مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء (ع) لا يمكن تبريره /الدكتور عماد علي الهلالي
+ = -

كان الهجوم على بيت الزهراء (عليها السلام) من أكبر الأخطاء التي وقع بها أبو بكر وعمر، استعجلا بانتزاع البيعة من علي ليس خوفاً من ثورة عسكرية يقودها علي (عليه السلام) عليهم فتلك الدار لم تكن تستوعب الكثير من الأنصار ولم تكن بعيدة عن أنظارهما وهي دار مفتوحة على المسجد النبوي، وإنما خافوا من ثورة وعي ومن حجة علي لأنه صاحب الحق في الخلافة والوصية التي تركها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم إذ قال على مرأى ومسمع جميع المسلمين (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، .. من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه)، وقد تردت بعض القبائل العربية فعلاً في المبايعة لأبي بكر وانتظروا أمر علي.

وقد ابتدر الأنصار في السقيفة ولحقهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى تلك السقيفة لينصّبوا أنفسهم على رقاب الأمة والنبي لا زال لم يدفن ولم تجر مراسيم الوفاة عليه، ثم يلبثوا حتى تهجموا على دار ابنته وهددوا بإحراق الدار التي تأوي عترته تلك الدار التي كان يمسك بعضادتي بابها لأشهر أمام الناس وينادي: (إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً).

وقد حاول جمع من المؤرخين التبرير للهجوم على الدار منهم ابن تيمية وهو أجرأ الشخصيات ضد أهل البيت (عليهم السلام) فقال: (وغاية ما يقال : إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه، وأن يعطيه لمستحقه، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز، فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء) [منهج السنة: ج 8، ص 291).

ومنهم من يريد تبويب هذا الفعل من باب الحزم والخوف على الدولة والمسارعة في تشييد أركانها، كأنما علي لم يكن حريصاً على المجتمع الإسلامي، وإنما كانوا يريدون تشييد أركان دولتهم وفعلتهم التي راهنوا بكل شيء لأجلها.

والتبرير بالسياسة والحزم السياسي لا يبيح مخالفة الأوامر الإلهية إلا عند من تكون عنده السياسة مقدمة على الدين، أمثال حافظ إبراهيم الذي تخبط في محاولة التبرير لعمر مع المحافظة على احترامه لعلي بقوله شعراً:

وقولةٌ لعليٍّ قالها عمرٌ               أكرم بسامعها أعظم بمُلقيها

حرّقتُ دارك لا أبقي عليك بها     إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفصٍ بقائلها     أمام فارس عدنانٍ وحاميها

يعني بقوله: (وبنت المصطفى فيها) ما قيل لعمر ساعتها إن في الدار فاطمة) قالها بعض من بقي من الحاضرين ممن لا زال ينطوي على عاطفة وفاء تجاه ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال له عمر بعد أن علم ضعفهم وكثرة من جمع حوله من الأعراب والمنافقين: (وإن) أي وإن كانت فيها فاطمة، فهو مستعد لإحراق الدار، وروي في خبر نادر أن الكلمة كانت (وإن كان فيها محمد).

وينفي كل ذلك ندم أبي بكر على هذه الفعلة في أواخر ساعته، فيروي الطبري خبر دخول عبد الرحمن بن عوف على أبي بكر في مرض وفاته، فقال له أبو بكر: (أما إني لا آسى على شيء، إلاّ على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن، فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن: فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته، وإن أُغلق على الحرب، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: أبي عبيدة أو عمر.. الحديث) [المعجم الكبير: ج 1، ص 62].

وروى الحديث غير الطبري من كتب التأريخ والسنة واللغة، والحادثة مشهورة لا يمكن إنكارها إلا لغير المطلع.

عظم الله أجورنا وأجوركم في الذكرى الأولى لاستشهاد الزهراء (سلام الله عليها).