مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بين الحديث القدسي والقرآن الكريم/مؤسسة السبطين
+ = -

بين الحديث القدسي والقرآن الكريم


قال الله تعالى في الحديث القدسي لرسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم):
«يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما»(1).
ما هو الفرق بين الحديث القدسي وآيات القرآن الحكيم؟
الفرق بينهما: في عدة مسائل، منها: (التحدي).. فان القرآن الكريم معجزة من عند الله سبحانه يحمل في طياته منهجاً متكاملاً لسعادة الدنيا والآخرة ويشتمل على التحدي والاعجاز، التحدي من جميع الجهات: العلمية والبلاغية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والغيبية… الخ.
ثم إن التحدي ليس فقط بالقرآن ذاته وإنما كذلك بالنسبة إلى من نزل عليه القرآن وهو النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال سبحانه وتعالى:( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) (2).
وفي آية أخرى قال عزوجل:( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) (3).
وفي آية ثالثة قال جل وعلا:( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) (4).
ومن هنا تظهر صورة الاعجاز والتحدي في القرآن الحكيم، حيث عجز الناس بأجمعهم منذ نزل القرآن وإلى يومنا هذا من الإتيان حتى بسورة واحدة ولو بقدر سورة الكوثر.
ويبقى القرآن الكريم يحمل هذه الصفة إلى يوم القيامة، والتحدي كان ومازال وسيبقى إلى ما شاء الله.
أما الحديث القدسي فإنه صدر من الله سبحانه وتعالى أيضاً ولكنه غير مختص برسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) بل شمل العديد من أنبياء الله وبالتعاقب ولم يحمل صفة التحدي والإعجاز.
وقد جمع بعض العلماء مجموعة من هذه الأحاديث القدسية في كتبهم:
مثل العلامة المجلسي (قدس سره) في كتابه القيم (بحار الأنوار)، وفي بعض مؤلفاته الأخرى أيضاً.
ومثل الأخ الشهيد(5) رضوان الله عليه في كتابه (كلمة الله).
أما كلمة (القدسي)(6)، فإنها تعني (المُنَزّه) أي الذي ليس فيه عيب أو نقص، فالحديث القدسي: هو الحديث المُنَزّه والخالي من العيوب والنواقص.
والأحاديث القدسية على قسمين:
بعضها قوية السند، أي تكون مروية عن رسول الله والأئمة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وذلك بسند صحيح والتي ينقلها عنهم ثقاة الرواة.
والبعض الآخر من الأحاديث مرسلة السند، أي مقطوعة السند ويكون مُرسلها ضعيفاً.
فما كان منها من القسم الأول فهو مورد القبول والاعتماد عند العلماء.
أما القسم الثاني: فان كانت تحمل في طياتها نوعاً من الحكمة والوعظ والإرشاد بما يعود على الإنسان بالنفع والخير، أو حكماً غير إلزامي فتشمله قاعدة التسامح في أدلة السنن(7) وما أشبه.. ولذا فهي مورد قبول أيضاً.
هذا بالإضافة إلى أن العديد منها قد تلقاها المشهور بالقبول وتلقي المشهور وعملهم جابر على ما بين في الأصول، خاصة مع عدم ترتب حكم شرعي عليها، إذ أن الأحاديث القدسية غالباً ما تأتي في باب الأخلاق والآداب والحكم والسنن الاجتماعية والإرشاد إلى بعض المصالح والتحذير من بعض المفاسد الكونية والاجتماعية والأخلاقية ونحو ذلك.
وعوداً على بدء، فإن للحديث الذي صدرنا به الكتيب دلالة واضحة ساطعة على عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وعلو مقامهم، وخاصة أساس شجرتهم المباركة، وهم فاطمة الزهراء وأبوها وبعلها وبنوها صلوات الله عليهموعلى آلهم أجمعين.
الغاية من خلق الكون
إن الله سبحانه وتعالى يخاطب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: (يا أحمد: لولاك لما خلقت الأفلاك) فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) الغاية من خلق الأفلاك (ولولا علي.. لما خلقتك) أنت..، (ولولا فاطمة الزهراء لما خلقتكما).
وفي هذا الشطر ـ الأخير ـ تظهر لنا قيمة الزهراء(عليها السلام) وعظمتها عند الله سبحانه وتعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) وما لها من الفضل الكبير والتأثير الوضعي والتكويني على خلق هذا الكون والناس أجمعين..
وقد تطرقنا إلى هذا الحديث القدسي بالذات لنتشرف بذكر بعض فضائل هذه السيدة الجليلة التي قال في حقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين)(8)..
وربما يخطر على بال البعض هذان السؤالان:
السؤال الأول: ما معنى الحديث
هل أن الله (سبحانه وتعالى) بخيل ـ والعياذ بالله ـ بحيث لو لم يكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لما خلق الكون والأفلاك والشمس والقمر والنجوم؟!!
وإذا لم يكن كذلك فما معنى «لولاك لما خلقت الأفلاك»؟
وللجواب على هذا السؤال نسأل:
أولا: هل لله عزوجل هدف وغاية في خلق هذا الكون بصورة عامة، والإنسان بصورة خاصة أم لا؟
الجواب: نعم.
وثانياً: ما هي هذه الغاية؟
الجواب: إيصال الإنسان للكمال المعنوي الرفيع كما يقول سبحانه وتعالى:( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) (9).
وثالثاً: هل الكمال حقيقة مشهودة للجميع «أي محسوسة بالحواس الظاهرة» أم خفية؟
الجواب: انها حقيقة غير ظاهرة للجميع.
ورابعاً: هل هذه الحقائق يمكن الوصول إليها أم لا؟
الجواب: هذه الحقائق لا يمكن للإنسان ـ عادة ـ الوصول إليها إلا بواسطة الدليل والمرشد.
خامساً: وما هو الدليل ومن هو المرشد؟
الجواب: الدليل هو القرآن الكريم، والمرشد هو النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) والأئمة الأطهار (عليهم الصلاة السلام).
فإذا كان كذلك، فالمحقق للغرض من الخلقة هو وجود الرسول وفاطمة الزهراء والأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين). فلولاهم(عليهم السلام) لكانت خلقة العالم ناقصة، والله عزوجل لا يخلق خلقاً ناقصاً ومن هنا قال تعالى: (لولاك لما خلقت الأفلاك..).
أما إذا كان الله سبحانه يخلق الإنسان دون أن يخلق معه الدليل فانه لا يتحقق الغرض من خلقه وسيعني ذلك نقص الخالق وعجزه ـ والعياذ بالله ـ ويصبح خلق الإنسان عبثاً، والله سبحانه منزه عن العبث(10).
وعلى هذا الأساس يكون خلق النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو سبب خلق هذا الكون، وانه أول ما خلق الله هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت(عليهم السلام) ومن ثم خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون بأجمعه من نورهم. فهم العلة الغائية للتكوين كما يعبر عنه الحكماء.
وفي حديث الكساء: «اني ما خلقت سماءاً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً وشمساً مضيئة ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة»(11).
وقال الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف): (نحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا)(12).
وجاء في كتاب البحار للعلامة المجلسي (قدس سره) نقلاً عن كتاب الهداية للشيخ الصدوق (رحمه الله) انه قال:
«يجب أن نعتقد أن النبوة حق، كما اعتقدنا أن التوحيد حق، وان الأنبياء الذين بعثهم الله مائة وأربعة وعشرون ألف نبي،جاءوا بالحق من عند الحق، وان قولهم قول الله، وأمرهم أمر الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وانهم لم ينطقوا إلا عن الله عزوجل وعن وحيه، وان سادة الأنبياء خمسة عليهم دارت الرحى، وهم أصحاب الشرائع وهم أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلوات الله عليه وعليهم)، وان محمداً سيدهم وأفضلهم، وانه جاء بالحق وصدق المرسلين،وان الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون، ويجب أن نعتقد أن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أفضل من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده الأئمة (صلوات الله عليهم)، وانهم أحب الخلق إلى الله عزوجل وأكرمهم عليه، وأولهم إقراراً به، لما أخذ الله ميثاق النبيين في عالم الذر وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى.
وان الله بعث نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الأنبياء (عليهم السلام) في عالم الذر، وان الله أعطى ما أعطى كل نبي على قدر معرفته نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وسبقه إلى الاقرار به.
ونعتقد أن الله تباك وتعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته (صلوات الله عليهم)، وانه لولاهم ما خلق الله السماء والأرض ولاالجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة ولا شيئاً مما خلق(صلوات الله عليهم أجمعين)»(13). انتهى.
وهذا الكلام المنقول عن الصدوق (قدس سره) هو خلاصة أحاديث وروايات كثيرة جاءت عن أهل البيت(عليهم السلام) ترشدنا إلى انهم(عليهم السلام) اساس خلق الكون، وقد جعلهم الله الوسائط في خلق العالم والعلة الغائية له، كما انهم(عليهم السلام) سبب لطف الله تعالى وافاضته على العالم، وبهم (عليهم السلام) استمرار قيام العالم… وقد صرح بذلك في مختلف الأدلة.. فلولاهم لساخت الأرض(14).
ولهم (عليهم السلام) ـ بما فيهم السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ـ الولاية التكوينية إضافة إلى التشريعية.. ومعناها أن زمام العالم بأيديهم(عليهم السلام) حسب جعل الله سبحانه، كما أن زمام الاماتة بيد عزرائيل فلهم(عليهم السلام) التصرف فيها ايجاداً واعداماً، لكن من الواضح أن قلوبهم أوعية مشيئة الله تعالى .. فكما منح الله سبحانه القدرة للإنسان على الأفعال الاختيارية منحهم (عليهم السلام) القدرة على التصرف في الكون(15) .

السؤال الثاني: ما هي الرابطة بين الرسول (ص) وعلي (ع)
ما معنى «لولا علي لما خلقتك»؟ مع أن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) يمتلك الشخصية العظمى؟ فلماذا يتعلق خلقه(صلى الله عليه وآله وسلم) بخلق علي أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ وما هي الرابطة الموجودة بينهما(عليهما السلام)؟
والجواب على ذلك: أن الإمامة المتجسدة في أمير المؤمنين(عليه السلام) هي الامتداد الطبيعي للنبوة، وان السلسلة المترابطة الحلقات بين النبوة والامامة جعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) المحقق للغرض من خلق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء ليهدي الناس إلى الإسلام ويوصلهم إلى الكمال المنشود.. ولكن عمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) محدود ولا بد أن يكون بعده من يواصل الدرب، بالاضافة إلى أن أغلب الناس لا يصلون إلى الكمال دفعة واحدة، وإنما لا بد من التدرج..
إذاً كان ولا بد من وجود محقق آخر بمثابة المكمّل والامتداد بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الوصي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام من بعده(صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) ..
مضافاً إلى انه قد تآمر قوم على دين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذوا بتحريف الإسلام، فلولا علي(عليه السلام) لما تبين الحق من الباطل..
فلذلك خلق الله سبحانه وتعالى (علياً عليه السلام) لكي يقف أمام الانحراف والتفرق والاختلاف الذي سيحصل في الأمة بعد رحيل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ..
ولولا وجود أمير المؤمنين (عليه السلام) لذهبت جميع الجهود التي بذلها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في نشر الرسالة الإسلامية سدى، ولرجع الناس إلى الجاهلية الجهلاء مرة اخرى، ولعم التحريف والإعتقادات الباطلة مثل التجسيم والجبر والتفويض وما أشبه ذلك، ولسادت العالم الإسلامي الأفكار والمعتقدات التي جاء بها معاوية واشباهه ـ فيما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ليهدروا جهد ومتاعب النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في نشر الدين الإسلامي الحنيف، واتباع سننه وتطبيق مبادئه، سواء في الأحكام الشرعية أو التعامل مع الآخرين حكومة وشعباً..
وبذلك لا تكون فائدة مرجوة من وجود الدين الإسلامي، وتصبح بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي لم تصل إلى الغاية التامة لا فائدة منها..
وهنا تظهر ضرورة وجود الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) حيث نزلت في شأنه (عليه السلام) آية اكمال الدين يوم الغدير عندما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) خليفة من بعده بأمر من الله تعالى، فقال عزوجل: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (16).
فكان الإمام علي (عليه السلام) واقفاً بما للكلمة من معنى إلى جانب الرسالة الإلهية لحمايتها وصونها من كيد المنافقين..
قال سبحانه: ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (17).
والله سبحانه وتعالى أراد من الآية الكريمة انه لا يجوز أن يترك دين الله، سواء كان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بين أظهر الناس أم لم يكن(18).
وفعلاً كان للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) دور كبير واساسي في الوقوف أمام نوايا المنافقين والكافرين والغاصبين وفي حفظ الإسلام من الانحراف والضياع.
وقد ورد عنه (عليه السلام) قوله:«فأنا فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجرأ عليها أحد غيري»(19).
وعن ابن عباس قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم فتح مكة متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: اللهم ابعث لي من بني عمي من يعضدني، فهبط عليه جبرئيل فقال: «يا محمد أو ليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله؟ يعني بذلك علي بن أبي طالب»(20).

أهل البيت (عليهم السلام) يحفظون المسيرة
ولقد جمع معاوية بن أبي سفيان حوله مجموعة من الذين لا يخافون الله وكانوا من أهل الدنيا.. فكوّن بهم اسلاماً خاصاً به ونظاماً أسوأ حالاً من الجاهلية، وبفضل هذا الإسلام السفياني أخذ الناس يقتل بعضهم بعضاً باسم الدين، ومن جملة ما فعله معاوية: انه أحرق في اليمن أربعين ألف مسلم وذلك باسم الدين.
ولولا وقوف أمير المؤمنين (عليه السلام) بوجه معاوية لكان الدين الإسلامي وسيلة لتحقيق الظلم والجور واستغلال ونهب حقوق الآخرين.
فإن العقل والمنطق يؤيد هذا الحديث القدسي (السابق الذكر)؛ إذ لولا مجيء أمير المؤمنين والأئمة المعصومين(عليهم السلام) بعد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لما عرف الناس حقيقة الإسلام، ولظنوا أن الإسلام يتمثل بالانحراف الأموي حيث جعل بنو أمية من الإسلام وسيلة لخدمة أغراضهم الدنيوية واشباعاً لرغباتهم وأهوائهم ..
ولولا أهل البيت (عليهم السلام) لانطمست معالم الدين الحنيف وانطفأت أنواره ولساد في المجتمع الإسلامي اعتقاد مفاده أن الدين هو هذا الظلم والجور والانحراف الأموي، وذلك لأن الناس المعاصرين لحكومة بني أمية لم يروا السنة الحسنة التي جسدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بناء المجتمع الإسلامي.
فهل جرائم معاوية وأمثاله كانت من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
كلا.. فانهم كانوا يعلنون الفساد والانحراف والابتعاد عن أحكام الدين، وكانوا يشربون الخمور ويقتلون الأبرياء بغير ذنب ويهتكون الأعراض والحرمات، وكل ذلك باسم خلافة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يكونوا ليكتفوا بذلك، بل كانوا يزعمون بأنهم (ظل الله في الأرض) وان أفعالهم كلها صحيحة ومطابقة للشرع..
وقد نقل عن معاوية انه قال يوماً للمغيرة بن شعبة: «أن الحمر قد ازدادوا وقد فكرت أن أقتل ثلثهم»(21).

_____________
1 ـ راجع: (كشف اللآلي) للعرندس على ما نقله السيد مير جهاني في (الجنة العاصمة)، والعلامة المرندي في (ملتقى البحرين): ص14، و(مستدرك سفينة البحار): ج3 ص334، ونقله (عوالم العلوم): ص26 عن (مجمع النورين)، و(من فقه الزهراء (عليها السلام): ج1 ص19.
2 ـ سورة الإسراء: 88.
3 ـ سورة هود: 13.
4 ـ سورة البقرة: 23.
5 ـ آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) مؤسس الحوزة العلمية في سوريا (1347هـ ـ 1400هـ).
6 ـ انظر (لسان العرب): مادة (قدس).
7 ـ راجع (رسالة التسامح في أدلة السنن) المؤلّف في ضمن (الوصائل إلى الرسائل: ج6)، للإمام الشيرازي.
8 ـ أمالي الصدوق: ص298 المجلس49 ح12.
9 ـ سورة الذاريات: 56.
10 ـ للتفصيل راجع (القول السديد في شرح التجريد) المقصد الرابع في النبوة، للإمام المؤلف (دام ظله).
11 ـ الدعاء والزيارة: حديث الكساء، وانظر أيضاً المجلد الأول من كتاب (من فقه الزهراء عليها السلام).
12 ـ الغيبة للطوسي: ص285 ح7، والاحتجاج: ص467.
13 ـ بحار الأنوار: ج16 ص372 باب فضائل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخصائصه.
14 ـ راجع الكافي: ج1 ص179 ح10.
15 ـ للتفصيل راجع: (من فقه الزهراء) المجلد الأول.
16 ـ سورة المائدة: 3.
17 ـ سورة آل عمران: 144.
18 ـ راجع مجمع البيان للطبرسي (رحمه الله): ج1 ص512 ـ 514.
19 ـ نهج البلاغة: الخطبة 93.
20 ـ بحار الأنوار: ج41 ص61 ب106 ح1.
21 ـ الحمر: يعني «الحمراء» وهم الموالي الذين اعتنقوا الإسلام بعد أسرهم، وفي القاموس: الموالي والحمراء هم العجم أي كل ما سوى العرب.