مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
بحوث أخرى
معايير التشيع عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام / إعداد زينب حازم كشيش فالح
+ = -

        معايير التشيع عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

إعداد

زينب حازم كشيش فالح

*المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين ومن والآهم واتبعهم حقا الى يوم الدين.

     يمثل التشيع مرتكزاٍ وقطباً رئيساً للدولة العربية الاسلامية تباينت الوجهات في دراسته فــ اختلف في تحديد نشأته كما اختلف في معناه ، وتضاربت الآراء وتعددت لتبين معنى التشيع وما يدل ذلك إلا على عظمة هذا الموضوع واهميته وما يشغل من حيز مهم لتأريخ الامة الإسلامية ، تطلب ذلك اعادة النظر لما ذكر في المصادر التاريخية بشأن هذه المفردة ومردوداتها، وبالتالي حق التأكد والتدقيق والتعمق في فحوى هذا الموضوع للوصول الى جادة الصواب ولا يتم الأمر إلا بـ الرجوع الى أئمة اهل البيت عليهم السلام وما ورد عنهم ، وحري بنا الإنتهال عن الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، بكونها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وبضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأم أبيها فما يصدر عنها يصدر عن الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): ( … وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي …..)[1]، ويمكن تعميم معنى بضعة مني إلى علومه (صلى الله عليه وآله وسلم) فعلومها بضعة من علوم أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم).

   وما يأت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلا الوحي من الله سبحانه ، قال تعالى : ” وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى “[2] ، وللسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام دور كبير في معترك التأريخ الإسلامي وما يضمنه هذا التأريخ من جوانب عقدية وأخلاقية وغيرها الكثير فهي أم المعصومين وأسوتهم قال الإمام المهدي المنتظر (عج) : ” وفي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي أسوة حسنة “[3].

    فكان الرجوع لسيدة النساء عليها السلام أمر ضروري وجاد لحسم التساؤلات والتضارب حول ماهية التشيع وتأصلاته فعند مراجعة ما ورد عن السيدة فاطمة عليها السلام ، يتضح إن التشيع لم يكن وليد عصر معين كما لم يقتصر على مجاميع فئوية دون أخرى وإنما التشيع وجد مع وجود بنى آدم ويشمل كل من أختط الحق طريقاً له ، كما أوضحت السيدة المعيار الرئيس الذي يحدد ممن يتصف بالتشيع وأشارت عليها السلام  الى الأثر المترتب على التشيع والمتمثل بــ الأقتدى والأهتدى بــ الأوامر الإلهية.

    كان للسيدة الزهراء عليها السلام دوراً كبيراً في حفظ التشيع والبقاء عليه ليومنا هذا اذ يذكر الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي ذلك بقوله رحمة الله: قد كان دفن الجسد الشريف لابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرا يهدف لأن يعرف التاريخ كله ان فاطمة عليها السلام لم ترض عن اعداء التشيع ابدا ، ومن المتيقن إنها لما توانت عن هداية اعدائها ابدا لكن الامر قد وصل حدّ لو لم تتخذ فاطمة عليها السلام هذا القرار لانطفأ مصباح الحق ، ولم يعرف اليوم الإسلام ولا التشيع[4]، حتى في قضية دفنها كان للسيدة عليها السلام الأثر الأكبر في حفظ التشيع.

     قسم البحث إلى مقدمة بينت أهمية هذا الموضوع وسبب الاختيار، كما ضم أربع موضوعات جاء في الأول منها مفهوم التشيع (معناها اللغوي والاصطلاحي) وناقش الموضوع الثانٍ البدايات التأريخية للتشيع ومدى صحة ذلك وفق نظرة السيدة فاطمة عليها السلام في حين انطلق الموضوع الثالث لقياس المحدد لذلك التشيع ، وفصل الموضوع الرابع في المردودات والعواقب وضم البحث خاتمة حوت نتائج مهمة جاء بها البحث.

   أُستندَ هذا البحث على عدد من المصادر كان لها الدور الفعال والمهم في الوصول الى بعض النتائج ومنها: بصائر الدرجات ، للصفار (ت 290ه)، تاريخ الرسل والملوك ، للطبري (310ه) ، الكافي للشيخ الكليني (ت329ه) ، فرق الشيعة، للنوبختي (ت القرن العاشر) ، و الأسرار الفاطمية، للشيخ محمد فاضل المسعودي، وغيرها من المصادر والمراجع المثبتة نهاية البحث.

أولاً: مفهوم  التشيع

     دراسة المفاهيم والمعاني تشغل حيزاً ومرتكزاً تقوم عليه المواضيع وبذا أستدعى ذلك توضيح المعنى اللغوي والاصطلاحي للتشيع، لما له من اهمية قصوى بوصفه نقطة مرتكز للعالم الاسلامي ورحى العصر الذي دارت حوله الصراعات إلى يومنا هذا.

     التشيع لغةً: أصل ذلك من المشايعة ، وهي المتابعة والمطاوعة، مأخوذة من  الشيعة : وهم القوم الذين يجتمعون على الأمر. وكل قوم اجتمعوا على أمر ، فهم شيعة. وكل قوم أمرهم واحد ، يتبع بعضهم رأي بعض ، فهم شِيَع والشيعة : أتباع الرجل وأنصاره ، وجمعها شِيَع. وأشياع جمع الجمع، والشِّيعةُ: الفِرْقةُ، وَبِهِ فَسَّرَ الزَّجَّاجُ قَوْلَهُ تَعَالَى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ”[5]، والشِّيعةُ: قَوْمٌ يَرَوْنَ رأْيَ غَيْرِهِمْ. وتَشايَعَ القومُ: صَارُوا شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إِذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ فَقَالَ: مِنَ الرِّجَالِ، ومنه قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ }[6] أي من شيعة نوح، والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويوالونهم[7].

   والشيعة هم كلُّ قومٍ أمرهم واحدٌ يتبع بعضُهم رأيَ بعض فهم شِيَعٌ. وقوله تعالى: {كما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ}[8] ، أي بأمثالهم من الشِيَعِ الماضية قال الشاعر:

 أستحدثَ الركبُ عن أَشْياعِهِمْ خَبَراً * أم راجَعَ القلبَ من أَطْرابِهِ طَرَبُ  

يعني عن أصحابهم وشاعَهُ شِياعاً، أي تَبِعَهُ. وشايَعَ الراعي بإبله مُشايَعَةً وشِياعاً، أي صاح بها ودعاها إذا استأخر بعضها[9].

    “وأصلُ الشِّيعَةِ الفِرْقةُ مِنَ النَّاس، وتقَعُ عَلَى الواحِدِ والاثْنين وَالْجَمْعِ، والمُذَكَّر والمؤنَّث بلفظٍ واحدٍ، وَمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ غَلَب هَذَا الاسْم عَلَى كُلّ مَنْ يَزْعُم أَنَّهُ يَتوَلَّى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأهلَ بيْته، حَتَّى صارَ لَهُمُ اسْمًا خَاصًّا، فَإِذَا قِيلَ فلانٌ مِنَ الشِّيعَةِ عُرف أَنَّهُ مِنْهُمْ، وَفِي مَذْهب الشِّيعَةِ كَذَا: أَيْ عِندَهم. وتُجمع الشِّيعَةُ عَلَى شِيَعٍ. وأصلُها مِنَ الْمُشَايَعَةِ، وَهِيَ المُتاَبعة والمُطاَوعة، قال تعالى: «أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ»[10][11]، وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره، يقال: شايعه كما يقال: والاه من الولي، وتشيع الرجل أي: ادعى دعوى الشيعة، والشيعة هي الفرقة[12].

    أما في الأصطلاح  هناك تعاريف كثيرة جداً، اقتصرنا على أحداها وجاء فيه : الشيعة هم الذين شايعوا علياً عليه السلام على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية، إما جلياً وإما خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بكبوة من عنده، وقالوا ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة وينتصب الإمامة بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفاله وإهماله ولا تسليمه إلى العامة وإرساله[13].

     نلاحظ ان لفظة شيعة تعني المتابعة والمطاوعة والسير الموحد وعدم الزيغ او الانحراف فشيعة الرجل اتباعه، كما كان نبي الله ابراهيم من شيعة نوح لكن عند مراجعة تفسير الميزان نرى ان من شيعته لإبراهيم بمعنى ان دينه التوحيد موافق لدين نبي الله نوح[14] .

    يتضح لنا التشيع بصورة اجلى عندما نكمل الآية التالية لها قال تعالى ” وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ “[15] ، وجاء في التفسير إن القلب السليم هو مجيئه لــ ربه كناية عن تصديقه له وإيمانه به، ويؤيد ذلك أن المراد بسلامة القلب عروة عن كل ما يضر التصديق والايمان بالله سبحانه من الشرك الجلي والخفي ومساوي الأخلاق وآثار المعاصي وأي تعلق بغيره ينجذب إليه الانسان ويختل به صفاء توجهه إليه سبحانه[16] ، يتضح ان التشيع يطلق على من كان الإيمان في سكنات قلبه ، ممن التزم بالدين والتوحيد ، فالتشيع ليس لفظة او اتباع او نهج ، فقول البعض بأنها لفظة خصت بمن اتبع أهل البيت عليهم السلام كان صائباً في ذلك ليس من جهة التعمق في معنى التشيع وإنما من جهة السطحية لفهم الكلمة ، فالتشيع خص بهِ من اتبع الإمام علي عليه السلام قطعاً قول حق، لكن من اتبع الإمام عليه السلام عن وعي ودراية بأنه ولي الله ووصي رسوله وهو طريق الحق الذي يقود الإنسان للقلب السليم.

ثانياً: التأصيل التأريخي للتشيع

    نظراً لأهمية التشيع وما يلعبه من دور مهم في تحديد هوية الفرد المؤمن ولــ كونه النقطة التي تجعل الانسان على مفترق طرق أُختلفت الآراء في أصل ونشأة التشيع فمنهم من يجعلها عند إعلان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لولاية الامام علي في غدير خم وقيل بعد استشهاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحديدا بعد سقيفة بني ساعدة وهناك من يرى ان التشيع ظهر بعد استشهاد الامام علي عليه السلام ، وآخرين وجدوا ان تشيع بات واضحا بعد صلح الإمام الحسن عليه السلام لمعاوية بن ابي سفيان ، وهناك من قرن التشيع بمن اتبع الإمام علي عليه السلام حصراً سواء بعهد الامام او بعد استشهاده، وقيل بعد واقعة الطف[17]، هناك مجموعة من الآراء اشارت الى بداية التشيع ومنها على سبيل المثال :

  1. اليعقوبي قال: ويعد جماعة من المتخلفين عن بيعة أبي بكر هم النواة الأولى للتشيع[18].
  2. ابن خلدون: ويرى إن الشيعة ظهرت لما توفي الرسول وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ولما كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك[19].
  3. أحمد أمين: يرجح إن البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه[20] “.
  4. حسن إبراهيم قال: ولا غرو فقد اختلف المسلمون أثر وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن يولونه الخلافة وانتهى الأمر بتولية أبي بكر وأدى ذلك إلى انقسام الأمة العربية إلى فريقين جماعية وشيعية[21].
  5. كما كان للمستشرق جولد تسيهر رأي في ذلك فقال: إن التشيع نشأ بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالضبط بعد حادثة السقيفة[22].
  6. ذهب بعض الكتاب بالقول: إن اصل مذهب التشيع بدعة إبتدعها عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء[23]، مع إن الشيعة وضحوا موقفهم منه وعرفوا منزلة هذا الرجل عندهم وبراءتهم منه ومن اقواله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، بل لا ريب في ان ظهور الشيعة كان في الحجاز بلد المتشيع له ، وكان التشيع هناك ضعيف الحول ولكنه مكين في قلوب اهله ثم استفحل امره في العراق زمن خلافة علي عليه السلام[24].
  7. أما السيّد الأمين فيقول : ” وسواء أكان إطلاق هذا الاسم عليهم يوم الجمل أم في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أو بعد يوم الجمل ، فالقول بتفضيل علي (عليه السلام) وموالاته الذي هو معنى التشيّع كان موجوداً في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، واستمر بعده إلى اليوم “[25].

    عند مراجعة مرويات الائمة عليهم السلام نجدهم حددوا التشيع بمن خصهم الله بإتباع طريق الحق فعن أبي جعفر الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل: “وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا”[26] قال عليه السلام: (عهدنا إليه في محمد والأئمة من بعده فترك ولم يكن له عزم ، وإنما سمي أولو العزم أولي العزم لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده، والمهدي وسيرته، وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والإقرار به)[27].

    وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – كما يزعمون -: يا علي، ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً . وفي رواية أخرى لهم عن أبي جعفر قال: إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين بولاية علي عليه السلام[28].

   ويرى المفسرون والمحدثون من اهل العامة في شأن نزول هذه الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ }[29]، ان هذه الآية لما نزلت قال صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:( هو انت وشيعتك، تأتي انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي اعداؤك غضابا مقحمين)[30].

    وعن أبي عبد الله قال: “ولايتنا ولاية الله لم يبعث نبي قط إلا بها وذكر إنه ثبت جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب مجيبين، وثبت أن المخالفين لهم كانوا له ولجميع أهل محبته مبغضين.. فلا يدخل الجنة إلا من أحبه من الأولين والآخرين فهو إذن قسيم الجنة والنار”[31].

     وهذا يدلل على ان التشيع قائم منذ بدأ الخليقة منذ ان جعل الله الإنسان خليفة في الأرض ، وتظهر نشأة التشيع بصورة أجلى لدى السيدة الزهراء عليها السلام عندما تبرز ذلك في خطبتها المباركة ، اذ قالت عليها السلام: ”  وقام في الناس بالهداية فانقذهم من الغواية وبصرهم من العماية وهداهم الى الدين القويم ودعاهم الى الطريق المستقيم”[32].

     هنا اشارة بليغة اطلقتها سيدة النساء مؤكده على ان دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اختصت بالتشيع اذ دعاهم لاتباع الامام علي عليه السلام فهو الطريق المستقيم ولو دققنا وتعمقنا أكثر في الروايات لوجدنا ان الصراط المستقيم هو امام المتقين ومولى الموحدين ويعسوب الدين الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام)، ففي بعض الروايات: عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه واله) لعلي بن ابي طالب: انت الطريق الواضح، وانت الصراط المستقيم، وانت يعسوب الدين”[33].

    وعن ابي عبد الله(عليه السلام)في قوله الصراط المستقيم قال هو امير المؤمنين(عليه السلام)ومعرفته والدليل على انه امير المؤمنين قوله تعالى ((وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم))[34][35]، ومن هذا يتضح أن الصراط المستقيم هو الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام).

   فيما روي عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصراط؟ فقال: هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل، وهما صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفروض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلّت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم”[36].

    فالتشيع وجد مع وجود الدعوة الاسلامية للإيمان بالله سبحانه وتعالى ، اذ ان الاقتداء والاهتداء بالأئمة متمم لأركان الإيمان ، وان التشيع هو الركن الذي يثبت به بقية الاركان والمرتكز الذي تدور حوله العناصر الايمانية وما يعضد ذلك قول سيدة النساء عليها السلام: “فجعل الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك والصلاة تنزيها لكم عن الكبر والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق والصيام تثبيتا للإخلاص والحج تشييدا للدين والعدل تنسيقا للقلوب وطاعتنا نظاما للملة وامامتنا امانا من الفرقة …”[37]، بما إن التشيع يعني الاقتداء بأئمة أهل البيت عليهم السلام لأنهم الصراط الحق ، كانت إمامتهم نظام تقوم عليه الاركان الايمانية فالتشيع هو محور اركان الايمان بالله سبحانه وتعالى وهذا ما اوضحته السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.

   وتظهر السيدة بعد ذلك مرحلة أخرى من مراحل التشيع بأنه المنقذ والمخلص للأمة وتبرزها من خلال إظهار الإمام المفترض الطاعة قالت عليها السلام: ” وكنتم على شفا حفرة من النار … فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد بعد اللتيا والتي وبعد ان مني ببهم الرجال وذئبان العرب ومردة اهل الكتاب وكلما اوقدوا نارا للحرب اطفاها الله او نجم قرن الشيطان او فغرت فاغرة من المشركين قذف اخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في امر الله قريبا من رسول الله سيدا في اولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم، وانتم في رفاهية من العيش فاكهون وادعون آمنون تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الأخبار وتنكصون عند النزال وتفرون من القتال”[38].

   افصحت السيدة عليها السلام عن الامام المفترض الطاعة والصراط الحق وبينت كيف كانوا قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دون المستوى الإنساني وبمجيء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم انقذوا من النار بعد ان التزموا هديه ، لكن انقلبوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وضلوا طريق الحق بإبتعادهم عن المقود لهم ومهدي قلوبهم الى جادة الصواب.

   التشيع لم يكن محدود بزمن ولم يؤطر بجماعات معينة وإنما كان هوية للمؤمن بالله سبحانه وتعالى ، وجميع ما ورد من آراء حول أصل التشيع ووجوده تشير إلى من مَثَلَ التشيع وجاء به وهم ائمة أهل البيت عليهم السلام فالقصد ان التشيع لم يحدد بالأئمة عليهم السلام لكونهم لم ينصبوا دنيويا ، وانما خصوا بالتشيع وفق الولاية التكوينية، فكانوا هم الهداة المهديين بهم يحدد التشيع ومنهم يدرك الإيمان ، يستدل من ذلك إن وجود الائمة عليهم السلام سابق للوجود الكوني وبذا كان التشيع قائم منذ بدء الخليقة ، ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:« إنّ الله خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) حين لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة، ولا ظلمة ولا نور، ولا شمس ولا قمر، ولا جنّة ولا نار، فقال العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟ فقال: يا عمّ، لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نوراً، ثمّ تكلّم بكلمة اُخرى فخلق منها روحاً، ثمّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ونقدّسه حين لا تقديس”[39]، أي إن التشيع كان البذرة الأولى للخليقة قبل أن يخلق النبي آدم عليه السلام.

ثالثاً: محددات التشيع  ومنطلقاته

   التشيع لم يكن مجرد كلمة تطلق على فئة أو جماعات وإنما أقترنت هذه الكلمة بــ شرائط ومحددات ، وضوابط وأسس يمكن لنا أن نحدد من خلالها متى تطلق لفظة التشيع وعلى من يمكن إطلاقها، لا شك إن مجرد ادعاء الفرد، بالانتماء الى مذهب التشيع، هو سهل يسير، ولكن حقيقة البرهنة على صدق مثل هذا الادعاء عملياً، وعكس حقيقته في الواقع، فهو صعب عسير، فــ القول باللسان مباح للجميع، لكن اقتران القول بالأفعال هو البعيد وربما المستعصي، قال الإمام الصادق عليه السلام ” إن حديث آل محمد صعب مستصعب، ثقيل مقنع، أجرد ذكوان، لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة فإذا قام قائمنا نطق وصدقه القرآن”[40] ، يتبين من ذلك إن الاقتران والتطابق له التزاماته وأسسه، ولعل أولها هو صدق الانتماء قلباً وقالباً الى مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام.

    قدمت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام حدود معينة ينطلق منها التشيع اشارت من خلالها الى الشرائط والمحددات التي ينبغي على المتشيع الوقوف عليها فجاءت السيدة بصور مثلت الهيكلية العامة للتشيع، وجعلت الأتباع والموالاة الحقة من أهم المحددات والركائز الرئيسة.

 ونلحظ ذلك بقولها عليها السلام: ” أما والله لو تركوا الحق على أهله، و اتبعوا عترة نبيه، لما اختلف في الله اثنان، و لورثها سلف عن سلف، و خلف بعد خلف، حتى يقوم قائمنا، التاسع من ولد الحسين‏”[41] ، جعلت الصديقة الشهيدة عليها السلام ، اتباعهم هو الحق ، فكان المعيار الدال على التشيع هو الحق ، والمعيار الدال على الحق هو التشيع بالأتباع لهم وعدم الزيغ عنهم.

    يبرز المحدد الأساس للتشيع عند الصديقة الطاهرة عليها السلام من خلال وصفها الشيعة بالأخيار ، إذ جعلتهم خيار أهل الجنة ، روي إن رجلاً قال لامرأته: اذهبي إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فاسأليها عني أني من شيعتكم أم ليس من شيعتكم؟ فسألتها فقالت: قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، وتنتهي عما زجرناك عنه، فأنت من شيعتنا وإلا فلا، فرجعت فأخبرته فقال: يا ويلي ومن ينفك من الذنوب والخطايا، فأنا إذا خالد في النار، فان من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار، فرجعت المرأة فقالت لفاطمة ما قال زوجها، فقالت فاطمة: قولي له: ليس هكذا، شيعتنا من خيار أهل الجنة وكل محبينا وموالي أوليائنا ومعادي أعداءنا والمسلم بقلبه ولسانه لنا، ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات وهم مع ذلك في الجنة، ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها أو في الطبق الاعلى من جهنم بعذابها إلى أن نستنقذهم بحبنا منها وننقلهم إلى حضرتنا[42]،  انطلقت الصديقة بقولها ان شيعتنا من خيار اهل الجنة ، دلالة على المعيار المهم المتبع من قبلهم حتى اصبحوا من خيار اهل الجنة، بعدها تشير عليها السلام الى انهم الموالين لهم ولأوليائهم والمحبين لهم ، وهم ممن ارتقوا المرتبة العليا من الشيعة والمحبة هنا قصد بها المعنوية وليس المادية، فالمادية هم من لم يكن عملهم مطابق لقولهم ممن قالوا بتشيعهم ولم يفعلوا ما امروا به لكن مع ذلك لا تتركهم سيدة النساء بعد ان يؤدوا ما عليهم من حساب ينقلون لهم ببركة محبتهم لأئمة أهل البيت عليهم السلام.

   كما يظهر من هذا القول ان الشيعة لفظة قد يتبناها الكثير لكن القلة القليلة هم من يمثلون التشيع، اذ اشارت الصديقة عليها السلام بقولها: ليسوا من شيعتنا من خالف اوامرنا ، ثم بعد ان يتطهروا ، ننقذهم بحبنا ، وقد يحتج البعض قائلاً: الفرد لو طهر من ذنوبه من ماذا ينقذ بعد؟، يمكن ان نستدل بذلك بقولها وننقلهم الى حضرتنا بأن الجنة تكون طبقات وبعد ان يطهروا ينضموا الى خيار أهل الجنة الذين هم مع الانبياء والاولياء والشهداء والصديقين.

    رابعاً: عاقبة التشيع ومردوداته

   العاقبة هي نتاج كل عمل مثمراً او غير مثمر فالتشيع كانت له عاقبة لا نبحث عنها بعيدا فهي موجودة في ثنايا حديث الكساء المروي عن سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ، فكانت هي من جاءت بالكساء واستقبلت عترة المصطفى ولم يكتمل الحديث المبارك إلا بانضمامها فكانت الكوكب الدري الذي يدور عليه الكواكب الاخرى قال تعالى : ” ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”[43].

     عن أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عز وجل: ” الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة ” فاطمة عليها السلام ” فيها مصباح ” الحسن، و ” المصباح ” الحسين ” في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ” كأن فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا، ” يوقد من شجرة مباركة ” يوقد من إبراهيم عليه السلام ” لا شرقية ولا غربية ” لا يهودية ولا نصرانية، ” يكاد زيتها ” يكاد العلم ينفجر منها ” ولو لم تمسسه نار نور على نور ” إمام بعد إمام ” يهدي الله لنوره من يشاء ” يهدي الله بالأئمة عليهم السلام من يشاء[44].

    فالسيدة فاطمة عليها السلام كان وجودها بذرة التشيع وعاقبته ، فبعد ان يروي لنا جابر بن عبد الله الانصاري[45] عنها عليها السلام إنضمام الإمام علي والحسن والحسين عليهم السلام تحت الكساء ، لم يتم الأمر دون فاطمة عليها السلام كما جاء بالحديث عنها عليها السلام “ثم أتيت نحو الكساء وقلت السلام عليك يا أبتاه يا رسول الله، أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء، قال وعليكِ السلام يا أبنتي ويا بضعتي قد أذنت لكِ فدخلت تحت الكساء، فلما اكتملنا جميعا تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء وامئ بيده اليمنى إلى السماء، وقال: ” اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي* ودمهم دمي* يؤلمني ما يؤلمهم* ويحزنني ما يحزنهم * أنا حرب لمن حاربهم * وسلم لمن سالمهم * وعدوٌ لمن عاداهم * ومحب لمن أحبهم * إنهم مني وأنا منهم* فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليَّ وعليهم واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا “[46].

    يشير الخاتم هنا بصورة واضحة الى الآثر الذي يمكن ان يخلفه التشيع على صاحبه على ان يكون ذلك التشيع حقيقي وليس لفظ لسان ، فمن وال  أهل البيت عليهم السلام ، وال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتكون اول مردودات التشيع هي محبة الله أي الحصول على المحبة الإلهية فحين يقول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم محب لمن احبهم لا يقصد الهوى والعاطفة وانما المحبة المعنوية لهم عليهم السلام والتي يكون نتاجها اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن اتبع الرسول احبه الله هذه المعادلة القائمة على محبة الله لا تتحقق الا ان تعتلي محبة أهل البيت عليهم السلام قال تعالى على لسان رسوله ” صلى الله عليه وآله وسلم” : ﴿ قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾[47].

    بديهيا من كان لا يحبهم ولا يتولاهم تكون النتيجة عكسية ، لا يحبه الرسول ولا يتولاه وبالتالي لا يحبه الله ويخرج من موالاته سبحانه، قال تعالى : ” اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”[48].

    وجاء في تبيان ذلك ما معناه ” الله ولي الذين آمنوا ” متولي أمورهم ” يخرجهم ” بهدايته وتوفيقه ” من الظلمات ” أي ظلمات الجهل والذنوب ” إلى النور ” أي نور الهدى والمغفرة، و عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: المؤمن يتقلب في خمسة من النور: مدخله نور ومخرجه نور، وعلمه نور، وكلامه نور، ومنظره يوم القيامة إلى النور”[49] والذين كفروا أوليائهم الطاغوت ” عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير أولياؤهم الطواغيت، قال: هم الظالمون آل محمد، أولياؤهم الطاغوت وهم الذين تبعوا من غصبهم ” يخرجونهم من النور إلى الظلمات ” قيل من نور الفطرة إلى فساد الاستعداد، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال في تفسير ذلك: النور آل محمد، والظلمات عدوهم[50].

    بعد ذلك يؤكد الله على مفردة المحبة كآثر للتشيع “فقال الله عز وجل “يا ملائكتي ويا سكان سمواتي إني ما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحيةً ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئةً ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلا لمحبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء”[51]، بالمحصلة النهائية يتضح ان الشيعة هم احباب الله وهذه هي أهم النتائج التي تنبثق منه كــ عاقبة لموالاة اهل البيت عليهم السلام.

     نلحظ في هذا الحديث ، ان قائد الشيعة وسيدها اراد تبيان العواقب التي تترتب عليها محبتهم اذ يروى إن الإمام علي عليه السلام سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ” يا رسول الله أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل عند الله، فقال النبي والذي بعثني بالحق نبياً، واصطفاني بالرسالة نجيا، ما ذُكر خبرُنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض، وفيه جمعٌ من شيعتنا ومحبينا إلاّ ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة، واستغفرت لهم إلى أن يتفرقوا فقال عليٌ إذاً والله فزنا وفاز شيعتنا ورب الكعبة، فقال أبي رسول الله يا عليُّ والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم إلا وفرج الله همه، ولا مغموم إلا وكشف الله غمه ولا طالب حاجةٍ إلا وقضى الله حاجته.. فقال عليٌ إذاً فزنا وسُعدنا وكذلك شيعتنا فازوا وسُعدوا في الدنيا والآخرة ورب الكعبة”[52]

    نلحظ كلمتي شيعتنا ومحبينا ، تدل دلالة واضحة ان الشيعة هم من خصوا بمحبة اهل البيت عليهم السلام ، والمحبة تأتي من الموالاة ، كما توعد امير المؤمنين عليه السلام بفوزهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، أيضاً قول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم شيعتنا يبين ان التشيع لم يقتصر على المدة التي تلت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هي خصيصة منحت منذ بدأ الخليقة لمن اتبع الحق وسار وفق الاوامر الإلهية كما ذكرنا سابقاً.

   وهناك ما يعضد أهمية الموالاة والمحبة وآثرها الآخروي عند السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فعن أبي جعفر الصادق (عليه السلام) يقول: ” فاطمة (عليها السلام) تقف على باب جهنم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبا فتقول: إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد فيقول الله عز وجل: صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي الحق وأنا لا أخلف الميعاد وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فأشفعك وليتبين ملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمنا فخذي بيده وأدخليه الجنة”[53].

   عند التعمق فيما ورد في النص نجد تضارباً وضحاً بين بداية النص ونهايته فكيف تفطم محب كثرة ذنوبه ثم يأمرها الله بقراءة عيون محبيهم فمن كان مؤمن دخل الجنة ، المؤمن والمحب هو الملتزم والسائر وفق ما أمر به الله سبحانه ، لربما قصد بالشفاعة هو أنقاذهم بحب محمد وآل محمد ، ومحبتهم تأت وفق درجات ومراحل ويتم ذلك بالموالاة والمتابعة والسير وفق الأوامر الإلهية ، لكن من خالف أوامرهم التي هي أوامر الله سبحانه وتعالى فليس من فئة الشيعة المحبين معنويا وهنا اختلفت الدرجة اذ ان من خالف آل محمد وجاءت محبتهم قولا اي محبة مادية فحق به البلاء والعذاب ليطهر وهذا ما نقل عن السيدة عليها السلام قالت: ” ، ليسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات ، وهم مع ذلك في الجنة ، ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا ، أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها ، أو في الطبق الأعلى من جهنم بعذابها ، إلى ان نستنقذهم بحبنا منها ، وننقلهم إلى حضرتنا”[54].

   ما معناه ان حب محمد وآل محمد هو نتاج التشيع لكن المحبة المعنوية الفعلية هي التي تطابق الواقع وتحقق آثرها ، فيطهر بحب محمد وآله من الذنوب من خلال إتباعه ائمة اهل البيت عليهم السلام ، لكن قد تظهر فئة أخرى تكمن محبة أهل البيت عليهم السلام وتكون محبتهم مادية لا تسير في أمان محمد وآل محمد مما يؤدي بعدم تطهيرهم من الذنوب إلا بــ البلاء والحساب ، كما أكدت السيدة الزهراء عليها السلام على ان التشيع بالإدعاء دون الفعلية لا يحقق النتاج إلا بالطاعة للرسول واهل بيته عليهم السلام، وقد تأت المحبة دون تحقق الإتباع المتكامل بمعنى إن لا يتولى الفرد ائمة اهل البيت عليهم السلام في دقائق الأمور مع ذلك لا يتخلى أئمة اهل البيت عليهم السلام عنه لكن بعد ان يصحح الخطأ ويقدم ما عليه من تبِعات.

   تظهر أهمية الموالاة بوصفها المحقق لمعايير التشيع عند السيدة الزهراء عليها السلام إذ أكدت عليها السلام على الموالاة بقولها: “أبوا هذه، الأمة محمد وعلي، يقيمان أودهم وينقذانهم من العذاب الدائم إن أطاعوهما، ويبيحانهم النعيم الدائم إن وافقوهما[55]، مما تقدم نلحظ إن المتبع لهم مُنقذ من العذاب ، الإنقاذ هنا لا يقصد به تخليصهم من عذاب الآخرة وإنما المتبع للأئمة عليهم السلام لا يرتكب الذنوب وبالتالي ينقذ بمحبتهم وموالاتهم ويحقق النعيم الدائم.

    كان للسيدة عليها السلام دقة في الوصف بالإشارة إلى القلة والثلة ممن التزم بهدي الرسول واهل بيته عليهم السلام اذ تحدد السيدة فاطمة عليها السلام شيعتها بكونهم محدودون معدودون ، وهذا ما ورد عن أبي جعفر الصادق عليه السلام: والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ”[56]، هنا تلتقط شيعتها إشارة وكناية عن العدد المقيد بالموالاة والمتابعة لأئمة اهل البيت عليهم السلام والذي يُحدد من قبل السيدة فاطمة عليها السلام وفق معايير التشيع.

    بعدها نجد هناك درجة أعلى من المحب الموالي المتبع لأوامر أهل البيت عليهم السلام ، هناك علماء الشيعة اذ قالت السيدة فاطمة الزهراء(ع): سمعت أبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم و جِدِّهِمْ في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور”[57]، يتضح ان السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ارادت ان تبين مكانة وعاقبة العلماء من الشيعة وهي الكرامات يوم المحشر التي تطالهم ، لأنهم لم يكونوا موالين ومحبين وسائرين وفق نهج القويم فقط ، وانما كانوا إعلاماً لإيصال تلك الموالاة بشكلها الصحيحة بما يضمن إيمانهم الحقيقي المعنوي فحق على الله ان يكرمهم يوم القيامة بما قدموا من خدمات وما نشروا من علوم كان لها دور في إيصال الرسالة الإلهية.

*الخاتمة

   تمخض عن هذا البحث عدة نقاط أهمها:

  • لوحظ التركيز التأريخي السطحي على مفردة التشيع دون التأكد من فحوى هذه المفردة ومعناها العميق.
  • الإقتصار على التعنصر الطائفي بنسبة التشيع لــ فئة معينة حتى وان جاءت بأفعال خالفت من نسبوا لهم.
  • التشيع نهج وطريق قويم أكثر من كونه لفظة تطلق على فئة معينة ومحدودة.
  • وجد التشيع منذ الخليقة وهو يشمل كل من اتبع الاوامر الالهية والمتمثلة بأوامر الانبياء والاوصياء والاولياء.
  • للتشيع نتاج ممكن ان يجني صاحبه خير الدنيا وخير الآخرة ، فمن فاز بإكتساء التشيع قولاً وفعلاً كان من خيار أهل الجنة.
  • لا يمكن ان يعد الفرد شيعيا دون الالتزام بما يرضي الله سبحانه وتعالى والمقترن بطاعة اولي الامر ، قال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ “[58].
  • التشيع هو معيار مهم يحدد مدى موالاة الفرد واتباعه لأئمة أهل البيت عليهم السلام، فليس كل من أحب أهل البيت عليهم السلام أتقن تلك المعايير ، فمن أذنب يُحاسب يوم القيامة حتى وإن كان يظهر حب محمد وآل محمد ، لأن المحبة وحدها لا تكفي ، لكن مع ذلك تتوعدهم السيدة فاطمة عليها السلام بعد إن يطهروا من الذنوب بضمهم إلى حضرتهم.
  • المغالطة بمسألة إرتكب الذنب ما دمت شيعي استفحل أمرها ، قصد بأن الشيعي يدخل الجنة من منطلق تحقق معايير التشيع لدى الموالي وبالتالي لا ذنب له من سار بهدى ائمة أهل البيت عليهم السلام.

*الهوامش


[1]– الشيخ الصدوق ، الأمالي، ص١٧٥.

[2]– سورة النجم من الآية 3-4.

[3]– الشيخ الطوسي (ت460ه)، الغيبة، ص286.

[4]– اعظم شكوى وابلغ بيان ، 1/84. 

 -[5] سورة الحجر من الآية 10.                       

[6]– سورة الصافات من الآية 83.

[7]– ابن منظور : لسان العرب، 8/188-189.

[8]– سورة سبأ من الآية 54.

[9]– الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، 3/1240.

[10]– ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/519-520.

[11]– سورة الانعام من الآية 65.                                                  

[12]– الجوهري ، الصحاح، 3/1012.

[13]– الشهرستاني ، الملل والنحل ، 1/146.

[14]– السيد الطباطبائي، تفسير الميزان، ١٧/ ١٤٧.

[15]– سورة الصافات من الآية 83-84.

[16]– السيد الطباطبائي، تفسير الميزان ، ١٧/١٤٧.

[17]– ينظر: ابن النديم، الفهرست، ص 175، النوبختي، فرق الشيعة، ص١٦، يحيى هاشم حسن فرغل ، عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ، ١/١٠٥،  بليل عبد الكريم ، الصلة بين التصوف والتشيع، ص 23، الدوري، مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ، ص 72.

[18]– تاريخ اليعقوبي، ٢/١٠٤.

[19]– تاريخ ابن خلدون ،٣ / ٣٦٤.

[20]– أحمد أمين ، فجر الإسلام، ص ٢٦٦.

[21]– الذهبي ، تاريخ الإسلام، ١/٣٧١.

[22]– بليل عبد الكريم، الصلة بين التصوف والتشيع، ص 23.

[23]– أختلفت الآراء حول شخصية عبد الله بن سبأ في المصادر الإسلامية، ففي المصادر العامة يعتبر عبد الله ابن سبأ مؤسس الشيعة، وأنه سبب الثورة على عثمان بن عفان الحاكم الراشدي الثالث، وهو عند الكثير من علماء الشيعة من الغلاة، كما أن بعض علماء الشيعة المعاصرين يعتبرون أن لا وجود له في الواقع الخارجي، لكن المؤرخ  الطبري وكثير من الناس تبعاً له، يعتبر عبد الله بن سبأ نواة التشيع وإنه السبب الرئيس لأحداث مهمة في بداية الإسلام، مثل اغتيال عثمان بن عفان، ينظر: الطبري، تاریخ الرسل والملوك، 4/340؛ ابن‌ عساكر، تاریخ مدینة دمشق، 29/3-6؛ ابن الأثير، الکامل في التاريخ، 3/154.

[24]– كُرْد عَلي، خطط الشام، 6/246.                  

[25]– اعيان الشيعة ، 1 / 19 .

[26]– سورة طه من الآية 115.

[27]– الشيخ الكليني ، الكافي ، ١/٤١٦ ، الشيخ الكوراني العاملي، معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام ، ٥/٢٤٤.

[28]– الحلي : حسن بن سليمان ، المحتضر ، ص٢١٢ ، العلامة المجلسي ، بحار الأنوار ، ٢٦/٢٨٠.

[29]– سورة البينة من الآية 7.

[30]– ابن حجر الهيتمي ، الصواعق المحرقة، 11/ 99.

[31]– الصفار، بصائر الدرجات،  ص٩٥.

[32]– الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، ١/١٤٧.

[33]– محمد هادي الميلاني، قادتنا كيف نعرفهم، ٢/٢٠٨.

[34]– القمي ، تفسير القمي، ص٢٨.

[35]– سورة الزخرف من الآية 4.

[36]– الفيض الكاشاني، الوافي، 8/66، العلامة المجلسي، بحار الانوار، ٨/٦٦.

[37]– الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، 1/134.

[38]– الشيخ الطبرسي ، الاحتجاج ، 1/136، العلامة المجلسي ،  بحار الأنوار ، ٢٩/٢٢٤.

[39]– الأصفهاني ، مكيال المكارم، ١/ ٢٢٧.

[40]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٢/١٩١،  المحقق البحراني، الحدائق الناضرة، 12/424.

[41]– ابن بابويه القمي، الإمامة والتبصرة، ص1، العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٣٦ / ٣٥٣.

[42]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٦٥/١٥٥.

[43]– سورة النور من الآية 35.

[44]– الشيخ الكليني، الكافي ، ١/١٩٥، العلامة المجلسي، بحار الأنوار ، ٤/١٩.

[45]– جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن حرام بن عمرو بن سواد بن سلمة، عاصر هذا الصحابي الجليل أمير المؤمنين (عليه السلام) في حياة رسول الله وقد شهد معه الكثير من الغزوات والحروب وقد شهد جابر ذلك الموقف البطولي لعلي بن ابي طالب(عليه السلام) حينما صرع عمر بن ود العامري، وقد شبه جابر قتل علي لعمر كيوم قتل جالوت على يد النبي داود (عليه السلام)، فحينما عمم رسول الله أمير المؤمنين ودعا له ،قال جابر: (فما شبهت قتل علي عمرا إلا بما قص الله من قصة داود وجالوت)، قيل توفي سنة 73ه، ينظر : الأصبهاني ، معرفة الصحابة ،2/529، الإربلي ، كشف الغمة في معرفة الأئمة، 1/203- 204.

[46]– الشيخ القمي ، مفاتيح الجنان ، ص869، الشيخ محمد فاضل المسعودي، الأسرار الفاطمية ، ص١٨٤.

[47]– سورة آل عمران من الآية 31.

[48]–  سورة البقرة، من الآية 257.

[49]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٦٤/ ٢٣.

[50]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار ، ٦٤/٢٣.

[51]– الشيخ القمي ، مفاتيح الجنان ، ص869، السيد علي عاشور، طهارة آل محمد (ع)، ص١٦٤.

[52]– الشيخ القمي ، مفاتيح الجنان ، ص870، الحاج حسين الشاكري، من هو إمام زمانك،  ص٩٨.

[53]– الشيخ الصدوق، علل الشرائع ، ١/١٧٩ ، العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٤٣/14-  ١٥.

[54]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٦٥/١٥٥.

[55]– الامام الحسن العسكري، تفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام ، ص 330،  العلامة المجلسي ، بحار الأنوار ، ٣٦/ ٩.

[56]– العلامة المجلسي ، بحار الأنوار، ٨/٥٢.

[57]– العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ٢/٣.

[58]–  سورة النساء من الآية 59.

*قائمة المصادر والمراجع

أولاً: القرآن الكريم

ثانياً: المصادر والمراجع

*ابن الأثير : عز الدين أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، (المتوفى: 630هـ).

1- الكامل في التاريخ ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م.

*ابن الأثير : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري (المتوفى: 606هـ).

 2- النهاية في غريب الحديث والأثر، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979م، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى – محمود محمد الطناحي.

  * أحمد أمين .

 3- فجر الإسلام،  ط2، كلية الآداب- مصر، يناير -1933م.

 *الإربلي : ابن أبي الفتح (ت٦٩٣ه) .

4-كشف الغمة، الطبعة الثانية، الناشر: دار الاضواء- بيروت – لبنان ، سنة الطبع: 1405ه/1985م.

*الأصبهاني : أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران (المتوفى: 430هـ).

5-معرفة الصحابة تحقيق: عادل بن يوسف العزازي الناشر: دار الوطن للنشر، الرياض الطبعة: الأولى 1419 هـ – 1998 م.

*الأصفهاني : ميرزا محمد تقي.

 6-مكيال المكارم ، الطبعة الرابعة ، مؤسسة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف – جبل المتين قم المقدسة، 1422ه.

* الأمين العاملي: السيد محسن (ت1371ه).

 7- اعيان الشيعة، 1403هـ ق/ 1983م عن دار التعارف للمطبوعات في بيروت تحت إشراف السيد حسن الأمين.

* ابن بابويه القمي : علي (ت329).

8- الإمامة والتبصرة، تحقيق : مدرسة الإمام المهدي (ع) – قم المقدسة، الطبعة : الأولى، سنة الطبع : 1404 – 1363 ، الناشر : مدرسة الإمام المهدي (ع) – قم المقدسة.

*المحقق البحراني (ت1186ه).

 9- الحدائق الناضرة، تحقيق : تحقيق وتعليق : محمد تقي الإيرواني، الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

*بليل عبد الكريم .

 10- الصلة بين التصوف والتشيع، الطبعة: الأولى، ص 23، عبد العزيز الدوري، مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ، مطبعة المعارف بغداد، مكتبة المثنى.

*الجوهري : أبو نصر إسماعيل بن حماد الفارابي (المتوفى: 393هـ).

 11- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين – بيروت، الطبعة: الرابعة 1407 هـ‍.

*ابن حجر الهيتمي: شهاب الدين بن احمد (ت974ه).

 12- الصواعق المحرقة في الرد على اهل البدع والزندقة، راجعه وحققه: ابو عبد الله مصطفى ابن العدوي، الطبعة الاولى، لسنة 1429ه/2008م، مكتبة فياض.

*الحاج حسين الشاكري.

13- من هو إمام زمانك، الطبعة الأولى ، سنة الطبع 1418ه، المطبعة ستارة، الناشر المؤلف.

*الحلي : حسن بن سليمان (ت ق ٨ه).

 14- المحتضر، تحقيق: سيد علي أشرف، سنة الطبع: ١٤٢٤ – ١٣٨٢ ش.

*ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (المتوفى: 808هـ).

 15- ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (المعروف بتاريخ ابن خلدون)، المحقق: خليل شحادة الناشر: دار الفكر، بيروت الطبعة: الثانية، 1408 هـ – 1988 م.

*الدوري: عبد العزيز

16- مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ، مطبعة المعارف بغداد، مكتبة المثنى.

*الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز (المتوفى: 748هـ).

 17- تاريخ الإسلام، المحقق: عمر عبد السلام التدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة: الثانية، 1413 هـ.

*الشهرستاني: أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد (المتوفى: 548هـ).

 18- الملل والنحل، الناشر: مؤسسة الحلبي.

*الشيخ الصدوق (ت381ه).

19– الأمالي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية – مؤسسة البعثة – قم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: ١٤١٧ه.

20- علل الشرائع: تحقيق : تقديم : السيد محمد صادق بحر العلوم، سنة الطبع : 1385 – 1966 م، الناشر : منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها – النجف الأشرف

*الصفار : محمد بن الحسن (ت 290ه).

 21- بصائر الدرجات، تحقيق : تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، سنة الطبع : 1404 – 1362 ش، المطبعة : مطبعة الأحمدي، الناشر : منشورات الأعلمي – طهران.

 *السيد الطباطبائي (ت1402ه).

 22- تفسير الميزان،  تحقيق : مترجم : سيد محمد باقر موسوي همداني، المطبعة : چاپخانهء دفتر انتشارات، الناشر : دفتر انتشارات اسلامى وابسته بجامعهء مدرسين حوزهء علميهء قم

*الشيخ الطبرسي (ت548).

23- الاحتجاج، تحقيق : تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، سنة الطبع : 1386 – 1966 م، الناشر : دار النعمان للطباعة والنشر – النجف الأشرف.

24- الغيبة: تحقيق : الشيخ عباد الله الطهراني ، الشيخ علي أحمد ناصح، الطبعة : الأولى، سنة الطبع : شعبان 1411ه، المطبعة : بهمن، الناشر : مؤسسة المعارف الإسلامية – قم المقدسة

*الطبري : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر (المتوفى: 310هـ).

 25- تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، الناشر: دار التراث – بيروت الطبعة: الثانية – 1387 ه.

*ابن عساكر : أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (المتوفى: 571هـ).

 26- تاريخ دمشق المحقق: عمرو بن غرامة العمروي الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع عام النشر: 1415 هـ – 1995 م.

*الإمام العسكري (ع)(ت٢٦٠ه).

27- تفسير الإمام العسكري (ع) تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع)، الطبعة: الأولى محققة، سنة الطبع: ربيع الأول ١٤٠٩ه.

*الفيض الكاشاني(ت 1091).

 28- الوافي، تحقيق : مركز التحقيقات الدينية والعلمية في مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي (ع)، الطبعة : الأولى، سنة الطبع : ربيع الثاني 1416 ه‍ . ق ، شهريور 1374 ه‍ ، المطبعة : نشاط أصفهان، الناشر : مكتبة الامام أمير المؤمنين علي (ع) العامة – أصفهان.

*الشيخ القمي: عباس (ت1359ه).

29- مفاتيح الجنان ، تحقيق : تعريب : السيد محمد رضا النوري النجفي، الطبعة : الثالثة ، المطبعة : البعثة – قم، الناشر : مكتبة العزيزي – قم، سنة الطبع : 1385 ش – 2006 م.

*القمي : علي بن إبراهيم ، الوفاة : نحو 329ه.

 30- تفسير القمي، تحقيق : تصحيح وتعليق وتقديم : السيد طيب الموسوي الجزائري، الطبعة : الثالثة، سنة الطبع : صفر 1404ه، الناشر : مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر – قم – ايران.

* كُرْد عَلي : حمد بن عبد الرزاق بن محمَّد، (المتوفى: 1372هـ).

 31- خطط الشام، لناشر: مكتبة النوري، دمشق الطبعة: الثالثة، 1403 هـ – 1983م.

*الشيخ الكليني(ت329ه).

 32- الكافي، تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري، الطبعة : الخامسة، سنة الطبع : 1363 ش، المطبعة : حيدري، الناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران

* الشيخ الكوراني العاملي : علي.

 33- معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السلام، تحقيق: حمد بن حمدي الجابري الحربي، المطبعة: بهمن، الناشر: إشراف : الشيخ علي الكوراني العاملي،

34- جواهر التاريخ ، الطبعة : الأولى، سنة الطبع : 1430ه، المطبعة : وفا، الناشر : باقيات.

*الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي

35- اعظم شكوى وابلغ بيان، تحقيق وتدوين: الشيخ عباس كرائي ، ترجمة: الشيخ وائل علي، الطبعة الأولى، دار المعارف الحكيمة – بيروت –لبنان،1442ه/2020م.

*الشيخ محمد فاضل المسعودي.

 36- الأسرار الفاطمية،  تحقيق: تقديم : السيد عادل العلوي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: ١٤٢٠ – ٢٠٠٠ م.

*ابن منظور : محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى:711هـ).

37- لسان العرب، الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1414 ه.

*ابن النديم : محمد بن إسحاق المعتزلي (ت384هـ ).

 38- الفهرست، المحقق: إبراهيم رمضان الناشر: دار المعرفة بيروت – لبنان الطبعة: الثانية 1417 هـ – 1997م.

  *النوبختي: الشيخ الحسن بن موسى.

 39- فرق الشيعة، تحقيق: تقديم : السيد هبة الدين الشهرستاني، الناشر: دار الأضواء، سنة النشر: 1404 هـ – 1984 م، مكان النشر: بيروت.

*يحيى هاشم حسن فرغل.

 40- عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ، ١/١٠٥، الناشر: الأزهر الشريف – مجمع البحوث الإسلامية, 1972.

*اليعقوبي : أحمد بن إسحاق (أبي يعقوب) بن جعفر بن وهب بن واضح (المتوفى: بعد 292هـ) .

41- تاريخ اليعقوبي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة: الأولى، 1422 هـ.