فاطمة الزهراء وديعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أمته وقرة عينه وريحانته المباركة وبضعة منه، يقول العلامة الإربلي إن فاطمة الزهراء عليها السلام، هي سليلة النبوة ورضيعة درّ الكرم والاُبوة، ودرّة صدف الفخار، وغرّة شمس النهار… قُرّة عين أبيها، وقرار قلب أُمِّها، الحالية بجواهر عُلاها، العاطلة من زخرف دنياها، أمة الله وسيدة النساء… وريحانة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بين أهله، فما يجاريها في مَفْخر إلا مغلّب، ولا يباريها في مجد إلا مؤنّب، ولا يجحد حقّها إلا مأفون، ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون.(1)
اولاً: ولادة فاطمة الزهراء عليها السلامفاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله الهاشمية القرشية عليها السلام، أبيها خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم أمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولدت يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية وبعد واقعة الإسراء والمعراج بثلاث سنين،على خلاف في الرأي بشان سنة ولادتها.لما حضرت خديجة الولادة وجهت إلى نساء قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين منها ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها قائلات: عصيتينا ولم تقبلي قولنا، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة لذلك، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم .ففزعت منهن، فقالت لها إحداهن: لا تحزني يا خديجة، فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه صفراء بنت شعيب، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء. فجلست واحدة عن يمينها، والأخرى عن يسارها، والثالثة من بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت خديجة فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة .فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها نور حتى دخل بيوت مكة، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها، فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة، وقنعتها بالأخرى، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة بشهادة ( أن لا إله إلا الله ، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وان بعلي سيد الأوصياء، وأن ولدي سيد الأسباط )، ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحدة منهن باسمها ، وضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، فلذلك سميت بالزهراء. وقالت: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة، زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها. فتناولتها خديجة فألقمتها ثديها فشربت، فدر عليها. (2)
ثانياً: إنا أعطيناك الكوثربسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) صدق الله العلي العظيم.يقول المفسرون في سبب نزول سورة الكوثر: أن أحد أقطاب المشركين، وهو العاص بن وائل، التقى يوماً برسول الله (صلى الله عليه وآله) عند باب المسجد الحرام، فتحدّث مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك بمرأى من جماعة من صناديد قريش، وهم جلوس في المسجد الحرام، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفارقه، جاء إلى أولئك الجالسين، فقالوا له: من كنت تحدث؟قال: ذلك الأبتر، وكان مقصوده من هذا الكلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس له أولاد وعقب، فكان هذا سبباً لنزول سورة الكوثر وهي :(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).أما المعنى، فهو أن الله سوف يُعطيك نسلاً في غاية الكثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة،وعلى هذا المعنى فان فاطمة الزهراء عليها السلام هي الكوثر، اقول ودليل ذلك قوله تعالى ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) اي ان شانئك لن يكون له مثل فاطمة الزهراء، وان وجد له عقب.وقال فخر الدين الرازي في تفسيره: ( الكوثر أولاده صلى الله عليه وآله وسلم، لأن هذه السورة إنما نزلت رداً على من عابه عليه الصلاة والسلام بعدم الأولاد. فالمعنى أنه سيعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان، فانظر كم قُتل من ذرية رسول الله، لكن العالم ممتلئ منهم، بينما لم يبق من بني أمية أحد يعبأ به).(3)
ثالثاً: فاطمة الزهراء عليها السلام أم أبيهاشهدت الزهراء فاطمة (ع) منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد كان النبي(ص) يعاني اضطهاد قريش وخاصة من أذى عمه أبي لهب وامرأته أم جميل ، فضلاً عن المعاناة بسبب حصار قريش الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات وكانت فاطمة (ع) تعينه وتسانده وتؤازره وتهون عليه. فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه، حتى أصاب التعب بني هاشم والمسلمين وآل بيت النبوة، وكان لا يصل إليهم شيئا من الطعام إلا خفية. وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة (ع) فضلاً عن وفاة أمها خديجة الكبرى فبقيت طوال حياتها تعاني من ذلك، ولكن ذلك لم يزدها إلا إيمانا وصلابة. وهكذا وجدت الزهراء نفسها ، وهي لم تزل صبية ، أمام مسؤولية بيت أبيها النبي الكريم (ص) ، وهو في اشد أوقات الدعوة تعرضاً للقسوة والألم بعد وفاة زوجته خديجة الكبرى وعمه أبى طالب فوقفت الزهراء (ع) إلى جانب أبيها فأزاحت عنه مشاعر الهم والغم ، لذلك كانت تكنى بأم أبيها.(4)
رابعاً: فاطمة الزهراء زوجة حيدر الكرار عليهما السلامفي السنة الثانية من الهجرة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم عليا عليه السلام من ابنته الزهراء فاطمة عليها السلام. وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين وخاطبهم قائلاً بقوله: ( معاشر المسلمين إن جبريل أتاني أنفا، فأخبرني عن ربي عز وجل أنه جمع الملائكة عند البيت المعمور، وأنه أشهدهم جميعاً أنه زوج أمته فاطمة من عبده علي بن أبي طالب، وأمرني أن أزوجه في الأرض وأُشهدكم على ذلك… ). وعند ابرام عقد الزواج جمع الرسول الأكرم عددا من أصحابه وقال : (الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد، وإن الله، تبارك اسمه وتعالت عظمته، جعل المصاهرة سبباً لاحقاً وأمراً مفترضاً وأنتج بها الأرحام ، وانتظم بها الأنام، وقال عزّ من قائل ( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربُك قديراً ) فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكل قدر أجل، ولكلّ أجل كتاب، يمحو الله ما يشاء ويثبت ويحكم ما يريد وعنده أُمّ الكتاب ) .ثم قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( إن الله أمرني أن أزوج فاطمة بعلي بن أبي طالب ابن عمي، فاشهدوا أني قد زوجته بها ).وبعدها خاطب عليا قائلا: ( يا علي إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أزوجك فاطمة ، وإنّي قد زوجتكها على أربع مائة مثقال فضة ) .فأجابه عليٌّ عليه السلام ( قد رضيتها يا رسول الله، ورضيت بذلك عن الله الكريم ورسوله الكريم ) ثم إن عليّاً ( عليه السلام ) سجد لله شكراً.ثم خاطب الرسول الأكرم عليّاً قائلا: (جمع الله شملكما ، وأعزّ جدّكما ، وأطاب نسلكما ، وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الأمة، وبارك الله لكما، وبارك فيكما، وأسعدكما، وأخرج منكما الكثير الطيب), ثم توجه عليه أفضل الصلاة والسلام بالدعاء قائلا: ( أللهم إنّهما مني وأنا منهما، اللهم كما أذهبت عنّي الرّجس وطهرتني. فاذهب عنهما الرجس وطهرهما وطهر نسلهما…)و قد فرحت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها بزواج ابنها علي (ع) من فاطمة (ع) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً، وعاشت مع ابنها وزوجته في الدار ، وقال علي لأمه عليه وعلى أمه أفضل السلام : لو كفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وكفتك في الداخل الطحن والعجن . فتراضوا على ذلك .يتضح مما تقدم ان زواج علي من فاطمة عليهم السلام تم بامر الله سبحانه وتعالى لتكون هي الأم التي تنجب أئمة أهل البيت. أولادها: (الحسن ، الحسين ، المحسن ، زينب الكبرى. أم كلثوم ) عليهم السلام، وفاطمة (ع) في المرتبة الثالثة من حيث المكانة بعد أبيها محمد (ص) وعلي بن أبي طالب (ع).(5)
خامساً: فاطمة الزهراء أم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة عليهم السلامالحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي عليه السلام، أبو محمد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته وابن فاطمة بنت رسول الله عليها السلام سيدة نساء العالمين، ولد الحسن عليه السلام في نصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة.الحسين بن علي بن أبي طالب القرشيّ الهاشمي، أبو عبد الله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته وابن فاطمة بنت رسول الله عليها السلام سيدة نساء العالمين، ولد الحسين عليه السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)سأل ربيعة السعدي حذيفة بن اليمان عن التفضيل فقال له: على الخبير سَقَطْتَ ، أما إنّي لا أحدّثك إلاّ بما سمعتْهُ أُذنايَ ووعاهُ قلبي وأبصرتْه عيناي : خرج علينا رسولُ الله صلّى الله عليه واَله وسلّم – كأنّي أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة ، حاملَ الحسين بن عليّ على عاتقه، كأني أنظر إلى كفّه الطيّبة واضِعَها على قدمه يُلصقها بصدره فقال : يا أيّها الناسُ ، لأعرفنّ ما اختلفتم بعدي . هذا الحسينُ بن عليّ : خير الناس جدّاً ، وخير الناس جدّةً : جدّه مُحمّدٌ رسول الله ، سيّد النبيّين . وجدّته خَديجة بنت خويلد ، سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله . هذا الحسينُ بن عليّ : خير الناس أباً ، وخير الناس أُمّاً : أبوه: عليّ بن أبي طالب، أخو رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ووزيرُه، وابن عمّه، وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله. وأُمّه فاطمة بنت محمّد، سيّدة نساء العالمين. هذا الحسينُ بن عليّ : خيرُ الناس عماً ، وخير الناس عمةً : عمه جعفر بن أبي طالب ، المزيَن بالجناحين يطيرُ بهما في الجنة حيثُ يشاء . وعمّته أُم هانى بنت أبي طالب .هذا الحسين بن عليّ : خير الناس خالاً ، وخير الناس خالةً :خالُهُ القاسمُ بن محمّد رسول الله . وخالته زينب بنت محمد رسول الله.( ولدت السيدة زينب قبل البعثة النبوية بعشر سنوات. وهي حسب الروايات الشيعية ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة الكبرى )ثمَ وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه، وحَبا.ثم قال : يا أيّها الناس : هذا الحسين بن عليّ : جدّه وجدّته في الجنّة ، وأبوه وأُمّهُ في الجنّة ، وعمّه وعمّتهُ في الجنّة ، وخاله وخالته في الجنّة ، وهو وأخوه في الجنّة . إنّه لم يُؤْتَ أحدٌ من ذرّيّة النبيّين ما أُوتي الحسين بن عليّ ما خلا يوسف بن يعقوب.(6)
سادساً: أسماء وألقاب فاطمة الزهراء على أبيها وعليها وعلى زوجها أفضل السلام تتعدد أسماء فاطمة (ع) وألقابها.أما تسمية فاطمة فقد قال عنها الخطيب البغدادي وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ( أن الله سماها فاطمة لأنه فطمها ومحبيها عن النار). و في سنن الأقوال و الأفعال روى الديلمي عن أبي هريرة : إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار. بينما قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى( بأن الله فطمها وولدها عن النار).ومن ألقابها:الزهراء: أن أبيها (ص) هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة.. البتول:لأنها ،بإرادة الله سبحانه وتعالى ،لم يصبها الحيض والنفاس قط.الحوراء الإنسية: وفي رواية عن الرسول (ص) أوردها الطبراني في المعجم الكبير: (فاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة).و جاء الحديث برواية السيدة عائشة رواه الطبراني ان الرسول المصطفى (ص) قال: (إنّي لما أُسري بي إلى السماء أدخلني جبريلُ الجنّة فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.) ولها عليها السلام ألقاب أخرى كثيرة تعبر عن عظم مكانتها في الإسلام وفي قلب أبيها الرسول المصطفى (ص).(7)
سابعاً: وفاة فاطمة الزهراء عليها السلامعن الإمام علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه فكانت فاطمة عليها السلام تقول أرني القميص فإذا شمته غُشي عليها فلما رأيت ذلك غيبته. توفيت فاطمة عليها السلام بعد ستة أشهر من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد انتبهت عليها السلام من غفوتها وهي على فراش المرض، واستعدت للرحيل إلى الآخرة، فقد سمعت من أبيها عليه أفضل الصلاة والسلام الذي قال: (من رآني في المنام فقد رآني حقا ) نبأ ارتحالها فلا مجال للشك والتردد في صدق الخبر ودخل الإمام علي عليه السلام البيت، وإذا به يرى زوجته العزيزة وقد غادرت فراش المرض وتمارس أعمالها المنزلية. فسألها الإمام عليه السلام عن سبب مغادرتها للفراش؟أجابته: لأن هذا اليوم آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل رُؤوس أطفالي لأنهم سيصبحون بلا أم، سألها الإِمام عن مصدر هذا النبأْ فأخبرته بالرؤْيا، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك. وانتقلت من يومها إلى جوار ربها راضية مرضية، ولما حَل الهزيع الأخير من الليل قام عليه السلام فصلّى عليها، وعهد إلى بني هاشم وخُلص أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخير.ولم يخبر عليا عليه السلام أحد بذلك، سوى الصفوة من أصحاب رسول الله الخُلص وأهل بيته عليهم السلام. وأودعها في قبرها وأهال عليها التراب، ووقف عليه السلام على حافة القبر يبكي بحرقة قائلاً:(السَّلام عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النَّازِلَة في جوارك، السريعة اللحاق بك، قَلَّ يا رسولَ الله عن صَفِيَّتِك صَبرِي، وَرَقَّ عنها تَجَلُّدِي، إِلاَّ أنَّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِبَيتِك مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقد وَسَّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك، وَفَاضَت بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ.إِنَّـا لله وإنَّا إليه راجعون، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ، وأُخِذَتْ الرَّهينَة، أمَّا حُزنِي فَسَرْمَدْ، وَأمَّا لَيلِي فَمُسَهَّدْ، إلى أَنْ يختارَ اللهُ لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ على هَضمِها، فَاحفِهَا السُّؤَالَ، واستَخبِرْهَا الحَالَ).(8)
ثامناًً: بعض مما قاله الرسول (ص) بحق فاطمة (ع)قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم:ـ (إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة).ـ (كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة).ـ (حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة)ـ (يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة).ـ (ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة)ـ (كُلِّ بَنِي أُنثى عصْبَتُهم لأَبيهِمْ ماخَلا وُلْد فاطِمَة).ـ (أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة).ـ (إنّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَطـَمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَها وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة).ـ (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها).ـ (فاطِمَة أَحَبُّ إِليَّ مِنْكَ يا عَلِيّ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْها).ـ (فاطِمَة شُجْنَةٌ مِنّي يَبْسُطُنِي ما يَبْسُطُها وَيَقْبِضُنِي ما يَقْبُضُها)ـ (فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي).(9)
تاسعاً: شيء من كرامات فاطمة الزهراء (ع)لما قدم جعفر على النبي (ص) بخيبر أتاه بالفرع من الغالية والقطيفة فقال النبي (ص): لأدفعنّ هذه القطيفة إلى رجل يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله، فمدّ الأصحاب أعناقهم إليها.فقال النبي (ص) : أين علي؟فوثب عمّار بن ياسر فدعا علياً (ع)، فلما جاء قال له النبي (ص): يا علي خذ هذه القطيفة إليك.فأخذها وأمهل حتى قدم المدينة، فانطلق إلى السوق وأمر صائغاً ففصل القطيفة سلكاً سلكاً، فباع الذهب، ثم فرّقه في فقراء المهاجرين والأنصار، ثم رجع إلى منزله ولم يترك لنفسه شيئاً.فلقيه النبي (ص) من غد في نفر من أصحابه فقال له: يا علي اجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك. فقال علي (ع) مع انه لم يدّخر شيئاً: نعم يا رسول اللّه، على الرحب والسعة.فدخل رسول اللّه (ص) مع أصحابه وكانوا خمسة: حذيفة، وعمّار، وأبوذر، وسلمان، والمقداد.قال حذيفة : ودخل علي (ع) على فاطمة (ع) يبتغي عندها طعاماً، فوجد وسط البيت جفنة من ثريد تفور وعليها عراق كثير، وكأن رائحتها المسك، فحملها علي (ع) حتى وضعها بين يدي رسول اللّه (ص) فأكل وأكلنا حتى تملأنا ولم ينقص منه شيء.فقام النبي (ص) حتى دخل على فاطمة (ع) وقال (ص) ونحن نسمع كلامه: أنّى لك هذا الطعام يا فاطمة؟قالت (ع): (هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب).فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستعبراً وهو يقول: الحمد للّه الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريّا لمريم، وكان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً، فيقول لها: يا مريم أنّى لك هذا؟ فتقول: (هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب).(10)دعاءاللهم رب العزة والرحمة، هذا العراق بلد عبادك ومقام أوليائك، يكاد لا يخلو بيت فيه من محبي فاطمة وأبيها وذريتها عليهم أفضل الصلاة والسلام جميعاً، فانصرنا على أعداء الإسلام وعلى من أنكروا فضل أبيها وفضل بعلها وفضلها وفضل بنيها على الإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء، اللهم رد كيد أعداء العراق إلى نحورهم، اللهم انت مولانا ونعم المولى والنصير وصلي على محمد وآله وسلم.*************الهوامش:1 ـ انظر محمد فاضل المسعودي، الأسرار الفاطمية ، انظر الرابط:http://www.14masom.net/tmp/zahra/010.htm2 ـ انظر:السيد محمد كاظم القزويني ، الامام علي عليه السلام من المهد الى اللحد، الليلة الخامسة، منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book02/5.htm وانظر:احمد الرحماني الهمداني ، فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ،الفصل الثامن والعشرون ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htmوانظر: موسوعة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،موقع الميزان، منشور على الرابط : http://www.mezan.net/mawsouat/fatima/mawled.html3 ـ انظر: مركز آل البيت عليهم السلام العالمي للمعلومات،منشور على . http://www.al-shia.com/html/ara/ahl/index.php?mod=sire&id=130وانظر: مقال فاطمة الزهراء عليها السلام هي الكوثر على الربط :http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28356وانظر الامثل في تفسير القران ، منشور على الرابط:http://www.alhikmeh.com/arabic/mktba/quran/alamsal20/222.htm 4 ـ انظر:السيد محمد كاظم القزويني ، الامام علي عليه السلام من المهد الى اللحد، الليلة الخامسة، منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book02/5.htm وانظر:احمد الرحماني الهمداني ، فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ،الفصل الثامن والعشرون ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htmوانظر: موسوعة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،موقع الميزان، منشور على الرابط : http://www.mezan.net/mawsouat/fatima/mawled.html5ـ انظر: عثمان محمد، الزّهَراء فاطمة بنت محمد (ص), منشور على الرابط:http://www.14masom.com/14masom/02/mktba2/book12/zah3.htm6ـ انظر شبكة الشيعة العالمية انظر الرابط:http://www.shiaweb.org/books/al-imam_al-hussain/pa45.htmlوانظر الحقائق في تاريخ الاسلام على الرابط:http://www.alkadhum.org/other/mktba/sira/alhaqaeq/41.html7ـ انظر:احمد الرحماني الهمداني ، فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ،الفصل الخامس عشر وما بعده ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htm8ـ انظر السيدة الزهراء بعد رحيل سيد الكونين وخاتم الرسل الكرام http://www.14masom.net/tmp/zahra/001.htmشهادة فاطمة الزهراء عليها السلامhttp://www.14masom.net/tmp/zahra/007.htmوانظر: عثمان محمد، الزّهَراء فاطمة بنت محمد (ص), ص 126 وما بعدها، منشور على الرابط:http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book12/zah9.htm#في%20ذمة%20الخلودانظر:احمد الرحماني الهمداني ، فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ،الفصل الثالث والثلاثون ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htm9ـ انظر:احمد الرحماني الهمداني ، فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htmوانظر مكانة الزهراء (ع) ، منشور على الرابط: http://www.14masom.net/tmp/zahra/004.htm10ـ انظر الشيخ عبد اللطيف البغدادي،فاطمة والمفضلات من النساء ، المقدمة والفصل الرابع، منشور على الرابط:http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book17/part4.htmوانظر: انظر:احمد الرحماني الهمداني ،فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى (ص) ، الفصل التاسع ،منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/02/mktba2/book01/fehres.htm********فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيدي ماجستير في القانون نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً باحث في فلسفة القانون والثقافة القانونية العامةبغداد ـ العراق البريد: farisalajrish@yahoo.com موقعنا: الثقافة القانونية للجميعhttp://farisalajrish.maktoobblog.com