حدثنا عبد الرحمن حدثنا محمد بن زياد حدثنا جعفر بن جسر حدثني أبي عن ثابت عن أنس عن بلال المؤذن قال: (( مررت على فاطمة وهي تعالج الرحى قال :وابنها الحسين يبكي قال وحانت الصلاة قال بلال: فقلت لفاطمة أيما أعجب إليك أنكفيك الرحى أو الصبي فقالت فاطمة: أنا ألطف بصبيي قال: فأخذت بقية الطحن فطحنته عنها، فأتيت رسول الله6 فقال :يا بلال ما حبسك فقلت: يا رسول الله مررت على فاطمة وهي تعالج الرحى ، فأعنتها على طحنها فقال رسول الله: 6 : رحمتها رحمك الله )) ([1]).
وينبغي دراسة هذه الرواية عبر الآتي:
اولاً: السنـــــد.
1-عبدالرحمن.
سند الرواية اشار فقط الى عبدالرحمن من دون بيان تفصيل اخر ولكن نحن وقفنا على رواية في ذات الصفحة التي رواها الجرجاني والتي ذكر فيها متن الرواية التي هي محل الدراسة فيها سند وكان اكثر الرواة مشتركين مع روايتنا هذه فاستطعنا معرفة انه عبدالرحمن بن محمد القرشي،([2]). ومن المؤسف أننا لم نوفق للوقوف على ترجمة له،وهذه النتيجة يشيرلها الكناني وهو من علماء القرن العاشر الميلادي. ([3]).
2-محمد بن زياد.
اشترك مع محمد بن زياد في عدد من الاسماء الاخرى ولكن بعد التتبع استطعنا الخروج باقرب شخصيتين هما.
أ-محمد بن زياد البرجمي .
يروي البخاري و ابن حبان عنه انه يروي عن ثابت البنائي الذي يعتبر احد رواة هذه الرواية. ([4]).والذي قال عنه مجهول ([5]).
ب-محمد بن زياد بن معروف.
روى الجرجاني إن ابن زياد روى عن جعفر بن جسر وعن ثابت البناني عن أنس([6]).وهو من الرواة المجهولين والذي قال عنه الكناني لم اقف له على ترجمة. ([7]).ونحن نتفق معه على هذا المتبنى و نرجح الرواية الثاني في كون محمد بن زياد هو ابن معروف وليس البرجمي ونستدل على هذا المتبى من خلال رواية رواها الجرجاني اسبق من هذه الرواية التي هي محل الدراسة تحتوي ذات السلسلة محل الدراسة. ([8]).
3-جعفر بن جسر.
قال العقيلي عنه: جعفر بن جسر بن فرقد القصاب بصري فيه اضطراب شديد كان يذهب إلى القدر وحدث بمناكير. ([9]).وقال ابن حبان : يعتبر بحديثه إذا روى عن غير أبيه. ([10]).بينما الذهبي قال : قال ابن عدي : ولجعفر مناكير سوى ما ذكرت ، ولعل ذلك من قبل أبيه ، فإنه مضعف ([11]).
4-جسر بن فرقد .
وقال عنه النسائي : ضعيف([12]). قال عنه ابن حجر: ([13]).ضعيف..وقال الزيعلي : جسر بن فرقد ضعيف جدا. ([14]).وروى الرازي : قال : عبد الرحمن قال سمعت أبي يقول سمعت أبا عبد الله الديناري يقول سألت سعيد بن عامر عن جسر بن فرقد فقال : رحمه الله ، الثقة الأمين ، كان رجلا صالحا . حدثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى ابن معين أنه قال : جسر بن فرقد أبو جعفر لا شئ . حدثنا عبد الرحمن قال سألت أبي عن جسر بن فرقد فقال : ليس بالقوي كان رجلا صالح. ([15]).
5-ثابت.
وهو ابن أسلم أبو محمد روى عن ابن عمر وابن الزبير وأنس روى عنه شعبة وحماد روى محمد بن حمويه بن الحسن قال سمعت أبا طالب قال لأحمد بن حنبل : ثابت البناني أثبت أو قتادة ؟ قال ثابت ثبت في الحديث من الثقات المأمونين صحيح الحديث وقال : يحيى بن معين : بصري ثقة .قال أبو محمد : سمعت أبي يقول : ثابت البناني ثقة صدوق ([16]).
6-انس.
أنس بن مالك أبو حمزة النجاري الخزرجي الأنصاري خادم النبي 6 نزل البصرة روى عنه الزهري وقتادة وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثابت البناني ([17]). ولم نجد في مصادر التراجم له ترجمه تدل على التوثيق،على أختلاف المدارس الفكرية ،فدون شك مدرسة أهل السنة والصحابة تنظر اليه في عداد الصحابة ،وهي بذلك لا يمكن أن توجه الطعن فيه ، أما مصادر أهل البيت : ، فلم نجد من يوثق أنس في المصادر الرجالية والملاحظ ان هناك روايات تطعن فيه منها ماروي عن الإمام جعفر بن محمد (7)، يقول: (( ثلاثة ، كانوا يكذبون على رسول الله 6: أبو هريرة ، أنس بن مالك، وامرأة )). ([18]).
7- بلال:
لم تركز مدرسة اهل السنة على الاشارة على وثاقه بلال بن رباج في مصادر الترجمة او المصادر الرجالية وهذا منهجهم مع جميع الصحابة لتبنيهم متبنى عدالة الصحابة.اما مدرسة اهل البيت : فنجد المصادر الرجالية ترجمت له من دون التعرض الى التوثيق من عدمة امثال الطوسي الذي ترجم له قائلاً : بلال ، مولى رسول الله6 شهد بدراً وتوفي بدمشق في الطاعون سنة ثمان عشرة ، كنيته أبو عبد الله وقيل أبو عمرو ، مدفون بباب الصغير بدمشق ([19]). وبين المادحين امثال ابن داود الحلي الذي يشر اليه بعبارة قائلاً: بلال بن رباح ، بالباء المفردة مولى رسول الله 6 كان صالحا وقال : روى عن النبي 6 شهد بدرا وتوفي في دمشق بالطاعون ، كنيته أبو عبد الله وقيل أبو عمرو ، وقيل أبو عبد الكريم ([20]).اما من المعاصرين نجد الاردبيلي روى ما يبين الاشارات الى المدح بقوله : روى الكشي عن أبي عبد الله 7 قال: (( كان بلال عبدا صالحا….)). ([21]).وكذلك الخوئي عدد من الاحاديث منها : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : (( كان بلال عبدا صالحا ، وكان صهيب عبد سوء يبكي على عمر )). ([22]).و جميع هذه الاشارت تشير الى عبارات المدح والثناء الا انها لم تشير الى التوثيق بأي عبارة من عبارات التوثيق.فيبقى بين المنزلتين .
ومن خلال نتائج ما تقدم من دراسة احوال رواة هذه الرواية يتضح عدم صحة هذه السند لكثرة للمجاهيل والضعفاء الذين رروا هذه الرواية فيكون سندها ساقط الحجية.
ثانياً : المــــتـــن .
وابرز مانسجل على متن هذه الرواية الاتي.
1-حسب استقرائنا للمصادر ُيْعدَ الجرجاني أول العلماء الذين ينقلون هذه الرواية ،الامر يرسم لنا مصدرها الفكري فهو من اتباع المصادر اهل السنة والجماعة.
2-تسربَ هذا النص كما هو حال عدد كثير من المرويات السنية الى المصادر الشيعية ومن ابرز من روى هذه الرواية المجلسي والشيرازي. ([23]).
3-النص يصور مرور بلال على بيت السيدة فاطمة 3 من الامور الطبيعة ، وهذا الامر لا يمكن قبوله لعدد من الاسباب.
أ-إن بلال لم يكن مملوكاً للسيدة فاطمة 3 وبالتالي ينطبق عليه حكم الرجل الاجنبي من حيث الخلوه وعدمها، خصوصاً ان هذه الرواية تبين هذا المعنى بقرينة تصدية الى المساعدة التي يشر لها النص.
ب-إن من غير المنطقي دخول بلال للبيت عنوة وهذا لازمة الاذن في ذلك ومن هذا المنطلق ،سوف لا يحصل على الاذن في الدخول لعدم وجود الإمام علي 7 او شخص اخر.
ت-إن وجود بلال مع السيدة فاطمة 3 على فرض المرخص الشرعي ،فالأمر مخالف للحياء والعفة ، والسيدة فاطمة 3 هي سيدة الحياء والعفة.
4-النص يشير الى وقوع المساعدة التي قدمها بلال الى السيدة فاطمة 3 وقت صلاة الظهر،واعتقد من غير المنطقي أن تتساهل السيدة 3 بأوقات صلاتها ولا تراعي حسابات الوقت.
5-في الملاحظة السابقة أشرنا الى محورية الاهتمام بالوقت وقلنا هناك من الضروي ذلك ، وهنا كذلك نؤكد على ضرورة الامر بالنسبة الى بلال ايضاً خصوصاً إن النص يعطي له مساحة كبيرة كونه مؤذن رسول الله 6.
ومما تقدم نرجح عدم صحة هذا النص كما اتضح من الملاحظات التي سجلت على السند والمتن.
[1] – الجرجاني ، الكامل ، 169،2/ابن حمدون التذكرة الحمدونية ، 87،7 /ابن حجر الهيثمي ، مجمع الزوائد ،316،10/المالكي ، تنبية الخواطر ،549/المجلسي ،بحارالأنوار،76،43.
[2] – الجرجاني ، الكامل ، 169،2.
[3] – تنزية الشريعة ،321
[4] – التاريخ الكبير.83،1/ الثقات ،399،7
[5] – الجرح والتعديل. 259،7.
[6]– الكامل ،169،2.
[7] – تنزيه الشريعة ،321
[8] – الكامل ، 169،2.
[9] – ضعفاء العقيلي،187،1.
[10] – الثقات ،160،8
[11] – ميزان الاعتدال ،4040،1
[12] – الضعفاء ، 164
[13] – مجمع الزوائد ،183،8.
[14] – تخريج الأحاديث.145،4
[15] – الجرح والتعديل ،539،2 .
[16] – .الرازي ،الجرح والتعديل ،449،2.
[17] – الرازي ،الجرح والتعديل ،286،2.
[18] – الصدوق ،الخصال ،129
[19] – رجال الطوسي،27.
[20] – ابن داود ،رجال ابن داود ،58.
[21] – جامع الرواة ،131،1
[22] – معجم رجال الحديث ،271،4
[23] – بحارالأنوار،76،43/ الدرجات الرفيعة،364.