آياتها(ع) فيما أنزل عليها من السماء..الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي. ط2،
آياتها(ع) فيما أنزل عليها من السماء |
في بيان آياتها فيما أنزل عليها من السماء وفيه ثلاثة أحاديث: 1- عن زينب بنت علي عليهما السلام، قالت: صلى رسول الله(ص) صلاة الفجر، ثم أقبل بوجهه الكريم على علي عليه السلام، فقال: “هل عندكم طعام؟” فقال: “لم آكل منذ ثلاثة أيام طعاماً، وما تركت في منزلي طعاماً”. قال: “امض بنا إلى فاطمة” فدخلا عليها وهي تتلوى من الجوع، وابناها معها، فقال: “يا فاطمة، فداك أبوك، هل عندك طعام؟” فاستحيت فقالت: “نعم” فقامت وصلت، ثم سمعت حسا فالتفتت فإذا بصحفة ملأى ثريداً ولحماً، فاحتملتها فجاءت بها ووضعتها بين يدي رسول الله (ص)، فجمع عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وجعل علي يطيل النظر إلى فاطمة، ويتعجب، ويقول: “خرجت من عندها وليس عندها طعام، فمن أين هذا؟” ثم أقبل عليها فقال: “يا بنت رسول الله، «أنى (1) لك هذا؟» قالت: «هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب» (2) فضحك النبي(ص) وقال: “الحمد لله الذي جعل في أهلي نظير زكريا ومريم إذ قال لها: «أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يزرق من يشاء بغير حساب»(3). فبينما هم يأكلون إذ جاء سائل بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل البيت، أطعموني مما تأكلون. فقال(ص): “إخسا إخسا” ففعل ذلك ثلاثا، وقال علي عليه السلام: “أمرتنا أن لا نرد سائلا، من هذا الذي أنت تخساه؟” فقال: “يا علي، إن هذا إبليس، علم أن هذا طعام الجنة، فتشبه بسائل لنطعمه منه”. فأكل النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام حتى شبعوا، ثم رفعت الصحفة، فأكلوا من طعام الجنة في الدنيا. 2- عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، قال: إن رسول الله (ص) أقام أياما لم يطعم فيها طعاما حتى شق عليه ذلك، فطاف(4) في ديار أزواجه فلم يصب عند إحداهن شيئا، فأتى فاطمة عليها السلام، فقال: “يا بنية، هل عندك شيء آكله، فإني جائع؟” قالت: “لا والله”. فلما خرج بعثت جارية لها برغيفين وبضعة لحم، فأخذته ووضعته في جفنة وغطت عليها وقالت: “والله لأوثرن بها رسول الله (ص) على نفسي، وعلى غيري”. وكانوا محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسنا وحسينا إلى رسول الله(ص). فرجع إليها، فقالت: “قد أتاني الله بشيء فخبأته لك” فقال: “هلمي يا بنية” فكشف الجفنة، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلما نظرت إليها بهتت، وعرفت أنه من عند الله تعالى، فحمدت الله تعالى، وصلت على أبيها، وقدمته إليه، فلما رآه حمد الله وقال: «أنى لك هذا ؟» قالت: «هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»(5). فبعث رسول الله (ص) إلى علي، ثم أكل رسول الله(ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وجميع أزواج النبي(ص) حتى شبعوا. قالت فاطمة عليها السلام: “وبقيت الجفنة كما هي، فأوسعت منها على الجيران، وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً. 3- عن عاصم بن الأحول ، عن زر بن حبيش ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: خرجت من منزلي يوما بعد وفاة رسول الله(ص) فلقيني (6) علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال لي: “يا سلمان، جفوتنا بعد وفاة رسول الله (ص)؟” فقلت: حبيبي يا أمير المؤمنين، مثلك لا يخفى عليه، غير أن حزني على رسول الله(ص) هو الذي منعني من زيارتكم. فقال لي: “يا سلمان ، ائت منزل فاطمة فإنها إليك مشتاقة، وتريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنة. قال سلمان: قلت: يا أمير المؤمنين أتحفت(7) بتحفة من الجنة بعد وفاة رسول الله(ص)؟!” قال: “نعم يا سلمان”. قال: فهرولت هرولة إلى منزل فاطمة عليها السلام، وقرعت الباب، فخرجت إلي فضة فأذنت لي، فدخلت وإذا فاطمة جالسة، وعليها عباءة قد اعتجرت(8) بها واستترت، فلما رأتني قالت: “يا سلمان، اجلس واعقل واعلم أني كنت جالسة بالأمس مفكرة في وفاة رسول الله(ص)، والحزن يتردد في صدري، وقد كنت رددت باب حجرتي بيدي، فانفتح من غير أن يفتحه أحد، وإذا أنا بأربع(9) جواري، فدخلن علي، لم ير الراؤن بحسنهن ونظارة وجوههن، فلما دخلن قمت إليهن مستنكرة لهن، فقلت: أنتن من أهل المدينة أم من أهل مكة؟ فقلن: لا من أهل المدينة، ولا من أهل مكة، ولا من أهل الأرض، نحن من الحور العين، أرسلنا إليك رب العالمين يا ابنة رسول الله لنعزيك بوفاة رسول الله(ص). قالت فاطمة عليها السلام: “فقلت لإحداهن: ما اسمك؟ قالت: ذرة. قلت: حبيبتي لم سميت ذرة؟ قالت: سميت ذرة لأبي ذر الغفاري، صاحب أبيك رسول الله(ص). فقلت للأخرى: وأنت ما اسمك؟ قالت: أنا سلمى. فقلت: لم سميت سلمى؟ قالت: لأني لسلمان الفارسي، صاحب رسول الله(ص). وقلت للأخرى: ما اسمك؟ قالت: مقدودة. فقلت: حبيبتي، ولم سميت مقدودة؟ قالت: لأني للمقداد بن الأسود الكندي، صاحب رسول الله(ص). فقلت للأخرى: ما اسمك؟ قالت: عمارة. قلت: ولم سميت عمارة؟ قالت: لأني لعمار بن ياسر، صاحب رسول الله(ص). فأهدين إلي هدية، أخبأت لك منها “ثم أخرجت لي طبقاً أبيض، فيه رطب أكبر من الخشكنانج(10)، أبيض من الثلج، وأذكى من المسك، وأعطتني منها عشر(11) رطبات، عجزت عن حملها، فقالت: “كلهن عند إفطارك، وعد إلي بعجمهن”. قال سلمان: فخرجت من عندها أريد منزلي، فما مررت بأحد ولا بجمع من أصحاب رسول الله (ص) إلا قالوا: يا سلمان، رائحة المسك الأذفر معك. قال سلمان: كتمت أن معي شيئا حتى أتيت منزلي، فلما كان وقت الإفطار أفطرت عليهن، فلم أجد لهن عجماً فغدوت(12) إلى فاطمة، وقرعت الباب عليها، فأذنت لي بالدخول، فدخلت وقلت: يا بنت رسول الله، أمرتني أن آتيك بعجمته، وأنا لم أجد لها عجما! فتبسمت، ولم تكن ضحكت عليها السلام. ثم قالت: “يا سلمان، هي من نخيل غرسها الله تعالى لي في دار السلام بدعاء علمنيه أبي رسول الله(ص) كنت أقول غدوة(13) وعشية” قلت: علميني الكلام سيدتي. قالت: “إن سرك أن تلقى الله تعالى وهو عنك راض غير غضبان، ولا تضرك وسوسة الشيطان ما دمت حياً، فواظب عليه”. وفي رواية أخرى: “إن سرك أن لا تمسك الحمى ما عشت في دار الدنيا، فواظب عليه” فقال سلمان: فقلت: علميني. قالت عليها السلام: “بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الأمور، بسم الله الذي خلق النور من النور، الحمد الله الذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، في رق منشور، والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور بقدر مقدور على نبي محبور، الحمد لله(14) الذي هو بالعز مذكور، وبالخير مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور”(15). قال سلمان: فتعلمته، وقد لقنت أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكة ممن بهم علل الحمى، وكلهم برئوا بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: في شكوى ووسوسة الشيطان، وقد نزل عليها السلام الرزق من السماء، وكثيراً ما تدور الرحى في بيتها وهي نائمة أو مشتغلة بأمر آخر، والرواية فيها متظافرة. الهوامش: 1- في ع: من أين. 2- سورة آل عمران / الآية: 37. 3- سورة آل عمران / الآية: 37. 2 – الخرائج والجرائح 2: 528، مناقب ابن شهرآشوب 2: 339، قطعة منه ، مقتل الخوارزمي: 58، فرائد السمطين 2: 51، نحوه. 4- في ر: فصار يدور . 5- سورة آل عمران / الآية : 37. 3 – الخرائج والجرائح 2: 533، مهج الدعوات: 6، معالم الزلفى: 406. 6- في ش، ص، ع: فرأيت. 7- في ر: أتتحفي. 8- اعتجرت: لفت رأسها. “النهاية 3: 185”. 9- في ك، م: بثلاث. 10- الخشكنانج: خبزة تصنع من خالص دقيق الحنطة وتملأ بالسكر واللوز أو الفستق وتقلى، فارسية.” المعجم الوسيط 1: 236″. 11- في ك، م: خمس. 12- في ص: فعدت. 13- في م: بكرة. 14- في ش، ص، ع، م: بسم الله. 15- إلى هنا وقد انتهت مقابلتي مع نسخه(ع) والباقي ساقط.
المصدر: الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي. ط2، مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر – قم المقدسة، 1412. |