مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
خطبتها في المسجد و الشهادة والألم
+ = -

خطبتها في المسجد و الشهادة والألم

خطبتها في المسجد
ومن أهم ما بقي لنا من السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) خطبتها في المسجد التي اشتملت على علوم مختلفة ومعارف جمة..
والخطبة بحاجة إلى مجلدات لتوضيحها..
كما انها (عليها السلام) رسمت عبر خطبتها وسائر مواقفها النهج الصحيح للأجيال القادمة إلى يوم القيامة.
الشهادة والألم
بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كانت (عليها السلام) تعيش مع زوجها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في أعلى مراتب الجهاد من أجل الحفاظ على الدين الإسلامي والدعوة الإلهية التي أسسها وأرسى دعائمها خاتم الرسل وسيد البشر، بعد أن أصبحت مسؤوليتهما اكبر وأخطر بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)..
فلم تنظر (عليها السلام) إلى الموقف كحدث عابر، بل انها كانت تقف بوجه الاستبداد والديكتاتورية، وكانت تعتبر موقف القوم خطوة أو بداية للتراجع إلى الوراء، وتعدّه طمساً للحضارة الإسلامية المتنامية، فكان وقوفها هذا هو بداية الجهاد والاستشهاد، والذي استمر حتى مع أبنائها وذريتها، فكان جهاد الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السلام) في كربلاء واستشهاده، امتداد للوقفة الفاطمية الخالدة بوجه الانحراف عن الإسلام.
وأثرت هذه المواقف البطولية على صحتها كثيراً، حتى اصيبت الزهراء (عليها السلام) بجروح عديدة بعد مداهمة الأعداء لبيتها وما تبع ذلك من كسر ضلعها واسقاط جنينها محسن الشهيد.. فكان ذلك سبباً في استشهادها وهي في الثامنة عشر من العمر. وقد جاء في الروايات:
«مرضت فاطمة الزهراء (عليها السلام) مرضاً شديداً ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت صلوات الله عليها، فلمّا نعيت إليها نفسها دعت أم أمين وأسماء بنت عميس ووجهت خلف علي (عليه السلام) وأحضرته، فقالت: يا بن عمِّ انه قد نعيت إلي نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة وأنا أوصيك بأشياء في قلبي…».
وبعد أن سمع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وصاياها ومنها أن يتزوج بـ (امامة) من بعدها، وان يتخذ لها نعشاً، وان لا يُشهِد جنازتها من ظلمها وسلب حقها، وان تدفن ليلاً وسراً… قال لها ـ كما في رواية ـ: «من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر، والوحي قد انقطع عنا؟
فقالت: يا أبا الحسن رقدت ساعة فرأيت حبيبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في قصر من الدر الأبيض فلما رآني قال: هلمي إلي يا بنية فإني إليك مشتاق.
فقلت: والله إني لأشد شوقاً منك إلى لقائك.
فقال: أنت الليلة عندي وهو الصادق لما وعد والموفي لما عاهد».
وقد توفيت الزهراء (عليها السلام) مظلومة شهيدة ليلة الأحد لثلاث خلون من شهر جمادى الثانية من العام الحادي عشر من الهجرة، ولها من العمر ثماني عشرة سنة وسبعة اشهر، أي بعد وفاة والدها بثلاثة أشهر..
هكذا جاء في بعض الروايات.. وفي بعضها الآخر: انها (عليها السلام) توفيت في 13 جمادى الأولى وهناك روايات أخرى.
وبالرغم من أنها (عليها السلام) فارقت الحياة في عمر قصير، ولكنها باقية إلى ماشاء الله مدرسة للاجيال، ومشعل نور يكشف عن الزيف والاستبداد، ويقارع الطغاة الظالمين، ويقف بوجه كل من يريد طمس معالم هذا الدين الحنيف.
فالأمة تستلهم الدروس والعبر من مواقفها (عليها السلام) وبطولاتها كما تستلهم الدروس والعبر من مواقف أبنائها المعصومين (عليهم السلام) ببطولاتهم وحملهم هموم الإسلام، حيث مثلوه خير تمثيل..
وما تزال البشرية متطلعة إلى ظهور صاحب العصر والزمان الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) لإنقاذها من براثن المتسلطين والمستبدين ولمحو الظلم والعدوان، ولينشر العدل والإسلام في جميع أرجاء العالم، ويحقق الغاية والهدف الذي خلق من أجله النبي (صلّى الله عليه وآله) والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بنشر العدل والأمن والهدى في ربوع المعمورة.
وبما سبق يظهر بعض دلالة قول الله عزّ وجلّ في الحديث القدسي: (يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما)..
فلولا فاطمة (عليها السلام) لما وجد الحجة (عليه السلام) وسائر الحجج المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) .. ولولاهم لما كان عدل ولا أمن ولا دين، فصلى الله عليك يا سيدتي يا فاطمة الزهراء وعلى أبيك وبعلك وأولادك الغر البررة.
«السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة، الممنوعة حقّها.
اللهم صل على أمتك وابنة نبيك، وزوجة وصي نبيك، صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل السماوات وأهل الأرضين».
وهذا آخر ما أردنا بيانه في هذا الكتيب، نسأل الله سبحانه القبول انه سميع الدعاء.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

قم المقدسة