مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
سبحات فاطمية بعين مهدوية/يحيى غالي ياسين
+ = -

سبحات فاطمية بعين مهدوية

يحيى غالي ياسين

من يريد أن يلج بحر الزهراء (عليها السلام) الزاخر عليه أنْ يستعين بإحدّى سفن النجاة التي وحدها تجيد الخوض في ذلك الغمار والعباب اللّجيّ العميق، وإلاّ فسيغرق في بحر بعدت شواطيه، ونأت مراسيه.. وأولادها من أئمة أهل بيت العصمة (عليهم السلام) هم تلك السفن التي تستطيع أن تصطاد من أصداف ذلك الكوثر السماوي العذب، وتغرف من فراته السماوي مساغُ شَرِبْ، ودعونا أن نركب في هذه الذكرى من استشهادها (عليها السلام) سفينة خاتم أولادها وفلذ كبدها.. تعالوا معي أخوتي ولننظر إليها بعين مهدوية..
كانت الزهراء (عليها السلام) سرّاً من أسرار الله الكبرى على هذه الأرض، ولو دققنا النظر بملكها وملكوتها لوجدنا أن من أسرارها ما ظهرت وبانت وتجسّدت في سيرتها وبأولادها الأئمة (عليهم السلام) وما قاموا به من أدوار عجزت عنه، وحلمت بها الأنبياء (عليهم السلام)، تمثلّت في حفظ الدين وتجذير شريعة سيد المرسلين، إلّا أنّه ثمَةَ سرّ لم يظهر عليه أحد كانت الزهراء (عليها السلام) ومازالت مُستودعه، وطالما ترنّمت أسماعنا بسمفونيّة السلام عليها من حيثيّة سرّها هذا فنقول: (السلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها).. فهل تعلمون هذا السرّ إخوتي الأعزاء، هو ولدها الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) الذي ننتظر فرجه بشغف انتظارنا لمعرفة سرّ الزهراء (عليها السلام) والذي هو سرّ أسرارها وجفرة رموز عقدة تأخّر الإنسانيّة على هذه الأرض من الوصول إلى هدفها الذي أرادته السماء منها في هذا الوجود.
بهذا السرّ الفاطمي ستُكشف جميع أسرار الزهراء (عليها السلام)، وأي أسرار لها (صلوات الله عليها) غير حبّها وشغفها لتطبيق الإنسانية لدين أبيها (صلّى الله عليه وآله وسلم) فهي نذرت نفسها وذريتها لذلك ومازالت كذلك، ولكن ما نريده منك مولاي يا صاحب الزمان هو أنّ نعرف قبرها الذي أبت (عليها السلام) إلّا أن يكون دليلاً على إمامتك وقيام ثورتك وأحقيّة قضيتك، فلا أحد يعرفه غيرك يا مولاي يا حجّة الله، فلإن كانت جدّتك محمّلة إيّاك سرّاً إلهياً لم يطلّع عليه غير من يعرف كيف يقرأ الزهراء (عليها السلام)، فأنت اليوم حامل لأسرارها، فكلاكما سرّ الله على هذه الأرض، وكل منكما حامل للآخر، فما أعجبكم من أهل بيت، فلا تبخل علينا مولاي يا صاحب الزمان وأنت الكريم من أولاد الكرام، فعزاؤنا بك ونحن نعلم أنّك ذلك المستودع الفاطمي وقبرها المتنقل، فالسلام عليك وعليه، فما أصبركما، ولكنّ ﴿اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.