مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الحلقة الخامسة هجرة السيدة فاطمة (عليها السلام) الى المدينة بقلم الشيخ الدكتور ثائرالعقيلي
+ = -

 إصدارات مركز الدراسات الفاطمية

               العراق – البصرة

     سلسلة حلقات نحو المجتمع الفاطمي العفيف

                        (5)

 الحلقة الخامسة

هجرة السيدة فاطمة (عليها السلام) الى المدينة

 بقلم

الشيخ الدكتور ثائرالعقيلي

مدير مركز الدراسات الفاطمية

 هجرة السيدة فاطمة ( عليها السلام).

لم يكن مفهوم الهجرة بالمفهوم الغائب عن ذهنية أهل مكة لأنه منطلق يرتبط بالعوامل النفسية والبيئية للإنسان ،وهو من المصطلحات القرآنية التي لها خصائص ودلالات واستعمالات تختلف فيما لو استعملت خارج المنظور القرآني ، ومن ابرز الآيات الشريفة التي أشارت إلى هذا المعنى في قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) ([1]).وقوله تعالى: (( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) ([2]).ومن خلال هذه الآيات الشريفة أدرك المسلمون حقيقة وأهمية الهجرة أكثر من ذي قبل .

ما في شك تختلف حقيقة الهجرة من شخص لأخر وهي تنطلق من عقيدة الإنسان وصلابة أيمانه ومدى حبة وتفانيه في سبيل التضحية للهدف الذي يؤمن به، فظلاً عن الظروف العقدية التي تمر بها الدعوة وطاعة الرسول القائد (صلى الله عليه واله وسلم)، وهذا يرتبط في مسار الظروف الأمنية التي مرت بها الدعوة الإسلامية في مهدها الأول مكة ،فلم تكن الهجرة واحدة بل تعددت ، فكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة بعد إن رأى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) من الجهد والعذاب وما هو فيه من الأمن بمنع أبي طالب عمه فأمرهم بالهجرة إلى أرض الحبشة  ([3]).

بعد الذي تقدم علينا معرفة المعنى اللغوي للهجرة لمعرفة مساراتها الفكرية التطبيقة . يرجع أصل كلمة الهجرة الى  الفعل الثلاثي هجر : وقد عرفها ابن منظور بقوله :  الهَجْرُ : ضد الوصل .  هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً ، والهِجْرَةُ والهُجْرَةُ : الخروج من أَرض إِلى أَرض . قال الأَزهري : وأَصل المُهاجَرَةِ عند العرب خروجُ البَدَوِيّ من باديته إِلى المُدنِ ؛وسمي المهاجرون مهاجرين لأَنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نَشَؤُوا بها لله ، ولَحِقُوا بدار ليس لهم بها أَهل ولا مال حين هاجروا إِلى المدينة ؛ فكل من فارق بلده من بَدَوِيٍّ أَو حَضَرِيٍّ أَو سكن بلداً آخر ، فهو مُهاجِرٌ ، والاسم منه الهِجْرة  ([4]).ومن هنا يتضح لنا إن معنى الهجرة في فكر السيدة فاطمة ( عليها السلام) ليس المعنى الأول بل المعنى الثاني لذلك لم تكن الهجرة في فكرها وعقيدتها انتقالاً جغرافياً من مكة إلى يثرب ، بل كانت تدرك إن الهجرة مرحلة من مراحل تأسيس الدولة المحمدية التي سوف تعمل على نشر الدعوة الإلهية إلى جميع أنحاء العالم.    

كانت الهجرة هدفاً استراتيجياً في فكر الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولم يتحرك فعلياً للبحث عن موطن جديد لدولته إلا إلى يثرب ، والتي كان اختيارها ناجحاً بكل المقاييس، بدليل نجاح قيام الدولة فيها ، ولعل وراء هذا الاختيار يرجع للموقع والإمكانيات الاقتصادية ، وتواجد الأنصار فيها الذين بايعوه على الهجرة إليهم في بيعة العقبة الثانية([5]) ، والتي كما يبدو أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أدرك تماماً عدم قدرة المسلمين من المكوث في مكة، لذلك أمرهم بالهجرة إلى يثرب قائلاً : (( إن الله قد جعل لكم أخواناً وداراً تأمنون فيها ))([6]). لذلك توجه المسلمون نحوها وقد أكملوا هجرتهم في غضون شهرين فقط ))([7]).

ويبدو من دراسة النص القرآني في قوله تعالى : ((¨bÎ) tûïÏ%©!$# ãNßg9©ùuqs? èps3Í´¯»n=yJø9$# þ‘ÏJÏ9$sß öNÍkŦàÿRr& (#qä9$s% zNŠÏù ÷LäêZä. ( (#qä9$s% $¨Zä. tûüÏÿyèôÒtGó¡ãB ’Îû ÇÚö‘F{$# 4 (#þqä9$s% öNs9r& ô`ä3s? ÞÚö‘r& «!$# Zpyèřºur (#rãÅ_$pkçJsù $pkŽÏù 4 y7Í´¯»s9’ré’sù öNßg1urù’tB æL©èygy_ ( ôNuä!$y™ur #·ŽÅÁtB žwÎ) tûüÏÿyèôÒtFó¡ßJø9$# šÆÏB ÉA%y`Ìh9$# Ïä!$|¡ÏiY9$#ur Èbºt$ø!Èqø9$#ur Ÿw tbqãè‹ÏÜtGó¡o„ \’s#‹Ïm Ÿwur tbr߉tGöku‰ Wx‹Î7y™ y7Í´¯»s9’ré’sù Ó|¤tã ª!$# br& uqàÿ÷ètƒ öNåk÷]tã 4 šc%x.ur ª!$# #‚qàÿtã #Y‘qàÿxî))([8]) عدم خروج جميع المسلمين من مكة ، ويروي الواحدي سبب نزول هذه الآية بقوله : (( أنزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا وأظهروا الإيمان واسروا النفاق ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين ، فقتلوا …))([9]).

ولاشك وقفت قريش على تفاصيل هجرة المسلمين من مكة إلى يثرب ، وتخلف النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فيها وأدركت خطورة نجاح الهجرة على أوضاعهم ، لذلك شعرت ، أن الفرصة ما زالت سانحة في عملية إحباط مشروع المسلمين من خلال اغتيال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في مكة ، لذا أجمعت على ذلك ، قائلة : (( ليس له اليوم أحد ينصره ))([10]). فاجتمعوا في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم) بحضور أشراف قريش ، فاعترضهم إبليس في هيأة شيخ جليل، فاجتمع معهم ، فتداولوا في الأمر ، فكلما قالوا : أمراً عارضهم إبليس حتى قال أبو جهل بن هشام: (( والله إن لي فيه لرأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا: وما هو يا أبا الحكم ؟ قال: أرى إن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً ؟ نسيباً فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ثم يعمدوا اليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد ، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل… فقال: الشيخ النجدي (إبليس) ، القول ما قال الرجل ))([11]).

ويروى ابن عباس أن رسول الله (عليه السلام) في مكة ، فأنزل الله قوله تعالى : ((@è%ur Éb>§‘ ÓÍ_ù=Åz÷Šr& Ÿ@yzô‰ãB 5-ô‰Ï¹ ÓÍ_ô_̍÷zr&ur yltøƒèC 5-ô‰Ï¹ @yèô_$#ur ’Ík< `ÏB y7Rà$©! $YZ»sÜù=ߙ #ZŽÅÁ¯R))([12]) ، ليأمره فيها بالهجرة([13]) ويبدو أن الأمر الإلهي ضمن منطلقات هذه الآية لم يحدد لرسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) تاريخ للهجرة ، تاركاً ذلك للمتغيرات التي تجري على الأرض ، وهذا الأمر ما يفسر مجيء ((جبريل  (عليه السلام ) لرسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) فقال : لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه ، قال : فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه ، يترصدونه متى ينام ليثبوا عليه ، فلما رأى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) مكانهم قال : لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي وتسبح([14])، ببردي هذا ))([15]).

وفي اعتقادنا أن النص يعكس أن جبريل ( عليه السلام) لما أبلغ رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) بخطة قريش ، أبلغه بمبيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ((عليه السلام) بفراشه إكمالاً لإنجاح عملية خروجه من مكة سالماً ، وفي ذلك منقبة تفرد بها (عليه السلام) دون المسلمين جميعاً وقد نزل في حقه قوله تعالى : ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)) ([16]).

ويروي ابن هشام خروج رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) أثناء حصار قريش له في منزله قائلاً : (( وخرج عليهم رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم )، فأخذ حفنة من تراب في يده … وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه ، فلا يرونه ، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات من سورة يس((û§ƒ  Éb#uäöà)ø9$#ur ÉO‹Å3ptø:$#  y7¨RÎ) z`ÏJs9 tûüÎ=y™ößJø9$# 4’n?tã :ÞºuŽÅÀ 5OŠÉ)tGó¡•B Ÿ@ƒÍ”\s? ͓ƒÍ•yèø9$# ËLìÏm§9$# )) إلى قوله تعالى : ((öNßg»oYøŠt±øîr’sù ôMßgsù Ÿw tbrçŽÅÇö7ム)) حتى فرغ رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) من هذه الآيات ، ولم يستبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً ثم انصرف حيث أراد أن يذهب ، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال : ما تنتظرون ها هنا ؟ قالوا :  محمداً ، قال ، خيبكم الله ! قد والله خرج عليكم محمد ، ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته ، أفما ترون ما بكم ؟ قال فوضع كل رجــــل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ، ثم جعلوا يستطلعون فيرون علياً على الفراش متسبحاً ببـــــرد رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم )….))([17]).

بدأت الهجرة الفاطمية بعد هجرة  النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الذي خرج من مكة متوجهاً إلى يثرب بعد علمه بأمر قريش وتدابر اغتياله([18]). وهذا المخطط القرشي أشار له القران الكريم في قوله تعالى: ((øŒÎ)ur ãä3ôJtƒ y7Î/ z`ƒÏ%©!$# (#rãxÿx. x8qçGÎ6ø[ãŠÏ9 ÷rr& x8qè=çGø)tƒ ÷rr& x8qã_̍øƒä† 4 tbrãä3ôJtƒur ãä3ôJtƒur ª!$# ( ª!$#ur çŽöyz tûï̍Å6»yJø9$#))([19]) .

وتتسائل أحدى الباحثات حول المكان الذي استقرت به السيدة  فاطمة ( عليها السلام) ، وقد طرحت عدد من الفرضيات وهي:

الأول : – أن يكون تركها في بيته ( صلى الله عليه واله وسلم) بحماية الإمام علي (عليه السلام) حيث علل السهيلي امتناع مشركي قريش عن مهاجمة دار الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ليلا ً وانتظارهم إلى الصباح بقوله : وذكر بعض أهل التفسير السبب المانع لهم من اقتحام الدار عليه إنهم هموا بالولوج عليه – وأنهم إنما جاءوا لقتله – فصاحت امرأة من الدار ، فقال بعضهم لبعض : والله إنها لسبة في العرب أن يتحدث عنا إنا تسورنا الحيطان على بنات العم وهتكنا ستر حرمتنا … فأصبحوا ينتظرون خروجه على باب الدار (3) .أذن فهناك امرأة في الدار تلك الليلة فهل كانت تلك المرأة فاطمة ( عليها السلام).

ثانيا ً : – أن يكون نقلها إلى بيت فاطمة بنت أسد أو دعا فاطمة بنت أسد لتكون معها في بيت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)  وذلك خوفا ً وحرصا ً على ابنته  ومن ثم استعدادا ً للهجرة فكما هو واضح ومعلوم أنهن هاجرن معا برفقة فاطمة بنت الزبير والإمام علي ( عليه السلام) وأين ما كانت (سلام الله عليها) أن نتصور مدى القلق والخوف الذي  مرت به السيدة فاطمة ( عليها السلام) وهي تودع أبيها النبي الأكرم  مهاجرا ً في سبيل الله إلى المدينة ، قاطعا ً تلك الرحلة في حذر وعناء إلى حيث أمره الله جل وعلا ، ومن المؤكد أنها مكثت ترقب الأحداث بعد رحيل أبيها تنتظر ورود ما يطمئنها عليه ، خاصة بعد أن طرق مسامعها ملاحقة المشركين له وبحثهم عنه([20]).

بعد هجرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم)  متوجها إلى المدينة  عهد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) ، للقيام بعدد من الوظائف كان من بينها إرجاع الأمانات التي كانت بعهدته إلى أصحابها والهجرة بالفواطم وبعد ثلاث أيام قصد المدينة وقد تصدد قريش إلى هذه الهجرة العلوية العلنية فأرسلت عدد من مقاتليها لمنعة( عليه السلام ) وقد واجه هذا الموقف  الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام )، بشجاعته فريدة وصلابة كبيرة فما كان منهم إلا العودة خائبين([21]) .

قضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام )،  ليلته تلك مع السيدة فاطمة ( عليها السلام) يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر فصلى بهم صلاة الفجر ثم سار حتى قدم المدينة وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم : )الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار* فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ((([22]). وقد ذهب الطوسي وابن شهر أشوب أن المقصود في الذكـر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)،  والأنثى السيدة فاطمة (عليه السلام) ([23]). 

إن هذه الآية الشريفة ترسم أحدى أهم المحطات المهمة والرئيسة في حياة السيدة فاطمة (عليها السلام ) ،ذات المنهج الحركي الذي طرزت ملامحه منذ البدايات الأولى على التعرض للصعاب ،والسير في المنهج الإلهي والمحمدي وعند الوقوف مع الآية نستقرأ دلالاتها والتي أبرزها الأتي.

1-الذكر الإلهي الدائم لأمير المؤمنين والسيدة فاطمة(عليها السلام) بقرينة القيام والقعود وهذا يرسم لنا حجم الارتباط مع الله والذوبان في ذاته المقدسة.

2-التفكر في خلق السموات والأرض من قبلهما (عليهم السلام) والتي كانت ابرز نتائج ذلك التفكير الإقرار بعظمة صنع الخالق سبحانه وتعالى .

3-الإقرار في الميعاد الإلهي الموعود الذي ابرز لوازمه العقدية الإقرار بيوم القيامة والجنة والنار.

4-ألاستجابة الإلهية لهما لجميع فعالياتهم  العبادية والعقدية بقرينة (أعمالهم) التي توحي إلى الإطلاق .

5- يحتمل إن هذا النص القرآني يمثل النص الأول في تاريخ السيرة الفاطمية الذي يؤرخ لعدد من الجوانب في المنظومة الفكرية الفاطمية، والتي بدورها ترسم حجم ومقام السيدة فاطمة (عليها السلام) في هذه المرحلة.

وصل رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) إلى قباء بعد اثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين ، ونزل على بني عمرو بن عوف([24]) ، وقد اختلفت المصادر في أي بيت نزل ( صلى الله عليه واله وسلم ) بين كلثوم بن هدم، وسعد بن خيثمة ([25])، ويرى اليعقوبي انه نزل أولاً عند كلثوم بن هدم ، ولكن بعد وفاته تحول الى سعد بن خيثمة([26]) .ولم يدخل إلى يثرب حتى وصول أمير المؤمنين (عليه السلام) ، الذي استخلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لإرجاع الودائع لأهالي مكة ، وجلب الفواطم .

أن الانتظار النبوي الشريف للسيدة فاطمة وأمير المؤمنين (عليهما السلام) يحمل عدد كبير من الرسائل التأسيسية للأمة الإسلامية التي بدورها رسمت بصورة واضحة لمكانتهما في مفهوم النبوة  وأنهما اذرع المشروع الإلهي الذي بدأ منذ دخوله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى داخل المدينة، بعد هذه المرحلة توجه رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) نحو المدينة ، فاعترضته القبائل كل قبيلة تبتغي نزوله عندها ، مخاطبة إياه ، هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة ، فكان يقول : خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة ، فسارت حتى بركت ، بالقرب من بيت أبي أيوب الأنصاري، الذي نزل ( صلى الله عليه واله وسلم )  في بيته حتى الانتهاء من بناء مسجده ومساكن أزواجه([27]).

 

 

 

 

 

[1] – سورة الأنفال ، الآية ،72.

[2] – سورة الأنفال ، الآية ،74.

[3] – اليعقوبي ، تاريخ ،29،2.

[4] – لسان العرب ، 251،5.

[5] – الملاح ، حكومة الرسول ، 36 .

[6] – الثعلبي، تفسير الثعلبي ،3،120/ البغوي ، معالم التنزيل،377،1/ المحب الطبري ، الرياض النظرة ،140،1

[7] – الملاح ، حكومة الرسول ، 50 .

[8] – سورة النساء ، الآية (97-99 ).

[9] – أسباب النزول ، 92 .

[10] – اليعقوبي ، تاريخ ، 28،2

[11] – ابن هشام ، السيرة النبوية ،415 ؛ الطبري ، تاريخ ، 2/370-371 ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية ، 3/216

[12] – سورة الاسراء ، الآية (80) .

[13] – البيهقي ، سنن ، 9/9 ؛ الحاكم النيسابوري ، المستدرك ،3/3 ؛ الصالحي ، سبل الهدى والرشاد ،3/283 .

[14] – تسبح : أي تغط او المستغطي ، ينظر : ابن منظور ، لسان العرب ، 14/372 .

[15] – ابن هشام ، السيرة النبوية ، 415-416 ؛ الطبري ، تاريخ ، 2/175 ؛ ابن الجوزي ، المنتظم ، 3/47 .

[16] – سورة البقرة ، الايه 207.

[17] – السيرة النبوية ، 416 ؛  وينظر كذلك : الطبري ، تاريخ ، 2/ 370 ؛ ابن الجوزي ، المنتظم ، 3/48 ؛ ابن سيد الناس ، عيون الأثر ، 1/235 ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية ، 2/ 320 .

[18]-للوقوف على تفاصيل الهجرة ، ينظر العقيلي ، شخصية الرسول :285- 289 .

[19]-سورة الأنفال:آية 30 .

( 3 ) الروض الأنف ،4،124-125 / الصالحي الشامي :سبل الهدى  243،3

[20]– العواد ، السيدة فاطمة ،85-86

[21]– للوقوف على تفاصيل أكثر ينظر  الطوسي: الامالي 471 / المجلسي ،بحار الأنوار،66/19

[22]-سورة آل عمران: آية 191 .

[23]-الامالي :  469-ـ 471 /المناقب :1،160

[24] – ابن هشام ، السيرة النبوية ، 423 ؛ الطبري ، تاريخ ، 381،2

[25] – ابن هشام ، السيرة النبوية ، 424 ؛ الطبري ، تاريخ ، 381،2

[26] – تاريخ ، 41،2

[27] – ابن هشام ، السيرة النبوية ، 426.