مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
من بحوث المسابقة البحثية السنوية السادسة /أثر سيرة الزهراء(ع)في تقويم المجتمع / استاذ مساعد احلام احمد عيسى
+ = -

أثر سيرة الزهراء عليها السلام في تقويم المجتمع

استاذ مساعد احلام احمد عيسى

الملخص

 اكتسبت الزهراء عليها السلام المكانة المتميزة من قلب المصطفى (ص) حيث عبر عنها تعبير لم يعبر به عن احد من الخلق حينما قال  فداها : ابوها !!! ومن قبل ذلك حازت على رتبة ربانية يميزها على جميع الخلق عندما جعل الله تعالى رضاه مطابقا لرضى فاطمة (ع ) وهل هناك دليل على العظمة اعظم من ذلك , ان من الصفات المتميزة في حياة الزهراء (ع) حرصها الشديد ان تكون زوجة مثالية لأمير المؤمنين (ع) بكل ما في الحياة الزوجية من مكابدة ومعاناة فلم تجعل انتسابها للنبي وللوحي وللحسنين (عليهم السلام ) ذريعة الى ترك حسن التبعل وهو جهاد المرآه كما هو معلوم فيجب على نساء هذا اليوم ان تتأمل في هذا و تأخذ الدروس والعبر من مولاتي الزهراء عليها السلام ولذا على نساء اليوم ان تتأسى بالزهراء (ع) في تحمل مسؤولية البيت وفي بناء المجتمع الانساني بحيث تجعل المنزل هي الدائرة الاولى لنشاطها واهتمامها ومن بعد ذلك الدوائر الاخرى كالمعاهد والجامعات والوظائف , فما احسن تربيتها مولاتي لا ولادها تلك التربية التي تخرج منها سيدا شباب اهل الجنة (ع) كل ذلك لم يمنعها من القيام بدورها الفاعل في حياة الامة فعندما اقتضى الامر خروجها الى المسجد والقاءها تلك الخطبة التي خلدها الدهر , دفاعا عن عقيدتها وحماية لأمام زمانها فأنها لم تتوان عن ذلك مستشهدة بالقران الكريم . ان الانفتاح الذي نعيشه اليوم والتحدي الكبير الذي نواجهه والازمات التي انتشرت بين مختلف الشعوب تتطلب منا مشروع تربوي اخلاقي على نهج الزهراء عليها السلام ممكن ان يكون سلاحا” بيد ابنائنا يدافعون به عن عقيدتهم ووجودهم في وقت كثر فيه اعدائهم ان فاطمة الزهراء توجها الاسلام سيدة النساء على مر العصور كانت قوة في كل شيء , يوم كانت فتاة تسهر على راحة ابيها وتشاركه الاٌمة ويوم كانت زوجة ترعى زوجها وتوفر له سكنا يطمئن اليه ويلوذ به عندما تعصف به الايام . ويوم كانت اما تربي صغارها على حب الخير والفضيلة والخلق الكريم . فكان الحسن والحسين وزينب ( عليهم السلام ) امثلة سامية في دنيا الاخلاق والانسانة وبحق كانت مولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام ) اساس في بناء المجتمع الانساني  .ان معدن الزهراء نقي كالذهب صلب كالفولاذ هوعماد شخصية مستقلة منفردة لا تخضع لعنف ولا تؤخذ بلين ثم لايغفل لها قدرة وبحق كانت اساس قوي لبناء مجتمع انساني متكامل علينا التمسك والاهتداء به . فكر الزهراء عليها السلام وعقيدتها منهج واساس بناء المجتمع علينا الاقتداء به .ولذا يمكن ان نطرح التساؤل الاتي  هل فكر الزهراء عليها السلام وعقيدتها منهج واساس بناء وتقييم المجتمع علينا الاقتداء به ؟. ان نهج الزهراء عليها السلام هو نابع من منهاج الاسلام والقرأن الكريم وسيرة النبي محمد صلى الله عليه واله لذا كانت فاطمة الزهراء (ع ) اساس بناء المجتمع علىينا ان نسير ونقتدي بهدى الزهراء (ع) في داخل المنزل وخارجة ولذا جاء البحث بمحورين الاول تناول فضل الزهراء ومكانتها والمحور الثاني التعايش الاخلاقي واثره في حياة الفرد والمجتمع وخرج بمجموعة من الاستنتاجات والمقترحات

Abstract

Al-Zahra, peace be upon her, acquired a distinguished position in the heart of the Prophet (peace be upon him), as he expressed her an expression that was not expressed by any of the people when he said, “Red for her”: Her father!!! And before that, she attained a divine rank that distinguishes her over all of creation when God Almighty made his satisfaction identical to that of Fatima (pbuh). P) With all the suffering and suffering in marital life, she did not make her affiliation with the Prophet, the revelation and the two good ones (peace be upon them) a pretext for abandoning the good-natured, which is the struggle of women as it is known, so the women of this day should reflect on this and take lessons and lessons from my mistress Al-Zahra, peace be upon her, and that is why Today’s women should follow the example of al-Zahra’ (peace be upon him) in bearing the responsibility of the home and in building the human society so that she makes the home the first circle of her activity and interest, and after that other circles such as institutes, universities and jobs. A) All of this did not prevent her from playing her active role in the life of the nation. When it was necessary to go out to the mosque and deliver that sermon that has been immortalized for eternity, in defense of her faith and protection for the Imam of her time, she did not hesitate to do so, citing the Holy Qur’an. The openness we are experiencing today, the great challenge we are facing, and the crises that have spread among different peoples require us to have a moral educational project on the approach of al-Zahra, peace be upon her. Throughout the ages, she was a force in everything, a day when a girl watched over her father’s comfort and shared the nation with him, and a day when a wife took care of her husband and provided him with a reassuring home for him when the days stormed him, and one day she was either raising her young children on the love of goodness, virtue and noble character. It was Hassan, Hussein and Zainab. (Peace be upon them) are lofty examples in the world of morals and humanity. Indeed, my Lady Fatima al-Zahra (peace be upon her) was a foundation in building human society. The metal of al-Zahra’ is pure as gold, as solid as steel. To build an integrated human society, we must adhere to and be guided by it.The thought of al-Zahra’, peace be upon her, is a method and the basis for building a society. Is there a method and basis for building and evaluating the community that we should emulate? The approach of Al-Zahra’, peace be upon her, stems from the curriculum of Islam, the Noble Qur’an and the biography of the Prophet Muhammad, may God bless him and his family Its position and the second axis of moral coexistence and its impact on the life of the individual and society. He came out with a set of conclusions and proposals                                     .                             

مشكلة البحث : عقيدة الزهراء وافكارها منهج واساس بناء وتقييم المجتمع علينا الاقتداء به .

فرضية البحث : لما كانت فاطمة الزهراء (ع ) اساس بناء وتقييم المجتمع علىينا ان نسير ونقتدي بهدى الزهراء (ع) في داخل المنزل وخارجة .

هدف البحث : يهدف البحث الى اتباع منهج ومحورية الزهراء (ع) في بناء الاسرة والمجتمع

اهمية البحث : تأتي اهمية البحث من كونه يعالج قضايا مهمة وذات طابع ستراتيجي يهتم بالأسرة والمجتمع حد السواء .

المحور الاول :فضل الزهراء ومكانتها

  1.    فضل الزهراء

 فضل الزهراء عليها السلام من فضل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) هو أفضل رجل في العالم، حيث إن الله سبحانه وتعالى لم يخلق كالرسول إنساناً، بل هو (صلى الله عليه واله) أفضل مخلوق في الكون، لأن الله لم يخلق أفضل منه إطلاقاً، كما تواترت بذلك الروايات(1).والسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام ) أفضل امرأة في العالم ، بل لم يخلق الله عز وجل امرأة أفضل من الزهراء (سلام الله عليها )، ولا مخلوقاً أفضل منها بالنسبة إلى جنس النساء بما فيهنّ الحور، وهذا مما تواترت به الروايات أيضاً  (2).ولا عجب فان الله سبحانه وتعالى فياض مطلق ، يعطي الفيض لكل شيء قابل ، ولسنا نريد بالقابل الماهية التي لها مكانة في الذهن أو ما أشبهها، بل نريد أن الله سبحانه وتعالى يخلق الشيء صاحب المائة، والشيء صاحب الخمسين، والشيء صاحب الواحد و هكذا .وفي القرآن الحكيم (أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) (3)، وتفصيل الموضوع مرتبط بالحكمة مما لا يسعه المقام ..وإنما الكلام في أن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) موجودة عالية رفيعة المقام جداً، فوق ما يمكن أن نتصوره، وذلك لما ثبت من أن المحدود الضيق لا يمكن أن يستوعب ما هو أكبر منه، حتى إن بعض العلماء قالوا إن فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين علياً  بحسب بعض الروايات في كفّتي ميزان، فهما بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) على حدّ سواء في الفضل ، وان كانا الأفضل من سائر الأئمة (عليهم السلام) ، وذلك لروايات الكفوية وغيرها , قال الإمام الصادق  « لولا أن أمير المؤمنين تزوجها لما كان لها كفو على وجه الأرض إلى يوم القيامة آدم فمن دونه».وفي الحديث القدسي عن جبرائيل قال « يا محمد إن الله جل جلاله يقول لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الأرض ، آدم فمن دونه» , ولا شك أن فاطمة (عليها الصلاة والسلام) أفضل من أولادها (عليهم السلام) ، فقد قال الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء لأخته زينب (عليها السلام) «أبي خير منّي ، وأمي خير منّي ، وأخي خير مني» الحديث , فالإمام أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء خير من الإمامين الحسن والحسين (عليهما الصلاة والسلام) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «الحسن والحسين فاضلان في الدنيا والآخرة وأبوهما أفضل منهما»  , ثم إن الإمام الحسن … أفضل من الإمام الحسين , والإمام الحسين أفضل من سائر الأئمة (عليهم السلام) حتى من الإمام المهدي(عليه السلام) , وفي بعض الروايات ان الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أفضل من الأئمة بعد الإمام الحسين  يعني الإمام السجاد ، والباقر، والصادق إلى الإمام العسكري(عليهم السلام) (4).وكيف كان فالمعصومون الأربعة عشر (عليهم السلام) أفضل خلق الله ، وسلسلة المراتب بينهم  حسب المستفاد من الروايات هكذا .

الرسول (صلى الله عليه وآله) أولاً.

ثم أمير المؤمنين علي وفاطمة الزهراء (عليها السلام).

ثم الإمام الحسن , ثم الإمام الحسين  ثم الإمام المهدي (عجل الله فرجه) .

ثم بقية الأئمة (عليهم السلام) .

وفي الروايات لم يرد شيء على أفضليّة بعض هؤلاء الأئمة (عليهم السلام) على بعض، يعني الإمام السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا إلى العسكري (عليهم أفضل الصلاة والسلام )

  •   مكانة الزهراء(ع)

كانت الزهراء عليها السلام طرفا مهما بين الوسائل التي ترسم اساس للناس فما زالت اذناها ممتلئتين بكلمات ابيها لها يوم البلاغ (يا فاطمة بنت محمد لا اغني عنك من الله شيئا” )(5)وكان الرسول خير اسوة تحتذيها (6)ويحتذيها معها كل منافح (7)يعمل على توطيد حرية الكلمة .النابعة من اليقين .فلقد علمهم ان الدين سلوك علم ينبغي فيه وجه الله وخير البشرية جمعاء لا خير جماعة دون جماعة واجنس دون جنس ,او فرد يتطلع على صالحه الخاص او يعمل راء الناس انه اسلامي القلب لمشاعر لرب هذا الوجود…تجرد من الانانية اخاء في الانسانية, رحمة وتواد, هجرة الى الله  فما كان عبث داب (8)محمد طوال ما مضى من اعوام عمل على غرس اشرف الفضائل ,وارفع القيم واسمى المثل في الصدور  لا بكلام الرائع والعبارة البليغة ,انما بترجمة محكم التنزيل الى افعال لبناء مجتمع انساني  متكامل . بل كان عليه الصلات والسلام كالماء الرائق النقي الذي ينضح عنه ايمانهم الصافي الشفاف. ام من ذا احق منه بان يكون الاسوة المثلاء في البشرية يحتذ به ابنائها في كل زمان ومكان في كل قول وفعل وتقرير ؟ام لم اختاره الله –حين بعثه رسولا”-من بين خير خلقه خيرهم اجمعين ,اطيبهم خلقا” ….اطهرهم نفسا”….اعظمهم فطنة . …اصلبهم عزما” …اكملهم شخصية يعز نظيرها من البشرية وحين تشهد له الزهراء بقدره الرفيعة لا تشهد له فقط لأنه ابوها الذي اقتطعت من صلبه كما اقتطع من ادم وجود حواء ولا لان بنوتها تعطفها عليه ولا لأنها خبرته خبره عشرة ومعايشة بالعقل والقلب والوجدان بل تشهد له بشهادة كينونتها الحية ,اذ هي بضعة من كيانه المادي والمعنوي كما خلقه الله .فاطمة بضعة من محمد …… يؤذيه ما اذاها ويسره ما سرها .وتغضب فيغضب الله لغضبها –وترضى فيرضى الله ..وهل يغضب سبحانه الا لمن اثره واجتباه انها كانت لسجايا ابيها مرأة فلا تفاوت بينهما في الصفات الكمالية الا بمقدار التفاوت بين نبي رسول وبين قدسية بتول ,هذا البلاغ والارسال وتلك للتلقي والاستقبال فربه يقول للعباد(لكم في رسول الله اسوة )(9)ويصفه وصف عليم لا يخفى عليه خافية مما تكن السرائر وتكتم الصدور (وانك لعلى خلق عظيم)(10)وينطقه الله فيقول عليه الصلاة والسلام (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق )(11)كما عاشت الزهراء والذين امنوا مع سيد المرسلين صدقه وامانته عاشت بره ورحمته كان الرفق والعطف والحنان والرحمة .وكان الشعار الذي اخذه عنه المؤمنون شرعة” ومنهاج” قوله لهم بعد ان نزل المدينة بوقت قصير(تحابوا بروح الله )فما ارسل (الا رحمة للعالمين )(12)وهو(بالمؤمنين رؤف رحيم )(13)اول ما يثرى لنا في فاطمة خلائقها ومعالمها النفسية الموروثة ..تلك القوة الايمانية الجبارة التي امدتها بيقين صابر يساند الحق ,ويلزم سمته ,ويواكب مسيرته مهما اعترضتها العقاب وتألبت عليها الخصومات .وابهر صورة للعناد في نصرة الحق والصبر حين توعدته قريش العذاب والهلك ليطرح عنه الامر الذي جاء به فلم تلن قناعته وانما ثبت حيث هو وقال ملىء الارضين وملىْ السموات انتقل من اب هو اعظم من ارتقى بكل ثقة واصرار (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر او اهلك دون ما تركته )(14)وتكشف القوة الايمانية في الزهراء عن والدها المعدن النقي مثل الذهب ميراثها من ابيها يغطي كل ميراث ارث ايماني ثري بلا حدود هو بالعقيدة في ذهن الانسان الى اعلى درجة من درجات الربوبية التي بلغها اطوار الاديان على امتداد الزمان وحفر في الوجدان البشري صورة من التنزيه لأنه سميع بغير اذن ,بصير بغير عين ,باطش بغير يد مبدع بغير اداة ,مالك بلا شريك واحد بغير شبيه انجب لنا فاطمة الزهراء عليها السلام خير اساس لبناء مجتمع انساني متكامل.

المحور الثاني  :التعايش الاخلاقي واثره في حياة الفرد والمجتمع

الاخلاق هي اساس التعايش السلمي وخاصة اذا كانت تسير وفق نهج القران الكريم والسنة النبوية الشريفة فاذا اردنا ان نبني مجتمعا معافيا متعايشا اخلاقيا لابد من النظر الى اسس مهمة وهي ما يلي :

1-الانسان :الانسان الذي نفخ الله في روحه وجعله خليفة في الارض قال تعالى(واذا قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة )البقرة:30في النص بيان ان لهذه الامة اختصاص باستحقاق الخلافة الحقيقية التي اودعها الله في ادم عليه السلام بقوله اني جاعل في الارض خليفة ولهذا السر ما كان في امة من الامم من الخلفاء ما كان في هذه الامة بالصورة والمعنى وللخلافة صورة ومعنى فكما ان صورة الخلافة مبنية على الحكم بين الرعية الصورية بالعدل والتسوية على قانون الشرع والاجتناب عن متابعة الهوى والطبع كذلك معنى الخلافة مبنى على الحكم بين الرعية المعنوية وهي الجوارح والاعضاء والقلب والروح والسر والنفس وصفاتها واخلاقها (15)قال تعالى(ثم جعلناكم خلائف في الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون )يونس :14

وقال قتادة  وما جعلنا الله خلائف الا لينظر الى اعمالنا ,فاروا الله اعمالكم خيرا بالليل والنهار (16)وجعلكم خلائف فأهل كل عصر يخلفون من تقدمهم (ورفع بعظكم )بالغنى والشرف في النسب وقوة الاجساد (17)وفي الخلق والارزاق والقوة والبسطة والعقل والعلم ,فابتلى الموسر :بالغنى وطلب منه الشكر ,وابتلى المعسر بالفقر وطلب منه الصبر (18)ولذلك القران الكريم كرم الانسان واودع لديه نزعة اجتماعية ليتعايش مع المجتمع كتعايشه مع جيرانه واخوانه في الاسلام قال تعالى) (انما المؤمنون اخوة) حجرات :10

2– الروابط الاجتماعية :

وهي الاساس الثاني المهم للتعايش السلمي بين افراد المجتمع ان منهج القران منهجا ربانيا لا يدانيه منهج في اقامة هذه الروابط ورعاها حق رعايتها ,كرابطة العقيدة ورابطة العلاقات الاجتماعية ورابطة المصاهرة بالرضاعة (وامهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة )النساء :23

وهناك روابط فطرية كالقرابة ,ومكتسبة كرابطة الجوار وهذه الروابط وجدت لان كل فرد من افراد المجتمع يحتاج التعايش مع الاخرين ,فجاءت النصوص تشير الى ان بناء المجتمع يعتمد على قوة هذه الروابط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم ,كمثل الجسد ,اذا اشتكى عضوا” تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى )

3-الضبط الاجتماعي :

يحتاج الناس الى التعايس بهدوء وسلام وبعيدا عن الصراعات والحروب قال تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم )فصلت 34

ادفع بالتي هي احسن اي التصافح والتجاوز عن الزلة وهذا من جملة حسن الادب في الخدمة في حق صحبتك مع الله تحلم مع عباده لأجله(19) ان الله يؤلف بين قلوب العباد ويبث روح المحبة والالفة ويزرع روح التسامح والتعايش بينهم ويشرع العقوبات لم يتهاون بالروابط الاجتماعية لأنه مقصد سامي من مقاصد الشريعة الاسلامية لتحقيق التعايش الاخلاقي بين الافراد والجماعات ,فحرم اكل اموال الناس بالباطل قال تعالى في النهي عن اكل المال بالباطل وانه اثم وظلم وطغيان ومفسده(20)

قال تعالى (ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالإثم وانتم تعلمون )البقرة :188

وحرم السب والشتم والتمييز والتنقيص والتنابز بالألقاب قال تعالى (يا ايها اللذين امنوا اجتنبوا كثيرا” من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعظكم بعضا أيحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم )الحجرات :12

وامر بالأخلاق الحسنة وان تلتزم الحكمة في التعامل مع الناس قال عز وجل (ادع الى سبيل ربك بالحكمة  والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين )

4-الارض  :

الاساس الرابع والمهم هو الارض اي المناخ والبقعة التي تجمع المسلمين ليكون لهم قرار في الارض وربط القران بين التمكين في الارض وبين الاحكام والتعايش في قوله تعالى (اللذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )الحج :41

اي انهم اذا انتصروا رفعوا لواء العدل واقاموا مجتمع فاضل على اساس من الفضيلة ودفع الرذيلة في التعايش

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حاجة الناس للحفاظ على دينهم وسلامة دينهم ودنياهم فمثل  الشائع مهمته للامة كلها على بجنبه باليد او باللسان او بالقلب والاخير اضعف الايمان ,ومع ضعفه ففيه البقاء على دوام الاحساس بوجود المنكر الى ان يقدر هو او غيره على تغيره (21).

فالأنسان انما خلق لعمارة الارض والاستغلاق فيها وان يستمر التعايش على مستوى المجتمع .

لتحقق التعايش بين الجماعات و الافراد يجب اتباع مايلي:

1-الموعظة الحسنة :وقدوتنا في ذلك الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان كريم الخلق لين الجانب ولولم يكن كذلك لخسر الناس وانفضوا من حوله فقد كان حريص على كل المسلمين يقول تعالى (فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )ال عمران :159

 اوصى الامام الحسن العسكري عليه السلام وصايا في الموعظة والتقوى قال :

اوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث واداء الامانة الى من ائتمنكم من بر او فاجر وطول السجود وحسن الجوار (22)

2-نظام التعليم :العلم له رفعة وهو اساس التعايش والجهل مذموم قال تعالى (قل هل يستوي اللذين يعلمون واللذين لا يعلمون )الزمر :7

اي لا يستوي اللذين لديهم علم فهم يدركون حقائق الاشياء على ماهي عليه وتجري اعمالهم على حسب عملهم ,مع اللذين لا يدركون الاشياء على ماهي عليه بل تختلط عليهم الحقائق وتجري اعمالهم على غير انتظام (23)

ان الحق في التعليم هو حق اساس معترف به من قبل جميع البلدان يجب ان يكون بناء الفرد والمجتمع في الدولة قائم على اساس التعايش حتى يتمكن كل فرد من افراد المجتمع الحصول على صفة في التعليم والمشاركة في صنع القرارات التي تضمن تعليمه بشكل افضل ,ولان التعليم والتعلم هما مبدئان ووسيلتان لتعلم العيش المشترك بين افراد المجتمع .ان النفس البشرية فيها ملكات متعددة ,كل ملكة لها مطلوب والدين هو الذي يضم التعايش السلمي بين الملكات (24)

فالتعمق في الفهم لكل ما تضمنه القران من آيات وتوجيهات لنواحي الحياة يؤدي الى حياة سعيدة وعمارة الكون ,وحتى المعاملة وحسن التعايش بين افراد الانسانية جميعها ,ان المتعمق في فهم نصوص القران يدرك تماما كمال العيش وسيادة العدل والنظام والرخاء والامن والطمأنينة والمحبة والاخاء والتعاون بين افراد المجتمع وبالتالي دفع الاسلام الى بلوغ الكمال والعيش بين ابناء المجتمع .

فاذا تعاهد المسلمين في معاملاتهم بنصوص القران الكريم فتح الله عليهم البلاد وقهر لهم العباد ,واعانهم حتى تهاوت لهم عروش الجبابرة من اهل الكفر والعناد ,وقد تعامل بها الاولون فاصبحوا بالتمسك بالقران الكريم سادة بعد ان كانوا مسودين ,واصبحوا قادة بعد ان كانوا مستعبدين ,وقدر ان المقصد العام للشريعة الاسلامية هو عبادة الارض وحفظ النظام التعايش فيها واستمرار صلاحها بصلاح المتخلفين فيها وقيامهم بما كلفوا به (25)فالسعادة باتباع القران الكريم ونهج الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم .

الاستنتاجات

1-    الزهراء عليها السلام اروع اساس لبناء المجتمع الانساني

2-     ان النبي محمد صلى الله علية وسلم فضل فاطمة الزهراء عليها السلام على سائر نساء العالمين في الدنيا والاخرة .

3-     لم تكن الزهراء عليها السلام امراه عادية كانت امراه روحانية امراه ملكوتية كانت انسانه بتمام معنى الكلمة … نسخة انسانية متكاملة تعادل  100مراه فلم تكن امراه عادية بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود وبصورة انسان .

  • الزهراء عليها السلام هي مفخرة بيت النبوة وتسطع كالشمس , امراه فضائلها فضائل الرسول الاكرم والعتره الطاهرة غير المتناهية .
  • التعايش السلمي اساس متبع وفق منهج القران الكريم والسنة النبوية
  • الانسان خصه الله تعالى بالعقل وكرمه و جعله ذا نزعة اجتماعية
  • الارض هي الرقعة المباركة التي خلق الانسان لعمارتها وللتعايش السلمي عليها وليس للتطرف والاقتتال.

المقترحات

  1.  على النساء المؤمنات ان تاخذ الدروس والعبر من مولاتي الزهراء عليها السلام .
  2. 2-  ان تربى نساءنا اطفالنا على حب الخير والفضيلة والخلق الكريم كما ربت مولاتنا الزهراء واولادها فكان الحسن والحسين وزينب عليهم السلام امثلة سامية في دنيا الاخلاق والانسانية .
  3. 3-  التركيز على النصوص القرآنية الداعية الى ثقافة التسامح والتعايش السلمي .
  4. التركيز والتحلي باخلاق اهل البيت وخاصة نهج مولاتنا الزهراء عليها افضل السلام في التسامح ونبذ التطرف بكل اشكاله .
  5. ان يبني المسلمين علاقاتهم مع الاخرين داخل ديار الاسلام على الرعاية وفي الخارج على الدعوة حيث ان دين الاسلام يسع كل الشريعة
  6. اقامة العدل بين الناس وتحقيق نظام ديمقراطي يوفر الفرص لكافة شرائح المجتمع

5-    الاهتمام بنظام التعليم ليشمل مختلف الاعمار لان التعليم وسيلة العيش المشترك بين افراد المجتمع.

6-    الصبر وانتظار الفرج فأن النبي صلى الله عليه واله قال خير اعمال امتي انتظار الفرج .

المصادر

  1. راجع علل الشرائع: ص124 باب العلة التي من أجلها صار النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الأنبياء .
  2.   راجع الخصال , ص205، باب افضل نساء أهل الجنة أربع، مضافاً إلى ما دل على أن فاطمة الزهراء (عليها السلام ) سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .
  3. –  سورة الرعد , 17.
  4. الأمالي للشيخ الصدوق, ص592 المجلس 86 ح18، وعلل الشرائع: ص178
  5. اخرجه ابن حجر في فتح الباري 2:531 ,وابن سعد 46:2 ,ورواه مسلم 192:1 كتابه الايمان ب 89 ح350 بلفظ ((لا املك ))بدل ((لا اغني ))
  6. احتذى بالشيء :اقتدى به
  7. المنافح :المكافح
  8. الداب :الجهد
  9. الاحزاب 21
  10. القلم   4
  11. اخرجه البيهقي في السنن الكبرى:10 كتاب الشهادات باب :بيان مكارم الاخلاق عن ابي هريرة يلفظ (صالح الاخلاق )
  1. الانبياء 107
  2. التوبة  108
  3. اخرجه الالباني في السلسلة الضعيفة :رقم (909)
  4. ابو الفداء ,اسماعيل حقي بن مصطفى الاستانبولي الحنفي الخلوتي ,روح البيان ,دار الفكر بيروت.
  5. ابن الجوزي ,جمال الدين ابو الفرج عبد الرحمن بن علي ,تحقيق ,زاد المسير في علم التفسير ,عبد الرزاق المهدي ,دار الكتاب العربي ,بيروت ,الطبعة الاولى ,1422ه.
  6. بن ابي العز, ابو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء ,تفسيرالقران,تحقيق عبدالله بن ابراهيم ,دالر ابن حزم ,بيروت ,لبنان ,الطبعة الاولى ,1416ه,1996م.
  7. القرطبي ,ابو عبدالله  محمد بن احمد بن ابي بكر القرطبي ,الجامع لأحكام القران الكريم ,تحقيق احمد البردوني ,دار الكتب المصرية ,القاهرة, الطبعة الثانية ,1384ه,1964م.
  8. البخاري ,محمد بن اسماعيل ابو عبدالله البخاري ,باب رحمة الناس والبهائم ,تحقيق زهير بن ناصر ,دار طوق النجاة ,الطبعة الاولى ,مكتبة الكليات الازهرية ,القاهرة ,1414ه,1991م.
  9. القشيدي ,عبدالكريم بن هوازن بن عبد الملك, لطائف الاشارات, تفسير القشيري ,تحقيق ابراهيم البسيوني ,الهية المصرية العامة للكتاب ,مصر .
  10. الزحيلي محمد ,محمد بن احمد بن عبد العزيز ,الوجيز في اصول الفقه ,تحقيق محمد الزحيلي ,مكتبة العبيكان ,الطبعة الثانية ,1428ه,1997م.
  11. الانباري ,حسن ,موسوعة صحف الطيبين في اصول الدين وسيرة المعصومين صحيفة الامام الحسن العسكري عليه السلام ,مركز الاشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث الاسلامية ,2021 .
  12. ابن عاشور ,محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي, التحرير والتنوير ,تونس ,الدار التونسية للنشر ,1984م.
  13. 24-          الشعراوي ,تفسير الشعراوي ,الخواطر ,محمد متولي الشعراوي ,مطابع اخبار اليوم . 
  14. 25-          الديسوني ,احمد ,نظرية المقاصد عند الامام الشاطي ,الدار العالمية للكتاب الاسلامي .