مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
السيدة الزهراء(عليها السلام) الانموذج الأرقى في التربية  /م.د خمائل شاكر الجمالي / جامعة بغداد /مركز احياء التراث العلمي العربي
+ = -

السيدة الزهراء(عليها السلام) الانموذج الأرقى في التربية 

م. د. خمائل شاكر الجماليّ

جامعة بغداد/ مركز إحياء التراث العلمي العربي  

الملخص  

(لله نور السماوات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دريّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس ، والله بكل شيء عليم) .

  مفهوم النور من أبسط المفاهيم وأوضحها على الإطلاق ، فلا تكاد تجد أحداً يجهل معناه .. ومع ذلك فأن البحث عن حقيقته في غاية التعقيد . 

  إن معرفة شخصية السيدة الزهراء ( عليها السلام ) من خلال سيرتها الذاتية التي يرويها لنا أهل البيت ( عليهم السلام ) والأقربون من ذويها ، ذلك لأن أهل البيت أدرى بما فيه وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل .إذ أن هناك أمور في الحياة صحيحة وثابتة وفق مقاييس العقل والبرهان ولا تحتاج إلى إثبات أحقيتها وأصحيتها إلى دليل من الخارج ولا تحتاج إلى إثبات صحة دعواها أيضا إلى شاهد فدليلها مستمد منها ، ومن هذه الأمور الثابتة في حياة الإنسان الكامل ” فاطمة الزهراء ” هي سيرتها الذاتية التي تثبت من خلالها معرفتها الحقيقية فهذه السيرة هي السبيل الصحيح للوقوف على حياتها (عليها السلام ) .

  إذن السيرة الذاتية الصديقة الطاهرة تمثل جانب تطبيقي من حياتها الشخصية على كافة المستويات ، يمكن أن نعرف شخصيتها من خلال مواقفها لأن الموقف عمل والعمل ما هو إلا انعكاس لطبيعة شخصية الفرد وهذا ما أثبته التاريخ الإسلامي لفاطمة (عليها السلام) إذ أخبرنا بمواقفها الفذة فهي صابرة محتسبة في جميع الحالات التي مرت بها . 

Lady Al-Zahra (peace be upon her) is the finest model in education

M. Dr.. Khamael Shakir Al- Jamali

University of Baghdad/ Center for the Revival of Arab Scientific Heritage

Abstract

(  God has the light of the heavens and the earth, the likeness of his light is like a niche in which there is a lamp, the lamp is in a bottle, the bottle is as if it were a bright star lit from a blessed tree, an olive, neither of the east nor of the west, whose oil almost glows even if no fire touches it. for people, and God is All-Knowing of everything)  The concept of light is one of the simplest and clearest concepts at all. You will hardly find anyone who is ignorant of its meaning. However, the search for its truth is very complicated.

     Knowing the personality of Lady Al-Zahra (peace be upon her) through her biography that the people of the house (peace be upon them) and those closest to her tell us, because the people of the house know what is in it, and the people of Mecca are more knowledgeable about its reefs, as the proverb says. Measures of reason and proof, and do not need to prove their validity and correctness to evidence from outside, and they do not need to prove the validity of her claim also to a witness, for her evidence is derived from her, and from these things that are established in the life of a complete human being “Fatima Al-Zahra” is her biography through which she proves her true knowledge. This biography is The correct way to find out about her life (peace be upon her).

   So the pure friendly biography represents an applied aspect of her personal life at all levels. We can know her personality through her positions because the position is work and work is only a reflection of the nature of the individual’s personality and this is what was proven by the Islamic history of Fatima (peace be upon her) when he told us about her unique positions, she is patient and calculated. In all the cases it went through.

مقدمة :

  إن معرفة شخصية السيدة الزهراء (عليها السلام) من خلال سيرتها الذاتية التي يرويها لنا أهل البيت (عليهم السلام) والأقربون من ذويها، ذلك لأن أهل البيت أدرى بما فيه وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقول المثل .إذ أن هناك أمور في الحياة صحيحة وثابتة وفق مقاييس العقل والبرهان ولا تحتاج إلى إثبات أحقيتها وأصحيتها إلى دليل من الخارج ولا تحتاج إلى إثبات صحة دعواها أيضا إلى شاهد فدليلها مستمد منها ، ومن هذه الأمور الثابتة في حياة الإنسان الكامل ” فاطمة الزهراء ” هي سيرتها الذاتية التي تثبت من خلالها معرفتها الحقيقية فهذه السيرة هي السبيل الصحيح للوقوف على حياتها (عليها السلام) . فهي الضابط والمعيار الصحيح للحكم عليها من خلالها . فالإنسان لا يعرف المعرفة الصحيحة إلا من خلال هذه السيرة على وجه الدقة أما بقية المسائل الأخرى في حياة المسائل الأخرى في حياة الإنسان من الشعارات والأطروحات والأدلة والشواهد وغير ذلك لا تمثل سوى الجانب النظري من حياة الإنسان الشخصية ، ومدى صدق هذه الدعوى فهي متروكة للجانب التطبيقي في حياته ، إذن السيرة الذاتية الصديقة الطاهرة تمثل جانب تطبيقي من حياتها الشخصية على كافة المستويات ، يمكن أن نعرف شخصيتها من خلال مواقفها لأن الموقف عمل والعمل ما هو إلا انعكاس لطبيعة شخصية الفرد وهذا ما أثبته التاريخ الإسلامي لفاطمة (عليها السلام) إذ أخبرنا بمواقفها الفذة فهي صابرة محتسبة في جميع الحالات التي مرت بها .  

المبحث الأول

أولاً : سيرة الزهراء(عليها السلام)

(الله نور السماوات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دريّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس ، والله بكل شيء عليم) (1)

مفهوم النور من أبسط المفاهيم وأوضحها على الإطلاق ، فلا تكاد تجد أحداً يجهل معناه .. ومع ذلك فأن البحث عن حقيقته في غاية التعقيد (2)

إن قوام المعاني الجمالية كلها ، فمتى ما ذكر النور اقترن معه ذكر الخير والجمال والحق والهداية والصلاح . وعلى عكس ذلك فإن الظلام قوام المعاني الشريرة والفكر الهدامة والمتاهات والمفاسد .

 أما في الأرض فيتمثل النور الإلهي في بضعة من الآدميين ، شاء لهم الله أن يمتازوا عن جميع الخلق بذلك ، فهم مشاعل الخير والهداية على مرّ القرون والأجيال ، وقادة الأمم نحو السعادة والصلاح .. اختارهم الله حفظة لسره ، وخزنة لعلمه ، وتراجمه لوحية ، وأدلاّء على صراطه فمعصمهم من الزلل وآمنهم من الزيغ والضلال… فكانوا نور الله في الأرض ! (3)

 لقد ورد في الزيارة الجامعة : ” خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ” وورد في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) : ” أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة ، لم تنجّسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمّات ثيابها ” . وفي زيارة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) والسلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض ” .

وقال الشاعر :

   هم النور نور الله جل جلاله                          هم التين والزيتون والشفع والوتر

  وتمثل نور الله أول ما تمثل في خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وعلي بن أبي طالب سيّد الوصيين (عليه السلام) … وانحدر النور بعد ذلك من صلب النبي (صلى الله عليه واله ) … فكانت فاطمة (عليها السلام) (4)  

ثانياً : ولادة السيدة الزهراء(عليها السلام)

  وبينما خديجة في حجرتها حامدة شاكرة لله سبحانه لما أفاض عليها من آلائه الجزيلة وهي الحظوة بسيد الأنبياء وخاتم الرسل المنتجب من الشعاع الأقدس محمد ابن عبد لله (صلى الله عليه واله وسلم) وأكرمها بالذرية الطيبة أمناء الوحي المبين فأخذها الطلق واشتد بها الحال وتصعب عليها فتح الباب وكلما عالجته لم ينفتح فأمسكت متحيرة لا تدري ماذا يؤول إليه أمرها إليها ليلين منها ما تلى النساء من النساء عند الولادة وهن سارة واسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وكلثم اخت موسى بن عمران (5)

  فوضعت فاطمة الزهراء(عليها السلام) ميمونة مباركة زكية وقد أشرق نورها حتى طبق بيوت مكة وعم شرق الأرض وغربها ، ثم دخلن عليها عشرة نسوة معهن طست وأبريق فغسلتها التي بين يديها ولفتها بثوبين أبيضين يشم منهما طيب حسن واستنطقتها وولدي ساداة الأسباط ، وسلمت على كل واحدة منهن وسمتها باسمها وأخذتها خديجة فأقمتها ثديها تزداد كل يوم نوراً وقوة وكمالاً وتباشر الحور بولادتها وبشر أهل السماء بعضهم بعضاً وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك ، وكانت ولادتها في العشرين من جمادي الثاني ، بعد النبوة بخمس سنين ، وبعد الإسراء بثلاث سنين (6)

   في هذا اليوم المبارك آن للطف الأزلي أن يشرق على الأكوان بفيضه الأقدس وحتى (لتهامة) أن تعود قنديل النور الإلهي فيضيء في مشكاة القداسة وزجاجة الطهارة عن أدناس الجاهلية ورجاسة العادات الوثنية فظهر صدف الإمامة متشظياً من أصل الرسالة الكبرى وبين طابقيها جواهر الخلافة الفردة تتخلل ألق المبدأ وعبق المنتهى وهي تضيء فتضوع في بلج الحق وأرج الفضيلة بكونها الرابط بين الحادث والقديم وإمكاناتها الأشرف الفياض فبرزت(سلام الله عليها) وهي عنصر النزاهة وآصرة الشرف ، واصل الجلالة وشارة العلم ومثال الفضائل كلها وابتهج بها عالم الملك كما كان يزهو بها عالم الملكوت منذ الأزل (7)  

ثالثاً : نشأة السيدة الزهراء(عليها السلام)

   إذا وصفت نشأة الزهراء (عليها السلام) بكلمة واحدة تغنى عن كلمات فالجد هو تلك الكلمة الواحدة ..

   درجت في دار أبويها ، والدار يومئذ مقبلة على أمر جلل لم تتجَّمع بوادره في غير تلك الدار ، وغار حراء .

   أمر جلل لا تقف جلالته عند جدران الدار ، ولا عند أبواب المدينة التي اشتملت عليها ، ولا عند حدود الجزيرة العربية بعمارها وقفارها ، بل هو الأمر الجلل يطبق العالم بأسره عصوراً وراء عصور ، لأنه هو أمر الدعوة الإسلامية التي كانت يومئذ تختلج في صدر واحد ، هو صدر أبى الزهراء (عليه السلام) .

     ما هذه الصلوات والتسبيحات ؟ ما هذه الهيمنة  بين الأبوين ؟ ما هذا الوجل وما هذا القنوت؟

    أكبر الظن أن الطفلة الصغيرة لم تستغرب شيئاً من هذا لأن الطفل لا يستغرب الأمر إلا إذا رأى ما يخالفه ، وهي لم تفتح عينيها على غير هذه البوادر والمقدمات .

    أكبر الظن أن الزهراء الصغيرة لم تستغرب شيئاً مما كان يحيط بها وهي تدرج من مهدها ، ولكن الطفل الذي يحسب هذه المشاهد من مألوفاته ينفرد بمألوفات لا تتكرر من حوله ، ويتخذ له قياساً للألفة والغرابة منفرداً بين أقيسة النفوس (8)

     وأكبر الظن أنه ينشأ منطوياً على نفسه ، مستخفاً بما يخف له الناس من حوله ، متطلباً من عادات النفوس وطبائعها غير ما يتطلبون .

      ولقد أوشكت الزهراء أن تنشأ نشأة الطفل الوحيد في دار أبويها ، لأنها لم تجد معها غير أخت واحدة ليست من سنَّها ، وغير أخيها هند ، وهو أكبر منها ومن أختها ، ولم يكن من عادة الطفولة العربية أن يلعب البنات لعب الصبيان .

    وأوشكت عزلة الطفل الوحيد أن تكبر معها ، لأنها لم تكن تسمع عن ذكريات أخوتها الكبار إلا ما يحزن ويشغل : ماتوا صغاراً وخلفوا في نفوس الأبوين لوعة كامنة وصبراً مريراً ، أو تزوج من الأخوات الأحياء من تزوج وخطب من خطب ، ثم لم تلبث الخطبة أن ردت إلى أختين ، لأنهما خطبتا إلى ولدي أبي لهب ، ثم أصبح أبو لهب عدوّاً للأبوين يمقتهما ويمقتانه ، فانتهت خطبة الأختين الشقيقتين بهذا العداء .

   جد من كل جانب تركن إليه ، وانطواء على النفس لا تستغربه ولا تحب أن تتبدله ، وملاذها في كل هذا حنان أبويين لا كالآباء: حنان جاد رصين ، ونكاد نقول : بل حنان صابر حزين ، يشملها به الأب الذي مات أبناؤه ولا عزاء له من بعدهم غير عبء النبوة الذي تأهب له زمناً ونهض به زمناً ولا يزال يعاني من حمله ما تنوء به الجبال ، وتشملها به الأم التي جاوزت الأربعين وبقيت لها في خدرها هذه النية الدارجة صغرى ذريتها ، والحنان على الصغرى من الذرية بعد فراق الذرية كلها بالموت أو بالرحلة حنان لعمر الحق صابر حزين (9)

  ولقد نعمت الزهراء بهذا الحنان من قلبين كبيرين: حنان أحرى به أن يعلم الوقار ولا يعلم الخفة والمرح والانطلاق .

     وتعلمت الزهراء في دار أبويها ما لم تتعلمه طفلة غيرها في مكة : آيات من القرآن وعادات يأبها من حولهم العابدون وغير العابدين .

    ولكنها قد تعلمت كذلك كل ما يتعلمه من البنات في حاضرة الجزيرة العربية ، فلا عجب أن نسمع عنها بعد ذلك أنها كانت تضمد جراح أبيها في غزوة أحد ، وأنها كانت تقوم وحدها بصنيع بيتها ولا يعينها عليه أحد من النساء في أكثر أيامها .

   ويبدو لنا انطواء الزهراء على نفسها من الأحاديث المروية عنها ، فلم تعرض قط لشيء غير شأنها وشأن بيتها، ولم تتحدث قط في غير ما تسأل عنه أو يلجئها إليه حادث لا ملجأ منه ، فلا فضول هنالك في عمل ولا في مقال (10)

    وسواء صح ما جاء في الأنباء عن محاجتها للصديق بالقرآن الكريم أو كان فيه مجال للمراجعة ، فالصحيح الذي لا مراجعة فيه أنها سمعت القرآن الكريم من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وسمعته من علي ، وأنها صلت به ووعت أحكام فرائضه ، وأنها وعت كل ما وعته فتاة عربية أصيلة العرق والنسب ، وزادت عليه ما لا يعيه غيرها من الأصيلات المعرقات .

   لقد نشأت نشأة جد واعتكاف : نشأة وقار واكتفاء ، وعلمت مع السنين أنها سليلة شرف لا منازع لها فيه من واحدة من بنات حواء فيمن تراه ، فوثقت بكفاية هذا الشرف الذي لا يدانى ، وشبت بين انطوائها على نفسها واكتفائها بشرفها كأنها في عزلة بين أبناء آدم وحواء .

   سكنت هذه النفس القوية جثماناً يضيق بقوتها ، وقلما رزق الراحة من اجتمع له النفس القوية والجثمان الضعيف ، فإنهما مزيج متعب للنفس والجسم معاً ، لا قوام له بغير راحة واحدة : هي راحة الإيمان ، وهذا هو التوفيق الأكبر في نشأة الزهراء ، فإنها نشأت في مهد الإيمان إذ هو ألزم ما يكون لها بين قوة نفسها ونحول جثمانها (11)

رابعاً: حياة السيدة الزهراء(عليها السلام)

   مضت فاطمة الزهراء(عليها السلام) تعيش حياة جديدة منذ السنة الثانية للهجرة ، وهي حياة الزوجية بعدما، عاشت تسع سنين تضرب المثل الأعلى للبنت الفاضلة في بيت أبيها . نعم راحت فاطمة ، تكون أول أسرة مثالية في المجتمع الإسلامي ، لكي تعرّف العالم معنى الحياة الهادفة في ظلّ تعاليم الإسلام (12)

  وإليك صورة عن هذه الأسرة النموذجية التي كونتها فاطمة بالاشتراك مع علي أمير  المؤمنين (عليه السلام) ، وبوحي من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من الله تعالى .

  1. الحب العميق كان يوثق صلة كل منهما بالآخر. وهو الحب الذي كان منشأه إيمان كل منهما بما للآخر من المناقب والفضائل . ففاطمة كانت تعرف علياً(عليه السلام) كسيّد الأوصياء ووالد الأسباط ، وأفضل الناس بعد الرسول ، ومن له عند الجاه العظيم والدرجة الرفيعة. ولذلك كانت تحبه أشدّ الحب ، وعلي (عليه السلام) كان يعرف ما لفاطمة من مجد وسناء ، وأنها سيدة نساء العالمين ، وأنها والدة الأسباط، والشفيعة المقبولة شفاعتها عند الله ، فكان يحبها حباً شديداً .
  2. التعاون في العمل؛ فلم تكن فاطمة (عليها السلام) تتوانى عن مسؤولياتها داخل البيت؛ كما لم يكن علي (عليه السلام) يترك وظيفة مما يتعلق به . وقد كان النبي (صلى الله عليه واله وسلن) قسّم الأعمال من أول يوم كالآتي :

أ- على الزوج أن يمارس تنظيف الأرض (الكنس) واستقاء الماء بالإضافة إلى ما عليه من النفقة. 

ب- على الزوجة الطحن والعجن والإخباز، بالإضافة إلى أمر تربية الأولاد.. ومراعاة شؤونهم (13)

خامساً : صفات السيدة الزهراء(عليها السلام)

1- فاطمة

2- الصديقة

3- الطاهرة

4- المباركة

5- الزكية

6- الراضية

7- المرضية

8- المحدّثة

9- الزهراء (14)

   ويكفي أن تعرف أن أسم (فاطمة) يخفي في معناه البشارة الأكبر لمواليها ومحبيها، لأنّ (فاطمة) من (فطم) ، والذي يعني الانفصال أو الانقطاع عن الرضاعية .

  وطبقاً للحديث الذي روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) :

 أتدري لم سميت باُسم فاطمة ؟

فقال علي (عليه السلام) : لم سميت فاطمة يا رسول الله ؟

قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :

” أن الله عز وجل فطم ابنتي فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار فبذلك سميت فاطمة ” (15)

   من بين الأسماء يبرز اسم – الزهراء – الذي يتمتع بلمعان خاص . وقد سأل الإمام الصادق (عليه السلام) :”

لماذا سميت فاطمة بالزهراء ؟ أجاب قائلاً :

” لأن كلمة (الزهراء)  تعني النور ، وهكذا كانت فاطمة (عليها السلام) ـ فعندما كانت تقف في محراب العبادة كان يسطع منها نور يستنير به أهل السماوات مثلما يستنير أهل الأرض بنور النجوم ، لذا أطلق عليها اسم الزهراء ” (16)   

سادساً: تربية السيدة الزهراء(عليها السلام)   

    ولو سميناها (التربية المحمدية) لما عدونا الواقع …

  الحق أن مسألة من أخطر المسائل الإنسانية ، لأن مصيرها يتوقف على هذه المسألة الحية ، لأن الوراثة ليست العامل الحاسم في سلوك الإنسان في موارد قليلة … ذلك أن التربية تستطيع بما لها من قوة أن توجه القابليات والمواهب الموروثة نحو الطريق تريد من خير أو شر ، وهدى أو ضلال .  إن الفرد لا يستغني عن التربية في أيًّة مرحلة من مراحل حياته ، فالطفل يحتاج إلى تربية تضع رجله على طريق الخير والصلاح .

     والشاب يحتاج إلى تربية توجّه طاقاته وإمكانياته نحو الانتاج الفعّال –فنيّا أو علمياً – وترشده إلى الموازنة بين عواطفه وميوله وأهوائه حسب مقاييس صحيحة .

   والشيخ يحتاج إلى تربية تجعل منه إنساناً يستفيد من تجاربه ويكّون منها( إديولوجية ) يتبنّاها ويدافع عنها ، ويدفع الآخرين لالتزامها . وتزداد التربية أهمية بالنسبة إلى الأفراد الذين يملكون قابليات وراثية عظيمة ، فأن تآزر هذين العاملين وتعاونهما في مجال واحد يجعل من الفرد عبقريا … شأنه في ذلك شأن البذرة الصالحة ، فأنها إذا لاقت تربة جيدة وسُقيت بانتظام أخرجت نبتة سرعان ما تنمو وتصبح شجرة باسقة تظلّ بأغصانها ، وتمدّ الناس بثمارها .

 وبلغ من اهتمام الزهراء ( عليها السلام) بتربية أولادها –بمعونة زوجها الإمام – أن بذلت كل وسعها لترسيخ الأسس الوراثية التي اكتسبوها من الأصلاب الشامخة التي انحدروا عنها ، ودعمها بما يضمن نبوغهم وعبقريتهم فنجحت في ذلك نجاحاً تاماً (17)

سابعاً: عبادة السيدة الزهراء (عليها السلام)

   كانت السيدة فاطمة الزهراء ((عليها السلام) هي العابدة لله تعالى بإخلاص وإيمان عالٍ؛ إذ كان قلبها ينبوعاً متفجراً بمعرفة الله والارتباط به سبحانه وتعالى.

قال الإمام الحسن (عليه السلام): (رأيت أمي فاطمة ((عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء..

فقلت لها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟

فقالت: يا بني، الجار ثم الدار)(18)

ثامناً: إيثارها السيدة الزهراء(عليها السلام) 

    من الصفات النقية الأخرى التي تحلت بها الزهراء (عليها السلام) ، والتي يجب أن تكون درساً لأي مجتمع وأمة تريد الانطلاق إلى الأمام،ـ هي الزهد والكرم والإيثار والصبر ونحوها من مظاهر الخلق السامي الرفيع.

  وقصة الاطعام التي وردت في القرآن الحكيم في سورة الدهر أفضل دليل على ذلك، إذ أنفقوا (عليهم السلام) طعامهم الوحيد المؤلف من بضعة أرغفة لا غير، إلى ثلاثة محتاجين في ثلاثة أيام متوالية بقوا فيها طاوين جائعين في سبيل الله ، وذلك بعد أن نذروا أن يصوموا لله إذا برأ الحسنان (عليهما السلام) من مرض ألمّ بهما، فلما جلسوا عند الافطار ليتناولوا طعامهم، وإذا بالباب تقرع، وكان ثمة مسكين وراء الباب، فقاموا جميعاً بإعطاء أرغفتهم للمسكين وباتوا جياعاً، وهكذا فعلوا في اليوم الثاني مع اليتيم، وفي اليوم الثالث تكررت الحادثة مع الأسير، فأنزل الله تعالى سورة كاملة بحقهم وهي سورة (الدهر) ومنها هذه الآية: (( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً)(19)  . وهذه القصة روتها العامة أيضاً(20)

تاسعاً: خصائص السيدة الزهراء (عليها السلام) 

   مما لا شك فيه أن نبي الهدى لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فما يصدر منه مع خاصة أهله مما فيه الميزة على ذوي قرباه وأمته منبعث عن سر آلهي ربما تقصر العقول عن إدراكه وقد ورد عنهم (عليهم السلام) في المتواتر من الآثار ” حديثنا صعب مستصعب لا يتحمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان ” فما ورد في النقل من مميزات آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) مما لا تحيله العقول لا يرمي بالإعراض بعد إمكان أن يكون له وجه يظهره المستقبل الكشاف (21)

المبحث الثاني : السيدة الزهراء(عليها السلام) ودورها في التربية الصحيحة

أولاً : بناء الأسرة الصالحة

  ويتضح ذلك جلياً من خلال الفقرات الأتية :

1- احترام شخصية الطفل

  كانت الزهراء (سلام الله  عليها) عليها تعنى كثيراً باحترام شخصية أطفالها ، وتعاملهم معاملة الرجال في التخاطب معهم .

   إن هذه المعاملة تقوي معنوية الطفل ، وتفهمه أنه أيضاً يتمتع بمكانة ممتازة في الأسرة والمجتمع ، ولذلك فأنه ينشأ على الطموح والاستقلال والثبات بعكس الامهات اللائي يحتقرن أطفالهن ، فأنهن يقتلن بعملهن هذا جذور الشخصية والاستقلال ، ويكبتن فيهم دوافع النمو العقلي المطرد .

   وكان لهذا الاحترام أثره الفعال في أبناء الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) ، مما جعلهم يشعرون بمنزلتهم ويطلعون على أبعاد شخصيتهم .

   هذه التربية القّيمة هي التي جعلت الإمام الحسين (عليه السلام) يأبى الخضوع لمعسكر الفسق والفجور والظلم ، المتمثل في يزيد بن معاوية وأتباعه وينهض مع النفر القليل لمحاربة الكفر والإلحاد والانحراف .

  ولقد صرّح بذلك حين قال : ” ألا وإن الدعيّ ابن الدعي قد ركّز بين اثنتين : الذلّة أو السلة ، وانوفُ طابت ، وحجور طهرت ” (22)

2– التربية على أساس الإيمان

   تكون التربية التي لا تستند إلى أساس الإيمان بالله فاقدة للجدوى ؛ لأنها تقود الطفل إلى الإنكار والجحود ، وهذا ما يُسدل أمام عينيه ستاراً مظلماً تصعب إزالته فيما بعد .

   اما الزهراء فأن بيتها المتواضع كان مناراً للإيمان ومشكاة للهداية … رضعت أولادها من لبان ذلك الإيمان الخالص ، وغذّتهم بتلك القيم الروحية العالية ، فأصبحوا – والحق – جديرين بأن يكونوا الامتداد الخلاق لرسالة جدّهم العظيم .

   وشتان بين تربية أساسها الإيمان ، درج عليها الحسن (عليه السلام) ، وتربية أساسها النفاق والجشع نشأ عليها معاوية !

    وبين تربية شاسعة أساسها . الطهارة تلقاها الحسين (عليه السلام) ، وتربية أساسها الدنس والرجس تطّبع عليها يزيد (23)

3– الاستقامة

   وكما نشأت الزهراء(عليها السلام)  على الاستقامة في السلوك ، فأنها حرصت على تنشئة أولادها على الاستقامة أيضاً .         

     لقد عودتهم على الصراحة والصدق والوفاء بالوعد ، وانعكس ذلك على سلوكهم في المجتمع عندما شبّوا وأصبحوا أعضاء بارزين يُشار إليهم بالبنان … خصوصا بعدما احتل الحسنان منصب الإمامة والقيادة .

    وبالرغم من أن الفضل في شطر من ذلك يرجع إلى دقّة الأسلوب الذي تبّناه الإمام علي (عليه السلام) ، فأن الزهراء كانت تشارك عملياً في تطبيق ذلك الأسلوب ، كما أنها كانت تمثل بحدّ ذاتها الأم الحريصة على سلامة تربية أولادها .

   وجدير بكل أمّ أن تقتدي بالزهراء(عليها السلام) ، تستلم منها الاستقامة والصراحة والصدق ، فتحول ذلك إلى قدوة يقتدي بها الأطفال ويلتزمونها ، حتى إذا ما ترعرعوا وتقدموا في السن كانوا أعضاء نافعين وواعين في المجتمع.

   والآن تحضرني صورة بريئة جداً للطفلة التي تعودت الاستقامة من أمها في حوار مع أبيها…

 تلك هي زينب ابنة الزهراء. أجلسها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أخيها العباس يوماً ، وقال للعباس :

-قل : واحد !

   فقال واحد .

   فقال : قل اثنان !

    قال : استحي أن أقول باللسان الذي قلت ، واحد : اثنان ! فقبل عليّ (عليه السلام) عينيه ثم التفت إلى زينب ، فقالت :

– يا أبتاه ، أتحبنا ؟ 

  قال : نعم يا بنيّتي ، أولادنا أكبادنا !

 فقالت : يا أبتاه ، حبان لا يجتمعان في قلب المؤمن : حبّ الله ، وحبّ الأولاد . وإن كان لابدّ فالشفقة لنا والحب لله خالصاً .

أنه حوار قصير جداً، ولكنه يكشف عن وعي كبير في الطفلة البريئة . أنها تريد أن تقول لأبيها : لقد تلقيت منك ومن أمي درساً هو أن الحب لا يكون إلا لله تعالى ، وللأولاد الشفقة (17)

4– الاعتماد على النفس  

    الاعتماد على النفس من الشروط الأساسية للتكامل الفردي والاجتماعي . على كل أن يستند إلى علمه واخلاقه ، وجدّه وجهده ، ويسعى في طريق ضمان سعادته نظرياً وتطبيقياً ، وأن يكون على جذر تام من الاعتماد على الآخرين .

  إن المرء مرهون بعمله ، وهو الذي يتحمل تبعة ما صدر منه من خير أو شر ، وإن الجزاء الذي يناله أو يصيبه إنما هو النتيجة الطبيعية لما اكتسبت يداه . ومن هنا أكّد الذي يناله أو يصيبه إنما هو النتيجة الطبيعية لما اكتسبت يداه . ومن هنا أكد الإسلام في أكثر من مجال على مسؤولية الفرد عن أعماله ، وتوقف نجاحه على ما يبذل من جهود لتحقيق هدفه (25)

  قال تعالى : ( كل نفس بما كسبت رهينة ) (26)

وقال أيضاً ( وإن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يُرى) (27)

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : ” الشرف بالهمم العالية ، لا بالرمم البالية”(28)

 وقال ( عليه السلام) : ” قدر الرجل على قدر همّته ” (29)

 ويقول الإمام السجاد (عليه السلام) : ” رأيت الخير كلّه قد اجتمع قطع الطمع عما في أيدي الناس ” .

  وعلى الوالدين بالدرجة الأولى أن يلقنا الطفل درس الاعتماد على النفس منذ الصغر ، حتى ينشأ مستنداً إلى عمله لا مفتخراً بأمجاد آبائه .

  وهذا ما نلمسه بوضوح في سلوك الحسنين (عليهما السلام) ، فقد حازا تلك المنزلة العظيمة بالاعتماد على نفسيهما دون التفاخر بالأب والجد . والفضل في ذلك يعود إلى التربية السليمة التي تلقياها من أبيهما العظيم ، وأمهما الصدّيقة الطاهرة .

 وهكذا يبقى أولاد الزهراء (عليها السلام) نماذج فذّة تحكي عظمة التربية الفاطمية ، واستنادها إلى أقوم الأسس والأساليب وأدقّ التعاليم الإسلامية التي تلقتها الزهراء في بيت الوحي والرسالة (30)

ثانياً : المعلمة الأولى

  وإن شئت أن تطّلع على آثار التربية الفاطمية على صعيد الأمة المسلمة آنذاك إلى علم من أعلام الأمة الإسلامية يقول : ” وما وصلنا عن أخبار فاطمة يصّورها لنا بصورة المعلمة الأولى للمسلمات اللواتي كنّ يقبلن على بيتها مستفهمات متعلمات فتفيض عليهن فاطمة بما وعته من علم وتثقفهن بثقافة العصر وتشجعهن على طلب العلم والمعرفة .

    وهكذا كان بيتها المدرسة الأولى في الإسلام للمرأة ، ورغماً عن فقدان التدوين في عصرها ممّا حرمنا من أكثر أخبارها فلم يصلنا منها إلا القليل ، ورغماً عن قصر حياتها إذ أنها ماتت في عنفوان الشباب ، رغماً عن كلّ ذلك فأن ما بين أيدينا من المصادر التاريخية يمكن أن يعطينا ملامح عن انصرافها لتثقيف الجماهير الإسلامية أفراداً وجماعات .  فما ورد في خطبتها من دعوة إلى مقاومة الظلم والاستبداد ، وحض على التمسك بما نسميه في عصرنا الحاضر بالدستور والقوانين ، وما أورده المؤرخون من أخبارها مما سنراه هنا من رحابة صدرها في تثقيفها للراغبين ، وإقبال النساء عليها طالبات للعلم ، كل هذا يرينا بعض حقائق فاطمة العالمة المعلمة.

   ولم يقتصر تثقيفها على النساء ، بل كان الرجال يقصونها كذلك مستفيدين . ومن أمثلة ذلك أبن مسعود جاءها يوماً فقال : ” يا ابنة رسول الله ، هل ترك رسول الله عندك شيئاً نتعلّمه ؟

فقالت فاطمة : ” يا جارية ، هاتي تلك الأوراق ، فطلبتها فلم تجدها. فقالت فاطمة . ويحك اطلبيها فأنها تعدل عندي حسناَ وحسيناً … إلى آخر الخبر.

    ومن ذلك أن امرأة جاءت تسأل فاطمة مسائل علمية فأجابتها فاطمة عن سؤالها الأول ، وظلت المرأة تسألها حتى بلغت أسألتها العشرة . ثم خجلت من الكثرة ، فقالت : لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله ، فقالت فاطمة : هاتي وسلي عما بدأ لك . إني سمعت أبي يقول : إن علماء أمتنا يحشرون فيخلع عليهم من الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله ” (31)

ثالثاً : فضة تلميذة فاطمة وخادمتها !!

    لم يكن إسهام ( فضّة ) في خدمة البيت ، ومساعدتها للزهراء مقتصراً على العمل اليومي في المنزل ، بل كانت التربية الفاطمية تنعكس على هذه التلميذة الملازمة لمعلّمتها فتصنع منها رمزاً للمرأة المثقّفة المؤمنة التي تجعل القرآن ، كتاب الله الخالد ، نصب عينيها في شتّى شؤون الحياة.

 والقصة التالية تشرح لك طرفاً من حياة فضّة ، التلميذة !!

انقطعت في البادية عن القافلة ، فوجدت امرأة . فقالت لها : من أنت؟

فقلت : ( وقل سلام فسوف تعلمون ) فسلّمت عليها تصنعين ها هنا ؟

قالت : ( من يهدِ اللهُ فلا مُضِلًّ لهُ )

فقلت : أمن الجن أنت أم من الأنس ؟

قالت : ( يا بني آدم خُذوا زينتكم )

فقلت : من أين أقبلت ؟

قالت : ( تنادون من مكان بعيد )

فقلت : أين تقصدين ؟

قالت : ( ولله على الناس حجّ البيت)

فقلت : متى انقطعت ؟

قالت : ( ولقد خلَقْنا السموات والأرضّ في ستّة أيّام )

فقلت : أتشتهين طعاماً ؟

فقالت : ( وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام )

فأطعمتها ، ثم قلت : هرولي وتعجّلي .

فقالت : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) .

فقلت : أردفِك ؟

فقالت : ( لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا ) .

فنزلت فأركبتها فقالت : ( سبحان الذي سخر لنا هذا ) .

 فلما أدركنا القافلة قلت لها : ألك أحد فيها ؟

قالت : ( يا داود إنا جعلناكَ خليفة في الأرض ) ( وما محمد إلا رسولُ ) ( يا يحيى خُذ الكتاب ) ( يا مُوسى إني أنا الله) .

فصحت بهذه الأسماء ، فإذا بأربعة شباب متوجهين نحوها .

فقلت : من هؤلاء منك ؟ قالت : ( المالُ والبنون زينة الحياة الدُنيا ) .

فلما أتوها قالت : ( يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) .

فكاقولي بأشياء ، فقالت : ( والله يُضاعفُ لمن يشاء ) فزادوا لي .

فسألتهم عنها ، فقالوا : ( هذه أمّنا فضّة جارية الزهراء ، ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن !!!  (32)

الخاتمة :

   إن الله تعالى خلق فاطمة الزهراء (عليها السلام)  لتكون كتلة من الفضائل ومجموعة من المواهب،  فلقد اعطى الله تعالى فاطمة الزهراء اوفر حظ من العظمة ، وأوفى نصيب من الجلالة بحيث لا يمكن لأية انثى أن تبلغ تلك المنزلة. فهي من فصيلة اولياء الله الذين اعترفت لهم السماء بالعظمة قبل أن يعرفهم أهل الأرض، ونزلت في حقهم آيات محكمات في الذكر الحكيم ، تتلى آناء الليل واطراف النهار منذ نزولها إلى يومنا هذا ، وإلى أن تقوم القيامة .

    شخصية كلما ازداد البشر نضجاً وفهماً للحقائق ، واطلاعاً على الاسرار ظهرت له عظمة تلك الشخصية بصورة أوسع، وتجلت معانيها ومزاياها بصورة أوضح. إنها فاطمة الزهراء، الله يثني عليها، ويرضى لرضاها ويغضب لغضبها. ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ينوه بعظمتها وجلالة قدرها. وبحبها سوف ترى الناس يدخلون الجنة أفواجاً.

    إذ أن التحدث عن حياة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)   يشمل على حوادث كلها عِبَر وحِكَم ودروس. ويشمل التحدث نموذجاً من المرأة بصفتها بنتاً في دار أبيها، وزوجة في دار بعلها، وأُماً ومربية في البيت الزوجي.

قائمة الهوامش

(1) الميلاني ، فاضل الحسيني ، فاطمة الزهراء(عليها السلام) أم أبيها ، ط6، مؤسسة الوفاء، بيروت – لبنان ، 1992 ، ص15 .

(2) الميلاني ، المصدر السابق ، ص 15 .

(3) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص 15-16 .

(4) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص 16 .

(5) المقرم ، عبد الرزاق، وفاة الصديقة الزهراء(عليها السلام)، مؤسسة الوفاء، بيروت –لبنان ، ط1 ، 1983 ، ص 17 .

(6) المقرم ، المصدر نفسه ، ص 18 .

(7) المقرم ، المصدر نفسه ، ص 18 .

(8) العقاد، عباس محمود ، فاطمة الزهراء والفاطميون ، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة – مصر ، د.ت ، ص15 . 

(9) العقاد ، المصدر نفسه ، ص16 . 

(10) العقاد ، المصدر نفسه ، ص 16 .

(11) العقاد ، المصدر نفسه ، ص 16-17 .

(12) محمد تقي الهندسي، فاطمة الزهراء (عليها السلام) قدوة حسنة ، ط2، دار محبي الحسين (عليه السلام) ، 1425ه- 2004 م، ص 41.

(13) محمد تقي الهندسي، المصدر نفسه ، ص 41 -42 .

 (14) الشيرازي ، ناصر مكارم ، الزهراء خير نساء العالمين ،ط1 ،  دار الهادي ، بيروت – لبنان ، 1993 ، ص 11 .

(15) الشيرازي ، المصدر نفسه ، ص11. 

(16) الشيرازي ، المصدر نفسه ، ص 11.

(17) الميلاني ، المصدر السابق ، ص 88.

(18) الكجوري، محمد باقر (ت 1255هـ)، الخصائص الفاطمية، تحقيق: علي جمال اشرف، ط1، انتشارات الشريف الرضي، (د.م، 1380ش)، ج1، ص291. 

(19) سورة الأنسان :8

(20) الشيرازي ، صادق. فاطمة الزهراء عليها السلام ) في القرآن ،  ط1 ، نشر هيئة محمد الأمين ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، 2000 ، ص 313 .

(21) المقرم ، المصدر السابق ، ص22.

(22) الميلاني ، المصدر السابق ، ص88 .

(23) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص89 .

(24) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص89 .

(25) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص90 .

(26) سورة المدثر /  38  .

(27) سورة النجم /  39   .

(28) عبد الواحد بن محمد التميمي الآمدي(ت510ه) . درر الحكم ودرر الكلم، (د. ن)،(د.ت) ، ص  87 .

(29) محمد عبدة ، شرح نهج البلاغة ، (د. ن) ، (د. ت) ، ج3، ص 299 .

(30) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص91 .

(31) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص92.

 (32) الميلاني ، المصدر نفسه ، ص92 .

المصادر

  • القرآن الكريم

1- الشيرازي ، صادق. فاطمة الزهراء عليها السلام ) في القرآن ،  ط1 ، نشر هيئة محمد الأمين ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، 2000 .

2- الشيرازي، ناصر مكارم، الزهراء خير نساء العالمين، ط1 ، دار الهادي، بيروت ، لبنان ، 1993 .

3- عبد الواحد بن محمد التميمي الآمدي (ت510ه) . غرر الحكم ودرر الكلم، (د. ن) ،(د.ت).

4- العقاد، عباس محمود ، فاطمة الزهراء والفاطميون ، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة – مصر ، د.ت .

5- الكجوري، محمد باقر (ت 1255هـ)، الخصائص الفاطمية، تحقيق: علي جمال اشرف، ط1، انتشارات الشريف الرضي، (د. م) ، 1380ه .

6- محمد تقي الهندسي، فاطمة الزهراء (عليها السلام) قدوة حسنة ، ط2، دار محبي الحسين (عليه السلام) ، 1425ه- 2004 م .

7- محمد عبدة ، شرح نهج البلاغة ، (د. ن) ، ج3،  (د. ت) .

8-المقرم ، عبد الرزاق، وفاة الصديقة الزهراء(عليها السلام)، مؤسسة الوفاء، بيروت –لبنان ، ط1 ، 1983 .

9- الميلاني ، فاضل الحسيني ، فاطمة الزهراء(عليها السلام) أم أبيها ، ط6، مؤسسة الوفاء، بيروت – لبنان ، 1992 .