مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بحوث المسابقة الثانية (السيدة الزهراء (عليها السلام) ودورها السياسي في بناء الأمة) الدكتور صالح الطائي
+ = -

السيدة الزهراء (عليها السلام) ودورها السياسي في بناء الأمة

 الفهرس

 المقدمة ………………………………………………       1

القسم الأول: السياسة الفاجرة ………………………..       2

نساء سياسيات ……………………………….          4

أدوات وآليات السياسة ……………………….          5

الدهاة المسلمون تسمية سياسية ………………           5

القسم الثاني: السياسة المتدينة ………………………        7

فاطمة الزهراء وحيدة الزمان ………………            8

سلاحها السياسي …………………………..            10

التطبيق العملي والممارسة …………………            12

قطف الثمار ……………………………….            16

مصادر البحث ………………………………………         22         

 المقدمة

لا أبالغ إذا ما قلت إن في مكتبتي أكثر من (80) كتابا كلها تتحدث عن السيدة الزهراء، وأغلبها تتشابه محتوا ومضمونا تقريبا، إلى درجة أنها تبدو وكأنها تناسخت من أصل واحد، وهي بمجموعها تعتمد في الأعم الأغلب على تراث مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لأنها موجهة لأتباع هذه المدرسة، دون أخذ الآخر بنظر الاعتبار مع أن هناك فرقا إسلامية كثيرة لا تعتبر تراث أهل البيت وتراث مدرستهم حجة عليها، وبذا تبدو تلك المؤلفات حتى مع كثرتها المفرطة وجودة مضامينها ممكن أن تضغط بعدد بسيط من الكتب وكفى.

إن الانفتاح الذي نعيشه اليوم والتحدي الكبير الذي نواجهه، والأزمات التي انتشرت بين مختلف  الشعوب، والتشويه، ومسخ الروايات الذي تقوم به الحركات الراديكالية الإسلامية المتطرفة مدعومة من بعض الفرق الإسلامية، كلها أمور توجب تغيير العدة والبدء بمشروع تربوي تنويري تفكيكي علمي جديد ممكن أن يكون سلاحا بيد أبنائنا يدافعون به عن عقيدتهم ووجودهم في وقت كثر فيه أعداؤهم، وتنوعت وسائل حروبهم، فضلا عن كوننا نعيش مرحلة صراع دموي يحتاج إلى من يلطف أجواءه بدل أن يحوله إلى بؤرة مأزومة قابلة للانفجار. ومن الطبيعي أن هذا المنهج لا يبنى على أنقاض الحقائق اليقينية المسلم بصحتها، فالمفروض بالحقائق اليقينية أن تعتمد في تقييم الحالة وبناء الموقف وتجديد الرؤى وتثبيت الرأي، بمعنى اننا نحتاج إلى التخلي عن الرؤية بعين واحدة، أو النظر من زاوية واحدة، والبدء بالنظر البانورامي المفتوح، وهذه الدعوة لا تشمل أتباع مدرسة بعينها لأنها تخص المسلمين كلهم. لقد آن للمسلمين أن يدركوا ان ما حدث في العصر الإسلامي الأول لم يكن مجرد اختلاف رؤى حول المشروع الديني، بل هو اختلاف في المشروع الكلي، ولاسيما وأن المذاهب الإسلامية ـ باستثناء التشيع ـ ولدت في القرن الهجري الثاني بدعم من السياسيين وعلى انقاض التخريب الذي أصاب الدين، أي أنها لم تكن المتسببة بحدوث الانهيار، ولكنها للأسف أسهمت في توسيعه وتعميقه بعد ولادتها بسبب خضوعها للجهة نفسها التي تولت صنعها، وأحدثت التخريب. أما الجهة المسؤولة عن الدمار والتخريب فتتمثل بمجموع رجال التيار السياسي العربي الذي ماحك الدين في طوريه المكي والمدني، ثم نجح بعد عصر البعثة في مصادرته ومصادرة مشروعه، والاستعاضة عنه بمشروع سياسي، ألبس ثوبا دينيا. وسنعرف من خلال البحث أن النشاط السياسي العربي في العصر الإسلامي الأول كان على قسمين: قسم أراد بناء دولة العقيدة لكي يقود الإسلامُ الحياة، وقسم عمل على مصادرة الدين وتحويله إلى رؤى سياسية مصلحية. وهذا ما دعاني إلى تقسيم البحث على قسمين تحدثت في القسم الأول عن السياسة الدنيوية وأسميته “السياسة الفاجرة”، وتحدثت في القسم الثاني عن السياسة الإيمانية وأسميته “السياسة الإيمانية”. وتبعا لطبيعة البحث اعتمدت المنهج الوصفي في كتابته.

القسم الأول

السياسة الفاجرة

بين عرب بـائدة؛ مثل: عاد، و ثمود وطُسُم، وأخرى باقية، بقسميهم العـرب العــاربــة، وهـم أهـل اليمن الذين ينسبون إلى يعرب ابن قحطان. والعـرب المـستعربـة، وهم الذين ينسبون إلى عدنـان، تمتد كل خلجات مجتمعنا المعاصر فكرا وعقيدة وسلوكا ومنهجا وشمائل وخصال ومشاعر وأحاسيس، فنحن أبناؤهم، في عقولنا تتنقل رؤاهم، وفي أجسادنا تسافر جيناتهم، وما جنته أيديهم، وحلمت به نفوسهم، واستظهرته خواطرهم، واستهوته ضمائرهم. ويعني هذا أن هناك ترابطا متينا لا يمكن فصل حلقاته عن بعضها، يمتد من حيث ترك الذين بادوا وقع خطاهم، إلى آخر شهقة ستصدر من آخر من يودع الحياة منا، ولذا لا غرابة إذا ما سلك أحفادهم بعض سلوكهم، وتخلقوا ببعض خُلقهم في أناستهم وتوحشهم، فالعرق دساس.

ولأننا نعرف السياسة ونعمل بمناهجها حتى في حياتنا العامة، فمن البداهة أن نعرف إن تراتبية هذا التطور الجيني، تؤكد أن أهلنا القدماء في جاهليتهم وإسلامهم، ربما يكونون قد عرفوا السياسة ومارسوها، ونحن أخذناها عنهم. ومن مرجحات هذا الرأي أن بـلاد اليمن عرفت الحياة السياسية المنظمة قبل الإسلام، فقامت فيها دول كثيرة متعاقبة، مثـل: معين، وقُتبـان، وسبـأ، وحمير. ثم لما دهمهم الطوفان، وخرَّب ديارهم السيل الجارف، وأجبرهم على الرحيل، نجحوا في إنشاء دول بديلة اينما حلوا، وإمارة المنـاذرة في العراق، وإمارة الغساسنة في جنوب الشام، وإمارات أخرى في البـحرين واليمن وعمـان، كلها تشهد لهم، فهي من صنعهم، لأنهم حكمُّوا عقولهم، ونهضوا من كبوتهم، ولم يستسلموا لهزيمتهم، وهذه هي السياسة بعينها. نعم هذا لا يعني أن جميع أجزاء جزيرة العرب كانت متشابهة، ولكن حتى تلك التي هي أقل من غيرها تقدما، لم تخل مناهجها من أنواع متعددة من التأقلم السياسي، ففي باقي اجزاء الجزيرة كان في كل قبيلة سيد، أو رئيس، يتبعه قومه على رأيه في جميع الأحوال؛ فإن غَضِب غضبت له السيوف، وإذا رضي رضوا. ومن الطبيعي أن هذه التنظيمات بقسميها تدل على معرفة العرب للسياسة وتعاملهم بها في حياتهم، ولذا تجدني أستغرب قول البعض: إن العرب لم يعرفوا السياسة الحقيقية لا في جاهليتهم ولا في لإسلامهم، وان بوادر السياسة العربية بانت مع بداية سيطرة الأمويين على مقاليد الحكم وليس قبل ذلك، فهو رأي متحيز.

إن السياسة في أبسط تعريفاتها: هي العلاقة بين الحاكم والمحكوم بغض النظر عن نوعها، ومن هنا أجد أن الرأي الذي ينفي وجود السياسة في العصر الجاهلي فيه الكثير من الإجحاف، لأن السياسة بمفهومها العام ـ وأنا هنا لا اتحدث عن النظريات السياسية، بل عن السلوك السياسي ـ أمر معرفي فطري، وليد الدوافع والغرائز كلاهما، رافق وجود الإنسان على الأرض، والعرب ليسوا بدعا عن غيرهم، فهم سياسيون بما يناسب فطرتهم وبيئتهم وتكوينهم الاجتماعي، فذلك المجتمع لم يخل من الحلماء والعلماء المفكرين المتميزين. وثمة رأي تاريخي أن العصر الجاهلي اقتبس اسمه من الجهل ضد الحلم وليس الجهل ضد العلم، وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى في تكراره لكلمة (الجاهلية) للإشارة إلى سلوك من سلوكياتهم، وصفة من صفاتهم السلوكية، ومعتقد من معتقداتهم الفكرية، لا إلى الغباء والجهل والكسل، إذ وردت الكلمة في أربعة مواطن بتعابير مختلفة، تحدثت عن: ظنّ الجاهلية([1]) وهو إشارة إلى فساد التصورات القائمة على الشك وعدم التيقن. وهو أمر سلوكي لا مؤشر إلى القصور المعرفي فيه.. حكم الجاهلية([2]) وهو إشارة إلى فساد النظم التي تتحكم بالمجتمع. وفساد النظم لا يدل على الجهل عادة بل على خلافه أحيانا.. تبرّج الجاهلية([3]) وهو إشارة إلى فساد لباس المرأة غير المحتشم. وهذا لا علاقة له بالجهل.. حمية الجاهلية([4]) وهو إشارة إلى العصبيات والموروثات الفاسدة التي كانت فاشية في المجتمع. وهذه  بمجملها عصبيات فرضتها الحالة العامة، واختاروها عن قناعة لحماية أنفسهم، ولو كان الجهل فاشيا عندهم ما اتخذوا مثل هذه التدابير. وبالتالي نرى أن موارد المصطلح في الخطاب القرآني شبه اعتراف بأن ذلك المجتمع لم يخل من وجود قيم وآراء كانت تحركه بما فيها القيم السياسية، وبالتالي لم يخل من وجود رجال مائزين كانوا أشهر من أن يتم تجاهلهم، ربما لأنهم أثبتوا تساميهم ورفعة سلوكهم، وإلا بماذا نفسر تحريم أمية بن أبي الصلت الخمر على نفسه، ونبذه عبادة الأوثان، وهو الشاعر الجاهلي من أهل الطائف، حتى قيل: إنه كان نبيا([5]). وقد أورد له الزمخشري قوله:

تأمل صنع ربك غير شكٍ                   بعينك كيف تختلف النجوم

هو المجري سوابقها سراعا                كما حبس الجبال فما تريم([6])

وبماذا نفسر وجود قيس بن عاصم بن سنان المنقري السعدي التميمي، الذي كان شاعرا سيدا في الجاهلية، وهو ممن حرم على نفسه الخمر في الجاهلية. ووفد على النبي وأسلم. توفي بالبصرة نحو سنة 20 هجرية ([7]). ووجود أبي الجهم بن حذيفة. قيل: أسمه عبيد، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب، وكان ممن ترك الخمر في الجاهلية. مات في أول ولاية ابن الزبير، وقيل: مات في آخر خلافة معاوية([8]). ووجود عامر بن الظرب بن عمرو العدواني، وهو من حكام العرب في الجاهلية، يقال له: ذو الحلم، وهو ممن حرم الخمر على نفسه([9]).

إن وجود مثل هذه النماذج في مجتمع غلب عليه الظن والحًمِيِّة والشرك، يؤكد أنه مجتمع لابد وأن يبحث عن نظام سياسي يقوده حتى لو لم يكن فيه مثل هذا النظام. ومتى ما وجدت السياسة وجد رجالها!. فضلا عن ذلك لم يقتصر المجتمع الجاهلي على هذين الصنفين، فهناك صفحة أخرى تتحدث عن رجال، وصفوا بأنهم (دهاة). والداهية لغة تُستعمل للمذكر والمؤنث، والتاء للمبالغة، تطلق على: العاقل، المفكر، جيّدُ الرأي، البصير بالأمور، الماكر الشيطان المخاتل. والدهي والدهاء: ممدود النُكر، وجودة الرأي، يقال: رجل داهية([10]). وهي صفات السياسيين في كل عصر ودهر. ومن هؤلاء الدهاة القدماء: عدي بن زيد بن حماد بن زيد العبادي التميمي، وهو من دهاة الجاهليين، وأول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، وقد اتخذه ترجمانا، فسكن المدائن، وتزوج هندا بنت النعمان بن المنذر([11]). وعبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي، وهو أحد شعراء المعلقات. قيل إنه وفد على النعمان بن المنذر في يوم نحسه فقتله نحو سنة 35 قبل الهجرة([12]). وكعب بن لؤي بن غالب وكان خطيبا عظيم القدر عند العرب حتى أرخوا بموته إلى عام الفيل، وهو أول من سن الاجتماع يوم الجمعة، كان اسمه (يوم العروبة)([13]). وغيلان بن سلمة الثقفي وهو من حكماء الجاهلية له اخبار مع كسرى، قسم أعماله على الأيام، فيوم يحكم فيه بين الناس ويوم ينشد فيه الشعر، مات في خلافة عمر سنة 23 هجرية([14]). ومن الجدير بالملاحظة أن كل هؤلاء؛ والذين سبقوهم، لعبوا ادوارا سياسية مهمة، وفي هذا تأكيد على أن الدهاء في لغة العرب يقابل السياسة، وبالتالي يؤكد وجود مثل هؤلاء الرجال في مجتمع ما أن السياسة كانت فاعلة ومؤثرة في ذلك المجتمع، وأن وجودهم في المجتمع يفتح الاحتمال أمام وجود نساء من صنفهم.

نساء سياسيات

لم يكن العمل السياسي مقصورا على الرجال، ولم يكن الرجال في ذلك المجتمع وحدهم من نال قصب السبق في هذا المضمار، فقد برزت بينهم نساء كثيرات، امتهَّنَ السياسة، وأجدن العمل، فاليمن وهي معدن وأصل العرب، كانت تحكمهم بلقيس وكانت تشركهم في قراراتها السياسية دلالة على وجود السياسة، وهي بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر بن سكسك من حمير من أهل مأرب، يكفي سرد قصتها للتأكيد على أن تلك النسوة كن سياسيات بامتياز، فقد وليت بلقيس بعهد من أبيها، وطمع بها ذو الأذعار (عمرو بن أبرهة) صاحب غمدان، فزحف عليها فانهزمت ورحلت متخفية بزي أعرابي الى الأحقاف، فأدركها رجال ذي الأذعار فاستسلمت، وأصابت منه غرة في سكر، فقتلته، ووليت أمر اليمن كله. تزوجها نبي الله سليمان لحكمتها، وبقيت معه سبع سنين، وتوفيت، فدفنها بتدمر. وانكشف تابوتها في عصر الوليد بن عبد الملك وعليه كتابة تدل على أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من ملك سليمان، ورفع غطاء التابوت فإذا هي غضة، لم يتغير جسمها، فرفع ذلك الى الوليد، فأمر بترك التابوت في مكانه وأن يبنى عليه بالصخر([15]). وكانت هناك سجاح، هي سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية، من بني يربوع، أم صادر، متنبئة مشهورة، كانت شاعرة أديبة عارفة بالأخبار، وكان لها علم بالكتاب أخذته عن نصارى تغلب، ادعت النبوة بعد وفاة النبي (ص) وكانت في بني تغلب بالجزيرة، فتبعها قومها وجمع من عشيرتها بينهم بعض كبار تميم كالزبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب وعمرو بن الأهتم، فأقبلت بهم في الجزيرة تريد غزو المدينة المنورة، فنزلت باليمامة ومعها اربعون ألف مقاتل، فبلغ خبرها مسيلمة، فخاف منها وتزوجها، وبعد موته أسلمت، وهاجرت الى البصرة، وتوفيت نحو سنة 55 هجرية([16]). فهؤلاء النسوة كن من الدهاة حالهن حال الرجال. وهناك الكثير من هذه النماذج في عصر الجاهلية. وقد امتلكت هذه النماذج آليات عمل كانت تتطور تبعا لتطور الظروف والأحداث. أما في عصر البعثة وما تلاه فقد تطور وضع السياسيين وتطورت رؤاهم وآليات عملهم، فأصبحوا سياسيين بامتياز وقوة عظيمة تمكنت من قلب المقاييس والتأسيس للمفهوم السياسي بكل وضوح.

أدوات وآليات السياسة

إن ما يؤكد نشاط وقوة السياسيين أنهم استخدموا آليات متطورة في ممارسة السياسة، وهناك محاولات سياسية مفضوحة كانت الغابة منها عكس التصورات إلى خلاف ما هي عليه، تدلل على قوة نشاطهم وتمكنهم، منها قصة مقتل شيخ الأنصار سعد بن عبادة التي نسبوها إلى هواتف الجن، ليبرئوا أنفسهم من فعلها القبيح. وقد كان العرب في جاهليتهم يقولون: إن من الجن مـن هو على صورة نصف إنسان، وأنه كان يظهر لهم في أسفارهم وحين خلواتهم، ويسمى هذا النوع: الشق. والهواتف أن تهتف الجن بصوت مسموع، وجسم غير مرئي([17]). فيسمعون صوتها ولا يرون صورتها. وقالوا إن الهواتف كانت موجودة لا تظهر إلا للمتفرد في البادية دون أنيس، وفي قولهم هذا دلالة اكيدة على أنها من وحي حالة الخوف التي كانوا يشعرون بها في الظلمة والمجهول. وقالوا: إن الجن كان يكثر في عبقر، وهو موضع للعرب، لكنهم مع ذلك، ادعوا أن الهواتف كثرت في أوائل أيام مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وفي أوائل أيام مبعثه الشريف، ثم استمرت تهتف بهم في كثير من المناسبات، تنعى هذا الصحابي وتؤبن ذاك! وتفتخر أنها قتلت سيد المعارضة في صدر الإسلام. وهذا بحد ذاته فعل سياسي ماكر يدل على تداول السياسة في ذلك المجتمع.

الدهاة المسلمون تسمية سياسية

وهكذا يتضح أن التسميات السياسية التي استخدمت في الجاهلية انتقلت إلى الإسلام، ومنها الحديث عن الدهاة. إن استمرار استخدام التسمية في الإسلام ولاسيما إطلاق التسمية على معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وغيرهم مع معرفة الجميع أن هؤلاء من أمكر واشهر السياسيين الاسلاميين، يؤكد أن اهل الجاهلية قصدوا بالتسمية (السياسة) لا غيرها، وان المسلمين أخذوها عنهم. وهكذا نجد عدد الدهاة يتكاثر تساوقا مع انتشار العمل السياسي على مستوى واسع، ونجد أن جميع الدهاة هم سياسيون بامتياز، منهم: مسلم بن عقبة بن رباح العمري. أدرك النبي، وشهد صفين مع معاوية. ولاه يزيد بن معاوية جيشا وأرسله للانتقام من أهل المدينة المنورة بعد أن أخرجوا عامله عليها فغزاها بما عرف بواقعة الحرة، وآذاها وأسرف فيها قتلا ونهبا، قتل فيها من الموالي خمسة آلاف رجل، ومن الأنصار ألفا وأربعمائة، ومن قريش ألفا وثلاثمائة، ودخل جنده المدينة فنهبوا الأموال، وسبوا الذرية، واستباحوا الفروج، وحملت منهم ثمانمائة حرة، وولدن وكان يقال لأولئك الأولاد أبناء الحرة، فسماه أهلها (مسرفا)، مات سنة 63 هجرية، ونبش قبره وصلب في مكان دفنه([18]). ونصر بن يسار بن رافع بن حري بن ربيعة الكناني. كان شيخ مضر بخراسان ووالي بلخ وليَّ إمرة خراسان سنة 120هجرية لهشام بن عبد الملك مات بساوة سنة 131 هجرية([19]). ومحمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة المعروف بابن الزيات، وكان داهية عاقلا شاعرا، تولى الوزارة أيام المعتصم والواثق، نكبه المتوكل ببغداد وتوفي سنة 232 هجرية([20]). ويعقوب بن الليث، المعروف بالصفار، كان يقاتل الشراة، فاشتدت شوكته واستولى على سجستان وخراسان وفارس وطمع ببغداد، فزحف إليها وكان الخليفة فيها المعتمد على الله فلم يظفر، فعاد إلى واسط وتوفي بجندسابور من بلاد خوزستان سنة 265([21]).

إن كل هؤلاء وعشرات غيرهم في حقب مختلفة من تاريخنا كانوا يسمون (الدهاة) وهم سياسيون حقيقيون، مارسوا السياسة وأجادوا، وقتل بعضهم بعضا بسببها. وهناك ظاهرة لا تخفى على أحد وهي أن السياسيين الاسلاميين كانوا عادة من اولاد السياسيين الجاهليين، وكأنهم ورثوها عن آبائهم، بل كانت هناك عوائل امتهنت السياسة في العصرين، فأبو سفيان وزوجته هند وولدة معاوية من أشهر السياسيين العرب في العصرين الجاهلي والإسلامي. ولأننا نبغي التحدث عن نوع آخر من السياسة قادته امرأة ليست ككل النساء، لا بأس في الحديث عن إحدى بطلات السياسة السالبة الموروثة كأنموذج لهذه الفئة، وهي هند أم معاوية. هند بنت عتبة بن ربيعة، كان أبوها أحد سادات قريش في الجاهلية، وأحد دهاة العرب، أي أحد السياسيين الكبار، وهو الذي توسط في حرب الفجار بين هوازن وكنانة. قتل في وقعة بدر سنة 2 هجرية([22]).

القسم الثاني

السياسة المتدينة

الى هنا، وباستثناء نادرة ممن عملوا بالسياسة، تبدو السياسة التي عرفت في المجتمع العربي مذمومة غالبا، ويبدو كل من امتهنها مذموما، دنيويا، فهل كان الأشراف بعيدون عن السياسة أم أنهم كانوا المعادل الموضوعي بين الدين والسياسيين الدنيويين؟ واقعا شاءت ارادة الله، وشاءت الظروف ان يكون قبالة تلك السياسة الدنيوية سياسة دينية انسانية، تتصدى لها، وتقف قبالتها، وألا لكانت تلك السياسة المنحرفة قد انتصرت، ولونت المجتمع بطبيعتها الانتهازية الدنيوية. ومن أشهر وأهم السياسيين الدينيين، وأكثرهم تمثيلا لهذا المنهج: رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي(عليه السلام) والصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام).

والذي يهمنا في هذا المبحث هو الحديث عن المنهج السياسي الفاطمي، ليس لأن السيدة الزهراء ابتدعته وتولت نشره فحسب، وإنما لأنه تحول إلى منهج ثوري، تبناه الفاطميون عبر العصور، ابتداء من الحسن ثم الحسين (عليهما السلام)، وصولا إلى ثورات العصر الاموي العنيفة التي هزت عروش الامويين، داعية الى الثأر للإمام الحسين(عليه السلام)، وهي أربع ثورات كبيرة أولاها ثورة التوابين، ثم ثورة المختار، وبعدها ثورة زيد، وأخيرا ثورة يحيى بن زيد. ومن ثم ثورات الفاطميين في العصر العباسي؛ التي كانت أكثر واعنف من ثورات العصر الأموي، واهمها: ثورة محمد النفس الزكية واخيه ابراهيم، وثورة الحسين بن علي الخير، وثورة ابي السرايا وثورة ابن طباطبا، وثورة محمد بن القاسم الصوفي، وثورة يحيى بن عمر.. هذه الثورات كلها طبعت بطابع الثورة الحسينية، وانتمت اليها. وكان الثوار يبتدئون بزيارة قبر الامام ومخاطبة زواره للنهوض معهم. فكانت هذه الزيارة اعلان ولائها للإمام، وشحذ الهمة به، والتبرك بزيارته، وكانوا يبكون عند القبر وينطلقون الى الثورة. فسليمان بن صرد قبل انطلاقه زار قبر الامام الحسين(عليه السلام) عام 65 هجرية ومعه اتباعه، وحين انتهوا الى الضريح، صلوا عنده، وصاحوا صيحة واحدة، وبكوا باء شديدا، وتابوا من خذلانه، وبعدها انطلقوا ثائرين([23]). والحسين هو وارث سياسة فاطمة الزهراء وتلميذها الألمعي، بمعنى أن جميع تلك الثورات كانت فاطمية النهج، لأن فاطمة(عليها السلام) كانت وريثة علم السياسة النبوي، وأورثت منهجها إلى أولادها، وهذه حقيقة دامغة لا يختلف عليها اثنان، إذ ليس لأحد من نساء المسلمين قاطبة بما فيهن زوجات النبي حق ادعاء وراثة علوم النبي(صلى الله عليه وآله) وتراثه وسياسته إلا فاطمة (عليها السلام). هنا قد يثار سؤال: هل أن الشهر أو الشهرين أو الستة أشهر التي عاشتها السيدة بعد وفاة أبيها، تبدو كافية لتؤسس الزهراء لمشروع سياسي نهضوي كبير؟! وقبل الإجابة لا بأس في الحديث عن بعض السياسيات المسلمات.

سياسيات عصر الإسلام

حتى مع بروز ظاهرة الجهاد الذكوري في المجتمع الإسلامي، كانت هناك بعض النسوة اللواتي اشتركن في خوض سجالات الواقع السياسي ممن عاصرن المجتمع الجاهلي، وأدركن الإسلام، وهن المخضرمات، ومنهن: خديجة بنت خويلد أم المؤمنين المجاهدة؛ التي دعمت الإسلام بمالها وشخصها. هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية ، ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م). تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة ، وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة.

وأم هانئ، وهي: فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب ابنة عم رسول الله (ص) أمها فاطمة بنت أسد، وهي إحدى ذوات الرأي والأدب الجم، كانت قوية الشخصية، تجير الخائف، وتؤمن المروع([24]). ولبابة بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب وأم عبد الله بن عباس، في الروايات أنها كانت مدَّبرة، ففي الصحيح “أن الناس شَّكوا في صيام النبي(ص) يوم عرفة، فأرسلت إليه بقدح لبن فشرب؛ وهو واقف، فعرفوا أنه لم يكن صائما”([25]). وأروى بنت عبد المطلب عمة الرسول (ص) التي كانت تعضد النبي (ص) بلسانها، وتحض ابنها على نصرته والقيام بأمره، وهي من السابقين، أسلمت بمكة([26]). وكانت هناك ثلة من المسلمات اللواتي لم يدركن العصر الجاهلي إلا في مراحل طفولتهن، ولكن أدوارهن السياسية لا تنكر منهن: عائشة بنت أبي بكر، وعائشة بنت طلحة([27]). وبالنتيجة نجد أن المجتمع العربي في عصريه الجاهلي والإسلامي بشقيه الذكوري والنسائي، عرف السياسة ومارسها وأجاد الأداء!

فاطمة الزهراء وحيدة الزمان

أول ما أريد الإشارة إليه هو أن ميزة فاطمة الزهراء السياسية عن غيرها من السياسيين رجالا ونساء أن أغلب السياسيين ولاسيما في عصر الإسلام، وباستثناء رسول الله(ص) والإمام علي (ع) وبضعة أشخاص آخرين، كانوا يتمنون الخلود، وعملوا وناضلوا وثابروا من أجل مجدهم الشخصاني، وبناء ذواتهم، وتحقيق أمنياتهم، وتخليد ذكرهم، وتنفيذ مصالحهم، وزيادة مدخولاتهم، ونصرة قومهم وعشيرتهم ومعتقداتهم. أما فاطمة فقد كانت بعيدة كل البعد عن جميع هذه المكاسب لسبب بسيط جدا، وهو أنها كانت على يقين تام أن وجودها في الحياة بعد وفاة أبيها لن يستغرق سوى أياما معدودات، أي أنها كانت تعرف ساعة رحيلها عن الدنيا، وهناك روايات كثيرة تؤكد أن الزهراء كانت تعرف حتى ساعة رحيلها، جاء عن رافع، عن سلمى، قالت: مرضت فاطمة بنت رسول الله عندنا، فلما كان اليوم الذي توفيت فيه، خرج علي، قالت لي: يا أمه اسكبي لي غسلا، فسكبت لها، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل، ثم قالت: أئتيني بثيابي الجدد، فأتيتها بها فلبستها، ثم قالت: اجعلي فراشي وسط البيت، فجعلته، فاضطجعت عليه واستقبلت القبلة، ثم قالت: يا أمه، إني مقبوضة الساعة وقد اغتسلت فلا يكشفن أحد لي كتفا. قالت: فماتت…”([28]) ومن تكن حاله مثل حالها لا يتمنى أكثر من أن يتفرغ للعبادة، ويعتزل الناس منتظرا أجله، لا أن يخوض الحياة خوضا من أجل تحقيق رغبة تأمين العدالة والسعادة للمجتمع، أو تحقيق مكسب شخصي!.

إن هذه الحقيقة من الحقائق المتفق عليها بين المدارس الإسلامية وقد وردت في حديث، عن عروة، عن عائشة، قالت: دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيها، فسارها بشيء، فبكت، ثم دعاها، فسارها، فضحكت. فسألتها عن ذلك، فقالت: سارني النبي، فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت، ثم سارني، فأخبرني أني أول أهل بيته يتبعه، فضحكت”([29]). والحديث في مدرستنا، جاء عن عبد الله بن عباس، قال: “لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة، بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: أبكي لذريتي، وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي! كأني بفاطمة ابنتي وقد ظلمت بعدي، وهي تنادي يا أبتاه، يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمتي. فسمعت ذلك فاطمة، فبكت، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لم تبكين يا بنية ؟ فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك، ولكن أبكي لفراقك يا رسول الله. فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي، فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي”([30]). وفي رواية بصيغة أخرى عن عمار، قال: “لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوفاة دعا بعلي (عليه السلام) فساره طويلاً، ثم قال: يا علي أنت وصيي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متُّ، ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وغصب على حقد. فبكت فاطمة وبكى الحسن والحسين، فقال لفاطمة: يا سيدة النسوان مم بكاؤك؟ قالت: يا أبة أخشى الضيعة بعدك. قال: أبشري يا فاطمة فإنك أول من يلحقني من أهل بيتي، ولا تبكي ولا تحزني فإنك سيدة نساء أهل الجنة، وأباك سيد الأنبياء، وابن عمك خير الأوصياء، وابناك سيدا شباب أهل الجنة، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمة التسعة ، مطهرون معصومون، ومنا مهدي هذه الأمة”([31]).

وحتى مع تشعب واختلاف الروايات هناك حقيقتان واضحتان الأولى: أن الزهراء كانت أول أهل بيت الرسول لحوقا به. الثاني: أن هذا اللحوق تحقق بعد مدة قصيرة جدا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك اختلافا كبيرا في وقت وفاتها (عليها السلام) وقد أشار إلى هذا الأمر أكثر من واحد من أتباع المدرستين، إذ قال المجلسي: “لا يمكن التطبيق بين أكثر تواريخ الولادة والوفاة ومدة عمرها الشريف، ولا بين تواريخ الوفاة”([32]). وقال أبو الفرج الأصفهاني: “وكانت وفاة فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بمدة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول بستة أشهر([33])، والمقلل يقول: أربعين يوماً، إلا أن الثابت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي أنها توفيت بعده بثلاثة أشهر”([34]). وأورد ابن سعد عدة تواريخ لوفاتها([35]). المهم أن التواريخ المذكورة تتراوح بين خمسة وأربعين يوما وثمانية أشهر. وهي بكل الأحوال مدة ليست طويلة، ولا يعول عليها لبناء قوة لإسقاط نظام حكم أو لتغيير حكومة، يتبناها شخص واحد مهما رفعت منزلته، وهذا يعني أن الزهراء كانت تسعى إلى التأسيس لمفهوم الثورة في المجتمع الإسلامي!

سلاحها السياسي وبدايات حراكها

فضلا عن ذلك ـ وانا هنا لست في معرض الحديث عن فضائل فاطمة ـ هناك حديث أعطى لفاطمة حقا لم يحصل عليه أقرب الناس إلى رسول الله من جميع الصحابة رجالا ونساء، هذا ما يتضح من حديث يروى عن النبي(ص) أنه قاله قبيل وفاته بأيام معدودات، ورد عن طريق مدرسة الخلفاء، ونحن نورده هنا مع أننا نتوقف عنده، عن سالم، عن أبيه، أنه كان يسمعه يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أمر أسامة بن زيد، فبلغه أن الناس عابوا أسامة، وطعنوا في إمارته، فقام رسول الله في الناس، فقال كما حدثني سالم: “ألا إنكم تعيبون أسامة، وتطعنون في إمارته، وقد فعلتم ذلك بأبيه من قبل، وإن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لأحب الناس كلهم إلي، وإن ابنه هذا من بعده لأحب الناس إلي، فاستوصوا به خيراً، فإنه من خياركم”. قال سالم ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال: ما حاشا فاطمة([36]). ويبدوان هذا الأمر برمته انه أحد أهم ركائز المشروع السياسي الفاطمي ودعامات قوته.

أما عن حراكها السياسي فيبدو واقعا أنه لم يكن مقصورا على عصر ما بعد البعثة، فقد مارست فاطمة الزهراء السياسة في وقت مبكر من عمرها الشريف، يوم فضلت تحمل المشاق والمخاطر على دعة البيت، فكانت تخرج لاستقبال أبيها العائد من غزواته، في وقت لم نسمع فيه أن أي من نسائه فعلن ذلك. وهنا قد يعترض البعض مدعيا أن أزواجه كن يخرجن معه للغزو، وأنا بالرغم من توقفي عند هذه الرواية، إلا أنها حتى لو آمنا بصحتها، لم تتحدث عن تطوع نساء النبي للخروج معه، وإنما كان هو الذي إذا أراد الغزو، أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها([37]) فكانت معه عائشة في غزوة بني المصطلق سنة ست للهجرة، وكانت معه أم سلمة عند صلح الحديبية. أما السيدة الزهراء فكانت تخرج تطوعا لا أمراً، ذكر الطبراني أنه لما انصرف المشركون في أحد، خرج نساء الصحابة لتقديم العون لهم، فكانت فاطمة فيمن خرج، فلما لقيت النبي(ص) اعتنقته، وجعلت تغسل جراحه بالماء، فيزداد الدم، فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير فأحرقته بالنار، وكمدته به حتى لصق الجرح، فاستمسك الدم([38]).

إن مشاركة فاطمة (عليها السلام) الطوعية في النشاط الدعوي من خلال إسهامها في دعم الجيش العائد من الغزو لم تكن نابعة من حبها الأبوي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فحسب، فذلك أمر مفروغ منه، وإنما ارادت بفعلها الكبير ذاك أن تحث الناس ولاسيما النساء على المشاركة في الحياة العامة وبناء قيم المجتمع، والتأكيد لهن أن الله تعالى لم يخلق المرأة للخدمة في البيوت وكفى، فتلك قطرة من بحر الحياة، والمرأة واهبة الحياة، وعليها أن تشارك بقوة في بنائها وتقويمها وتهيئتها لاحتضان الناس وفق مفاهيم الإنسانية والرحمة والإيمان، لا وفق مفاهيم الإذلال والعبودية والطبقية التي سعى إليها السياسيون الآخرون من الجنسين. ومن هنا كان رسول الله يتفاعل مع حراكها ويدعمها، وأسس لدعمها لا في حياته فحسب بل وبعد موته أيضا فحديث: “فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني”([39]) الذي ورد بأكثر من أربعين رواية في البخاري ومسلم والألباني وابن أبي عاصم والطبراني والنسائي وابن أبي شيبة والبيهقي والبزار وأبي نعيم والأصفهاني والمناوي والآجري وابن شاهين وابن قانع وابن أبي الدنيا وابن عوانة وكثيرون غيرهم، لا يمكن أن يكون بتلك الصورة المشوهة التي وضعوها له، يوم ربطوه بموضوع زواج علي (عليه السلام) من ابنة أبي جهل المزعوم([40])، ولا علاقة له البتة بأي أمر دنيوي آخر مهما كان كبيرا، لسبب بسيط وهو أن الله تعالى لا يمكن ان يغضب لغضب شخص اختلف مع شخص آخر في أمر دنيوي بحت، ولابد وأن تكون لهذا الغضب مسببات ربانية لها علاقة بالعقيدة دون سواها. وبالتالي لابد وأن نكون على يقين أن الله تعالى أخبر نبيه بما سيحدث بعد موته من انحراف في المجتمع، وكيف ستتصدى الصديقة للانحراف، وتقف بوجهه، وكيف سيغضبونها، ومصير من سيغضبها. هذه المعادلة العظيمة التي حاول السياسيون تغييبها ولي عنقها لتعطي معنى غريبا لا يمت لها بصلة، تؤكد لا على دعم الله ورسوله لفاطمة في سعيها السياسي فحسب، بل وتؤكد وقوع الانحراف، وتؤكد على قدرة السياسيين في لي عنق النصوص، وإعادة صياغة الأخبار، وتؤكد أن فاطمة تصدت فعلا لذاك الانحراف، وهي وإن لم تنجح في إعادة الأمور إلى نصابها، إلا أنها نجحت في لفت انتباه الأمة إلى ما كان يحدث، وبالتالي نجحت في خلق  خط معارضة رفيع، نجح في احتواء روح العقيدة والحفاظ عليها لينقلها للأجيال.

إن من يحمل مثل هذا المشروع القيمي البنائي العقدي الزاخر بالحراك لا يمكن أن يعيش بمعزل عن التقلبات والتفاعلات المجتمعية المحيطة به، ولاسيما وأنه يشعر بأنه معنيٌّ بها شخصيا، ولذا كانت السيدة الزهراء ترقب بعين الناقد النبه تلك الحركات المفتعلة التي انبثقت من بين أضلع السياسيين الدنيويين بعد موت أبيها لترج المدينة المنورة، وتصيب الناس بالحيرة والقلق ابتداء من ادعائهم أن النبي لم يمت وأن “من قال أن محمدا قد مات قتلته بسيفي هذا”([41]) إلى تجمعهم في سقيفة بني ساعدة في الوقت الذي كان فيه جسد النبي مسجى لم يدفن بعد ليتبايعو على صفقة الخلافة. إلى قدوم أبي سفيان مع بعض المسلمين المؤيدين له لعرض الخلافة على أمير المؤمنين، وهو الذي كان قد قال لما رأى اجتماع السقيفة: إنِّي لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم”([42]). ومن هنا أراد خداع الإمام بالنصرة الزائفة ليريق الدم، فقال: لأملأنها عليهم خيلاً ورجلاً([43]). أثناء هذا الحراك كانت السيدة الزهراء تتجرع آلام فراق الوالد الحبيب الذي ينتظر من يواريه الثرى، وآلام رؤيتها للسياسيين وهم يخطفون حق زوجها بالخلافة، وآلمها أكثر محاولاتهم التخلص من الإمام ليخلُ لهم الجو([44]).

خلاصة الموقف أن الصديقة وصلت إلى نتيجة مفادها أن السياسيين اختطفوا الخلافة واختطفوا العقيدة، وأن زوجها محاصر لا يتمكن من التأثير على الناس دون أن تثار فتنة تحرق الأخضر واليابس، حتى أن أعداء الدين الحقيقيين كانوا ينتظرون تحرك الإمام لينشروا الفوضى والخراب في المجتمع الإسلامي بما يتهدد الإسلام بالفناء، وعليها أن تقوم وحدها برفقة ولديها الحسن والحسين، لا ليحمياها من غدر الأعداء، فهم كانوا أضعف من ذلك، بل لتعلمهم عمليا معنى الثورة وأهدافها. ولم يكن السياسيون غافلين عن المخاطر التي يتهددهم بها هذا الحراك، مع عدم قدرتهم على التعرض للزهراء مثلما هي قدرتهم في الرد على الإمام، لأن أي مصيبة تتعرض لها الزهراء سوف تثير الشارع الإسلامي، وتحدث ردة فعل لا يرغبون بحدوثها، ولذا تفتقت قريحتهم السياسية الناهضة عن فكرة مصادرة (فدك) لزعزعة الوضع الاقتصادي للسيدة، وإشغالها بموضوع فرعي، واتخاذه فيما بعد سببا لغضبها، والتأثير على اندفاعها، ولاسيما وانهم حرموها من إرثها بحجة أن الأنبياء لا يورثون([45])، ومن ثم حاولوا الاعتداء عليها في الخفاء، في بيتها لا في الشارع وأما الناس، لكن عظمة السيدة الزهراء وقدرتها السياسية الفائقة، تمثلت في كونها لم تتأثر بتلك القرارات السلطوية المخالفة للشريعة مثلما كانوا يأملون، بل على العكس من ذلك، قامت بتوظيف تلك القرارات لتثوير الناس ضد السلطة، واتخذتها وسيلة إيضاح تشرح من خلالها وجوب الثورة والانتفاضة، كل ذلك من خلال التواصل معهم أو من خلال زيارة قبر أبيها وقبور شهداء أحد.

التطبيق العملي والممارسة

إن ما تفردت به السيدة الزهراء (عليها السلام) عن غيرها أنها لم تكن من المخاتلين، تلك الصفة التي امتاز بها السياسيون الدنيويون، بل على خلاف ذلك، أرادت للأمة أن تعي مخاطر ما يحدث، وأرادت للسياسيين أن يتبينوا موقفها منهم فـ”لاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار لتعلن انطلاق ثورتها من المكان الذي اتخذه السياسيون موئلا لمحاصرتها وزوجها، من عقر دارهم ومركز حكمهم، وتجمع أنصارهم والمخدوعين من بسطاء المسلمين معهم. في هذا المكان أعلنت الزهراء عن مشروعها السياسي الداعي إلى إعادة الحق إلى نصابه والدين إلى رحابه، أعلنت ذلك بخطبتها الفلكية العصماء التي أبكت بسطاء المسلمين وأغضبت السياسيين، وهي خطبة لسنا بصدد الحديث عنها فهي أشهر من نار على علم، ولكن لابد من الإشارة إلى تراتبيتها المنطقية لنستشف من ذلك أبعاد الثورة الفاطمية، ولا غرو أن تكون بداية حديثها عن أصول الدين([46]) لتنتقل بعد ذلك إلى التحدث عن نفسها، ليس لأنهم لا يعرفونها، وإنما لتلقي عليهم الحجة التي لا راد لها. ثم ذكرتهم بزوجها وجهادة واستحقاقه وحقه في الخلافة لتبين لهم أنهم غاصبون للسلطة ولا يملكون شرعية القيادة. أما حديثها عن حقها في فدك وفي إرث النبي فقد أرادت من خلاله أن تفضح جهلهم بالأحكام الشرعية بما لا يؤهلهم لقيادة الأمة، ولذا أبانت جوهر الأسرار التي كان بعض المسلمين يجهلونها من خلال الاحتجاج الذي لا راد له، فقولها: “أيها المسلمون أأُغلب على إرثي، وورث سليمان داود”([47]) ليس للمطالبة بمال دنيوي، بل لتوضح للعالم أنها وزوجها وآل بيت النبوة هم الممثلون الحقيقيون للدين، وعلى الآخرين أن يتبعونهم لا أن يتقدموا عليهم.

في خطوة ذكية ثانية أرادت الزهراء أن تكون على تماس مباشر بالشارع الإسلامي، فتواصلت مع المجتمع من خلال مجموعة من الزيارات الليلية التي قامت بها برفقة زوجها إلى بيوت الأنصار خاصة، طالبة منهم الدعم والنصرة لمن يستحقها. ولذا نجد أن فشل مساعيها في استمالة الأنصار إلى جانبها بعد أن غُلبوا على أمرهم، أغضبها منهم، وحينما جاءها بعض نساء المهاجرين والأنصار يعودونها في مرضها، ألقت عليهن خطيبة شنت من خلالها حملة على الرجال الذين خذلوا زوجها، وبايعوا من لا يستحق البيعة([48]). وهو ما أشار إليه ابن قتيبة بقوله: “وخرج علي (كرم الله وجهه) يحمل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) على دابة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي: أفكنت أدع رسول الله في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟([49]). ولأن أثر الزهراء السياسي يتضح من أقوالها وإيضاحاتها، لذا نجدها ترد على لومهم أمير المؤمنين بسبب تأخره عن الاشتراك بالسقيفة بقولها: “ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم”([50]). ولم يكن ما قامت به الزهراء أمرا هينا بسيطا يمكن تجاوزه والتغافل عنه، فهي بعد أن شحنت الشارع الإسلامي بالغضب، بدأت تستقطب بعض وجوه المجتمع للتنسيق حول دورهم في الثورة الشعبية المرتقبة، فاستقطبت في الوقت نفسه غضب السياسيين وحنقهم عليها. لقد أدرك السياسيون أن بيت فاطمة مركز ومكمن الخطر الذي يتهددهم، وإذا ما أرادوا الحفاظ على مكاسبهم، فعليهم ان يهاجموا هذا البيت.

وبالنتيجة نجد أن كل ما فعلوه، أثار غضب الزهراء، وما فعلته الزهراء أثار غضبهم وحقدهم، فأصبح الغضب متبادلا، لكن شتان بين غضب من أجل الدنيا لا تدعمه إلا السياسة، وغضب يغضب له الله تعالى ورسوله! وقد تكلل الغضب المتبادل بشن غارة على بيتها ومن فيه، انتهت بكسر ضلعها. وللأسف أثار هذا الحدث الغريب العظيم الشك في قلوب كثير من المسلمين من المدرستين، ربما لأن البعض لا يريد ان يصدق أن بين المسلمين من يمكن ان يتجرأ على بيت بضعة النبي الأكرم، ومن هنا كذبه قسم، وانكره آخر، وسكت عنه ثالث، وبالغ فيه رابع، وشكك بصحته خامس. وأنا هنا لا أبغي التوغل في تلك الآراء وتفكيكها، ولكني سأعتمد بعض الرؤى للمقاربة بين الأقوال، وأقول:

أولا: إن من قتل الحسين (عليه السلام) بتلك الطريقة المفجعة، لا يستعصي عليه مهاجمة أم الحسين فما حدث للحسين لم يكن أمرا جديدا طارئا وليد لحظة غضب آني، بل هو أمر موروث متأصل في النفوس والعقول، يتناقلونه عبر الجينات، لا يرعوي عن إلحاق الأذى ببنت رسول الله وبزوجها أول الناس إسلاما بل حتى برسول الله نفسه، وما محاولات اغتيال النبي إلا دليلا على وجود تلك النزعة في نفوسهم؛ حتى مع كونهم ربطوا محاولات قتل رسول الله(صلى الله عليه وآله) برأس المنافقين! وهذا بحد ذاته يؤكد وقوع هذا الحدث المروع.

ثانيا: إن السياسيين كانوا على استعداد لفعل أي شيء يضمن لهم الفوز، من ذلك أنهم تطاولوا على سيد الأنصار وزعيمهم بكل ما يمثله ذاك الفعل من تجاوز على من نصر رسول الله في الشدة، فحمى الدين، ونصر المتدينين. ومن ثم قتلوه وهو ليس بالإنسان الهين البسيط. فهو من رؤساء الأنصار، ويوم بدر كان يتهيأ للخروج، فلدغته أفعى، فتخلف عنها، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): “لئن كان سعدا لم يشهدها لقد كان حريصا عليها، وكان عقيبا نقيبا سيدا جوادا”([51]). وروي أن رسول الله قرر لسعد بسهمه وأجره في بدر رغم تغيبه عنها([52]) مع أن هناك عشرات الروايات التي تثبت اشتراكه فيها! لقد وردت قصة التطاول على زعيم الأنصار في صحيح البخاري، عن ابن عباس في حديث طويل: قال عمر: “فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة. قتل الله سعد بن عبادة”([53]). وهو تهديد صريح بالقتل، لكن رغم التأويلات الفجة التي تم تداولها بعد أن تحقق القتل، فإن القتل تم بصيغة الاغتيال السياسي، وبنفس أسلوب التمويه الذي يتبعه السياسيون مع ضحاياهم عادة، بدليل أنهم  كانوا يحثونه على الخروج من المدينة لكي يفارق أتباعه، فلا ينصره أحد إذا ما حوصر، فقد جاء في الأثر أنه لقي عمر بن الخطاب في الطريق بعد تولي عمر الخلافة، فقال له: “وقد والله أصبحت كارها لجوارك، فقال عمر: إنه من كره جوار جاره تحول عنه، فقال سعد: أما إني غير مستنسئ بذلك، وانا متحول إلى جوار من هو خير منك، فلم يلبث إلا قليلا حتى خرج”([54]). أما التمويه السياسي فيتضح من محاولات إلقاء تبعة الجريمة على الجن والتبرؤ منها، ومن ذلك، عن النضر بن شميل، عن محمد: أن سعد بال وهو قائم فمات، فسمع قائلا يقول:

قتلنا سيد الخزر                    ج سعد بن عبادة

رميناه بسهمين                      فلم نخط فؤاده

وعن عبد الأعلى: أن سعد بن عبادة بال قائما فرُمي، فلم يدر بذلك حتى سمعوا([55]) وذكر بيتي الشعر

ثالثا: إن ورود حادثة التحريق في كتب المدرستين بصيغ مختلفة يصب في معنى واحد ويعطي نتيجة واحدة، سواء في الحديث عن الكلية أو عن فرعيات وجزئيات الحدث يثبت وقوعها، والملاحظ أن كتاب مدرسة الخلفاء اتهموا كل من روى القصة بالرفض والتشيع، ومن ذلك اتهامهم إبراهيم بن سيار النظّام لأنه قال: “إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها “([56]). إذ تحدث للشهرستاني عن ميل النظّام إلى التشيع لأنه قال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين([57]). مع أن رواية التحريق كانت مشهورة، إذ أخرج البلاذري عن ابن عون أن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه (قبس)، فتلقته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يا ابن الخطاب أتراك محرقا علي بابي؟ قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك. وجاء علي فبايع، وقال: كنت عزمت أن لا أخرج من منزلي حتى أجمع القرآن([58]). وقريبا من هذا المعنى عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: “بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي حين قعد عن بيعته، وقاتل: أئتني به بأعنف العنف! فلما أتاه عمر جرى بينهما كلام، فقال علي: إحلب حلبا لك شطره، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غدا”([59]).  وفي المعنى نفسه والإشارة نفسها قال ابن عبد ربه تحت عنوان “الذين تأخروا عن بيعة أبي بكر”: فأما علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمرا ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له : إن أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت : يا ابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال: نعم، أو تدخلوا ما دخلت فيه الأُمة([60]). فضلا عن ذلك هناك إشارات واضحة لموضوع محاولة اجتياح وتحريق بيت فاطمة في أماكن متفرقة تحدثت عن الواقعة من حيث الجزئية ومنها أن أبا بكر لما احتضر، قال: “ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها وددت أني تركتها، وثلاث تركتها وددت أني فعلتها، وثلاث وددت أني سألت رسول الله عنها، فأما الثلاث التي فعلتها وودتت أني تركتها فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة، وذكر في ذلك كلاما كثيرا …”([61]). ومنها قول لأحمد بن محمد بن السري بن يحيى بن أبي دارم، الذي اتهموه بالتشيع والرفض بسبب بعض أحاديثه التي رواها في آخر عمره، فقال الذهبي: “الرافضي الكذاب”، وقال الحاكم: “رافضي غير ثقة”. مع أن غير هؤلاء لهم رأي مختلف فيه منه قول محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ: “كان مستقيم الأمر عامة دهره، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ المثالب، حضرته ورجل يقرأ عليه: إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسن”([62]).

رابعا: إن صدور أفعال من السياسيين مثل ذاك الفعل وتفوقه أحيانا بالشدة يضعف احتمال عدم حدوثها. وبالتالي نتيقن أن ما أصاب الزهراء هو أقل ما يمكن أن يعملوه مع مناوئ شرس لهم، وهذا كله يؤكد أمرين، الأول: أن السيدة الزهراء كانت ثابتة الموقف إلى درجة أنها أقلقت وضعهم. والثاني: أنهم قتلوا السيدة الزهراء ليتخلصوا من خطرها عليهم، ولو لم تمت السيدة بهذه الحادثة لكانوا قد دبروا لها حادثة أخرى تخلصهم منها.

خامسا: إن غضب الزهراء على السياسيين من جانب وعلى أفراد آخرين من أبناء المجتمع الإسلامي من جانب آخر، يؤكد أنها لو كانت غضبت لأجل فدك وحدها مثلا ما كان غضبها ليمتد إلى باقي المجتمع، فهؤلاء لم يغصبوها حقها، ولا علاقة لهم بفدك، وهذا ما سيتضح لاحقا. وهي حينما تحدثت عن غضبها عليهم وأظهرت لهم الغضب إنما أرادت إكمالا لدورها السياسي أن تُعْلِمهم بما سيرتبه عليهم هذا الغضب، وأرادت التأكيد لهم ان غضبها يشمل السياسيين الذين حاولوا تجنب الغضب باسترضائها، فلم تتنازل عن غضبها مطلقا، وهذا ما سمح للناس في أن يربطوا بين غضبها على السياسيين وغضبها عليهم.

سادسا: يدعي البعض أن تهديد عمر كان مجرد تهديد لا أكثر، وفي الواقع لا يمكن إغفال خطورة التهديد، حتى لو كان ما قاله مجرد تهديد، إذ أثبت العلماء المعاصرون “أن تهديدا من نوع الانتقام الشامل يعطي العدو كل حافز كي يبدأ عدوانه بضربة شاملة. أي أن هذا النوع من التهديدات يقصي خيار شن هجمات أخف وطأة، ويجبر العدو على التطرف في خياراته”([63]).

قطف الثمار

قطفت الزهراء ثمار سياستها، بأن نالت الشهادة، فماتت واجدة وغاضبة عليهم. وقطفوا هم ثمار سياستهم، ففازوا بالدنيا، وعوقبوا بغضبها وغضب الله ورسوله عليهم.

إن هذا الغضب بحد ذاته كان جزء من مشروع الزهراء السياسي، فالزهراء حتى في آخر لحظاتها في الدنيا، مارست دورها السياسي الفاعل دون كلل، فحينما سمع رجال المدينة قولها فيهم، جاءوها معتذرين رعبا وخوفا من غضبها، وبالرغم من إيماننا العميق بأن أهل البيت لا يمكن أن يردوا من يسألهم العفو، إلا أن السيدة الزهراء في إصرارها على موقفها الغاضب أرادت شحنهم بالغضب على السلطويين الذي تسببوا بغضبها، وهؤلاء جميعا يعلمون خطورة ذلك الموقف بمصداق حديث “فاطمة بضعة مني”، جاء عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، قال: لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله(صلوات الله عليها) اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت من علتك؟ فقالت: اصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، لفظتهم قبل أن عجمتهم، وشنأتهم بعد ان سبرتهم، فقبحا لفلول الحد وخور القناة، وخطل الرأي، وبئس ما قدمن لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم … وابشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا وزرعكم حصيدا، فيا حسرتي لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون”([64]). إن هذا الموقف الصلد يؤكد أن السيدة غضبت منهم وعليهم لا لأنهم سلبوها حقها فحسب وإنما لأنهم سيدمرون الإسلام الصحيح، ومن هنا أرادت أن تؤكد وفق موقف سياسي حازم أنها غير راضية عن حكام عصرها، ولما كان المجتمع الإسلامي عارفا بحقيقة غضبها والنتائج المترتبة عليه، فإنها بموقفها ذاك أرادت أن تؤكد للأمة أن الله غاضب على الحكام، لتخلع عنهم شرعية قيادتهم للأمة، وهذا يتضح من صلابة موقفها وتهافتهم لنيل رضاها! أما الغضب بحد ذاته فقد كانت له أسبابه وموجباته، فهو لم يكن حالة نفسية سببتها الإثارة، وإنما كان موقفا سياسيا لإثبات حقيقة يحتاج المسلمون إلى معرفتها، ليحددوا من خلالها موقفهم من السلطة، ولهذا السبب تجد تلاعبا كبيرا في الحديث عنه، ومحاولات حثيثة لحرفه عن مقصده الحقيقي.

 عن عروة عن عائشة أن فاطمة (عليها السلام) ابنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله أن يقسم لها ميراثها، ما ترك رسول الله مما أفاء الله عليه. فقال لها أبو بكر: إن رسول الله قال: لا نورث ما تركنا صدقة. فغضبت فاطمة بنت رسول الله، فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر([65]). ومن حديث طويل أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة خيبر: عن عروة عن عائشة: فأبى أبو بكر أن بدفع الى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على ابي بكر في ذلك، فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر([66]).

وورد الحديث في صحيح مسلم: عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)‏ ‏أرسلت إلى ‏أبي بكر الصديق ‏ ‏تسأله ميراثها من رسول الله ‏‏مما ‏ ‏أفاء ‏ ‏الله عليه ‏ ‏بالمدينة ‏وفدك ‏وما بقي من ‏خمس ‏خيبر، فقال ‏ ‏أبو بكر:‏ ‏إن رسول الله ‏ (ص) ‏قال: ‏لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل ‏ ‏محمد ‏في هذا المال. وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله، ‏ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله، فأبى‏ ‏أبو بكر ‏ ‏أن يدفع إلى ‏‏فاطمة ‏شيئا، ‏فوجد‏ ‏فاطمة ‏على ‏أبي بكر ‏في ذلك، قال فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت([67]).

يتبين من هذا الحديث أن هناك غضبا وهجرانا مقدسا تُبنى عليه الكثير من المباني الفقهية التي ما كان السياسيون غافلين عنها، مثلما لم تكن السيدة الزهراء غافلة عنها، فهي استخدمت هذه الآلية أثناء شروعها بتعرية السياسيين وفضحهم وعزلهم عن الأمة. ولأن السياسيين عجزوا عن تكذيب هذه الرواية لورودها في صحيحي البخاري ومسلم؛ وهي رواية تثبت أن السيدة الزهراء ماتت وهي غاضبة على الحكام، قاموا بأمرين تفوح منهما رائحة التحريف السياسي الصرف والمكشوف:

الأول: أنهم أنكروا استمرار الوجد والغضب، مدعين أنها غضبت يسيرا، ثم رضيت، فجاءوا بروايات عديدة موقوفة على الشعبي لسبب هم اختاروه، تثبت زوال الغضب، ومع تأكيدهم أن تلك الروايات التي تحدثت عن زوال الغضب مرسلة، إلا أنهم اعتمدوها لتبرئة الحكام، ومنها: “لما مرضت فاطمة، أتى أبو بكر، فاستأذن، فقال علي: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن له؟ قال: نعم، قال: فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، وقال: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت. قال: ثم ترضاها، حتى رضيت”([68]). وعن كونهم ارتضوا هذا الحديث مع أنه  حديث مرسل، قال ابن حجر : “وهو وإن كان مرسلاً فإسناده إلى الشعبي صحيح، وبه يزول الإشكال في جواز تمادي فاطمة (عليها السلام) على هجر أبي بكر”([69]).

الثاني: اتهموا السيدة عائشة راوية خبر الغضب والهجر، اتهموها بالتقصير وبالجهل، فقالوا: “وهذا ما كان على حد علم عائشة، فإنها قد خفي عليها مبايعة علي، وقد أثبته أبو سعيد الخدري. وكذلك خفي عليها استرضاء أبيها لفاطمة. فقد صح سندا أنه استرضاها، فرضيت عنه في مرض موتها([70]).

ثم قالوا: “وقد قال بعض الأئمة إنما كانت هجرتها انقباضا عن لقائه والاجتماع به، وليس ذلك من الهجران المحرم، لأن شرطه أن يلتقيا فيعرض هذا وهذا، وكأن فاطمة (عليها السلام) لما خرجت غضبى من أبي بكر، تمادت في اشتغالها بحزنها، ثم بمرضها. وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث المذكور فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر، وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله لا نورث، ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه. وتمسك أبو بكر بالعموم، واختلفا في أمر محتمل للتأويل، فلما صمم على ذلك، انقطعت عن الاجتماع به، لذلك فإن ثبت حديث الشعبي أزال الاشكال، وأخلق بالأمر أن يكون كذلك، لما علم من وفور عقلها ودينها عليها السلام”([71]) وهذا الرأي مأخوذ من قول الذهبي: “لما توفي أبوها تعلقت آمالها بميراثه، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر، فحدثها أنه سمع من النبي يقول: لا نورث ما تركنا صدقة، فوجدت عليه، ثم تعللت”([72]). ومعنى تعللت: أي تشاغلت عنه، يقصد الميراث لا الغضب!.

أما القرطبي فقال في سياق شرحه لحديث عائشة: “ثم إنها “يقصد فاطمة” لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول الله، ولملازمتها بيتها، فعبر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول الله: “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث” وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول الله”([73]). وأنا واقعا لا أريد مناقشة هذا الحديث، وأكتفي بذكر قوله عن الزهراء: ” وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم” لأقول: إذا كنتَ تؤمنُ حقا بهذا، وإذا كانت الزهراء هي أعلم الناس بالحلال والحرام، وهو ما نؤمن به نحن، فكيف خفي عليها الحكم في قضية فدك ووراثة الأنبياء؟!

أما النووي فقال: “وأما ما ذكر من هجران فاطمة أبا بكر فمعناه انقباضها عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرم، الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء، وقوله في هذا الحديث (فلم تكلمه) يعني في هذا الأمر، أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة ولا اضطرت إلى لقائه فتكلمه، ولم ينقل قط أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولا كلمتـــه”([74]).

لقد توسعت في الحديث عن هذا المنهج لأؤكد من خلاله أن جهاد الزهراء السياسي المبني على قواعد العقيدة وأحكامها جوبه بالمنهج السياسي الدنيوي الذي مسخ الدين وحقائقه من خلال التأويل والتعليل المبني على الوهم والخيال والخديعة والضحك على ذقون السذج والبسطاء. لكن بالرغم من كل تلك التأويلات نجد أن موقف السيدة الزهراء المتشدد هذا كان جزءً مهما من مشروعها السياسي، ارادت من خلاله أن تختم مسيرتها السياسية، وتترك الخيار للأمة المغلوبة على أمرها، ولو قيض الله للزهراء أن تعيش مدة أطول، لكانت قد تركت لنا تراثا سياسيا ثرا يصلح أن يكون منهجا تتداوله الأمة وتستقي منه مواقفها المبدئية الثابتة. ولكنها حتى مع قصر مدة مكوثها وحراكها، تركت تراثا ثوريا عظيما لدرجة أن فهمه صعب على كثير من الناس ولاسيما الذين فهموا منه الجانب المأساوي المحض، واغفلوا جانبه العلمي.

من هنا أرى أن آخر ما أريد الإشارة إليه هو ان هناك من لم يفكك أخبار الجانب السياسي في حياة السيدة، فأخذته العَبرة، ونسي العِبرة، متكلما عن (مأساة) لا عن (منهج)، فأغلب كتبنا تتحدث عن مأساة عاشتها الزهراء، وبشكل فيه الكثير من الاسفاف، لابتعاده عن جوهر حقيقة ما كان يدور، مما خلق نوعا من النزاع في الرؤى داخل البيت الواحد، بعد ان تناول الكثير من علمائنا وباحثينا ما تعرضت له الزهراء بعد موت رسول الله على يد السياسيين الدنيويين بأسلوب بكائي خال من العَبرة والموعظة. لقد حدا هذا الأمر ببعض علمائنا إلى التأكيد الشديد على الجانب المأساوي من حياتها بالرغم من إشاراتهم إلى مسببات المأساة ودوافع الفعل السياسية البحتة، وموقف الزهراء السياسي منها، ومنهم السيد جعفر العاملي الذي أكد غائية المأساة ودوافعها السياسية من خلال قوله: “ما جرى على الزهراء من أحداث، وما واجهته من بلايا لم يكن يستهدف شخصها أو شخصيتها كفرد بقدر ما كان يستهدف القفز فوق ثوابت إسلامية للوصول إلى مالم يكن صانعوا تلك الأحداث مؤهلين للوصول إليه. وقبالة ذلك رفض بعضهم الاعتراف بصحة هذه الحادثة. فدخلوا في دائرة الشبهات والردود وذلك لأن الزهراء كانت ـ في واقع الأمر ـ ذلك السد المنيع والقوي الذي يعترض سبيل تحقيق طموحات غير مشروعة”([75]). لذا تراني اتفق مع السيد العاملي في قوله، معللا اختياره مأساة الزهراء للحديث عنها: “إن هذه المفردة (مأساة الزهراء) قد أصبحت بحاجة إلى توضيح وبيان من أجل إزالة ما ربما يكون قد علق في أذهان بعض الناس نتيجة التشكيكات أو التساؤلات المنهجية”([76]). حيث كانت غايته التأكيد على حقيقة وقوع المأساة، ولكن دون تضخيم الدوافع التي لا تقل أهمية عن المأساة نفسها!.

إن الإشارة تلميحا إلى الجانب السياسي في حياة الزهراء، والتصريح والتأكيد على عظمة المأساة وحدها، يغمط حق الزهراء (عليها السلام) ويضعف أهمية دورها الذي أخاف السياسيين الدنيويين وأرعبهم، فدفعهم لارتكاب جريمتهم. وأنا واقعا استغرب من معرفة الجميع بأهمية هذا الدور، ثم عدم تحدثهم بصراحة عنه، وألا ماذا نفهم من قول الشيخ القطيفي في دفاعه عن كتاب مأساة الزهراء: “ومما يرشدك إلى ظلمها (عليها السلام) في غير مسألتي فدك والإمامة ـ وهما المسألتان اللتان جاهرت بهما في حديثها مع الأول والثاني وفي خطبتها المعروفة ـ قول علي (عليه السلام) حين دفنها: وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج في صدرها لم تجد إلى بثه سبيلا. ونحن نعلم أنها بثت أمري فدك والخلافة، فتحصل من هذا أن هناك الكثير من الأمور التي لم تبثها، مما لا يتعلق بفدك والإمامة”([77]). لكن هل تناولت المؤلفات الكثيرة بالدرس الحراك السياسي للسيدة الزهراء؟

والظاهر أن أغلب من تناول هذا الجانب من حياتها كان يغض الطرف عن الأساس، أو يسير بمحاذاته دون ان يلمسه، والا ماذا نفهم من قول الحسيني: “وكان الأجدر بسماحته (يقصد السيد العاملي صاحب كتاب المأساة) ان يحرر موضع النزاع وان يحدد موضوع البحث … لأن موضع النزاع فيما أعلم ليس هو غصب فد أو محاولة دخول دار فاطمة أو محاولة الإحراق او انتهاك حرمة علي(عليه السلام)… إنما البحث في ضربها وبالطريقة التي تصورها بعض الروايات بطريقة مذلة مهينة لم يتقبلها وجدان وعقل كاشف الغطاء وغيره لا تبرئة منهم للظالمين بل احتراما لقدسية ومقام الزهراء”([78]). وهو الأمر الذي أغضب آخرين فردوا عليه لا لبيان سبب المأساة الحقيقي، وإنما لإثبات وقوعها فحسب([79]). وبالتالي شغلنا أنفسنا في قضية إثبات أو نفي حدوث المأساة ووقوع الاعتداء، وغفلنا عن السبب الرئيس الذي يصلح أن يكون درسا عظيما لجميع نسائنا عبر العصور.

إن التأكيد على مأساوية الحدث دون الإفادة منه من خلال توظيفه ليسهم في عملية البناء الفكري والعقدي لشريحة مهمة من المجتمع، يعد تقصيرا كبيرا يستوجب الانتباه لمخاطر انتشاره، وتجاوز والعمل مراحل التشتيت وضياع الفرص التي سببها، والبدء فورا بإعادة تقييم الأحداث من اجل بناء الشخصية الشيعية بعيدا عن جلد الذات بحثا عن الحسنات، فالمطلوب منا اليوم ان نُعَّلِم شبابنا من الجنسين مناهج التحدي والثورة، لا مناهج الخنوع والاستسلام للظلم، ولنا في سيرة السيدة الزهراء (عليها السلام) وحراكها السياسي عبرة ومثلا.

إن عدد الكتب التي تحدثت عن مأساة الزهراء لا تحصى منها في الأقل وعلى سبيل المثال: إحراق بيت فاطمة للشيخ حسام غيب غلامي([80]). الفضيحة محاكمة كتاب هوامش نقدية في رده على كتاب مأساة الزهراء لمحمد مرتضى([81]). الهجوم على بيت فاطمة لعبد الزهراء مهدي([82]). جاء الحق دراسة نقدية للأفكار المطروحة في كتاب مأساة المأساة للشيخ محمد أبو السعود القطيفي([83]). حوار مع فضل الله حول الزهراء للسيد هاشم الهاشمي([84]). ظلامات فاطمة الزهراء للشيخ عبد الكريم العقيلي([85]). ظلامة الزهراء في روايات أهل السنة ليحيى عبد الحسين الدوخي([86]). غضب الزهراء لحسين عباسي([87]). غضب فاطمة غضب الله، للشيخ علي الفتلاوي([88]). فاطمة الزهراء أحداث ما بعد رحيل الخاتم لأحمد سلمان([89]). كلمة فاطمة الزهراء لحسن الشيرازي([90]). لماذا كتاب مأساة الزهراء شبهات وردود للسيد جعفر مرتضى العاملي([91]). مأساة الزهراء شبهات وردود للسيد جعفر مرتضى العاملي([92]). مظلومة من الولادة حتى الشهادة للشيخ واثق الشمري([93]). مقتل فاطمة الزهراء للسيد ياسين الموسوي([94]). مقتل فاطمة الزهراء للشيخ محمد منتظر الواعظ([95]). هوامش نقدية دراسة في كتاب مأساة الزهراء، لمحمد الحسيني([96]). وهي بمجموعها ترجح وجهة نظر على أخرى، ولكنها لم تنجح إلى الآن في الوصول إلى حل وسط، وهذا كله يأتي من عدم الاهتمام بمشروع السيدة اتلزهراء (عليها السلام) السياسي.

مصادر البحث

الأبشيهي، شهاب الدين محمد بن أحمد،

1ـ المستطرف في كل فن مستظرف، تحقيق: محمد خير طعمة الحلبي، دار المعرفة، بيروت، 1429هـ ـ 2008م.

ابن الأثير، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، (ت: 630هـ)،

2ـ الكامل في التاريخ، تحقيق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1428هـ ـ 2007م.

الأصفهاني، أبو الفرج، (ت: 356هـ)،

3ـ مقاتل الطالبيين، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار الزهراء، قم، 1428هـ.

الألباني، محمد ناصر الدين،

4ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، مكتبة المعارف، الرياض ـ السعودية، 1415هـ ـ 1995م.

البخاري، محمد بن إسماعيل،(256هـ)،

5ـ صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1422هـ ـ 2001م.

بدران، الشيخ عبد القادر، (ت: 1346هـ)،

6ـ تهذيب تاريخ دمشق الكبير، دار المسيرة، بيروت،1399هـ ـ 1979م.

البغدادي، أبو جعفر محمد بن حبيب، (ت: 245هـ)،

7ـ المحبر، تحقيق: إيلزه ليختن شتيتر، دار الآفاق الجديدة، بيروت، (د.ت).

البغدادي، عبد القادر بن عمر، (ت: 193هـ)،

8ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1418هـ ـ 1997م.

البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر(ت: 892هـ)،

9ـ جمل من أنساب الأشراف، تحقيق: الدكتور سهيل زكار والدكتور رياض زركلي، دار الفكر، بيروت، 1417هـ ـ 1996م.

البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، (ت: 458هـ)،

10ـ السنن الكبرى، دار الفكر، بيروت، (د.ت).

جون، الدكتور محمد تقي،

11ـ بحث بعنوان البعد الثوري في زيارة قبر الإمام الحسين (ع)، مستل من كتابه الثورات العلوية.

أبن أبي الحديد، أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله المدائني،

12ـ شرح نهج البلاغة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (د.ت).

الحسيني، محمد،

13ـ هوامش نقدية دراسة في كتاب مأساة الزهراء، مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت، 1419هـ ـ 1998م.

الخزاز، أبو القاسم علي بن محمد بن علي القمي الرازي،

14ـ كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر، تحقيق: محمد كاظم الموسوي وعقيل الربيعي، مركز نور الأنوار في إحياء بحار الأنوار، قم، 1430هـ.

ابن خلكان، أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر، (ت: 681هـ)،

15ـ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، (د.ت).

الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، (ت: 748هـ)،

16ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416هـ ـ 1995م.

17ـ سير أعلام النبلاء، دار الفكر، بيروت، 1417هـ ـ 1997م.

الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر،(ت: بعد 660 هـ)

18ـ مختار الصحاح، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1426هـ ـ 2005م.

الزبيري، المصعب بن عبد الله بن مصعب، (ت: 236هـ)،

19ـ نسب قريش، تحقيق: إ. ليفي بروفنسال، دار المعارف، مصر، (د.ت).

الزركلي، خير الدين،

20ـ الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.

الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر، (ت: 538هـ)،

21ـ ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق: عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1412هـ ـ 1992م.

سليم، محمد إبراهيم،

22ـ نساء حول الرسول؛ القدوة الحسنة والأسوة الطيبة لنساء الأسرة المسلمة، مكتبة ابن سينا.

ابن سعد، محمد،

23ـ الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، (د.ت).

الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم،

24ـ الملل والنحل، تحقيق: محمد بن فتح الله بدران، منشورات الشريف الرضي، مكتبة الانجلومصرية، القاهرة، القاهرة، (د.ت).

الشوكاني، محمد بن علي الشوكاني،

25ـ نيل الأوطار، دار الحديث، السعودية،1413 هـ ـ 1993م.كتبة الانجلومصرية، القاهرة، (د.ت).

شيلنج، توماس،

26ـ استراتيجية الصراع، ترجمة نزهت طيب وأكرم حمدان، الدار العربية للعلوم ناشرون ومركز الجزيرة للدراسات، 1431هـ ـ 2010م.

 

الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (ت: 381هـ)،

27ـ معاني الأخبار، صححه: علي أكبر الغفاري، دار المعرفة، بيروت، 1399هـ ـ 1979م.

الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، (ت: 764هـ)،

28ـ الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ ـ 2000م.

الطبري، محمد بن جرير،(310هـ)،

29ـ تاريخ الأمم والملوك، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1429هـ ـ 2008م.

الطبرسي، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب (من علماء القرن السادس)،

30ـ  الاحتجاج، تحقيق: مؤسسة أهل البيت عليهم السلام، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1981م.

الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي،

31ـ كتاب الأمالي، تحقيق: بهراد الجعفري وعلي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1385هـ.ش.

العاملي، السيد جعفر مرتضى،

32ـ مأساة الزهراء عليها السلام شبهات وردود، دار السيرة، بيروت، 1417هـ ـ 1997م.

33ـ لماذا كتاب مأساة الزهراء شبهات وردود، دار المسيرة، بيروت، ط2، 1997.

ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد البر النميري القرطبي، (ت: 463هـ)،

34ـ  الاستيعاب في معرفة الأصحاب، دار الفكر، بيروت، 1426هـ ـ 2006م.

ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد الأندلسي،

35ـ العقد الفريد، تحقيق: الدكتور أحمد التونجي، دار صادر، بيروت، (د.ت).

ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي، (ت: 571هـ)،

36ـ تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، 1415هـ ـ 1995م.

العسقلاني، ابن حجر، (ت: 852هـ)،

37ـ الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1425هـ ـ 2005م.

38ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة السلفية، (د.ت).

ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم، (ت: 276هـ)،

39ـ الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء، تحقيق: علي شيري، منشورات الشريف الرضي، قم، (د.ت).

القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري،

40ـ الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر، بيروت، (د.ت).

القشيري، مسلم بن الحجاج، (ت:261هـ)،

41ـ صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ ـ 2000م.

القطيفي، الشيخ محمد أبو السعود،

42ـ جاء الحق دراسة نقدية للأفكار المطروحة في كتاب مأساة الزهراء، دار زينب للطباعة والنشر، 1418هـ ـ 1998م.

كرد علي، محمد،

43ـ أمراء البيان، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1433هـ ـ 2012م.

المجلسي، الشيخ محمد باقر، (ت: 1110هـ)،

44ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، تحقيق: لجنة من العلماء، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (د.ت).

مرتضى، محمد،

45ـ الفضيحة محاكمة كتاب هوامش نقدية في رده على كتاب مأساة الزهراء، دار السيرة، بيروت، 1418هـ ـ 1997م.

المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي، (ت: 346هـ)،

46ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1421هـ ـ 2000م.

النووي، يحيي بن شرف أبو زكريا، (ت: 676هـ)،

47ـ شرح صحيح مسلم، تحقيق: مجموعة من الأساتذة بإشراف علي عبد الحميد، دار السلام، القاهرة، : 1416هـ / 1996م.

النويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب، (ت: 733هـ)،

48ـ نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق: الدكتور مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ت).

الهيثمي، علي بن أبي بكر، (ت: 807هـ)،

49ـ مجمع الزائد ومنبع الفوائد، دار الكتاب العربي، بيروت، (د.ت).

المواقع الالكترونية

شبكة الدفاع عن أهل السنة، http://www.dd-sunnah.net/records/view/action/view/id/1285/

[1] آل عمران: 154.

[2] المائدة: 50.

[3] الأحزاب: 33.

[4] الفتح: 26.

[5] ينظر: الشيخ عبد القادر بدران تهذيب تاريخ دمشق الكبير، دار المسيرة، بيروت،1399هـ ـ 1979م. ج3/ص118.

[6] أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق: عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1412هـ ـ 1992م. ج1/ص106.

[7] علي بن أبي بكر الهيثمي، (ت: 807هـ)، مجمع الزائد ومنبع الفوائد، دار الكتاب العربي، بيروت، (د.ت). ج9/ص404. والزمخشري، ربيع الأبرار، ج2/ص254.

[8] ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1425هـ ـ 2005م. ج4/ص2185، ترجمة: 9688.

[9] أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي، المحبر، تحقيق: إيلزه ليختن شتيتر، دار الآفاق الجديدة، بيروت، (د.ت). ص135.

[10] محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1426هـ ـ 2005م. ص 136.

[11] خير الدين الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م. ج4/220.

[12] الزمخشري، ربيع الأبرار، ج1/ص72.

[13] أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، تحقيق: الدكتور سهيل زكار والدكتور رياض زركلي، دار الفكر، بيروت، 1417هـ ـ 1996م. ج1/47.

[14] أبو عمر يوسف بن عبد البر النميري القرطبي، (ت: 463هـ)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، دار الفكر، بيروت، 1426هـ ـ 2006م.  ج3/ص1256، ترجمة: 2066.

[15] شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق: الدكتور مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ت). ج14/ص88 وما بعدها.

[16] الزركلي، الأعلام، ج3/ص78.

[17] شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي، المستطرف في كل فن مستظرف، تحقيق: محمد خير طعمة الحلبي، دار المعرفة، بيروت، 1429هـ ـ 2008م. ص465 وما بعدها، الباب: 59.

[18] محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1429هـ ـ 2008م. ج5/ص336ـ 337. والعسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج3/ص 1925، ترجمة: 8417. وعبد القادر بن عمر البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1418هـ ـ 1997م. ج2/ص 223.

[19] أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1428هـ ـ 2007م. ج4/ص419ـ420. والزركلي، الأعلام، ج8/ص23.

[20] محمد كرد علي، أمراء البيان، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1433هـ ـ 2012م. ص272 وما بعدها.

[21] أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، (د.ت). ج6/ص401، ترجمة: 828.

[22] المصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري، نسب قريش، تحقيق: إ. ليفي بروفنسال، دار المعارف، مصر، (د.ت). ص 152ـ153.

[23] الدكتور محمد تقي جون، بحث بعنوان البعد الثوري في زيارة قبر الإمام الحسين (ع)، مستل من كتابه الثورات العلوية.

[24] ينظر: محمد إبراهيم سليم، نساء حول الرسول؛ القدوة الحسنة والأسوة الطيبة لنساء الأسرة المسلمة، مكتبة ابن سينا، ص14ـ15.

[25] محمد إبراهيم سليم، المصدر نفسه، ص18.

[26] ينظر: المصدر نفسه، ص19.

[27] الزمخشري، ربيع الأبرار، ج5/ص8 .

[28] محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، ج8/ص27.

[29] محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1422هـ ـ 2001م. ص 781ـ 782، حديث: 4433.

[30] أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، كتاب الأمالي، تحقيق: بهراد الجعفري وعلي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1385هـ.ش. ج4/ص۱۸۸

[31] أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي، كتاب الأمالي، تحقيق: بهراد الجعفري وعلي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1385 هـ.ش. ج4/ص188

[32]الشيخ محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، تحقيق: لجنة من العلماء، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (د.ت). ج43/ص215ـ216.

[33] قال المحقق في الهامش: في الخطية “بثمانية أشهر”.

[34]  أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار الزهراء، قم، 1428هـ. ص59ـ 60.

[35] محمد ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، (د.ت) ج8/28.

[36] محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، ج2/ص250. وقد صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ص370، رقم: 745.

[37] البخاري، صحيح البخاري، ص456، رقم:2593. ومسلم، صحيح مسلم، ص1170، رقم:56/2770.

[38] محمد إبراهيم سليم، نساء حول الرسول؛ القدوة الحسنة والأسوة الطيبة لنساء الأسرة المسلمة، مكتبة ابن سينا، ص57.

[39] البخاري، صحيح البخاري، ص667، رقم: 3767.

[40] لي كتاب مخطوط باسم “المسور بن مخرمة وجور البطحاء، تناولت فيه طرق هذا الحديث وزعمهم أن النبي (ص) قاله حينما أراد الإمام علي الزواج بجويرية بنت أبي جهل، فغضبت عليه فاطمة! وهذا بالتأكيد دهاء سياسي عظيم أرادوا من خلاله إعادة توجيه غضب الزهراء من غضب عليهم شخصيا إلى غضب على زوجها أمير المؤمنين.

[41] محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل، تحقيق: محمد بن فتح الله بدران، مكتبة الانجلومصرية، القاهرة. ج1/ص29.

[42] المجلسي، بحار الأنوار ج 28/ص 327.

[43] أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، أنساب الأشراف، تحقيق: الدكتور زهير زكار والدكتور رياض زركلي، دار الفكر، بيروت، 1417هـ ـ 1996م. ج2/ ص271.

[44] أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (من علماء القرن السادس)، الاحتجاج، تحقيق: مؤسسة أهل البيت عليهم السلام، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1981م، ص89ـ90.

[45] محمد بن علي الشوكاني، نيل الأوطار، دار الحديث، السعودية،1413 هـ ـ 1993م. ج6/ص92ـ93، رقم: 2587ـ 2590.

[46] أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (من علماء القرن السادس)، الاحتجاج، تحقيق: مؤسسة أهل البيت عليهم السلام، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1981م، ص98ـ99.

[47] المصدر نفسه، ص102.

[48] أبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (د.ت). م4،ج16/ص2.

[49] أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء، تحقيق: علي شيري، منشورات الشريف الرضي، قم، (د.ت). ج1/ص29ـ30.

[50] المصدر نفسه، ج1/ص30.

[51] ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي، ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، 1415هـ ـ 1995م. ج20/ص241، ترجمة: 2419.

[52] المصدر نفسه.

[53] ينظر، البخاري، صحيح البخاري، ص1207ـ 1208، رقم: 6830.

[54] ابن عساكر، تاريخ دمشق الكبير، ج20/ص265.

[55] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق الكبير، ج2/ص266. والقصة مشهورة وردت في طبقات ابن سعد واستيعاب ابن عبد البر وأسد الغابة لابن الأثير وعشرات المصادر الأخرى، ولا تجد بينهم من ناقش حقيقتها أو شكك بمصداقيتها!

[56] صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ ـ 2000م. ج6/ ص15.

[57] محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، المكلل والنحل، ج1/ص59.

[58] البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج2/ص268.

[59] المصدر نفسه، ج2/ص269.

[60] أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفريد، تحقيق: الدكتور أحمد التونجي، دار صادر، بيروت، (د.ت). ج4/ص248.

[61] أبو الحسن علي بن الحسين بن علي، المسعودي مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1421هـ ـ 2000م. ج2/ص317.

[62] ينظر: شمس الدين محمد بن أحمد، الذهبي ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416هـ ـ 1995م. ج1/ص283، ترجمة: 551/833.

[63] توماس شيبلنج، استراتيجية الصراع، ترجمة نزهت طيب وأكرم حمدان، الدار العربية للعلوم ناشرون ومركز الجزيرة للدراسات، 1431هـ ـ 2010م. ص15.

[64] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق، معاني الأخبار، صححه: علي أكبر الغفاري، دار المعرفة، بيروت، 1399هـ ـ 1979م. ص354ـ355.

[65] البخاري، صحيح البخاري، ص550، كتاب فرض الخمس، حديث: 3092 و3093.

[66] البخاري، المصدر نفسه، ص749، حديث 4220ـ4221. أورد البخاري الحديث بعدة صيغ في كتاب الخمس والوصايا والمواريث وغزوة خيبر والفرائض، وهو اهتمام غير مسبوق فيه الكثير من الدلالات على محاولة إفراغه من مضمونه.

[67] أبو الحسن مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1420هـ ـ 2000م. ص788ـ 789، كتاب الجهاد والسير، حديث 52/1759.

[68] أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، البيهقي، السنن الكبرى، دار الفكر، بيروت، (د.ت). ج6مص301. والذهبي، سير أعلام النبلاء، ج3/ص426.

[69] أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة السلفية، (د.ت). ج6/202.

[70] هل صح أن فاطمة ماتت وهي واجدة على أبي بكر؟، شبكة الدفاع عن أهل السنة، http://www.dd-sunnah.net/records/view/action/view/id/1285/

[71] أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج6/202.

[72] محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، سير أعلام النبلاء، دار الفكر، بيروت، 1417هـ ـ 1997م. ج3/ص 426، ترجمة:113.

[73] أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر، بيروت، (د.ت). ج5/ص151.

[74] يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، شرح صحيح مسلم، تحقيق: مجموعة من الأساتذة بإشراف علي عبد الحميد، دار السلام، القاهرة، : 1416هـ / 1996م. ج12/ص73.

[75] السيد جعفر مرتضى العاملي، مأساة الزهراء عليها السلام شبهات وردود، دار السيرة، بيروت، 1417هـ ـ 1997م. ص5.

[76] السيد جعفر مرتضى العاملي، لماذا كتاب مأساة الزهراء شبهات وردود، دار المسيرة، بيروت، ط2، 1997. ص10.

[77] الشيخ محمد أبو السعود القطيفي، جاء الحق دراسة نقدية للأفكار المطروحة في كتاب مأساة الزهراء، دار زينب للطباعة والنشر، 1418هـ ـ 1998م. ص34.

[78] محمد الحسيني، هوامش نقدية دراسة في كتاب مأساة الزهراء، مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت، 1419هـ ـ 1998م. ص 29.

[79] ينظر: محمد مرتضى، الفضيحة محاكمة كتاب هوامش نقدية في رده على كتاب مأساة الزهراء، دار السيرة، بيروت، 1418هـ ـ 1997م. ص74ـ75.

[80] لجنة أصحاب الكساء للنشر، 1423هـ ـ2002م.

[81] دار السيرة، بيروت، 1418هـ ـ 1997م.

[82] كتاب ألكتروني.

[83] دار زينب للطباعة، 1418هـ ـ 1998م.

[84] دار الهدى للطباعة والنشر، 1422هـ ـ 2001م.

[85] مؤسسة بضعة المصطفى لإحياء تراث أهل البيت، دار الغدير.

[86] مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية، قم، 1428هـ ـ 2007م.

[87] مركز الإمام المهدي لطباعة الكتب الخيرية وتوزيعها، الكويت، 2009م.

[88] قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المشرفة.

[89] دار المحجة البيضاء، بيروت، 1437هـ ـ 2016م.

[90] هيئة محمد الأمين، 1421هـ ـ 2000م.

[91] دار السيرة، بيروت، 1418هـ ـ 1997م.

[92] دار السيرة، بيروت، 1417هـ ـ 1997م.

[93] دار المتقين، بيروت، 1431هـ ـ 2010م.

[94] دار البهجة، بيروت، 1419هـ ـ 1998م.

[95] دار الصديقة الشهيدة، قم، 1433هـ.

[96] مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت، 1419هـ ـ 1998م.