إصدارات مركز الدراسات الفاطمية
العراق – البصرة
سلسلة حلقات نحو المجتمع الفاطمي العفيف
(7)
الحلقة السابعة
السيدة فاطمة ( عليها السلام) في بيت الزوجية.
بقلم
الشيخ الدكتور ثائرالعقيلي
مدير مركز الدراسات الفاطمية
السيدة فاطمة ( عليها السلام) في بيت الزوجية.
لم يعرف التاريخ بيت مقدس عاش الحياة الزوجية المثالية السعيدة مثل بيت السيدة فاطمة ( عليها السلام) والإمام علي ( عليه السلام) ، فكانت المثالية في جميع مفاصل الحياة ، فعاشوا ليس لأنفسهم فقط ،بل لجميع الإنسانية لتكون سيرتهم العطرة دروس للاقتداء والتأسي، فكان زواجهم بأمر السماء واختيارهم لهذه الرسالة الأسرية سماوية ومنهج حياتهم سماوية بأجساد بشرية.
دون شك إن الحياة الأسرية فيها العديد من المشاكل والتحديات التي يعيشها الزوجين خصوصاً في بداية حياتهما ، ونحن إذا ندرس نسلط الضوء على درس من دروس سيرة السيدة فاطمة ( عليها السلام) ،نجد عدد من الروايات والتي نقسمهما الى محورين هما:
الأول : الروايات الصحيحة.
شكل رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) محوراً مهماً من محاور الروايات الاجتماعية في السيرة الفاطمية ،ومما يروي في هذا الصدد وذلك بلحاظ ترتبيه الروايات ما روى عنه (صلى الله عليه واله وسلم) انه سأل الإمام علي ( عليه السلام ) عن السيدة فاطمة ( عليها السلام) :فأجاب : ((كيف وجدت أهلك ؟ قال : نعم العون على طاعة الله ، وسأل فاطمة فقالت : خير بعل)) ([1]).وهذا النص يصور صورة رائعة عن طبيعة العلاقات الزوجية ، وهو دون شك يشكل قاعدة أساسية نرد بها عن ما يروي في المحور الثاني من الموضوعات في هذه السيرة المباركة.
يبدو إن الحياة الأسرية كان لها ثقلها على السيدة فاطمة ( عليها السلام) خصوصاً في الأعمال البيتية فيروى عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : (( تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الخدمة ، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب ، وقضى على علي بما خلفه ، قال : فقالت فاطمة : فلا يعلم ما داخلني من السرور إلا الله بإكفائي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تحمل رقاب الرجال )) ([2]).وفي الحقيقة نحن نتحفظ على مفردة ( تقاضى) فلعل المراد بيان رأى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) في تحمل السيدة بعض مسؤوليات الرجال كما نجد في ذيل الرواية فالمقصود في ( رقاب الرجال ) هذا المعنى ، ولعل ذلك يحصل في حال سفر الإمام ( عليه السلام) او المشاركات في المعارك النبوية أما سائر الأيام الأخرى فيقوم بذلك الإمام ( عليه السلام ) بنفسه ، وهذا دون شك كان يؤذي السيدة فاطمة ( عليها السلام) لأنه يستلزم خروجها إمام الأجانب.وربما نجد في رواية البختري ما يؤيد ذلك إذ يروي عن الإمام علي ( عليه السلام) قال : (( لأمه فاطمة بنت أسد : اكفي فاطمة بنت رسول الله الخدمة خارجا : سقاية الماء والحاجة ، وتكفيك العمل في البيت : العجن والخبز والطحين)) ([3]).
أتسمت حياة السيدة فاطمة ( عليها السلام) بالفقر والعوز ولعل ذلك كان في بداية الحياة الزوجية ، لان في السنوات الأخيرة من حياتهما كان هناك تحسن في المستوى المعيشي بسبب حصولها على فدك او غيرها، ومما روى في هذا الأمر ما روي عن ابي هارون قال: (( أصبح علي (رضي الله عنه) ذات يوم فقال يا فاطمة: هل عندك شيء تغدينيه قالت لا والذي أكرم أبى بالنبوة ما عندي شيء أغديكه ولا كان لنا بعدك شيء منذ يومين من طعمة إلا شيء أوثرك به على بطني وعلى ابني هذين قال يا فاطمة ألا أعلمتيني حتى أبغيكم شيئا قالت إني أستحيي من الله أن أكلفك ما لا تقدر عليه فخرج … )). ([4]).نجد في الرواية دروس عظيم في صبر الزوجة على فقر الزوج وتواضعها وتفانيها في طاعة الله وعدم تكليف الزوج ما لا يستطيع . بل نجد أكثر من ذلك تحمل مشقة التدابير البيتية الأخرى وهذا نجده في رواية الإمام علي ( عليه السلام) وهو يتحدث مع رجل من بني سعد وفي ذلك اعتراف جميل منه بحقها ( سلام الله عليها ) وتثمين عظيم لها لتكون مدرسة لجميع المسلمات عبر التاريخ حيث قال : : (( لرجل من بنى سعد الا أحدثك عنى وعن فاطمة انها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وانها استقت بالقربة حتى اثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يدها وكسحت البيت حتى غبرت ثيابها وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد)) ([5]).
لم يكن الإمام علي ( عليه السلام ) رجل البلاغة والمثل والقيم النظرية فقط في منظومته الفكرية بل رجل التطبيق وصناعة المعروف في جميع ساحة تحركاته ، ومما يروى في هذا الصدد عنه قائلاً: (( دخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة جالسة عند القدر وأنا أنقي العدس قال : يا أبا الحسن ، قلت : لبيك يا رسول الله قال : اسمع مني وما أقول إلا من أمر ربي ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلا كان له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة ، صيام نهارها وقيام ليلها وأعطاه الله من الثواب مثل ما أعطاه الصابرين داود النبي ويعقوب وعيسى (عليهم السلام) ، يا علي من كان في خدمة العيال في البيت ولم يأنف كتب الله اسمه في ديوان الشهداء ، وكتب له بكل يوم وليلة ثواب ألف شهيد …، يا علي لا يخدم العيال إلا صديق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة )) ([6]).
نجد الإمام علي ( عليه السلام ) الرجل العظيم الذي يفكر في توفير راحة زوجته منطلقاً في ذلك من الظروف الموضوعية التي يمكن تحقق ذلك وما روي في هذا الصدد روي عنه انه قال : (( أنه قال لرجل من بنى سعد الا أحدثك عنى وعن فاطمة انها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وانها استقت بالقربة حتى اثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يدها وكسحت البيت حتى غبرت ثيابها وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد فقلت لها لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرما أنت فيه من هذا العمل فاتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حداثا فاستحت وانصرفت قال فعلم النبي صلى الله عليه وآله انها جاءت لحاجة قال فغدا علينا ونحت في لفاعنا فقال: السلام عليكم يا أهل اللفاع فسكتنا واستحيينا لمكاننا ثم قال السلام عليكم فسكتنا ثم قال السلام عليكم فخشينا إن لم نرد عليه ان ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فان أذن له وإلا انصرف فقلت وعليك السلام يا رسول الله ادخل فلم يعد ان جلس عند رؤوسنا فقال يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد قال فخشيت إن لم نجبه ان يقوم قال فأخرجت رأسي فقلت انا والله أخبرك يا رسول الله انها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها وجرت بالرحا حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرما أنت فيه من هذا العمل قال أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من لخادم إذا أخذتما منامكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين قال فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها فقالت رضيت عن الله ورسوله ورضيت عن الله ورسوله ورضيت عن الله ورسوله )) ([7]).
وفي رواية أخرى علمها دعاء هذا نصه: ((: اللهم ! رب السماوات السبع ورب العرش العظيم . ربنا ورب كل شئ منزل التوراة والإنجيل والقرآن العظيم . أنت الأول فليس قبلك شئ . وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ . وأنت الباطن فليس دونك شئ اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)) ([8]).
لم يشأ رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) إن تكون ابنه الوحيدة المرأة التي تتميز عن سائر نساء المسلمين في موقفة الرافض لذلك الطلب البسيط والمتواضع فحسب بل أراد إن تكون سيرتها ملجأ يأوي اليه الجميع للبحث عن محطات للاقتداء والتأسي لنيل ذلك في الدنيا والثواب في الاخرة ومما روي في هذا الصدد عن جابر الأنصاري انه: ))رأى النبي( صلى الله عليه وآله) فاطمة وعليها كساء من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقالت : يا رسول الله الحمد الله على نعمائه والشكر لله على آلائه ، فأنزل الله : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )). ([9]).
روي عن الإمام علي ( عليه السلام) بعض الأقوال التي تبين عظيم العلاقة بينه وبين والسيدة فاطمة ( عليها السلام) والتي منها قوله : (( فو الله ما أغضبتها ، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل ، ولا أغضبتني ، ولا عصت لي أمرا ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان )).([10]).
أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله . فجلس عند رأسها واخرج من كان في البيت ثم قالت : (( يا بن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني فقال ( عليه السلام ) معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله إن أوبخك غدا بمخالفتي…)) ([11]).
الثاني : الروايات الموضوعة.
روت المصادر عدد من الروايات التي فيها الكثير من الإشارات التي تسيء إلى السيدة فاطمة ( عليها السلام)، والتي نتبنى تصنيفها ضمن الموضوعات ، ومن بينها الأتي.
الأولى : عمرو بن سعيد قال : (( كان في علي على فاطمة شدة، فقالت: والله لأشكونك إلى رسول الله ، فانطلقت وانطلق علي، بأثرها فقام: حيث يسمع كلامهما ، فشكت إلى رسول الله غلظ علي وشدته عليها فقال: يا بنية اسمعي واستمعي واعقلي إنه لا إمرة بامرأة لا تأتي هوى زوجها وهو ساكت قال علي: فكففت عما كنت اصنع وقلت والله لا آتي شيئا تكرهينه أبدا)) ([12]).
وابرز ما نسجله على هذه الرواية عدد من الأمور أبرزها الأتي.
1-يلاحظ على هذه الرواية إن سندها مقطوع إذ ليس بين عمرو بن سعيد وبين من روى هذه الحادثة راوِ وتكون الرواية مرسلة ،فضلاً انه لم ينقل عن أحد الأطراف ذات العلاقة.
2-إن الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) عاش تحت رعاية النبي (صلى الله عليه واله وسلم )،منذ نعومة أظفاره وولدت السيدة فاطمة (عليها السلام) وكبرت تحت ناظريه ،وهما في بيت واحدٍ ،فكلاهما يعرفان اطبع بعضهما البعض ،فليس من المنطقي ، إن يقع بينما اي خلاف في داخل الأسرة بعد الاقتران .
3-إن الاقتران بين الإمام علي (عليه السلام ) والسيدة فاطمة (سلام الله عليها) كان بأمر الهي من السماء ومما روي في هذا الصدد ما روي عن الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :(( إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة ( عليها السلام ) فإن تزويجها نزل من السماء )) ([13]).وكذلك ايضاً ما روي عن انس : (( قال : كنت عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) فغشيه الوحي فلما أفاق قال لي : يا أنس أتدري ما جاءني به جبرئيل من عند صاحب العرش ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم قال : أمرني أن أزوج فاطمة من علي…)) ([14]).
4-يلاحظ على النص أنه اغفل الإشارة إلى سبب وقوع الخلاف بينهما،الأمر الذي يعزز،الشك في صحة هذه الرواية ،لان الراوي عمد الى الإطلاق في سبب النزاع بين الطرفين.ليؤكد فرضية صحة صدور الذنب من الطرفين من جهة وفقدانهما نظرية مثال الاقتداء والتأسي عالم الإسلام.
5- إن النص يروم إثبات حال الفوضى في البيت العلوي والفاطمي ،لتشويه، مكانتهما لتغير مسار نيلهما المثال الحقيقي في عالم الإسلام، والنص يشير إلى ذلك،بقرينة ذهاب السيدة فاطمة (عليها السلام) شاكية أمرها لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ،مع الإشارة إلى موقوف الإمام علي (عليه السلام)من ذلك بما نصه : (فقام: حيث يسمع كلامهما )،وهذا الموقف خلاف القرآن الكريم الذي يحرم ذلك في قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ)) ([15]).
6-نجد في النص أشارة إلى قول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) للسيدة فاطمة (عليه السلام) ،(يا بنية اسمعي واستمعي واعقلي) ،وهذه الإشارة اغرب ما ورد في النص ، ونحن نفهم من هذه الإشارة أمرين الأول : كونها المرأة الأولى في دنيا الإسلام ،التي تركت لنا ابلغ التراث البلاغي والأدبي من خلال خطبتها الفدكية الكبرى، وهي تستحق بجدارة ان نطلق عليها الأديبة الأولى في الإسلام ،والثاني :إن السيدة فاطمة (عليها السلام) تربت على يديه (صلى الله عليه واله وسلم) ، فكانت بحق أعظم امرأة في تاريخ الإنسانية حتى بلغت مقام السيادة على نساء جميع المسلمين في الدنيا والآخرة. ([16]).
7-يوحي النص إلى رسم معالم شخصية الإمام علي (عليه السلام) بصورة سلبية أبرزها ،الاضطراب والقلق النفسي وعدم السيطرة على مخرجات تصرفاته الخاصة من خلال ما نعتب به بما نصه: (كان في علي على فاطمة شدة ) او بما قاله عن نفسه : (قلت والله لا آتي شيئا تكرهينه أبدا).فلا يستقيم أمر الشدة مع ضبط النفس والاستقامة من حادثة واحدة .
8-رسم الإمام علي (عليه السلام) والسيدة فاطمة (عليه السلام) أسس التجربة الإسلامية على ارض الواقع بصورتها الحقيقة من خلال حياتهما الزوجية ، بأقدس صورة ،من خلال ما ورد في الأثر عنهما في أخر حياة السيدة السيدة فاطمة (عليه السلام) ما نصه : (قالت : يا بن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني فقال ( عليه السلام ): معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله ان أوبخك غدا بمخالفتي) ([17]).
الثانية : روى عن عبد الله بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال : (( دخل الحسن بن علي على جده (صلى الله عليه وآله) وهو يتعثر بذيله، فأسر إلى النبي سرا، فرأيته تغير لونه ثم قام :النبي حتى أتى فاطمة، فأخذ بيدها فهزها إليه هزا قويا ثم قال : يا فاطمة إياك وغضب علي فان الله يغضب لغضبه ويرضى لرضاه ، ثم جاء علي فأخذ النبي بيده ثم هزها إليه هزا خفيفا قال : يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة فان الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها ، فقلت : يا رسول الله مضيت مذعورا وقد رجعت مسرورا ، فقال : يا معاوية كيف لا أسر وقد أصلحت بين اثنين هما أكرم الخلق)) ([18]).
ابرز ما نسجله من ملاحظات على هذا الأتي.
1-إن الراوي الأول معاوية بن أبي سفيان الذي دخل في حرب مع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)،والإمام الحسن (عليه السلام) ، فلا يمكن الاعتماد مطلقاً.
2-إن تعثر الإمام الحسن (عليه السلام) بثيابه يدل على صغر سنه ،والراجح في هذا العمر لا ينطق طفلاً في مثل هذا العمر فمن جهة فظلاً عن اختار طريقة الحديث التي اتصفت بالسرية.
3-إن قيام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) متوجهاً إلى منزل السيدة فاطمة (عليها السلام)، على فرض صحة هذا الأمر من ابرز لوازمه انقطاع نتائج ذلك التحرك النبوي الذي لم يرو إلا عن معاوية الذي نقل امرأ مجهولاً .
4- إن قيام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بأخذ يد فاطمة (عليها السلام)، وهزها هزا قويا لا ينسجم مع أخلاقياته (صلى الله عليه واله وسلم )، فضلاً عن أخلاقيات السيدة فاطمة (عليه السلام)،خصوصاً إن هذا الأسلوب من أساليب التعنيف القاسية.
5-ان النص يحمل تعارضاً واضحا لا يمكن قبوله من خلال الإشارة إلى ثنائية الغضب والرضا الإلهي بين الإمام علي (عليه السلام) والسيدة فاطمة (عليه السلام).
6- إن مفهوم الرضا والغصب الإلهي للسيدة فاطمة (عليه السلام ) ،أكثر التصاقاً بها منه (عليه السلام) ،وذلك للأثر الروائي المروي عنه (صلى الله عليه واله وسلم)، قوله : لفاطمة (عليها السلام):(( إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)). ([19]).
7-إن النص ميز بين موقف النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) مع السيدة فاطمة (عليه السلام) ، كما بينا في النقطة السابقة وبين موقفه مع الإمام علي (عليه السلام ) ، من حيث اللين والشدة حيث أشار ما نصه : (فأخذ النبي بيده ثم هزها إليها هزا خفيفا)، وفي ذلك أشعار واضح على إن موقف السيدة فاطمة (عليها السلام) كان ضعيفاً.
8-يشير النص إلى عودة حضور معاوية في الرواية من جديد بما نصه : (فقلت : يا رسول الله مضيت مذعورا وقد رجعت مسرورا ، فقال : يا معاوية).وفي ذلك أشارة واضحة ، ان الأحداث التي وردت في النص أغفل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) التعرض لها ، فمن أين علم معاوية تلك الأحداث.
9-إن إشارة النص على لسان معاوية حول ذهاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) مذعوراً أمراً لا يمكن قبوله ،لان المتبادر من مفهوم الذعر الخوف الشديد وعدم السيطرة على الأفعال او الاقول من الشخص، وهذا لا يمكن قبوله في مسار التطبيق على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لان جميع المصادر التاريخية التي أشارت إلى المعارك العسكرية لم تشر إلى تعرضه إلى هذا الوصف الذي أشار اليه النص هذا من جهة ومن جهة أخرى إن الخلافات الزوجية لا تستدعي وقوع حالة الذعر من اي شخص له علاقة مع الأطراف المختلفة.
10-إغفال النص بصورة تامة إلى اي إشارة تشير الى وقوع مشكلة وقعت بين السيدة فاطمة (عليها السلام) والإمام علي (عليه السلام)،الأمر الذي يعزز الشك في صحة النص.
11- إن النص يشير الى إشارة تاريخه تتمثل في صغر عمر الإمام الحسن (عليه السلام) في وقوع الحادثة ،والمصادر أشارت إلى تاريخ ولادته في السنة الثالثة للهجرة ([20]).وفي هذا التاريخ مكة لم تفتح ومعاوية مازال مشركاً،فكيف روى عن النبي فضلاً عن دخوله المسجد والتعايش بين المسلمين.وهذا مما لا خلاف عليه .
[1] – ابن شهر أشوب ، مناقب ،131،3/ المجلسي ، بحار الأنوار ،117،43.
[2] – الحميري ، قرب الإسناد ، 52/ المجلسي ، بحار الأنوار ،81،43.
[3] – ابن أبي شيبة، المصنف،156،8/ابن الاستيعاب ،4،1894/ الذهبي، تاريخ الإسلام،45،3.
[4] – ابن شاهين ، فضائل فاطمة ،65/ الطوسي ، الامالي ،616.
[5] – الصدوق ، علل الشرائع ،366،2/ الطبرسي ، مكارم الأخلاق ،280/ المجلسي ، بحار الأنوار ،82،43.
[6] – المجلسي ، بحار الأنوار ،101،132.
[7] – الصدوق ، علل الشرائع، 366،2/ الطبرسي ، مكارم الأخلاق ،281/المجلسي ، بحار الأنوار ،330،82.
[8] – الترمذي ، سنن ،181،5/الهيثمي ، مجمع الزوائد ،121،10/ ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري ،105،11.
[9] – الطبرسي، مكارم الأخلاق ،117/ابن شهر أشوب ،مناقب ،120،3/ المجلسي ،بحار الأنوار ،16،143.
[10] – الاربلي ، كشف الغمة ، 373،1/ المجلسي ، بحار الأنوار،43،134.
[11] – ابن الفتال ، روضة الواعظين ،151/ المجلسي ، بحار الأنوار ، 43،191.
[12] – ابن سعد ،الطبقات 25/ ابن حجر،الإصابة ،268،8.
[13] – الكليني ، الكافي ،568،5/الصدوق ،من لا يحضره الفقيه ،393،3/الطبرسي، مكارم الأخلاق ،204/المجلسي ،بحار الأنوار،43،145.
[14] – ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ، 37 ، 113/المجلسي ، بحار الأنوار ،43،119/الزرندي ، نظم درر السمطين ،186/المتقي ،كنز العمال ،66،101.
[15] -سورة الحجرات ، الايه 12.
[16] – للوقوف على روايات تشير إلى مقام السيدة فاطمة ( ع) ينظر الحيدري ، معالم الإسلام الأموي ، 230-235.
[17] – ابن الفتال ،روضة الواعظين ،151/ المجلسي ،بحار الأنوار،43،191.
[18] – ابن شهر أشوب ، مناقب ،114،3/المجلسي ،بحار الأنوار،42،43.
[19] – الضحاك ، الآحاد والمثاني ، 363،5/الطبراني ، المعجم الكبير،1،108 /الحاكم النيسابوري،المستدرك ،152،3/ابن حجر الهيثمي ، مجمع الزوائد ،203،9.
[20] – الكليني ،الكافي ،416،1/أبو الفرج الأصفهاني ،مقاتل الطالبين،52/المجلسي ،بحار الأنوار ،134،43.