مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
النظرة شافعية لزواج الزهراء(ع) أ.م.د.حميد سراج جابر الاسدي / قصي عبد الصمد عبد الحي .. الجزء الثالث
+ = -

تعثر في مرطها* من الخجل)(1).

ويتضح من خلال الحديث المذكور بأن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” جاءها في صبيحة اليوم الثاني فدعاها، وكانت ” صلوات الله عليها ” مدهوشة لرؤيته فأصابها الخجل فجاءته مسرعة تتعثر من الخجل، إلا إن ابن منظور لم يبين بقية الحديث التي ذكرته المصادر، فأن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” قد دعا علياً وفاطمة ” صلوات الله عليهما ” في صبيحة اليوم الثاني من زواجهما ونضح عليهما من الماء ودعا لهما وأخبر فاطمة ” صلوات الله عليها ” بأنه أنكحها أحب أهل بيته إليه.

وبذلك الزواج المبارك أتم الله تعالى شرف أمير المؤمنين علي ” صلوات الله عليه ” بالبضعة النبوية والبتول الطاهرة بنت رسول الله محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم ” سيدة النساء المخصوصة بالثناء والسناء المؤيدة بعناية رب السماء أم أبيها صلى الله عليه وعليها وعلى بعلها وبنيها سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ” صلوات الله عليها “، فإنها زادته شرفاً إلى شرفه القديم، فسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت واستشهدت ويوم تبعث حيا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= وأنظر ما جاء عن الدولابي بإسناده عن أسماء بنت عميس قالت : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب فقال : يا أم أيمن ادعي لي أخي، قالت هو أخوك وتنكحه ابنتك ؟ ، قال : نعم يا أم أيمن، وسمعن النساء صوت النبي صلى الله عليه وسلم فتخبأن، قالت : واختبأت أنا في ناحية فجاء علي فنضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه من الماء ودعا له ثم : قال ادعي لي فاطمة : فجاءت خرقة من الحياء فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اسكتي فقد أنكحتك أحب أهل بيتي إلي ثم نضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها من الماء ودعا لها….الخ ؛ الدولابي، الذرية الطاهرة، ح رقم(88)، ص96-97 ؛ النسائي، أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب (303هـ)، السنن الكبرى، تحقيق الدكتور عبد الغفار سليمان – سيد كسروي حسن، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ، ج5، ص143 ؛ الإربلي، كشف الغمة، ج1، ص375 ؛ المحب الطبري، ذخائر العقبى، ص29.

* المرط : هو سرعة المشي والعدو، وقيل : هو كساء من خز أو صوف أو كتان، وقيل : هو الثوب الأخضر، وجمعه مروط ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج7، ص401.

  • (1) لسان العرب، ج10، ص76 ؛ وراجع : الزمخشري، الفائق، ج1، ص313 ؛ ابن الأثير، النهاية، ج2، ص26 ؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج43، ص139.

الذريـة المباركـة:

أعلن النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” للمسلمين : (إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه، وجعل ذريتي في صلب علي)(1)، وقال ” صلى الله عليه وآله وسلم ” : (كل بني أم عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم)(2)، وقال ” صلى الله عليه وآله وسلم ” : (وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي)(3)، وقال ” صلى الله عليه وآله وسلم ” مشيراً لعلي ” صلوات الله عليه ” : (هذا أخي وابن عمي وصهري وأبو ولدي)(4).

وهذا يعني إن ذرية النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” قد انحصرت بولد سيدة النساء فاطمة ” صلوات الله عليها ” وأنه ليس له ولد إلا ولد فاطمة ” صلوات الله عليها “، وكان ” صلى الله عليه وآله وسلم ” يوصي بهما خيراً، إذ يذكر ابن منظور ما قاله رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” للإمام علي ” صلوات الله عليه ” : (أوصيك بريحانتي خيرا قبل أن ينهد ركناك، فلما مات رسول الله ” صلى الله عليه وسلم ” قال : هذا أحد الركنين، فلما ماتت فاطمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : الطبراني، المعجم الكبير، ج3، ح رقم(2630)، ص44 ؛ الخوارزمي، المناقب، ح رقم(339)، ص328 ؛ الفتني، محمد طاهر بن علي الهندي(ت 986هـ)، تذكرة الموضوعات، تحقيق أبو عبد الكبير محمد عبد الجليل، بيروت، 1342هـ، ص99 ؛ العجلوني، إسماعيل بن محمد الجراحي(ت 1162هـ)، كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما أشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، دار الكتب العلمية، ط2، بيروت 1408هـ، ج2، ح رقم(1968)، ص120 ؛ الشوكاني، محمد بن علي بن محمد(ت 1255هـ)، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار، دار الجيل، بيروت 1973م، ج6، ص139.
  • (2) ينظر : أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى(ت 307هـ)، المسند (مسند أبي يعلى)، تحقيق وتخريج حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، ط2، بيروت 1408هـ، ج12، ح رقم(6741)، ص109 ؛ الطبراني، المعجم الكبير، ج3، ح رقم(2632)، ص44 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج70، ص14.
  • (3) ينظر : الحاكم النيسابوري، المستدرك، ج3، ص217 ؛ ابن الصباغ، الفصول المهمة، ج2، ص1176.
  • (4) ينظر : المتقي الهندي، كنز العمال، ج5، ح رقم(12914)، ص291 ؛ ابن عقيل : محمد بن عقيل بن عبد الله العلوي(ت 1350هـ)، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، دار الثقافة للطباعة والنشر، ط1، قم المقدسة، 1412هـ، ص94.

قال : هذا الركن الآخر، وأراد بريحانتيه الحسن والحسين ” رضي الله عنهما “)(1).

وهذا يبين بأن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” كان يحب ولديه الحسن والحسين ” صلوات الله عليهما ” حباً جماً، وكان يوصي بهما في حياته خيراً وفي مماته فمن آذاهم فقد آذى رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” ومن أحبهم فقد أحب رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم “، فهما ” صلوات الله عليهما ” ريحانتيه التي يشم في الدنيا، وهم ذريته من ابنته الطاهرة فاطمة الزهراء ” صلوات الله عليه ” وولد أخيه في الدنيا والآخرة أمير المؤمنين علي ” صلوات الله عليه “.

ولم يذكر ابن منظور ولادة أبناء علي وفاطمة ” صلوات الله عليهما ” وإنما ذكر تسمية الإمام علي ” صلوات الله عليه ” لهم بأسماء النبي هارون ” عليه السلام “، إذ يقول : (ووجدت ابن خالويه(2) قد ذكر شرحها فقال : شبر وشبير ومشبر هم أولاد هارون، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ومعناها بالعربية حسن وحسين ومحسن، قال : وبها سمى علي عليه السلام أولاده شبر وشبيراً ومشبراً يعني حسناً وحسيناً ومحسناً رضوان الله عليهم أجمعين)(3).

وهنا بيـن ابن منظور أبناء الإمام علي ” صلوات الله عليه ” مـن السيدة الطاهرة فاطمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) لسان العرب، ج2، ص459 ؛ وأنظر : الصدوق، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (ت 281هـ)، معاني الأخبار، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدسة، 1379هـ، ح رقم(69)، ص403 ؛ ابن ماردويه، مناقب، ح رقم(285)، ص204 ؛ ابن كرامة، تنبيه الغافلين، ص43 ؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين، ص152 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج14، ص166-167 ؛ المتقي الهندي، كنز العمال، ج13، ح رقم(37688)، ص664.
  • (2) ابن خالويه : أبي عبد الله الحسين بن أحمد النحوي اللغوي أصله من همدان دخل بغداد وأدرك جلة العلماء مثل ابن الأنباري وابن مجاهد وأنتقل إلى الشام وسكن حلب وكانت له مع أبي الطيب المتنبي مجالس وله كتاب كبير بالأدب سماه كتاب ليس، وله كتب أخرى مثل كتاب الإشتقاق وكتاب الجمل وكتاب القراءات وغيرها توفي سنة (370هـ) بحلب ؛ ينظر ترجمته : ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج2، ص178-179 ؛ الصفدي، الوافي بالوفيات، ج12، ص200 ؛ الزركلي، الأعلام، ج2، ص231.
  • (3) لسان العرب، ج4، ص393.

 

الزهراء ” صلوات الله عليها “، إلا أنه ذكر نقلاً عن ابن خالويه أن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” هو من سمى أولاده بهذه التسمية، وعند مراجعتنا للمصادر نجد أن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” هو من قام بتسميتهم (حسن وحسين ومحسن) بأسماء ولد هارون النبي ” عليه السلام ” (1)، فكانت أسمائهم ” صلوات الله عليهم ” مشتقة من أسماء أولاد النبي هارون ” عليه السلام “.

كما لم يذكر ابن منظور العقيلة زينب ” صلوات الله عليها “(2) من زوجته فاطمة الزهراء ” صلوات الله عليها “، إلا انه ذكر بأن أم كلثوم* هي إحدى بناته، إذ أورد نصاً عن خطبتها من عمر بن الخطاب إذ ذكر بأن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” : (بعث ابنته أم كلثوم إلى عمر ” رضي الله عنهم ” لما خطبها فقال لها : قولي له أبي يقول : هل رضيت الحلة* ؟)(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : الإمام أحمد، المسند، ج1، ص98، 118 ؛ البخاري، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي (ت 256هـ)، الأدب المفرد، مؤسسة الكتب الثقافية، ط1، بيروت، 1406هـ، ح رقم(846)، ص177-178 ؛ ابن سليمان الكوفي، مناقب، ج2، ح رقم(720)، ص254-255 ؛ ابن حبان، الصحيح، ج15، ص410 ؛ البيهقي، السنن الكبرى، ج6، ص166 ؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج4، ص308.
  • (2) زينب بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، تزوجها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، فولدت له علياً وعوناً الأكبر وعباساً ومحمداً وأم كلثوم، وهي سبطة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولدت في حياة النبي صلى الله عليه وآله وكانت عاقلة لبيبة جزلة وكانت مع أخيها الحسين ” صلوات الله عليه ” لما قتل في كربلاء ؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص465 ؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج69، ص176 ؛ المقريزي، إمتاع الإسماع، ج5، ص371 ؛ ابن حجر، الإصابة، ج8، ترجمة رقم(11267)، ص166.

* (هناك دراسات عديدة بحثت في وجود أم كلثوم من عدمه كابنة للإمام علي ” صلوات الله عليه “، وقد أثبتت وهمية هذه الشخصية وعدم وجودها وإن المصادر قد اختلط عليها الأمر في زواجها من عمر بن الخطاب وأن هناك شخصية أخرى) ؛ ينظر : علي صالح رسن المحمداوي، أم كلثوم، .

* الحلة : من اللباس ويكنى به عن النساء ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج11، ص173.

  • (3) لسان العرب، ج11، ص173 ؛ وأنظر : ابن الأثير، النهاية، ج1، ص433.

وهناك الكثير من علامات الاستفهام على هذه الرواية منها :

أولاً : إن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” بعث ابنته أم كلثوم حتى يراها عمر لما أراد خطبتها، وهو الأمر الذي لا يتناسب ويتلائم مع أخلاق الإسلام وبناء الإمام ” صلوات الله عليه ” الفكري.

ثانياً : إخبار أم كلثوم على لسان أبيها بأن تقول لعمر هل رضيت الحلة ؟ أي الزواج كما مبين في الحديث، وهو أمر مستغرب أيضاً ويتضح الدس فيه وكأن عمر هو المتفضل بمصاهرة هذا البيت.

ثالثاً : لم يبين ابن منظور سبب إرسال الإمام علي ” صلوات الله عليه ” لابنته أم كلثوم لعمر ؟ ولماذا أخبرته بعبارة (هل رضيت الحلة) ؟ وما جواب عمر على سؤالها ؟ وهل تم هذا الزواج أم لم يتم ؟

فقد صورت الروايات التاريخية الإمام علي ” صلوات الله عليه ” بعديم الحيلة وهو ما يؤكد عدم وجود أم كلثوم أصلاً، هذا فضلاً عن إن الأخبار عن أم كلثوم بعد هذا الزواج تكاد تكون معدومة ومكررة ولا تدل على شيء كما ذكرت الدراسات(1).

وقد حاولت بعض المصادر شرعنة أمر الزواج ومتعلقاته بالقول أن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” أحتج بصغر سن ابنته أم كلثوم وعدم تصديق عمر بذلك، ولذا كان يعاوده ويكثر التردد إليه ويلح عليه وفي بعض الأخبار تصريح بذلك، ففي رواية ابن إسحاق والمحب الطبري قال الإمام ” صلوات الله عليه ” لعمر : (هي صغيرة، فقال عمر : لا والله ما ذلك بك، ولكن أردت منعي، فإن كانت كما تقول فابعثها إلي ….)(2)، وفي رواية البيهقي وابن البطريق وابـن طاووس، إذ قال الإمام ” صلوات الله عليه ” لعمر : (إنها تصغر عن ذلك، فقال عمر :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : الطائي، نجاح عطا، نظريات الخليفتين، قم المقدسة، د.ت، ج1، ص385-388 ؛ الميلاني، علي الحسيني، تزويج أم كلثوم من عمر، مركز الأبحاث العقائدية، ط1، قم المقدسة، 1421هـ، ص7-31.
  • (2) ينظر : سيرة ابن إسحاق، ج5، ح رقم(345)، ص232 ؛ ذخائر العقبى، ص168.
  • (3

سمعت رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فأحببت أن يكون لي من رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” سبب ونسب….)(1)، ويذكر الدولابي : (….فرجع علي فدعاها فأعطاها حلة وقال : انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي : يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلة ؟ فأتته بها فقالت له ذلك….)(2)، ويذكر إبن العربي قول عمر : (قد رضيتها فأنكحها علي فأصدقها أربعين ألف درهم)(3).

وعلى أية حال فإن الإشكالات الفقهية فيما ذكرته المصادر من تصرف الإمام علي ” صلوات الله عليه ” كولي أمر تدل بشكل قاطع على عدم حدوث الزواج أو مقدماته ولعل السبب واضح وهو عدم وجود أم كلثوم أصلاً.

سكنـهم فـي المسجـد الشريـف :

نظمت العناية الإلهية حتى سكن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” واستقطبت حوله الأسماع والأذهان ليبقى هذا التمييز واضحا وخصوصا بعد زواجه من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ” صلوات الله عليها ” بنت رسول الله محمد ” صلى الله عليه وآله وسلم “، فأسكنه الله تعالى ورسوله الكريم ” صلى الله عليه وآله وسلم ” في المسجد الشريف إلى جنب رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” دون غيره من المسلمين، وقد ذكر ابن منظور حديثاً عن سعد قوله : (لما نودي : ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله وآل علي، خرجنا من المسجد نجر قلاعنا*)(4)، كما وأورد ابن منظور حديثاً آخـر بنفس الإطار وفقاً لمـا جاء عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : السنن الكبرى، ج7، ص114 ؛ العمدة، ح رقم(464)، ص287 ؛ رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى الحسني (ت 664هـ)، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ط1، مطبعة الخيام، قم المقدسة، 1399هـ، ح رقم (99)، ص76.
  • (2) ينظر : الذرية الطاهرة، ص157.
  • (3) ينظر : أحكام القرآن، ج1، ص470.

* القلع : الكنف الذي يكون فيه زاد الراعي ومتاعه، ونجر قلاعنا : أي خرجنا ننقل أمتعتنا ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج8، ص291.

  • (4) لسان العرب، ج8، ص291 ؛ وأنظر مـا جاء عن المفيد بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قوله : (كنا في =

رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” قوله : (لا تبقى خوخة* في المسجد إلا سدت إلا خوخة علي)(1).

ويتضح من خلال ما ذكره ابن منظور ما يأتي :

أولاً : إن سكن الإمام علي ” صلوات الله عليه ” كان في المسجد الشريف مع رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم “.

ثانياً : إخراج رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” كل من كان ساكناً في المسجد الشريف أو كان بابه مفتوحاً أمام المسجد.

ثالثاً : لم يشر ابن منظور إلى سبب إخراج رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” الناس الساكنين في المسجد أو بالقرب منه ؟ وعند الإطلاع على المصادر الأخرى نجد بأن رسول الله ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وقف خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددته ولا فتحته، وإنما أمرت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وآل علي وآل أبي بكر وآل عمر وأعمامه، قال : فنودي فينا ليلاً أخرجوا من المسجد إلا آل رسول الله وآل علي، قال : فخرجنا نجر قلاعنا، فلما أصبحنا أتاه عمه حمزة فقال : يا رسول الله أخرجتنا وأسكنت هذا الغلام، ونحن عمومتك ومشيخة أهلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “ما أنا أخرجتكم، ولا أنا أسكنته ولكن الله عز وجل أمرني بذلك” ؛ ينظر : الأمالي، ص56.

* الخوخة : مخترق ما بين كل دارين لم ينصب عليه باب، وقيل : هي باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين ينصب عليها باب ؛ ابن منظور، لسان العرب، ج3، ص14.

  • (1) لسان العرب، ج3، ص14 ؛ وأنظر : ابن الأثير، النهاية، ج2، ص86 ؛ الزرندي، أبي عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن الحنفي (ت 750هـ)، نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين، تحقيق وتصحيح محمد هادي الأميني، مكتبة الإمام أمير المؤمنين (ع) العامة ، ط1، قم المقدسة، 1377هـ، ص108 ؛ الحلبي، نور الدين علي بن إبراهيم بن أحمد (ت 1044هـ)، إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون (السيرة الحلبية)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، د.ت، ج3، ص460 ؛ الطريحي، فخر الدين بن محمد علي بن أحمد الأسدي (ت 1087هـ)، مجمع البحرين ومطلع النيرين، تحقيق السيد أحمد الحسيني، مكتبة النشر للثقافة الإسلامية، قم المقدسة، 1408هـ، ج1، ص709.

بشيء فأتبعته)(1)، وقال ” صلى الله عليه وآله وسلم ” : (إن الله عز وجل أوحى إلى نبيه موسى عليه السلام : أن أبن لي مسجداً طاهراً، لا يسكنه إلا موسى وهارون، وابنا هارون، وان الله أوحى إلي : أن أبن مسجداً طاهراً، لا يسكنه إلا أنا وعلي وأبناء علي)(2)، كما وقام النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” خطيباً فقال : (إن رجالاً لا يجدون في أنفسهم أن أسكن علياً في المسجد وأخرجهم، والله ما أخرجتهم وأسكنته، بل الله أخرجهم وأسكنه، إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه أن تبوؤا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة، ثم أمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله جنب إلا هارون وذريته، وإن علياً مني بمنزلة هارون من موسى وهو أخي دون أهلي ولا يحل لأحد أن ينكح فيه النساء، إلا علي وذريته فمن ساءه فهاهنا وأشار بيد نحو الشام)(3).

ومن المؤكد إغلاق النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” لأبواب أصحابه المشرعة على المسجد في وقت مبكر بعد هجرته إلى المدينة لحرمة دخول الجنب إلى المسجد المطهر واستثناء الإمام علي ” صلوات الله عليه ” ونفسه ” صلى الله عليه وآله وسلم ” من ذلك مما يؤكد الآية القرآنية في طهارة أهل البيت ” عليهم الصلاة والسلام ” : ” إنَما يُريدُ الله ليُذهبْ عَنكُمْ الرِجسْ أهلْ البيتْ وَيُطَهِرُكُمْ تَطْهِيرَا “(4)، وبهذا وضحت المصادر العلة التي من أجلها سدت أبواب جميع المسلمين إلا باب علي ” صلوات الله عليه “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • (1) ينظر : الإمام أحمد، المسند، ج4، ص369 ؛ النسائي، أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي (ت 303هـ)، خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)، تحقيق وتصحيح محمد هادي الأميني، مكتبة نينوى الحديثة – طهران، المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف، د.ت، ص73 ؛ الصدوق، الأمالي، ح رقم(537/4)، ص413 ؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك، ج3، ص125 ؛ الفتال النيسابوري، روضة الواعظين، ص118 ؛ ابن الجوزي، الموضوعات، ج1، ص365.
  • (2) ينظر : إبن البطريق، العمدة، ح رقم(274)، ص177 ؛ ابن حاتم العاملي، الدر النظيم، ص312 ؛ الإربلي، كشف الغمة، ج1، ص339 ؛ العلامة الحلي، جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف (ت 726هـ)، كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين، تحقيق حسين الدر كاهي، ط1، طهران، 1411هـ، ص209.