مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الموضوعات في السيرة الفاطمية((الرواية الرابعة عشر  قصة أقتصاص عكاشة من النبي (ص))الشيخ الدكتور ثائر هادي رسن العقيلي
+ = -

                   الرواية الرابعة عشر

قصة أقتصاص عكاشة من النبي (ص)

روي عن محمد بن أحمد بن البر ثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس في قول الله عز وجل: (( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره أنه كان توابا))  قال: (( لما نزلت قال محمد 6  يا جبريل نفسي قد نعيت قال جبريل عليه السلام الآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى، فأمر رسول الله(  صلى الله عليه وسلم ) بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة ، فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله 6  ثُمَ صعد المنبر ،فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثُمَ خطب خطبة وجلت منها القلوب وبكت العيون ثُمَ قال:  أيها الناس أي نبي كنت لكم فقالوا جزاك الله من نبي خيرا، فلقد كنت بنا كالأب الرحيم وكالأخ الناصح المشفق أديت رسالات الله عز وجل وأبلغتنا وحيه ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته ، فقال : لهم معاشر المسلمين أنا أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له ، قبلي مظلمة فليقم فوطئته مني فلم يقم إليه أحد فناشدهم ، الثانية فلم يقم إليه أحد فناشدهم الثالثة معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة، فليقم فوطئته مني قبل القصاص في القيامة ،فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول الله6 ،فقال:  فداك أبي وأمي لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى ما كنت بالذي يقدم على شئ من هذا كنت معك في غزاة ، فلما فتح الله عز وجل علينا ونصر نبيه 6 كنا في الأنصراف حاذت ناقتي ناقتك،  فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك ، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي ولا أدري أكان عمدا منك أم أردت ضرب الناقة، فقال:  رسول الله 6 أعيذك بجلال الله أن يتعمدك رسول الله6، بالضرب يا بلال أنطلق إلى منزل فاطمة وائتني بالقضيب الممشوق، فخرج بلال من المسجد ويده على أم رأسه، وهو ينادي هذا رسول الله6 يعطي القصاص من نفسه فقرع الباب على فاطمة،  فقال يا بنت رسول الله ناوليني القضيب الممشوق فقالت : فاطمة يا بلال وما يصنع أبي بالقضيب ، وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة فقال: يا فاطمة ما أغفلك عما فيه أبوك ، أن رسول الله 6 يودع الدين ويفارق الدنيا ويعطي القصاص من نفسه فقالت : فاطمة (رضي الله عنها ) يا بلال ومن ذا الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله 6  يا بلال فقل للحسن والحسين:  يقومان إلى هذا الرجل فيقتص منهما ولا يدعانه يقتص من رسول الله6، فدخل بلال المسجد ودفع القضيب إلى رسول الله 6 ودفع رسول الله 6 القضيب إلى عكاشة ،فلما نظر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلى ذلك قاما فقالا: يا عكاشة هذان نحن بين يديك، فاقتص منا ولا تقتص من رسول الله 6 فقال: لهما النبي6، امض يا أبا بكر وأنت يا عمر ،فامض فقد عرف الله مكانكما ومقامكما، فقام علي بن أبي طالب فقال: يا عكاشة أنا في الحياة بين يدي رسول الله6  ولا تطيب نفسي أن يضرب رسول الله 6، فهذا ظهري وبطني اقتص مني بيدك وأجلدني مائة ولا تقتص من رسول الله 6 فقال : النبي6 يا علي أقعد ،فقد عرف الله عز وجل مقامك ونيتك وقام الحسن والحسين( رضي الله عنهما) فقالا: يا عكاشة أليس تعلم أنا سبطا رسول الله ، فالقصاص منا كالقصاص من رسول الله6فقال: لهما6 : اقعدا يا قرة عيني لا نسي الله لكما هذا المقام ثُمَ قال النبي6: يا عكاشة اضرب أن كنت ضاربا فقال: يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه 6 ، وصاح المسلمون،  بالبكاء وقالوا: أترى عكاشة ضارب رسول الله6 ، فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول الله6، كانه القباطي لم يملك أن كب عليه وقبل بطنه وهو يقول فداء لك أبي وأمي ومن تطيق نفسه ، أن يقتص منك فقال له النبي:6 إما أن تضرب وإما أن تعفو فقال: قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني في القيامة، فقال النبي 6  من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة،  فلينظر إلى هذا الشيخ فقام :المسلمون فجعلوا يقبلون ما بين عيني عكاشة ويقولون طوباك طوباك نلت الدرجات العلى ومرافقة رسول الله 6، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فكان مريضا ثُمَانية عشر يوما يعوده الناس وكان6، ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين وقبض يوم الاثنين، فلما كان في يوم الأحد ثقل في مرضه ، فأذن بلال بالأذان ثُمَ وقف بالباب فناد السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله الصلاة رحمك الله، فسمع رسول الله6 صوت بلال فقالت فاطمة: (رضي الله عنه)،  يا بلال أن رسول الله6، اليوم مشغول بنفسه، فدخل بلال المسجد ،فلما أسفر الصبح قال : والله لا أقيمها أو استأذن سيدي رسول الله6 ، فرجع فقام بالباب ونادى السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال فقال: ادخل يا بلال أن( رسول الله صلى الله عليه وسلم) مشغول بنفسه مر أبا بكر يصل بالناس، فخرج ويده على أم رأسه وهو يقول واغوثا بالله وأنقطاع رجائه وأنقطاع رجائه ،وأنقصام ظهري ليتني لم تلدني أمي وإذ ولدتني لم أشهد من رسول الله 6، هذا اليوم ثُمَ قال: يا أبا بكر ألا أن رسول الله6 أمرك أن تصلي بالناس، فتقدم أبو بكر( رضي الله عنه)، للناس وكان رجلا رقيقا، فلما نظر إلى خلوة المكان من رسول الله 6 لم يتمالك أن خر مغشيا عليه وصاح المسلمون بالبكاء ، فسمع رسول الله6 ضجيج الناس فقال :ما هذه الضجة قالوا ضجة المسلمين، لفقدك يا رسول الله فدعا النبي6 علي بن أبي طالب وابن عباس( رضي الله عنهما) فأتكأ عليهما، فخرج إلى المسجد فصلى بالناس ركعتين خفيفتين ثُمَ أقبل بوجهه المليح عليهم، فقال: يا معشر المسلمون أستودعكم الله أنتم في رجاء الله وأمأنه والله خليفتي عليكم معاشر المسلمين عليكم باتقاء الله وحفظ طاعته من بعدي، فأني مفارق الدنيا هذا أول يوم من الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، فلما كان يوم الاثنين اشتد به الأمر وأوحى الله عز وجل إلى ملك الموت6 أن اهبط إلى حبيبي وصفيي محمد6 في أحسن صورة وارفق به في قبض روحه فهبط ملك الموت6، فوقف بالباب شبه أعرابي ثُمَ قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة أأدخل فقالت عائشة:(  رضي الله عنها) لفاطمة أجيبي الرجل فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله أن رسول الله مشغول بنفسه، فدعا الثانية فقالت عائشة: يا فاطمة أجيبي الرجل فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله أن رسول الله مشغول بنفسه ثُمَ دعا الثالثة السلام عليكم يا أهل النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة أأدخل، فلابد من الدخول فسمع رسول (الله صلى الله عليه وسلم) صوت ملك الموت 6 فقال يا فاطمة: من بالباب فقالت يا رسول الله:  أن رجلا بالباب يستأذن في الدخول ،فأجبناه مرة بعد أخرى فنادى في الثالثة صوتا اقشعر منه جلدي وارتعدت فرائصي فقال لها النبي6 : يا فاطمة أتدرين من بالباب هذا هادم للذات ومفرق الجماعات ،هذا مرمل الأزواج وموتم الأولاد، هذا مخرب الدور وعامر القبور هذا ملك الموت6، ادخل رحمك الله يا ملك الموت، فدخل ملك الموت على رسول الله6 فقال: رسول الله 6: يا ملك الموت جئتني زائرا ًأم قابضا ًقال: جئتك زائرًا وقابضاً وأمرني الله عز وجل أن لا أدخل عليك إلا بإذنك ولا أقبض روحك إلا بإذنك ، فأن أذنت وإلا رجعت إلى ربي عز وجل فقال: رسول الله6 : يا ملك الموت أين خلفت حبيبي جبريل قال: خلفته في السماء الدنيا والملائكة يعزونه، فيك فما كان بأسرع أن أتاه جبريل 7، فقعد عند رأسه فقال: رسول الله 6 يا جبريل هذا الرحيل من الدنيا ، فبشرني ما لي عند الله قال: أبشرك يا حبيب الله أني قد تركت أبواب السماء، قد فتحت والملائكة قد قاموا صفوفا صفوفا بالتحية والريحان يحيون روحك يا محمد فقال: لوجه ربي الحمد وبشرني يا جبريل قال: أبشرك أن أبواب الجنان قد ، فتحت وأنهارها قد اطردت وأشجارها قد تدلت وحورها قد تزينت لقدوم روحك يا محمد قال لوجه ربي الحمد، فبشرني يا جبريل قال: أنت أول شافع وأول مشفع في القيامة قال: لوجه ربي الحمد قال :جبريل يا حبيبي عم تسألني قال: أسألك عن غمي وهمي من لقراء القرآن من بعدي من لصوم شهر رمضان من بعدي أبشر يا حبيب الله فأن الله عز وجل يقول قد حرمت الجنة على جميع الأنبياء والأمم حتى تداخلها أنت وأمتك يا محمد قال: الأن طابت نفسي إذن يا ملك الموت، فأنته إلى ما أمرت فقال علي:( رضي الله عنه): يا رسول الله إذا أنت قبضت فمن يغسلك وفيم نكفنك ومن يصلى عليك ومن يدخل القبر فقال: النبي 6: يا علي أما الغسل فاغسلني أنت والفضل بن عباس يصب عليك الماء وجبريل عليه السلام ثالثكما ، فإذا أنتم فرغتم من غسلي فكفنوني في ثلاثة أثواب جدد وجبريل 7 يأتيني بحنوط من الجنة، فإذا أنتم وضعتموني على السرير فضعوني في المسجد واخرجوا عني ، فأن أول من يصلي علي الرب عز وجل من فوق عرشه ثُمَ جبريل عليه السلام ثُمَ ميكائيل ثُمَ إسرافيل عليهما السلام ثُمَ الملائكة زمراً زمراً الملائكة زمرا زمرا ثُمَ ادخلوا فقوموا صفوفا لا يتقدم علي أحد فقالت فاطمة( رضي الله تعالى عنها): اليوم الفراق فمتى ألقاك فقال لها يا بنية تلقيني يوم القيامة عند الحوض وأنا أسقي من يرد على الحوض من أمتي قالت:  فأن لم ألقك يا رسول الله قال تلقيني عند الميزان وأنا أشفع لأمتي قالت: فأن لم ألقك يا رسول الله قال تلقيني عند الصراط وأنا أنادي ربي سلم أمتي من النار فدنا ملك الموت6 يعالج قبض رسول الله6 فلما بلغ الروح الركبتين قال(رسول الله صلى الله عليه وسلم) :أوه فلما بلغ الروح السرة نادى النبي 6 وا كرباه فقالت فاطمة3: كربي يا أبتاه فلما بلغ الروح إلى الثندؤة نادى النبي 6 يا جبريل ما أشد مرارة الموت فولى جبريل7 وجهه عن رسول الله6 فقال 6 يا جبريل كرهت النظر إلى فقال جبريل 6 :يا حبيبي ومن تطيق نفسه أن ينظر إليك وأنت تعالج سكرات الموت، فقبض رسول الله6، فغسله علي بن أبي طالب وابن عباس يصب عليه الماء وجبريل عليه السلام معهما، وكفن بثلاثة أثواب جدد وحمل

على سرير ثُمَ أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس عنه، فأول من صلى عليه الرب تعالى من فوق عرشه ثُمَ جبريل ثُمَ ميكائيل ثُمَ إسرافيل ثُمَ الملائكة زمرا زمرا قال علي( رضي الله عنه):  لقد سمعنا في المسجد همهمة ولم نر لهم شخصا فسمعنا هاتفا يهتف ويقول ادخلوا رحمكم الله، فصلوا على نبيكم6، فدخلنا وقمنا صفوفا صفوفا كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبرنا بتكبير جبريل عليه السلام وصلينا على رسول الله 6، بصلاة جبريل عليه السلام ما تقدم منا أحد على رسول الله6 ، ودخل القبر أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وابن عباس( رضي الله عنهم)، ودفن رسول الله 6، فلما أنصرف الناس قالت فاطمة لعلي( رضي الله عنه) ، يا أبا الحسن دفنتم رسول الله6قال نعم قالت فاطمة( رضي الله عنها): كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله6 أما كان في صدوركم لرسول الله6 الرحمة أما كان معلم الخير قال: بلى يا فاطمة ولكن أمر الله الذي لا مرد له فجعلت تبكي وتندب وهي

تقول يا أبتاه الآن أنقطع جبريل عليه السلام وكان جبريل يأتينا بالوحي من السماء)). ([1]).

وينبغي دراسة الرواية عبر محوريين مهميين هما.  

 اولاً: السنــــــــــد.

1-محمد بن أحمد بن البر.

بعد مراجعة المصادرالأولية الرجالية فضلاً عن التاريخية، كذلك لم نقف على مايشر الى التوثيق من عدمه،الأمر الذي يجعلنا نرجح أنه من المجاهيل على الرغم من وروده في اسناد عدد من الروايات الأخرى.

2- عبد المنعم بن إدريس بن سنان.

ويكنى أبا عبد الله وهو ابن ابنت وهب بن منبه ([2]).، يضع الحديث على أبيه وعلى غيره من الثقات ، لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية ، مات سنة ثُمَان وعشرين ومائتين ببغداد ([3]).وقال البخاري عنه : عبد المنعم بن إدريس البغدادي ذاهب الحديث . واتفق معه ابي زرعة  بقوله: عبد المنعم بن إدريس بن سنان واهي الحديث . وقال عنه النسائي: عبد المنعم بن إدريس ليس بثقة ([4]).

3- ادريس بن سنان.

وهو إدريس بن سنان الصنعاني سبط وهب بن منبه ضعفه ابن عدي وقال الدارقطني متروك. ([5]). وذهب الذهبي على القول بتضعيفه . ([6]).

4- وهب بن منبه.

نجد المصادر قد اختلفت في توثيق وهب بن منه الى قسمين الأول :قال عنه عبارات تشير الى التوثيق ومنهم العجلي قال :وهب بن منبه يماني من الأبناء تابعي ثقة وكان على قضاء صنعاء([7])، وقال عنه أبو زرعة : يماني ثقة ([8])..وقال النسائي عنه  ثقة . وذكره ابن حبان في كتاب ” الثقات ([9]).وقال الذهبي وهب بن منبه ثقة مشهور قصاص حبر ضعفه أبو حفص الفلاس وحده. ([10]).والقسم الثاني ذهب الى عدم التوثيق وأبرز من ذهب الى ذلك النجاشي بقوله : كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولا يبالي([11]).وقال الطوسي: عن  مروياته أن فيها كان فيها الغلو أو تخليط ([12]).

5-وفي السند يوجد شخصان تم رواية الرواية عنهما:

 الاولى: جابر بن عبدالله .

– جابر بن عبد الله ، من أصحاب رسول الله 6 ، شهد بدرا .وقد  أورد الكشي في مدحه روايات كثيرة ، من غير أن يورد ما يخالفها ، . وقال الفضل بن شاذان : انه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين 7 . وقال ابن عقدة : إن جابر بن عبد الله منقطع إلى أهل البيت : . وروى مدحه عن الصادق 7 ([13]).وروى ابن داود المدح المروي في حقة من قبل الإمام الصادق 7 إنه كان يقول انه : ( آخر من بقي من أصحاب رسول الله 6 وكان منقطعا إلينا أهل البيت )ا([14]).وقدروى التفرشي انه من  أصحاب الرسول 6 وعلي والحسن والحسين  وعلي بن الحسين والباقر: ([15]).

 الثانية :عبدالله بن عباس .

دون شك عند الرجوع الى المصادر الرجالية في المنظومة الفكرية الإسلامية ،نجد هناك مدرستين الاولى: مدرسة الصحابة : التي تتبنى عدالة الصحابة ،فلم نجد في تراجمهم له طعن مطلقاً،أما المدرسة الثانية:مدرسة أهل البيت ::فقد تناولوا هذه الجزئية ،فقال الحلي: (( عبد الله بن العباس ، من أصحاب رسول الله 6 ، كان محبا لعلي 7 وتلميذه ، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين 7 أشهر من أن يخفى . وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه ، وهو اجل من ذلك)) ([16]).بينما ابن داود  قال : (( عبد الله بن العباس رضي الله عنه حاله أعظم من أن يشار إليه في الفضل والجلالة ومحبة أمير المؤمنين 7 وانقياده إلى قوله )) ([17]). وقال الاردبيلي : ((كان محبا لعلى 7 وتلميذه وحاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين أشهر من أن يخفى وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك  ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيف السند والله أعلم بحاله )). ([18]).وقد درس الخوئي الاخبار القادحة فيه فقال :((هذا والاخبار المروية في كتب السير والروايات الدالة على مدح ابن عباس وملازمته لعلي ومن بعده الحسن والحسين ….ونحن وإن لم نظفر برواية صحيحة مادحة ، وجميع ما رأيناه من الروايات في إسنادها ضعف ، إلا أن استفاضتها أغنتنا عن النظر في إسنادها ، فمن المطمأن به صدور بعض هذه الروايات عن المعصومين إجمالا )). ([19]).ويتضح مما تقدم ذكرهُ الاختلاف الواضح في حال ابن عباس بين المدح والذم ،الامر الذي يجعلنا التوقف في التوثيق من العدم ،وذلك بسبب المرويات التي وردت عنه.

ومن الجدير بالأشارة إلى من تناول دراسة سندهذه الرواية في بعض رواتها وأشار الى عددمن الأشارات المهمة وأبرزهم، ابن الجوزي الذي ذهب بقوله : (( هذا حديث موضوع محال كافأ الله من وضعه وقبح من يشين الشريعة بمثل هذا التخليط البارد والكلام الذي لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالصحابة ، والمتهم به عبد المنعم بن إدريس . قال أحمد بن حنبل : كان يكذب على وهب . وقال يحيى : كذاب خبيث . وقال ابن المديني وأبو داود : ليس بثقة وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني : هو وأبوه متروكان )). ([20]).

ومن خلال دراسة سلسلة سند هذه الرواية يتضح الضعف في بعض الرواة ، ومن هذا المنطلق لأيمكن الاحتجاج في هذه السلسلة السندية.

  ثانياً:المتن.

ويلاحظ على النص بعد دراسته عدد من الأمور أبرزها الاتي.

1-وردت هذه الرواية من المصادر السنية فقط،اذا لم نجدها في المصادر الشيعية  التي تصنف ضمن المصادر الحديثية المتقدمة ،والتي من اهمها بحار الأنوار للمجلسي التي في الغالب يتفرد في كثير من المرويات .

2-أشار النص  إلى سورة النصر  التي شكلت بدورها محركاً مهماً في نفسية النبي 6 ،كونها تحمل ابلاغاً الهياً في دنو الأجل ،وقد روى الطبري والزمخشري روايات تشير إلى هذا المعنى مؤكدين أن المراد في الفتح هنا فتح مكة([21])،ونحن نسجل على هذا المعنى امرين هما:

أ-أننا لأنجد في الآية أي أشارة تلازمية  تشير إلى قرب الأجل للرسول 6.

ب-أن الروايات التي تشير الى معنى قرب الأجل وهذا بعيد لاتفاق المؤرخين أن فتح مكة كان في السنة الثامنة ورحيل الرسول 6 ،كان بعدها باكثرمن سنتين، وليس من المنطقي أن يبلغ النبي 6 ،المسليمن قرب الرحيل من دون تحديد تاريخ ، فهكذا امر سوف يخلق اضطراب وعدم استقرار في توجهاتهم خصوصاً ،  أن الإسلام لم يحقق الأهداف الرئيسة من دعوة التوحيد، فمازالت الحروب  في بداياتها فمكة لم تفتح بعد ومعسكرات الشرك مازالت قوية .

ت-أن سورة النصر أشارت الى عدد من الأوامر الإلهية التي وجهت إلى الرسول 6 ،منها التسبيح والاستغفار لله تعالى بعد تحقق النصر الموعود ،وهذا الأمر ينسجم مع أخلاقياته .الأمر الذي جعل من وردا دائما  له حتى آخر حياته المقدسة([22]).

3-لقد بينا في الأمر الأول  والنقطة (ب) أن المراد في الفتح هو فتح مكة والذي كان في السنة الثامنة والنبي 6 ،رحل عند الدنيا بعدها بقترة تزيدد على السنتين ، وهذه الحقيقة تخالف ما جاء في هذا النص الذي يروي ((فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ( يوم قيام عكاشة من محاولة الاقتصاص منه )) فكان مريضا ثُمَانية عشر يوما يعوده الناس وكان6 ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين وقبض يوم الاثنين)). وهذه من الأمور المهمة التي وردت في النص وتخالف المتفق عليه في التاريخ.

4-إن النص يظهر النبي 6 في صورة الأنسان السطحي وغير المتهم بدينه الا مع قرب الأجل ، فيعمد الى براءة الذمة مع جميع الناس. وهذا لاينسجم مع الأخلاق المحمدية .

5-إن النبي الاعظم معصوم وقد دلت الأدلة العقلية والنقلية في القرآن الكريم والسنة الشريفة على ذلك ،فلا يحتاج إلى القيام بهذا الأمر.

6-إن النص عبر بعبارة ((مظلمة) على النبي 6 للمسليمن من المهاجرين والأنصار،وهذا يعكس جوار صدور الذنب منه ،وهو خلاف ماتم الأشارة إليه من العصمة المطلقة له 6.

7-إن النص أشار الى الشخص الذي طالب النبي 6 بعملية الاقتصاص منه،بعكاشة ،وبعد استقراء المصادر ذات العلاقة ،لم نجدها تروي بهذا الاسم ممن لديه صحبة مع النبي 6 الا شخصيتين الأولى: عكاشة بن ثور والثانية :عكاشة بن محصن, ([23]).وكلاهما لم ترو المصادر ارتباط الحادثة باحدهما.

8-اوردت مصارد الشيعة الرواية ولكن باسأنيد مختلفة ،ولم تشر إلى عكاشة بل أشارت إلى سوادة بن قيس ([24]). مع الاختلاف في مضامين الرواية مع محل الدراسة.

9-  درست هذه الرواية من قبل احد الباحثين المحدثين فاستنتج الاتي.

أ : إذا كان الإمام السجاد  7 يحج على ناقته خمسا وعشرين سنة ، ولا يضرب ناقته ، وهو يلوح لها بالسوط ، ويخاطبها بقوله : آه لولا القصاص ، ويرد يده عنها.

ب- هل أصابه السوط عن قصد أو عن غير قصد ؟ ففي الصورة الأولى : لا بد أن يكون ذلك الرجل قد فعل ما يستحق معه هذا الضرب ، أو الزجر العنيف وأن كان قد أصابه عن غير قصد ، فهو معفو عنه ، ولا قصاص فيه .وقد صرح الرجل – كما تدعي الرواية – بأنه لا يدري أن كان  6 قد تعمد الضرب أم لا . وأعاذه النبي ” صلى الله عليه وآله ” بجلال الله أن يتعمده ” صلى الله عليه وآله ” بالضرب .

ت: أن القصاص من الحسن والحسين أعجب وأغرب . . فأنه لا قصاص من غير الجاني . . فكيف إذا كان هذا الذي يقدم نفسه للقصاص طفلا صغيرا لم يتجاوز عمره الست أو السبع سنوات . ([25]).

10-وضوح بعدية صناعة الفضائل لبعض الصحابة امثال ابي بكر وعمر بن الخطاب، وذلك من خلال الترتبية التاريخية بينهم وبين الإمام علي بن ابي طالب 7.وهذه الترتبية كثيرة في مثل هذه السياقات في المرويات التاريخية.

11-إن دور الدفاع عن النبي 6 كان منحصر بين بعض الصحابة وهم ابي بكر وعمر بن الخطاب وأهل البيت :،وهذا الأمر لايمكن تصوره  اذ كيف  لأنجد من بين المسلمين  من يمثل دور المدافع عنه 6.وهذه الأشارات تعكس لنا مسار البعد الوضعي في النص.

12- لم ترو لنا المصادر الحديثة والتاريخية اي معنى من معاني أن القصاص من الحسنين (عليهما السلام) ،هو اقتصاب منه 6.بل هو خلاف النص القرآني .

13-إن الرواية لاتخلو من بعد قصصي واضح من بداية الرواية وصولا الى ترتبية الرغبة في القصاص من قبل عكاشة  والعفو عنه وبكاء المسلمين وجعله من رفقاء رسول الله 6 في الجنة .

14-إن  النص اعطى مساحة كبيرة  لبلال ومكانه واضحة في سيرة النبي 6 في هذه الرواية ،لم نجدها في سيرته العامة ،وهذا يدعونا الى الوقوف مع هذه الجزئية ،وعدم القطع بصحتها.

15-إن الدراسات اثبتت عدم امر النبي 6، في صلاة ابي بكر في محراب  صلاته وأنها نوع من أنواع صناعة المناقب والفضائل.

16-اظهر النص أن الرسول 6 رحل من هذه الدنيا من دون أن يرسم معالم الاستخلاف من بعده كما أشار النص : ((فقال يا معشر المسلمون أستودعكم الله أنتم في رجاء الله وأمانه والله خليفتي عليكم معاشر المسلمين عليكم باتقاء الله وحفظ طاعته من بعدي فأني مفارق الدنيا)) ([26]).وهذا خلاف الضروريات التاريخية التي اثبتت خلاف ذلك.

17-أن مجيء ملك الموت بصوره غير صورته الحقيقة الى النبي 6 لا يمكن تعقلها؟ ،فضلا عن الاستفهام من طبيعه الزيارة ونوعها فلم يثبت التاريخ بل لم يرو أنه جاء زائراً يروم قبض روحه؟واذ ليس من المعقول أن النبي 6 لا يعرف تاريخ رحيله من هذه الدنيا.

18-أن جميع حيثيات رحيل النبي 6 من مجيء ملك الموت حتى خروج الروح وما رافقها من حضور جبرئيل وصلاة رب العزة عليه وسماع الاصوات لايمكن قبولها لا تخلومن البعد القصصي.

19-أن دخول ابي بكر قبر النبي6 لم يثبت تاريخياً ،بل الثابت العكس تماماً. ([27]).

20-أن اعتراض السيدة فاطمة 3غير مبرر وغير منطقي ،اذ ليس من المعقول أن يصدر منها هذه الأمور ،لسمو شخصيتها المقدسة ،وارتفاع مكانتها ،خصوصاً أن هذه العملية التي تمت من قبل الإمام علي بن ابي طالب 7 من الأمور الطبيعية التي حثت عليها الشريعة ،فلا يصح أن يصدر منها هذه الأمور التي تشعر صور الاعتراض الواضح منها. ([28]).

وعلى ضوء ما تقدم ذكره من دراسة السند وما سجل من ملاحظات على المتن ،اعتقد بعدم صحة هذه الرواية.

 

 

[1] – الطبراني، المعجم الكبير،64،3/  ابن حمدون ،التذكرة الحمدونية ،154،9 / ابن الجوزي ، الموضوعات ،296،1/ الكلاعي، الاكتفاء ،61/الحلبي ،السيرة الحلبية،493،3/ابن حجر،مجمع الزوائد ومنبع الزوائد،9، 27-31

[2] – ابن سعد، الطبقات،361،7/ ابن حبان،المجروحين،157،2.

[3] – ابن حبان،المجروحين،157،2.

[4] – البغدادي ،تاريخ بغداد،135،11.

[5] – الذهبي،المغني في الضعفاء،100،1.

[6] – تقريب التهذيب ،73،1 .

[7] – معرفة الثقات،345،2.

[8] – الرازي،الجرح والتعديل،24،9.

[9] – المزي،تهذيب الكمال،142،31

[10] – المغني في الضعفاء، 505،2

[11] – النجاشي،رجال النجاشي،348.

[12] – .الفهرست،222.

[13] -الحلي ،خلاصة الاقوال ،94.

[14] – ابن داود ،رجال ابن داود،61

[15] – التفرشي، نقد  الرجال،323،1.

[16] –  خلاصة الأقوال، 210.

[17] –  رجال ابن داود،121.

[18] –  جامع الرواة،494،1.

[19] –  الخوئي ،معجم رجال الحديث،251،11.

 [20] – الموضوعات،301،1.

 [21] – جامع البيان،407،30/الكشاف ،1384،2.

 [22] – جامع البيان،407،30/الكشاف ،1384،2

 [23] – ابن عبد البر ،الاستيعاب، 1080،3/ابن الاثير،اسد الغابة ،3،4.

[24] – الصدوق ،الأمالي،734/القتال النيسابوري،روضة الواعظين،73/ابن شهر أشوب،مناقب،202،1/المجلسي،بحار الأنوار،508،22.

[25] – قاووق،هذا هو بلال.53.

[26] – الطبراني ، المعجم الكبير،62،3/ابن حمدون ،التذكرة الحمدونية،155،9/ابن حجر الهيثُمَي ،مجمع الزوائد ،29،9.

[27] – ابن سعد الطبقات ،23،8.

[28] – قاووق،هذا هو بلال.53.