مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) سماحة العلامة منير الخباز
+ = -

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾

من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا السيدة الزهراء «سلام الله عليها» التي قال عنه رسول الله : «فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها».

حديثنا حول الزهراء في محورين:

1 – في نشأتها.

2 – وأدوارها الرسالية.

المحور الأول في نشأتها:

ذكر المؤرخون والمحدثون ومنهم الحاكم في مستدركه عن عائشة أنها قالت: «ما رأيت أشبه بالنبي المصطفى َسمتاً ودلاً وهدياً من أبنتهِ فاطمة، وكانت أذا أقبلت إليه قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وقلت له: أرك تقبل فاطمة وهي أمرأه، فقال: أنها من ثمر الجنة، أنه لما عرج بي إلى السماء تناولت ثمرة من الجنة ولقيت خديجة حملت بفاطمة فكنت إذا أردت أن أشم راحة الجنة شممتُ فاطمة».

هنا يتبادر إلى لذهن الإنسان سؤال لماذا تنشئة فاطمة من ثمر الجنة؟! لماذا اختصت السيدة الزهراء «سلام الله عليها» بهذه المنقبة وهي أنها تنشئة وتكونت طينتها من ثمر الجنة دون غيرها من الأنبياء والأوصياء والأئمة الطاهرين «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» ما هو السر وراء هذه المنقبة ووراء هذه الفضيلة؟!

هذا يعود لبحثاً فلسفياً وهو البحث عن علاقة النفس بالجسد، ما هي علاقة النفس بالجسد؟ نحن نرى أن هناك علاقة وثقيه بين النفس وبين الجسد، الجسد أذا أصابه المرض تتأثر الروح فيصيبها الإعياء نتيجة لمرض الجسد، والروح إذا أصابها الخوف أو القلق أنعكس ذلك على الجسد فتصيبه الحمرة، الصفرة نتيجة لما يعتلج الروح من قلقاً أو خوفاً أو وجل، إذاً هناك علاقة تأثير وتأثر متبادلة بين الروح وبين الجسد، ما هو سر هذه العلاقة الوثيقة بينهما؟!

هنا الفلاسفة يذكرون قاعدة أن الحركة الجوهرية في الوجود الواحد قد تنقل هذا الوجود من صورة إلى صورة أخرى.

ما معنى هذا الكلام؟!

1 – هناك حركة عرضية.

2 – وهناك حركة جوهرية.

حركة الإنسان في المكان أن ينتقل من مكان إلى مكان هذه «حركة عرضية»، لكن هناك حركة أعمق من هذه الحركة تسمى «بالحركة الجوهرية»، حركة الوجود في صميم ذاته، وحركة الوجود في داخل ذاته «تسمى بالحركة الجوهرية».

مثلاً: البذرة تتحول إلى جذور ثم إلى أغصان ثم إلى شجرة مثمرة هذه الحركة ليس حركة مكانية وإنما هي «حركة جوهرية»، بمعنى أن هذا الوجود النباتي المسمى بالبذرة هذا الوجود يتحرك في داخله ويتحرك في صميم ذاته، ويتحول من صورة إلى صورة أخرى.

مثلاً: نحن نجد عندما نضع الماء على النار الحرارة وجود واحد هذا الوجود درجات متفاوتة كلما ترقى هذا الوجود إلا وهو وجود الحرارة ونتقل من درجة إلى درجة أخرى تغيرت صورة الماء، وتغير شكل الماء إلى أن تصبح درجة الحرارة بدرجة عالية تتحول فيها صورة الماء من مائعاً إلى بخار، إذاً هذا الوجود الواحد يتحرك ليست الحركة حركة مكانية، «الحركة حركة جوهرية» هذا الوجود المعبر عنه بالحرارة وجوداً يتحرك في صميم ذاته ويتحول من صورة إلى أخرى من صورة مائعة إلى صورة غازية إلى صورة بخار، إذاً الحركة الجوهرية في صميم الواجد الواحد تنتقل من صورة إلى صورة أخرى.

مثلاً: نفس الشيء بالنسبة للإنسان هذه النطفة عندما تعلق في جدار الرحم وتستقر في جدار الرحم، هذه النطفة تتحرك ليست الحركة حركة مكانية، وإنما الحركة «حركة جوهرية» أي أن النطفة تتحرك في جوهرها في صميم ذاتها، تتحرك بخصائصها الفيزيائية المعينة تتحرك في خصائصها وتتنقل من صورة إلى صورة أخرى قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ «12» ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ «13» ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.

هذه النطفة وجود وهذا الوجود يتحرك «حركة جوهرية» وعبر هذه الحركة الجوهرية تتنقل النطفة من صورة إلى صورة أخرى فإذا تسامت الحركة وبلغت أعلى درجاتها تحول هذا الوجود من مادة إلى طاقة، الروح هي الطاقة كانت هذه الروح، كانت هذه النفس موجودة ضمن وجود النطفة تماماً مثل الشجرة المثمرة، هذه الشجرة المثمرة كانت موجودة ضمن البذرة، هذه الشجرة بأغصانها بثمرها بقواها كانت موجودة ضمن تلك البذرة الصغيرة الإنسان أيضاً هذا الإنسان العملاق بأجازاته بفكره هذا الإنسان كان موجوداً وجوداً أجمالياً ضمن تلك النطفة الصغيرة، إلا أن هذه النطفة هذا الوجود أصبح يتحرك في داخله من درجة إلى أخرى إلى أن بلغ درجة من الحركة أن تحولت المادة إلى طاقة فأصبحت الروح كمالاً ودرجة من درجات ذلك الوجود المتحرك المسمى بالإنسان.

إذاً بما أن الروح البشرية هي درجة من درجات الوجود إلا أن الروح البشرية هي مرتبة من مراتب الوجود، الوجود تحرك وتحول من صورة إلى صورة، من مادة إلى طاقة، بما أن الروح مرتبة من مراتب الوجود إذاً الروح تتأثر بالبدن لأنها مرتبة من مراتبه هذه الروح موجودة ضمن هذه المادة بخصائص معينة تحولت الآن إلى طاقة، بما أنها مرتبة منه فهي تتأثر به صفات البدن تتأثر بها الروح كما يتأثر البدن بعوارض الروح تماماً.

ولذلك ورد عن النبي محمد : «أن ابن الزنا يحن إلى الخطيئة التي ولد منها» هذه النطفة عندما تنحدر عن علاقة غير مشروعة تنحدر في حالة إطراب وفي حالة ارتباك وشعور من الطرفين بعدم شرعية هذا اللقاء عندما تنعقد النطفة مطربة عندما تنعقد النطفة وهي محفوفة بالقلق بالإطراب ينعكس هذا الإطراب وهذا القلق على شخصية هذه النطفة في المستقبل، ينعكس هذا الأثر النفسي على شخصية هذه النطفة في المستقبل، «أن ابن الزنا يحن إلى الخطيئة التي ولد منها» إذاً تتأثر الروح بالجسد.

ورد عن النبي محمد : «من زوج ابنته شارب خمرا فقد قطع رحمها» الشخصية الإنسانية تتأثر بهذه النطفة، «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس» إذا بعدما كانت الروح مرتبة من مراتب الوجود المادي الإنساني فإن الروح تتأثر بالبدن، والبدن يتأثر بالروح، هناك علاقة امتزاج واضحة بين هذا الجانب وهو الجانب الروحي، والجانب الأخرى وهو الجانب البدني.

لأجل ذلك أعرف السر والحكمة في تكون نطفة الزهراء من ثمر الجنة، اختار الله نطفتها أن تتكون من ثمر الجنة لماذا؟!

لأنه أعد هذه الشخصية لئن تكون مجمعاً لنور النبوة ونور الإمامة، لأنه أعد هذه الشخصية لئن تكون مهداً لأحدى عشر إماماً معصوماً طاهراً، لأنه أعد هذه الشخصية لدرواً متميز جعل نطفتها متخلقة ومتنشئة من ثمر الجنة:

تُفاحةٌ   مِنْ   سِدرةِ   المُنتهى

وافتْ لِقلْبِ المُصْطفى فَازْدَهى

مِنْ تُربةِ الأرْضِ وماءِ الجِنانْ

لَوْ   كانَ   إنسانٌ  لَهُ  مَعْنيانْ

تَعَطَّرَتْ   من   الشَّذَى  والبَها

وأشْرقتْ  مِنْ رُوحِهِ الزَّهراءُ

تَوَرَّدَتْ   في   وجْهِها  وَجْنَتَانْ

فإنَّها  الإنسيَّةُ  الحوراءُ[1]

وهذا ما جعل لها مقاماً تتميز به على نساء العالمين كما يروي صاحب كنز العمال: «انه دخل عليها رسول الله فقالت أن لوجعه، فقال لها: ما يؤلمكِ قالت: أن بدني يؤلمني فقال لها: إما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وكانت إذا قامت إلى محرابها أزهر نورها لأهل السماء كما يزهروا الكوكب الذري لأهل الأرض فلذلك سميت «زهراء ».

المحور الثاني في الأدوار الرساليه التي أنيطه بهذه الشخصية العملاقة:

نحن نتحدث عن الزهراء كفتاة، ونتحدث عنها كزوجة، ونتحدث عنها كأم لنتعرف الأدوار الرساليه التي تجلت في شخصيتها العملاقة العظيمة.

دور الزهراء كفتاة:

ما هي علاقتنا بفتياتنا؟! وما هي علاقة النبي بفتاته فاطمة الزهراء؟! كثيراً منا يتعامل مع أبنته بأحد لونين من التعامل: إما أن يتعامل مع أبنته كطفلة مدللة يوفر لها وسائل الراحة، ويوفر لها وسائل الزينة إلى أن تبلغ سن الزواج، فإذا بلغت سن الزواج فهي ما زالت تعيش أجواء الطفولة، وما زالت تعيش أحلام الطفولة لأنها ربيت كطفلة مدللة إلى أن بلغت هذا السن وهذا خطاء كبير.

وهناك لون أخر من التعامل: من يتعامل مع أبنته في خصوص حقول الدراسة لا يهتم ولا يعنى إلا بدراستها ومستقبلها العلمي، لذلك هذه الفتاة لا تصبح مؤهلة لأي دوراً سوى هذا الدور العلمي الذي ربيت عليه، وربيت على العناية به، الفتاة إنسان، والإنسان شريك في بناء الحضارة، وفي بناء الحياة يجب أعداد الفتاة منذُ صغرها على أنها شخصية قادرة على بناء الحضارة، وعلى بناء الإنسان، وعلى بناء الحياة بشتى ألوانها تماماً إلى جانب الرجل، إذا أعدت الفتاة من الأول على أن يكون لها قرار، على أن يكون لها رأي على أن تكون لها شخصية بالتالي نمت وكبرت وهي تدرك موقعها، وهي تدرك حجمها في صراع الحياة وفي مجال بناء الحضارة ما دام دوراها هو دور الإنسان قال تعالى: ﴿أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى﴾.

ما دام دورها هو دور الإنسان في بناء هذه الحياة فيجب أن تلقن هذا الدور منذُ صغرها وأوبها أولاه الناس بأن يلقناها هذا الدور يتحدث معها يشاركها في القضايا، يطرح عليها قضايا مهمة، وهموم مختلفة خاصة وعامة، يطلب رأيها وقرارها لتعتاد لأن تكون شخصية إنسانية ذات قرار وذات رأي، وهذا ما تعامل به النبي مع فتاته الزهراء، النبي أقحمه الزهراء في صراع الحياة، النبي أقحمه الزهراء في ساحة الأحداث، النبي أقحمه الزهراء في همومه في قضاياه في دوره الرسالي في دعوته مما عجل الزهراء عضداً للنبي كما كانت أمها خديجة بنت خويلد «رضي الله تعالى عنها».

لذلك ذكر المؤرخون: أول من يستقبل النبي عند رجوعه من سفره فاطمة، أخر من يودع فاطمة وفاطمة تستقبله، فاطمة تتحدث معه، فاطمة تعرف ما عنده، فاطمة تخفف آلامه، فاطمة تمسح جراحه، فاطمة تلتفت إلى كل مسيرته من دون بقية زوجاته ونسائه لأنها لقنت وربيت منذُ صغرها على أنها صاحبة دور، على أنها صاحية قرار لأنها ربيت على هذا الدور أصبحت الزهراء كما لقبها المصطفى «أم أبيها» كان النبي يحتاج إليها حاجة ماسة، لولا الزهراء لفقد النبي عنصراً مهماً في رسالته ولولا الزهراء لوجد فراغاً لا يملؤه أحد، الزهراء كانت تملئ كيانه كله وكانت رفيداً روحياً يجعله مستمراً صامداً شامخاً في أداء رسالته الزهراء أم أبيها هذا الدور الأول دورها كفتاه.

دور الزهراء كزوجة:

كل زوجة تطمح إلى السعادة الزوجية، هدف كل فتاة أن تحصل على السعادة الزوجية الأمل المنشود السعادة الزوجية ما هو المقياس في السعادة الزوجية؟! هنا يوجد لدينا نظريات ثلاث في مقياس السعادة الزوجية:

النظرية الأولى:

في مجلة عالم المعرفة الكويتية عدد 175 يذكر مجموعة أراء لمجموعة من علماء النفس والتربية حول السعادة الزوجية.

يذكرون السعادة الزوجية لها لونان:

1 – لون سلبي وهو الشعور بالرضا.

2 – لون أجابي وهو الشعور بالبهجة.

الشعور بالرضا: أن يرضى عن زوجته، أن ترضى زوجته عنه هذه أول درجة أول مرتبه من مراتب السعادة الزوجية الشعور بالرضا أن يرضى بزوجته أن ترضى زوجته عنه.

الشعور بالبهجة: ربما الإنسان يرضى بزوجته لأنه لا يجد بديلاً عنها، ربما يرضى بزوجته بالمقايسة والمقارنة بينها وبين غيرها، لكنها لا تشكل لديه السعادة الزوجية المطلوبة، إذا الدرجة الإيجابية من السعادة الزوجية الشعور بالبهجة ليس مجرد الشعور بالرضا فقط أكثر من ذلك أن يشعر بالبهجة، أن يشعر بالفرحة، أن يشعر بالأنس عندما يرى زوجته عندما يلتقي مع زوجته، الشعور بالبهجة والشعور بالأنس قمة السعادة.

أقيمة دراسة على 131 امرأة متزوجة سألوهن ما هي أسعد لحظات الحياة عندكِ؟!

أجابت: عندما أتحدث ويستمع إليّ زوجي، عندما يسمع زوجي لحديثي ويتفهم أفكاري، ويتفهم خواطري فإنها أسعد لحظات حياتي، هذه المرأة ترى أن المقياس العلاقة الجنسية، الملامسة الجسدية ترى أن المقياس في سعادتها وشعورها بالبهجة والفرحة إصغاء زوجها لحديثها وتفهمه لأفكارها هذه نظرية من النظرية في السعادة الزوجية.

النظرية الثانية:

يذكر الدكتور إبراهيم علوش أستاذ مادة الاقتصاد في جامعة عمّان أن هناك معهد أستراليا أسمه معهد «السعادة الزوجية» تدفع 140دولار تدخل هذا المعهد تدرب على تعلم السعادة الزوجية، كيف نحصل على السعادة الزوجية لتدريبً على بعض الصفات، وعلى بعض الخصال هؤلاء يلخصون السعادة الزوجية: في إنها التوازن في إشباع الغرائز، المرأة تمتلك غريزة الجنس وتمتلك غريزة العاطفة، التوازن في إشباع الغرائز هو الضابط في تحقيق السعادة الزوجية للمرأة، عندما تشبع الغريزة الجنسية على حساب العلاقات العاطفية، على حساب الحنان والعطف فإنها تصبح امرأة تعيسة، عندما تغذى من الناحية العاطفية على حساب العلاقة الجنسية فإنها تصبح أيضاً امرأة تعيسة، التوازن في الإشباع بين الغريزتين هو المحقق للسعادة الزوجية بالنسبة للمرأة وبالنسبة للرجل.

النظرية الثالثة:

النظرية الثالثة في السعادة الزوجية ما نقتنصه من حياة الزهراء «سلام الله عليها» السعادة الزوجية أن تحقق المرأة أهدافها من خلال بيت الزوجية هذه هي السعادة الزوجية، المرأة فالتحدد هدفها، إذا حددت المرأة أهدافها قبل الزوج، واستطاعت أن تحقق أهدافها من خلال الأسرة، من خلال بيت الزوجية فإنها حصلت على السعادة الزوجية الحقيقة.

هدف المرأة بناء الحضارة، المرأة ليست مجرد حيوان مدلل، المرأة ليست تحفة ثمينة يحتفظ بها في موقع من مواقع البيت، المرأة ليس جهاز من أجهزة المنزل يشتغل ويعمل من أجل المنزل كالغسالة أو الثلاجة أو الطباخ أو أي جهاز أخر… المرأة شيء فوق ذلك، المرأة إنسان يمتلك خصائص الإنسانية التي تأهله لئن يقوم بدوره في بناء الحياة، في بناء الجيل، في بناء الحضارة الشامخة، هدف المرأة أن تكون شريك للرجل في بناء الحياة، إذا استطاعت المرأة أن تحقق هدفها هذا من خلال زوجها، من خلال أسراتها، من خلال بيتها فإنها بلغت السعادة الزوجية.

الدكتور ثامر أبو بكر دكتور في الإعلام يتحدث ويقول: عندما نراجع الإعلام النسائي من مجلات وجرائد وقنوات ومواقع نسائية تتحدث عن عالم النساء، هذا الإعلام يظلم المرأة أكثر مما ينتصر للمرأة لحظوا مثلاً: المجلات العربية التي تتحدث عن شؤون المرأة مجلة لها، مجلة زهرة الخليج هذه المجلات التي تتحدث عن المرأة 30% من معلوماتها تتحدث عن الموضة، تتحدث عن الديكور، تتحدث عن الجمال، تتحدث عن الأزياء أخر صيحة في عالم الموضة والديكور، أخر صيحة في عالم الأزياء، أخر صيحة في عالم الجمال، تكريس 30% من المعلومات في هذا الأفق وفي هذا الحقل يجعل أفق المرأة ضيقاً لا يخرج عن هذه الحدود، يجعل ذهنية المرأة متقوقعة في هذه المعلومات، وفي هذا الميدان، إما إذا قام الإعلام ببعث شخصية المرأة بتلقينها الدور الإنساني الذي أعدت له فإنها ستعطي تمنح الحياة لأكثر مما تعطي، وبأكثر مما تهب، وبأكثر مما تمنح.

السيدة الزهراء حققت السعادة الزوجية بأنها حققت أهدفها من خلال بيت زوجها، وذلك من خلال صور رائعة تتجلي لنا في شخصيتها:

الصورة الأولى:

الزهراء تركز على العطاء ولا تركز على القضايا المادية لاحظوا مهر الزهراء 480أو 500على اختلاف الراويات ما هو أثاث الزهراء؟!

أساس الزهراء قميص ب7 دراهم، خمار ب5 دراهم، سرير مزمل بشريط فراشان من خيط مصر، فراش محشوا بصوف الغنم، فراش محشوا بليف النخل قعط للبن، شناً للماء، رحى للطحن، حصير هجري عليه مخداتنا محشوتان بليف النخل، الإمام أمير المؤمنين فرش الدار بالرمل الناعم ونصب خشبتنا ربط بينهما حبال لتعليق الملابس هذا أثاث الزهراء إما كان بإمكانها أن تشتري من الأثاث الشامي الذي كان أثاثاً فخماً في زمانها وكان لبنات الأثرياء وللبنات المدللات كأن بإمكانها ذلك وهي أبنت رجلاً بيده ثروات الأمة الإسلامية آن ذك.

الزهراء عاشت بهذا الملامح المادية البسيطة لتعلم المرأة أن الحياة الزوجية ليست من خلال الحدود المادية، الحياة الزوجية أسمى من ذلك، الحياة الزوجية أعمق من ذلك، الحياة الزوجية شراكه في بناء الحياة وفي بناء الأجيال، ليست الحياة الزوجية منوطه بالمقاييس المادية، منوطه بالحدود المادية الزائلة التافهة، عندما تركز المرأة على أن سعادتها بسيارتها الفخمة، سعادتها بمنزلها الفخم، سعادتها بأزيائها الجذابة، سعادتها بمكياجها الجذاب، عندما تركز المرأة على القضايا المادية وتنسى دورها الذي أنيط بها، دورها في بناء الحياة فإنها تقع في خلاف حاد، وفي خلافات وشجارات وصراعات مع زوجها لأنها تركز على القضايا المادية وتفعل عن القضايا الأساسية التي بنيت عليها الأسرة وهي الشراكة في بناء الحضارة والحياة لتتعلم المرأة من شخصية السيدة الزهراء «سلام الله عليها».

الصورة الثانية:

التعاون بين الزوجين حتى في أمور المنزل علي يعين فاطمة، وفاطمة تعين علي، كان علي ضمن للزهراء أن يستقي بالماء ويحتطب ويكنس الدار، وضمنت الزهراء أن تخبز وتعجن وتطحن بالرحى، كان بينهما علاقة تعاون حتى في الأمور المنزلية، هذا التعاون يعطي للأطفال درساً أن الحياة تعاون، أن الحياة علاقة أخد وعطاء، أن الحياة علاقة تجاذب وارتباط هذا تعليم للأبناء على خلق التعاون وهكذا كانت فاطمة وعلي «سلام الله عليهم وآلهما».

الصورة الثالثة:

الصورة الثالثة التي كانت تتجلى في شخصية الزهراء علاقتها بعلي ليست علاقة عاطفية فقط علاقة احترام، العلاقة الزوجية ليست علاقة عاطفية لو اقتصرت العلاقة الزوجية على العلاقة العاطفية لتأثرت بأي حدث، لتأثرت بأي حدث، بمجرد أن يخطي أحد الزوجين في حق الأخر تتأثر هذه العلاقة العاطفية، تتأثر هذه العلاقة النفسية، الحياة الزوجية مبنية على الاحترام أن يعتبر كل منهم الأخر إنسان ذا كرامه يستحق الاحترام ويستحق التبجيل، وهذا ما كان بين علي وفاطمة.

الإمام أمير المؤمنين يروي لنا يقول: لما دخلت بفاطمة، قال لي: النبي يا علي أدخل بيتك وألطف بزوجك ورفق بها فإن فاطمة بضعة مني يؤلمها ما يؤلمني ثم يقول: فا والله ما أغضبتها قط ولا أكرهتها على أمراً لا تريده قط «أكرهتها» يعني كانت شريكة معي في القرار، شريكه معي في الرأي، أنا لا اكرها على أمر، ولا أكراهتها على أمراً لا تريده قط فإنها والله ما أغضبتني قط، ولا عصت ليّ أمراً قط، وكنت إذا رأيت وجهه تنجلي عني الهموم والأحزان بابتسامتها الحنون، في عطفها الدافئ كانت تغمر أمير المؤمنين بعطفها وحنانها ودفئها فإذا رآها تنجلي عنه الهموم والغموم والأحزان.

الشيخ المجلسي يروي في البحار يقول: بعد وفاة النبي الزهراء تعرضت إلى الأذى الجسدي والنفسي بمقدار كبير أنتم تعرفون، ولكن الشيخ المجلسي يروي عن الإمام الصادق عن الزهراء أنها ما بكت أمام علي أبداً مع ألامها مع شدة ما بها ما بكت أمامه ولا تألمت أمامه، كان كلما لقي بها لقيها تبتسم في وجهه، تنسى ألامها، تنسى شجونها، تنسى كل ما عندها في سبيل أن تسعد قلب أمير المؤمنين علي .

ومن صور حياتها الرائعة التي علمنا نحن أزواج وزوجات تركز على الكمال الروحي ورد عن الإمام الصادق : أن فاطمة استقت بالقربة وإنّها حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها حتى داخلها من ذلك ضرر بليغ فقال لها علي : أطلبي من أبيك خادم يعيننا على ما نحن فيه، فأقبلت إليه وهو مشغول بأصحابه فرجعت إلى البيت وعلم النبي بها، يقول علي قمنا إلى مضاجعنا فدخل رسول الله علينا فأردنا أن نقوم فقال: على مكانكما ثم جلس عندنا قال: ما عندكِ بنيه قالت: أني وجعه وأني كذا وكذا قال: إلا أعلمك خيراً من الخادم قالت: ما هو قال: إذا فرغتم من الصلاة أو قمتما إلى مضاجعكما فكبر الله 33 وحمداه33وسبحاه34 فإنه خيراً لكما من الدنيا وما فيها، وكانت هذه سنة الزهراء أن تسبح بعد كل فريضة وعند كل مهمة لذلك أصبح هذا التسبيح مستحب بعد كل صلاة وسمى «بتسبيح الزهراء ». فاطمة لزهراء هي «سلام الله عليها» كزوجة قامت بأدوارها الرساليه.

دور الزهراء كأم:

فاطمة الزهراء كأم هنا نرجع لحظة إلى دور الأمومة علماء النفس يقولون: الأم أكثر تأثيراً على الطفل من الأب هي صاحبة العطاء السحرية في سلوك الطفل، وفي بناء شخصية الطفل كيف تبنيه هذه الأم، الأم كيفية تأثريها على الطفل، نحن عندما نلحظ الأم وكيفية تأثريها على الطفل يقولون: الطفل يعرضه الهدوء والاستقرار إذا سمع نبض قلب أمه، نبض قلب الأم وسيلة لغراس الهدوء والاستقرار في نفسية الطفل، لبن الأم كما يساهم في تكوين النسيج الدماغي أكثر من البن الاصطناعي، كما أن لبن الأم جنه من الأمراض ووقاية من الأمراض، أيضاً لبن الأم يزرع في قلب الأم الدفء والحنان والعطف، الطفل لا يشرب من أمه لبن وإنما يشرب عاطفة، ويشرب حنان، ويشرب رائفة، وهذا ما يجعل شخصيته، شخصية مستقره وشخصية متوازنة من الناحية العاطفية ومن الناحية الاجتماعية.

مناغاة الأم لطفلها علماء النفس يقولون: قامت دراسات وجد أكثر الناس اجتماعية من حصل على نصيب أكبر من مناغاة الأم، مناغاة هذه الأم يجعل هذه الشخصية مؤهله لئن تكون شخصية منفتحة، شخصية اجتماعية تألف الآخرون ويألفها الآخرون لأنها أخذت نصيبها من المناغاة والمناجاة والحنان والعطف من قبل الأم والأم هي المؤثرة في شخصية هذا الطفل قال تعال: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾الأم هي المؤثر.

نعود إلى شخصية الزهراء كيف ربت أبنها، كيف قامت بالدور الرسالي الذي أنيط بها في تربية أبناها وربت الزهراء أبناها لا على الأنانية، وحب المال، ولا على المعصية والتمرد ولا على احتقار الآخرين، إنما ربتهم على قيم أصبح بها رموز التاريخ، أصبح بها أبطال التاريخ حسن وحسين وزينب أصبحوا رموز التاريخ للقيم التي ربوا عليها، ربتهم الزهراء على البذل على العطاء على التضحية على الروح الغيرية ما عرفوا الأنانية وما عرفوا نفسيه وما عرفوا أن يتقوقعوا حول دواتهم أو يحموا حول أنفسهم، ما عرفوه هو العطاء والبذل والغيرية والضمير الاجتماعي الحي الآم الآخرين ومأساة الآخرين.

الحسن الزكي أول من عرف فاطمة الحسن الزكي، أول من عاش مع فاطمة وتنفس فاطمة الحسن الزكي، الحسن الزكي يقول: ما رأيت أعبد من أمي فاطمة، كانت إذا قامت إلى محرابها لا تنفتل قدماها حتى تتورم قدماها من طول الوقوف بين يدي ربها، وما رأيتها دعت إلى لنفسها قط وإنما تدعوا للمؤمنين والمؤمنات فقول لها: أماه فاطمة لمَ لا تدعين إلى نفسكِ فقول: بني حسن الجار ثم الدار، ربي الحسن على الجار، ربي الحسن على الإحساس بالغير قبل الإحساس بالنفس على الشعور بالغير قبل الشعور بالنفس، بني حسن الجار ثم الدار ربت هؤلاء الأطفال على أن يتصدقوا بأقراصهم وهو صيام يحتاجون إليها حاجة ماسه قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾يأتي المسكين، يأتي اليتيم يأتي الأسير يتسابق الأطفال قبل الأم والأب يتسابق حسن وحسين وزينب لتصدق بأقراصهم على هؤلاء المحتاجين لأنهم ربوا على التضحية، ربوا على العطاء منذُ أول يوم لذلك أصبحوا رموز التضحية، الحسين كما عاش الحسن فاطمة عاش الحسين فاطمة صحيح عاش خمس سنوات من حياته أو ست سنوات من حياته لكنها انغرست في قلبه، لكنها تجدرت في كيانه روح فاطمة وشخصية فاطمة فكان دائماً يتمثل أمه فاطمة.