فاطمة(ع) كوثر القرآن ……
بقلم مهند المنصوري
يعتبر سبب نزول الايات من الادلة المهمة في تفسير القران الكريم حيث يعطي صورة واضحة عن الحدث الزماني والمكاني لها مع الاخذ بنظر الاعتبار ان كثير من الايات مرادها عام ولا يقتصر على سبب النزول فقط فربما تنزل ايه في حق شخص في باب المدح او الذم الا انها تكون قاعدة عامة يمكن تطبيقها على كثير ممن تنطبق عليه مواصفات سبب النزول ،فمثلا الاية (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) فهي نزلة في الشهيدين الحمزة عم النبي (صلى الله عليه وآله) والحارث بن المطلب, الا ان هذه الاياة اصبحت مفهوم عام ينطبق على كل مجاهد ومضحي من اجل اعلاء كلمة الله, ومن مصاديقها الحسين (ع) واصحابه حيث كان ع يتلوها عند مصارع اهل بيته وانصاره.
كما ان المفردة الواحدة في الاية يمكن ان تحتمل عدة معاني تنسجم مع المفهوم العام للسورة او المعنى يقصد باكثر من لفظ واحد كما هي كلمة الكوثر .
معاني الكوثر كثيرة تصل الى 26 معنى ومنها :
1- نهر في الجنة أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه ص.
2- العلم والنبوة.
3- الذرية المباركة الكثيرة.
4- الشفاعة .
5- القرآن.
ان كل هذه المعاني المذكورة هي مصاديق للكوثر المراد به الخير الكثير والمفرط, فالنهر في الجنة خير كثير وهكذا العلم والنبوة والشفاعة والقران والذرية الكثيرة المباركة وغيرها ,لكن عندما نريد اكثر المعاني دلالة لهذه السورة المباركة لابد من اعتماد سبب النزول .
يذكر المفسرون في سبب نزول سورة الكوثر:أن أحد أقطاب المشركين، وهو العاص بن وائل، التقى يوماً برسول الله (صلى الله عليه وآله) عند باب المسجد الحرام، فتحدّث مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك بمرأى من جماعة من صناديد قريش، وهم جلوس في المسجد الحرام، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول (صلى الله عليه وآله) وفارقه، جاء إلى أولئك الجالسين، فقالوا له: من كنت تُحَدِّث؟.قال (صلى الله عليه وآله): ذلك الأبتر، وكان مقصوده من هذا الكلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) ليس له أولاد وعقب، إذن سينقطع نسلُه، فكان هذا سبباً لنزول سورة الكوثر وهي: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)رَدّاً على العاص الذي زعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) أبتر.
أما المعنى، فهو أن الله سوف يُعطيك نسلاً في غاية الكثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة.وقال فخر الدين الرازي في تفسيره: الكوثر أولاده (صلى الله عليه وآله)، لأن هذه السورة إنما نزلت رَدّاً على مَن عَابَهُ (صلى الله عليه وآله) بعدم الأولاد.فالمعنى أنَّه سيعطيه نسلاً يبقون على مَرِّ الزمان، وهنا نجد ان الكوثر يندرج تحت عنوان الخير الكثير، فليس هناك تناقض بين المعاني إلا ان أكثر الأقوال التي نقلها المفسرون إنطباقاً على سبب نزول السورة هو ما قيل بأن المراد من الكوثر كثرة النسل والذرية. كما يذكر العلامة الطباطبائي ( رحمه الله ) في تفسيره 🙁 إن كثرة ذريته هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي صل الله عليه واله أو المراد بها الخير الكثير ، وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير ، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله : * ( إن شانئك هو الأبتر ) * خاليا عن الفائدة ).
وهذا الأمر واضح كالشمس في رابعة النهار فان ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) من ابنته فاطمة كثير وفي تزايد الى يومنا هذا ، وهل هناك خير اكثر من الائمة الذين هم حجج الله في ارضه وعيبة علمه, كما انه ليس هناك فرق بين البنت والابن كونهما من النسل والعقب وقد رزق الله نبيه ص من ابنته نسلا وذرية ليكون اسمه حيا على مر الزمان.
ونهاية نقول إنَّ كلَّ المعاني التي جاءت لتوضيح الكوثر ـ وإن اختَلَفَت في ألفاظها ـ إلا أنَّ لها اتِّحاد في المعنى، وتُصَبُّ تحت قالب واحد،وهو كون تَمَتَّع النبي (صلى الله عليه وآله) بالخير السخِي المُستمر.