حفظ ذرية النبي في ذرية الزهراء
لقد أكرم اللَّه سبحانه و تعالى الزهراء بان حفظ ذرية نبيّه صلى اللَّه عليه و آله في ذريتها و أبقى عقبه في عقبها، فهي وحدها، دون بناته و بنيه، أم السلالة الطاهرة و العترة الخيرة، و الصفوة المختارة من عباد اللَّه من أمته لأن النبي الذكور ماتوا جميعاً و هم أطفال لم يشبوا عن الطوق، و لم يبلغوا الحلم بعد، و أما بناته صلى اللَّه عليه و آله فلم يتركن وراءهن أطفالاً، ما عدا السيدة زينب، رضي اللَّه عنها، التي لم تنجب سوى علي الذي مات صغيراً، «و أمامة» التي تزوجها الإمام على بعد الزهراء، بوصية منها، ولكنها لم تنجب له أولاداً و لم يبق من بناته الطاهرات إلا الزهراء البتول، و قد ولدت للإمام علي الحسن و الحسين (و محسن الذي مات صغيراً) و أم كلثوم و زينب الكبرى الشهيرة بعقيلة بني هاشم، رضي اللَّه عنهم أجمعين، و لم يكن الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله عقب إلا من فاطمة الزهراء، و أعظم بها مفخرة، و هكذا كان من ذرية الزهراء، من أبناء الحسن و الحسين جميع السادة الأشراف، ذرية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله.
و روى الطبراني و الخطيب عن ابن عباس قال، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، له يبعث اللَّه نبيّاً قط، إلا جعل ذريته من صلبه غيري، فان اللَّه جعل ذريتي من ضلب علي، رضي اللَّه عنه»، و روى الإمام أحمد و الطبراني و أبويعلى و المحب الطبري إن عمر بن الخطاب، رضي اللَّه عنه، خطب إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم فاعتل عليه بصغرها، فقال إني لم أرد الباه، و لكني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله يقول: كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة ما خلا سببي و نسبي، و كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة، فإني أنا أبوهم و عصبتهم»و أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم: «كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة، فإني أنا عصبتهم، و أنا أبوهم»، و عن فاطمة عليهاالسلام عن النبي صلى اللَّه عليه و آله لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليه، إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم، و أنا عصبتهم»،
و روى الطبراني و أبونعيم في فضائل الصحابة عن فاطمة عن النبي صلى اللَّه عليه و آله: «واللَّه ما من نبي إلا و ولد الأنبياء غيري، و إن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة، إلا ابني الخالة يحيى و عيسى».
و عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله «خلق الناس من أشجار شتى، و خلقت أنا و علي بن أبي طالب من شجرة واحدة، فما قولكم من شجرة أنا أصلها، و فاطمة فرعها، و علي لقاحها، و الحسن و الحسين ثمرتها، و شيعتنا أوراقها، فمن تعلق بغص من أغصانها ساقه إلى الجنة، و من تركها هوى إلى النار»، و في رواية «أنا شجرة، و فاطمة فرعها، و علي لقاحها، و الحسن و الحسين ثمرتها، و شيعتنا ورقها، فالشجرة أصلها في جنة عدن، و الأصل و الفرع و اللقاح و الثمر الورق في الجنة».
و هكذا كان نسل علي و فاطمة نسلاً مباركاً للنبي صلى اللَّه عليه و آله ثم إن النبي صلى اللَّه عليه و آله إنما كان يدعو الحسن و الحسين ابنيه، فيقول صلى اللَّه عليه و آله في الحسن «إن ابني هذا سيد»، و أخرج الترمذي عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللَّه عليه و آله كان يقول لفاطمة: «ادعي ابني فيشمهما و يضمهما إليه»، أضف إلى ذلك أنه لما نزلت آية المباهلة (آل عمران 61) دعا النبي صلى اللَّه عليه و آله علياً و فاطمة و الحسن و الحسين وخرج للمباهلة، و أخرج الحاكم عن جابر قال، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله «لكل بني أم عصبة، إلا ابني فاطمة، فأنا وليّهم و عصبتهم».