(1)*
رحلت بأنينها … وباتت أوجاعها … كُسر ضلعها … ولُطم خدها … وفارقت الحياة … بعمر الزهور بمناسبة الأيام الفاطمية والدموع المهدوية أقف على باب الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء لأواسي سيدي بقية الله في أرضه وأكتب بدمعي وقلبي لا بيدي، في **زهراء العظمة والعصمة ** الحديث في فضائل الزهراء طويل والمدح فيها قليل وإن طال مدحها ، فهي لم تخلق للمدح والثناء ، لأنها زهراء العظمة والعصمة ، والنبوة والرسالة ، والولاية والإمامة ، فهذه المميزات كلها تمثلت بالصديقة الطاهرة قبل خلق الخلق وهي ممتحنة كما ورد في زيارتها ( السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة ) أقف عند مضمون هذا الامتحان وقفة تأمل ، البشر يتعرضون للامتحان ليخرج مكنونهم إلى الواقع العلمي فيحاسبون عليه فتكون لله الحجة البالغة يوم الجزاء ، أما الزهراء عليها السلام فامتحانها ليس لهذا الهدف وهنا تكون الغاية من امتحانها وهي لتكون امتحانا للخلق بحجيتها عليهم فيحاسبون على أساس علاقتهم بها وبمبادئها وبمودتها وكما قال الإمام الحسن العسكري عليه السلام ” نحن حجج الله على خلقه ، وجدتنا فاطمة حجة الله علينا “ولذلك صاغها الله كتابا يتعلم الناس منه ويمتحنون به فمن أدرك حقها وتمسك بها نجى .
(2)
كسروا ضلعي … أسقطوا جنيني … صبرت… أحرقوا داري … غصبوا حقي… صبرت آهات الزهراء لا تنتهي إلى قيام بقية الله في أرضه لأنها حينما صرخت بين الباب والحائط لم تقل يا علي أدركني لأنها تعلم قيدته الوصية ،وإنما نادت يا مهدي أدركني . كيف لقوم أن يتجرؤوا على زهراء العظمة والعصمة وعلى محور الكون ووجوده كما قال الله تعالى في حديثه القدسي المشهور” يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما ” هنا تكمن حقيقة الزهراء ومقامتها وعلوا شأنها ومكانتها عند الله فبهذا الحديث القدسي تمثلت الرسالة النبوية ،والإمامة الإلهية ،والولاية العلوية المطلقة تمثلت بالصديقة الزهراء فرسول الله يمثل مقام النبوة الخاصة ، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام يمثل مقام الإمامة الإلهية ، والصديقة الطاهرة تمثل الولاية المطلقة ، وكلها مقامات إلهية تدل على عظمة من حملها وتمثل بها ، فهنا الزهراء سلام الله عليها تكون قمة الهرم المقدس وبقية المقامات تكون القاعدة له لأن حقيقة الرسالة والإمامة باطنهما نور الولاية الإلهية الذي كانت مولاتنا فاطمة الزهراء متلبسة فيه وقائمة بكامل حقائقه الإلهية ، فكيف لهذه النورانية المحمدية ، والإمامة العلوية ، والولاية السرمدية أن يكسر ضلعها ويُلطم خدها وتُسلب حقها ، وهو حق أودعه الله فيها .
(3)
قلمي لا يكفي صوت بكائها … وصبر بعلُها … وإسقاط جنينها … ولطمة خدها …. ودموع حسنيها …. وشجون زينبها …وانتهى بأنين مهديها … وحنين محبيها … وإخفاء قبرها … قلمي لا يكفي فضلع الزهراء لازال مكسور ، وحقها مغصوب ، والناس ما بين باك ومقهور ، والزهراء مخفية بين القبور ، نتساءل بالبقيع أم في الروضة تكون ، هذا حديث الشجون ، ودمع العيون ، وأنين مهديها العالم أين يكون ، اختفى قبرها وبالقلب غصة ، فكيف نخفي أقلامنا عنها ، أين حقها ؟ أين مودتها ؟ أين الوفاء لرسول الله فيها ؟ لا تنتهي الزهراء بإخفاء قبرها ، بل يجب على كل قلب غيور ان ينصرها بقلمه وببكائه وبإظهار مظلوميتها ، الأقلام تكتب ولكن أين من يضع النقطة على الجرح ، ويواسي مهديها أين من يخاطبها صباحا ومساءا لا حاجة منها ، أين من يتوجه لها بمصائبها ، أين من عندما يناديها يجدها ، أين من يتوجه بمهديها إليها ؟ هل القلم يكفي لأن يكتب ويسطر ؟ كتبنا إمتلاءت بمظلوميتها، ولكن من يقرأ ويبحث عنها ، ويخرجها للعالم ولكل جيل يأتي ، فالزهراء لا تحتاج قلم يكتب ولا ينهض ، وقلب يبكي ولا يفعل ، وعين تدمع ولا تخشع ، فالإحساس وحده لا يكفي كما أن يد واحدة لا تصفق فكذا قلما بدون نهضة لا يكتب ، .
إعداد أم عمار