مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بحوث أخرى
الرسالة الفكرية من السيدة الفاطمية عليها السلام  / الكاتبة :بتول قاسم فاضل.
+ = -

الرسالة الفكرية من السيدة الفاطمية عليها السلام 

الكاتب :بتول قاسم فاضل.

المقدمة :

الفكر : هي حركة ديناميكية تحرك الكائن في طريق الحياة محققة له معنى الحياة العلمية و الاجتماعية  والهدفية الحقيقية وكأنه مثل بذرة تنمو إلى ساق (العمل)وبعدها الاوراق والأزهار (العطاء).ولو لا الفكر لما تطورت الحضارات البشرية جميعا .وان اعلى ما توصل إليه الإنسان من استخدام فكره إلى ٢٪من قدراته العقلية. والفكر أهمية كبرى تتجلى في هذه الكلام :

اولا: اعمالك هي نتائج افكارك

ثانيا :كل الذين سقطوا ثم نهضوا لم يغيروا أقدامهم بل غيروا أفكارهم .

ثالثا: التفكر  أعلى مراتب المعرفة وارقاها .

وبما أن الفكر أداة أو الة قد تتعطل بعض الوقت وتلتم عليها الغبار والتراب فينتج عن ذلك انسان ذات بصمات عادية إذن فإن اصل التفكر ضوابط هي :

*أن تعرف ماذا يطلب منك (المعرفة )

*تعمل بما عرفته (العمل )

*خلق جو منتج وبعدها أفراد منتجين (المجتمع المتقدم )

وهذه قواعد جاء بها الاسلام ليثبتها على الواقع الإنساني ليس فقط شعارات وهتافات بل لو كان كذلك لزال منذ وقت طويل بل عمل على قواعد منها العلمية الأساسية والهدفية الإلهية وتخريج نماذج من هذه القواعد ونشر هذه المدرسة الفكرية للبشرية .

ومن هذه النماذج السماوية هي سيدة بنات حواء بل هي حجة على جميع البشرية سواء الذكور والإناث ومن اجمل ما يفتخر به المرء المتبع للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام والباحث عن العشق الالهي الخالص لله عز وجل يجد ان  السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من حيث المحور الفكري أنها بينت رسالتها لان لكل فكر رسالة تنتج عنها على الرغم من عمرها في الحياة. .واخترت هذا المحور لأسباب هي :

” أهمية الفكر وآثاره. المترتبة على الواقع الحياتي وكأنه ربان  السفينة التي تسير في بحر هائج .

“المفاهيم الخاطئة المجتمعية القبلية وكأنها الجاهلية. وهذا يحتاج إلى رسائل فكرية بل إلى عمل جاد وحل جذري وهذا الحل هو باتخاذ قدوة قادرة على حل جميع المشاكل والقدوة العملية أكثر فائدة من القدوة الدنيوية ومن أحسن قدوة من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام .

” حاجتي إلى أسس علمية استند عليها في محاور فكري .

” عبارة لكل شخص بصمة يختلف عن غيره وهذا ما دفعني الى كيفية تعرفي على بصمتي فوجدت من خلال الفكر .

ويتناول البحث من حيث البعد الفكري :

اولا ماء الحياة عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

ثانيا : بذرة التفكر عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

ثالثا : أغصان خضراء عند السيدة الزهراء عليها السلام

رابعا رياحين العطاء عند السيدة الزهراء عليها السلام

خامسا : الثمار الجوهرية من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام .

اولا : ماء الحياة عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام:

لكل فكر لا بد له من موضوع وركائز ثابتة داعمة لهذه الحركة من حيث الاعتماد على مصادر للتفكر .ولكن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام نراها منذ طفولتها قد سقت هذا  من خلال  قولها[ قالت الزهراء(ع): [ حبب إلى من دنياكم ثلاث : تلاوة كتاب الله ، والنظر في وجه رسول الله ، والانفاق في سبيل الله] ١.

حيث بينت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من خلال حديثها بأن الفكر قد يتعطل بسبب كثرة المواضيع المنحرفة وإضاعة مفتاح التفكر للباحث والمفكر ويحتاج إلى مفتاحه من خلال تلاوة القرآن الكريم .قال الله تعالى [[كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ]]٢وهذا يدل على عظم هذه العملية فهي بمثابة التمييز الذي حباه رب العزة إلى الإنسان .إنّ من الخصائص الهامّة في شخصية السيدة فاطمة عليها السلام هي شخصيتها القيادية التي امتازت بها، والتي ظهرت في حركتها خلال حياتها عمومًا، يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله في هذا الإطار: “لقد قامت فاطمة الزهراء عليها السلام بدور القائد الحقيقي. وكذلك قال إمامنا الخمينيّ الجليل: “لو كانت فاطمة الزهراء رجلاً لكانت رسولا هذه هي فاطمة الزهراء، إنّها قائد بكلّ معنى الكلمة، ومثل رسول من الرسل، ومثَل هادٍ لعموم البشريّة، فقد ظهرت الزهراء الطاهرة هذه البنت الشابّة وتجلّت بهذه الحدود والأبعاد والحجم، وهذه هي المرأة في الإسلام… فاطمة الزهراء عليها السلام امرأة إسلاميّة، إمرأة في أعلى مراتب المرأة المسلمة، أي إنّها في حدود قائد. لكنّ هذه المرأة نفسها التي هي من حيث الفضائل والمناقب والحدود كان يمكنها أن تكون رسولاً هذه المرأة نفسها كانت أمّاً وكانت زوجة وكانت ربّة بيت، ينبغي فهم هذه الأمور. وكانت تتخذ موارد الأفكار من رحيق القران الكريم.

بذرة التفكر عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام :

إنّه لمن الجهل وقصر النظر والإجحاف في حقّ السيدة فاطمة عليها السلام وفي حقّ أنفسنا أيضًا أن نظنّ أنّ بعدها البشريّ يمثّل كامل حقيقتها عليها السلام، وأن نختزل السيدة فاطمة عليها السلام بما ظهر منها عليها السلام من سلوكيّات وأفعال في مرحلة معيّنة من التاريخ، الذي كان رهن الزمان والمكان اللذين عاشت فيهما، فما صدر عنها عليها السلام مرتبط ببيئتها ومجتمعها وأهليّة الناس في ذلك الوقت، وعدم ظهور أبعادها الأخرى ليس معناه عدم وجودها، فحقيقة الأمر أنّ الناس في ذلك الوقت لم يكونوا مهيئين لتقبّل المعرفة بحقيقة مقامها المعنويّ الذي لا يقلّ شأنًا عن مقام الأئمة عليهم السلام،

إذن فالبذرة للتفكر هي أن تفكر خارج الصندوق .علم النفس في الوقت الحاضر يتحدث إذا كنت   تريد أن تفكر لابد من وجود بذرة لنبتة التفكر وهي الإرادة والشجاعة وهذه الإرادة والشجاعة مصدرها من الإيمان فإذا آمنت بشي ستحصل عليه فمثلا انك تومن بأن الماء يروي الظمآن وستصبح هذه الحالة من الأمور الأساسية فهكذا الايمان بالخالق الجبار وقدرته فعندما تومن كأنك تفتح باب التفكر .فالسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام خطت عظمتها من خلال إيمانها بالله عزوجل فلابد للمتفكر إذا أراد أن يتفكر أن يحصل على بذرة التفكر وهي الايمان والتوكل على جبار السماوات والأرض والصدق مع النفس.

أغصان التفكر عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام : هنا في هذا المورد يتناول عن النتائج التفكر التي إذا سار المتفكر في الطريق الصحيح سيصل .والسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام نتجت لأفكارها ادوار ومواقف منها :

١/السيدة الزهراء (عليها السلام) بعظيم تربيتها ونشأتها كانت زوجة مثالية في بيت زوجها الامام علي  (عليه السلام)

بعيداً عن البهارج والزخارف الدنيوية في ما يحصل في الاعراس فضلاً عن التقاليد والاعراف غير المقبولة من غلاء المهور وعدم اختيار الرجل الصالح للمرأة وعدم الاعتناء برعاية حال المتقدم للزواج من النواحي المادية وغيرها كل ذلك وغيره له وجوده الاجتماعي في حياتنا . فإني لم اسمع في عمري وحياتي ولن اسمع أن عروس تهدي فستان عرسها ليلة زفافها صدقة لوجه الله تعالى فهذا ان دل فإنما يدل على عظمة إيمانها وتفكيرها .

٢/من أسمائها (عليها السلام) : البتول :-ومن أهم معانيها القطع / لانقطاعها (عليها السلام) عن نساء زمانها فضلاً وديناً وحسباً وقيل معناه (لإنقطاعها عن الدنيا الى الله تعالى)نستفيد من ذلك ضرورة الالتزام بالأخلاق العالية والابتعاد عن الدنيا والاقتراب الى الله تعالى بما يحب ويرضى.

وقيل في معنى (الزهراء) (عليها السلام) كما ذكر الامام الصادق (عليه السلام(لأنها كانت اذا قامت من محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض)٣ هذا  جاء من التزامها ودينها وسلوكها واقوالها الصالحة ، وهذا نحتاجه اليوم. هنا يدل ذلك كله على أدوارها واغصانها العظيمة .

٣/ حملها لهم المجتمع الإسلامي والقيام بمساعدتهم منها ما قال الامام الحسن العسكري (عليه السلام) : – (( حضرت امراة عند الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) فقالت ان لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في امر صلاتها شيء ، وقد بعثتني اليك اسالك ، فاجابتها فاطمة (ع) عند ذلك ، فثنت فاجابت ثم ثلثت الى ان عشرت فاجابت ثم خجلت من الكثرة فقالت : لا اشق عليك يا ابنة رسول الله ، قالت فاطمة (ع) هاتي وسلي عما بدا لك ، ارايت من اكتري يوما يصعد الى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة الف دينار يثقل عليه ؟ فقالت لا . فقالت اكتريت انا لكل مسالة باكثر من ملئ ما بين الثرى الى العرش لؤلؤاً فاحرى ان لا يثقل علي ، سمعت ابي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يقول : ان علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في ارشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم الف الف حلة من نور ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : ايها الكافلون لايتام ال محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن ابائهم الذين هم أئمتهم ، هؤلاء تلامذتكم والايتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كل واحد من اولئك الايتام على قدر ما اخذوا

عنهم من العلوم حتى ان فيهم يعني الايتام لم يخلع عليه مائة الف خلعة

وكذلك يخلع هؤلاء الايتام على من تعلم منهم ، ثم ان الله تعالى يقول :

 اعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للايتام حتى تتموا لهم خلعهم ، وتضاعفوها لهم فيتم لهم ما كان لهم قبل ان يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك من يليهم ممن هههه على من يليهم . وقالت فاطمة (ع) : يا امة الله ان سلكة من تلك الخلع لافضل مما طلعت عليه الشمس الف مرة وما فضل فانه مشوب بالتنغيص والكدر )) ٤

رياحين العطاء عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ::

أن المرأة تمثل شعاع الشمس لأنها تنير كل الكون والكواكب التي تمثل أدوارها الاجتماعية فهي مرة تكون طفلة تفتح على أبوابها الجنه ومرة تكون زوجة تكمل لزوجها نصف دينه ومرة تكون ام تكون تحت أرجلها الجنة .ومن رياحين سيدة النساء هي

١/سيد الكرم الامام المجتبى عليه السلام.

٢/سيد الشهداء والاباء الامام الحسين عليه السلام.٣/سيدة الصبر وقائدة الجيش السيدة زينب عليها السلام.

بعد هذه التعريفات البسيطة سيقف قلبك لهذه العظمة وستسال ما مصدر هذه العطاء أنه التفكر عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام .والحروف تعجز عن وصف المواقف بل حتى الشرح العميق  فبنور الزهراء يشرق حاضرنا من خلال السير على خطاها والتفكر في موضوعها الذي هو مفتاح مواضيع الحياة .

الثمار الجوهرية من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام:

في هذا المحور ستتناول النتائج الفكرية للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من خلال أقوالها :

١/2- قالت فاطمة “عليها السلام”:«البشر في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنة، والبشر في وجه المعاند المعادي يقي صاحبه عذاب النار»٥

هذه الكلمات نتجت من التفكر فالبسمة تأتي من التفاؤل ((تفاولوا بالخير تجدوه))

٢/الت” فاطمة عليها السلام”: «من أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله إليه أفضل مصلحته».(٦

في علم النفس يقول ان تفعل ما عليك في وقتك الحاضر وسترى النتائج التي تريدها .ولكن السيدة فاطمة وضحت ذلك من خلال هذه العبارة بل هي أساس العمل الناجح .

٤/قالت فاطمة “عليها السلام”: « إن الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام))٧

قالت “عليها السلام”في حديث:« إن نفراً من الملائكة تشاجروا في شيء فسألوا حكماً من الآدميين، فأوحى الله تعالى إليهم أن تخيروا، فاختاروا علي بن أبي طالب عليه السلام». (٨)

والواقع أنّ فاطمة فجر ساطع انبلجت من جنبة شمس الإمامة والولاية والنبوّة، وهي سماء عُليا ضمّت بين جوانحها كواكب الولاية الوضّاءة. وان  مسألة مجيء جبرائيل عليه السلام إلى شخص ليست مسألة عاديّة، لا تتصوّر أنّ جبرائيل يأتي إلى أيّ شخص، أو أنّ من الممكن أن يأتي، إنّ هذا بحاجة إلى تناسب بين روح ذلك الشخص الذي يأتي جبرائيل إليه وبين مقام جبرائيل الذي هو الرّوح الأعظم”.. “هذا التّناسب كان قائماً بين جبرائيل الرّوح الأعظم، والدرجة الأولى من الأنبياء عليهم السلام، كرسول الله وموسى وعيسى وإبراهيم وأمثالهم”.

إنني أعتبر هذه الفضيلة للزّهراء عليها السلام على الرّغم من عَظَمة كلّ فضائلها الأخرى أعتبرُها أعلى فضائلها، حيث لم يتحقّق مثلُها لغير الأنبياء، بل لم يتحقّق مثلُها لجميع الأنبياء عليهم السلام،: “ربَّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع أشخاصاً يشعّ نورهم من بسيطة التراب إلى عالم الأفلاك، ومن عالم الملك إلى الملكوت الأعلى صلوات الله وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبَّوأت مركز شعاع نور العظمة الإلهيّة ودار تربية خيرة ولد آدم”. ولو توضّحت شخصية فاطمة الزهراء(عليها السلام) لأذهاننا البسيطة وأنظارنا التي لا تبصر إلاّ القريب، لآمنّا نحن أيضاً أنها (عليها السلام) سيّدة نساء العالم أجمعين.

 إنّها المرأة التي بلغت في عمرها القصير مراتب معنوية وعلمية توازي مراتب الأنبياء والأولياء…معجزة الإسلام:  «إنّ الإنسان كلّما فكّر وتدبّر أكثر في أحوال الزهراء الطاهرة(عليها السلام) يحتار أكثر، وحيرة الإنسان ليست ناجمة عن كيفية تمكّن هذا الكائن الإنساني من نيل هذه الرتبة من الكمالات المعنوية والمادّية في سني الشباب ـ وهي بالطبع حقيقة تثير الحيرة أيضاً ـ بل من القدرة العجيبة التي استطاع الإسلام بها أن يبلغ بتربيته الرفيعة إلى درجة تُمكّن امرأة شابّة كسب هذه المنزلة العالية في تلك الظروف الصعبة.  فعظمة هذا الكائن وهذا الإنسان الرفيع تثير العجب والحيرة، وكذلك عظمة الرسالة التي أظهرت هذا الكائن عظيم القدر وجليل المنزلة

واخيرا يجب على كل فتاة أن تتخذ من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قدوتها وتردد هذه العبارات فهي بمثابة ملخص للبحث :

قسما وان ملى الطريق

بما يعيق السير قدما

قسما وان جهد الزمن

لكي يثبط في عزما

او حاول الدهر الخؤون

بأن يرش الي سهما

وتفاعلت شتى الظروف

تحميل الأما وهما

فتراكمت سحب الهموم

يتفق فكري فأدلهما

لن انثني عما اروم

وان عدت قدماي تدمى .٩

انتهى .

   المصادر :::::::

١نهج الحياة ج1 ص271

٢سورة ص الآية 29

٣مناقب آل أبي طالب ٣٢ح٣٣٠

٤تفسير الامام العسكري ٢١٦ح٣٤٠

٥بحار الانوار ج٧٢ص٤٠١

6اشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦٨ص٢١١

7بحار  الانوار ٢٨/٤٣

8 الاختصاص ٢٠٨

9شعر العلوية بنت الهدى ((آمنة))