ورووا عن علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسير القرآن ، عن الصادق جعفر بن محد 8 أنه قال : (( بلغنا عن ابائنا أنهم قالوا : كان رسول الله 6، يكثر تقبيل فم فاطمة سيدة نساء العالمين 3 إلى أن قالت عائشة : يا رسول الله أراك كثيرا ما تقبل فم فاطمة ، وتدخل لسانك في فيها ؟ ! قال : نعم يا عائشة ، أنه لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبرائيل الجنة فأدناني من شجرة طوبى ناولني من ثمارها تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في ظهري ، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها وأدخلت لساني في فيها فأجد منها ريح الجنة ، وأجد منها رائحة شجرة طوبى ، فهي إنسية سماوية)) ([1]).
وندرس الرواية عبر محورين هما:
اولا: السند:
ان ابرز مانسجلة على السند الأتي:
1-تعد هذه الروايات من الروايات المرسلة فقد روى علي بن ابراهيم القمي الرواية مرفوعةً الى الإمام جعفر بن محمد الصادق 7 والثابت تاريخياُ ان وفاة الاول عام 320هجرية والثاني 148 هجرية .
2-النص اشار الى مجاهيل لا يعرف اعدادهم بعبارة ( رووا ) وعلى اقل التقادير هم ثلاثة رواه ، فالنص لم يصرح بأسمائهم مطلقاً.
3-ان الراوي الوحيد الذي أشارت اليه الرواية هو علي بن ابراهيم القمي وترجم له النجاشي والحلي وابن داود بقولهم: أبو الحسن القمي ، ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب([2]).
ومن الجدير بالقول انني لم اقف على من يقدح بعلي بن ابراهيم القمي بل على العكس خصوصاً بعد الذي تقدم من توثيق نرجح عدم وجود قدح فيه ، والمهم لدينا رواه تفسير القمي الذي وقع الخلاف في توثيق جميع الرواة او بعضهم وقد درس هذا الخلاف من الايرواني الذي تبنى توثيق البعض دون البعض الاخر ، بل نجده يذهب الى ابعد من ذلك في ترجيح عدم صحة نسبة التفسير المعروف بتفسير القمي لعلي بن ابراهيم القمي ،([3]) ونحن نؤيد جميع ما ذهب اليه.
ومما تقدم يتضح عدم حجية سند الرواية كونها من الروايات المرسلة .
ثانياً: المتن.
وابرز ما نسجل عليه من ملاحظات الاتي.
1-ان هذه الرواية تعد من المرويات الشيعية والتي تفرد بها الطبرسي فقط ، وهو من علماء القرن السادس الهجري.
2-الملاحظ على هذه الرواية ان الطبرسي استند في نقلها على تفسير القرآن والمعروف بتفسير القمي ،ولكن من الغريب اننا لم نوفق في الوقوف عليها في هذا التفسير.
3-ان هذا النص يعارض طائفة من الروايات الأخرى التي لا تذهب الى تقبيل رسول الله 6 للسيدة فاطمة 3 من فمها، ومن ابرز تلك الروايات الاتي.
أ-روي عن جعفر الصادق 7 : انه كان رسول الله يكثر تقبيل فاطمة فأنكرت عليه بعض نسائه فقال 6 : ((نه لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلتها . وفي رواية : فناولني منها تفاحة فأكلتها فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء انسية ، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي . ودخل النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة فرآها منزعجة ، فقال لها : مالك ؟ قالت : الحميراء افتخرت على أمي انها لم تعرف رجلا قبلك وان أمي عرفتها مسنة ، فقال صلى الله عليه وآله ان بطن أمك كان للإمامة وعاء)) ([4]).
ب- روي عن الإمام جعفر الصادق 7 : ((كان رسول الله 6 يكثر تقبيل فاطمة 3 ، فأنكرت عليه بعض نسائه ذلك ، فقال 6: إنه لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة وأدناني جبرائيل 6 من شجرة طوبى ، وناولني منها تفاحة ، فأكلتها ، فحول الله ذلك في ظهري ماء ، فهبطت إلى الأرض ، وواقعت خديجة ، فحملت بفاطمة ، فكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها ، وما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى ، فهي حوراء إنسية)) . ([5]).
4-ليس من ادبيات المجتمع العربي ماقبل الإسلام وعصر الرسالة وجود طريقة تعاملية من خلال تقبيل الاب فم البنت اوكما يعبر النص : (أدخلت لساني في فيها).
5- ان النص يرسم صورة سلبية لشخصية الرسول 6 ، بحبه الجامح للبحث عن مصادر الشوق الى الجنة،من خلال السيدة فاطمة 3،كون اصولها مشتركة من حيث التكون ارضية سماوية ،وهذا لا يليق به 6 لانه اسمى واقدس ،فالقرآن رسم صفاته الشخصية ونعته بنعوت تسموا على هكذا مسار([6]).
6- من ابرز لوازم النص في مسار العلاقة الثنائية بين الرسول 6 والسيدة فاطمة 3،ان العلاقة ناشئة من اصلها السماوي الباعث على حملها رائحة الجنة،وهذا خلاف الاحاديث الداله على كونها بضعه منه([7]).
ومن خلال ما سجل على هذا النص من ملاحظات على السند والمتن نرجح عدم صحة هذه الرواية .
[1] – الطبرسي ،اعلام الورى،164.
[2] – رجال النجاشي ،260/خلاصة الاقوال ،187/رجال ابن داود ،135.
[3] – دروس تمهيدية ،171-175.
[4] – .ابن شهر اشوب ، مناقب،114،3
[5] – الطبرسي ،تفسيرمجمع البيان ،37،6.
[6] – للوقوف على تفاصيل ذلك ينظر العقيلي ،شخصية الرسول ،347
[7] – ابن حنبل ،مسند،5،4/البخاري ،صحيح،410،4.