(سيدة الصبر) :في مجتمع القرن الواحد والعشرين والذي تبدو فيه الحياة صعبة المراس , متشابكة كبيت عنكبوت في وهنها وضعفها وجميلة في دقتها ونسج خيوطها يحتاج المرء ان يقف مرات ومرات مع نفسه ويحاسبها ليصحح اخطائه ويلملم اوراقه ويعرضها على استاذ روحي متميز ودقيق ليقلع من نفسه كل شائبة تجره الى الهاويه ويعرفه على حقيقة الطريق الذي يسير عليه هل سيوصله الى جادة الصواب اما الى نهاية خراب ؟وبالتالي فان هناك ثمة امر مهم علينا ان نلتفت اليه في حياتنا وهو من يكون هذا الاستاذ ؟!وهو سؤال في محله خاصة في زمان مثل زماننا يلبس فيه الناس الف ثوب وثوب ليغطوا حقائقهم ويجعلو من انفسهم مصلحين وقادة الى طريق الحق وعند الرجوع الى منابعنا الاصيلة التي تستقي من روح الاسلام نجد ان النبي المصطفى محمد صلى الله عليه واله وسلم حدد لنا اربعة عشر نورا كالثر يا يتلألئون نور وجلال لنتخذهم من بعده – وهو القدوة الحسنة الاولى – مشاعل هداية تنير لنا الطريق متى ما خفت سرجنا ومن المع هذه النجوم نجم سيدة النساء السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ام ابيها وريحانته , فهي النموذج الاسمى في عالم المرأة على مر عصور التاريخ في طهارتها واخلاقها وتجليات مكانتها وهي تفاحة الفردوس التي غرست في ارض النبوة العظمى وتربت في كنف العناية الالهية والرحمة الرسالية وبذلك نبتت في بيت الامامة بزواجه من الوصي امير المؤمنين عليه السلام شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها في كل حين بأذن ربها .وهي وان كان لطبيعة المحيطة حولها دور في تجليها فإن كينونتها الطهارة هي الاصل صيرورتها سيدة نساء العالمين جميعا , فالله عز وجل الذي اختارها لهذا المنصب العظيم لم يكن ليختارها لانها بنت حبيبة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ولا لكونها زوجة وصيه المرتضى عليه السلام ولا حتى لانها ام المؤمنين الأئمة الاطهار فاليس عند الله واسطة قرابة او محابة وهو العدل العظيم وهوعلام الغيوب الجبار القادر في ملكوته عزوجل وهو سبحانه الذي اغرق ابن نوح النبي السلام – لعصيانه واهلك زوجة نوح وزوجة لوط رغم كونهما تحت عبدين صالحين من عباده , وانما اختارها لانها وبكل كفاءة اجتازت جميع اختباراته سبحانه لها في الحياة الدنيا بمتياز مع مرتبة الشرف العظمى وتخطت جميع البلاءت والمحن بجدارة قلى نظيرها في أي امرأة عبر العصور الاولى والمتأخرة فكانت جديرة ان تقلد وسام القرب الالهي بقول الله تعالى فيها وفي اسرتها الطاهرة (وجزاهم بما صبروا جنة وحرير) ……….. لندقق قليلا في هذه الاية لقد جازاها الله سبحانه بهذا الجزاء العظيم وانزلها هذه المنزلة الكريمة لصبرها .! نعم لصبرها .. انها الصابرة ولكن صبر الرضا والطاعه لامر الله عز وجل وصبر الايثار والتضحية , صبريوفى به الصابرون اجرهم بغي حساب وانه لعمري الصبر الذي على كل امرأة مؤمنة ان تتخذه قلادة على صدرها وسراجا في حياتها وكأس معينا تشرب منه كلما خفت بريق الايمان في قلبها اينما كانت وكيفما كانت شابة او زوجة او أما او عاملة , فقد صبرت الزكية فاطمة البتول عليها السلام على شظف العيش واذى الناس لأبيها فكانت تدعو لجيرانها بالخير والهداية حتى ينبلج عامود الصباح وقد نسيت نفسها وصبرت في تربية اولادها وهم انوار الله في الارض واغدقت عليهم من الحنان والرعاية حتى لقبت بالحانية وبذلك الصبر قدمت للعالم أفضل ماتنجبه الامهات اماميين ان قاما وان قعدا وحوراء طاهرة تحمل مشعل الاصلاح مع اخيه الحسين , كما صبرت مع زوجها الوصي بأقوى انواع الصبر في جميع امور الحياة الاسرية اقتصاديا واجتماعيا وزوجيا حتى بكاها أمير المؤمنين يوم دفنها وقال بما معناه ( انها ما أذته مذ عرفها ) فقد حفظت بيته وتحملت معه كل المحن من الفقر وصولا الى الضيم والظلامة بعد وفاة ابيها عليه الصلاة والسلام , قد كانت تستطيع بأذن الله عز وجل ان تدعو بدعاء يقلب حياتها الى رفاهية ورخاء وتسحق ظالميه سحقا فهي من اولياء الله ولكنها اختارت ما اختاره الله في الحياة الدنيا لتكون لنا نحن النساء انموذجا نستقي منه كلما دارت علينا رحى الحياة بجميع جوانبها .فسلاما عليك سيدة النساء وسيدة الاخلاق ونموذج الصبر الاصيل يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية بابهى حللك في ذلك المحشر العظيم ولين الله قلوبنا