مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
النظرة شافعية لزواج الزهراء(ع) أ.م.د.حميد سراج جابر الاسدي / قصي عبد الصمد عبد الحي .. الجزء الثاني
+ = -

ونلاحظ من حديث الإمام علي ” صلوات الله عليه ” ما يأتي :

أولاً : إن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” كان فقيراً لا مال له، ولم يكن لديه سوى فرسه ودرعه كما ذكرنا ذلك سابقاً.

ثانياً : يبين لنا النص المذكور حياة الزهد وبساطة العيش التي كان يعيشها الإمام علي ” صلوات الله عليه ” قبل زواجه.

ثالثاً : يبدو إن الجلد الذي ذكر في النص هو من ضمن المهر الذي قدمه الإمام علي ” صلوات الله عليه “، إذ ذكرت المصادر أنه عندما جاء خاطباً فاطمة ” صلوات الله عليها ” من رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فسأله : (وعندك شيء) ؟ فأجاب : (فرسي وبدني) ؟ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” بقوله : (أما فرسك فلا بد لك منه، وأما بدنك فبعها)، فباعها الإمام علي ” صلوات الله عليه ” بأربع مائة وثمانين وجاء بها ووضعها بحجر رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فقبض رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” منها قبضة وأمر بلال أن يشتري بهـا طيباً وأمرهم أن يجهزوها فجعل لها سريراً مشرطا بالشرط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي، فما كان فراشنا، ليلة أهديت، إلا مسك كبش) ؛ ينظر : ابن ماجة، أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت 275هـ)، السنن (سنن ابن ماجة)، تحقيق وترقيم وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1373هـ، ج2، ح رقم(4154)، ص1391 ؛ الحربي، أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق(ت 285هـ)، غريب الحديث، تحقيق ودراسة الدكتور سليمان بن إبراهيم بن محمد العابر، دار المدينة للطباعة والنشر والتوزيع، مطبعة مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ط1، جدة 1405هـ، ج2، ص563 ؛ الدارقطني، أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد(ت 385هـ)، العلل الواردة في الأحاديث النبوية، تحقيق وتخريج د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة للطباعة والنشر، ط1، الرياض 1405هـ، ج3، ح رقم(333)، ص166 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص376 ؛ المتقي الهندي، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين (ت 975هـ)، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تحقيق وضبط وتفسير الشيخ بكري حياني – تصحيح وفهرسة الشيخ صفوة السقا، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1409هـ، ج13، ح رقم(36534)، ص179.

ووسادة من أدم حشوها من ليف(1).

وذكر ابن منظور حديثاً آخر بما يخص هذا الزواج المبارك نقلاً عن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” قوله : (واعدت صواغاً* من بني قنيقاع)(2).

ويتضح من الحديث أمور ثلاث :

الأمر الأول : لم يذكر ابن منظور في نقله لهذا الحديث ما المناسبة التي واعد بها الإمام علي ” صلوات الله عليه ” هذا الصواغ.

الأمر الثاني : لم يسم ابن منظور هذا الصواغ إلا إنه بين إن هذا الصواغ من بني قنيقاع وهم من قبائل اليهود الساكنة في المدينة المنورة.

الأمر الثالث : تبين لنا من خلال مراجعتنا للمصادر الأخرى أن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” أراد أن يبيع إذخر* للصواغين فيستعين بثمنه لوليمة عرسه ” صلوات الله عليه ” على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : الطبراني، المعجم الكبير، ج22، ص409 ؛ المحب الطبري، ذخائر العقبى، ص27-28.

* الصواغ : صائغ الحلي ؛ لسان العرب، ج8، ص442.

  • (2) لسان العرب، ج8، ص442 ؛ وأنظر ما جاء عن البخاري بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام قال : (إن علياً قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلاً صواغاً من بني قنيقاع أن يرتحل معي فنأتي باذخر أردت أن أبيعه الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي….الخ) ؛ ينظر : البخاري، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم (ت 256هـ)، الجامع الصحيح، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط بالأوفست، بيروت، 1401هـ، ج4، ص41 ؛ الإمام مسلم، أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261هـ)، الجامع الصحيح، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، د.ت ج6، ص86 ؛ أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275هـ)، السنن (سنن أبي داو)د، تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بيروت، 1410هـ، ج2، ص28 ؛ الواحدي النيسابوري، أبي الحسن علي بن أحمد (ت 468هـ)، أسباب نزول الآيات، دار الباز للنشر والتوزيع – مكة المكرمة، مطبعة مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع، القاهرة، 1388هـ، ص139.

* إذخـر : بكسر الهمزة وسكون ذال وكسر خاء معجمتين : نبـت عريـض الأوراق يحرقه الحداد بدل =

 

السيدة فاطمة ” صلوات الله عليه “.

وعلى أية حال فإن الخطوبة والمهر قد تم بأمر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وكمل جهاز السيدة فاطمة ” صلوات الله عليه ” والذي كان متواضعاً وبسيطاً ومباركاً من الله تعالى ورسوله الكريم محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم “.

كما وذكر ابن منظور مفاتحة رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” للسيدة فاطمة ” صلوات الله عليه ” بأمر هذا الزواج المبارك واستحيائها وبكائها وسكوتها وهذا كله من علامات الرضا على موافقتها من الزواج بالإمام علي ” صلوات الله عليه “، فقد أورد ما يخص هذا الأمر إذ إنها لما رأت علياً جالساً إلى جنب النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم “، حصرت وبكت(1)، وعلق ابن منظور على الكلام بقوله : (أي استحت وانقطعت كأن الأمر ضاق بها كما يضيق الحبس على المحبوس)(2).

وأورد أيضاً مكملاً لقول النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لفاطمة ” صلوات الله عليها ” : (ما يبكيك فما ألوتك ونفسي وقد أصبت لك خير أهلي)(3)، وقال ابن منظور معلقاً على كلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= الحطب والفحم ؛ ينظر : العظيم آبادي، أبي الطيب محمد شمس الدين (ت 1329هـ)، عون المعبود بشرح سنن أبي داود، دار الكتب العلمية، ط2، بيروت، 1415هـ، ج8، ص147.

  • (1) لسان العرب، ج4، ص193 ؛ وأنظر : ابن الأثير، النهاية، ج1، ص395.
  • (2) لسان العرب، ج4، ص193.
  • (3) لسان العرب، ج14، ص40 ؛ وأنظر ما جاء عن الطبراني بإسناده عن ابن عباس قوله : (ثم صرخ بفاطمة فأقبلت فلما رأت عليا جالسا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حصرت وبكت فأشفق النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون بكاؤها لأن عليا لا مال له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك فما ألوتك في نفسي وقد أصبت لك خير أهلي وأيم الذي نفسي بيده لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين فلان منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أسماء أتيني بالمخضب فاملئيه ماء فأتت أسماء بالمخضب فملأته فمج النبي صلى الله عليه وسلم فيه ومسح فيه وجهه وقدميه ثم دعا فاطمة فأخذ كفاً من ماء فضرب به على رأسها وكفا بين ثدييها ثم رش جلده وجلدها ثم ألتزمها فقال اللهم إنهما مني وأنا منهما أللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرهما ثم دعا بمخضب آخر ثم دعا عليا فصنع به كما صنع بها ثم دعا له كما دعا لها ثم قال =

النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” : (أي ما قصرت في أمرك وأمري حيث اخترت لك علياً زوجاً)(1).

نلاحظ على الحديثين إن ابن منظور ركز على ثلاث صور :

الصورة الأولى : إن بكاء السيدة فاطمة ” صلوات الله عليها ” عندما رأت الإمام علي ” صلوات الله عليها ” جالساً جنب النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لم يكن لعدم رضاها بهذا الزواج، وإنما حياءً وخجلاً من رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” ومن الإمام علي ” صلوات الله عليه “.

الصورة الثانية : إن بكاؤها ” صلوات الله عليها ” وكما يبدو من الحديث لتعلقها برسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فقد تربت وترعرعت في بيت أبيها رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وإن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” أخبرها بعدم تقصيره في أمرها وأمره بأن أختار لها زوجاً مثل علي ” صلوات الله عليه “.

الصورة الثالثة : تأكيد رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” بأن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” هو خير أهله وهذا ما يبين المنزلة العظيمة التي يتمتع بها الإمام علي ” صلوات الله عليه ” عند رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لذلك دعا له رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” بمثل ما دعا لها في ليلة زفافهما ” صلوات الله عليهما ” كما أكدت ذلك المصادر.

تفاصيل الزواج

وكما هو معروف فأن كل زواج يرفقه وليمة عرس أي الطعام تأدية لواجب المهنين والمباركين لهذا الزواج المهيب، إذ ذكر ابن منظور أمـر هذه الوليمة بقوله : (أنه ” صلى الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= لهما قوما إلى بيتكما جمع الله بينكما وبارك في سيركما وأصلح بالكما ثم قام فأغلق عليهما بابه بيده….الخ) ؛ الطبراني، الأحاديث الطوال، ح رقم(55)، ص139-140 ؛ الطبراني، المعجم الكبير، ج22، ص412 ؛ القاضي النعمان، شرح الأخبار، ج2، ح رقم(713)، ص358-359 ؛ الخوارزمي، المناقب، ح رقم(359)، ص339-340.

  • (1) لسان العرب، ج14، ص40.

عليه وسلم “، صنع طعاماً وقال لبلال : أدخل عليَ الناس زفةً زفة)(1)، وقد بين ابن منظور معنى هذا الكلام نقلاً عن الهروي(2) قوله : أي (فوجاً بعد فوج وطائفة بعد طائفة وزمرة بعد زمرة، وسميت بذلك لزفيفها في مشيها أي اسراعها)(3).

ويتبين من الحديث ما يأتي :

أولاً : إن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” هو الذي أعد وليمة العرس لاستقبال الوفود المهنية لهذا الزواج المبارك وإطعامهم الطعام بنفسه.

ثانياً : وكما هو واضح من الحديث أن عدد الناس المُهنين كبيراً وإن المكان لايسعهم جميعاً لذلك أمر رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” بلال بأن يدخل الناس عليه فوجاً بعد فوج أو زمرة بعد زمرة أو طائفة بعد طائفة.

ثالثاً : ويبدو أن ابن منظور أراد أن يبين إن هذه الوليمة كانت من أموال رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وانه لا فرق بينه وبين الإمام علي ” صلوات الله عليه ” فكما هو معروف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) لسان العرب، ج9، ص136 ؛ وأنظر ما جاء عن الصنعاني بإسناده عن ابن عباس قوله : (…. ثم دعا بلالاً، فقال : يا بلال إني زوجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي إطعام الطعام عند النكاح، فأت الغنم، فخذ شاة، وأربعة أمداد أو خمسة، فاجعل لي قصعة لَعلِي أجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت منها فآذني بها، فانطلق ففعل ما أمره، ثم أتاه بقصعة، فوضعها بين يديه، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأسها، ثم قال : أدخل علي الناس زفة زفة، ولا تقادرن زفة إلى غيرها – يعني إذا فرغت زفة لم تعد ثانية – فجعل الناس يردون كلما فرغت زفة وردت أخرى، حتى فرغ الناس ….الخ ؛ ينظر : المصنف، ج5، ص487-488 ؛ وراجع : الطبراني، المعجم الكبير، ج24، ص133-134 ؛ الخوارزمي، المناقب، ص338-339.
  • (2) الهروي : أبو عبيد أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الباشاني الشافعي اللغوي المؤدب، باحث من أهل في خراسان له كتاب الغريبين، غريب القرآن وغريب الحديث، وكتاب ولاة هراة ؛ ينظر ترجمته : الصفدي، الوافي بالوفيات، ج8، ص76 ؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج17، ت رقم(88)، ص146-147 ؛ إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين، ج1، ص70 ؛ الزركلي، الأعلام، ج1، ص210.
  • (3) لسان العرب، ج9، ص136.

 

إن الإمام علي هو أخيه في الله والدين وابن عمه وربيبه وزوج ابنته فاطمة الزهراء ” صلوات الله عليها “.

رابعاً : لم يذكر ابن منظور مكان الوليمة ؟ وما نوع الطعام الذي قدمه رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” للناس في هذا اليوم المبارك ؟ وقد أورد محمد هادي اليوسفي إن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” أمر بلال أن يذهب إلى الغنم ويأخذ شاتاً وخمسة أمداد* شعيراً ويصنع بها قصعة* حتى يجمع رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” المهاجرين والأنصار، فلما فرغ بلال من تجهيز الطعام ووضعه بين يدي رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” فطعن في أعلاها وبرك من فمه، أمر بلال بأن يدعُ الناس من المسجد زفة زفة(1).

وبهذا يتبين لنا بأن مكان الوليمة التي عدها رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لهذا العرس المبارك كان في المسجد النبوي أو بالقرب منه، أما الطعام فكان من لحم الغنم وخبز الشعير (الثريد).

وذكر ابن منظور بعض تفاصيل الزواج الأخرى، إذ أورد قول الإمام ” صلوات الله عليه ” : (دخل علينا رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ” وعلينا قطيفة* فلما رأيناه تحشحشنا*، فقال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المد : ضرب من المكاييل وهو ربع صاع، وهو قدر مد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصاع خمسة أرطال، وقيل : المد : بالضم، مكيال وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز والشافعي، ورطلان عند أهل العراق وأبي حنيفة، والصاع أربعة أمداد ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج3، ص400.

* القصعة : : إناء كبير يسع لعشرة أشخاص ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج9، ص187.

  • (1) ينظر : محمد هادي اليوسفي، موسوعة التاريخ الإسلامي، مجمع الفكر الإسلامي، مطبعة باقري، ط1، قم المقدسة، 1420هـ، ج2، ص213 ؛ وراجع : الصنعاني، المصنف، ج5، ص487-488 ؛ الطبراني، المعجم الكبير، ج24، ص133-134 ؛ الخوارزمي، المناقب، ص338-339 .

* قطيفة : جمع قطائف، وهي : فرش مخملة، والقطيفة : دثار مخمل، وقيل : كساء له خمل ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج9، ص286.

* الحشحشة : الحركة ودخول بعض القوم في بعض، والتحشحش : التحرك للنهوض ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج6، ص286.

: مكانكما التحشحش)(1).

ومن خلال ما ورد في الحديث نرى بأن ابن منظور لم يذكر لماذا دخل رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” عليهما ؟ إلا إن المصادر بينت بان المناسبة هي زفاف الإمام علي ” صلوات الله عليه ” بسيدة النساء فاطمة ” صلوات الله عليها ” وانه أخبرهم بأن لا يحدثا شيئاً حتى يأتيهما وبعد أن جاءهم ” صلى الله عليه وآله وسلم ” تحركا للنهوض احتراماً وإجلالاً فأمرهم بالجلوس وعدم التحرك ودعا بماء بإناء ودعا فيه ورشه عليهما، فكانت فاطمة ” صلوات الله عليها ” أحب إليه من علي ” صلوات الله عليه “، وكان علي ” صلوات الله عليه ” أعز إليه من فاطمة ” صلوات الله عليها ” وبذلك عادل رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” الكفة بمحبتهم ومعزتهم ” صلوات الله عليهم أجمعين “(2).

ويصور ابن منظور طبيعة لقاء رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” بفاطمة ” صلوات الله عليها ” في اليوم التالي للزواج، إذ دعاها رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لمـا أصبح فجاءت خرقة* من الحياء)(3)، ويذكر ابن منظور بأنها ” صلوات الله عليها ” أتتـه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) لسان العرب، ج6، ص286 ؛ وأنظر ما جاء عن ابن سليمان الكوفي بإسناده عن أبي نجيح عن أبيه عن رجل سمع علياً بالكوفة يقول : وذكر خطبته بفاطمة عليها السلام حتى قال : وزفها إلي، ثم قال : لا تحدثا شيئا حتى آتيكما، فأتانا وعلينا قطيفة وكساء فلما رأيناه تحشحشنا فدعا بماء فأتي بإناء فدعا فيه ثم رشه علينا فقلت : يا رسول الله أينا أحب إليك ؟ قال : هي أحب إلي منك وأنت أعز علي منها. ؛ ينظر : مناقب، ج2، ح رقم(681)، ص212 ؛ ابن شاهين، فضائل سيدة النساء، ص40 ؛ الزمخشري، الفائق، ج1، ص254 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص124-125.
  • (2) ينظر : ابن سليمان الكوفي، مناقب، ج2، ح رقم(681)، ص212 ؛ ابن شاهين، فضائل سيدة النساء، ص40 ؛ الزمخشري، الفائق، ج1، ص254 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص124-125.

* الخرق : الدهش من الفزع أو الحياء، وخرقة من الحياء : أي خجلة مدهوشة من الخرق التحير ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج10، ص76.

 

  • (3) لسان العرب، ج10، ص76 ؛ وراجع : الخطابي البستي، أبي سليمان محمد بن محمد بن إبراهيم (ت 388هـ)، إصلاح غلط المحدثين، تحقيق وتعليق د. محمد علي عبد الكريم الرديني – مجدي السيد إبراهيم، دار المأمون للتـراث، ط1، دمشق، 1407هـ، ح رقم(120)، ص84 ؛ ابن الأثير، النهاية، ج2، ص26