مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
♦️الزهراءُ برزخٌ بين النبوّة والولاية♦️ الشيخ الوحيدالخراساني
+ = -

عندما خرَجَ النبي صل الله عليه وآله لمباهلة نصارى نجران، كانَ ” عليه مرطٌ من شعر أسود “، حين خرج في اليوم الموعود، أي بعد إتمام الحجّة وإقامة البُرهان العلمي القاطع من خلال ( إن مَثَلَ عيسى عند الله كمَثَل آدم )، وصل الدورُ إلى الحاجّة وبلغ الأمرُ إلى المباهلة، فخرجَ رسول الله صل الله عليه وآله مرتدياً ثوباً ورداءً أسود، إنها أمورٌ لا تخفى عليكم، ولكن المهم هنا هو نقل ( ما نقلَهُ) هؤلاء ( العلماء السنيّون)، وما (يجب) عليهم أن يُعدّوه من جواب على ذلك! …

هكذا بلَغَ الأمرُ إلى المباهلة، تُرى ما هي حقيقة المباهلة؟ إنّ جواب هذا السؤال هو ما سيأتي على لسان كبير أساقفة النصارى، ولكن مع مراعاة خصوصيّات معيّنة وهي أنّه صل الله عليه وآله :” خرجَ وعليه مرطٌ من شعر أسود “، وكيف كانت هيئةُ الخروج؟ ( ومم يجدر التنويه إليه ) إن ما يُذكرُ هنا برمّته هو من أكثر المستندات الروائيّة والتفسيريّة إتقاناً واعتباراً، وهي مم لا ارتباط له بالمذهب الشيعي ( بالمصادر الشيعية ) بتاتاً !

خرج… “وكان قد احتضَنَ الحسينَ”، ومع أن سيّدَ الشهداء عليه السلام كان حينها في سنّ يتمكّن من السير على قدميه، إلا أنّ الرسولَ صل الله عليه وآله خَرَجَ -لخصوصيّة- بهذه الهيئة: وهو يحتضن الحسين ويضمّه إليه، ( أمّا يده الأخرى ) ومن الطرف الثاني ( فالحديث يقول ): ” وأخذَ بيد الحسن”، أرجو التمعّن والتدقيقَ في خصوصيّات النقل، لقد تقدّم هو (رسول الله صل الله عليه وآله)، “وفاطمة تمشي خلفَهُ، وعليٌ رضيَ الله عنه خلفها”، كانت هذه حالةُ وهيئةُ خروجهم (للمباهلة).

لقد كان حَريّا بالفخر الرازي والزمخشري والقاضي البيضاوي والحاكم النيشابوري وجلال الدين السيوطي، أن يُسرّحوا النظرَ ويُدلوا برأيهم في جميع خصوصيّات القضيّة، فليست القيمةُ للرواية بقدر ما هي للدراية، وقد قام أساسُ الدين – كتاباً وسُنّةً – على التفقّه (ف) ” الكمالُ كلّ الكمال التفقّه في الدين”، وحقيقةُ التفقّه عبارةٌ عن إمعان النظر والتدقيق في كل الأقوال، وجميع الأفعال والخصوصيّات، ثم الإستنتاج ( الإستنباط )…

لقد صدَرَت هذه الحركاتُ والخصوصيّات عن ذلك النبي الذي يجسّد قوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) ( النجم / ٣ )، وهذه كلمة تعني الكثير ، فمن لا ينطق عن الهوى، لا يفعل عن الهوى ( أيضاً )، وهو الذي نزلَت فيه {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر / ٧)، وهو الذي تُعدّ أقوالُه وأفعالُه، ويُعدّ تقريره سُنّةً، لا مجرّد أقواله فقط… فجميعُ حركاته وسكناته سُنّة، وكلّ أحواله وأطواره (وما يعتريه)، مرتبطٌ بمقام { ثم دَنَا فتدَلّى * فكانَ قابَ قوسين أو أدنى } ( النجم / ٨-٩ )، إنه خُلاصةُ العالَمِ ومُحصّلته، إنه النبيُ الخاتم، جوهر الوجود، والفرد الأوّل لعالم الكون، إن كلّ نظرة (التفاتة) من مثل هذا الشخص تحملُ ( في طيّاتها وتنطوي على بحر متلاطم و…) دنياً من الحكمة، وكلّ عمل منه يُشكلُ مَعيناً تتدفّق منه أربعة المعارف.

وعندما تراه يتقدّم، وعليٌ على أثره، وفاطمة في الوسط (بينهما)، فإن لهذا الوضع معنىً ومدلولاً! إنه يعني أن فاطمةَ برزخٌ بين النبوّة الكُبرى والولاية العُظمى، إنه يعني أن فاطمةَ عليها السلام تتمتّعُ بموقع القُطبية ولها دورُ المركزية ( المحورية ) بين مقامي: الوحي الأعظم والبلاغ، فالذي كان يتقدّمها هو رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، والذي كان يسير خلفها هو علي عليه السلام صاحب مقام تفسير الوحي…

هذه هي فاطمة الزهراء عليها السلام، مجهولة القدر على جميع العوالم ….

#الشيخ_الوحيد_الخراساني