مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الموضوعات في السيرة الفاطمية((الرواية الخامسة  شراء جهز الزهراء (ع) من قبل الصحابة))الشيخ الدكتور ثائر هادي رسن العقيلي
+ = -

الرواية الخامسة

 شراء جهز الزهراء (ع) من قبل الصحابة

حدثني جماعة ، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري ، عن خاله ، عن الأشعري ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن علي بن أسباط ، عن داود ، عن يعقوب ابن شعيب ، عن أبي عبد الله 7 قال : (( لما زوج رسول الله 6 فاطمة عليا 3 دخل عليها وهي تبكي ، فقال لها : ما يبكيك ؟ فوالله لو كان في أهل بيتي خير منه زوجتك ، وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك ، وأصدق عنك الخمس ما دامت السماوات والأرض . قال علي 7 : ثم قال رسول الله 6 :  قم فبع الدرع ، فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله 6 ،فسكبت الدراهم في حجره ، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته ،ثم قبض قبضة ودعا بلالا، فأعطاه وقال : ابتع لفاطمة  ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت ، وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه ، فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر فان استصلحه اشتروه ، فكان مما اشتروه قميص بسبعة دراهم ، وخمار بأربعة دراهم ، وقطيفة سوداء خيبرية ، وسرير مزمل بشريط ، وفراشان من جنس مصر ، حشو أحدهما ليف ، وحشو الاخر من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر ، وستر من صوف ، وحصير هجري ، ورحا اليد ، ومخضب  من نحاس ، وسقي من أدم ، وقعب للبن ، وشئ للماء ، ومطهرة مزفتة ، وجرة خضراء ، وكيزان خزف . حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله 6 الذين كانوا معه الباقي ، فلما عرضوا المتاع على رسول الله 6 جعل يقلبه بيده ويقول : بارك الله لأهل البيت . قال علي 7 : فأقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله 6 وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة ، ثم قلن أزواج رسول الله 6 : ألا نطلب لك من رسول الله 6 دخول فاطمة عليك ؟ قلت : افعلن ، فدخلن عليه فقالت أم أيمن : يا رسول الله ، لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة ، وإن عليا يريد أهله ، فقر عين فاطمة ببعلها ، واجمع شملهما ، وقر عيوننا بذلك ! فقال : فما بال علي لا يطلب مني زوجته ، فقد كنا نتوقع منه ذلك . قال علي 7 فقلت : الحياء يمنعني يا رسول الله ، فالتفت إلى النساء فقال : من هاهنا ؟ فقالت أم سلمة : أنا أم سلمة ، وهذه زينب ، وهذه فلانة وفلانة . فقال رسول الله 6 : هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا . فقالت أم سلمة : في أي حجرة ، يا رسول الله ؟ قال : في حجرتك . وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها . فقالت أم سلمة : فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك ؟ قالت : نعم ؟ فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي ، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط ، فقلت : ما هذا ؟ فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله 6 فيقول لي : يا فاطمة ، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك ، فاطرح له الوسادة فيجلس عليها ، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه ، فسأل علي 7 رسول الله 6 عن ذلك فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل 7 . قال علي 7 : ثم قال لي رسول الله 6 : يا علي ، اصنع لأهلك طعاما فاضلا . ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن ، فاشتريت تمرا وسمنا ، فحسر رسول الله 6 عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا ، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبزا كثيرا ، ثم قال لي رسول الله 6 : ادع من أحببت ، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما ، ثم صعدت على ربوة هناك ، وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالا ، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام ، فعلم رسول الله ( صلى عليه وآله ) ما تداخلني فقال : يا علي ، إني سأدعو الله بالبركة . قال علي 7 : وأكل القوم عن آخرهم طعامي ، وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة ، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم ينقص من الطعام شئ ، ثم دعا رسول الله 6 بالصحاف  فملئت ، ووجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما ، وقال : هذا لفاطمة وبعلها ، حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله 6 : يا أم سلمة ، هلمي فاطمة ، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها ، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله 6 ، فعثرت فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة ، فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي 7 ، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي 7 ، فقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله ، يا علي ، نعم الزوجة فاطمة ، ويا فاطمة ، نعم البعل علي ، انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما . قال علي 7 : فأخذت بيد فاطمة ، وانطلقت بها حتى جلست في جانب الصفة ، وجلست في جانبها ، وهي مطرقة إلى الأرض حياء مني ، وأنا مطرق إلى الأرض حياء منها ، ثم جاء رسول الله 6 فقال : من هاهنا ؟ فقلنا : ادخل يا رسول الله ، مرحبا بك زائرا وداخلا ؟ فدخل فأجلس فاطمة 3 من جانبه وعليا 7 من جانبه . ثم قال : يا فاطمة ، إئتيني بماء ، فقامت إلى قعب في البيت فملأته ماء ، ثم أتته به ، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها ، ثم مجها في القعب ، ثم صب منها على رأسها ، ثم قال : أقبلي ، فلما أقبلت نضح منه بين ثدييها ، ثم قال : ادبري ، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها ، ثم قال : ” اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلي ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي ، اللهم لك وليا ، وبك حفيا ، وبارك له في أهله ” ثم قال : يا علي ، ادخل بأهلك ، بارك الله لك ، ورحمة الله وبركاته عليكم ، إنه حميد مجيد )) ([1]).

وعلينا دراسة سند الرواية ومتنها لمعرفة ابعادها عبر محوريين هما.

اولاً:السنـــد.

1-حدثني جماعة .

يفسر الايرواني مراد الطوسي في هذا المصطلح كونه الراوي الاول للرواية بقوله :((ان الشيخ حينما يذكر اسم شخص وان له كتاباً يذكر غالباً طريقه الى الكتاب وحين ذكره للطريق يقول في الاحيان : اخبرنا بالكتاب جماعة من اصحابنا عن فلان عن فلان …ولربما يستشكل في صحة الطريق المذكور من جهة عدم تعيين المقصود من الجماعة ولكن يرده من ينقل عن الشيخ ويروي عنه كتب الاصحاب هو الشيخ المفيد والحسين بن عبيدالله الغضائري واحمد بن عبدون وغيرهم وهم معروفون بالوثاقة ومعه فحينما يقول اخبرنا جماعة من اصحابنا عن فلان عن فلان … فسوف يحصل الجزم بان احد افراد الجماعة هو احد الثقات …  ومعه فلا للاشكال أي مجال )). ([2]).

ومن هنا المنطلق فأن الشيخ الطوسي لايروي الأ عن الثقات وهذا من الامور المتسالمة فمصطلح حدثني جماعة لا يختلف عن مصطلح اخبرنا جماعة ونحو ذلك لان الدلالات واحدة.

2- أبي غالب أحمد بن محمد الزراري .

تترجم المصادر الرجالية لابي غالب بأسم أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الزراري الكوفي ، نزيل بغداد ، يكنى أبا غالب ، جليل القدر ، كثير الرواية ، ثقة . ([3]). وقال الحلي : كان شيخ أصحابنا في عصره وأستاذهم وثقتهم ، ومات رحمه الله سنة ثمان وستين وثلاثمائة . ([4]). وقال ابن داود : جليل القدر كثير الرواية ، كان شيخ أصحابنا في عصره وأستاذهم وثقتهم. ([5]).

3- أبي العباس محمد بن جعفر الرزاز(عن خاله).

وهو محمد بن جعفر الرزاز القرشي الكوفي أبو العباس : هو خال والد أبي غالب الزراري . أحد رواة الحديث ومشائخ الشيعة . مولده سنة 236 . ومات سنة 301 أو 310 . وكان محله في الشيعة أنه كان الوافد عنهم إلى المدينة عند وقوع الغيبة وعن المحقق البحراني أنه ثقة وأنه من أجلاء الشيعة ومن مشائخ الكليني . أقول : هو من مشائخ ابن قولويه القمي في كامل الزيارة وروي عنه  وبالجملة هو ثقة جليل. ([6]).وثقه الخوئي بقوله : ثقه  ([7]).

4- عن الأشعري .

لم نوفق للوقوف على ترجمة ( الاشعري )  في المصادر الرجالية لكثرة المتلقبين بهذا اللقب ،ويبدو انه من الثقات من خلال ظاهر سلسلة الرواة فكلهم كذلك فدون شك ان أبي العباس محمد بن جعفر لا يروي الا عن الثقة لمنزلته الكبيرة في عصرة بين الاوساط الشيعية.

5- أحمد بن أبي عبد الله .

وهو أحمد بن محمد بن خالد البرقي ([8]).وكان ثقة في نفسه ، يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل ([9]).وقال الحلي : كوفي ، ثقة غير أنه كثير الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل وعندي ان روايته مقبولة . ([10]).

 6- علي بن أسباط .

علي بن أسباط بن سالم بياع الزطي أبو الحسن المقرئ ، كوفي ، ثقة ، وكان فطحيا . جرى بينه وبين علي بن مهزيار رسائل في ذلك ، رجعوا فيها إلى أبي جعفر الثاني 7 ، فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول وتركه . وقد روى عن الرضا 7 من قبل ذلك ، وكان أوثق الناس وأصدقهم لهجة  ([11]).

 7-  ابن داود .

وهو محمد بن أحمد بن داود بن علي أبو الحسن شيخ هذه الطائفة وعالمها ، وشيخ القميين في وقته وفقيههم حكى أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله أنه لم ير أحدا أحفظ منه ، ولا أفقه ولا أعرف بالحديث. ([12]).وقال النمازي في سياق التأكيد على مقامه :  ولا خلاف في ذلك بل متفق على جلالته وعلمه وعدالته. ([13]).

 8- يعقوب ابن شعيب .

يعقوب بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد ، أبو محمد ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله. ([14]). وقال النمازي : من أصحاب الباقر والصادق والكاظم صلوات الله عليهم . ثقة بالاتفاق . وعن ابن داود أنه روى عن الصادق 7 خمسة آلاف حديث  ([15]).

 9- أبي عبد الله 7.

ويقصد بأبي عبدالله الإمام جعفر بن محمد الصادق 7 الذي اجمعت  جميع المدارس الاسلامية على علمه وورعه وزهده وايمانه بل هو إمام مذهب الشيعة الإمامية الذين يرون عصمته، وهذا مما لا يحتاج الى دليل او استدلال من الرجوع للمصادر الرجالية او غيرها.

ومن خلال دراسة سلسلة رواة هذه الرواية نرجح صحة سندها كما أتضح لنا من خلال الرجوع الى المصادر الرجالية.

ثانياً: المتـــن.

وابرز ما نسجل عليه الاتي.

1-وردت الرواية عن الإمام جعفربن محمد  الصادق 7، الامر الذي أعطي قوة لها كونها مروية عن احد ائمة اهل البيت :.

2-يصنف النص ضمن دائرة المرويات الشيعية واقدم من  رواه الطوسي ،ولم نقف على اي مصدر من مصادر المدرسة السنية تروي هذه الرواية.

3- الرواية توحي الى اعتراض السيدة فاطمة 3 على قبول رسول الله 6 ،اقترانها  بالإمام علي 7 ومحاولته من تسوية الامر معها، وهذا الامر يناقش من خلال عدد من النقاط التالية.

أ-ان من غير المنطقي ان يزوج رسول الله 6 ابنته 3 وهي غير موافقه على ذلك الزواج.

ب-ان مقام السيدة فاطمة 3 اسمى واعظم من هذه الاشارات التي ترد في النص،والتي تظهر عدم قبولها بالزواج من الإمام 7.

ت-من دون شك ان السيدة فاطمة 3 كانت تدرك ان شروط الزوج الحقيقي والمثالي لا تتوفير الا في شخص الإمام 7.

ث-ان اشارة النص في كون زواجها كان زواجاً الهياً صحيحة وتنسجم مع المشهور والمتفق عليه في المصادر التاريخة ، الامر الذي ينفي ابداء اي اعتراض منها (سلام الله عليها).

4-ان النص يشير بصراحة  لبكاء السيدة فاطمة 3 الامر يوحي انها كانت معترضة على فقر الإمام علي 7. كونه الامر الوحيد الذي يمكن الإشكال به عليه ،وهذه الجزئية تندفع بما تقدم من امور.

5-ان بيع الإمام 7 لدرعه يثبت وجود نقاش  بينه وبين رسول الله 6،حول الصداق وهذه الجزئية تناقش بعدد دمن الامور التالية.

أ-لم يذكر النص من قام بشراء الدرع ،وهذه الجزئية من الجزئيات التي تستحق الدراسة ، خصوصاً أن هناك مرويات تذكر الى قيام عثمان بن عفان بشرائه من الإمام علي 7.

ب-وجود روايات تذهب الى تبني دفع الإمام علي 7 صداق او مهر السيدة فاطمة 3 نقداً ،منها ماروي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي 7 قال : ((أنكحني رسول الله ” ص ” ابنته فاطمة عليها السلام على اثني عشر أوقية ونصف من فضة )). ([16]). وقد حدد الدار قطني  المبلغ بقوله : ((أثني عشر أوقية ونش ” ، قالت : هل تدري ما النش ؟ هو نصف الأوقية ، فذلك خمسمائة درهم )). ([17]).  وكذلك روي عن الإمام محمد بن علي الجواد قوله :  (( فقال أبو جعفر عليه السلام : ” الحمد لله إقرارا بنعمته ، …  ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد عليهما السلام وهو خمسمائة درهم )) ([18]) . وروى ابن شهر اشوب اقول عديدة ما نصه : ((الحسين بن علي ( ع ) في خبر : زوج النبي صلى الله عليه وآله فاطمة عليا على أربعمائة وثمانين درهما ، وروي ان مهرها أربعمائة مثقال فضة ، وروي انه كان خمسمائة درهم وهو أصح . وسبب الخلاف في ذلك هو ما روى عمرو بن المقدام ، وجابر الجعفي عن أبي جعفر ( ع ) قال : كان صداق فاطمة برد حبرة واهاب شاة على عرار . وروي عن الصادق ( ع ) قال : كان صداق فاطمة درع حطميه واهاب كبش أو جدي ، رواه أبو يعلى في المسند عن مجاهد )). ([19]).

ت-ويمكن الجمع بين المرويات التي تتبى ان المهر كان درعاً او تلك التي تتبنى  ان المهر كان مالاً ،ان الإمام علي 7 ،باع الدرع بالثمن  الذي اشارت له الروايات وجاء به الى النبي 6 .

6-النص اشار الى أسماء عدد من الصحابة واغفل الاسماء الأخرى ،وجعل لابي بكر الدور الابرز في عملية شراء تجهيزات العرس ،ومما تم شراءه قميص وخمار وقطيفة وغير ذلك ،واعتقد أن هذه المشتريات من مختصات المرأة ،فمن غير المعقول أن يكلف رسول الله 6،اي شخص اخر بشراء هذه المشتريات الخاصة،لان الشان في ذلك شأن النساء وليس الرجال.

7-ومما تقدم في النقطة السابقة والتي رسمت صناعة المناقب لابي بكر تحديداً ،اما سائر الاسماء الأخرى تم الإشارة لها ،من باب الاضطرار لاكمال عملية صياغة النص.

8-وضوح الارباك الكبير في النص أبتداءاً من الاشارات التي أشارت الى الإمام علي 7،وتأخره في طلب الزفاف من رسول الله 6،وتدخل نساء النبي في ذلك كما هو واضح.

9-النص أشار الى نساء النبي 6 وتدخلهنً في الاسراع  بزفاف الإمام علي 7 من السيدة فاطمة 3. والحقيقة التاريخة تشير الى عدم زواج رسول الله 6 الا من السيدة عائشة والسيدة سودة فقط([20]).

10- إن النص جعل السيدة ام سلمة في عداد ازواج النبي 6 ، وهذا خلاف الحقيقة التاريخية ، لان أقتران النبي 6 بها كان بعد زواج السيدة فاطمة 3 بناءا على اشهر الاقوال التاريخية التي تنسجم مع المعطيات التاريخية ([21]).

11-يشير النص الى تمثل جيريل 7 بصورة دحية الكلبي ، وهذه جزئية مهمة تستحق الدراسة من قبل الباحثين ، ونحن هنا سوف نسلط الضوء عليها بمقدار ما يرتبط بالنص ،لذلك سوف نشير الى عدد من النقاط منها الاتي.

أ-ان هذه الجزئية تتطلب منا الرجوع الى القران الكريم لمعرفة مدى الاشارات المعرفية التي قدمها لنا ،ومن بين الباحثين المحدثين الذين أشاروا الى ذلك في دراساتهم العقيلي الذي يشير الى مانصه : ((أن النص القرآني قد أغفل تفاصيل هذه الحيثيات في بدايات النزول ثم تدرج في إنزالها وتوثيقها في سورتي التكوير ثم النجم . و يفهم من بعض إشارات النص القرآني أن اللقاء الأول كان في السماء وذلك في قوله تعالى : (( ô‰s)s9ur çn#uäu‘ È,èùW{$$Î/ ÈûüÎ7çRùQ$# ))([22])، وقوله تعالى : (( uqèdur È,èùW{$$Î/ 4’n?ôãF{$# ))([23])، ويبدو من الجمع بين الآيتين أن رؤية رسول الله6 لجبرائيل 7 ، قد تحققت وهو بالأفق والمراد بالأفق : ناحية الشرق من السماء([24])، ويراد بالمبين : الناحية الظاهرة([25]) . ويبدو من دلالات الآية الإطلاق في تحقق الرؤية ، أننا لا نستبعد وقوع رؤية رسول الله  لجبرائيل 7 بالعين الباصرة ، وهذا المتبنى تعززه بعض الروايات التاريخية ، منها ما روي عن السيدة عائشة قالت : ((من زعم ان محمداً رأى ربه عز وجل ، فقد أعظم الفرية على الله عز وجل ، ولكن رأى جبريل 7 مرتين في صورته وخلقه ساداً ما بين الأفق )) ، ومن هنا يتضح أن مكان الرؤية للقاء الأول ، كان في السماء الأرضية ، كما أشارت إلى ذلك الآيات ، اما اللقاء الثاني كان في السماء غير الأرضية ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى : ((ô‰s)s9ur çn#uäu‘ »’s!÷“tR 3“t÷zé& y‰ZÏã Íou‘ô‰Å™ 4‘ygtFZçRùQ$#))([26]). ومنها اتضح امكانية الرؤية بالعين الباصرة ،الامر الذي نستطيع التاسيس عليه عدم الحاجة الى التمثل في اي صورة اخرى.

ب-من الجدير بالإشارة اليه ان اللقاءات بين النبي 6 وجبرائيل 7،في العهد المدني كانت متعددة ،ولم تشر المرويات الى تمثل جبرئيل 7 بصورة اي شخص مطلقاً،وهذا أمر نستطيع ان نؤسس عليه عدم الحاجة الى تمثل جبرئيل 7 في صورة معينة للقاء مع النبي 6 ،بأي صورة أخرى.

ت-ان المرويات التي اشارت الى تمثل صورة جبرئيل 7 بصورة دحية الكلبي ،تؤكد جميعها الى القدرة على التحول المطلق لجبرئيل 7،ومنها نفترض الفرضية التالية :ان اختيار هيأة التحول تدور مدار الله تعالى كونه المرسل او الرسول جبرئيل 7 او المرسل اليه وهو النبي 6،وهنا المرجح العقلي يعد المرجح الانسب في عمليه الاعتماد عليه،وهنا العقل يرتضي الاختيار الاول و الثالث ، ويستبعد تماماً الثاني كونه واسطة فقط بين ، طرفين عظيمين ،وهنا نتسأل اي شخصية اقرب الى النبي 6، لتيحول لها جبرئيل 7 ، وهند البحث نجد شخصية اتصفت بعدد من الصفات والمواقف منها ، انه لم يسجد لصنم قط واول من اسلم واول من دافع والوحيد الذي بات في فراش نبيه كي ينجو والذي استمر في المناصرة مخلصاً طيله عمر الدعوة ، وهنا لن نجد اتفاق تاريخي في المصادر على ما تقدم مثلما وقع الى شخصية الإمام عل بن ابي طالب 7، ومن هنا نقترض لو وقع هذا التحول فلن يكون غير علي بن ابي طالب 7.

ث-لم نجد المرويات التاريخية المقدسة او غير المقدسة تشير الى تمثل جبرئيل 7، بصورة بشرية لأي نبي او رسول سابق على رسول الله 6.

ج-منطقياً ان للوحي وسائل متعددة وقد تبين في النقاط المتقدمة أمكانية ذلك ،ومن هذا المنطلق يتضح تعدد وسائل اللقاء بالوحي ،والتي من بينها اللقاء المباشر او الالقاء في روع النبي ونحو ذلك.

ومن خلال ماتقدم من ملاحظات نرجح عدم صحة تمثل جبرئيل 7، بهيأة دحية الكلبي.

12-على الرغم من التسليم بمقام صاحب الرسالة والإمامة وسيدة نساء العالمين ،الا انني اتوقف في صحة هذه الإشارة  المتعلقة في عدد الحاضرين في الوليمة للعديد من الاسباب منها الاتي.

أ-المبالغة الواضحة في عدد المدعوين الى الوليمة أذ من غير المعقول حظور هذا العدد ،فضلاً عن الطريقة الاعجازية في اطعامهم ،التي لا نستبعد وقوعها في هذا المسار الفكري ، ولكن النص لا يصمد إمام هذه الملاحظات التي تسجل عليه.

ب-وجود عدد من المرويات التاريخة التي أشارت الى مرويات أخرى تشير الى الوليمة ولكن بصورة تحتلف عما تقدم في النص محل الدراسة وهي أكثر مقبولية .([27]).

انطلاقاً من الملاحظات التي سجلت على الرواية نرجح عدم صحتها للأشكالات التي سجلت على متنها.

 

 

[1] – الطوسي ،الامالي ،40/المجلسي ،بحار الأنوار ،93،43/الشامي ، الدرالنظيم ،406.

[2]درس تمهيدية في القواعد الرجالية ،328.

[3]الطوسي ، رجال الطوسي ،410

[4]خلاصة الاقوال ،67.

[5]رجال ابن داود ،43.

[6] – النمازي ، مستدركات علم الرجال ،495،6.

[7] – معجم رحال الحيث ،185،16.

[8] – الخوئي ، معجم رجال الحديث،15،2.

[9] – النجاشي ،رجال النجاشي ،76/ الطوسي ، الفهرست ،62.

[10] – .خلاصة الاقول،63.

[11] – النجاشي ، رجال النجاشي ،252/ الحلي ،خلاصة الاقوال،185/ابن ابي داود ،رجال ابن داود،260.

[12] – النجاشي ، رجال النجاشي ،384/الحلي ، خلاصة الاقوال ،267/ابن داود ، رجال ابن داود ،162/ التفرشي ، نقد الرجال ،118،4.

[13] – مستدركات علم رجال الحديث ،414،6.

[14] – النجاشي ،رجال النجاشي،450/خلاصة الاقوال ،299.

[15] – .مستدركات علم رجال الحديث،275،8.

[16] – علي ، مسند زيد بن علي ،303.

[17] – سنن ،165،3

[18] – المفيد ، الارشاد ،284.2/ الاختصاص ،99.

[19] – مناقب ،128،3.

[20] – الدهيس ،زواج النبي ،48- 128.

[21] – ، الدهيس ،زواج النبي ،87-88 .

[22] – سورة التكوير ، الآية (23) .

[23] – سورة النجم ، الآية (7) .

[24] – الطباطبائي ، الميزان ، 19/25 .

[25] – الطباطبائي ، الميزان ، 20 /195 .

[26] – شخصية الرسول ، 376.

[27] – العواد ،السيدة فاطمة ،115-117.