن فاطمة (عليها السلام) سيدة للنساء أبد الآبدين، وهي ((أم المؤمنين والمؤمنات على طول التاريخ البشري فهي أم الأئمة النجباء (عليهم السلام) كما هي أم شيعتهم الكرام، أمهم وقدوتهم في عالم المعنى والوجود والطينة))([12]).

  وقد يقال أن السيدة الزهراء معصومة فكيف يقتدي غير المعصوم بالمعصوم، وهو أمر مردود فكون السيدة الزهراء معصومة مسلّم به لكن استحالة الوصول الى الكمال أمر غير صحيح فكثير من الناس قد بلغوا مراتب عالية من العلم والعمل، وهم في مرحلة الشباب، ولم يكونوا معصومين مثل هشام بن الحكم الذي كان الإمام الصادق (عليه السلام) يعظمّه ويحترمه كثيراً، ولم يتجاوز العشرين([13]) فالسير على خطى الزهراء في الحياة ممكن بالرغم من كونها معصومة منزهة عن الخطأ؛ لأن تلك المرتبة من العصمة الظاهرية متاحة لكل من أراد فلو رجع الإنسان الى نفسه ووجدانه لوجد أنه يستطيع أن لا يعصي لكنه يركن الى الشيطان ونفسه الأمارة فالعصمة عن الذنوب والمعاصي أمر مقدور للجميع وإن احتاج الى مجاهدة إذ إن هذا السلوك الظاهري المعصوم ليس مختصاً بالمعصوم بل إن العديد من مراتب العصمة الأخرى أيضاً متاحة للإنسان، وهو أمر مشهود في سير العلماء فقابلية الإنسان أن يعصم نفسه تدفع الإشكال إن ورد([14]).

فاطمة أم أبيها

كانت السيدة الزهراء (عليها السلام) الفضلى من بين نساء العالم أجمع من الأولين والآخرين في جميع مراحل حياتها بنتاً، وزوجةً، وأماً فقد كانت تساعد أباها في أيام المحنة لاسيما وأن كل أيام أبيها محن الى أن التحق بالرفيق الأعلى حتى كناها ابوها بأم أبيها؛ لأنها والدة الرسول (صلى الله عليه وآله) توفيت منذ الصغر فكانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) له بمنزلة الأم([15])، وكذا كانت منبعاً للحنان الذي فقده أبوها في طفولته فقد تجلى الحب الذي لم يره في حياته في تعلق فاطمة به([16]) فقد كانت تسعى في حوائجه، وتقوم بما يحقق رضاه، واهتمت به اهتماماً لا مثيل له وأحاطته بمحبة منقطعة النظير، وبالرغم من كونها حديثة العهد بوفاة أمها خديجة (عليها السلام) فإنها تحولت الى أم لأبيها في وقت كانت تحتاج فيه للأم فقد كانت تتعامل مع أبيها وتحافظ عليه وتهتم به اهتمام الأم بولدها الوحيد([17]) فقد سعت لسد الفراغ العاطفي الذي عاشه أبوها بعد أن فقد والديه في أول حياته فوجد في ابنته فاطمة كل هذا العطف فكان يعاملها معاملة الأم فيقبّل يدها، ويخصها بالزيارة عند كل عودة من سفر، وكذا يودعها منطلقاً من عندها الى كل أسفاره ورحلاته، وكان يكثر الدخول عليها في حالات تعبه وآلامه، أو حينما يرجع جريحا من الحروب، أو حال جوعه، أو فقره فتقابله فاطمة، وترعاه، وتضمّد جروحه، وتخفّف من آلامه([18]).

فاطمة الزوجة

كانت السيدة فاطمة (عليها السلام) قدوة في صداقها وجهازها فعندما أتى الإمام عليّ عليه السلام يطلب الزواج بالزهراء عليها السلام سأله الرسول: ((يَا أبا الحسن فهل معك شيء اُزوّجك به؟ فقال له علي: فداك أبي واُمّي والله ما يخفى عليك من أمري شيء، أملك سيفي ودرعي وناضحي، وما أملك شيئاً غير هذا. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أمّا سيفك فلا غناء بك عنه تجاهد به في سبيل الله وتقاتل به أعداءه، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك وتحمل عليه رحلك في سفرك، ولكنّي قد زوّجتك بالدرع ورضيت بها منك))([19]) فزوّجه على الدرع وطلب منه بيعها وأن يأتي بثمنها، فباعها وجاء بأربع مئةٍ وثمانين درهمًا ثمنًا لها وكان هذا صداق فاطمة، وهو صداق قليل على المستوى المادّيّ عظيم على المستوى المعنويّ. وفي ذلك درس عظيم لنا في أنّ الصدق في الزواج وقيمة الزوجة لا دخل لها بثمن المهر، وهذه ابنة خاتم النبيين ومهرها من أقلّ المهور ولم يزدها ذلك سوى رفعة وشرفاً([20]).

أما جهاز منزلها فكان أشد تواضعاً وزهداً إذ تكون من ((قميص بسبعة دراهم، وخمار بأربعة دراهم ، وقطيفة سوداء خيبرية، وسرير مزمل بشريط، وفراشان من جنس مصر، حشو أحدهما ليف، وحشو الاخر من جز الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر، وستر من صوف، وحصير هجري، ورحا اليد، ومخضب من نحاس، وسقي من أدم، وقعب للبن، وشيء للماء، ومطهرة مزفتة، وجرة خضراء، وكيزان([21]) خزف ))([22]) انظر الى جهاز ابنة سيّد المرسلين وسيدة نساء العالمين، ((لا يعدو كونه مقتصراً على أقلّ ضروريّات العيش لا حظّ له من أيّ كماليّات، يعينهما على دنياهما ولا يلهيهما عن آخرتهما، ولو شاءت الزهراء عليها السلام لكانت كلّ الأرض بما فيها وما عليها في خدمتها وتحت تصرّفها، لكنّها آلت إلّا أن تكون الزاهدة الأورع في الدنيا لتكون خير أسوة للجميع وخير أمةٍ راضية بما قسم الله لها من الدنيا))([23]).

وقد كانت خير زوجة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي القائلة له، وقد صدقها ((يا بن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني فقال (عليه السلام): معاذ الله أنتِ أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله ان أوبخك غدا بمخالفتي…))([24]) فلم تكذب قط، ولم تخن قط.

ووصف أمير المؤمنين (عليه السلام) حاله مع فاطمة (عليها السلام) قائلاً: ((فوالله ما أغضبتها، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل، ولا أغضبتني، ولا عصت لي أمرا، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان))([25])

لذا المتتبع لسيرة السيدة الزهراء (عليها السلام) يجد انها مدرسة متكاملة في مختلف أبعاد الحياة فينبغي أن تكون قدوة لجميع النساء بل وحتى الرجال فهي التي وقفت مع أبيها في تبليغ الدعوة الإسلامية، وتحملت أذى مشركي قريش مع الثلة القليلة من المؤمنين في شعب أبي طالب، وتحملت صعوبة الهجرة من مكة إلى المدينة. ووقفت أيضا بجانب أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي أرسى دعائم الإسلام فكانت المجاهدة والصابرة والمهاجرة، وتحملت أيضاً الآلام وقساوة الظروف الصعبة جرّاء طلاقها للدنيا واختيارها الآخرة، وتزوجت بأمير المؤمنين (عليه السلام) لتشارك في إسناد الرسالة والإمامة معاً وإرساء قواعد المجتمع الإسلامي ونشر الدعوة الإلهية بجانب أبيها وبعلها الذي نذر نفسه لله تعالى، وهذا خير مثال يقتدين به النساء المسلمات([26]).

حفلت حياة النورين: فاطمة وعلي (عليهما السلام) بالكثير من الصعوبات والمشاق على مختلف الصعد بيد أنّ كل الهموم والأحزان كانت بنظرة من السيدة فاطمة فكانت أعظم سكن لزوجها علي مادياً ومعنوياً فقد بقيت الأسرة العلوية تعاني شظف العيش مدة من الزمن حتى أن كثيراً ما يخلو منزلهم من الطعام، ومع ذلك لم تكن الزهراء لتشتكي أو تعاتب زوجها علياً قط، ولم تكن لتحمله ما لا يطيق([27]) .

إن اللطافة الزوجية تجعل الحب غضاً طرياً، وتضفي جواً من السرور وطيب المعشر، وهو أمر ملموس في علاقة علي بفاطمة ففي رواية أنهما كانا يأكلان التمر ذات مرة فمازح علي فاطمة قائلاً: ((يا فاطمة إن النبي يحبني أكثر منك ، فقالت : واعجبا يحبك أكثر مني وأنا ثمرة فؤاده وعضو من أعضائه وليس له ولد غيري ، فقال لها علي ( عليه السلام ) : يا فاطمة إن لم تصدقيني فامضي بنا إلى أبيك محمد ( صلى الله عليه وآله ). قال : فمضينا إلى حضرته فتقدمت فاطمة فقالت : يا رسول الله أينا أحب إليك أنا أم علي ؟ قال النبي : أنت أحب وعلي أعز منك))([28]).

كانت السيدة فاطمة تعيش الفخر والاعتزاز بزوجها ولم يكن وضعه المادّيّ ليؤثّر في نظرتها إليه، ويبرز في خطابها له بعبارات التعظيم على أنّ مسألة افتخار الزوجة بزوجها بما هو حقٌّ وما هو قيّم عند الله في غاية الأهمّيّة، فهو يربّي الأولاد على تقييم الأمور بمعايير إلهيّة، كما يكرّس الاحترام بين الزوجين ما يستجلب مزيد مودّة ومحبّة([29]).

فاطمة الأم

كانت السيدة الزهراء (عليها السلام) خير أم لأطفالها: الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم (عليهم السلام) فكانت تعنى بشؤونهم، وتقوم بتربيتهم وتغذيتهم، وتحثهم على إحياء ليالي الجمع وليالي القدر إذ تأمرهم بالنوم نهاراً؛ ليتمكنوا من إحياء الليل، وقد ربت ابنتها زينب، وعلمتها على الصبر، وبينت لها مواقفها المستقبلية، وكذا هيأت أولادها لمختلف الميادين ولاسيما العبادة والجهاد والفضيلة والعلم والتقى فضلاً عن تهيئتهم جسمياً وعاطفياً عندما كانوا أطفالاً، وكانت تقوي روحهم المباركة، وتعتني بخدمتهم من غسل وكنس وطبخ ونسج وغير ذلك([30])، وكانت تلاعبهم وتناغيهم وتدللهم وتناديهم بكلمات محببة، وتتولى بنفسها تغسيلهم وتربيتهم على القيم الإنسانية النبيلة وهي تكون بذاك قد قدّمت لأولادها بل لكلّ البشريّة أنموذجًا كاملًا قابلًا للتأسّي، فهي بتجسيدها القيم والمفاهيم الدينيّة في حياتها تدّل المربّين بشكل عمليّ على ما ينبغي القيام به، وهو أسلوب نراه يتكرّر في مواقفها مع أولادها ([31]).

نجد السيدة فاطمة عليها السلام تقدّم لأولادها بل لكلّ البشرية أنموذجًا كاملًا قابلًا للتأسّي، فهي بتجسيدها القيم والمفاهيم الدينيّة في حياتها تدّل المربّين بشكل عمليّ على ما ينبغي القيام به، وهو أمر عامّ وشامل ينطبق على حياتها بأكملها، وهو أسلوب نراه يتكرّر في مواقفها مع أولادها. فمثلًا نراها متهجّدة متعبّدة، تقوم ليلها حتّى تتورّم قدماها وهو أمر لا تحكيه عن نفسها أبدًا كما أنّها لا توقظ أولادها؛ ليقوموا بالتعبّد مثلها على سبيل المثال، بل إنّ هذا الخبر قد وصل إلينا على لسان الإمام الحسن (عليه السلام) لمّا استيقظ ورأى أمّه واقفة في محرابها تصلّي الليل بطوله، وفي الموقف نفسه نراها تدعو لجيرانها ولا تدعو لنفسها ولمّا سألها الإمام الحسن عليه السلام عن ذلك قالت: الجار ثمّ الدار، فدلّته بشكل سلوكيّ على قيمة محبة الآخرين والدعاء لهم، وكذا علّمت أطفالها كيف يزهدون في هذه الدنيا، ففي مرّة أرسلت ابنيها بسوارين أحضرهما لها الإمام علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبيعهما وينفق ثمنهما على الفقراء زهدًا منها بهذه الفانيات، وغيرها الكثير من المواقف، فكلّ حياة الزهراء عليها السلام قدّمت فيها نموذجًا وقدوة صالحة وكانت تلك هي الطريقة التي غرست من خلالها القيم الحقّة في نفوس أولادها، وربّتهم على تعظيمها والدفاع عنها بكلّ وجودهم، حتّى لو استدعى ذلك فداء تلك القيم بالنفس والروح، وهو ما حصل([32]).

وهي أمنا في الوجود والمعنى والروح من حيث التأسي بها (عليها السلام) من خلال العلقة والارتباط الروحي والوجودي والمعنوي، ويصح أن يطلق عليها في المعنيين الأول والثاني بـ (الأم المنفعلة) أي التي نذهب إليها، ونأخذ من سيرتها أو أقوالها، وفي المعنى الثالث يطلق عليها (الأم الفعالة) فهي التي تبارينا وتحفظنا وترعانا بعينها وحضورها وحياتها فتراعينا بإمدادها الغيبي المستمد من الباري عزّ وجل وأنفاسها القدسية، وإذا كنا لا نحس بذلك في حياتنا اليومية فإننا بأعمالنا الطالحة أخرجنا يدنا من يدها فضعنا وتهنا وانحرفنا وسقطنا عند الانزلاق كما يضيع الطفل من أمه ويتيه وينزلق عندما يفارق أمه فإذا كانت يدي بيد أمي فإني لا أضيع في حياتي المعاصرة، ومتى ما تعثرت رجلاي فأهوي الى السقوط فإن أمي ترفعني وتحفظني من العثرة والسقوط؛ لذا العمدة أن نحكّم الأواصر والعلقة الوجودية بيننا وبين أمنا الزهراء (عليها السلام) بأن نكون فاطميين في المعتقد، والسلوك، والوجود، والروح، وبذا تكون فاطمة (عليها السلام) أسوة وقدوة لكل البشرية ولاسيما شيعتها بكل ما تعنيه الأسوة والقدوة من معان ومصاديق فهي الأم معنى ووجوداً وجسداً وطيناً، وهي المعلمة والمربية، وهي الصدّيقة الصادقة المصدّقة([33]).

فاطمة العالمة المبدعة

 عُرفت السيدة الزهراء (عليها السلام) بالعلم الغزير، والمعرفة العميقة، والثقافة الواسعة، والبصيرة الثاقبة، إذ كانت تتلقى العلوم والمعارف الإسلامية من أبيها مدينة العلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مباشرة، ومن باب مدينة العلم (زوجها) أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فكانت عالمة بالإسلام وأحكامه ومفاهيمه وأخلاقه وآدابه، وهي أعلم نساء زمانها، وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين؛ فمقاماتها السامية، وعلومها الغزيرة، ومعارفها الزاخرة جعلتها الأقدر على القيام بدور المعلم والمرشد والموجه والمربي لنساء عصرها اللاتي كنَّ يتجمعن حولها ويتلقين منها أحكام الإسلام وعلومه فكان لها مجلس علمي يحضره نساء المهاجرين والأنصار حتى يأخذن منها أحكام الإسلام وأخلاقه ومفاهيمه وأسسه وفلسفته بالرغم من قصر حياة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) لكنها روت جمهرة من الأحاديث الشريفة عن أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد كانت (عليها السلام) من أبرز العالمات وأجلهنّ، وأكثرهنَّ فكراً وثقافة وعلماً ومعرفة([34]).

وحفلت حياتها بالمزيد من الإبداع الفكري فقد كانت لها ((أدعية وتسبيحات وخطب وأشعار كانت بمثابة جهاد لها، وأسلوب لهداية الناس وإرشادهم وتعليمهم والسير بهم نحو مكارم الأخلاق، ورضوان الله جل جلاله ورحماته))([35])، وقد عكف الأستاذ محمد تقي دخيل على جمع تراثها الثر في كتابه الموسوم (الصحيفة الفاطمية) الذي تضمن أدعيتها، وصلواتها، وتسبيحاتها، وخطبها، وأشعارها.

ومن تراثها الثر ما سمي بمصحف فاطمة، وهو ليس قرآناً آخر كما يتهمنا النواصب بذلك ، وإنما هو كتاب ضمّ بعض الأسرار و الأخبار الغيبية أملاه جبرائيل الأمين عليه السلام على سيّدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام من وراء حجاب، و كتبه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بخطّه المبارك([36]).

 

 

 

الخاتمة

في نهاية البحث يطيب لي أن أسجل بعض النتائج التي توصل إليها البحث بالآتي:

  • إنّ من تبعات التعظيم والحبّ اللذين جسّدا قواعد سلوك السيدة الزهراء عليها السلام تجاه أبيها صلى الله عليه وآله وسلم أن تسعى في حوائجه وأن تقوم بما يحقّق رضاه، وقد اعتنت بأبيها عناية لا مثيل له وأحاطته بمحبّة منقطعة النظير حتّى كنّيت بـ “أمّ أبيها” فقد كانت فاطمة بمثابة الأم والمستشار والممرضة بالنسبة للرسول. ومن هنا أُطلق عليها (أُمّ أبيها) وهذه الصفة تتعلّق بتلك الفترة التي تكون فيها صبيّة عمرها ستّ سنوات أو سبع سنوات على هذا النحو فتكون على هذه الدرجة من الشعور بالمسؤوليّة. ألا يمكن لمثل هذه الفتاة أن تكون قدوة للفتيات ليصبح لديهنّ شعور مبكّر بالمسؤوليّة إزاء القضايا المحيطة بهنّ، ويتفاعلن معها بنشاط، كان وجه فاطمة ينشرح بوجه أبيها وتنشط قواها وهي تزيل بمنديل العطف والحنان غبار الهمّ والحزن عن وجه أبيها.
  • أن تُقدّم المعايير الأُخرويّة من دين وأخلاق وغيرهما، على المعايير الدنيويّة في طالب الزواج، أن يبقى التهذيب والحياء والعفّة الحاكم على جميع تصرّفات، وخلال كلّ ترتيبات الزواج، أن يكون الصداق متواضعاً فليس قيمة العروس يثمن صداقها، وأن يكون جهاز العروس متواضعًا ويقتصر على متطلّبات الحياة ولا حظّ فيه للكماليات، وأن يبقى الله عزّ وجلّ حاضرًا دومًا في حياتنا ولا ننساه، حتّى في أجمل اللحظات كليلة الزفاف، فنشكره على نعمه.
  • العمل على تربية أولاد يكونون صنّاع التاريخ على أن تكون التربية محاطة بالحبّ، مكلّلة بالفرح والسرور، وأن تكون سلوكيّات المربي قابلة لأن تشكّل نموذجاً وقدوة صالحة للأولاد، وأن يكون مضمون تربية المربي قائماً على القيم الحقّة التي نادى بها الدين، كالعبادة والارتباط بالله والنظافة على أن تكون قيمة الارتباط بالله هي سيدة القيم التي يُربى عليها الأولاد على أنّ سرّ تربية السيدة فاطمة عليها السلام لأولادها عليهم السلام يكمن في منهجها التربويّ، حيث كان مضمون التربية الفاطميّة قائمًا على القيم الحقّة المنبثقة من الدين وزرعها في نفوس الأولاد وجبل كيانهم عليها.
  • أن يكون المنطلق الأساس الذي يحكم علاقة مع الزوجة هو وجهة العلاقة مع الله عزّ وجلّ، وأنه آية من آيات الله في هذه الدنيا، وأن لا تدع طريقًا لمنغّصات الحياة من الفقر وضيق الوضع الاقتصادّيّ واعتبارات أهل الدنيا إلى الحياة الزوجيّة، وأن تكون الزوجة سكنًا لزوجها على مختلف الصعد، الدنيويّة والنفسيّة والروحيّة، وأن تسعى الى كشف الهموم والغموم عن زوجها، وأن تكون نِعمَ العونُ لزوجها على الدنيا وعلى طاعة الله وأداء تكليفه، وأن تفتخر بزوجها بالأمور الحقّة، وتكرّس الاحترام بينها وبينه، وتكون طيّبة المعشر وتكرّس الأمور التي تلطّف العلاقة بينها وبينه، أن تحاول جعل علاقتها بزوجها علاقة عميقة متينة مبنيّة على الثقة والمحبّة فتعرف أحواله وتراعيها، وأن لا تطالب زوجها بأيّ أمر يفوق طاقته، وأن تسعى أن تكون علاقتها بزوجها خالصة من التعلّقات الدنيويّة، فلا يتغيّر سلوكها تجاهه سواء أمّن لها متطلباتها أم لا على أّ ما يميّز هذا الثنائيّ الاستثنائيّ بعلاقة الإمام علي بفاطمة الزهراء عن كلّ البشر هو الحبّ الخالص الذي كان يجمعهما، الذي لا شائبة فيه، ولا دخل للدنيا وللتعلّقات فيه ففاطمة لم تنتظر أيّ نعيم مادّيّ زائل من زوجها، حتّى أدنى متطلّبات العيش من مسكنٍ مريح ومأكل مشبع، لم تكن تنتظر منه سوى أن يكون هو، أكمل وأعظم آية وتجلٍّ لله عزّ وجلّ.
  • لا يمنع الإسلام المرأة من التعلم والرقي في سلم العلم بشرط حفاظها على عفتها وشرفها وكيانها فالمجتمع بحاجة الى الطبيبة والصيدلانية والمدرّسة والمعلمة والمربية، وغير ذلك.

 

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الأسوة، مقال السيد عادل العلوي الأسوة / السيد عادل العلوي balagh.co/mosoa/pages/tex.php?tid=2051
  • الأسوة والقدوة، مقال د.حامد بن أحمد الرفاعي، odabasham.net/مقالة/89879-الأسوة-والقدوة.
  • الأمالي، الشيخ الطوسي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية – مؤسسة البعثة، ط1، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع – قم، 1414ه.
  • بحار الأنوار، العلامة المجلسي، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، ط2، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة الوفاء – بيروت – لبنان، 1403 – 1983م.
  • الثقافة الفاطمية، العلوية أم عمار القبانجي، ط1، الرافد للمطبوعات، بغداد، 2015م-1437ه.
  • روضة الواعظين، الفتال النيسابوري، تحقيق وتقديم: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي – قم، (د.ت).
  • السيدة فاطمة قدوة وأسوة، مركز المعارف للتأليف والتحقيق، ط1، دار المعارف الإسلامية الثقافية، 2018م.
  • الصحيفة الفاطمية، محمد تقي دخيل، ط2، دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1426ه-2005م.
  • فاطمة أفضل أسوة للنساء، آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي، ط8، منشورات مدرسة زينب الكبرى النسوية، الحلة، طبع بمطابع النجف الأشرف، العراق، 1425ه.
  • فاطمة الزهراء (عليها السلام) امتداد النبوة/ السيد محمد الشيرازي، ط3، هيأة محمد الأمين، 1421ه-2000م.
  • فاطمة الزهراء، خطب وأحاديث السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، إعداد وترتيب الشيخ حسين المياحي، ط2، انتشارات الإمام الحسين، المطبعة: الشريعة، قم، 1425ه-2004م.
  • فاطمة الزهراء قامة علمية شامخة، مقال في الرابط https://annabaa.org/arabic/ahlalbayt/9839
  • فاطمة الزهراء قدوة الصديقين، آية الله العظمى الحاج السيد محمد تقي المدرسي، ط5، دار البصائر للثقافة والنشر، جمهورية العراق، النجف الأشرف، 1436ه-2016ه.
  • فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار، العلامة السيد عادل العلوي، ط1، المؤسسة الإسلامية العامة للتبليغ والإرشاد، المطبعة: النهضة، قم، إيران، 1426ه.ق.
  • فاطمة الزهراء وتر في غمد، سليمان كتاني، تعليق وتحقيق: محمد الساعدي، ط1، مطبعة: مجاب، المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)، 1432ه.
  • الفرق بين القدوة والأسوة في القرآن الكريم/ حسن بن فرحان المالكي https://almaliky.org/subject.php?id=1268
  • لسان العرب، ابن منظور، نشر أدب الحوزة، محرم 1405ه.
  • مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، تحقيق : ضبط وتصحيح : أحمد شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان، 1415 – 1994 م.
  • المرأة بين مهام الحياة ومسؤوليات الرسالة، آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي، ط5، دار البصائر للثقافة والنشر، جمهورية العراق، النجف الأشرف، 1435ه-2015ه.
  • مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي الشاهرودي، تحقيق وتصحيح : الشيخ حسن بن علي النمازي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 1419ه.
  • مسند الإمام علي ( ع )، السيد حسن القبانجي، تحقيق : الشيخ طاهر السلامي، ط1، المطبعة : الأعلمي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان، 1421ه- 2000 م.
  • مصحف فاطمة (عليها السلام)، الرابط org/maarefdetails.php?id=11727&subcatid=1786&cid=348&supcat=39
  • المعجم الوسيط، مجموعة من المؤلفين، مكتبة المرتضوي، ط2، مطبعة باقري، 1427ه.ق-1385ه.ش.

 

([1]) المعجم الوسيط/ محموعة من المؤلفين، مادة (قدا)، 721.

([2]) لسان العرب 14/35.

([3]) مختار الصحاح 271.

([4])  لسان العرب 14/35.

([5]) ينظر مقالة بعنوان (الأسوة والقدوة)/ د. حامد بن أحمد الرفاعي

www.odabasham.net/مقالة/89879-الأسوة-والقدوة .

([6]) ينظر: مقال الأسوة / السيد عادل العلوي www.balagh.co/mosoa/pages/tex.php?tid=2051

([7]) الفرق بين القدوة والأسوة في القرآن الكريم/ حسن بن فرحان المالكي https://almaliky.org/subject.php?id=1268

([8])  ينظر: فاطمة أفضل أسوة للنساء/ آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي 79.

([9]) ينظر: فاطمة الزهراء/ خطب وأحاديث السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) 19-20.

([10]) ينظر: المصدر نفسه 33.

([11]) ينظر: فاطمة الزهراء قدوة الصديقين/ آية الله العظمى الحاج السيد محمد تقي المدرسي 28.

([12]) فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار / العلامة السيد عادل العلوي 93.

([13]) ينظر: الثقافة الفاطمية/ العلوية أم عمار القبانجي 32.

([14]) ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة/ مركز المعارف للتأليف والتحقيق 19-20.

([15])  ينظر: فاطمة أفضل أسوة للنساء 30-31.

([16])  ينظر: المرأة بين مهام الحياة ومسؤوليات الرسالة / آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي20.

([17])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة 61.

([18]) ينظر: فاطمة الزهراء وتر في غمد/ سليمان كتاني 50-51.

([19]) مسند الإمام علي/ السيد حسن القبانجي 8/22.

([20])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة 71.

([21])  جاء في مختار الصحاح، مادة كوز299((الكوز جمعه كيزان وأكواز)).

([22]) الأمالي / الشيخ الطوسي 41.

([23])  السيدة فاطمة قدوة وأسوة 72.

([24])  روضة الواعظين / الفتال النيسابوري 151.

([25])  بحار الأنوار/ المجلسي 43/134.

([26])  ينظر: فاطمة الزهراء (عليها السلام) امتداد النبوة/ السيد محمد الشيرازي 28-29.

([27])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة 92.

([28])  مستدرك سفينة البحار/ الشيخ علي النمازي الشاهرودي 8/146.

([29])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة92.

([30])  ينظر: فاطمة أفضل أسوة للنساء 32.

([31])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة 107.

([32])  ينظر: السيدة فاطمة قدوة وأسوة 107.

 

([33]) ينظر: فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار 94-95.

([34])  ينظر: فاطمة الزهراء قامة علمية شامخة، مقال في الرابط https://annabaa.org/arabic/ahlalbayt/9839

([35]) الصحيفة الفاطمية/ محمد تقي دخيل 8.

([36]) ينظر: مصحف فاطمة (عليها السلام)، الرابط aref.org/maarefdetails.php?id=11727&subcatid=1786&cid=348&supcat=39