مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
حديث الوليمة/دلائل الامامة الطبري
+ = -

حديث الوليمة

حديث الوليمة

روى ابن جرير باسناده إلى أبي عبداللّه عليه السلام قال: لما زوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أميرالمؤمنين علياً عليه السلام من فاطمة عليهاالسلام قال: من حضر الخطبة فليحضر الطعام فضحك المنافقون و قالوا الذين حضروا العقد حشر من الناس و ان محمداً سيضع طعاماً لا يكفي عشرة فيستفضح محمد اليوم و بلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه و آله فدعا عميه حمزة والعباس و أقامهما على باب داره و قال لهما ادخلا الناس عشرة عشرة و جعلا يدخلان عشرة عشرة حتى أكل الناس من طعامه ثلاثة أيام والنبي صلّى اللّه عليه و آله يجمع بين الصلاتين في الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة.

ثم قال النبي صلّى اللّه عليه و اله للعباس: مالي أرى الناس يصدرون و لا يعودون؟ فقال: يا ابن اخي لم يبق في المدينة مؤمن إلا و قد أكل من طعامك حتى ان جماعة من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين فأحببنا أن لا ننعهم ليروا ما أعطاك اللّه تعالى من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة فسأله عن عددهم فلم يكن له علم به فسأل النبي صلّى اللّه عليه و آله عمه حمزة عن عددهم فقال: لقد أكل الناس من طعامك في أيامك الثلاثة ثلاثة آلاف من المسلمين و ثلاثمائة رجل من المنافقين فضحك النبي صلّى اللّه عليه و آله حتى بدت نواجذه.

ثم دعا بصحاف و جعل يغرف فيها و يبعث إلى بيوت الأرامل والضعفاء والمساكين من المسلمين والمسلمات والمعاهدين والمعاهدات حتى لم يبق المدينة دار و لا منزل إلا دخل عليه من طعامه صلّى اللّه عليه و آله.

و قال: هل فيكم من يعرف المنافقين؟ فسكتوا فنادى ابن حذيفة بن اليمان

فأتاه يتوكأ على عصا لضعف فيه من علة أصابته فقال له: هل تعرف المنافقين؟

قال: ما المسئول بأعلم من السائل فاستدناه رسول اللّه و أمره أن يستقبل القبلة ثم وضع يده اليمنى بين منكبيه يقول حذيفة: فو اللّه لقد ذهبت العلة والضعف مني حتى رميت هراوتي و عرفت المنافقين بأسمائهم و أسماء آبائهم و اُمهاتهم.

فقال لي: انطلق و ائتني بالمنافقين رجلاً رجلاً فأخرجهم من بيوتهم و جمعهم حول منزل النبي صلّى اللّه عليه و آله و هم مائة و اثنان و سبعون رجلاً فوضع النبي صلّى اللّه عليه و آله (الصحيفة) بين أيديهم فأكلوا حتى شبعوا و هي على حالها لم ينقص منها شي ء.

فنظر المنافقون بعضهم إلى بعض و قالوا لقد صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا و لا بيان أوثق مما رأينا فقال بعضهم، لا تعجبوا فإن هذا قليل من سحر محمد فأحزن كلامهم رسول اللّه فدعا عليهم بأن لا يشبع اللّه بطونهم فكان الرجل منهم يأخذ اللقمة ليضعها في فمه فتكون حجراً و لما طال عليهم هذا فزعوا إلى النبي يظهرون الندم والتوبة و يسألونه العفو والمغفرة فرفع يديه إلى السماء و قال:

اللّهم إن كانوا صادقين فتب عليهم و إلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخاً (لأنه كان رحيماً باُمته) فأما من آمن فابيضّ وجهه و أشرق و أما من بقي على ضلاله و غيّه فاسودّ وجهه.

و لأجل هذه الآية آمن بالنبي صلّى اللّه عليه و آله مائة رجل و بقى على النفاق اثنان و سبعون رجلاً فاستبشر النبي صلّى اللّه عليه و آله بايمان من آمن و قال: لقد هدى اللّه ببركة علي و فاطمة خلق كثير و خرج المؤمنون متعجبين من بركة الصحيفة فأنشد ابن رواحة شعراً منه:

·                                 نبيكم خير النبيين كلهم كمثل سليمان يكلمه النمل

·                                 كمثل سليمان يكلمه النمل كمثل سليمان يكلمه النمل

فقال صلى اللّه عليه و آله لقد أسمعت خيراً يا ابن رواحة ان سليمان نبي

و أنا خير منه و لا فخر كلمته النملة و أنا سبحت في يدي صغار الحصى فقال رجل من المنافقين: و أنت علمت تسبيح الحصى في كفك؟ قال: اي والذي بعثني بالحق نبياً فقال رجل من اليهود والذي كلّم موسى بن عمران على الطور ما سبح في كفك الحصى، قال رسول اللّه: والذي كلمني في الرفيع الأعلى من وراء سبعين حجاباً غلظ كل حجاب مائة عام ان الحصى سبح في كفي.

ثم أخذ قبضة من الحصى و وضعه فسمعنا له دوياً كدوي الأذان إذا سدت بالأصابع فلما سمع اليهودي ذلك قال: لا أثر بعد عين أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و انك يا محمد رسوله و آمن من اُولئك المنافقين أربعون رجلاً و بقى اثنان و ثلاثون

[دلائل الإمامة لابن جرير الطبري ص 20 طبع النجف.]