موقع قناة المنار-
سلام بدير:
” ان جميع الابعاد الكمالية المتصورة للمراة، والمتصورة للانسان، قد تجلت في فاطمة الزهراء سلام الله عليها. انها لم تكن امراة عادية، بل كانت امراة روحانية، امراة ملكوتية، انسانا بتمام معنى الانسان، بكل الابعاد الانسانية، حقيقة المراة الكاملة، حقيقة الانسان الكامل، انها ليست امراة عادية، بل موجود ملكوتي، قد ظهر في العالم في صورة انسان، موجود الهي، جبروتي ظهر بصورة امراة”.
الامام الخميني (قدس سره )
في هذه الايام يتجدد العزاء للإمام صاحب العصر والزمان عجّل الله فرجه وولي الأمر الإمام الخامنئي دام ظلّه وعموم المؤمنين بذكرى استشهاد سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام.
بنظر الامام الخميني (قدس سره) السيدة فاطمة الزهراء (ع)هي امرأة روحانية، امرأة ملكوتية وإنسان بتمام معنى الكلمة. لقد اعتقد الامام (قدس سره) بأنّ جميع الأبعاد المتصورة للإنسان قد تجلت في فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي تعد مفخرة بيت الوحي.
حيث يقول: «إنها حقيقة المرأة الكاملة .. حقيقة الإنسان الكامل. إنها ليست امرأة عادية، بل موجود ملكوتي قد ظهر في العالم بصورة إنسان … إن كل الحقائق الكمالية المتصورة للانسان والمتصورة للمرأة- جميعها- تتجلى في هذه المرأة…امرأة فيها جميع خصوصيات الأنبياء. امرأة لو كانت رجلًا لكان نبياً. المعنويات، التجليات الملكوتية، التجليات الإلهية، التجليات الجبروتية، التجليات الملكية والناسوتية، جميعها مجتمعة في هذا الموجود .. إنها إنسان بتمام معنى الانسان .. إنها امرأة بتمام معنى المرأة .. إن للمرأة أبعاداً مختلفة، كما أن للرجل أبعاداً مختلفة، وكذلك الانسان .. إن هذه الصورة الطبيعية هي أدنى مراتب الإنسان وأدنى مراتب المرأة وأدنى مراتب الرجل، ولكن من هذه المرتبة المتدنية تكون الحركة نحو الكمال..»
فاطمة الزهراء(عليها السلام) شخصية عظيمة من المرتبة الأولى في الإسلام، بل من المرتبة الأسمى على مدى التاريخ، كما نقل عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه قال لها: «أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين؟»فسألته سلام اللّه عليها: «فكيف مريم؟» وقد قال القرآن أنها سيّدة النساء، فقال لها: “إنّ مريم كانت سيّدة نساء زمانها، وأنتِ سيّدة نساء الأولين والآخرين”.
ولو توضّحت شخصية فاطمة الزهراء(عليها السلام) لأذهاننا البسيطة وأنظارنا التي لا تبصر إلاّ القريب، لآمنّا نحن أيضاً أنها (عليها السلام) سيّدة نساء العالم أجمعين.
إنّها المرأة التي بلغت في عمرها القصير مراتب معنوية وعلمية توازي مراتب الأنبياء والأولياء.
والواقع أنّ فاطمة فجر ساطع انبلجت من جنبة شمس الإمامة والولاية والنبوّة، وهي سماء عُليا ضمّت بين جوانحها كواكب الولاية الوضّاءة. وكان الأئمة (عليهم السلام) بأجمعهم يولونها تكريماً واحتراماً قلّما كانوا يولونه لشخص آخر.
فعظمة هذا الكائن وهذا الإنسان الرفيع تثير العجب والحيرة، وكذلك عظمة الرسالة التي أظهرت هذا الكائن عظيم القدر وجليل المنزلة.
إنها لمعجزة الإسلام، وإنها فاطمة الزهراء(عليها السلام) التي نالت مقاماً رفيعاً وباتت سيدة نساء العالمين رغم سنوات عمرها القصيرة، وفاقت جميع النساء عظمة وقدسية في تاريخ الإنسانية. فما هي تلك الطاقة، وما هي تلك القوة الباطنية العميقة التي استطاعت خلال مدة قصيرة أن تجعل من هذا الإنسان محيطاً لا حدود له من المعرفة والعبودية والقداسة والكمال المعنوي؟.
روي عن الإمام الصـادق(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ فاطـمة كـانت مُحَـدّثة، أي أنّ الملائكة كانت تنزل عليها وتأنس معها وتحدّثها، وهناك روايات عديدة في هذا المجال.
ومما قاله الامام الخامنئي في اوصاف السيدة الزهراء (س):
السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، هذه النجمة المتوهّجة في عالم الوجود هي ليست فقط ما تراه أعيننا. السيّدة فاطمة الزّهراء سلام الله عليها أرفع بكثير من هذه الأوصاف. نحن لا نرى سوى توهّج النور؛ لكنّها أرفع بكثير من هذا الكلام.
هذه النجمة المتوهّجة في عالم الوجود هي ليست فقط ما تراه أعيننا. السيّدة فاطمة الزّهراء سلام الله عليها أرفع بكثير من هذه الأوصاف. نحن لا نرى سوى توهّج النور؛ لكنّها أرفع بكثير من هذا الكلام. لكن ما الذي نستفيده أنا وأنتم؟ هل يكفينا أن نعلم أنّها الزّهراء (سلام الله عليها)؟ قرأت في إحدى الروايات أنّ توهّج نور فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها) يدهش الأنظار في الملأ الأعلى: «زَهَر نورها لملائکة السّماء (مقطع من الحديث النبوي – امالي شیخ صدوق – المجلس ٢٤ – ص ۹۹.)» هي تشعّ لهم.
أيّ استفادة نستفيدها من هذا الإشعاع والتوهّج؟ ينبغي علينا من خلال هذه النّجمة المتلألئة أن نعثر على الطريق إلى الله الذي هو طريق الحق وقد قطعته فاطمة الزّهراء سلام الله عليها وبلغت تلك المراتب الرفيعة. إذا رأيتم أنّ الله قد جعل خميرتها أيضاً من الخميرة المتعالية، فهذا سببه أنّه كان هذا المخلوق سينجح بتفوّق من امتحان عالم المادّة وعالم الناسوت؛ «امتحنك اللَّه الذي خلقك قبل أن یخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة (الإمام الصادق (ع) – التهذّیب – ج ٦ – ص ۱۰)» القضيّة على هذا النّحو..
فإذا كان الله عزّوجل يشمل تلك الخميرة بألطاف خاصّة، فجزء من ذلك مردّه إلى أنّه يعلم كيف ستتمكّن من تأدية هذا الامتحان؛ وإلّا فهناك العديد من الذين كانت لديهم خميرة جيّدة. وهل استطاعوا جميعاً النجاح في الامتحان؟ هذا جانبٌ من حياة فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها)، وهو ما نحتاجه من أجل خلاصنا.
المراتب المعنوية للسيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) تعدّ ضمن أرقى المراتب المعنوية لعدد قليل من أفراد البشرية. فهي معصومة، والعصمة شيءٌ يختصّ به عددٌ قليل من الأولياء الإلهيّين بين أبناء البشر. وهذه الإنسانة الجليلة – فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) – من هذه الفئة، خصوصاً في ضوء حقيقة أنّ هذه المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله لم تعش أكثر من نحو عشرين عاماً – طبعاً على اختلاف الروايات التي تتراوح ما بين ثمانية عشر عاماً وخمسة وعشرين عاماً – فهي امرأة شابة لها هذه المرتبة العليا في مصاف الأولياء والرسل وأمثالهم، ويُلقّبها الرسل بـ «سيدة نساء العالمين». إلى جانب هذا المقام المعنوي فإن الخصال الممتازة والأداء الفذّ في الحياة الشخصية لهذه السيّدة الجليلة تُعدّ كلّ محطة فيها درساً. تقواها وعفّتها وجهادها وحُسن تبعّلها وحُسن تربيتها للأبناء وفهمها السياسي ومشاركتها في أهم ميادين حياة الإنسان خلال ذلك العهد – سواءً في فترة الحداثة والطفولة أو فترة ما بعد الزواج – كل شيء في حياتها كان درساً، وهو ليس درساً لكنّ فقط أيتها السيدات، بل هو درس لكل الإنسانية.