تزهر الأرض والسماء بإشراقة نور السَّيِّدة الزَّهرَاء (صلوات الله وسلامه عليها)
الباحِث: سَلَام مَكِّيّ خضَيّر الطَّائِيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مُحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرين والغرّ المنتجبين، واللَّعن الدَّائم على أعدائِهم إلى قيامِ يوم الدِّين، أمَّا بعد…
فإنَّ الدّنيا تنورت بنورٍ ثالث الحُجَج، بعد النَّبيّ والوصيّ (صلوات الله عليهما وآلهما)، وهو نور بضعة النَّبي الأكرم مُحَمَّد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله)، فاطمة الزَّهراء (صلوات الله تعالى وسلامه عليها).
اطلالة على سيرتها (عليها السَّلَام) الاجتماعية:
أ- مولدها (صلوات الله تعالى وسلامه عليها) وما جرى فيه:
كان مولد السَّيِّدة فاطمة (عليها الصَّلَاة والسَّلَام)، بعد مبعث أبيها رسول الله مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله) بخمس سنين[1]، ففي يوم العشرين من شهر جمادى الآخرة، أضاءت الأرض والسَّماء وابتهج ما بينهما من ملائكة وجنّ وانس، بنور مولدها (عليها أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النُّور حتَّى دخل بيوتات مكّة، ولم يبقَ في شرق الأرض ولا غربها موضع إلَّا أشرق فيه ذلك النُّور.
ودخل عشر من الحور العين على أُمّها السَّيِّدة خديجة بنت خُوَيلد (عليها السَّلَام) أثناء الطّلق (الولادة)، كل واحدة منهن معها طست من الجنّة، وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها، فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضًا من اللبن وأطيب ريحًا من المسك والعنبر، فلفتها (عليها السَّلَام) بواحدة، وقنعتها بالثانية، ثم استنطقتها فنطقت فَاطِمَة (عليها السَّلَام) بالشهادتين[2]، وقالت: (أشهد أن لا إله إِلَّا الله، وأشهد أَنَّ أَبيّ مُحَمَّدًا رسول الله سَيِّد الأنبياء، وأَنَّ عَلِيًّا سيِّد الأوصياء، وولديّ سادة الأسباط)[3].
ثم سلمت السَّيِّدة فاطِمَة الزَّهراء (صلوات الله تعالى وسلامه عليها) على النّسوة، وسمّت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضًا بولادتها (عليها السَّلَام).
فحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النَّسوة للسيِّدة خديجة (عليها السَّلَام): (خذيها يا خديجة، طاهرة مطّهرة زكيّة ميمونة، بورك فيها وفي نسلها)، فتناولتها فرحة مستبشرة، فكانت السَّيِّدة فاطمة الزَّهراء (عليها السَّلَام) تنمي وتكبر في اليوم كما ينمي ويكبر الصَّبيّ في الشَّهر، وتنمي وتكبر في الشَّهر كما ينمي ويكبر الصَّبيّ في السّنة[4]، فشعشع نورها (عليها السَّلَام) في أرجاء المعمورة حتى تفرَّع من نورها أحد عشر نورًا أصبحوا منهاجًا قويمًا لكلّ من تمسَّك به وأراد أن يسلك طريق الهداية والنَّجاة، والميل عن الضَّلالة والظّلمات.
والحديث عن سيدة نساء العالمين من الأوَّلين والآخرين (عليها أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، لا تكفيه هذه السطور، لكن هذا ما يسعنا أن نقدّمه عنها (صلوات الله تعالى وسَلَامه عليها)، وفي الختام جعلنا الله تعالى من المتمسّكين بالأنوار المُحَمَّديَّة (صلوات الله تعالى وسلامه عليهم)، ولعن الله تعالى أعدائِهم أجمعين إلى قيام يوم الدِّين، إنَّه سميعٌ عليم…
الهوامش:
[1] شرح أصول الكافي، مولى محمد صالح المازندراني:7/213.
[2] يُنظر: الأمالي، الشَّيخ الصَّدُوق: 691.
[3] الثَّاقب في المناقب، ابن حمزة الطُّوسيّ: 287.
[4] ينظر: روضة الواعظين، الفتَّال النِّيسابوري: 144..لم تنشر بعد