مصحف السيدة فاطمة الزهراء (ع)
م.م. هادي عبد الزهرة عبد السادة
مركز دراسات البصرة والخليج العربي- قسم الدراسات التاريخية
يعد موضوع مصحف فاطمة الزهراء (ع) احد المواضيع الشائكة في تراثنا الاسلامي وذلك, لأن بعض الذين تصدوا لدراسته لم يوضحوا ان كان قرانا ام لا , وماهو مصدره ومحتواه؟
لقد اكدت الروايات ان ولادة السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد المبعث النبوي الشريف أي انها ولدت في زمن نزول (ص), فقد مكنها هذا الأمر من الاطلاع على نزول الآيات القرآنية وأسبابها ومعرفة تفسير هذه الآيات, فضلاً عن اطلاعها على السنه النبوية مما جعلها ملمه بالعقائد والاحكام الأسلامية الأصيلة. ثم إن قربها من رسول الله (ص) جعلها تطلع على أمور غيبية مستقبلية, وامتد هذا الأمر حتى بعد زواجها من امير المؤمنين (u) حتى قيل عنها المحدثة ( اي تحدثها الملائكة ) .
كانت (ع) رائدة في مجال العلوم الاسلامية والدينية فأخذت في تعليم نساء المسلمين اللاتي يقصدنها لمعرفة امور دينهن, وقد اتخذت الزهراء (ع) في التعبير عن افكارها من خلال امور عدة, منها: تعليم النساء, أو من خلال الخطب التي كانت تلقيها (ع) على النساء والرجال, أو من خلال ما كانت تكتبه على اللوح والكريسة والمصحف الذي سوف يكون محل دراستنا هذه .
وهنا نسال سؤال ما حقيقة مصحف فاطمة ؟ الذي حاول اعداء اهل البيت (ع) التشنيع على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهم قرآناً آخر يأخذون منه أحكام الدين غير القران الكريم يسمونه مصحف فاطمة وهذا الاتهام ليس جديدا بل يصل تاريخه إلى عهد الأمويين والعباسيين, اللذان عاصرا الائمة(ع) . ولتوضيح هذا الامر سوف نتطرق إلى الموضوعات الآتية:
المعنى اللغوي للمصحف :-
المصحف لغة يعني الكتاب الجامع للمصحف المكتوبة بين الدفتين, وقال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية “الفرق بين الكتاب والمصحف إن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق, والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت أي جمع بعضها إلى بعض”. وكلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة وهي القرطاس المكتوبة, وعليه فالمصحف ليس اسماً مختصاً بالقرآن الكريم.
مصحف فاطمة في اخبار اهل البيت (ع)
وهناك روايات كثيرة لا يسع المقام لذكرها. اذن من خلال الروايات المتقدمة الذكر يتضح لنا إن مصحف فاطمة (ع) ليس قراناً ولا كتاباً منزلاً على الناس من الله تعالى بل هو كتاب فيه الحوادث التي تقع واسماء من يحكم أي انه يذكر أمور غيبية, اذ اشارت الروايات الى أن فيه علم ما يكون, إذ عبر الامام علي (u) عن ذلك العلم بانه لم يسبقها إليه أحد, ومن ذلك ما اخبرها به جبرائيل (u) عن مقام ابيها (ص) في الجنة, وايضا ما سيجري على ذريتها وما يكون فيهم من بعدها .
وان مصدرية المصحف هو الله تعالى وليس النبي محمد(ص) بدلالة ان نزوله جاء بعد وفاته (ص). وهنا نقول, هل يمكن قبول القول بان ذلك الكلام كان من الله , وانه انزل اليها (عليها السلام ) بواسطة احد الملائكة ؟ الجواب نعم يصح ان يكون كلاما من الله , وليس شرطا ان ينحصر كلامه جل وعلا بالقران فالاحاديث القدسية أيضا من كلام الله .
وقد أكدت الروايات أيضاً إمكانية نزول الملائكة او جبرائيل (u) على السيدة فاطمة الزهراء (ع) لنقل كلام الباري عن طريق الالهام من قبل جبرائيل (عليه السلام ) أو اي ملك آخر ولكن ليس كنزولهم على الانبياء والرسل, والدليل على ذلك نزول جبرائيل على السيدة مريم العذراء(ع), وأم ابراهيم وأم موسى, فلم لا ينزل على السيدة الزهراء وهي سيدة نساء العالمين وكانت ممن تتنزل عليها الملائكة في حياة ابيها . وهناك دليل آخر من القران الكريم قوله تعالى }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{ (سورة فصلت, الآية 30) .