مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
علاقة السيدة الزهراء بليلة القدر/ المكتبة الفاطمية الشريفة
+ = -

علاقة السيدة الزهراء بليلة القدر (تمهيد 3) ليلة القدر هي فاطمة الزهراء عليها السلام في باطن القرآن

ليلة القدر هي فاطمة الزهراء عليها السلام في باطن القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الذي أكرمنا بليلة القدر الزاهرة التي تزهو بالروح والملائكة وجعلها فيها سر العلم والامامة و دليل المعرفة و الكرامة و السبب المتصل الى يوم القيامة

قبل الحديث عن الوجه الباطن لليلة القدر و سرها وملائكتها وسلامها ومطلع فجرها، نستأنس بهاتين الروايتين:

تفسير فرات الكوفي، من سورة القدر ….. ص : 581

عن أبي عبد الله ع أنه قال إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ الليلة فاطمة و القدر الله فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر و إنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها أو من معرفتها الشك (من أبي القاسم) و قوله و ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يعني خير من ألف مؤمن و هي أم المؤمنين تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها و الملائكة المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد ص و الروح القدس هي فاطمة ع بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني حتى يخرج القائم ع

بحار الأنوار ج25 باب 3- الأرواح التي فيهم و أنهم مؤيدون بروح القدس:

عن زرارة عن حمران قال سألت أبا عبد الله ع عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر الله فيها قال لا توصف قدرة الله إلا أنه قال فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ فكيف يكون حكيما إلا ما فرق و لا توصف قدرة الله سبحانه لأنه يحدث ما يشاء و أما قوله لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يعني فاطمة ع و قوله تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها و الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد ع و الروح روح القدس و هو في فاطمة ع مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يقول من كل أمر مسلمة حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني حتى يقوم القائم ع

من هنا يتبين لنا أن لليلة القدر مصداقين أو وجهين وجه ظاهر وهو الليلة الزمانية التي تنزل فيها الأمور سنة سنة وهي خاصة لولاة الأمر والتي كنا نتحدث عنها و وجه باطن وهو الزهراء عليها السلام

فالمسألة ليست علاقة ربط بين ليلة القدر والزهراء بقدر ما هي وجود لمصداقين لعبارة (ليلة القدر) مصداق حقٍّ ظاهر و مصداق حقيقةٍ باطن، ففي قول الإمام ع انّ لكل حقّ حقيقة فالحقّ هو ليلة القدر وحقيقتها فاطمة ع، ففي ظاهر القول هي الليلة من السنة وحجة الخصام في الإمامة التي أُستودعت فيها أسرار العلم والهداية للأئمة ع وفي باطن القول والحقيقة الغائبة عن الشهود هي المرأة الحجة على الأئمة ع التي أُستودعت فيها أسرار الإمامة و الهداية فتنزلت على أبنائها واحد بعد واحد الى مطلع فجر الاسلام من جديد بالبرج والنجم والشهر الثاني عشر في الساعة الثانية عشرة

وبحسب الروايات أعلاه نحاول تطبيق هذا الوجه الباطن على سورة انا أنزلناه فماذا نرى؟

إنا أنزلناه (أمر و سر الولاية والامامة) في ليلة القدر (فاطمة) ـ التي قدّر الله فيها أو بواسطتها الإمامة فجعلها من بعلها ومن ذريتها خاصة

ثم قال: وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر (فاطمة) خير من ألف شهر (خير من ألف عالم من علماء ذريتها ف(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً في كِتابِ اللَّهِ)، أي إماما، لأنها سببهم كما أنّها في المقابل خير من ألف مَلِك من ملوك الطاغوت الذين يغتصبون الامامة التي استودعها الله في ذريتها خاصة الى يوم القيامة وآخرهم السفياني) (1)

ثم قال تعالى: تنزل الملائكة(2) (الملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد ع كما روي، أي هم الأئمة من أهل البيت ع يتنزلون من سلالتها سنة سنة أي زمان زمان لأن الزمان يُعرف بالإمام فلذلك قيل إمام الزمان فإذا تغير الامام تغير الزمان أي صار زمانا غيره أو آخر)

قوله تعالى: والروح فيها (أي روح القدس التي في فاطمة تتنزل بعدها في الأئمة من ذريتها واحدا بعد واحد تعلمهم وتسددهم)

في عيون اخبار الرضا عليه السلام ج ج2 ص 216 :

قال الامام الرضا عليه السلام : ان الله عز وجل قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممن مضى الا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهى مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم وهى عمود بيننا وبين الله عز وجل

قوله تعال: بإذن ربهم (أي برضاه فقد روي أن الله إذا أذِن بشيء فقد ارتضاه، وكيف لا وقد أرتضى عليا وفاطمة ومنهما الامامة وفي ذريتهما وهو المرتضى لغيبه)

قوله تعالى: من كل أمر (تتنزل الامامة فيها الى ذريتها من كل أمر من أمور الله، أي أن السابق يسلم أمر الامامة ولاية الأمر إلى من يليه تنزلا مضافا اليه الأمر النازل من السماء ببركة الزهراء التي هي رحمة الله وهي رحِمُ محمدٍ صلى الله عليه وآله )

قوله تعالى: سلام هي (وهو تفسير قول الامام عليه السلام “سميت فاطمة لأن الله فطم محبيها من النار” فهي سلام في الآخرة للمحبين وسلام في الدنيا للجميع الى أن يطلع ثار الله، ولذلك توقفت فاطمة عليها السلام ومن بعدها من ولاة الأمر عن المطالبة بحقوقها و أوكلتْ أمرها الى الله وفوضتْ الأمر اليه ليحكم بينها وبين غاصبي حقها (في الإمامة خاصة وفدك كناية عن الامامة في الظاهر) يوم قيام يوم الدين (قيام القائم من ولدها ليحكم بالعدل بحكم الله فهو الحاكم بأمر الله والآخذ بحق الله والمنتقم من الجبت والطاغوت وحزبهما الظالمين عند قيام يوم الدين: دولة آل محمد ع حيث يقوم الدين لرب العالمين ويأخذ كل ذي حق حقه وأولهم الزهراء تأخذ حقها بالكامل، فهو يوم العدل والقيمومة و فيه توضع الموازين القسط ليوم القيامة ))

فلذلك جاءت التوجيهات من قبلهم عليهم السلام بالتوقف في شأن الانتقام من الظالمين ابتداءً حتى تقوم السماوات والأرض فتعطي بذلك لإشارة للممهدين بأن الأمر بالقيام قد أُمضِي لولي الأمر في ليلة القدر لهذه السنة، فقوموا بين يديه فقد أذِن الله وآن الأوان بأن تُملأ الأرض قسطا وعدلا (لأجل ذرية فاطمة) بعد إن مُلِئت ظلما وجورا (بحق عترتها الطاهرة وشيعتهم)  وظهرت دولة الحق على الباطل، وحقيقتها فاطمة وحقها المغصوب وأولها ولاية أبيها وبعلها وبنيها.

قوله تعالى: حتى مطلع الفجر (تم تفسيره أعلاه وهو مطلع النجم الثاقب والقائم المؤمل والعدل المنتظر ليَفجُر بالطاغوت ويُفجّر الظلم والظلمات ويُخرج الناس الى النور ويُفجّر الكنوز و يخرج الحقوق ويستردها و يُفجّر البئر المعطلة (أحكام القرآن) وينابيع الماء الغائر في آية “قل أرئيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين” ويأتي بالماء المعين (العلم السماوي النازل بالوحي) ليُحيي به الأرض (العباد المؤمنين المساكين) بعد موتها ويبعث الإسلام الميت من جديد

هوامش

(1) علما بأن الشهر معناه رجل أو عالم على الباطن كعدة الشهور عند الله أثني عشر شهرا، هذا اذا جمع على شهور أما إذا جمع على أشهر فالمراد به العدد و راجع المعاجم القديمة، و هناك مستوى قد يتبين فيه المعنى الباطن من الظاهر في حالة الجمع

(2) معنى الإنزال والتنزل في القرآن ليس يعني الهبوط وانما ينطبق على الأشخاص كما ينطبق على الوحي نحو قوله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} سورة الطلاق من الآيتين 10ـ11، وبهذا يمكن أن يكون وجه لتنزل الرسل والأئمة الى الخلق في مقامات الرتب والدرجات